بالقرآن نحيا
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 6 أوت 2011
- المشاركات
- 599
- نقاط التفاعل
- 11
- نقاط الجوائز
- 57
العالم كله تقريبا باستثناءات قليلة ،حسم معضلة انتقال السلطة السياسية ،وكيفية الوصول اليها ،وممارستها الا العرب.وكأن قدر الانسان العربي ،اما الرضوخ للاستبداد والفساد وملحقاتهما من تهميش وافقار ،أو مكابدة آلام الاحتلال الأجنبي ،ومصائب الاقتتال الداخلي.ما يجري في عدد من الدول العربية هذه الأيام ،وعلى وجه التحديد تشبث أنظمتها المستميت بالسلطة ،يعيدنا مئات السنين الى الوراء ،حيث ما يزال ماضينا فاعلا بقوة في حاضرنا ،والمشكلة هي هي ،لما تزل جاثمة على الصدور : فشل العقل السياسي العربي في حل مصيبة السلطة السياسية . بين واقعة الجمل الأولى على أرض العراق ،وواقعة الجمل الثانية في ميدان التحرير بالقاهرة في كانون الثاني سنة 2011 ميلادية ،وصولا الى ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا، سلسلة واحدة حلقاتها عابرة للقرون والعصور .أما الرابط بينها فمشترك واحد لم يتغير حتى الآن ،وهو اخفاق العرب في ادارة خلافاتهم ونزاعاتهم اللامتناهية على السلطة السياسية بعيدا عن سفك الدم ،والاصطفافات الجهوية والقبلية ،وأخواتها المذهبية والطائفية.لقد تأسس العقل السياسي العربي على فهم قديم متوارث للدولة ،أصبح استمرار تداوله في القرن الحادي والعشرين الى الاستحالة أقرب . الثقافة الراسخة في أعماقنا نحن العرب ما تزال تؤمن بالقوة ، والتغيير القسري.فالدولة لمن غلب ،والسلطة السياسية لمن أخذها "بالشوكة" حسب تعبير الغزالي،وما على الآخرين ،وهم "الرعايا" لا المواطنين - وشتان ما بين المفهومين - سوى الرضوخ والطاعة،والنص الديني جاهز للتطويع ،ومن يخالف أو يبدي رأيا آخر ،أو يطالب بالتغيير أيا كانت حدود هذا التغيير ،فهو خارج عن الاجماع في الماضي،ومندس ومتآمر وعميل في الحاضر.وهنا بالضبط يمكننا وضع الاصبع على السبب الرئيس لشلال الدم المتدفق في أكثر من بلد عربي هذه الأيام . لم ينجح العرب حتى الآن في بناء الدولة الحديثة ، دولة القانون والمؤسسات والمواطنة. القرن الحادي والعشرون بتحولاته المتسارعة ،التي لن تنتظر أحدا، يحاصر العقل السياسي العربي ،ويفاقم أزمته.الحكم الشمولي أصبح من الماضي،والتقدم المذهل في تكنولوجيا الاتصال جعل العالم بيتا واحدا،والضحك على الناس لم يعد ممكنا،والقمع بات عبئا على من يمارسه.العالم يتابع مذهولا ما يجري في العالم العربي،وأخاله يقف حائرا ازاء شهوة السلطة في النفس العربية ،والتشبث بها حتى النفس الأخير.الرئيس العربي الذي كان أول المتدحرجين عن المسرح السياسي بعد أن فاجأه ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي ،كان يبحث عن وريث له من أقربائه بالدم ،لأنه لا ولد له من صلبه،وكأن الدولة مزرعة خاصة له ولعائلته . أما الرئيس الثاني الذي تلاه في متوالية السقوط ، فقد كان في آخر أيامه يسابق الزمن لتوريث ابنه البكر، لكن حكم التاريخ كان أسرع،والاثنان يحاكمان الآن في القفص نفسه.رئيس عربي ثالث تعرض لمحاولة اغتيال ، أصبح بعدها "فحمة" على هيئة بني آدم،عاد أخيرا من رحلة علاج امتدت شهورا،ومع ذلك يواصل المقامرة بحاضر بلده، ومستقبله.
آخر تعديل: