تفيضُ عيوني بالدُّمُوعِ السَّواكِبِِ **وماليَ لا أَبْكِي على خَيْرِ ذَاهبِ

*حزن النبلاء*

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
4 ديسمبر 2009
المشاركات
4,079
نقاط التفاعل
5,980
النقاط
196
محل الإقامة
طلب العلم
الجنس
ذكر
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :


فلقد دار الدهر دورته ..، ومضت الأيام تلو الأيام ..، وإذا بشهرنا تغيض أنواره .. وتبلى أستاره .. ويأفل نجمه بعد أن سطع ..، ويُظلم ليله بعد أن لمع .. ، ويُخيم السكون على الكون .. بعدما كان الوجود كل والوجود يستعد ، ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم ..


لا أدري ما أبْدَأُ به .. أَأُعَزّيكم بِالعيدِ المبارك ، أَمْ أُعزِّيكم بفراقِ شهرِ القُرآنِ والغُفْران .
icon.aspx



فجَبَرَ اللهُ مُصِيبَتَنا في رمضان اكثر.


القلبُ يمتلئ لوعةً وأَسَى ، والعينُ تُسطِّر بمدَادِها لحنَ الخلود .
icon.aspx



واليدُ تَأْبَى أنْ تكتُب ؟ وما عساها أنْ تكتب ؟


أتكتبُ حالَ الرحيل ؟!
icon.aspx



أتقيِّدُ مَوْقِفَ الوداع ؟!
icon.aspx



أَتَنْقشُ ألَمَ الفراق ؟!
icon.aspx



أحقاً انقضى رمضان ..!
icon.aspx



أَذَهبَ ظَمَؤُ الصِّيامِ وانطفأَ نورُ القيام ..!
icon.aspx



يا وَلَهِي عليه ..
icon.aspx



أَذَهَبَ رمضانُ وغابَ هلالُهُ ..؟
icon.aspx



هل قُوِّضتْ خِيامُه ..وتقطَّعتْ أوتادُه .. ؟
icon.aspx



أيُّ حال للمؤمنِ والمؤمنةِ بَعْدَ رَحِيْلِ رمضان ..؟
icon.aspx




يا راحـلاً وجمـيلُ الصَّبْرِ يَتْبعُهُ هلْ مِنْ سَبيلٍ إلى لُقْيَاكَ يَتَّفِقُ
icon.aspx



ما أَنْصَفتْكَ دُمُوعِي وهي دَامِيةٌ ولا وَفَى لكَ قَلْبي وهو يَحْتَرقُ
icon.aspx





مَنْ الذي لا تُؤلِم نفسَهُ لحظاتُ الفراق ؟
icon.aspx



من مِنَّا لا تَجْرحُ مشاعرَهُ ساعاتُ الغياب ؟
icon.aspx





بالأمسِ القريب ، بَارَك بعضُنا لبعْضٍ استقبالَ رمضان ، فَسُكِبَتْ العبراتُ فرحاً واستبشاراً به ، وطرِبَتْ القُلُوب ، وشُنِّفَت الأسماع بصدى تراويحه
icon.aspx
.




واليوم .. له لونٌ غريبٌ من الدُّموع !
icon.aspx
icon.aspx



فانهملتْ على الخدود .. وجادَتْ بأغلى ما لديها ..



يا عيوناً أرسلتْ أدْمُـعَـها ما بِذا بأسٌ لو أَرْسَلْتِ الدّمَـا
icon.aspx
icon.aspx




رمضان وأيُّ شهر كان ..؟
icon.aspx



رمضانُ .. شاهدٌ لنا أو علينا مما أَوْدَعْنَاهُ من الأعمال ..


فَمْن أودعه صالحاً فلْيَحمدِ الله ، وليُبْشِرْ بحسن الثواب ، واللهُ لا يُضيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً .
icon.aspx
icon.aspx



ومَنْ أَوْدَعَهُ سَيِّئاً فليَسْكُبِ الدَّمعَ الغزير ، وليأتِ ما بقي من القليل .
icon.aspx



فكم من جاء بالقليل وتُوِّجَ بالقَبول ! وكمْ منْ جاء بالكثيرِ فَمُنِيَ بالحرمان .
icon.aspx





