" كفر الحاكم لا يلزم منه جواز الخروج عليه"

أبو هيثم

:: عضو مُتميز ::
أحباب اللمة
إنضم
6 نوفمبر 2007
المشاركات
1,334
نقاط التفاعل
6
نقاط الجوائز
157
آخر نشاط
" كفر الحاكم لا يلزم منه جواز الخروج عليه"


الحمد لله رب العالمين .. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
وذلك أن لجواز الخروج على الحاكم خمسة شروط :
1 وقوعه في الكفر البواح الذي عندنا من الله فيه برهان .
2. إقامة الحجة عليه .
3. القدرة على إزالته .
4. القدرة على تنصيب مسلم مكانه .
5. ألاّ يترتب على هذا الخروج مفسدة على المسلمين أعظم من مفسدة بقائه .

قال ابن تيمية رحمه الله : « فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف , أو في وقت هو فيه مستضعف ؛ فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين . وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين , وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » ( الصارم المسلول 2/413 ) .

وقال ابن باز رحمه الله : « إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا . أو كان الخروج يسبب شراً أكثر : فليس لهم الخروج ؛ رعاية للمصالح العامة . والقاعدة الشرعية المجْمَع عليها أنه ( لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ) ؛ بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه . أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين . فإذا كانت هذه الطائفة – التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً
بواحاً – عندها قدرة تزيله بها وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان : فلا بأس , أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحقّ الاغتيال إلى غير هذا من الفساد العظيم فهذا لا يجوز » ( الفتاوى 8/203 ) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله عن الخروج على الحاكم الكافر : « إن كنا قادرين على إزالته فحينئذ نخرج , وإذا كنا غير قادرين فلا نخرج ؛ لأن جميع الواجبات الشرعية مشروطة بالقدرة والاستطاعة . ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة أكبر وأعظم مما
لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه . لأننا [ لو ] خرجنا ثم ظهرت العزة له ؛ صرنا أذلة أكثر وتمادى في طغيانه وكفره أكثر » ( الباب المفتوح 3/126 ، لقاء 51 ، سؤال 1222 ) .

* وعليه : فما قرره أهل العلم مِن الكفر الأكبر ، ووقع فيه الحاكم ؛ فإنه لا يلزم منه جواز الخروج عليه ولو أقيمت عليه الحجة ، بل لا بد من النظر في الشروط الأخرى المبيحة للخروج . اهـــ ..
رسالة الحكم بغير ما أنزل الله مناقشة تأصيلية علمية هادئة للشيخ بندر العتيبي ..



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله سؤالا نصه:

هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة؛ ما هو منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم؟

فأجاب

الحمد لله :
منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم السَّمعُ والطّاعة؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59.]. والنبي صلى الله عليه وسلم كما مرَّ في الحديث يقول: "أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي" [تقدم تخريجه صفحة: (356).]؛ هذا الحديث يوافق الآية تمامًا. ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني" [رواه البخاري في "صحيحه" (4/7-8).]... إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحثِّ على السّمع والطّاعة، ويقول صلى الله عليه وسلم: "اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (3/1476) من حديث حذيفة رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا.].

فوليُّ أمر المسلمين يجب طاعته في طاعة الله، فإن أمر بمعصيةٍ؛ فلا يطاع في هذا الأمر (يعني: في أمر المعصية)، لكنّه يُطاع في غير ذلك من أمور الطّاعة.

وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال: فإن كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله. أمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم عاش في مكة ثلاثة عشرة سنة بعد البعثة، والولاية للكفَّار، ومع من أسلم من أصحابه، ولم يُنازلوا الكفَّار، بل كانوا منهيِّين عن قتال الكفَّار في هذه الحقبة، ولم يُؤمَر بالقتال إلا بعدما هاجر صلى الله عليه وسلم وصار له دولةٌ وجماعةٌ يستطيع بهم أن يُقاتل الكفَّار.
هذا هو منهج الإسلام: إذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدّعوة، أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة.(رقم الفتوى: 15872)...



http://www.sahab.net...ad.php?t=385663

وأنبه هاهنا إلى مسألة وهي: الفرق بين ولي الأمر الكافر والمسلم.
فمن وَلِي أمرنا منَّا وجب له السمع والطاعة واعتقاد شرعية ولايته بأي صفة كانت، سواءً كانت بالغلبة أو بالتوارث أو بأي صورة علا بها علينا ونفذت كلمته فينا.
أما وَلِي الأمر الكافر كما هو موجود في بعض الدول، فإنَّا نسمع له ونطيع فيما هو من طاعة لله، ولا نعتقد شرعية بيعته، لكننا لا ننازعه سلطانه، لأن المقصود هو حماية بيضة المسلمين وليس مجرد السلطة.
 
آخر تعديل:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
لقد أسفت كثيراً وحزنت مما قرأت في بعض صفحات الانترنت اليوم, مِمَّا سطرته أنامل أخ كاتب هداه الله .. كتب بعض مدونات احتوت على خلط كثير وعجيب أكثره هو الباطل بذاته .. ونصحا لي وله ولكل إخواني المسلمين .. أتَمنى منه أن يعيد النظر في ما كتبه هداه الله.
إن مدونات أخينا الكاتب هداه الله لا تعدو عن كونها خيالات جامِحة من بنات أفكاره احتوت على خطل كثير وكبير .. أنقلها هنا مع الرد الذي كتبته له نصحا بإذن الله .. لعل الله ينفع بها من قرأها من الإخوة ممن يمر عليها هنا وهناك في موضعها.

وهي على النحو التالي فيما لاحظته على عجالة:

1.أن أخانا الكاتب هداه الله جعل مدونته بتراء مُجردة من ذكر الله والصلاة على رسوله .. وهذا من قلة الفهم ومن قلة الفقه في العلم الذي زهد فيه .. لأن البدأ بذكر الله تعالى فيه طلب للبركة.

2. تزهيده في العلم عموماً وفي العلم الشرعي خاصة .. وما فطن المسكين أن مقولته تلك كانت عن قصور فهم وقصور علم .. والله تبارك وتعالى يقول: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (الزمر:9) .. وبودي لو رجع أخونا الكاتب هداه الله إلى تفاسير القرآن المعتبرة عند أهل العلم ولينظر من هم ألوا الألباب الذين خصهم الله بالتذكر والانتفاع.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من يرد الله به خيراً يفقه في الدين} .. والمعلوم من هذا الحديث عند أهل العلم أن من لم يرد الله به خيراً فإنَّه يصرف قلبه عن طلب العلم.

وهو مع الأسف ليته بقي على ما هو عليه دون أن يفصح عن جهله بضرورة إخلاص النية لله تبارك وتعالى في كل ما يأتي ويذر حتى في طلب العلم .. لأنه كما أوضح من كلامه أنه لولا عدم تَميزه في طلب العلم لكان طالب علم .. وكلامه واضح صريح لا يَحتمل التأويل حتى نحتمل له العذر .. فأرجو منه المبادرة إلى مُحاسبة النفس وحَملها على الإخلاص لله تعالى في كل ما يأتي وتذر.

فهو مُخطئ إن كان يظن أن طلب العلم لِمجرد أن يصبح مفتٍ أو أن يسأله الناس فيجيب .. أنَّ هذا مسلك حَميد .. كلا .. إن هذا هو الخسران بعينه.

إذا كان باعثه على طلب العلم هو هذا الأمر فيكون حينها من طالبي الشهرة والدنيا بأمر يفترض به أن يجعله خالصا لوجه الله تعالى.

والكلام في هذا مِمَّا يطول به المقام ولكن اللبيب بالإشارة يفهم .. وإخاله من أهل الفهم إن شاء الله.

3. طعنه السافر والصريح في ولاة الأمور من المسلمين وتَحدثه بِمثالبهم التي لا عن يقين تكلم بها وإنَّما هي مُجرد ظنون وشكوك وأوهام زرعت في مُخيلته .. وإشارته التي أطلقها في حين غفلة منه عن مُحاسبة نفسك التي أطلق لها العنان في أن يكتب في أعراض ولاة الأمور ما يَحلو له ..
إشارته تلك هي قوله خيالاته الجامِحة: {فعندما أجتمع بِمسؤول دولة عظمى كافرة فلا بد أن ألين له القول فأضيع ديني ولا بد أن أرضى بِما يقول وأعادي من يعادي وأوالي من يوالي فأضيع إسلامي وذلك خشية على حكمي} انتهى كلامه .

