- إنضم
- 8 جانفي 2010
- المشاركات
- 10,646
- نقاط التفاعل
- 10,287
- نقاط الجوائز
- 1,055
- محل الإقامة
- الجزائر
- آخر نشاط
السؤال: هل في تفسير قوله تعالى "ألم يعلم بأن الله يرى" دلاله أن لله عيناً ؟ وإن لم تكن كذلك ، فهل لله عين؟ وهل يوجد دليل ثابت على ذلك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
مذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة العين لله عز وجل ، على وجه يليق به سبحانه ، كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى : 11 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .
ثانياً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات صفة العين لله عز وجل :
أما الأدلة من الكتاب :
1. قال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) هود : 37 .
ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى : (واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) ، قال : بعين الله تبارك وتعالى ، رواه عنه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/116) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وقوله : (بأعيننا) ، أي : بعين الله ووحيه كما يأمرك " انتهى .
2. قال تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39
3. قال تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور : 48
وأما الأدلة من السنة ؛ فمنها ما رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ) .
قال ابن خزيمة رحمه الله – بعد ذكره للنصوص السابقة - : " فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين ، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين ، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل ، الذي هو مسطور بين الدفتين ، مقروء في المحاريب والكتاتيب " انتهى .
"كتاب التوحيد" (1/64) .
ثالثاً :
أما قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) ، فلا تدل على إثبات صفة العين ، بل هي دالة على إثبات صفة الرؤية والبصر لله سبحانه وتعالى ، وأما إثبات العين ، فهو أمر زائد على ذلك ، يرجع فيه إلى النصوص الواردة في الباب .
قال ابن كثير رحمه الله : " أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/646) .
وقد ذكر البيهقي رحمه الله : قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) في نصوص إثبات الرؤية والبصر له سبحانه . انتهى "الأسماء والصفات" (1/461) .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " والعين لله سبحانه وتعالى هي عينٌ حقيقيةٌ ، ودليل ذلك أن الله أثبتها لنفسه في غير موضع ، وأثبت الرؤية في غير موضع ، وإثبات هذا تارة وهذا تارةً يدل على التغاير بينهما ، فالرؤية شيءٌ ، والعين شيءٌ آخر ، فقوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) التوبة/105 ، وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) العلق/14 ، فهاتان في الرؤية .
ولكن : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر/14 ، وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طـه/39 ، فهاتان الآيتان ليستا في الرؤية ، بل أثبتتا عيناً مخالفةً للرؤية ، ولهذا نقول : إن العين صفةٌ حقيقيةٌ " انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
إثبات الوجه واليدين والعينين لله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال -رحمه الله- -تعالى- وقوله: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾(1) ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾(2) وقوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾(3) ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾(4) وقوله: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾(5) وقوله: ﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾(6) وقوله: ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾(7) . وقوله: وقوله:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه هذه الآيات ساقها المؤلف شاهد وأدلة على إثبات بعض صفات الرب -سبحانه وتعالى- فهي من نصوص الصفات فدلت الآيتان الأوليان على إثبات الوجه له والآيتان الأخريان على إثبات اليدين والآيتان الأخيرتان على إثبات العينين له -سبحانه وتعالى- وأهل السنة والجماعة يثبتون هذا كله لله على ما يليق به -سبحانه- يثبتون مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية يثبتون الوجه لله واليدين والعينين وأن وجهه ليس كوجوه العباد، العباد لهم وجوه، ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾(8)
العباد لهم وجوه وليس وجه الخالق كوجه أحد من الخلق ولا يعلم العباد كيفية وجهه كما لا يعلمون كيفية ذاته هذه الثلاثة أسس تقدم التنبيه عليها وهكذا يثبت أهل السنة اليدين له -تعالى- تصديقًا لخبره سبحانه يثبتون اليدين أن له -تعالى- يدين يفعل بهما ويخلق ما يشاء وليست كأيدي العبد ولا يعلم العبادة كيفيتها وهكذا العينان يثبتها أهل السنة يؤمنون بأن لله عينين ويرى بهما كما في الآيتين تجري بأعيننا، ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾(5) ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾(7) .