غداً تـوفَّى النفـوسُ ما كسبت ويحصدُ الزارعونَ ما زرعوا
icon.aspx



إنْ أَحْسَنوا فقد أَحْسَنوا لأنفُسِهِم وإنْ أساؤُوا فبِئْسَ ما صنعوا
icon.aspx





أيُّ شهرٍ كان رمضان ..؟
icon.aspx



شهرٌ عظَّمه اللهُ وكرَّمه ، فشرَّف صُوَّامه وقوَّامه ، مَنَحَهُمْ من الأجورِ ما ليس لغيرِهِ من الشُّهُور ، فجعل أجرَ صائميه متجاوزاً العشرةَ أضعاف ، بلْ والسبعمئةِ ضعف مما لا يُحدُّ ولا يُعدّ ، كلُّ ذلك لأنَّ الصيامَ له وهو سبحانه الذي يَجزي به، وكفى بهذا شَرَفاً وفَخْراً للمؤمن .



أيُّ شهرٍ كان رمضان ..؟


وهو مِضْمَارٌ واسعٌ للتَّنافُسِ في الخيراتِ ، تَنَوَّعتْ فيه الطَّاعات ، فيه سِرٌّ بين الطَّائِعينَ وبينَ رَبِهِم في أيَّامِهِ المعدودات ، والمُحِبُّونَ يَغارُونَ من اطَّلاعِ الأَغْيَارِ على الأَسْرَار .


لا تُذِعِ السِّرَّ المصونَ فإنَّني أغارُ على ذِكْرِ الأحبةِ مِنْ صَحْبِي




أيُّ شهرٍ كان رمضان ..؟


كان موسماً لمضاعفة الأعمالِ والغُفْران ، ومُنَبِّهاً لذوي الغَفَلاتِ والنِّسْيَان ، محفوفاً بفضيلةِ تلاوةِ القرآن ، حين فيوضات الجودِ والكَرمِ من المنَّان .


شهرُ رمضان ..


نهارُهُ مصونٌ بالصيام ، وليلُهُ معمورٌ بالقيام ، هبَّت فيه رياحُ الأنسِ بالله ، وجَادَتْ الأنفسُ بما عندها نحو الله .


لكَ الله يا شهراً أفاءتْ بِظِلِّهِ قلوبٌ على حَقل الخطيئَاتِ تُزهِرُ

ألا أيُّهذا الشهرُ أغدِق فَضَائلاً على كُلِّ مسْكينٍ على العَدمِ يُفْطِرُ


فقُولُوا لي بِرَبِّكُمْ :


كيفَ لا تَفيضُ دُموعُ المؤمنِ على رَحيلِ رمضان ، ولا يَدري أيدركُ تلكَ الفضائلَ والمزايا مِنْ عَامٍِ ثَان ؟


كيف لا تَجْري دموعُ المُخْبتةِ على فراقِ رمضان ، ولا تَعْلم أَحَظِيَتْ بالقَبولِ والغُفْران ، أَمْ رُمِيَتْ بالطَّردِ والحِرْمَان ؟




دَعِ البكاءَ على الأطْـلالِ والدَّارِ واذكُرْ لمنْ بَانَ من خِلٍّ ومِنْ جَـارِ


أَذْرِ الدُّموعَ نحيباً وابْكِ من أسفٍ على فِـرَاقِ لَـيالٍ ذاتِ أَنْــوارِ


على لَيالٍ لشهرِ الصَّومِ ما جُعِلَتْ إلا لِتَـمْـحِيـصِ آثــامٍ وأَوْزارِ


يا لائِمِي في البُكَا زِدْنِي به كَلَـفَاً واسمعْ غريبَ أحاديثٍ وأَخْبارِ



أيُّ شهر كان رمضان .. وفيه ليلةُ القَدْر ؟ لك اللهُ يَا رَمَضَان .


يا أيُّها الشهرُ الذي فِيكَ أَشْهرٌ ويا أيُّها الدَّهرُ الذي فيك أَدْهُرُ



يالله .. كمْ أناسٍ صَلُّوا في هذا الشهر التراويح ، وأَوْقَدوا في المساجدِ طََلَباً للأجر المصابيح ، نَسَخَوا بإحسانِهم كلَّ فعلٍ قبيح ، وقبلَ التَّمام سَكَنَوا الضريح .


وهانحنُ اليومَ أَوْشَكْنا على التمام ، فكيف وَداعُ المحبِّين ؟ وما أمرُ المخْبِتِيْن ؟




تفيضُ عيوني بالدُّمُوعِ السَّواكِبِِ وماليَ لا أَبْكِي على خَيْرِ ذَاهبِ
icon.aspx
icon.aspx





كيف سيكونُ حالُنا ؟ وما مصيرُ العمل ؟ أَيُقْبَلُ أَمْ يُرَدُّ ويُطْرَح ؟



تَذكـرْتُ أيـاماً مضتْ ولياليا خَلَتْ فَجَرتْ من ذِكرهنَّ دموعُ

أَلا هلْ لها يوماً من الدَّهر عَوْدةٌ وهلْ لي إلى وقتِ الوِصَال رُجوعُ

وهل بعد إعراضِ الحبيبِ تَواصُلٌ وهل لِبـدورٍ قد أَفَلْـنَ طُلـوعُ



السلف وحنين الوداع ..



لقد كان سلُفنا الصالح رحمه الله خيرَ مثالٍ يُقْتدى به في حنينِ الوداع ، ضَربُوا أروعَ الأمثلةِ في ذلك ، سُطِّر عبيرُ حياتهم في المصنفات ، وكُتِبَ روعةُ حَنِيْنِهِمْ في الكِتَابَات ، فانظرْ في وَدَاعِهِم لشَهْرِهِم كيف يكون ؟


فيالله .. ما أروعَ الخطبَ وما أجلّ الموقفَ ! وما أحسنَ تلكَ الدموع وهي تقفُ تُوَدِّعُ الضيفَ الحبيبَ وقد سالتْ على الخدودِ ! وما أطربَ شجي الآهاتِ لوداعِهِ !


قال الحسنُ رحمه الله : عَمِلُوا واللهِ بالطَّاعاتِ واجتَهدُوا فيها وخافوا أنْ تُرَدَّ عليهم ، إنَّ المؤمنَ جمع إحساناً وخشية ، وإنَّ المنافقَ جمع إساءة وأمناً.


رُوِيَ عن علي رضي الله عنه : أنَّه كان ينادي في آخرِ ليلةٍ من رمضان : ياليتَ شعري ! من المقبولُ فنهنَّيه ؟ ومن المحرومُ فنعزَّيه ؟


وذا ابنُ مسعودِ يقول : أيها المقبولُ هنيئاً لك ، ويا أيها المردودُ جَبَرَ اللهُ مصيبتَك !


وهذا عامرُ بن قيس رحمه الله : يبكى ! فقيل له ما يبكيك ؟


فقال : والله ما أبكي حرصاً على الدنيا أو متاع ، أبكي على ذهابِ ظَمَأِ الهواجر ، وعلى قيام ليالي الشتاء !

وتأمَّلْ حالَ العالمِ الورعِ الزاهد ، عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله ، حين خرج يوم الفطر ليخطب فقال : أيُّها الناس .. صُمتمْ للهِ ثلاثينَ يوماً ، وقُمتمْ ثلاثينَ ليلةً ، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أنْ يَتَقبَّلَ منكم ما كان !


وكان بعضُ السلفِ يَظْهَرُ عليه الحزنُ يومَ عيدِ الفطرِ ، فيُقَالَ له : إنَّه يومُ فرحٍ وسرور ، فيقول : صَدَقْتُمْ ؛ ولكني عبدٌ أمرني مولاي أنْ أعملَ لَهُ عملاً ، فلا أَدْرِي أَيْقبَلُهُ مِنِّي أَمْ لا ؟


قال ابنُ رجب رحمه الله : ولقد كان السلفُ رحمهم الله يَدْعُون الله ستةَ أشهرٍ أنْ يُبلّغهم شهرَ رمضان ، ثم يَدْعُون الله ستةَ أشهرٍ أنْ يَتقبَّله منهم .


وقال عبد العزيز بن رَوَّاد رحمه الله : أدركتُهُم _ الصَّحابَة _ يجتهدون في العملِ الصالح ، فإذا فعلوه وقعَ عليهم الهمُّ أيقبلُ منهم أو لا ؟


وقال الحسنُ رحمه الله : إنَّ اللهَ جعلَ شهرَ رمضانَ مضماراً لخلقه يَسْتبِقُون فيه بطَاعَتِهِ إلى مَرْضَاتِهِ ، فَسَبَقَ قومٌ فَفَازُوا ، وتَخَلَّفَ آخرونَ فَخَابُوا ، فالعجبُ من الَّلاعِبِ الضَّاحِكِ في اليَومِ الذي يَفُوزُ فيه المُحْسِنُون ، ويَخْسَرُ فيهِ المُبْطِلُون . ثُمَّ يَبْكي رحمه الله .