لا شك أنَّ هذه المقولة هي الباطل بعينه وهي الضلال عن منهج الحق فيما ينبغي لولاة الأمور من التبجيل والاحترام والتقدير والنصح لهم بالتي هي أحسن .. دون التعرض لِمثالبهم أو الطعن فيهم .. لأن هذا من الخروج عليهم ..

وقد جاء من الأمر بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تبارك وتعالى .. الشيء الكثير من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية مِمَّا لا يتسع المقام لذكره.
ويكفيه لو كان وقافاً على نصوص الله تعالى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء:59) .. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو مريض قلنا أصلحك الله حدِّث بِحديث ينفعك الله به سَمِعْتَه من النبي صلى الله عليه وسلم , قال: {دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخَذَ علينا أن بايَعَنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويُسرنا وأثرةً علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن ترو كفراً بواحا عندكم من الله فيه برهان}.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية , ومن قاتل تَحت راية عِمِّيَّة يغضبُ لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبةً فقُتِلَ فقتلةٌ جاهلية , ومن خرج على أمتي يضربُ برَّها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهدٍ عهدَه فليس مني ولستُ منه}.

4. قد نسي هذا الكاتب هداه الله أنه تعالى يقول: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيد}.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من قال هلكَ الناسُ فهو أهلَكُهم}.

5. أخشى ما أخشاه أنه قد وقع في منهج الخوارج إن لم يكن هو بعينه .. وما قوله (فأضيع ديني) إلا إشارة منه على أن ولاة أمر المسلمين قد أضاعوا دينهم .. وهذا هو التكفير بعينه أصلحه الله ورده للحق ردا جَميلاً.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهُما}.

6. الذي دخل الإسلام يقيناً لا يخرج منه إلا يقيناً.. فأي حجة سيدلي بها عند ربه يوم يقف بين يديه ويسأله عما ستطرته أنامله هناك في الدنيا.

7. ومما قاله أيضاً ويأسف له كل أريب .. ما كتبه مدللاً به على جهله وهو يتحدث عن خاطرة تفكيره في الجهاد كما يفهمه هو لا كما جاء مبيناً في النصوص الشرعية على فهم سلف الأمة .. فقال: {فكرت في أن أجاهد في سبيل الله فأصبح من الذين يبشرون بروح وريحان ورب راض غير غضبان ؛ وأصبح من الذين يجري أجرهم إلى يوم القيامة وهذا للمرابطين في سبيل الله دون غيرهم .. وأصبح من الذين يستبشرون عند ربهم وهم أحياء رغم خروج أرواحهم من أبدانهم .. وينالون في الجنة سبعين من الحور وليس اثنتين مثل باقي المؤمنين .. ويشفعون في سبعين من أهلهم أيضاً .. ويكونون في الفردوس الأعلى من الجنة .. ومن فضلهم أن لا يكفنون ولا يغسلون لأن الملائكة تتولى تغسيلهم .. ويحشرون يوم القيامة وجراحهم تشهد لهم في حين أن غيرهم جوارحهم تشهد عليهم … ولكنني في الحقيقة ما وجدت ما يضاهي هذا التميز}. انتهى كلامه.

ووالله إنه لمسكين تائه هداه الله .. بلى غاب عنه أن جهاد العلم وطلبه هو أعظم جهاد في سبيل الله تبارك وتعالى .. وهو أعظم من جهاد السيف والسنان.

ولكن أنَّى لِمن هو مثقل بِمذهب الخوارج أن يدرك هذه الحقيقة وقد أعماه دعاة الخروج والتكفير بِمثل هذه الأوهام والأفكار وجعل بضاعته غير سبيل المؤمنين .. والله تبارك وتعالى يقول: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (النساء:115).

ولو أراد الله به الخير لوفقه للصواب والتحلل والتوبة والاستغفار مِمَّا كتب وحَمله عليه جهله بالعلم الشرعي .. فإني أسأل الله صادقاً أن يتوب عليه وأن يلهمنا جَميعا رشدنا وأن يوفقنا لِمعرفة المنهج الحق واتباعه ..

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه أجَمعين.​
 
أجوبة سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - :

سؤال : سماحة الشيخ , هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد , والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة , فما رأي سماحتكم ؟

الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :

فقد قال الله عز وجل : (( ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) - النساء 59 -

فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة , وهي فريضة في المعروف .

