أبو ياسر المهاجر
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 19 ماي 2010
- المشاركات
- 408
- نقاط التفاعل
- 140
- النقاط
- 9
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا بحث في الروح وحياة البرزخ ونعيم القبر وعذابه وتنقل الروح وحياة الأطفال في البرزخ وما يقبل من الأعمال للموتى وما يسبب عذاب القبر والكثير من الأمورمع مجموعة أحاديث صحيحة أضفتها في نهاية البحث
ملاحظة: جميع الأحاديث الواردة في الموضوع صحيحة والله أعلم
مفهوم الروح وإستعمالاتها في القرآن الكريم
مفهوم الروح في اللغة
أصل الروح من روح: الراء والواو والحاء أصل كبير مطرد، يدل على سَعَةٍ وفسحةٍ
واطراد، وأصل ذلك كله الرّيح،وأصل الياء في الريح الواو، وإنما قلبت ياءً لكسرة ما قبلها،
فالرّوح: روح الإنسان.
وفي العيْن: "الروح: النفس التي يحيا بها البدن، يُقال: خرجت روحُهُ أي نفسه، ويقال : َ خرَجَ،
فيُذكَّر، والجميع أرواح.
أما مفهوم الروح في الاصطلاح
من المعاني التي جاءت في تعريف الروح الإنساني بأنها: اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان،
الراكبة على الروح الحيواني، نازل من عالم الأمر، تعجز العقول عن إدراك كنهه، وتلك الروح
قد تكون مجردة، وقد تكون منطبقة في البدن
استعمالات الروح في القرآن الكريم
تعدّدت استعمالات الروح في القرآن على أوجه، منها:
الأول: الْوحي، جاء في قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا، وقوله
تعالى: " يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
"وسمي الوحي روحًا لأنّ الناس يحيون به، أي يحيون من موت الكفر كما تحيا الأبدان
بالأرواح.
الثاني: "جبريل عليه السلام ، كما في قوله تعالى:نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ , عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ
وهو روح القدس الذي جاء ذكره في قوله سبحانه: " قُلْ نَزَّلَه رُوحُ الْقُدُس.
الثالث: "المسيح ابن مريم عليه السلام ، وجاء في قوله عزوجل : " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا.
( الرابع:"القرآن الكريم ، جاء في قوله عز شأنه:" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
ويعني الوحي بأمرنا: القرآن، لأنه يهتدي به ففيه حياة من موت الكفر.
الخامس:قال المفسّرون في تفسير قوله تعالى: " أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِھِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَھُمْ بِرُوحٍ مِنْه .): قوّاهم بنصر منه، وقيل: "بِرُوحٍ مِنْه " يعني: بالإيمان،وقيل: برحمة منه ومهما تعددت معاني الروح، فإنها تحمل إلينا معنىً رائعًا، متكاملا، وإشاراتٍ حية، فجبريل عليه السلام هو الوحي الذي ينزل إلى أنبياء الله تعالى ورسله، ومن يشاءُ من عباده وخلقه بأمره سبحانه وتعالى، فنفخ الروح في أحشاء السيدة مريم عليها السلام، ثم كلمها ليبشرها بالنبي الذي تلده، وبث فيها معاني القوة وأمرها بالثبات وعدم الخوف، لأن هذا أمر الله تعالى ومشيئته، قال . تعالى: " قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ھُوَ عَلَيَّ ھَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَه آَيَة لِلنَّاسِ وَرَحْمَة مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا"( 4
وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، َقال: بَيَْنا أََنا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عََلى عَسِيب، إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، َفَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: سَُلوهُ عَنْ الرُّوح، َفَقالَ: مَا رابَكمْ إَِليْهِ ،وََقالَ بَعْضُهُمْ: َلا يَسَْتقِْبُلكمْ بشيْءٍ تَكْرَهُونَهُ،َفَقاُلوا، سَُلوهُ، فَسَأَُلوهُ عَنْ الرُّوح، َفأَمْسَك النَّبِيُّ َفَلمْ يَرُدَّ عََليْ ِ همْ َ شيْئًا، َفعَلِمت أَنَّهُ يُوحَى إَِليْهِ، فَُقمت مََقامِي، َفَلمَّا َنزَلَ الْوَحْيُ َقال: " وَيَسْألونك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْ رِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا .
وأما أرواح بني آدم فلم تقع تسميتها في القرآن الكريم إلا بالنفس، قال تعالى: " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ وقال تعالى: " وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وقال تعالى: " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ وقال تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، وقال، وقال تعالى: " وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ. وقال تعالى: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَة الْمَوْت.. إذًا فالروح هي النفس، والنفس هي الروح، والروح والنفس اسمان لشيء واحد، وهما الّلذان يحيا بهما الإنسان، فإذا دنا أجله أمر الله سبحانه وتعالى بقبض روحه، فتخرج الروح إما إلى نعيم مقيم، أو عذاب أليم حسب ما اكتسبت يدا صاحبهما.
الموت في المنام
الحديث الأول
إذا آوى الرجل إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان فيقول الملك اختم بخير ويقول الشيطان اختم بشر فإن ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤه وإذا استيقظ قال الملك افتح بخير وقال الشيطان افتح بشر فإن قال الحمد لله الذي رد علي نفسي ولم يمتها في منامها الحمد لله الذي { يمسك السموات والأرض أن تزولا } إلى آخر الآية الحمد لله الذي { يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه } فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة
حديث صحيح
قال الحافظ ابن رجب: "أعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا الموت، وما بعده أشد منه، إن لم يكن مصير العبد إلى خير، فالواجب على المؤمن الاستعداد للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى، والأعمال الصالحة، قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعد للقائه عزّ وجل بالطاعات، ثبته عند الموت وهون عليه ما بعده،وذكره الله عند هذه الشدائد، ولطف به، وأعانه وتولاه، وثبته على التوحيد، فلقيه وهو عنه راض، ومن نسي الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعد حينئذ للقائه،لمستعد له، أحسن الظن بربه، وجاءته البشرى من الله، فأحب لقاء الله أحب الله لقاءه، والفاجر بعكس ذلك، وحينئذ يفرح المؤمن ويستبشر بما قدمه، مما هو قادم عليه، ويندم المفرط ويقول : يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ للهَّ.
كيف تكون تلك اللحظات، وكيفية وقوعها على المؤمن والكافر، وقد بين لنا الرسولَ وذلك في الحديث الذي يرويه البراء بن عازب رضي الله عنهما، حيث قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، قال : فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به ، قال : فرفع رأسه ، وقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن الرجل المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، وكأن وجوههم الشمس معهم حنوط من حنوط الجنة ، وكفن من كفن الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت ، حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الطيبة ! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال : فتخرج نفسه فتسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يأخذها ، فيجعلها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، وتخرج منها كأطيب نفحة ريح مسك وجدت على ظهر الأرض ، فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الريح الطيبة ! فيقولون : فلان بن فلان ! بأحسن أسمائه الذي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا عبدي في عليين في السماء السابعة ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان : وما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولان : وما يدريك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله عز وجل فآمنت به وصدقت ، قال : فينادي مناد من السماء أن صدق عبد فافرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا من الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح ، فيقول له : أبشر بالذي يسرك ، فهذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ! رب أقم الساعة ! حتى أرجع إلى أهلي ومالي ، وأما العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يأتيه ملك الموت ، فيجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى سخط الله وغضبه ، قال : فتفرق في جسده فينتزعها ، ومعها العصب والعروق كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فيجعلونها في تلك المسوح ، قال : ويخرج منها أنتن من جيفة وجدت على وجه الأرض ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ! فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتح له فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السابعة السفلى ، وأعيدوا إلى الأرض ، فإنا منها خلقناهم ، وفيها نعيدهم ، ومنها نخرجهم تارة أخرى ، قال : فتطرح روحه طرحا ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ، ثم تعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ! فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ! فينادي مناد من السماء إن كذب فافرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا من النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، قال : ويأتيه رجل قبيح الوجه منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، قال : فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب ، لا تقم الساعة ، رب ، لا تقم الساعة .
إسناده صحيح
فهذا حديث عظيم بيَّن لنا فيه المصطفى كيف تخرج روح المؤمن وروح الكافر، وما تلقيانه من حُسن معاملة واستقبال، أو شدّة وغلق الأبواب، كلٌّ حسب ما قدّمت يداه في الحياة الدنيا، والرسول بيّن لنا ذلك لنسلك طريق التقوى والإيمان والصلاح، ونبتعد عن طريق الغيِّ والفساد.
يتبع بإذن الله..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا بحث في الروح وحياة البرزخ ونعيم القبر وعذابه وتنقل الروح وحياة الأطفال في البرزخ وما يقبل من الأعمال للموتى وما يسبب عذاب القبر والكثير من الأمورمع مجموعة أحاديث صحيحة أضفتها في نهاية البحث
ملاحظة: جميع الأحاديث الواردة في الموضوع صحيحة والله أعلم
مفهوم الروح وإستعمالاتها في القرآن الكريم
مفهوم الروح في اللغة
أصل الروح من روح: الراء والواو والحاء أصل كبير مطرد، يدل على سَعَةٍ وفسحةٍ
واطراد، وأصل ذلك كله الرّيح،وأصل الياء في الريح الواو، وإنما قلبت ياءً لكسرة ما قبلها،
فالرّوح: روح الإنسان.
وفي العيْن: "الروح: النفس التي يحيا بها البدن، يُقال: خرجت روحُهُ أي نفسه، ويقال : َ خرَجَ،
فيُذكَّر، والجميع أرواح.
أما مفهوم الروح في الاصطلاح
من المعاني التي جاءت في تعريف الروح الإنساني بأنها: اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان،
الراكبة على الروح الحيواني، نازل من عالم الأمر، تعجز العقول عن إدراك كنهه، وتلك الروح
قد تكون مجردة، وقد تكون منطبقة في البدن
استعمالات الروح في القرآن الكريم
تعدّدت استعمالات الروح في القرآن على أوجه، منها:
الأول: الْوحي، جاء في قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا، وقوله
تعالى: " يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
"وسمي الوحي روحًا لأنّ الناس يحيون به، أي يحيون من موت الكفر كما تحيا الأبدان
بالأرواح.
الثاني: "جبريل عليه السلام ، كما في قوله تعالى:نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ , عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ
وهو روح القدس الذي جاء ذكره في قوله سبحانه: " قُلْ نَزَّلَه رُوحُ الْقُدُس.
الثالث: "المسيح ابن مريم عليه السلام ، وجاء في قوله عزوجل : " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا.
( الرابع:"القرآن الكريم ، جاء في قوله عز شأنه:" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
ويعني الوحي بأمرنا: القرآن، لأنه يهتدي به ففيه حياة من موت الكفر.
الخامس:قال المفسّرون في تفسير قوله تعالى: " أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِھِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَھُمْ بِرُوحٍ مِنْه .): قوّاهم بنصر منه، وقيل: "بِرُوحٍ مِنْه " يعني: بالإيمان،وقيل: برحمة منه ومهما تعددت معاني الروح، فإنها تحمل إلينا معنىً رائعًا، متكاملا، وإشاراتٍ حية، فجبريل عليه السلام هو الوحي الذي ينزل إلى أنبياء الله تعالى ورسله، ومن يشاءُ من عباده وخلقه بأمره سبحانه وتعالى، فنفخ الروح في أحشاء السيدة مريم عليها السلام، ثم كلمها ليبشرها بالنبي الذي تلده، وبث فيها معاني القوة وأمرها بالثبات وعدم الخوف، لأن هذا أمر الله تعالى ومشيئته، قال . تعالى: " قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ھُوَ عَلَيَّ ھَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَه آَيَة لِلنَّاسِ وَرَحْمَة مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا"( 4
وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، َقال: بَيَْنا أََنا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عََلى عَسِيب، إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، َفَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: سَُلوهُ عَنْ الرُّوح، َفَقالَ: مَا رابَكمْ إَِليْهِ ،وََقالَ بَعْضُهُمْ: َلا يَسَْتقِْبُلكمْ بشيْءٍ تَكْرَهُونَهُ،َفَقاُلوا، سَُلوهُ، فَسَأَُلوهُ عَنْ الرُّوح، َفأَمْسَك النَّبِيُّ َفَلمْ يَرُدَّ عََليْ ِ همْ َ شيْئًا، َفعَلِمت أَنَّهُ يُوحَى إَِليْهِ، فَُقمت مََقامِي، َفَلمَّا َنزَلَ الْوَحْيُ َقال: " وَيَسْألونك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْ رِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا .
وأما أرواح بني آدم فلم تقع تسميتها في القرآن الكريم إلا بالنفس، قال تعالى: " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ وقال تعالى: " وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وقال تعالى: " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ وقال تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، وقال، وقال تعالى: " وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ. وقال تعالى: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَة الْمَوْت.. إذًا فالروح هي النفس، والنفس هي الروح، والروح والنفس اسمان لشيء واحد، وهما الّلذان يحيا بهما الإنسان، فإذا دنا أجله أمر الله سبحانه وتعالى بقبض روحه، فتخرج الروح إما إلى نعيم مقيم، أو عذاب أليم حسب ما اكتسبت يدا صاحبهما.
الموت في المنام
الحديث الأول
إذا آوى الرجل إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان فيقول الملك اختم بخير ويقول الشيطان اختم بشر فإن ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤه وإذا استيقظ قال الملك افتح بخير وقال الشيطان افتح بشر فإن قال الحمد لله الذي رد علي نفسي ولم يمتها في منامها الحمد لله الذي { يمسك السموات والأرض أن تزولا } إلى آخر الآية الحمد لله الذي { يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه } فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة
حديث صحيح
قال الحافظ ابن رجب: "أعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا الموت، وما بعده أشد منه، إن لم يكن مصير العبد إلى خير، فالواجب على المؤمن الاستعداد للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى، والأعمال الصالحة، قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعد للقائه عزّ وجل بالطاعات، ثبته عند الموت وهون عليه ما بعده،وذكره الله عند هذه الشدائد، ولطف به، وأعانه وتولاه، وثبته على التوحيد، فلقيه وهو عنه راض، ومن نسي الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعد حينئذ للقائه،لمستعد له، أحسن الظن بربه، وجاءته البشرى من الله، فأحب لقاء الله أحب الله لقاءه، والفاجر بعكس ذلك، وحينئذ يفرح المؤمن ويستبشر بما قدمه، مما هو قادم عليه، ويندم المفرط ويقول : يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ للهَّ.
كيف تكون تلك اللحظات، وكيفية وقوعها على المؤمن والكافر، وقد بين لنا الرسولَ وذلك في الحديث الذي يرويه البراء بن عازب رضي الله عنهما، حيث قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، قال : فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به ، قال : فرفع رأسه ، وقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن الرجل المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، وكأن وجوههم الشمس معهم حنوط من حنوط الجنة ، وكفن من كفن الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت ، حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الطيبة ! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال : فتخرج نفسه فتسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يأخذها ، فيجعلها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، وتخرج منها كأطيب نفحة ريح مسك وجدت على ظهر الأرض ، فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الريح الطيبة ! فيقولون : فلان بن فلان ! بأحسن أسمائه الذي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا عبدي في عليين في السماء السابعة ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان : وما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولان : وما يدريك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله عز وجل فآمنت به وصدقت ، قال : فينادي مناد من السماء أن صدق عبد فافرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا من الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح ، فيقول له : أبشر بالذي يسرك ، فهذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ! رب أقم الساعة ! حتى أرجع إلى أهلي ومالي ، وأما العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يأتيه ملك الموت ، فيجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى سخط الله وغضبه ، قال : فتفرق في جسده فينتزعها ، ومعها العصب والعروق كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فيجعلونها في تلك المسوح ، قال : ويخرج منها أنتن من جيفة وجدت على وجه الأرض ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ! فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتح له فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السابعة السفلى ، وأعيدوا إلى الأرض ، فإنا منها خلقناهم ، وفيها نعيدهم ، ومنها نخرجهم تارة أخرى ، قال : فتطرح روحه طرحا ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ، ثم تعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ! فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ! فينادي مناد من السماء إن كذب فافرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا من النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، قال : ويأتيه رجل قبيح الوجه منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، قال : فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب ، لا تقم الساعة ، رب ، لا تقم الساعة .
إسناده صحيح
فهذا حديث عظيم بيَّن لنا فيه المصطفى كيف تخرج روح المؤمن وروح الكافر، وما تلقيانه من حُسن معاملة واستقبال، أو شدّة وغلق الأبواب، كلٌّ حسب ما قدّمت يداه في الحياة الدنيا، والرسول بيّن لنا ذلك لنسلك طريق التقوى والإيمان والصلاح، ونبتعد عن طريق الغيِّ والفساد.
يتبع بإذن الله..