اسمـعْ أنينَ العاشقين إنِ استطعتَ له سَماعا

راحَ الحبيبُ فَشَيَّعَـتْهُ مَـدامعي تَهْمِي سِراعا

لو كُلِّف الجبلُ الأصمُّ فِراقَ إِلْفٍ ما استطاعا





فبالله عليكم .. أَرَأَيْتُمْ صُورةً أحلى من صُورةِ المحبِّين في الوَدَاعِ كهَذِهِ ؟


أَقَرأْتُمْ عن رَوعةِ الحنين للقاء ؟


إنهَّم القومُ فَقِهُوا عَن اللهِ وَوَعوْا عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حازوا قصَبَ السَّبْقِ في كلِّ شيء ، واسْتَولوا على معالي الأمورِ ، فهم مَشعلٌ من مَشاعِل العِلمِ والإيمانِ والهدى ، فالسعيدُ من اتَّبعَ طريقهم ، واقتفى أثرَهُمْ ، والشقيُّ من عدَلَ عن طريقِهِم ولَمْ يَبلغْ مَنْهَجَهُم ، " فأيُّ خِطَّةِ رُشْدٍ لم يَسْتَولُوا عليها ، وأيُّ خِصْلةِ خيرٍ لَمْ يَسْبِقُوا إليها ، تالله ؛ لقد ورَدُوا يَنْبوعَ الحياةِ عَذْباً صَافياً زُلَالَا ، فوطّدوا قواعدَ الدِّينِ فلمْ يَدَعُوا لأحدٍ بَعْدَهُم مَقَالا "


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ سورة المائدة : 54]

فكان ما أنتَ سامعٌ ولا عَجَبْ !

قَومٌ عندهم لذةُ العبوديِّةِ فوقَ كلِّ لذةٍ !

قَومٌ وطَّنوا أَنْفُسَهُم على اكتسابِ الذِّخرِ البَاقي والتجارة الرابحة .

فأين أنتَ من تلك المناقبِ الزَّاهية ، و المراتب العالية ؟



إن عمل المؤمن لا ينقضي أبداً



ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا وقـدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
icon.aspx



لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتـةً فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
icon.aspx



عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا بخـيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمـضانِ
icon.aspx





لئِنْ رحلَ رمضانُ ، فإنَّ العملَ لنْ يرحل يا صاحِ.


لئِنْ انقضى رمضانُ فالسيرُ نحو الله لن ينقضي يا أُخَيَّتي .


فيا أُخَيَّ .. بَادِرْ ، وسَابِقْ ، ونَافِسْ في الخَيْرَات .


فالعمل لا يتوقف إلا بانقطاع الأجل ، و إذا ماتَ ابنُ آدم انقطعَ العمل فابْقِ لكَ أَثَراً صَالِحَاً قَبْلَ الرَّحِيْل .

يتبع ..



 

قال الحسنُ البصريُ رحمه الله : أيْ قوم ، المداومَةَ المداومة ، فإنَّ اللهَ لَمْ يجعلْ لعملِ المؤمنِ أَجَلاً دُونَ الموت


فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت ..، واستمر عليه .. نعم اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور .. نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي .. عَلَّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت ..، وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان فقط ..


إن من علامات قبول العمل المواصلة فيه ، والاستمرار عليه .. فاحكم أنت على صيامك .. هل هو مقبولٌ أم مردود .. نعم احكم أنت ..

قيل لِبِشْرِ الحَافِي رحمه الله : إنَّ قَوماً يَتعبَّدون ويجتَهِدُون في رمضان ؟ فقال : بِئْسَ القومُ قومٌ لا يَعرفُونَ للهِ حَقَّاً إلَّا في شَهْرِ رَمَضَان ، إنَّ الصَّالحَ الذي يَتَعَبَّدُ ويَجْتَهِدُ السَّنَة كلَّها .