والنصوص من السنة تبين المعنى , وتفيد بأن المراد : طاعتهم بالمعروف , فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي , فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية , لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال , فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدا من طاعة ) , ( ومن خرج من الطاعة , وفارق الجماعة, فمات , مات ميتة جاهلية ) وقال صلى الله عليه وسلم على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )

وسأله الصحابة - لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرونا ؟ قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) .

قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " .

فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا , وشرا عظيما , فيختل به الأمن , وتضيع الحقوق , ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم , وتختل السبل ولا تأمن , فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير , إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة , فلا يخرجوا , أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج , رعاية للمصالح العامة , والقاعدة الشرعية المجمع عليها ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه ) .

وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين , فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندهم قدرة تزيله بها , وتضع إماما صالحا طيبا , من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .

أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الإغتيال , إلى غير هذا من الفساد العظيم , فهذا لا يجوز , بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير , والإجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير , هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة , ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير , ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر , نسأل الله للجميع التوفيق والهداية .


سؤال : سماحة الوالد : نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ولكن هناك للأسف من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا , وفيه شيء من التخاذل , وقد قيل هذا الكلام , لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير ؟

الجواب : هذا غلط من قائله وقلة فهم لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي , وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة , حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق , حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي , أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .

فالخوارج كفروا بالمعاصي وخلدوا العصاة في النار , والمعتزلة وافقوهم في العاقبة وأنهم في النار مخلدون فيها , ولكن قالوا : إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين , وكله ضلال .

والذي عليه أهل السنة هو الحق , أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها , فإذا زنا لا يكفر , وإذا سرق لا يكفر , وإذ شرب الخمر لا يكفر ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا , تقام عليه الحدود , ولا يكفر بذلك إلا استحل المعصية وقال إنها حلال , وما قاله الخوارج في هذا باطل , وتكفيرهم للناس باطل , ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه ) ( يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ) , هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم . فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة , بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية , فيقفون مع النصوص كما جاءت , وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه , بل عليهم المناصحة والمكاتبة والمشافهة بالطرق الطيبة الحكيمة , بالجدال بالتي هي أحسن حتى ينجحوا , وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير .

هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله عز وجل يقول : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك )) - آل عمران 159 -

فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا بحدود الشرع , وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور بالكلام الطيب والحكمة والأسلوب الحسن , حتى يكثر الخير ويقل الشر , وحتى يكثر الدعاة إلى الله , وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة , ويناصحوا من ولاهم الله بشتى الطرق الطيبة السليمة , مع الدعاء لهم في ظهر الغيب : أن الله يهديهم , ويوفقهم , ويعينهم على الخير , وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها , وعلى إقامة الحق , هكذا يدعو الله ويضرع إليه : أن يهدي الله ولاة الأمور , وأن يعينهم عل ترك الباطل , وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن بالتي هي أحسن , وهكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة , وبهذا يكثر الخير ويقل الشر , ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه , وتكون العاقبة حميدة للجميع .


سؤال : لو افترضنا أن هناك خروجا شرعيا لدى جماعة من الجماعات , هل هذا يبرر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم ؟ .


الجواب : سبق أن أخبرتك أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين :
أحدهما : وجود كفر بواح عندهم فيه من الله برهان .
والثاني : القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر , وبدون ذلك لا يجوز .


سؤال : يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار ممن هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو من الوافدين من الشرع , ولذلك البعض يستحل قتلهم وسلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون ؟ .

الجواب : لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا , ولا قتل العصاة , ولا التعدي عليهم بل يحالون للحكم الشرعي , هذه مسائل يحكم فيها بالحكم الشرعي .


سؤال : وإذا لم توجد محاكم شرعية ؟ .

الجواب : إذا لم توجد محاكم شرعية فالنصيحة فقط , النصيحة لولاة الأمور , وتوجيههم للخير والتعاون معهم حتى يحكموا شرع الله , أما أن الآمر والناهي يمد يده أو يقتل أو يضرب فلا يجوز , لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن , حتى يحكموا شرع الله في عباد الله , وإلا فواجبه النصح , وواجبه التوجيه إلى الخير , وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن , هذا هو واجبه , قال الله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) - التغابن 16 - ولأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر , وفساد أعظم بلا شك ولا ريب لكل من سبَر هذه الأمور وعرفها .