وأهل الضلال الذين أصلوا أصولهم الباطلة ومن أصولهم أنه -تعالى- لا تقوم به أي صفة هو ذات مجرد فهؤلاء ينفون حقيقة الوجه واليدين والعينين، إثبات هذا لله تشبيه فينفون عن الله الوجه ليس له وجه وليس له يدان يفعل بهما ويخلق بهما وليس له عينان أبدًا ينفون هذا كله وهذا ردٌّ لما أخبر الله به ورسوله ويسلكون في هذه النصوص ما ذكرت في الليلة الماضية يسلكون فيها إما طريقة التفويض يقولون: هذه النصوص تُقرأ ولا تتدبر ولا يُفهم منها شيء ولا تدل على إثبات صفات له -سبحانه وتعالى- تقرأ على القاعدة فقط ولا يوقف عندها ولا يتدبر معناها وآخرون يتأولون هذه النصوص يؤولونها، يؤولون الوجه، يقولون: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾(1) الوجه هذه كلمة زائدة والمعنى ويبقى ربك هذه الصفة ما لها يعني يصح حذفها أولا من الكلام الله -تعالى- أو المراد بالوجه يعني نفس الذات.
فيبقى وجهه يعني ذات ربك أو الثواب وهذه أي ويبقى ثواب ربك وهذه من تأويلاتهم الباطلة وهي سمجة ولا موجب لهذا إلا أصلهم الباطل وهو نفي صفات الرب -سبحانه وتعالى- فلما أصلوا الأصل الباطل لا بد أن يقفوا من هذه النصوص موقف يبتغون مرافقها لمذهبهم الباطل فيحرفونها وهكذا اليدين يؤولونها بكذا بكذا بالقدرة اليد القدرة، اليد النعمة، وهذه تأويلات تخالف سياق الكلام ولا أصل لها من لغةٍ ولا شرع ولو كان قوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾(3) يعني القدرة له قدرة ولا يقال لله قدرة ونعمه كثيرة لا تحصى ولو كان معنى ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾(3) يعني بقدرتي مثلًا فلآدم خصوصية فالكل مخلوق بقدرة الله -سبحانه وتعالى-.
وهكذا يتأولون يعني العينين بنفس البصر أو الرؤية عند من يثبت الرؤية والبصر كالأشاعرة يثبتون البصر والرؤية بمعناهما أو قريب ولكنهم لا يثبتون العينين له سبحانه، وأمَّا أهل السنة فمجمعون على إثبات هذه الصفات، وتدل على إثبات هذه الصفات الكتاب والسُنة والإجماع وقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾(9) إن الله يخبر -سبحانه وتعالى- عن كل شيء سيفنى ويذهب وكل ما عليها من نبات وحيوان سيبلى ويفنى ثم يبعث الله الموتى من قبورهم بعدما يفنيهم جميعًا ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾(1) وهكذا قوله: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ ﴾(2) كل شيء هالك وبالٍ وميت يموت الإنس والجن والملائكة الكل ﴿ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾(2) -سبحانه وتعالى- تدل هاتان الآيتان على إثبات الوجه له -تعالى- وتدل على بقائه على أنه -سبحانه وتعالى- الباقي الذي لا يفنى كما يفنى غيره له البقاء والدوام فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، فلا يجوز عليه الفناء ولا يجوز عليه الموت هو الحي الذي لا يموت الذي لا يموت والقوي الذي لا يَضْعُف والقدير الذي لا يعجز -سبحانه وتعالى-. -سبحانه وتعالى-.