وسُئِلَ الشِّبْلِيُّ رحمه الله : أيُّهما أفضلُ : رَجبٌ أو شَعْبَان ؟ فقال : كُنْ ربَّانِيَّاً ولا تَكُنْ شَعَبَانِيَّاً !

وإذا كانَ ذَلِكَ كَذَلِك ، فيَنْبَغِي عليكَ أنْ تَدْخُلَ السِّبَاقَ ، ولا تَظُنَّ أنَّ العَدَدَ محدودٌ ، وأنَّه قد انتهى من عَصْرِ الصَّحابَةِ والقُرُونُ المفضَّلةِ ! فالحقيقةُ يا صاحِ أنَّ السِّباقَ فسيحُ الأرجاءِ ولَمْ يُحدِّدْهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بزمانٍ أو مكان ، بلْ بشََّرَ بِفَوزِ بعَضِ الفَائِزِينَ ( سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَة ) ، وتركَ المجالَ لك فَسِيْحاً ، فَهَلاَّ شَمَّرتَ عن سَاعدِ الجدِّ ؟ وأخذتَ في بلوغِ العزائمِ وتَنَافَسْتَ نحو اللهِ والدَّارِ الآخرة كما كانُوا يَفْعلُون ، وفيه يتنافسون ، فأين المُشَمِّرُون؟ أتحبُّ أنْ تُدْرك قافلةَ عُكَاشَة وتَلْحق الركب ؟

أَلَمْ يَبْلُغْكَ قولُه تعالى :} سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ { ؟ [ سورة الحديد : 21 ]

فيا من رعاك الله ..

ويا أيتها العفيفة ..

إنَّما السيرُ سيرُ القلبِ نحو اللهِ ، لا سَيْر الأَبْدان .

فكمْ منْ واصلٍ ببِدنِهِ إلى البيتِ وقلْبُهُ منقطعٌ عنْ رَبِّ البيت !

وكمْ مِنْ قاعدٍ على فراشهِ في بيتِهِ وقلْبُهُ متصلٌ بالملأِ الأعلى .



يقول ابن قيِّم الجوزيَّة رحمه الله :
" إنَّ الأعمالَ لا تَتَفاضَلُ بِصُوَرِها وعَدَدِها ،وإنَّما التَّفاضُلُ بِتَفاضُلِ مَا في القُلُوبِ ، فتكونُ صُورَةُ الَعملِ واحدةً ، وبينَهُما في التَّفاضلِ كمَا بَيْن السَّماءِ والأَرْض "



النِّعمُ سابغةٌ ، والرحمةُ واسعةٌ ، ولا يَنْبَغِي للمؤمنِ ولا للمؤمنةِ أنْ يُبْدِلَ بالنِّعْمَةِ نقمة ، ويَخرجَ من الغُفْران إلى العصيان ، وها قد حَان الانتهاء ، فيحسنُ بك أنْ تتحلَّى بما عهدتُكَ وأحسبُكَ كذلك ، واللهُ حسيبك :

أولاً :بمثل ما استقبلت رمضانَ من الطاعة ، وَدِّعْهُ واستقبلْ ما يتلوه من الشهور فكلُّها أيامُ الله ، فاعمُرْها بما عَمَرْتَها في رمضان .

ثانياً :حافظتَ على الصلاةِ بخشوعها وخضوعها ، ذرفتَ الدمعَ بين يدي ربك ، فهلاّ بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك فالصلاةُ عمودُ الإسلام ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ضَيَّع الصلاة .

ثالثاً : كان الصومُ لك جُنَّةً من أعدائك ، وحِصْناً حَصِيْناً من شياطين الإنس والجن ، ( الصيامُ جُنَّةٌ كجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنْ القِتَال )فهل تَأْمنْ على نفسك بقيةَ العامِ بلا حصنٍ ولا عُدة . فالصومُ باقٍ بقاءَ العام ، فَطِبْ نفساً بِمَوَاسِمِ الصِّيَام ، فدُونَك هِيْ :

* ( مَنْ صَامَ رَمَضَان ، ثُمَّ أَتْبعهُ ستاً مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْر )

* ( ما مِنْ أيامٍ العَملُ الصَّالحُ فيْهَا أَحَبُّ إلى اللهِ منْ هذِهِ العَشْر ( أيْ عَشْر ذِي الحِجَّة ) قالوا : ولا الجِهَادُ في سَبِيْلِ اللهِ ، قالَ : ولا الجِهَادُ في سَبِيْلِ اللهِ ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ بَنَفْسِهِ ومَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ منْ ذَلك بِشَيءٍ )

*( صِياَمُ يَومِ عَرَفَة أَحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ والسَّنَةَ التي بَعْدَهُ ، وصِيَامُ يومِ عَاشُورَاء أَحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَه )

* ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمضَان شَهرُ اللهِ المحرم )

* ( أوصاني خليلي بثلاث : صومِ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهر ... )

* ( كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيامَ الاثنين والخميس )

أسمعتَ هذه المواسم ؟ إِذَنْ فلا تَقْعُد عنها .

رابعاً :قمتَ رمضان إيماناً واحتساباً _ وأحسبُك كذلك _ وها قد انقضى شهرُ القيام . فلا تَقْصُر عنه سائرَ العام . فخذ بالجدِّ فيه ، ( واعلم أنَّ شرفَ المؤمنِ قيامُه بالليل )

خامساً : ختمتَ القرآنَ مرةً ، أو بعض مرةٍ ، وعزفتَ عن الشواغل حتى لا تهجُره في شهره ، أيحسنُ بك أنْ تُقَدِّمَ الشواغلَ عليه وهو كلامُ الملك ! هلاّ عزمتَ على صَرْفِها مرات ؛ لتَحْظَى بِخَتَمَات .

قال ابن قيِّم الجوزيَّة رحمه الله ذاكراً أولَ الأسبابِ الموجبةِ لمحبة الله :

" قراءةُ القُرآنِ بالتَّدَبُّرِ والتَّفَهُمِ لمعَانِيْهِ ، وما أُرِيدَ بِهِ ، كتَدَّبُرِ الكِتَابِ الذي يحفَظُهُ العبدُ ويَشرحُهُ ليَتَفَهَّمَ مُرادَ صَاحِبهِ مِنْهُ "
فأَيْنَك من قوله حين

يُقالُ لصَاحِب القُرْآن : " اقرأ وارْتَقِ ورَتِّلْ كما كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإنَّ منزلَتَك عِنْدَ آخرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا "

يقول ابنُ قيِّم الجوزيَّة رحمه الله :

" وبالجُمْلَةِ ؛ فلا شيءَ أنفعُ للقَلبِ من قراءةِ القرآنِ بالتَّدبُّرِ والتَّفكُّرِ ؛ فإنَّهُ جامعٌ لجميعِ منازلِ السَّائرينَ وأحوالِ العاملينَ ومقاماتِ العارفينَ ، وهو الذي يُورِثُ المحبَّةَ والشوقَ والخوفَ والرَّجاءَ والإنابةَ والتَّوكُّلَ والرِّضا والتَّفويضَ والشُّكرَ والصَّبرَ وسائرَ الأحوالِ التي بها حياةُ القلبِ وكمالُهُ ...
فلو عَلِمَ النَّاسُ ما في قراءةِ القرآنِ بالتَّدبُّرِ لاشتَغلوا بها عن كلِّ ما سواها ، فإذا قرأَهُ بتفكُّرٍ حتى مرَّ بآيةٍ هو مُحتاجٌ إليها في شفاءِ قَلبهِ كرَّرَها ولو مِئةَ مرَّة ، ولو ليلةً ، فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتَفهُّمٍ خَيرٌ من قراءةِ خِتْمَةٍ بغيرِ تَدبُّرٍ وتَفهُّمٍ ، وأَنفعُ للقلبِ وأَدْعَى إلى حُصولِ الإيمانِ وذَوْقِ حلاوَةِ القرآن".

