عشرون نصيحة لأختي قبل زواجها

iman88

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 أوت 2010
المشاركات
1,046
نقاط التفاعل
764
النقاط
51


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتاب عشرون نصيحة لأختي قبل زواجها
مؤلفه بدر بن علي بن طامي العتيبي.

فهرس الموضوعات:
المقدمة
النصيحة الأولى: أصلحي ما بينك وبين الله يصلح ما بينك وبين الناس

النصيحة الثانية: الطاعة في المعروف من المعروف

النصيحة الثالثة: أنوثتك من أقوى أسلحتك

النصيحة الرابعة: النظافة والترتيب دليل على سمو أخلاقك

النصيحة الخامسة: أغرِقي الأخطاء في بحر المحبة

النصيحة السادسة: مِن حُب الزوج حُبُ مَن يحب

النصيحة السابعة: الحياة زوجية لا جماعية!

النصيحة الثامنة: إياكِ والكفر

النصيحة التاسعة: العفو سجية نبيلة، والاعتراف بالخطأ فضيلة

النصيحة العاشرة: هل تعرفين ما عليكِ وما عليه؟

النصيحة الحادية عشرة: كوني داعية لا قاضية

النصيحة الثانية عشرة: كوني له أمةً يكن لكِ عبداً

النصيحة الثالثة عشرة: قد تكون الغيرة عادة شريرة

النصيحة الرابعة عشرة: الصبر مفتاح الفرج

النصيحة الخامسة عشرة: الدعاء سلاح المؤمن

النصيحة السادسة عشرة: كل يوم جديد كوني زوجة جديدة

النصيحة السابعة عشرة:أقرب طريق إلى قلب الرجل: سمعه وبصره

النصيحة الثامنة عشرة: كيف تتصرفين في حال غضبه؟

النصيحة التاسعة عشرة: المشكلة ليست عيباً، ولكن العيب في كيفية التعامل معها
النصيحة العشرون: سمّاكِ الله: سكناً ولباساً
خاتمة
وصية رجل لابنته

أختاه يا ذات الحجاب

وبإذن الله كل يوم سأنزل لكم موضوع من هذه الموضوعات وبالترتيب.

محبتكن​
ايمااااااااااااان
 
وعليكِ السّلام ورحمة الله وبركاته
مرحبًا بكِ أختي
جميل جدًا ما نقلتِ .. نصائح طيِّبة جدًا
في انتظار جديدكِ
وفقكِ الله

 
مقدمة الكتاب:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد

فإن صلاح العشرة الزوجية موكول بتمام الوعي لطبيعتها،والدخول في فلكها بخطى ثابتة من كلا الطرفين

فإن المتأمل في فساد مشروع الحياة الزوجية يجده لا يخرج عن آفة فساد الوعي في معرفة أسس الحياة الزوجية وحقوق

العشرة، خاصة في زماننا المعاصر الذي غلب فيه الجهل بمبادئ الأخلاق الإسلامية،

وثوابت الآداب الشرعية، والاكتفاء بمظاهر العلوم، والمستويات التعليمية المعاصرة، ولهذا وجب أن تعي المرأة المسلمة بعض الآداب والأخلاق والوصايا التي يجدر بها التحلي والتأدب بها.

وإني من خلال مراتٍ عدة توجه إليّ العديد من الأخوات المقبلات على الزواج بطلب بعض الوصايا قبل أن تطأ أقدامهن أرض الحياة الزوجية،
فكنت أكتب لهن ما تيسر بحسب حال الوقت والمقام، فاجتمع لدي العديد من أساسيات الأخلاق المرضية في العشرة الزوجية

التي تكسب المرأة قلب زوجها ووده،

وتكون أدعى لدوام العشرة الزوجية، فرقّمت هذه الوصايا لشقيقاتي اللاتي أقبلن على الزواج، ولسائر الأخوات، ولم أخرج

عن شرط الاختصار والاقتصار تسهيلاً لقراءتها والنظر فيها.
 
النصيحة الأولى:

أصلحي ما بينكِ وبين الله يصلح ما بينك وبين الناس هذه قاعدة ربانية مُطردة في جميع الأحوال:

فإن أردتِ النصرة والتأييد فالله تعالى ذكره يقول:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ" (1).


ويقول الله تعالى:


"إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ"(2).

وإن أردتِ محبة أهل الإيمان وودهم فالله تعالى يقول:

"إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً"(3)،

أي: محبة ومودة في قلوب المؤمنين.

روى الترمذي في سننه عن أنس مرفوعاً:

"من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأتهِ من الدنيا إلا ما قُدّر له، ولا

يُمسي إلا فقيراً ولا يُصبح إلا فقيراً،وما أقْبل عبد إلى الله عز وجل إلا جعل الله تعالى قلوب المؤمنين تنقاد إليه بالود والرحمة وكان الله بكل خيرٍ أسرع".

وإن أردتِ الكفاية من شرور الناس:
فالله تكفل بكفاية من عبده حق العبادة،
فقال تعالى:

"أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ*وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ"(4).

وإن أردتِ تيسير العسير، والخروج من كل ضيق، ومعرفة الحق من الباطل، والخطأ من الصواب،
فالله تكفل بذلك لمن أطاعه واتقاه،

قال عز وجل:
"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"(5).

ويقول الله تعالى:

"ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً"(6).

ويقول الله تعالى:

"يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً"(7).

وإن أردتِ البعد عن الوقوع في الفواحش،

فالله تعالى يقول:

"كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ".

فبالمداومة على طاعة الله تعالى ليخلصك ويجتبيكِ ويطهركِ من كل سوء، كما صان الله تعالى نبيه يوسف

عليه السلام عن الوقوع في الفاحشة في أضيق المواطن وأصعبها على النفس البشرية،

وكذلك جعل الله الاتصال به وقاية من الوقوع في ذلك، فقال في صلة العبد بربه بالصلاة:

"وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ"(9).

فأصلحي ما بينك وبين الله وسيصلح لكِ زوجكِ كما أصلح الله للمصطفين الأخيار أزواجهم.

قال تعالى عن زكريا:

"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"(10).

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله".

قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله معلقاً على هذا الكلام العمري البليغ:

"هذا شقيق كلام النبوة، وهو جدير بأن يَخرج من مشكاة المُحَدِّث المُلهَم، وهاتان الكلمتان من كنوز العلم،
ومِن أحسن الإنفاق منهما نفعُ غيرِه، وانتَفَعَ غاية الانتفاع:

فأما الكلمة الأولى: فهي منبع الخير وأصله.

والثانية: أصل الشر وفصله.

فإن العبد إذا خلصت نيته لله تعالى، وكان قصده وهمه وعمله لوجهه سبحانه، كان الله معه، فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون،

ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق، والله سبحانه لا غالب له.

فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء؟

فإن كان الله مع العبد فمن يخاف؟

وإن لم يكن معه فمن يرجو؟

وبمن يثق؟

ومن ينصره من بعده؟

فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولاً، وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء، ولو كادته السموات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها،

وجعل له فرجاً ومخرجاً، وإنما يُؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة، أو في اثنين منها أو في واحد.

فمن كان قيامه في باطل لم يُنصر، وإن نُصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول،
وإن قام في حقٍ لكن لم يقم فيه لله،

وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولاً،
والقيام في الحق وسيلة إليه، فهذا لم تُضمن له النصرة.

فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه، فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين،

وإن نصر فبحسب ما معه من الحق، فإن الله لا ينصر إلا الحق.

وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبداً،
فإن كان صاحبه محقاً كان منصوراً له العاقبة، وإن كان مبطلاً لم يكن له عاقبة.

وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوَّته ولم يقم بالله مستعيناً به متوكلاً عليه مفوضاً إليه برياً من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك.

ونكتة المسألة:

أن تجريد التوحِيدَين في أمر الله لا يقوم له شيء ألبتة، وصاحبه مُؤيد منصور ولو توالت عليه زُمَرُ الأعداء.

قال الإمام أحمد: حدثنا داود أنبأنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت:

"من أسخَطَ الناس برضاء الله عز وجل كفاه الله الناس، ومن أرضى الناس بسُخط الله وكلَهُ الله إلى الناس"

انتهى كلامه رحمه الله(11).

وروى أبو نعيم في الحلية عن عون بن عبد الله قال:

"كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث، ويكتب بذلك بعضهم إلى بعض:

1. من عمل لآخرته كفاه الله لدنياه.

2. ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته.

3. ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس".

وقال أبو حازم:

"لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يعور ما بينه وبين الله إلا عور فيما بينه وبين العباد، لمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها،

إنك إذا صانعته مالت الوجوه كلها إليك، وإذا استفسدت ما بينه شنأتك الوجوه كلها"(12).

فيا أختي:

ثقي بنصر الله وتأييده، وحفظه ورعايته إذا استقمتِ على الطريقة، وأصلحتِ ما بينكِ وما بين الله تعالى، فهذا يقيم لك سعادة الظاهر والباطن،

فإن وفقتِ لزوج صالح عادل فأبشري بسعادة الظاهر والباطن، وإن ابتليتِ بمن لم يحفظ حق الله فيك فلن تعدمي سعادة الباطن بالتسليم لقدر الله وقضائه، والصبر على امتحانه وابتلائه،

وهكذا يكون شأن الصابرين الصادقين، ولهذا الكلام صلة ستأتي في مبحث الصبر - بإذن الله تعالى - .

----------------------
(1): [محمد:7]
(2): [النحل:128]
(3): [مريم:96]
(4): [الزمر:36-37]
(5): [الطلاق:2-3]
(6): [الطلاق:4]
(7): [الأنفال:29]
:) [يوسف:24]
(9): [العنكبوت:45]
(10): [الأنبياء:90]
(11): إعلام الموقعين(2/276)
(12): سير أعلام النبلاء(6/100)

تابعونا في النصيحة الثانية - بإذن الله تعالى -
 

النصيحة الثانية:
الطاعة في المعروف من المعروف

فإن من عادل حِكَم الشريعة وسلامة الطبيعة أيضاً:أن جُعلت المرأة تعيش في كنف زوجها وتحت أمره،

وقوام الحياة بقوامة الرجل على المرأة بالعدل والقِسط، ولهذا جاءت النصوص النبوية بالحث على طاعة الزوج وتعظيم قدره.

فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"إذا صلت المرأة خُمسها، وصامت شهرها، وحفِظت فَرجها وأطاعت زوجها قِيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شِئت".

وصح عنه صل الله عليه وسلم أنه قال لمُزَوَّجة: "فأين أنتِ منه؟".

قالت: ما آلوه -أي: ما أُقُصّر في خدمته إلا ما عجزتُ عنه -،

قال: "فكيف أنتِ له؟ فإنه جنّتك ونارك"(1).

وروى البزار عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أعظم حقاً على المرأة؟

قال: "زوجها"،

قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟

قال: "أمّه"(2).

وروى البزار والطبراني أن امرأة قالت: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، ثم ذكرتَ ما للرجال في الجهاد من الأجر والغنيمة ثم قالت: فما لنا من ذلك؟

فقال صل الله عليه وسلم:

"أبلغي من لقيتِ من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله".

وأختم بما رواه أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال:

"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"(3).
فمن الأدب الرفيع وحصن الإحسان المنيع:

إكرام الزوج بالطاعة، فهذا إحسان حرِيٌّ بأن يُقابل بالإحسان.

فلن تُطالبي بأن تُطيعيه فيما يُغضب الله، أو ما لا طاقة لكِ به.

وكذلك ليس من حق الزوجية ولا من سلامة القيادة الأسرية أن تكوني مستبدة بالآراء، ومخالِفةً لكل نعم ب(لا) ولكل لا ب(نعم)،

فإن هذا من أعظم أسباب النّقم، ومن أقبح ما يحذر منه عقلاء الرجال: النساء.

ولو تأملتْ الأخت الكريمة لوجدت:

أن بركة الطاعة للزوج يسبقها بركة صدق الاتباع لأمر الله تعالى وأمر رسوله صل الله عليه وسلم، فعوّدِي نفسك على أنكِ بطاعتكِ لزوجكِ ومصابرتكِ على ذلك؛

أنكِ في عبادةٍ واستجابة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

كما لو تأملتْ الأخت الكريمة:

تجد أن جزاء الإحسان هو الإحسان عند ذوي الإحسان، فطاعتكِ لزوجكِ تحقق طاعته لكِ أيضاً فيما تطلبين،

والأنفس الأبية الصافية جُبلت على مقابلة المعروف بالمعروف،

ولهذا كان النبي صل الله عليه وسلم يُطيع بعض رأي زوجاته فيما أشرنّ عليه به، كما أطاع خديجة رضي الله عنها في ذهابه إلى ورقة بن نوفل، ولهذا في بقية نساء النبي صلى الله عليه وسلم نظائر عدة.