وليس لقائل أن يقول: إن قوله: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾(1) إن الآية إنما تدل على بقاء الوجه فتحتاج إلى تأويل كما طرح هذا بعض السائلين ولا يتوهم جاهل بدلالات الكلام كل عاقل يعرف أساليب الكلام ولا سيما اللغة العربية يُدرك أن معنى قوله: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾(1) أنها تدل على بقائه -تعالى- وعلى أنه باق ولا تدل بظاهرها أبدًا على أن البقاء لوجهه فقط وأنها ذاته تحتاج إلى تأويل فهو هكذا ساذج لا يحسن فَهْمَ الكلام، والتأويل هو صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى آخر وعن احتمال راجح إلى احتمال مرجوح، فنسأل هل هاتان الآيتان تحتاجان إلى تأويل؟ نقول: إن ظاهرهما أنه -سبحانه وتعالى- أن البقاء لوجهه فقط أعوذ بالله من ذلك هل هذا ظاهرهما؟ لا ليس ظاهر الآيتين هذا بل ظاهرهما أنه -سبحانه وتعالى- الباقي ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾(1) يفهم كل عاقل يفهم دلالات الكلام أن هاتين الآيتين يفهم منهما أنه -سبحانه وتعالى- الباقي الذي لا يفنى وأن له وجها.
فأفاد الترتيب إثبات البقاء له -تعالى- وإثبات الوجه له -تعالى- ولا يفيد أن البقاء مخصوص أو خاص بالوجه دون ذاته -تعالى- عند فهم الخاطئين الغالطين فدلت الآيتان على أن له وجها قد وصف -سبحانه وتعالى- وجهه بالجلال والإكرام ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ ﴾(1) فوجهه موصوف بالجلال وبالعظمة والكبرياء وبالإكرام ذو الجلال والإكرام فهو -تعالى- الذي يكرم عباده وهو المستحق للإكرام هو المستحق من عباده أن يكرموه بطاعته وتقواه وبتعظيمه وإحلاله ثناءً عليه وتمجيدًا له وتعظيمًا له وتنزيها له عن كل نقص وعيب ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فوجهه يوصف بذي الجلال والإكرام فهو -تعالى- ذو الجلال والإكرام.
كما تدل الآيتان على أن كل عمل لغير الله باطل ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾(2) فإن كل ذلك يتضمن أنه هو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه وأن كل عمل لغيره فهو فان، كل عمل لغيره فهو هالك ذاهب ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾(10) ولا يبقى إلا ما كان خالصًا لوجهه ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾(11) وكذلك قوله -تعالى-: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾(3) توبيخ من الله لإبليس عندما امتنع عن السجود لآدم ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾(3) يُظِهر الله فَضْل آدم، آدم فضَّله الله بفضائل نفخ فيه من روحه وعلمه أسماء كل شيء وأسجد له الملائكة وخلقه بيده من بين سائر المخلوقات كل شيء.. كل الموجودات هي خلقه -سبحانه- خلقها بقدرته ومشيئته وأمره ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾(12) إنما آدم خلقه الله بمشيئته وأمره ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾(13) .
ولكن خصَّ آدم بأن خلقه بيديه -تعالى- كيف يشاء ونقف عند خصوصية خلقه بيديه والله يفعل بيديه ما شاء ويخلق بيده ما شاء كما ثبت في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- « أن الله يأخذ أرضه وسماءه بيديه فيهزهن ويقول لهن: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ »(14) وهذه الأحاديث تفسر قوله -تعالى-: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾(15) .
له يدان -تعالى- يفعل بهما يخلق بهما يأخذ بها ما شاء كيف شاء ولكن لا نكيفها ولا نتخيلها أبدًا نؤمن بهما بأن لله يدين حقيقة يفعل بهما، يخلق بهما ما شاء يأخذ بهما ما شاء -سبحانه وتعالى- ولا نقول: إنه له يدان وليستا جارحتين فإن هذه العبارة يطلقها بعضهم وهي عبارة مبتدعة موهمة توهم وقد تتضَّمن نفي حقيقة اليدين فلفظة جارحة تحتاج إلى تفسير من أين له يدان حقيقة وإذا قلنا: له يدان حقيقة فلا يعني أن له يدين كيد الخلق، له يدان يفعل بهما ما شاء -سبحانه وتعالى- وكذلك قوله: ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) الآيات ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) هذا إخبار من الله عن سفينة نوح عندما أمره الله بصنعها فصنعها ﴿ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾(17) .