سادساً : حافظتَ قدْرَ الطاقةِ على قلبِك من غَوائلِ الهوى النَّزَّاعةِ للشوى ، صُنْتَ سَمْعكَ ، وبَصَركَ ، وفؤادَكَ عما لا ينبغي في شهرِ الصيامِ رجاءَ كماله ، ولكنْ لتعلمَ أنَّ صيامَ الجوارحِ لا يَنْقَضي بغروبِ شمسِ آخرِ ليلةٍ من رمضان ، فشرْعُ الله دائمٌ على مَرِّ العام ذلك : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [ سورة الإسراء : 36 ]

يا أذنُ لا تسمعي غيرَ الهدى أبداً إنَّ استماعك للأوزارِ أوزارُ

فأمْسِكْ عليك لسانَك .. ولْيَسَعْكَ بَيْتُكَ .. وابْكِ على خطيئَتِكَ

سابعاً : تخلَّقتَ بأخلاقِ الإسلام في رمضان ، فكنت تقولُ لمن سَبَّك أو شَتَمَك ( إِني صَائمٌ )فهلاّ عَلَّمَك الصَّيامُ أنَّ ذلكَ الإمساكَ هو للأخلاقِ مَلاك ، وتَذكَّر : ( أقربُكُم مِنِّي مَجْلِساً يَومَ القِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ خُلُقاً )

ثامناً : أَرْحَامُك ، إخْوَانُك ، جِيْرَانُك ، أَحْيَيْتَ وَصْلَهُمْ في رمضان ، فلا تَعُدَّهم في الموْتَى بعد رحيله ! أَلَمْ يَأْنِ لكَ أنْ تَعْلمَ أنْ وَصْلَهُمْ سيبقى حَيَّاً سائرَ الأيام ، تَفكَّرْ في قوله سبحانه ،وهو يقول للرحمِ : ( ألا يُرْضيكِ أنْ أصلَ مَنْ وصلَكِ وأقطعَ مَْن قَطَعَكِ )وصَلَنَا الله بحبل مرضاته وبلَّغنا أريج نفحاته .

تاسعاً : كنتَ في شَهْرِكَ جَواداً ، كريماً ، وربُّك الغنيُ الأكرم ، أَلا تَحْنُو على عبادِهِ اليَتَامَى والمساكين ، فتَجُودُ وتُكْرِم ، عَسَى أنْ يَجُودَ عليكَ بنعيم الجِنَان ، ويصونَك عن لهيب النِّيرَان .
عاشراً : عَهِدتُكَ حَياً حيِّيَّاً في شهرِ الصيام ، ألا أريتَ الله من نفسك خيراً سائر العام ، فحافظتَ على الطاعة وتعاهدِها ، وقد كان نَبِّيُك r يعاهدُ ربه على الطاعة في كل ساعة قبيل الليل وعند طُلوع النهار ، ألا تَمْتَثِلُ ذلك ، وتَذْكُرَ قوله : " اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى ، فاغْفِرْ لِى ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ "

تلك عشرةٌ كاملة قبيل التمام ، فلْنلزمها علَّنا أنْ ندخل الجنة بسلام .

وفي نهاية المطاف ..

وقبل أنْ تفرحَ بالعيد ..

وتُهيئ الملبسَ الجديد ..

تذكروا ذلكم الطفل اليتيم .. الذي ما وجد والداً يبارك له بالعيد ..، ولا يُقبَّله ، ولا يمسح على رأسه .. قتل أبوه في جرح من جراحِ هذه الأمة ..
وتذكروا تلكم الطفلة الصغيرة .. حينما ترى بنات جيرنها يرتدين الجديد ..، وهي يتيمة الأب ..
إنها تخاطب فيكم مشاعركم ..، وأحاسيسكم .. إنها تقول لكم :
أنا طفلة صغيرة ..، ومن حقي أن أفرح بهذا العيد .. نعم .. من حقي أن ارتدي ثوباً حسناً لائقاً بيوم العيد .. من حقي .. أن أجد الحنان والعطف .. أريد قبلة من والدي ..، ومسحة حانية على رأسي .. أريد حلوى ..، ولكن السؤال المرّ .. الذي لم أجد له جواباً حتى الآن هو .. أين والدي ؟ أين والدي ؟ أين والدي ؟!!
فيا أخي .. ويا أختي .. قدموا لأنفسكم ، واجعلوا فرحة هذا العيد المبارك .. تعم أرجاء عالمنا الإسلامي ..


فيَا شَهْرَ رَمَضانَ تَرَفَّق ، دُمُوع المحبِّين تَدَفَّق ، قُلُوبُهم من أَلَمِ الفِراقِ تَشَقَّق ، عَسَى وَقفةٌ للودَاعِ تُطْفِئُ مِنْ نَارِ الشَّوقِ ما أَحْرَق ، عَسَى ساعةَ تَوبَةٍ وإقلاعٍ تَرْفُو مِنْ الصِّيامِ كُلَّ ما تَخرَّق ، عَسَى منقطعٌ عن ركب المقبولين يَلْحق ، عَسَى أسيرُ الأوزارِ يُطلَق ، عَسَى من استوجبَ النار يُعْتَق ، عسى رحمةُ المولى لها العاصي يُوفَّق .