فعليكِ بطاعة زوجكِ في المعروف،

وظاهر معنى الطاعة: الامتثال لأمر أو اجتناب نهي.

وأنتِ كوني أقرب منه بأكثر من ذلك في السير على رغباته، فلا تنتظري منه أن يأمر أو ينهى، بل تأملي مدة أيامك معه ما الذي يُحب وما الذي يَكره وعجّلي له به،

فليسبق فِعلك قوله من أمر ونهي، فهذا عنوان فِطْنتك من وجه، وعزة نفسكِ بالمبادرة بالخير قبل أن يُطلب منكِ من وجه آخر.

ثم هذه الطاعة تقتضي الالتزام بها في سائر الأوقات،

بمعنى أن الزوج إن أمر بشيء أو نهى عن آخر فلا تنتظري هذا الأمر في كل مرة وكرة، فإن هذا مما يأنف منه عقلاء الرجال، وطالما عاتب الرجل أهله بتكرار أمره ونهي،

ويقول: كم مرة قلتْ: افعلي كذا وكم مرة قلتْ: لا تفعلي كذا!!!

فإن عرفتي من خُلق الزوج كراهة شيء أو طلبه فلا تنتظري صدور أمره ونهيه في كل مرة، فإن هذا من موجبات سآمة الزوج وملله من زوجته.

تتمة:
من خصوص ما جاء الأمر بالطاعة فيه طاعة المرأة لزوجها في طلبه للفراش فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:

"إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأتهِ فباتَ غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تُصبح"(4) .

وفي رواية للبخاري ومسلم قال رسول الله صل الله عليه وسلم:

"والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها".

فالأمر واضح وظاهر، والغاية بيّنة ومعتبرة،

فلا يحق لكِ الامتناع عنه عند طلبه، بل عامة ثورات غضب الرجال ومُبدلات الأحوال بالأحوال: هو قصور إشباع رغباتهم في هذا الباب،

فإن حُرم هذا المطلب ظهر أمام عينه منكِ كل قبيح، وحُجب عن ناظره منكِ كل مليح.

بل عين العقل وصِدق العِشرة وكمال حق التّبعل:

أن تكوني جاهزة له في كل ليلة بأجمل حلة، وأحلى منظر واجعلي هذا من عاداتك عند الذهاب للفراش حتى لو لم يطلب منكِ ذلك، فإنكِ بذلك تكسبين وداده، وتتجنبين عتبه وانتقاده.

وإن كان لديكِ من الموانع الجسدية والنفسية ما يجعلك تكرهين ذلك تلك الليلة، فبادريه بالاعتذار واذكري له الأسباب بلطف وحكمة، ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً.

-------------
(1): رواه الإمام أحمد والنسائي، قال المنذري: بإسنادين جيدين.
(2): قال المنذري في الترغيب والترهيب، والهيثمي في الزواجر: إسناده حسن.
(3): رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
(4): رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

تابعونا في النصيحة الثالثة - بإذن الله تعالى -
 
موضوع رائع ومفيد جدا
يستحقّ التثبيت
واصلي أختاه

 
النصيحة الثالثة:

أنوثتك من أقوى أسلحتك

نعم، الله تعالى يقول عن جنسك من النساء:

"أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ"(1).


فقد تعجزين عن الكلام، ولا تجدين أساليب الجدال والخصام، وقد تتزاحم الكلمات في حلقك رهبةً وحياءً من زوجك،

وربما سارعت العبرات بالخروج قبل العبارات ولكن ثقي أن لديكِ سلاحاً فتاكاً بصلابة الرجال،
يسلب العقول ويحقق الوصول للمأمول،

وقد عجب منه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو:

الأنوثة التي جبلك الله تعالى عليها؛

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"ما رأيت من ناقصاتٍ عقلٍ أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"
متفق عليه.

فهذا الرجل الحازم يذهب عقله أمام أنوثة المرأة فكيف بمن دونه؟!

وعليه: فإن لديكِ سلاح الأنوثة من:

لطف الكلام، وحسن الدلال، وجميل الأدب، وحسن الطلب، وبديع إظهار الحزن والأسى، وسحر الدمعة، كل ذلك قدميه لزوجك، فطالما انقاد الزوج لزوجته بمثل هذا السلاح.

فزيدي في كل تصرفاتك يزداد الرجل تعلقا بك، ولكن لا يصل الحد من الدلال إلى الإهمال، فإن هذا من آفات الكثير من المدللات، يبلغ بهن الدلال إلى مناقضة الحال، فتمسحه بيدٍ وتصفعه بأخرى!

فربما تطيب له بالدلال والجمال وحسن الكلام، ولكنها مفرطة في بعض حقوقه، أو نظافة بيته أو العناية بولده أو إكرام ضيفه أو غير ذلك من الحقوق المطلوبة منها،

وهذا سبب رئيس في فساد العديد من البيوت الزوجية.

النساء أربعة أنواع:


ولعل الفرصة سنحت لأذكر بعض أنواع النساء فانظري من أي نوع تكونين!

روى ابن حبان في نزهة الفضلاء في نصيحة الخطاب بن المعلى المخزوم لابنه(2) أنه قال في آخر كلامه:
واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف، فتوق منهن:

1. كل ذات بذى مجبولة على الأذى فمنهن:


أ. المعجبة بنفسها المزرية ببعلها(3)،


إن أكرمها رأته لفضلها عليه(4)، لا تشكر على جميل ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القحة ستر الحياء عن وجهها، فلا تستحي من إعوارها ولا تستحي من جارها(5).
كلبة هرارة مهارشة عقارة(6)

فوجه زوجها مكلوم وعرضه مشتوم(7)، ولا ترعى عليه الدين ولا الدنيا ولا تحفظه لصحبه ولا لكثرة بنين.
حجابه مهتوك وستره منشور وخيره مدفون(9)،

يُصيح كئيبا ويمسي عاتبا(10)، شرابه مر، وطعامه غيط وولده ضياع وبيته مستهلك(11)، وثوبه وسخ ورأسه شعث،

إن ضحك فواهن وإن تكلم فمتكاره(12)

نهاره ليل وليله ويل(13)، تلدغه مثل الحية العقارة وتلسعه مثل العقرب الجرارة.

ب. ومنهن شفشليق شعشع سلفع،

ذات سم منقع(14) وإبرق واختلاق تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح (15)إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا(16)،

مولدة لمخازيه محتقرة لما في يديه(17) تضرب له الأمثال، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حال إلى حال حتى قلا بيته،

ومل ولده، وغث عيشه، وهانت عليه نفسه، وحتى أنكره إخوانه، ورحمه جيرانه(1.

ج. ومنهن الورهاء(19)الحمقاء،


ذات الدال في غير موضعها، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها(20)، قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه(21) تأكل كالحمار الراتع.

تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت(22)، طعامها بائت وإناؤها وضر، وعجينها حامض، وماؤها فاتر(23) ومتاعها مزروع(24) وماعونها ممنوع(25) وخادمها مضروب وجارها محروب(26).

2. ومنهن العطوف الودود المباركة الولود،


الأمونة على غيبها المحبوبة في جيرانها، المحمودة في سرها وإعلانها، الكريمة التبعل(27) الكثيرة التفضل، الخافضة صوتاً(2 النظيفة بيتاً،

خادمها مسمن(29) وابنها مزين(30)وخيرها دائم وزوجها ناعم، موموقة مألوفة وبالعفاف والخيرات موصوفة.

جعلك الله يا بني ممن يقتدي بالهدى، ويأتم بالتقى، ويجتنب السخط ويحب الرضا.

تمت نصيحته وفيها من تنبيهات مهمة على أوصاف المحمود والمذموم من النساء(31).

--------

(1): [الزخرف:18].

(2): وهي نصيحة مهمة، وضمنتها كتابي( تاج الأدباء بوصايا الآباء للأبناء) يسر الله طباعته،

وسوف أذكر محل الشاهد من الوصية بنصها وأعلق على مفرداتها بما يلزم إن شاء الله تعالى.

(3): أي أنها متكبرة في نفسها، وتنتقص زوجها دائما ومن ذلك انتقاصه لعقله أو لقبيلته أو لماله أو

لمؤهله ونحو ذلك.

(4): أي لا تشكره، ولكن من كبرها وغطرستها تظن بأن كل ما يقدمه لها جاء لعلو قدرها عليه!

(5): أي أنها طويلة اللسان عليه حتى يخرج صوتها خارج البيت، فلم يحجزها خلقها على أن تخفض صوتها بل رفعته ولم تستحِ من جار أو ضيف،

وهذا واقع فطالما سُمعت أصوات العديد منهن وهي تعاتب زوجها وكأنها تعاتب طفلاً من أطفالها، فأي زوجة هذه وأي أنوثة فيها؟

(6): هذا تشبيه لها، يقال هر الكلب هريراً: نبح، وعقارة: تعقر صاحبها كما يعقر الكلب.

(7): أي أن زوجها من شدة ما يلاقيه من سوء خلقها وجهه مكلوم حزين،

وعرضه مستباح عند الناس يذمونه ويستحقرونه.

وقد قلت في بعض المواطن: إن خلق المرأة يظهر في وجه الرجل خاصة عند قدوم الضيوف، فمن استبشر بهم، وتوالت المكارم عليهم من جميل الطعام والشراب مع ترديد الترحيب وبشارة الوجه فإن زوجته من خلفه أسعد منه وأفرح بضيوف زوجها،

ومن كان وجهه حزينا وشرابه باردا وآنيته وضرة وكرامته متأخرة لا تأتي على عجل،
فوراءه امرأة أثقل من جبال أجا وسلمى نفساً ويداً.

:) أي مهما قدم لها فإنها لا تكافئه على ذلك ولا تعرف له معروفاً وسيأتي الكلام على ذلك في نصيحة مستقلة بإذن الله تعالى.

(9): أي تُظهر عيوبه عند النساء، وتنتقصه أمام جليساتها، ومهما قدم لها من خير تحجبه عن الناس، ولا تعترف به عنده أو عندهم!

(10): أي في الصبح يستيقظ كئيباً من سوء ليلة مرت به مع تلك المتغطرسة، وفي الليل يمسي عاتباً من نكبات النهار معها!!

(11): أي أنها من تكبرها وغطرستها لا تعتني بأولادها، ولا بمتاع بيتها، فالولد ضائع وأغراض بيتها مستهلكة، كلٌ يأخذ من جهته إهمالاً منها لا إعانة وكرماً!

(12): أي من شدة بؤس حياته، ونكد عيشه حتى لو ضحك فآثار الحسرة والندامة ظاهرة على وجهه بالوهن والخيبة، حتى الكلام يثقل عليه من شدة البؤس والوهن، فنعوذ بالله من هذا الحال.

(13): أي أن نهاره ليل من المشاكل، وليله ويلٌ منها أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(14): الشفشليق: العجوز المسترخية، والشعشع: الطويلة، والسلفع: الصخابة البذيئة السيئة الخلق، والسم المنقع: المربى، والقصد من هذا كله: المبالغة في قبح أخلاقها وطباعها.

(15): هذه أوصاف يجمعها: عدم الثبات على رأي، تصرفها آراء الغير، وتصبح برأي وتمسي على آخر، فلا يعرف لها زوجها مزاجاً ولا تستقيم على منهاج.

(16): أي لكبرها وعنادها تطرب بمخالفته وعدم طاعته!

(17): أي تتسبب في حدوث كل ما يخزيه، وتحتقر كل ما قدم لها من المعروف.

(1: أي تتسبب في نكد عيشه، حتى كرِه بيته وملّ من أولاده، ومقت معيشته ولم يعد يهتم بنفسه حتى صار محل شفقة من حوله من الأهل والجيران.

(19): الورهاء: الحمقاء، وأصل قولهم: سحابة ورهاء، أي: كثيرة المطر، وهذا النوع من النساء هي ذات الدلال الزائد إلى درجة الإهمال.

(20): أي لدلالها الممقوت وكأنها تمضغ لسانها، ومن مزيد سوء عشرتها تتكلم في غير شأنها.

(21): أي من مزيد خمولها: كأن منتهى غايتها حبه لها من غير تقديم دلائل العشرة الزوجية القويمة وحسن الخدمة للزوج.