فنوح عليه السلام صنع الفلك على عين الله وبمرأى من الله وجرت به وبمن معه من المؤمنين أيضًا بمرأى منا وليس هذا على التأويل في شيء هذا على التعبير عن دلالة الكلام، المعنى تجري بمرأى منا تجري والله يرعاها ويراها، يراها بعينه التي لا تنام فمن قال: ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) فقد عبَّر المعنى تعبيرًا صحيحًا وليس هذا تأويلا للعين ولا نفيا للعين بل هذا يتضمن إثبات العين؛ لأن العين بها تكون الفائدة ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾(5) بمرأى منا فالله يراك.
ومن كان الله يراه يرعاه ويحفظه ويحرسه فإنه لا خوف عليه كما قال -تعالى-: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾(18) ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾(19) ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾(20) ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾(21) ويقول أهل السنة: إن لله عينين وإن كان لفظ العينين لم يرد في القرآن ولم يصح به حديث فيما أعلم وإن ذُكِر فيه حديث لكن في ثبوته نظر لكن أهل السنة فهموا من كلام في القرآن أن لله عينين ولا يجوز الخروج عن سبيل المؤمنين فسبيل المؤمنين هو هذا.
وقوله: ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾(7) في موسى يربى في بيت فرعون على عين الله والله -تعالى- يرعاه ويحفظه ويحرسه -سبحانه وتعالى- من كيد الكائدين ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾(7) ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾(7) والله -تعالى- يحبه وحببه إلى من شاء من عباده هذه الآية على إثبات العين لله لكن لا يصح أن يقال: إنها تدل على أنه ليس لله إلا عين هذا فهم خاطئ لا يخطر إلا للجاهل بدلالات الكلام جاهل فكما أن قوله -تعالى- ﴿ بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾(22) هل تدل على أنه ليس لله إلا يد واحدة كما يقوله المخالفون والغالطون والمتخلفون ليس لله إلا يد واحدة بيده لا مَن كان له يدان.
يقال: هذا بيده أخذ هذا بيده ولا يدل على أفراد اليد إذن قوله: ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾(7) لا يدل على أنه ليس لله إلا عين يعني لا يفهم كل من كان على الفطرة وفطرته على عيني لا يدل على أنه ليس لله إلا عين يعني لا يفهم كل من كان على الفطرة وفطرته نقية سليمة من الشبهات وسليمة من الخلجات ووساوس الشيطان أبدًا ما يتبادر إلى ذهن العامي الذي على الفطرة لا يفهم أنه ليس لله إلا عين حاشا.
وهكذا قوله -تعالى-: ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) هذا الأسلوب لا يدل على أن لله أعين كما أن قوله -تعالى-: ﴿ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ﴾(23) لا يدل على أن لله أيدي كثيرة والحقيقة أنه يعني لولا وجود بعض الأفكار والوساوس والتساؤلات لما كان يعني هناك داعٍ لهذا التوقف لكن هناك إلقاءات شيطانية تكلم بها من تكلم بها من أهل البدع وتكلم بها من تكلم من جهال الناس مما عملت أيدينا هذا الأسلوب لا يدل على أن لله أيدي.
إذن ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾(16) لا يدل على أن لله أعين؛ لأن من قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى الجمع أو صيغة الجمع يذكر بلفظ الجمع قال: أهل العلم كقوله -تعالى-: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾(24) والسارق والسارقة تقطع أربع أيدي لهما؟ يدان من السارق ويدان من السارقة وهكذا قوله -تعالى-: ﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾(25) للمرأتين قلوب أم قلبان هذه قصة عائشة وحفصة ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾(25) إذن الجمع لا يدل عدد كبير من القلوب إذن هذه الآيات استدل بها أهل السنة على إثبات العينين لله -سبحانه وتعالى- ولا يجوز التوقف في هذا البتة لا يتوقف بهذا إلا جاهل بما عليه السلف الصالح وجاهل بما عليه السلف الصالح وجاهل بدلالات الكلام فيجب الإيمان بكل هذه الصفات على ما يليق به سبحانه لا تشبه صفة من صفاته صفات المخلوقين ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾(26) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا يعلم العباد كيفية شيء من هذه الصفات.