يا نفسُ فازَ الصالحون بالتُّقَى وأبصرُوا الحقَّ وقلبي قد عَمِي

يا حسنَهُمْ والَّليْلُ قـدْ جنَّهُمْ ونورُهُمْ يَـفُوقُ نورَ الأنْجُمِ

تَرنَّمـوا بالـذِّكْر في ليْلِهِمُ فعيشُهُم قـدْ طابَ بالـتَّرنُّمِ

قلوبُهم للذِّكْر قدْ تفرَّغـت دموعُهُم كَلُـؤْلُـؤٍ مُنْتَظِـمِ

أسحارهُم بهم لهم قد أشرقَتْ وخِلَعُ الغُـفْرانِ خَيرُ القِـسَمِ

ويْحَـك يا نفسُ ألا تَيَقُّـظٌ ينفعُ قبـل أنْ تَـزِلَّ قـدمِي

مَضَى الزَّمانُ في توانٍ و هوىً فاسْتَدْرِكي ما قدْ بَقي واغْتَنِمِي



اللهُمَّ إنَّ هذا الشَّجنَ مما نفحَ به الخاطرُ ، وزكّاهُ الضميرُ ، وسالتْ به العبراتُ ، فهي دمعاتُ مُحِبٍّ ، وحديثُ أُنْسٍ ، وصَدقةُ قائمٍ ، ومَشاعرُ صائمٍ ، وشَهادةٌ تُؤدَّى يومَ تُكْتبُ شهادتُهم ويسألون .

لك الله يا رمضان ، وقد تصرَّمت لياليك .

فعدْ مثلما قد جِئتَ ضَيفاً مُكْرماً تُعَمِّـرُ من بُنْياننا ما تُعَمِّرُ

لك اللهُ يا رافداً مِنَ الله للـورى وبحراً من الغفرانِ لِلْخلْقِ يَغمُرُ

فمثْلُكَ شهرٌ لا تُوفَّى حُـقُوقُه وعن مَدْحِه كلُّ الأقاويلِ تقصُرُ

اللهُمَّ يا سامعَ كلِّ نجوى ، ويا منتهى كلِّ شكوى ، يا عظيمَ المنِّ ، يا واسعَ المغفرةِ ، يا باسطَ اليدين بالرحمة ، تقبلْ مِنَّا الصيامَ والقيام . واجعلنا ممن قبلْتَهُ ورضيتَهُ ونعمت عمله فوهبت له الأجرَ والمغنم .

أسألُ اللهَ جل في علاه أنْ يغفر لنا يوم نلقاه .

اللهُمَّ إنك عفوٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا .

اللهُمَّ إنك عفوٌ كريمٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا .

اللهُمَّ اعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار .

اللهُمَّ أعز الإسلام وانصر المسلمين .
اللهُمَّ ارفع الذل والضَّيْم عن إخواننا وأخواتنا المستضعفين والمستضعفات في كل مكان .

اللهُمَّ احفظ علينا في بلدنا وكل بلاد المسلمين نعمة الأمن والأمان ، ونسألك الهدى والتُّقَى والعفاف والإيمان .
اللهُمَّ اجبر كَسْر قلوبنا على فراق شهرنا ، اللهُمَّ أعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ..

[[ وكل عامٍ وأنتم إلى الرحمن أقرب ]]


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كل عــام و أنتم بألف خيـر
icon.aspx
icon.aspx


مما نلت شرف نقله
 
مااااشاااء الله امير
نقل جد جد رااااااااااااااائع
تسلم الاياادي ان شاء الله
في ميزان حسناتك يا طيب
الله يبارك بعمرك ويحفظك
 
مااااشاااء الله امير
نقل جد جد رااااااااااااااائع
تسلم الاياادي ان شاء الله
في ميزان حسناتك يا طيب
الله يبارك بعمرك ويحفظك

آآآآآآآآمييييييين

و اياكم و لكم بمثل ما دعوتم به

مرووووووووووور جد طيب

سلامي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top