سؤال : هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر وما منهج السلف في نصح الولاة ؟

الجواب : ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر , لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف , ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع , ولكن الطريقة المتبعة عند السلف : النصيحة فيما بينهم وبين السلطان , والكتابة إليه أو الإتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير , وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله , ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم , ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تكلم عثمان ؟) فقال إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم , إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن افتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه ) .

ولما فتحوا الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم , حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية , وقتل عثمان بأسباب ذلك , وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علنا , حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه , نسأل الله العافية .


---------
المصدر : فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة
 
بما أنك فتحت أنت هذا الموضوع لدي فيه كلمة واحدة
من لم يحكم بما أنزل الله فهو خارج دائرة الإسلام،
وطبعا هذا ثابت على أغلب الأنظمة العربية إن لم أقل كلها
بدل القرآن وضعوا لنا ما أورده المشرع الجزائري
وأين الشرع الحقيقي (الإلهي)
أم أن القرآن والسنة لم تكفيهما؟!
ثم ماذا عن قانون الأسرة؟
وماذا عن قضية القصاص؟؟
وهناك الكثير من شأنه إخراج هذه الأنظمة عن ملة الإسلام
 
بما أنك فتحت أنت هذا الموضوع لدي فيه كلمة واحدة
من لم يحكم بما أنزل الله فهو خارج دائرة الإسلام،
وطبعا هذا ثابت على أغلب الأنظمة العربية إن لم أقل كلها
بدل القرآن وضعوا لنا ما أورده المشرع الجزائري
وأين الشرع الحقيقي (الإلهي)
أم أن القرآن والسنة لم تكفيهما؟!
ثم ماذا عن قانون الأسرة؟
وماذا عن قضية القصاص؟؟
وهناك الكثير من شأنه إخراج هذه الأنظمة عن ملة الإسلام

أخي الكريم من كلامك أفهم أنك لم تقرأ الموضوع أصلا و إن قرأته فلم تقرأه بتمعن و لم توله الإهتمام و الإنتباه فلم تستوعب جيدا ماذا قال العلماء في مسألة الحكام فانتبه لما تقول أخي فمسألة التكفير مسألة عظيمة ليس لكل واحد منا الخوض فيها بغير علم حاول أن تبحث عن أقوال علماء السنة فليس كل عالم سني عارف بشرع الله فحتى الصوفية لهم علماء مع أن معتقداتهم فيها شركيات فاحذر يا أخي عمن تأخذ دينك.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد:

فمن الجوانب التي تظهر عليها الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف:

الجانب السياسي، سواء ما يتعلق بالجوانب السياسيّة الداخليّة أو الخارجيّة، ولبيان ذلك، سيكون لي مع بعض تلك الآثار وقفات لأبيّن للقارئ الكريم، خطر مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام على الجانب السياسي، ومن تلك الآثار:

(عنوان 1- ضعف الدولة الإسلامية وقوّة شوكة أعداء المسلمين.)

إنّ من أعظم الآثار التي يخلّفها الخروج على الحكام وعدم السمع والطاعة لهم: ضعف الدولة الإسلامية، وانتهاك قواها، مع ما يقابله من قوّة العدو، وظهور شوكته.

فإنَّ في الخروج عليه إضعافاً لجيشه، وتقليلاً من عددهم، وذلك لأنّ الحاكم سيصد الخوارج وسيقاتلهم، وسيحاول استئصال شوكتهم، فيذهب كثير من جنده، وسيخسر كثيراً من عتاده، خاصّة إذا كان الخارجي له شوكة وشأفة وقوّة يصعب استئصالها.

وسينشغل المسلمون بقتال هؤلاء الخوارج وستتعطل الثغور، ويقلّ الجهاد في سبيل الله، فيقوى العدو، ويزداد في إعداد نفسه، إن لم يداهم الإسلام والمسلمين.

وقد سمع الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: (( لا تفعل -رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتم، وإنما تخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير )).