(22): أي من مزيد كسلها ودلالها: ترتفع الشمس وهي نائمة لا صوت لها في البيت، وبيتها لم يكنس ولم يرتب وما أكثر هذا الجنس!

وهذا فيه إشارة -بالضد- إلى صفة الزوجة الكاملة أنها تنشط من أول النهار وتعتني بالبيت تنظيفاً وترتيباً وتطييباً.

(23): أي من كسلها وفساد دلالها أنها إن قدمت طعاماً لزوج أو ضيف فتقدمه بائتاً غير حديث الطبخ، وكذا آنيتها تظهر غير نظيفة فيها بقايا طعام وشراب سابق، وكذا هي فاشلة في طبخها الذي تقدمه فاتر لم تحسن تسخينه، والوضر -بفتح الواو والضاد- بقية الدهن والدسم في الإناء، والوضر -بكسر الضاد- الوصف منه.

(24): وهذه مضحكة محزنة، فمن وصف كسلها أن المتاع من طول تراكمه على بعض من غير ترتيب لا إعادة صف وتنظيم ينبت النبات فيه من تراكم الغبار حتى صار أرضاً خصبة للنبات، وهذا مما ينبغي للزوجة تجنبه، فتمر على كل أطراف بيتها ترتيباً وتنظيفاً وتطييباً.

(25): أي أنها ليست اجتماعية مع الجيران متعاونة معهم تعين وتساعد وتكرم وتتفضل.

(26): كل ذلك بسبب فشلها في الحياة الزوجية لقبيح دلالها، حتى تسببت في ضرر الخادم وكراهة الجار.

(27): أي العشرة الزوجية عموما.

(2: وهذا شأن المؤدبات: خفض الصوت مع الزوج إجلالاً واحتراماً، وكذا في تعاملها داخل البيت مع الأولاد، وتقدم أن من سوء خلق بعض الزوجات: المفضوحة بصوتها عن جيرانها!

(29): أي لكرمها وعظيم خدمتها، وجودة طبخها: الخادم غدا سميناً، فما بالك بولدها وزوجها؟ لا شك أنهم أكثر منه.

(30): ونظافة الابن علامة على نظافة الأم، فتهتم به دوماً بنظافة الجسم واللباس، وفوق ذلك النظافة الباطنة بتربيته على الأدب والأخلاق الفاضلة، والكلام البريء المشبع بالأدب.

(31): وسيأتي في آخر الكتاب في الطرف والملح بعض أنواع النساء.
 
النصيحة الرابعة:

النظافة والترتيب دليل على سُمو أخلاقِكِ

والمراد: النظافتان الظاهرة والباطنة، والباطنة أهم وأجلُّ، فليكن قلبكِ نظيفاً من سائر الطباع المشينة من الغل، والحسد، والضغينة، والحقد، والمكر، والخداع.

والطيور على أشباهها تقع، وللأرواح توافق كتوافق الأبدان والأفكار والألوان والأجناس،
وقد صح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال:

"الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".

فبمثل ما تبطنين عن زوجك أبطن هو عنكِ، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وتأملي هذا في نفسك مع

زوجك، فلو دخل البيت بنظرة غريبة، كانت الغرابة في نظرك أكثر، فعلى ما تشعرين منه تتجاوب

مشاعرك،

مع أنه لم يخرج كلمة من فِيْه، ومع ذلك فشعورك يتغير بمجرد نظرتك إليه وقراءة نظراته وتصرفاته،

فكوني طيبة القلب، محبة الخير له، ناصحة له، وسوف يكون لكِ منه مثل ذلك.

وكذلك نظافة البدن واللباس: فلا يرى منك ولا يشم إلا ما هو جميل، فالنفس تأنف، المرء ربما كره نوعاً من الطعام ذاق فيه مرارة أو شم منه نتن ولو مرة واحدة،

ولهذا أعانك الشارع على الاهتمام بذلك ،

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً إذا جاء من السفر، وبرر ذلك بتمكن الشعثة

من الامتشاط، والمغيّبة من الاستحداد.

قال النبي صل الله عليه وسلم:


"إذا جئت من سفر فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة وعليك بالكيس" متفق عليه.
والمراد بالشعثة: مبعثرة الشعر،

والمغيبة: التي غاب عنها زوجها مدة طويلة، فتمتشط الأولى وتستحد الثانية بإزالة شعر الأذى،

وكل ذلك حفاظاً على أن يرى الرجل زوجته في أكمل صورة وأجملها، فكوني كذلك في سائر أحوالك.

وإذا بلغك قدوم زوجك فتأهبي له أكمل التأهب بما يسر ناظره عند رؤيتك خاصة بعد طول غيبة وسفر.

ويكمل الأدب وحسن العشرة منكِ إذا كان ترحيبك به أشد من ترحيب الكرام بالضيوف،

فاحرصي على استقباله عند أول دخوله إلى البيت بالترحيب والعناق وتقبيله تقبيل محبة واحترام، أو ودٍّ وغرام، فإن هذا أدعى لتعلقه بكِ ومعرفته لحقك.

ويكمل حسن ذوقك إن حملت عنه ما في يده من حقيبة العمل أو أغراض البيت.

ويتم أدبك وحسن عشر
إعداد ما يجب إعداده له، تك إن ساعدتيه في نزع ثيابه وتعليقها، وإعداد لباس البيت له.

ومن صدق العناية بالزوج:


من ضيافته من طعام وشراب، وتهيئةٍ لغرفة نومه، وحمّامه، مع جميل المنظر وزكي الرائحة.

وهذا يكون بالنظافة المنزلية التي لا يليق بعاقلة إهمالها،

فلا يمر عليكِ يوم إلا ولكِ في بيته صولات وجولات من تنظيف وترتيب وإعادة تشكيل، فمن الممقوت في

الطباع إهمال المتاع، وخاصة في مواطن استقبال الضيوف،

فالضيوف سفراء الأمصار، ونقلة الأخبار، فلا يليق بالعاقلة أن يُنقل عن بيتها غير المليح، فإذا سمعت بقدوم

ضيف فأعدي مجلس الرجال ترتيباً وتطييباً،

وفقدي خباياه وزواياه، فقد يقع فيه من الإهمال أو الأطفال ما تستحي العين أن تنظر إليه، واللبيب

بالإشارة يفهم.
 
النصيحة الخامسة:

أغرِقي الأخطاء في بحر المحبة

الله تعالى لما خلق الزوجين الذكر والأنثى وشرع بينهما الاتصال بالتزواج بما أحل سبحانه وتعالى، جعل بينكِ وبينه الحب والمودة،
قال عز وجل:

"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(1).

فطباع الناس ورغباتهم يندر أن تتفق كامل الاتفاق،

ولكن تبادل الحب والرحمة والمودة ليس بعسير على من وفقه الله للخير.

إذا تقرر ذلك فإنك تجتمعين برجل لم يتربَّ تحت سقف بيتك -غالباً- له عاداته وطباعه التي جبله الله تعالى عليها،
وأنتِ بالنسبة له كذلك،

فليس من لوازم صحة العشرة الزوجية توافق الرغبات والعادات، ولكن أهم لوازمها صدق المحبة والمشاعر والمودات، فكراهتك لشيءٍ من أخلاقه لا يعني مقت سائرها،

ولا يحتم عليكِ رفضه مطلقاً وغمر ما عنده من محاسن، ولو فاصلنا بين كل من لا يوافق ذوقه أذواقنا، وميوله ما نميل إليه لما صَفَا

لنا من البشر أحدٌ حتى الوالدان، والإخوان والأخوات؛ فالكمال عزيز.

وتأملي في تعاملكِ مع إخوانك في بيتك، هل ترين أنهم كلهم في السلوك والطبع سواء؟!

ذاك كريم ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك شجاع ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك رحيم ولكن عيبه كيت وكيت، فغضِّي الطرف عن تلك العيوب وحاولي علاجها، ومدي عينيكِ إلى محاسنهم وأشكريهم عليها.

وهكذا زوجك:

فمهما ظهر لكِ من خلقٍ تكرهينه لا يصل إلى درجة الإجرام والحرام، فغضي طرفك عنه مع حسن النصيحة، واغمري هذه الزلة في بحر المحبة له.

وقد صح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال:

"لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر"(2).
والمعنى:

أن المؤمن -وكذلك المؤمنة- لا يكره أحدهما من صاحبه خلقاً إلا أحب فيه خلقاً آخر.

وهكذا فيما يحصل منه خطأ مباشر عليكِ من كلام وتصرفات، لا تجعلي ذلك إعلان حربٍ أهلية داخلية، وتنصبي له العداء بهذا

التصرف، فقبل أن تبادريه بالرد -كلاماً أو هجراً أو غير ذلك- اسألي نفسك بنفسك:

أليس هذا هو الذي أحببته من قلبي من قبل؟

أليس هذا الذي سعِدت معه أياماً لا أحصيها؟

واذكري المدة الطويلة التي قضيتيها معه في سعادة ومودة ورحمة، وزنِيها بميزان العدل.

فهل يُعقل أن يخف وزنها من أجل زلّة؟

وأن يذهب جمال عشرت زوجية مضت بـــ: كلمةٍ خرجت من فرط خطأ أو سوء خلق؟

فالتغاضي عن الزلل مع السعي على الإصلاح من سمات عقلاء البشر،

كما قال الشاعر:

ليس الغبي بسيدٍ في قومه.... لكن سيد قومه المتغابي

والمعنى:

أن تغضي الطرف عن الزلة، وتضبطي نفسك عند الغضب، حتى لا تتكلمي بما لا يليق، وتندمي عليه فيما بعد.

قال النبي صل الله عليه وسلم:

"ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(3).

حتى لو بلغ بينك وبينه من تنافر القلوب وقت الغضب فلا ينفر لسانك بما يدينك ويحفظ عليك، فالظلم ظلمات يوم القيامة، كأن تقولي بعد مدة من المودة والرحمة: أنا لم أحبك قط! ولم أهنأ بحياتي معك قط!!

فإن هذا قد يقطع على حياتكم الزوجية طريق الرجوع لبرِّ الأمان،

وكان من دعاء النبي صل الله عليه وسلم قوله:

"وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب"(4).

فلا تظلميه بما ليس فيه، ولا تظلمي نفسك بما يحرقك الندم عليه في المستقبل.

وقد جاء عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال:

"أحبِب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما" (5).

فإذا أبغضتيه ساعة من الساعات فعلى هونك، لا تظهري له كل علامات الغضب وعباراته، فما يدريك لو صَفَتِ الأمور بينكِ وبينه بعد لحظات،

وعادت الأمور إلى مجاريها كما يقال، فكيف بحالك معه في ذلك الحين وقد قلتِ وتصرفتِ تلك الأقوال والتصرفات؟!

فلا تعذبي نفسك بموجبات الندم، ولا تجبري وجهك على مواطن الحسرة والخجل، وعليك بالكلام العدل في الرضا والغضب، وفقني الله وإياكِ لذلك.

--------------------
(1): [الروم:21].
(2): أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3): متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(4): رواه النسائي.
(5): أخرجه الترمذي.​
 
النصيحة السادسة:

مِنْ حُبِّ الزَّوْجِ حُبُّ مَنْ يُحِب


لا غرابة في حب المرأة لزوجها ، ومودتها له ، ولكن :

إن من صدق حب الزوج ومودته :

حب من يحبه الزوج ، وعلى رأسهم الوالدان والإخوان والأخوات والأصدقاء .

ولهذا كان من صادق حب الله ورسوله صل الله عليه وسلم حب من يحبه الله ورسوله صل الله عليه وسلم.

ومن صادق حب وبرِّ الولد لأبيه :

وصله لأهل ودّ أبيه حتى بعد موته!،

قال النبي صل الله عليه وسلم :

( إنَّ من أبَرِّ البرِّ صِلَةَ الرجل أهلَ وُدِّ أبيه بعد أن يُوَلِّيَ ) رواه مسلم .

فهكذا إن كنتِ صادقة في حبك لزوجك أحبي من يحب، وخاصة الوالدين، فأظهري لهما الإكرام، والدعاء، والمحبة، والفرح عند رؤيتهما،

والتعامل معهما كما يتعامل الوالد مع والديه، من الاحترام والإجلال، وتقبيل اليد والرأس، والسؤال عنهما، ومعاودة زيارتهما.
وخاصة الأم،

فقد جرت عادات النساء من قديم الزمان وحديثه على الحرب الشعواء بين الزوجات وأمهات الأزواج، وربما كان الزوجان آلتا حربٍ بين الأمهات؟!.

