الراجح:
بعد النَّظر في أدلة الفريقين مع النَّظر في المواد المستخدمة وطريق عملها: يتضح أن جانب المنع أولى وأقرب إلى الصواب, وأن القول بالجواز ضعيف, خاصة مع ظهور الضرر في هذه المواد وهذا ما يوجه به جواب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وأن كلامه يحمل على تلوين الشعر بلون فقط, وليس التَّشقير المعروف.
الدليل:
1- أن التَّشقير داخلٌ في معنى التغيير لخلق الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلم "المغيرات لخلق الله". ثمَّ النَّاظر في حال فاعلة ذلك أنَّها تجعل التَّشقير بدلاً عن النَّتف في الوصول لذات النَّتيجة، وهي إظهار الحاجب دقيقاً رقيقاً, فهي تقصد نفس ما نهي عنه وإن اختلفت الوسيلة, وهذا معلوم.
2- أنَّه ذريعة إلى النَّمص المحرم: ذلك أن استخدام التَّشقير يؤدي إلى خروج الشَّعر بكثافة، بسبب تأثير المواد التي تصنع منها صبغة الشَّعر، وقد ثبت هذا في واقع النِّساء، وخروج الشَّعر بكثافة يجعل المرأة تلجأ للنَّمص المحرم شرعاً؛ لأن التَّشقير يصبح لا يجدي نفعاً مع تزايد خروج الشَّعر, لأن فيه مادة تغذي الشَّعر فيصبح لا يخفيه التَّشقير، والقاعدة الشَّرعية أنَّ: ما أدى إلى محرم فهو محرم. وأنَّ هذا التَّشقير يجرها إلى النَّمص خاصَّةً مع إِلْفِ الاهتمام بالحاجبين وتزيينهما والَّلعب فيهما.
3- أن فيه تحايل على النَّمص كما عبر عنه بعض العلماء.
4- أن فيه تشبه بالكافرات وفاجرات النساء: حتى صار هذا من أخص صفاتهن, فلا توجد منهن امرأة إلا وتفعله إلا ما ندر.
5- الضرر الحاصل من صبغ الشعر بهذه المادة الكيميائية:
أن المركبات الكيميائية التي تصنع منها صبغة الشعر فيها أضرار صحية خطيرة. وقد أشار أحد العلماء إلى أن الوكالة العالمية لأبحاث السرطان (larc) قد بينت أن بعض المركبات التي تدخل في تركيب بعض صبغات الشعر ذات تاثير تطفري شديد لحيونات المعامل، ومن هذه المواد على وجه الخصوص مادة بارافينيلين داي أمين (ppd) ...، وتختلف نسبة هذه المادة المسموح بها في صبغات الشعر، ففي بعض الدول (أمريكا، أوروبا) تُلْزم المصانع بأن لاتزيد هذه الصبغة عن 3%، بينما نجد أن دولاً أخرى لم تحدد نسبة قياسية لهذه المادة، الأمر الذي جعل بعض الشركات والمصانع غير الموثوق بها تتلاعب بأرواح الناس، وتزيد من نسبة مادة (ppd) في الصَّبغات التي تنتجها بنسبة عالية جداً، إذ دلَّت التَّحاليل الدقيقة التي أجريت بمركز السموم والتحليل بمستشفى الملك فيصل التَّخصصي، على أن بعض صبغات الشعر التي توجد في الأسواق المحلية قد احتوت على هذه المادة بنسب تزيد على 70%، مما أدى إلى حدوث مشكلات صحية لمن تتعامل مع هذه الصبغات، واحتمال حدوث مشكلات أخرى في المستقبل"([6]).
6- أن فيه تدليس وخداع, للخاطب, ومن غشنا فليس منا.
7- أنه قد يمنع الوضوء أو الغسل بسبب مادة التشقير:
وهذا يحتاج إلى التأكد هل يمنع الماء أم لا؟, فإن بقي جرم الصبغ وكان حائلاً دون الماء، فإن الوضوء أو الغسل لا يصح.
وأختم مسألتنا هذه بدعو المسلمين جميعاً إلى أن يلتزموا بدينهم وأن يتبعوا الحقَّ, فإنه لا يكفي العلم بالحق ولا الدعوة إليه حتى يقرنه بالعمل ويكلِّله بالإخلاص.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
كتبه/ أبو مالك السعيد العيسوي.