ومن أسباب ضعفه -أيضاً- تخلّف الناس عن القتال معه، كمن يرى عدم جواز الجهاد مع حكام الجور، مخالفاً بذلك قول أهل السنّة، فيترتب على ذلك قلةً في جيشه، وضعفاً في عزيمته.

قال عبدالملك بن حبيب-رحمه الله-: (( سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالجهاد مع الولاة، وإن لم يضعوا الخُمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، ولو عملوا ما عملوا، ولو جاز للنّاس ترك الغزو معهم لسوء حالهم؛ لاستذلّ الإسلام، وتخيفت أطرافه، واستبيح حريمه، ولعلى الشرك وأهله )) (1) .

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-: (( ثم هنا مسألة أخرى وداهية كبرى، دها بها الشيطان كثيراً من الناس، فصاروا يسعون فيما يفرق جماعة المسلمين، ويوجب الاختلاف في الدين، وما ذمه الكتاب المبين، ويقضي بالإخلاد إلى الأرض، وترك الجهاد، ونصرة رب العالمين، ويفضي إلى منع الزكاة، ويشب نار الفتنة والضلالات، فتلطف الشيطان في إدخال هذه المكيدة، ونصب لها حججاً ومقدمات، وأوهمهم أن طاعة بعض المتغلبين، فيما أمر الله به ورسوله، من واجبات الإيمان، وفيما فيه دفعٌ عن الإسلام وحماية لحوزته، لا تجب والحالة هذه، ولا تشرع )) (2) .

وفي المقابل فإنّ الخوارج مع قتلهم للمسلمين، وإضعافهم لهم، يَتركون أهل الأوثان والشرك والكفر، ويُديرون معاركهم ضد أهل الإسلام، كما جاء ذلك في قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان ))، وهذا الفعل من السمات البارزة كما جاء عن الشاطبي تقرير ذلك (3).

وقد أفتى علماء الأندلس لـمّا سئلوا عن طائفة خرجت على الإمام، فذكروا مفاسد الخروج وعواقبه الوخيمة، فقالوا: (( مع ما في ذلك من توهين المسلمين، وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم )) (4).

وقال العلامة المعلمي -رحمه الله-: (( ومن كان يكرهه (أي: الخروج على الولاة) يرى أنّه شق لعصا المسلمين، وتفريق لكلمتهم، وتشتيت لجماعتهم، وتمزيق لوحدتهم، وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوّتهم وتقوى شوكة عدوّهم، وتتعطّل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار، ويقتلون من فيها من المسلمين، ويذلّونهم، وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً، وقد جرّب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشرّ... )) (5).

ومما يسبب ضعف الدولة الإسلاميّة، ولعلّه ذهابها، كتم النصيحة عن الحاكم، وعدم إخباره بمن يكيد له وللمسلمين وللدولة الإسلامية بشرّ، وهذا من الواجبات التي تجب للحكام على رعيتهم.

ومما يروى في ذلك، أنّ علي بن عيسى بن الجراح قال: سألت أولاد بني أميّة ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: (( خصال أربع أوّلها: أن وزراءنا كتموا عنّا ما يجب إظهاره لنا، والثاني: أنّ جباة خراجنا ظلموا النّاس فارتحلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا، والثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند، فتركوا طاعتنا، والرابعة: يئسوا من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا؛ فلذلك زالت دولتنا )) (6).

وهذا الأثر الذي يخلفه اتباع غير سبيل المؤمنين في معاملتهم لحكامهم، ينتج عنه أثر آخر خطير على الإسلام والمسلمين، وهو ما سيأتي.

(عنوان 2- هزيمتهم وفشلهم أمام عدوّهم.)

ومن الآثار السيئة السياسية -كذلك- المترتبة على مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام، ما ينشأ عن هذه المخالفة من انهزام المسلمين أمام عدوّهم، وفشلهم في صد كيد الكفار والمشركين عن الدولة الإسلامية، فيحدث على الإسلام والمسلمين ما لا قِبَل لهم به من استيلاء الكفار على دولتهم، ومنعهم من إظهار دينهم.

فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

قال الطرطوشي -رحمه الله-: (( أيها الأجناد، أقلّوا الخلاف على الأمراء، فلا ظفر مع اختلاف، ولا جماعة لمن اختلف عليه، قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وأوّل الظفر الاجتماع، وأوّل الخذلان الافتراق، وعماد الجماعة السمع والطاعة... )) (7).

وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: (( ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل )) (8).

(عنوان 3- استغلال العدو وشن الغارات على المسلمين.)

ومن الآثار السيئة -أيضاً-، انتهاز العدوّ لهذه الفرصة، وهي اختلاف الرعيّة على إمامهم وتقاتلهم فيما بينهم، فينهض لغزو المسلمين، أو السطو على بعض بلدانهم وأموالهم، وشنّ الغارات عليهم، فإنّ الكفار يستغلون أي فرصة ضد المسلمين، كما قال تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}، هذا إذا انشغلوا عن أسلحتهم، فكيف إذا انشغلوا ببعضهم البعض، ووهت قوّتهم، وضعفت شكيمتهم.

قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: (( فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأنّ في منازعته والخروج عليه: استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي الدهماء، وتبييت الغارات على المسلمين، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر )) (9).

ومن الأمثلة على ذلك من تاريخنا الإسلامي: استغلال الخزر اختلاف المسلمين، وذلك بخروج إبراهيم بن عبدالله بن حسن أخو النفس الزكيّة على الدولة العباسية، فشنوا الغارة على المسلمين.

قال الذهبي -رحمه الله-: ((وعَرَفت الخزر باختلاف الأمة، فخرجوا من باب الأبواب، وقتلوا خلقاً بأرمينية، وسبوا الذرية، فلله الأمر)) (10).

(عنوان 4- تأخر الجهاد والانشغال عن أعداء الله.)

إن توقف حركة الجهاد، وانشغال المسلمين عن الفتوح والغزوات ضد الكفرة والمشركين، لمن أعظم الآثار التي يخلّفها مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام، فما يكاد إمام من أئمة المسلمين أن يغزو بلداً، أو يفتح حصناً، إلا ويأتيه ما يشغله من خروج الخوارج في أهله وبلده، فيضطر إلى الرجوع، فيرد كيدهم في نحرهم، ويصرف شرهم وخطرهم عن الإسلام والمسلمين.

قال الشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- عند حديثه عن الذين خرجوا على عثمان -رضي الله عنه-: (( وإنّ الشرّ الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم، وقصر أنظارهم، لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثماً وجناية )) (11).

وفي قصّة ابن الأشعث ما يؤكّد هذا المعنى، فإنّ جيش ابن الأشعث الذي ولاه الحجاج لقتال الترك، قد انتصر انتصارات كبيرة، وفتح عدداً من بلدان رتبيل الكافر، ولكن لما صمّموا على الخروج على الحجاج، وخلعه وخلع الخليفة، وبيعتهم لابن الأشعث، ترتب على ذلك، توقف جهاد الكفار من الترك، وخروجهم من بلاد الكفار، وقتالهم للمسلمين (12).

ولمّا كان المعتصم يقاتل الروم، وفتح عدداً من بلدانهم، وأثخن فيهم قتلاً وسبياً، إلى أن وصل إلى قُسنطينيّة وصمّم على محاصرتها، أتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه (13).

والأمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً من هذه الأمثلة، والتي كانت بعد ولاية معاوية -رضي الله عنه- التي كان النّاس فيها متفقين يغزون العدو، ثم توقف الجهاد وانحسر بسبب ما حدث من الفتن (14).

وفي نهاية مطاف هذا الباب، أوصي نفسي وأخواني المسلمين، أن يتمسكوا بمنهج السلف الصالح، وأن يتركوا الآراء والأهواء المستوردة، والمنبثقة عن غير شريعتنا المطهرّة، فإنّ الخير كل الخير في اتباع سبيلهم، واقتفاء آثارهم، والشرّ كلّ الشر في مجانبتهم، واجتناب منهجهم، وما يدينون الله به (مميز كما اوصي الدعاة إلى الله أن يربوا الناس على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة
والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وبمناصحة ذوي العقول السديدة للحكام في أخطائهم العقدية والمنهجية والسياسية، فهذا هو المطلوب شرعاً وعقلاً منهم وبه يتحقق الخير كله أو جله ويزول الشر كله أو جله وذاك غاية ما يطمح إليه العقلاء المخلصون.)

كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:

(( أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) (15).

فأسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، إن ربي لسميع الدعاء.