فلا يجوز أن نتخيل وجهه أو كيفيته أو كيفية العينين له -تعالى- لا تفكر فيما لا سبيل إليه فهذا من العبث ومن الهوس ومن التشاغل، ومن فتح أسباب الأفكار فلا تفكر في ذلك نؤمن بأنه -تعالى- ذو سمع وذو بصر فهو سميع وسمعه واسع لجميع أسراره وذو بصر كما تقدم واسع بصره نافذ لجميع المخلوقات وأن له -تعالى- عينين يرى بهما كيف يشاء وله عينينا تلقيا به حقيقة كما أن له يدين حقيقية كما أن له علمًا وقدرة وحياة حقيقة كل ذلك للرب -تعالى- على ما يليق به ويختص به لا يماثله شيء من صفاته. نعم
س: ما قولكم في قوله -تعالى-: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾(27) إذا لم تفهم بدون تأويل ؟ .
ج: هذا موضوع سيأتي فلن نطيل فيه مرات أو مرتين يأتي قريبًا في آيات المعية سيأتي، وعلى كل حال ما في شيء من هذه الصفات إلا يحتاج إلى تأويل يعني هذا التأويل مبني على الفهم وعلى التصور الناقص والتصور الخاطئ هل المعية تقتضي اختلاطًا؟ يعني اتصالًا وممازجة، المعية أبدًا المعية في كل مقام بحسب معية المخلوق للمخلوق يعني عجلنا بعض الشيء معية المخلوق للمخلوق هل تقتضي اتصالا وممازجة؟ متى سيأتي ؟.
ابن تيمية -رحمه الله- قال هذا القمر موضوع في السماء وهو من أصغر مخلوقات الله وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر القمر معنا هل يعني أنه معنا لازم يكون كمعيتك لصاحبك يعني فيه اتصال ويجمعكما مكان واحد وما إلى ذلك؟ لا أبدًا، المعية في اللغة العربية لا تقتضي اتصالًا ولا مخالطة وامتزاج تختلف باختلاف المضاف والمضاف إليه والله أعلم نعم.
موقع جامع شيخ الإسلام بن تيمية - إثبات الوجه واليدين والعينين لله ..
(1) سورة الرحمن (سورة رقم: 55)؛ آية رقم:27
(2) سورة القصص (سورة رقم: 28)؛ آية رقم:88
(3) سورة ص (سورة رقم: 38)؛ آية رقم:75
(4) سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:64
(5) سورة الطور (سورة رقم: 52)؛ آية رقم:48
(6) سورة القمر (سورة رقم: 54)؛ آية رقم:13 - 14
(7) سورة طه (سورة رقم: 20)؛ آية رقم:39
(8) سورة القيامة (سورة رقم: 75)؛ آية رقم:22
(9) سورة الرحمن (سورة رقم: 55)؛ آية رقم:26
(10) سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:23
(11) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:46
(12) سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:40
(13) سورة آل عمران (سورة رقم: 3)؛ آية رقم:59
(14) البخاري : التوحيد (7413) , ومسلم : صفة القيامة والجنة والنار (2788) , وأبو داود : السنة (4732) , وابن ماجه : المقدمة (198).
(15) سورة الزمر (سورة رقم: 39)؛ آية رقم:67
(16) سورة القمر (سورة رقم: 54)؛ آية رقم:14
(17) سورة المؤمنون (سورة رقم: 23)؛ آية رقم:27
(18) سورة الشعراء (سورة رقم: 26)؛ آية رقم:217
(19) سورة الشعراء (سورة رقم: 26)؛ آية رقم:218
(20) سورة الشعراء (سورة رقم: 26)؛ آية رقم:219
(21) سورة الأنفال (سورة رقم: 8)؛ آية رقم:61
(22) سورة الملك (سورة رقم: 67)؛ آية رقم:1
(23) سورة يس (سورة رقم: 36)؛ آية رقم:71
(24) سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:38
(25) سورة التحريم (سورة رقم: 66)؛ آية رقم:4
(26) سورة الشورى (سورة رقم: 42)؛ آية رقم:11
(27) سورة الحديد (سورة رقم: 57)؛ آية رقم: 4