ومن الغرائب المروية ما أوصت به أم إحدى البنات المقبلات على الزواج فقالت(1) :

عَليكِ يَا سَيّدَةَ البَنَاتِ

مَعْصِيةُ الزّوجِ إلى الَمَماتِ

ودَاوِمِي غَيرَتَهُ وشَتْمَهُ

وقَاتِلِي فِي كُلِّ يَومٍ أمَّهُ

وباعِدي مَا بَيْنَها وبَيْنَهُ

وعَيَنَهَا فأسْخِنِي وعَيْنَهُ

والأخرى قالت توصي ابنتها برّة (2) :

أوصيتُ مِنْ بَرّةَ قلباً حُرّا

بالكَلْبِ خَيراً والحَمَاةِ شَرَّا

لا تَسْأمي ضَرْبَاً لهَا وَجرَّا

حَتَى تَرى حُلوَ الحَياةِ مُرَّا

فما أوصتا – والله – بخير،

وعامة فساد الزوجات هو هذا الباب، خاصة إن كان الأمهات ناقصات عقلٍ كذلك.

ولكن مهما يكن حال أم الزوج من الخطأ والتقصير فإنها في مقام أمكِ لأنها أم من تحبين فعامليها بما يحب أن يكون منك كذلك.
فكما يمرّ بكِ خطأ أمّكِ التي أنجبتك وتغتفرين زلتها ، فكذلك اصنعي مع أمّه بقدر المستطاع .

وحب القلوب لا يملكه إلا ملك القلوب سبحانه وتعالى، ولكن في مقدورك إظهار الحسن، ودفع الأذى بالكلمة الطيبة،
والتعامل اللطيف،

والله تعالى يقول : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) .
فتأملي قوله : ( كأنّهُ ولَيٌّ حَمِيمٍ)

أي أن إظهارنا للحسنى للغير مكسبه عظيم مع من عادانا، حتى يصير (كأنه ولي حميم ) مما يُظْهرُ من الودِّ وحُسْنِ التَّعَاملِ مَعَنا ، ونحن لا نريد منه إلا ذلك،

فلا يُشترط أن تكون أمُّهُ لكِ ولية حميمة بقلبها، ولكن بحسن تعاملك معها تكسبين تصرفاتها الظاهرة معك .

ومثل هذا افعليه مع أخواته وإخوانه .

وكذلك مع أصدقائه: فإن علمتِ زيارة من يكبر تعظيمه وإجلاله من زوجك فزيدي في إكرامه وخدمته،

وأظهري لزوجك الاستبشار بقدومه، ليعظم فرحه بصديقه عندما حلّ عليه ضيفا،

ولا تنغصي عليه فرحه بزيارة محبوبه كعادة بعض النساء، إذ جرت عادة الناقصات على كراهة صديق الزوج بحجة أنه يشغله عنها، ويأخذ وقته منها، وغير ذلك من الحجج الرخيصة، وهذا لا يليق،

وإن كان الزوج يطيل صحبة صديقه بما يوجب النقص على حقوق عشرتكِ الزوجية فطالبي بحقكِ بلطفٍ ولينٍ من غير انتقاص لصديقه، وهذا عين العقل، ومن جميل التصرف.

وما أجمل المثل العامّي السائر : من أجل عينٍ تكرم مدينة .



(1)"محاضرات الأدباء" [ 1 / 415 ] .

(2) "الأغاني" [ 3 / 123 ] .
 
النصيحة السابعة

الحياةُ زوجيةٌ لا جَمَاعية !!


لهذه النصيحة صلة بالتي قبلها، فالحياة الزوجية بين زوجين اثنين، فعليه تجنبي إشراك غيركِ معك فيها إلا بالحسنى من الرأي المحمود، والتناصح المشروع.

فالحياة زوجية لا جماعية :


[ 1 ] في جميع الأسرار، فإياك وإياك أن يظهر سر زوجك لأحد من الناس.

وأقبح الأسرار خروجاً ما كان يدور بينكما على الفراش! ،

وقد صح أبي سعيد الخدريرضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّه صل الله عليه وسلم قال:

( إِنَّ من أعظمِ الأمانة عندَ الله يوم القيامةَ : الرَّجُلُ يُفْضي إِلى امرأته وتُفْضي إِليه ، ثم ينشُرُ سِرَّها ).

وفي رواية :

( إِن من أشَرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجلُ يفضي إِلى امرأته أو تُفضي إِليه ، ثم ينشرُ

أحدُهما سِرَّ صاحبه )

أخرجه مسلم وأبو داود.

قال الحافظ النووي رحمه الله : ( وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع ،

وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه .

فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة .

وَقَدْ قَالَ صل الله عليه وسلم :

" مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " ... )

وكذلك الحياة زوجية لا جماعية :

[ 2 ] في حل المشاكل ومعالجتها في بادئ الأمر ، فليس من سبيل العاقلات أن تفزع في أدنى مشكلةٍ بينها وبين زوجها إلى :

أمها أو أختها أو صديقتها وتبث بين يديها المشكلة بمنظورها هي – وقطعاً ربما تكلمت بلسان المظلومة ! –
ثم يبدين لها الآراء التي لا تزيد المشكلة إلا تعقيداً وشدة ! .

فحاولي أن تدربي نفسك يوماً بعد يومٍ على حل مشاكلك وزوجك بنفسك بعيداً عن آراء الآخرين .

فإن من يدخل عن طريقك كالقاضي الذي لم يسمع من كلا الطرفين!،

وإنما أخذ دعواك وبها قضى وأوصى وأمر! ، فهل هذا عدل ؟! .

نعم، قد تشتد المشكلة، ويعظم الشق على الراقع، فلا حرج من دخول طرفٍ عاقلٍ وأكثر،

كما قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ).

وهنا لي التفاته يسيرة مع الآية عند قوله تعالى : ( إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا )

فلا يفوتكِ هذا المعنى عند وقوع المشكلة دوماً ، وهو : إرادة الإصلاح ، فلا يكن همك هو مجرد الانتصار عليه وإذلاله!،

بل ليكن قصدك هو العودة إليه وعودته إليك،

وهذا له من المنافع الشيءٍ الكثير منه: التماس العذر، ومنها التجاوز عن الخطيئة، ومنها التلطف في

الكلام، ومنها المبادرة بالعفو، ومنها التنازل عن بعض الحقوق طلباً في الإصلاح، وغير ذلك.

وكذلك الحياة زوجية جماعية :

[ 3 ]
في تربية الأبناء : فلا يكن لغيركما النصيب الأوفر من التربية من المدرسة أو الشارع أو الجيران أو الخادمة ! ،

بل أنتِ أنتِ المعنيّةُ به ، والمسئولة عنه .

قال النبي صل الله عليه وسلم :

( والمرأةُ رَاعِيَةٌ على أَهْلِ بَيْتِ زوجها ، وولدِهِ ، وهي مسؤولَةٌ عنهم ) رواه البخاري .

وما أجمل أن يتغذى الطفل من إناءٍ واحد ومشربٍ واحد ، ومتى تعددت بين يديه المشارب فسد حاله،

وتعذر عليكِ السيطرة على سلوكياته في المستقبل،

وربما تبنين من جانب وغيرك يهدم جانباً آخر، أو ربما أنتِ ترشديه إلى ما يجب أن يكون من ثوابت أخلاقه،

ويرى عند الغير ما يزعزع هذه الثوابت، فلا تتركيه لغيركما في التربية والمتابعة.

وعليه :

فلبيتكِ ولبيتِ زوجِكِ من السُّلُوكِياتِ والخطوطِ العريضةِ في التربية ما قد يخالف أساليب الآخرين من أقربائك من أولاد الإخوان والأخوات،

فلا تغفلي عن متابعة سلوكيات الولد ذكراً كان أو أنثى بعد ساعات الاختلاط بهم، وتصحيح المفاهيم

الخاطئة التي يكتسبها، وتعزيز المفاهيم الحسنة في نفسه.

وكذلك الحياة زوجية لا جماعية :

[ 4 ] في البيت وما فيه : فلا يدخل البيت شيءٌ إلا بإذنه ولا يخرج منه شيءٌ إلا بإذنه، وهذا من حقوق

زوجك عليك، ليصدق في نفسه مدى تعظيمك لقدره، واعترافك بفضله،

وأنه رب البيت والأسرة، فالمال مال الزوج، والبيت بيته،

وقد قال النبي صل الله عليه وسلم عنكِ في بيتك بأنك :

( رَاعِيَةٌ على أَهْلِ بَيْتِ زوجها ، وولدِهِ ، وهي مسؤولَةٌ عنهم ) كما تقدم .

وروى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صل الله عليه وسلم يقول في خُطْبَتِهِ عام حَجَّةِ الوَداع :

(لا تُنفق امرأة شيئا من بيتِ زوجها إِلا بإذن زوجها، قيل: يا رسولَ الله ، ولا الطعامَ ؟ قال : ذلك أَفضلُ أموالنا).

واستئذان المرأة من زوجها لا يعد سلباً لسيطرتها، وشراكتها في الحياة الزوجية،

بل هو أكبر دليل على تقديرها لحقوق العشرة بمراعاة حق الزوج، إذ البيت بيته، والكسب كسبه، أما ما

كان من كسب المرأة، وخاصة ملكها فهي حرة في التصرف فيه.

وفي الجملة:

إن من حقوق العشرة الزوجية تعظيم الزوج واستشارته واستئذانه في عامة شؤونك تطييبا لخاطره،

وكسباً لوده.
 
آخر تعديل:
النصيحة الثامنة

إيـَّـاكِ والكـُـفْـرَ

نعم؛ إياكِ والكُفْرِ ، وأعيذك بالله من الكفر بالله رب العالمين ، والخروج عن دين المسلمين، وليس هذا ما

أريد هنا، وإنما أريد كفران العشير ،

كما قاله النبي صل الله عليه وسلم في وصفه للنار :

( ورأيتُ أكثر أهلها النساء ، قالوا: بِمَ يا رسول الله ؟ قال: بكفرهن. قيل : أيكفُرْنَ بالله ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ،

لو أحسنتَ إِلى إِحداهنَّ الدهرَ كلَّه ، ثم رأت منك شيئا ، قالت: ما رأيتُ منكَ خيرا قَطُّ ) .

أخرجه البخاري ومسلم .

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :

( لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه ) ،

رواه النسائي والبزار .

ومما يؤسف له أن هذا من عادات غالب النساء، ولكنه ليس من أصل خلقتهن ولا دينهن، فالراجحة عقلاً، والتقية ديناً:

تعرف لأهل الإحسان الإحسان، ولا تظلم أحداً.

فلا يحملك عدم تلبيته لحاجة تريدينها منه، أو نزاعٌ حصل بينكما أن تهدمي كل ما مضى من إنعامه

وإكرامه، فإن هذا يتجاوز إلى الكذب والافتراء، والظلم والجفاء،

وينتح عنه تفتيت الثقة، وغرس الغل والحقد في قلبه عليك، وكيف أنه فعل وفعل وفعل ، ثم يُجحد من غير

اعتراف بأية فضيلة ؟! .

والله تعالى أمرنا بالعدل والإحسان ، وحذرنا من الظلم والبغي

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ )
.

بل اعترافك له بالفضل مجلبة لإرداف الفضل بالفضل!،

وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!، فإن حرمكِ ما تريدين يوماً من الأيام فتلطفي معه في الكلام،

وقولي له : زاد الله خيرك، وليس منعك لحاجتي مما ينقص قدرك، ففضلك عليّ من قبلُ عميم، فإن تكرمت

فلساني لك شكور، وإن منعت فقلبي على منعك صبور،

وعيبك مستور، وخطؤك مغفور، لسابق أيادي إحسانك وكرمك، ورفيع قدرك في قلبي.

هذا الكلام وما فيه معناه: لن تعدمي منه الخير من وجوه منها : طاعتك لله تعالى في العدل عند الخصام،

وحسن الكلام، واجتناب الحرام من كفران العشير.

ومنها : كسبك لوده، فمثل هذا الكلام يدعو الكرام إلى الإكرام.

وكما يذم كفران العشير ، فكذلك يحمد شكرانه ، فأكثري دائماً من شكره على إحسانه، والاعتراف بدوام

فضله عليكِ، وعظيم خدمته لكِ، وأنكِ عاجزة عن مقابلة معروفه بمثله،

وأكثري له الدعاء بـ : جزاك اللهُ خيراً ، وزادك الله من فضله، وما قصّرت، ونحو هذا من الكلام الرفيع، فإن

هذا كله يقوي أواصر الحياة الزوجية،

وكرم الرجال كالنخلة كلما تم سقاؤها كلما طاب ثمرها، فزيدي سقاء كرم زوجك بالثناء والشكر والدعاء له

بالخير، وفقكِ يا أختاه الله إلى كلّ خير .
 
