رد: مدونة حﻜﭑتيي •••๛
أما تعلمين يا نفسُ أن لا أحد يخلو من الأحزان والأكدار ، فهذا ابتلاء أمة محمد - عليه أفضل الصلوات والتسليم - . نقابل محناً كثيرة في ما نحب ، وقد يقذفنا من نحب بحجارة تدمي قلوبنا قبل أجسادنا .
قد نتعثّر بحجرٍ ونقع ، ثم ننهض ونلقي الحجر ، ونتفاجأ بأننا ألقينا الحجر أمامنا بدل أن نرميه خلفنا - لكي لا نعود له - ويتكرر السقوط ، ومع شدة الألم لا نلتفت إلى مكان رمي الحجر فنلقيه غضباً لنبعده عن أعيننا ، ومرة ثالثة نتعثّر بذات الحجر ! والدنيا تسير بين مدٍ وجزر ..
والأمر هنا سواء .. إن دفَعنا الناس ، أو تعثّرنا بأنفسنا . أتعلمين لمَ ؟ لأن الشخص لا يلقي بنفسه للتهلكة ، حتماً هنالك خلل ما ، خطأ ما أدّى به لهذا المنعطف ، لا نريد إيجاد الأعذار بقدر ما نريد ألا يتكرر نفس السيناريو مع غيرنا .
في كل الأحوال .. لابد أن يجد كل شخص حجراً في طريقه ، قد يلتقطه يوماً ويتعثّر بغيرها في يومٍ آخر ..
وبلا إرادة .. نُشحن بالآلام ، نشعر بأننا وحيدون في عالمٍ لا يوجد فيه جنس البشر ، لا أحد يشاركنا الألم ، جزيرة نائية أقصتنا لتضع بصمتها عميقاً في أوراحنا ، وحين نفيق .. تعود الذكريات المريرة .
ألمٌ يولّد ألماً .. إن تألمنا دفعنا بأنفسنا للنار لعلنا نجد الدفئ دون أن ندرك بأننا حرقنا أنفسنا .
أحزانٌ عشناها ، وجب تغييرها .. ابكي يا نفسُ قدر ما تستطعين إن كنتِ تريدين البكاء ، اغضبي قدر ما تشائين ، عاتبيني ، أنبيني ، أخرجي كل الآلام ، ثم اهدأي .. وألقي برضاك عليّ لأعيد ترميم حياتي المتهالكة .
ابحثي عن كلّ جميلٍ حولك ، ذوبي فيها .. امتزجي بها .. انغمسي فيها ، واسعدي .. وانعمي .
تألُمي - يا نفسُ - في الماضي لا يعني أن أعاقب من حولي بها ، وخصوصاً إن كانوا حديثي العهد في حياتي ، بل يعني أن أحاول بكل ما استطعت ألا يعيشوا ذات الألم لأني ببساطة .. أحبهم :$ .
لن أقول لكِ انسي الأمس ولا تتذكريه فذاك أمرٌ صعب ، ولكن أقبلي على حاضرك بكل خيرك ، وفكّري بها ملياً ، ستجدين الماضي يُمحى تدريجياً من الذاكرة .
يا نفسُ .. ابني من أحجار الطريق صرحاً لتقيمي فيه - ما شاء الله لك البقاء - وليعقبك من تحبين ، فتصلين إلى ما تصبين في الدارين .
لا تقفي كثيراً ، ولا تتململي .. بل ابحثي بكل جدٍ عن ضوءٍ ينير لك الدروب .
سامحيني يا نفسُ ، فالحديث يطول ، والوقت يمضي ، ولا مناص من الفراق ، وحتى حين .. لا تنسي أن تزرعي الورود وتهديها لكل حبيب .
إلى لقاءٍ قريب ..