========

الحواشي:
(1) رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص:289).
(2) الدرر السنيّة جمع ابن قاسم (8/377-380)، وعيون الرسائل والأجوبة على المسائل جمع الشيخ سليمان بن سحمان (2/875-879).
(3) انظر: الموافقات (5/150-151).
(4) المعيار المعرب للونشريسي (11/149).
(5) التنكيل (1/93-94)
(6) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/35) برقم [7422]، والتبريزي في النصيحة للراعي والرعيّة (ص:104).
(7) سراج الملوك (2/703).
(8) شرح الأصول الستة (ص:161).
(9) الاستذكار (14/41)، وللقرطبي كلام نحو هذا في تفسيره (2/108-109).
(10) سير أعلام النبلاء (6/224).
(11) حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص:57).
(12) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (12/307).
(13) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (10/297-298).
(14) انظر: منهاج السنّة النبوية (6/231-232).
(15) رواه أبو داود في السنن (5/19)، 34-كتاب السنة، 7-باب لزوم السنّة، حديث (4612)، وأبو نعيم في الحلية (5/338-339)، والآجري في الشريعة (2/930-932) برقم [529]، وابن بطة في الإبانة (2/335) برقم [560]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/873) برقم [3856].
 
العبيكان الزنديق مفتي البلاط السعودي الآن
سبق وأن حرم الخروج على بريمر حينما كان حاكما للعراق واعتبره ولي أمر
 
العبيكان الزنديق مفتي البلاط السعودي الآن


رحم الله إمرءاً عرف قدر نفسه، فمن عرف قدر نفسه علم أهو أهلٌ لأن يزكي أم أن هذا الأمر ليس إليه.
إذا كان العبيكان حفظه الله زنديق فماذا يكون بلحاجك أكبر زنادقة العالم.

و الله لقد هممت أن أدعوا أن يسمعني كلامك حين موتك لما تسئل عما قلت في دنياك إتق الله في نفسك.
إقرأ هذا الموضوع لعلك تجد فيه فائدة https://www.4algeria.com/vb/showthread.php?t=86000

 
آخر تعديل:

إذا كان العبيكان حفظه الله زنديق فماذا يكون بلحاجك أكبر زنادقة العالم.


وهل حاججتك ببلحاج

والعبيكان هو مبيح الشرك للبلاط السعودي إذا كنت لا تعلم
 
وهل حاججتك ببلحاج

والعبيكان هو مبيح الشرك للبلاط السعودي إذا كنت لا تعلم

يا أخي العبيكان ليس كما تظن و قد زكاه كبار العلماء لا أنا و لا أنت ومن طعن فيه هو صاحب أعظم زلة بدر بن علي بن طامي العتيبي في رسالة الماجستير بعنوان تحذير أهل الإيمان من فتوى العبيكان في جواز الإستعانة بالجان حتى صرف عن أصول البحث العلمي النزيه ما جعله يقع في زلة عظيمة و مما يذل على مقصده السيء ما احتواه رده الأول و الأخير من سبٍ و شتمٍ و قذف للشيخ العبيكان و كأنه أخرج رسالته لمذا الغرض و هو السب و الشتم بل و أوحى للقارئ بكفر الشيخ و العياذ بالله.
و قد ألف الشيخ سلطان العيد حفظه الله رسالة يرد فيها على طامي العتيبي بعنوان نصرة أهل السنة و الإيمان للشيخ عبد المحسن العبيكان و الرد على أهل الجهل و العدوان و معه زجر (الطالب) المريب .. عن الكذب و التشغيب.
فمن أراد الإطلاع عليها لمعرفة الحق و معرفة قدر الشيخ العبيكان هي في الروابط التالية:

http://www.sultanal3eed.com/public/books/sultan.rar

http://www.sultanal3eed.com/public/books/soltan22.rar
http://www.al-sunna.net/library/file.php?id=29
 
آخر تعديل:
و إليكم هذا الرابط لمن أراد أن يستفيد أكثر و من يريد أن يتقي الفتن ما ظهر منها و ما بطن.

http://www.ferkous.com/rep/M49.php
 
لنسال انفسنا ماذا تحقق من وراء هذه الثورات
و هل تستحق كل تلك الارواح التي قتلت لاجلها
و ما سبب وجود الاعداء (الذين اصبحوا اصدقاء ) في ارضنا
 
العودة
Top