النصيحة التاسعة

العفوُ سجيةٌ نَبِيلةٌ والاعْتِرافُ بالخَطأِ فَضِيلةٌ


كل بني آدم خطّاء ، وخير سبل النجاة من الخطأ الاعتراف به والندم على فعله ، والأنفس أحضرت الشح ،

وطلب التعالي وعدم الانصياع للغير .

وعليه : فربما وقع من زوجك في يوم من الأيام زلة وخطيئة في حقك بفعل أو قول ، فلا تبادريه بالتأنيب
والتعنيف ،

وتجردي لسانك عليه كالسيف،

بل قابلي الخطأ بالغفران والإحسان،

وكوني ممن أثنى الله عليهم وقال: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِي) [آل عمران:134] .

ألا تريدين أن تكوني من أحباب الله ؟! .


فعليك بجادة العفو، فهي سبيل الكرام من عقلاء بني آدم، فإن تيقنتي خطأه فلا تقابلي الخطأ بمثله بالصد

والهجران، والتكبر والتعالي، وجمع مصيبتين عليه :

1- مصيبة الخطأ .

2- ومصيبة الانكسار بالاعتذار .

فيكفيه عقوبةً اعترافه بالأولى، وبادريه بالعفو عن الثانية.

ولك أن تصرّحي له: بخطئه وعفوك عنه، وقولي له: مع أنك أخطأت عليّ وقلت كذا أو فعلتَ كذا،

ولكن : سامحك الله وغفر لك ، وحقك عندي يحتم عليّ العفو عنك، ونحو هذا الكلام.

وإن كان الخطأ منكِ فخير الخطائين التوابون، فبادري بالاعتذار عن خطيئتك، وقبليه سريعاً بين عينيه، ويدك

بيديه وتأسفي من قولك وصنيعك،

ولا يناديك الشيطان إلى التمهل صيانة لنفسك وعزتها! ، فتأخرك في طلب العفو والصفح يزيد من توقد نار

الغضب في قلبه كلما طال الوقت!،

ثم قد يغلب عليه الانتصار للنفس، ويتعذر على غِلظ غضبه قبول الاعتذار، فبادريه مباشرة بوجه المحب

الخجول، وعديه بعدم تكرار الخطأ،

فإن مثل هذا الخلق النبيل، والتصرف الجميل يفوت على الكثير من الزوجات، ويولد معقد المشكلات، ومن

كمال حال الأزواج الاتفاق على التجاوز عن الأخطاء،

والعفو للزلات، وتعويد النفس أن كلاً من الطرفين عزيز الجناب، رفيع المقام: لا ينقصه اعتذاره من صاحبه

شيئاً بل يزيده إجلالاً واحتراماً ومحبة.
 
النصيحة العاشرة

هَلْ تَعْرِفِينَ مَا عَلَيكِ ومَا عَلَيه ؟

سؤال مهم ، يجب عليكما معرفة المتقرر في جوابه من ثلاث جهات مهمات :

[ 1 ] الجهة الشرعية .
[ 2 ] الجهة العرفية .
[ 3 ] الجهة الاتفاقية .


[ 1 ] فأما الجهة الشرعية :

فقد فرض الشرع عليه أموراً وعليك أموراً وعليكما أموراً على وجه السواء ، وقد اعتنى بذلك علماء

الشريعة في أبواب

(عِشرة النساء) من كتب الفقه ، وفصلوه أتم تفصيل ، وإني أختصر ذلك فأقول :


[ أ ] حقوق الزوج على زوجته(1) ، وهي كثير ومنها :

1- أن تقوم بخدمته بالمعروف ،

عن الحصين بن محصن رضي الله عنه قال: إن عمة له أتت النبي صل الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها،
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:

( أذات زوج أنت؟ ) ، قالت: نعم،

قال: ( كيف أنت له؟ ) قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه،

قال: ( فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك ) رواه الإمام أحمد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

( فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست

كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة ) .

2- أن تطيعه في غير معصية الله، وتقدم الكلام عن هذا الباب ،

وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) رواه الإمام أحمد .

3- أن لا تصوم نفلاً وهو حاضر إلا بإذنه ،

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:

( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ) رواه البخاري .

وفي هذا الحديث إشارة إلى أصلٍ أسريّ يسعى الشارع إلى تحقيقه وهو جاهزية المرأة لزوجها في كلّ حال، وأن لا تشغل عنه بغيره إلا بإذنه .

4- أن تحافظ على ماله وممتلكاته ،

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم في خطبته عام حجة
الوداع يقول:

( لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها ) ،

قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ ، قال : (ذاك أفضل أموالنا)

رواه الإمام أحمد والترمذي .

وتقدم الإشارة إلى هذا الحق المقبول الذي لا تجحده العقول.

5- أن لا تدخل أحداً في بيته إلا بإذنه ،


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

(ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ) رواه البخاري .

6- أن تشكر نعمته ولا تجحد نعمته وإحسانه ، وتقدم الكلام على هذا عند التحذير من كفران العشير .

[ ب ] حقوق الزوجة على زوجها ، وهي كثير ومنها .

1- الصداق – أي المهر - ، فهو حق المرأة على زوجها ، سواء دفعه مقدماً أو أبقاه كله أو بعضه في الذمة ،
فلا يجوز له جحده ولا الامتناع عن دفعه لها ،

وقد قال الله تعالى :(وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) .

2- الإمساك بالمعروف والتسريح بإحسان ،

كما قال الله تعالى : (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)

فلا يجوز للرجل الضرر بالمرأة فهو بين الخيارين إما أن يعيش معها بالمعروف والعشرة الزوجية السعيدة

أو يفارقها بإحسان وسلام، فالمرأة بطبعها ضعيفة رقيقة،

ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم : ( إنهن عوانٌ بين أيديكم ) أي أسيرات،

وهذا جاء مساق التشبيه لا حكايةً لحقيقة الحال لضعفها وحاجتها إلى زوجها.

3- النفقة والطعام والكسوة، من غير تقتير ولا إسراف ،

فعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما في خطبة الوداع قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

(ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) رواه مسلم .

4- أن يعلمها الخير ويأمرها به ،

قال الله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاة وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَـاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )،

وقال النبي صل الله عليه وسلم :

( ما من رجل يسترعيه الله على رعية فيموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) متفق عليه ،
وأعظم الغش أن لا يعلم الرجل أهله الخير، ولا يأمرهم بمعروف، ولا ينهاهم عن منكر.

5- حق الخلع ،

قال الله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ )


فللمرأة حق طلب الفصال إن ساءت العشرة عليها وتعذر عليها البقاء مع الزوج لضعف دينٍ أو سوء أخلاق،
أو تقصير بيّن في النفقة أو السكنى ،

أما من غير سببٍ يوجب ذلك فهذا لا يجوز بل يعد كبيرة من كبائر الذنوب،
وذلك لصريح النهي من النبي صل الله عليه وسلم.

فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول اللهصل الله عليه وسلم قال :

« أيُّما امرأة سألت زوْجها الطلاق ، من غير بأس : فحرام عليها رائحةُ الجنة » أخرجه أبو داود والترمذي.

[ ج ] الحقوق المشتركة بينهما، ومنها :


1- الوفاء بشروط العقد ، والمسلمون على شروطهم ،

وقد قال النبي صل الله عليه وسلم :

( أحقُّ ما أوْفيتم من الشروط : ما استَحلَلْتُمْ به الفروجَ ) متفق عليه ،

فإذا اشترط الرجل أو المرأة شرطاً مباحاً فيجب الوفاء به ، إلا أن يتنازل المشترط عن شرطه .
2- حق الاستمتاع ،

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :

( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح )
متفق عليه .

3- السريّة الأسرية ، كما تقدم فلا يبوح أحدٌ منهما بأسرار صاحبه وخاصة من أمور العشرة الزوجية،

وقد قال رسولَ اللَّه صل الله عليه وسلم :

( إِنَّ من أعظمِ الأمانة عندَ الله يوم القيامةَ : الرَّجُلُ يُفْضي إِلى امرأته وتُفْضي إِليه ، ثم ينشُرُ سِرَّها ) رواه مسلم ،
وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صل الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده،

فقال: ( لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها )،
فأرم القوم، فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن،
قال: ( فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون ) رواه الإمام أحمد .

4- التوارث،

فكل من الطرفين حقُ التوارث من الآخر، ولا يُحجب الزوجان، فهما : يرثان فرضاً، ولا يحجبان من الميراث حجب حرمان، والله تعالى يقول في كتابه الكريم :
(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)[النساء:12].
5- تربية الأولاد، من الحقوق المشتركة بين الزوجين.

[ 2 ] أما الجهة العرفية :

للعرف قوته، وللعادة حكمها، وما رآه الناس حسناً فهو حسن ما لم يعارض أمراً أو نهياً شرعياً(1)،
وعليه فقد جرت عادات الناس على بعض الآداب والتصرفات التي لا يليق به ولا بكِ اختراقها ومخالفتها
صيانة لجنابكما من شماتة الشامتين،
وأمثلة ذلك كثيرة جداً تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، ومن قبيلة إلى قبيلة، فقد يكون مما يفعل في الماضي من أمور تعد من القبائح صار الناس يعتبرونها اليوم من الأخلاق السامية!،
وكذا قد يعد بعض تصرفات الأزواج مع أزواجهم في القرى من الإجرام بينما يعتبر في المدن من الإكرام!،
وكذا قد يكون بعض التصرفات عند قبيلةٍ ممنوعاً، وعند قبيلة أخرى مقرا ومتبوعاً.
فانظري ما عليه أبناء زمانك ومكانك وقبيلتك من العادات النبيلة فالتزميه ولا تخالفيه بحجية حرية التصرف ونحو ذلك، ولعل من ذلك مما كادت العادات الرفيعة تتفق عليه :

1- تجنب نداؤه باسمه مجرداً، فمن الأدب مناداته بكنيته أو بأيِّ لفظٍ يحب أن يسمعه منكِ كـ : يا قلبي ، ويا حياتي ، ونحوه
.
2- توقي رفع الصوت عليه، فمن سوء الأدب رفع الصوت في مخاطبته أو معاتبته ويزداد الأمر قبحاً إذا كان بمحضر الغير.

3- عدم السير أمامه من غير حاجة، فالأدب أن تمشي بجانبه أو متأخرة عنه قليلاً احتراماً له وإجلالا.

4- عدم تكليفه بشراء حاجاتك النسائية الخاصة، فهو وإن كان مباحاً في الأصل إلا أن عامة عُرْف الناس تواطأ على كراهته.

5- سلوك الهدوء في البيت عند حلول الضيوف،

فجرت عادة أكثر الضيوف على مقت ظهور الأصوات من داخل البيت، وخاصة حين إعداد ضيافتهم، وأصوات الأواني في المطبخ!.

6- مناداته بالصوت من بين الرجال!، فصوتك وإن لم يكن بعورة عند الرجال على الصحيح، ولكن عادة الناس جرت على مقت ذلك، والتعارف على التصفيق أو طرق الباب ونحوه، فهذا أكثر أدباً.

7- تكليفه بحمل الطفل من غير حاجةٍ أثناء السير خارج المنزل، فهو وإن كان لا محظور شرعيٍ فيه إلا أن عادة الناس جرت على مقت ذلك من الرجال مع النساء.

وعلى مثل هذا فقيسي من الأخلاق والطباع المرضية ، فالتزمي بها ولا تخالفيها ، ومخالفة المألوف من خوارم المروءة .
[ 3 ] أما الجهة الاتفاقية :
فما أجمل أن يكون بين الزوجة وزوجها اتفاق من أول ليلة زواجهم على ما يحب منها فتأتيه، وما يكره فتجتنبه،
والعاقل الوافي:

هو الذي يلتزم بهذا الاتفاق، وقد مشى على هذا جماعة من العقلاء من قديم الزمان وحديثه.
ذكر ابنُ عبد ربِّهِ في "العقد الفريد" أن شريحاً القاضي تزوج بامرأة فلما دخل عليها ومدّ يده إلى ناصيتها .
فقالت : على رسلك أبا أمية كما أنت.

ثم قالت : الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، إني امرأةٌ غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأزدجر عنه.

وقالت: إنه قد كان لك في قومك منكح(1)، وفي قومي مثل ذلك، ولكن إذا قضى الله أمراً كان، وقد ملكتَ فاصْنَعْ ما أمرَكَ الله به :

( إمْسَاكٌ بِمَعْروفٍ أوْ تَسْريحٍ بإحْسَانٍ)،

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك .

قال شريحٌ : فأخرجتني إلى الخطبة في ذلك الموضع،

فقلت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد :
فإنكِ قد قلتِ كلاماً إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وأكره كذا، ونحن جميع فلا تفرقي(1)،
وما رأيتِ من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها.
وقالت : شيئاً لم أذكره : كيف محبتك لزيارة الأهل؟ .
قلت : ما أحبُّ أن يملني أصهاري.
قالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومن تكرهه أمنعه؟.
قلت: بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء.
قال : فبت بأنعم ليلة، ومكثَتْ معي حولاً لا أرى إلا ما أحب.
فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار.
فقلت: من هذه؟ .
قالوا: فلانة ختنتك، فسرِّيَ عنّي ما كنت أجد، فلما جلست أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك أبا أمية.
قلت: وعليك السلام، من أنت؟ .
قالت: أنا فلانة ختنتك .
قلت: قربك الله .
قالت: كيف رأيتَ زوجتَك؟ .
قلت: خير زوجة .
فقالت لي: أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين، إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها،
فإن رابك ريبٌ فعليك بالسوط،
فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.
قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب، ورضت فأحسنت الرياضة.
قالت: تحب أن يزورك أختانك؟ .
قلت: متى شاءوا.
قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية، فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء ..(1) .
فهذه القصة على منوالها ينبغي أن يكون كثير من الأزواج ليلة الزواج ،
فتخبره بما تحب منه ، وماذا تكره ، وهو كذلك يخبرها بما يحب وما يكره، وقد جرّبت هذا فاستفدتُ الكثير، والحمد لله.

(1) الجامعون للحقوق الزوجية كثير ، وهذا النسق مأخوذ من كتاب " أصول الحياة الزوجية" بتصرف.
(1)وذلك لأن بعض العامة قد ينكر بعض التصرفات الزوجية وهي من السنن النبوية،
ومثال كثير ومنه: شرب الزوج بقية سؤر زوجته، والسير بجانب الزوجة أو يدها بيده، وتصريح الزوج باسم زوجته وذكره لها، وتقبيل المرأة لرأس زوجها بمحضر الغير،
ونحو ذلك من الأفعال التي جاءت السنة الصحيحة بفعل النبي صل الله عليه وسلم لها وإقرارها.
(1)أي كان بوسعك أن تجد في قومك زوجة ، وهي كذلك في قومها ، ولكن الله قدّر اجتماعهما بسابق تقديره ، فأوصته بالوصل بمعروف أو التسريح بإحسان .
(1)أي لا تسعي بالفرقة بين أهلنا .
(1) " العقد الفريد " ( 6 / 93-94 ) بتصرف يسير .
 
النصيحة الحادية عشرة

كوني داعيةً لا قاضية

قد يكون زوجك مبتلىً بآفة من الأمور المحرمة التي لا توجب المفاصلة بين الأزواج، فإن كان كذلك،

فاعلمي أن من أعظم حقوقه الزوجية عليك:

تكرار مناصحته، وإنقاذه من وحل المعصية التي فُتن بها، فهو أسير معصيته فكوني داعية ولا تكوني

قاضية، فلا تقابليه كل يوم بالتعيير والتأفف والزجر والنهر، وإقامة رايات الخصام بالكلام كلّ ليلة!،

بل كوني داعية.

والداعي إلى الله تعالى مأمور بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن،

قال الله تعالى :( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].

ومأمور باللين والتلطف في الخطاب

كما قال الله تعالى لموسى وهارون : ( فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) [ طه:44 ] .

وقال الله تعالى : ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً )[البقرة:83] .

فإن رأيتيه على معصية ، فعليك بعدة أمور :

الأول : الاطلاع بالقراءة والسماع عن حرمة المنكر الذي وقع فيه لمعرفة القدر الأكبر من الأدلة والحجج على حرمته،

لأنك – الآن - المُنْكِرَ والناصح ولابد من كان في مثل حالك أن يكون على قاعدةٍ علميةٍ راسخةٍ .

الثاني : اقتناص الوقت المناسب، والفرص والأساليب لنصحه وموعظته ،

فمن الخطأ أن يكون ذلك وقت تعلقه بمعصيته أو فرط غضبه أو حال اختلاف بينكما، وإنما يكون ذلك منكِ في ساعة فسحة حاله، وصفاء باله، وحسن خاطره،

فتقتربين منه اقتراب الزوجة الحنون بأدب، وتطرحين عليه نصيحتك بأساليب عديدة.

كـ : التدلل بأنك تطلبين منه طلباً ما، وتطلبين الوعد منه بتحقيقه.

أو : تعليق تركه للمعصية على حبه لك، فتقولين: إن كنتَ صادقاً في حبك لي فاترك الأمر الفلاني طاعة لله.

أو : كتابة رسالة ورقية أو عبر الهاتف الجوال تنصحيه عن طريقها مع التقدم بالعبارات الودادية الغرامية التي تهيئ الزوج لقبول الكلام.

أو : إهداؤه مجموعة كتب أو أشرطة من ضمنها ما يتعلق بالمعصية التي يقارفها ،

وقلت ( مجموعة ) حتى لا يستشيط ويكابر إن علم بأنه المعني بهذا الكلام.

الثالث : إن كانت معصيتُه في البيت فحاولي صرفه عنها بإشغاله بأي أمرٍ مستحب أو مباح.

الرابع : لا حرج في الاستعانة بقريب أو قريبة لمناصحته وتذكيره بطريقة غير مباشرة، مع مراعاة عدم
معرفته بأن الأمر كان حصل باتفاق معكِ.

الخامس : الصبر عليه ما لم تري كفراً بواحاً ، أو فاحشة قبيحة لا تستقيم العشرة الزوجية معها، وستأتي نصيحة خاصة عن الصبر.

السادس : الإكثار من أقوى سلاح المؤمنين : الدعاء ، فبِهِ يبدل الله حال من
يشاء إلى الهدى بعد الضلال، وستأتي نصيحة خاصة بالدعاء وفضيلته.

فهذه الأمور ينبغي على الزوجة الصالحة التمسك بها، وعدم تفويتها، لإصلاح زوجها.​
 
النصيحة الثانية عشرة

كوني له أمةً يكن لكِ عبداً


والله تعالى يقول : ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )[الرحمن:60]

فالمرأة الصالحة كلما ازدادت لزوجها خدمة وطاعة كلما قابلها بمثل ذلك، والأنفس جُبلت على محبة المحسن إليها،

والزوجة المطيعة الخدومة محسنة إلى زوجها،

فكوني لزوجكِ أمةً يكن لك عبداً كما أوصت بذلك إحدى عاقلات النساء، وأنا أسوق وصيتها كاملة لما فيها

من الفوائد عظيمة العوائد، ومنها ما سبق النصح به ومنها ما لم يسبق.

ذكر صاحب كتاب "العقد الفريد" أن امرأة قالت لابنتها ليلة عرسها:

يا بنية : لو تركتُ الوصيةَ لأحدٍ لحسنِ أدبٍ أو لكرم حسبٍ لتركتُها لكِ، ولكنّها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل(1).

يا بنية : إنك قد خلفتِ العُشَّ الذي منه دَرَجْتِ، والموضعَ الذي منه خرجتِ إلى وكرٍ لم تعْرِفِيهِ، وقرينٍ لم تألفيه(2).

كوني له أمة يكن لك عبداً ، واحفظي عني خصالاً عشراً تكن لكِ دركاً وذكراً (3):

أما الأولى والثانية :


[ 1 ] فحسن الصحابة بالقناعة .

[ 2 ] وجميل المعاشرة بالسمع والطاعة .

ففي حسن المصاحبة راحة القلب وفي جميل المعاشرة رضا الرب(1).

والثالثة والرابعة :


[ 3 ] التفقد لموضع عينه .

[ 4 ] والتعاهد لموضع أنفه .

فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك خبيث ريح، واعلمي أن الكحل أحسن الحسن المودود،وأن الماء أطيب الموجود(2).

والخامسة والسادسة :

[ 5 ] فالحفظ لماله .

[ 6 ] والرعاية لحشمه وعياله .

واعلمي أن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على الحشم حسن التدبير(3).

والسابعة والثامنة :


[ 7 ] التعاهد لوقت طعامه .

[ 8 ] والهداء عند منامه .

فحرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة(4) .

والتاسعة والعاشرة :


[ 9 ] لا تفشين له سراً .

[ 10 ] ولا تعصين له أمراً .

فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره(1)، ثم إياكِ والفرح بين يديه إذا كان مهتماً ،

والكآبة بين يديه إن كان فرحاً )(2).

فهذه عشر وصايا جامعة ، هي بمثابة العقد على جيدِ رسالتي هذه لما فيها من النصائح المفيدة، فهي لها ولكِ فالزميها رعاك الله.

(1)أي أنكِ كاملة الخلق والأدب فمثلك قد يقال لا ينصح ولكن اعتذرت بأن النصيحة والوصية ليست للغافل دوماً بل قد تكون معونة للعاقل للثبات على مبادئه الجميلة .

(2)أي خرجتِ إلى بيتٍ غير بيتك الذي نشأت فيه ، وفيه رجلً لم تعرفيه من قبل فأعدّي نفسك لتغير المكان ومن فيه من العادات .

(3) أي منجاةً وموعظةً وذكرى ، تذكريها كلما مرّ بك الزمن خلال معيشتك معه .

(1) وهاتان وصيتان جامعتان لخلقين عظيمين وهما : القناعة ، والطاعة ،

فالقناعة تريحها في حياتها ، وتقطع من قلبها حبال الطمع ، وطلب المحال أو العسير ،

والطاعة مرضاة لله تعالى لأنه فرض الله عليه ، وفي طاعتها لربها بذلك رجاء لبركة محبة زوجها لها .

(2) وسيأتي تتمة لهاتين النصيحتين ، والمراد الظهور لعينه بأجمل صورة ، وأن لا يشم منك إلا أجمل ريح،
وذكرت الكحل فهو من أجمل ما تره العين في المرأة ،

وذكرت الماء فهو أطيب الموجود أي بمداومة الاغتسال به والتطهر حتى لا يشم منها رائحة كريهة .

(3) وتقدم تفسير هذين الخُلُقين العظيم ، وهو حفظ المال ورعاية العيال ، وذكرَت أن طريقة حفظ المال هي حسن التقدير فلا تبذر ولا تسرف ،

وطريقة رعاية العيال حسن التدبير بجميل التربية والتأديب والحفظ والقيام بشؤونهم .

(4) أي أن جوع الرجل يلهب أحشاءه وأعصابه وربما تعدى ذلك إلى الخطأ على زوجته ،

وكذا في حال نومه وهدوئه فتكديره مسبب للغضب ،

فتبادر العاقلة بالطعام لزوجها، وبحفظه حين نومه وإبعاد مسببات الإزعاج عنه .

(1) وهذا من خير ما يوصى به من كتمان السر ،

وتقدم ذكر ذم البوح بأسرار البيت ومن مخاطر ذلك التسبب في مقابلة الزوج للغدر بالغدر ! ،
والجزاء من جنس العمل ،

وكذا عصيان أمر الزوج يسبب غور صدره على زوجته وكرهه لها .

(2) " العقد الفريد " [ 6/83 ] و " محاضرات الأدباء " [ 1/415 ] .
 
النصيحة الثالثة عشرة

قد تَكونُ الغيرةُ عادَةً شريرةً

لا يفوت عن علمكِ – رعاك الله – أن من الغيرة ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم،
والمحمود منها ما هو واجب، ومنها ما هو مباح،

ومثل الواجب الغيرة على حرمات الله تعالى، وهذا ما يغار عنده الله تعالى، ويغار عنده رسولُه صل الله عليه وسلم والمؤمنون، قال النبي صل الله عليه وسلم :

( والله ما من أحد أغير من الله أن يزنى عبده أو تزني أمته ) الحديث، متفق عليه .

وعندهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

( لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) الحديث.

وعن عقبة بن عامر الجهنيى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :

( غيرتان إحداهما يحبها الله عز وجل والأخرى يبغضها الله : الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في غير ريبة يبغضها الله )

الحديث رواه أحمد والطبراني، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" : رجاله ثقات.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

( الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة يصلح الرجل بها أهله وغيرة تدخله النار ) رواه الضياء في " المختارة " .
والغيرة المباحة : محبة كسب الخير من غير تمنٍّ لزواله عن الغير أو كراهة لنزوله عليه.

فمسارعة الزوجة إلى ما يحب زوجها، وتمنيها أن يكون خيره من نصيبها من الغيرة المباحة من غير إضرار بالغير،

وقد جُبلَ – بنات جنسك - النساءُ على الغيرة،

ولو سلِم أحدٌ من نساء العالمين من الغيرة لصان الله منها نساء المصطفى صل الله عليه وسلم ومع ذلك

فقد نقلت عنهن أخبارٌ عجيبة من الغيرة الشديدة عليه صل الله عليه وسلم،

وكل واحدة منهن تسعى إلى أن تكون أفضل أزواجه، ولكن حاشاهن من الظلم والتجني على الغير، بل كانت غيرتهن دليلاً على عظم محبتهن للنبي صل الله عليه وسلم،


وعلى كرم خلقه صل الله عليه وسلم الذي جعل تلك النساء مع كثرتهن يتسابقن إلى حبه والقرب منه،
وإنما المذموم من الغيرة هو ما يصل إلى صورٍ منها:

[ 1 ] الافتراء على الغير وغيبته .

فهذه غيرةٌ فتاكة، أوقعت في الظلم والتجني، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله ، والظلم ظلمات يوم القيامة ،

والله تعالى يقول : ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون ) ،

والأدلة في الترهيب من الظلم كثيرة جداً ، وكذا ذكر أختها بما تكره من وصف ، فهذا من الغيبة التي حذر منها النبي صل الله عليه وسلم ،

وقد استعظم النبي صل الله عليه وسلم مقالة ربما قالت المرأة اليوم في صاحبتها أكبر منها ،


فروى أبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها : قالت : قلتُ :

( يا رسول الله حَسْبُكَ من صفيّةَ قِصَرها ، قال : لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَ بها البحر لَمَزَجَتْهُ).
فقط!؛

قالت عن زوجته الأخرى : قصيرة! في سياق الذم والعيب ! ،

فاستعظم النبي صل الله عليه وسلم جرم هذه الكلمة بأنها من سوئها لو مزجت بماء البحر لغيرته!.
فكيف بتفكّه عمومِ النِّساء بأعراضِ النساء ؟! ،

والله المستعان .

فإياكِ أن تحملك الغيرة على تنقّص الأخريات خاصة إن كنّ من زوجاته أو أخواته أو أمه ، فإن هذا من أعظم أسباب مقت الله ، ومقت الزوج .

[ 2 ] سؤاله طلاق ضرتها .

فهذا أيضاً فرع من الظلم ، وقد ورد بخصوصه الترهيب على لسان النبي صل الله عليه وسلم ،

فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال:

( لا يَحِلُّ لامرأة أن تسألَ طلاقَ أُختها لِتَسْتَفْرغَ صَحْفَتها ، ولَتْنكِح ، فإنما لها ما قُدِّر لها ) .

فلها ما قدّر لها من النفقة والمبيت والمحبة وحسن العشرة ،

فالحذر الحذر من جموح الغيرة إلى طلب طلاق زوجته إن كان متزوجاً .

[ 3 ] الشك في الزوج والتجسس عليه .

وهذه آفة خطّافة حملت الكثير من النساء على التجسس على الأزواج بوسائل عدة من أنواع التجسس

والبحث عن الأسرار، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم:

(إِيَّاكُم والظَّنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجسَّسُوا، ولا تَنَافسُوا، ولا تحاسَدُوا، ولا

تَبَاغضُوا، ولا تَدَابَروا، وكُونوا عبادَ اللهِ إِخوانا كما أمرَكُم، المسلم أخو المسلم، لا يظلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ،

ولا يَحْقِرُهُ، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا - ويشير إِلى صدره - بِحَسْب امرئ من الشَّرِّ أن يَحْقِر أخاه المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلم حَرَام:

دمُهُ، وعِرْضُهُ، ومَالُهُ، إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم، ولا إِلى صُوَرِكم، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ) متفق عليه .
وهذا الحديث جامع شامل لما يجب أن تتفطن له المرأة ،

وفيه من قواعد العشرة الكثير، خاصة لمن تزوج أكثر من امرأة من الحذر من التحاسد والتباغض والتدابر

والظلم والخذلان والاحتقار، والتجني على المال والعرض والدم،

وفيه الحث على الإخوة والتحابب، ومحل الشاهد منه النهي عن التجسس، وعاقبته وخيمة في حال

انكشاف أمره للزوج، بل انتهى في غير واقعة إلى الطلاق والافتراق.

قال أبو الأسود لابنته :

[ 1 ] إياك والغيرة ، فإنها مفتاح الطلاق .

[ 2 ] وامسكي عليه الفضلين : فضل النكاح وفضل الكلام .

[ 3 ] وكوني كما قيل:

خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضب(1)


وفي " الأغاني "(2) عنه أنه قال لابنته ليلة البناء :

أي بنية ، النساء كن بوصيتك وتأديبك أحق مني، ولكن لا بد مما لا بد منه.

يا بنية : إن أطيب الطيب الماء ، وأحسن الحسن الدهن، وأحلى الحلاوة الكحل.

يا بنية : لا تكثري مباشرة زوجك فيملك ، ولا تباعدي عنه فيجفوك ويعتلي عليك ، وكوني كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

قلت : ثم يجدر التنبيه أن المحبة أضرب وأنواع، فليس كلّ حبٍ يكون للزوجة من زوجها، فحب البرّ والصلة للأم وأولي الأرحام،

وحب العطف والرعاية لسائر العيال، وحب الصداقة والصحبة للإخوان والأصدقاء، وحب الألفة والمودة هذا هو نصيبك من حب الزوج.

فلا تخلطي بين أنواع المحبة فتدخلي في طريقٍ غير طريقك، وتطالبي بحقٍ ليس هو من خاصة حقوقك.

فلا يحملك حب الزوج لأمه وأخته وولده وصديقه على فرط الغيرة ، وتنغيص محبته لمن يحب .

(1) " محاضرات الأدباء " [ 1/415 ] ، ونسب الجاحظ في " البيان والتبيين " نحوه لعبدالله بن جعفر ، وفي " جمهرة خطب العرب " ( 2/507 ) نسب القصة إلى أسماء بن خارجة .

(2)" الأغاني " ( 5 / 317) .
 
النصيحة الرابعة عشرة

الصبر مفتاح الفرج

و( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )[الزمر:10]،

فما أُعطيَ ابنُ آدم سجيةً من السجايا أتم ولا أكمل من الصبر، وعليه قوام الدين كله،

سمعت شيخي شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى يقول في قوله تعالى:

( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
قال رحمه الله :
( العمل الصالح من الإيمان ولكن الله أفرده لأهميته ، والتواصي بالحق من العمل الصالح ولكن الله أفرده لأهميته ،

والتواصي بالصبر من الحق ولكن الله أفرده لأهميته ،

فدل ذلك على أن ملاك الأمر في الصبر فمن لا صبر عنده لا يؤمن الإيمان الحق ، ولا يعمل الصالحات ، ولا يدعو إلى الله تعالى )(1) .

( فالصبر ضياء ) لحياتك ، وسلوان لما لهمومك وكرباتك، فأنت قد انتقلتِ من بيتٍ حملك على غيرك، وستنتقلين إلى بيتٍ حمله عليك :

فالزوج حمل يحتاج إلى صبر .

والبيت حمل يحتاج إلى صبر .

والأولاد حمل يحتاج إلى صبر .

فأعانك الله تعالى، ومنحك الصبر، فأنت على خير، ورباط طاعة لله ولرسوله صل الله عليه وسلم،
فلا ينفرد بك النصّبُ من غير احتساب الأجر عند الله.

ثم يجدر التنبيه إلى : أنك تحتاجين إلى الصبر مع كلّ حملٍ بمفرده، فإياك وإياك أن تتراكب الأحمال عليك!،
وتزيد المشقة على عاتقيك،

فيطفح الكيل، وتنادين على نفسك بالويل، فعليك بضبط هذه الأحمال بأمرين مهمين :
الأول : ترتيبها .

الثاني : تجزئتها .

أما الترتيب : فحسن إدارتك للوقت من أهم المهمات، ومن أحسن الطرق لاستغلال الأوقات،
فمن ضعف دراية بعض النساء على سبيل المثال: أن يجتمع عليها في الحين والواحد: طبخُ الطعام مع غسل الثياب مع خدمة الزوج مع رعاية الأولاد !! .

فتراها في حيص بيص -كما يقال- تنتقل من مكان إلى مكان، والطعام يحترق، والغسيل يهمل، والطفل يصيح،

والزوج ينادي،

وهذه سهام لو سُلطت على أعقل الناس لانفجر من رأسه بركان!، وحلّ من تحت أقدام صبره الزلزال .
فما لكِ ولهذا التراكم في الأعمال ، فكوني مديرة لوقتكِ أتم الإدارة،

وقدّمِي حق الزوج أولاً، ثم هيئي الأطفال ثانياً، وأشغليهم بما يلهيهم عنكِ في محلٍّ آمن، واجعلي للغسيل وقتاً، وللطبخ وقتاً، ولتنظيف البيت وقتاً، وأعطي كلّ ذي حقٍ حقه.

وليكن الترتيب على حسب الأولوية، وهي موكولة بحسب المقام بين أصحاب الحقوق الزوجية من الزوج والأولاد والبيت، وحقوق النفس، وبقية حقوق الآخرين المستحقة.

وأما التجزئة : فمن الأعمالِ ما لا يُستطاع أن ينجز مرة واحدة، ولو أردتِ إنجازه مرة واحدة لتسبب في تفويت حق الغير من الزوج والأولاد والبيت وغير ذلك،
وعليه فقد تضطرين في بعض الأحيان أن تجزئي العمل الواحد إلى عدة أجزاء في اليوم أو الأسبوع أو الشهر،
فلا تضغطي على نفسك بإشغال الوقت في عملٍ واحد لجهة واحدة،
فإن عامة ما يحتج به الأزواج من انشغال الأزواج عنهم يرجع إلى تقصير المرأة في تجزئة وقتها، وترتيب أعمالها.

إذا أدركتِ ذلك فالعذر مقطوع بتعلل الكثير من النساء في تقصيرهن مع الأزواج بكثرة الأولاد أو ارتباطها بالوظيفة، أو كِبر البيت،

ونحو ذلك فتقصر في حق زوجها!، فهذه الأمور وإن قيل بأنها – ولا بدّ – تأخذ من الجهد وقتاً، إلا أن ترتيب

الوقت وتجزئته تحل الإشكال ولا تحرم الزوج من كامل حقه أو أكثره على أقل تقدير.

وقفة مهمة : ومن الصبر – على مرارته – الصبر على الزوج الظالم، فقد تبتلى المرأة بهذا النوع، على

صنوف أنواع الظلم من: ضرب، وإهانة، وسلب مال، وجور في القسمة بين النساء، وغير ذلك(1) ،

فما عليها إلا الصبر إن لم يصل الأمر إلى حدٍّ تتعذر المعيشة عنده، ومفاسده لا تنقضي، فليس محتماً عليها أن ترضى بحال الهوان، ولا بحياة الخذلان، والله يغني كلاً منهما من سعته.

ولكن: نصحي يتجه إلى من حصل من زوجها بعض أنواع الظلم فإني أوصيها بالصبر، فلا غرابة أن يُبتلى المسلم بأقرب الناس إليه كأب أو أخ أو ابنٍ أو زوجٍ أو زوجة!،

وهذه سنة الأنبياء والمرسلين وسادات العالمين، وفي آدم وبنيه آية، وفي إبراهيم وأبيه عبرة، وفي نوحٍ وابنه موعظة، وفي آسية زوجة فرعون وزوجها خير برهان،

وفي نبينا محمد صل الله عليه وسلم وقومه تهيئة وسلوان، فلا تعجبي من فساد حال أقرب الناس إليك،
فلك خير سلف من خير الخلق،

فما عليك إلا ما تواصوا به من الصبر والاحتساب،

كما قال موسى عليه السلام وهو يرد على قومه عندما بثوا إليه شكواهم ومبلغ ما حلّ بهم من بلاء من فرعون وقومه فقال:

(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [الأعراف:128 ] .

فاصبري على أذى الزوج وخطئه، والعاقبة للصابرين حسنة بإذن الله عز وجل.

وإني عندما أنصح بالصبر لا أنصح بالصبر المصحوب بالعجز، وإنما أنصح بالصبر المحفوف بالكَيْسِ والعزيمة،


والجد على الإصلاح، والمثابرة على التصحيح،

كما كان الأنبياء يصبرون على أذى أقوامهم من جانب، ويبلغون ما أنزل الله تعالى من جانب آخر،
فهذا إبراهيم عليه السلام يكرر على أبيه بأحسن خطاب وأجمل الألقاب : يا أبتِ، يا أبتِ خمس مرات ، فلم يملَّ ولم يكلَّ .

وهذا نبينا محمد صل الله عليه وسلم يكرر على قومه الدعوة،

ويكرر على عمّه أبي طالب الدعوة: يا عم قل لا إله إلا الله ، أكثر من مرة .

وعلى الغلام اليهودي : يا غلام قل لا إله إلا الله ، أكثر من مرة .

كل ذلك من الحرص على هدايته، فكذلك كوني، فاجتهدي في تعديل ما عنده من خطأ بقدر المستطاع بوسائل عدة سبق ذكر بعضها، ولا تملي ولا تعجزي.

(1)وهذه الدرة الثمينة أنقلها سماعاً من شيخنا رحمه الله تعالى ،
وهي فائدة من بين أكثر من ألف فائدة سجلتها عن شيخنا رحمه الله تعالى بسؤالاتي ومسموعاتي منه رحمه الله ، ودونتها في كتابي

" الإيجاز بفوائد وفرائد وفتاوى الإمام ابن باز " يسر الله نشره .

(1) ذكرت في كتابي " بيوت ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب " يسر الله طباعته : صنوفاً من الحرائق الأسرية !

التي عصفت ببيوت بعض المسلمين على وجه الإجمال لا على وجه التفصيل وسرد القصص، لأن البيوت أسرار ، وبث بعض الأمور قد يفتح أبواب الشرور ،


أقول هذا تنبيها على ما يصدر من أقلام وأفواه بعض الفضلاء من ذكر بعض الفضائح الأسرية أو الفردية في الأشرطة أو الكتب بقصد التحذير من خلق مذموم

وما علموا بأنهم قد فتحوا أبواب الشرور على فئام من الخلق لم يكونوا عرفوا هذه الأمور من قبل ، ولهذا فإن التحذير من مساوئ الأخلاق جاء في الوحيين غالباً على وجه الإجمال لا على وجه التفصيل ،

فلا يليق بالداعي إلى الخير أن يذكر تفاصيل فاحشة أو قتل أو خيانة يسمعها من يعقل ومن لا يعقل ، وإنما يُكتفى بالألفاظ المجملة ، فلينتبه .
 
النصيحة الخامسة عشرة

الدعاءُ سلاح المؤمن


مخ العبادة الدعاء، وصلة العبد بربه الدعاء، به يكشف الله الضر، ويجيب دعوة المضطرين، ويبدل الأحوال، ويصلح المآل،

فلا ينقطع اتصالك بالله تعالى بالدعاء بصلاح الحال، وتحقيق الطلبات، وتفريج الكربات.

فلا تغفلي أن يكون لك نصيبٌ من دعاء المتقين من قبل كقولهم :

( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )[الفرقان:74].
فصلاح الزوج والذرية منّةٌ وهبةٌ من الله تعالى يكرم بها من يشاء ويصرفها عمن يشاء، فكم من زوجة تبتلى بزوج لا يرقب الله تعالى فيها،

كما كان شأن التقية الصالحة زوجة فرعون !،

التي قال الله تعالى عنها : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي

الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم:11].

فعليكِ بالدعاء الدائم لهم بما فيه صلاح الدين والدنيا والآخرة، واقتنصي مواطن الإجابة كحال السجود، وأدبار الصلوات، وآخر الليل، وحين نزول المطر، وفي السفر، ونحو ذلك .

وليكن دعاؤك دعاء الواثق بالإجابة من الله تعالى، ولا يدخل في قلبك اليأس.

ورحمة الله قريب من المحسنين، فلا تتعاظمي شيئاً على الله، وهو على كلّ شيءٍ قدير، فبالدعاء الصادق يغير الله من حالٍ إلى حال، ويصلح النفس والزوج والعيال.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :

كنتُ أدعو أمّي إِلى الإِسلام ، وهي مشركة ، فدعوتُها يوما ، فأَسَمَّعَتْني في رسول الله صل الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيتُ رسولَ الله صل الله عليه وسلم وأنا أبكي،

فقلتُ : يا رسول الله ، إِني كنت أدعو أمي إِلى الإِسلام ، فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله تعالى أن يهدي أم أبي هريرة .

فقال رسول الله صل الله عليه وسلم :


( اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة )، فخرجتُ مُستبشرا بدعوة النبي، فلما جئت فصرتُ إِلى الباب وقَرُبْتُ منه، فإِذا هو مُجاف، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَميَّ،

فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعتُ خَضْخَضة الماء، فاغْتَسَلتْ ولبسَتْ درعها، وعجِلَتْ عن خمارها، ففتحت الباب،

ثم قالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إِله إِلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،

قال : فرجعتُ إِلى رسول الله صل الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح،

فقلت: يا رسول الله، أبشر فقد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وقال خيرا، قال:

فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يُحبِّبَنِي أنا وأمي إِلى عباده المؤمنين، ويحببهم إِلينا،

فقال رسولُ الله صل الله عليه وسلم:

( اللهم حبّبْ عُبيدك هذا - يعني أبا هريرة- وأمه إِلى عبادك المؤمنين ، وحبّبْ إِليهما المؤمنين )(1) .
فما خَلْق من مؤمن يسمع بي ، ولا يراني إِلا أحبّنِي . أخرجه مسلم.

بل بالدعاء يهدي الله تعالى الفئام من الناس ولو كثروا.

روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الطُّفَيلُ بن عَمْرو الدَّوْسي إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ،

فقال : إنَّ دَوْسا قد هَلَكَتْ ، عَصَتْ وأبَتْ، فادْعُ الله عليهم، فَظَنَّ الناسُ أنه يدعو عليهم،
فقال : ( اللهمَّ اهْدِ دَوْسا ، وائْتِ بهم ) .

جاء في رواية جاء في المدينة ثمانين بيتاً من بيوت الدوسيين.

فتأملي – أختي رعاك الله – كيف هو مفعول الدعاء الصادق بهداية من نحب من الآباء والأمهات والأزواج والزوجات والأبناء والبنات،

فما على المحب الصادق إلا أن يجتهد في الدعاء لله تعالى بأن يهدي من يحب.
والله تعالى يقول في الحديث القدسي الطويل :

( يا عبادي، كُلُّكم ضالّ إلا مَنْ هَدَيتُه ، فاسْتَهدُوني أهْدِكم ) رواه مسلم .

فاجتهدي في الدعاء الصادق من قلبك بصلاح حال الأسرة : الزوج، والأولاد،

وقولي كما قال إبراهيم عليه السلام : ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ) [إبراهيم:40] .

وقولي :( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) [الأحقاف:15].

وقولي : (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) [آل عمران:38] .

واعملي بوصية النبي صل الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنه عندما قال لها :

( ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) .

فما ظنّك إن أصلح الله لكِ شأنك كله؟! .
فستنْعَمِينَ بحياةٍ أسريةٍ هنيئةٍ طيبةٍ مع زوجك وأولادك وجيرانك.

(1) وأشهد الله على حبّ أبي هريرة وأمّ أبي هريرة وسائر صحابة الرسول صل الله عليه وسلم .
 
النصيحة السادسة عشرة

كل يوم جديد كوني زوجة جديدة


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل لرسولِ الله صل الله عليه وسلم :

( أيُّ النساءِ خَيْر ؟ قال : التي تَسُرُّه إِذا نَظَرَ، وتطيعُه إِذا أَمَرَ، ولا تخالِفُهُ في نفسها، ولا مالها بما يَكرهُ). أخرجه النسائي.

فكذلك كوني مع زوجك في كلّ يوم، وأدخلي السرور إلى قلبه كلما نظر إليك،

وقد منحك الشارع الفرص للعناية بنفسك قبل قدوم الزوج إليك في صورٍ عدة منها:

نهيه صل الله عليه وسلم عن طرْقِ الأهل بالدخول ليلاً بعد غيبةٍ وسفرٍ من غير خبرٍ عن قدومه .

واستحب العلماء استئذان الرجل في دخوله على زوجته بالسلام أو النحنحة أو تحريك الباب أو تحريك النعل ،
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَرِّكَ نَعْلَهُ فِي اسْتِئْذَانِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ حَتَّى إلَى بَيْتِهِ .

وَقَالَ رَحِمَهُ الله : إذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ يَتَنَحْنَحُ .

وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَى أَهْلِهِ أَعْنِي زَوْجَتَهُ ؟
قَالَ: مَا أَكْرَهُ ذَاكَ إنْ اسْتَأْذَنَ مَا يَضُرُّهُ ،

قُلْت : زَوْجَتُهُ وَهُوَ يَرَاهَا فِي جَمِيعِ حَالَاتِهَا ، فَسَكَتَ عَنِّي فاسْتَحَبَّ الإمِامُ النَّحْنَحَةَ أَوْ تَحْرِيكَ النَّعْلِ لِئَلَّا يَرَاهَا عَلَى حَالَةٍ لَا تُعْجِبُهَا وَلَا تُعْجِبُهُ (1).

كلّ ذلك من أجل تدوم بين الأزواج المحبة، ولا يراك الزوج على صورة تكرهها نفسُه، وخاصة عند قدومه من سفر، أو على فراشه، ونحو ذلك.

وقد قيل: إذا كانت المرأة حسناء، خيرة الأخلاق، سوداء الحدقة والشعر، لبيرة العين، بيضاء اللون، محبةً لزوجها، قاصرة الطرف عليه، فهي على صورة الحور العين؛

فإن الله تعالى وصف نساء أهل الجنة بهذه الصفة في قوله ( خَيْرَاتٍ حِسَان )
أراد بالخيرات حسنات الأخلاق،

وفي قوله:( قَاصِرات الطّرْفِ) ( وفي قوله ) عُرُباً أتْرَاباً (العَرُوبِ : هي العاشقة لزوجها المشتهية للوقاع، وبه تتم اللذة، والحَوَرُ: البياض،

والحوراء: شديدة بياض العين شديدة سوادها في سواد الشعر، والعيناء الواسعة العين(1).
والأنفس جُبِلت على الملل في الدنيا ولو كانت في نعيم!،

والملل لا يكون إلا من عدم التجدد والتغير، فلا يدخل المللُ إلى قلبِ زوجِك منك بالمداومة على هيئة معينة، أو لباس معيّن، أو طعامٍ معين، بل نوّعِي في ذلك كلِّه بحسب الاستطاعة.

وإذا رأيتِ أنه يحب من لباسك أو طعامك أو تصرفاتك أمراً فلا تكثري منه، حتى لا يملُّه، فربما تعجزي عن معرفةِ ما يُحب فيما بعد، وإنما اجعليه على مراحل وفترات،

فإن هذا يقربه أكثر، ويجعل القلب ينشط في محبتك أكثر من ذي قبل.

فمن سوء التصرف أن ترى المرأة زوجها يحب لباساً ما، فتصبح وتمسي به أياماً حتى يكرهه.

أو تراه يتلذذ بطعامٍ معينٍ فتقدمه له في كلّ لحظة حتى تعافه نفسُه.

أو تراه يحب منها تصرفاً ما، فتكرره عليه في كلّ إقبالٍ وإدبارٍ حتى يمقتها بسببه.

وسبيل العقل ادِّخارُ محبوبات الزوج وتظهرها فيما بعد بين فترة وأخرى حتى يكون بين : فرحة الأنس بها إن حضرت، وشوق الرؤية لها إن غابت.

وكلما كان تجدُّدِكِ له باليسير فهو أولى من تكلفك بطلب كبير القيمة،

فإنّ بعض النساء من فسادِ عقلها تظنّ أن من التجدد :

شراء الملابس في كلّ حين، حتى تتكدس خزانة البيت من الثياب.

أو رميُ أثاثٍ وشراء آخر في العام أكثر من مرة بدعوى تجديد البيت.
أو الإسراف في الطعام والشراب.

فإن هذا كله من التبذير، ومن موجبات سخط الرحمن قبل سخط الخلان، فالقمر هو هو في كلّ شهر مع

ذلك يتجدد في ظهوره بعد غيابه، ولا يزال محط إعجاب الناظرين وأنسهم ومضرب أمثالهم، فكوني كالقمر.

(1) ينظر في "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1 / 479) .

(1) "إحياء علوم الدين" ( 1 / 392) .
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top