عشرون نصيحة لأختي قبل زواجها

جعل الله لك هذا العمل في موازين حسناتك
افدتنا بارك الله فيك
 
ااااااااااااااامين

و فيك بارك الله

شكراااا
 
النصيحة السابعة عشرة

أقرب طريق إلى قلب الرجل : سمعه وبصره



وهذا من جنس النصيحة السابقة، ولكن لما كان قضاة الحكم على الناس : هما السمع والبصر،

أفردت العناية بهما بنصيحة، فبهما يحكم على الناس، وعن طريقهما تقاس الأذواق والعقول، فلا يسمع

منك زوجك إلا كلَّ كلام جميل، ولا يرى منك إلا كلَّ مظهرٍ نبيل.

فاحذري أن يسمع منك أو عنك ما يسوءه ويكرهه.

أما منكِ؛ فعودي نفسك على انتقاء ألفاظ كلامك معه، وخاصة عند النداء والطلب، فليس من الذوق الرفيع،

والأدب المنيع أن تناديه باسمه مجرداً،

أو ببعض العبارات السوقية كقول : يا ولد، أو يا رجل، أو يا هيه، أو أنت، ونحو ذلك، من كلّ اسمٍ ولقبٍ يكرهه أو لا يليق أن يسمعه منك.

وكذلك في سائر كلامك معه،

وقد قالت أم الغادية للرسول صل الله عليه وسلم : أوْصِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ،

فقَالَ : ( إِيَّاكِ وَمَا يَسُوءُ الأُذُنَ ) رواه الإمام أحمد .

فعليك في كلامك معه التزام آداب الكلام عامة، وذكرها لا يتسع له هذا المقام، وكذا آداب الكلام معه خاصة ومن ذلك :

[ 1 ]
لا تهملي السلام عليه عند لقائه،

فالسلام من دين الله تعالى، ولئن كان السلام يحبب قلوب عامة الناس بعضها لبعض فهو بين الزوجين أكثر وأقوى،

قال النبي صل الله عليه وسلم :


( لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )

رواه مسلم.

[ 2 ]
بادريه بعد رد السلام عليه بالترحيب بـ :

مرحبا وأهلاً(1)، أو أهلاً وسهلاً(2)، أو حياك الله، أو حياك وبيّاك(3)، فإن هذا من الأدب النبوي الرفيع وقد ورد في ذلك أحاديث عدة،

وفي حديث حال المسلمين في الجنة وزيارتهم لله تعالى،

وعودتهم إلى زوجاتهم جاء فيه : ( ثم ننصرف إلى منازلنا، فتتلقانا أزواجنا، فيَقُلْنَ : مَرْحبا وأهلا ) رواه الترمذي.

[ 3 ]
واسيه بذكر محاسنه، فإنّ هذا مما يشد عزيمته، ويقوي بأسه،
ولهذا لما جاء النبي صل الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها بعد نزول أول الوحي عليه، وخوفه على نفسه،

قالت له :

( كلا ، أبشر ، فوالله لا يُخزيك الله أبدا ، إنك لتَصِلُ الرحم، وتَصْدُق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق ) .

[ 4 ] من جميل الكلام عبارات الحب والوئام،

فلا تسأمي أن تعترفي له بين حين وآخر بحبك له، وتعلقكِ به، وخوفك عليه، فإنّ هذا مما يزيد محبتك في قلبه.

[ 5 ]
ولا ترفعي صوتك كمنازع الأصم، ولا تخفضيه كباعث السر،

وإنما تكلمي معه بصوت يُسمعُهُ ولا يُزعجُه، فإنَّ رَفعَ الصوتِ بريدُ الموت!، وفساد العشرة، وخفاء الكلام سببٌ لسوء الأفهام و ورود الأوهام.

[ 6 ]
وإياك وكلاماً تعتذرين منه!،

وهذه وصية النبي صل الله عليه وسلم، عندما قال لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه :

( إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ ولا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا وَاجْمَعْ الْإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيْ النَّاسِ )،
وهذا يدعوكِ إلى أن لا تلقي الكلام مع زوجك جزافاً حتى تتفحصيه أشد التفحص،

فإن نزغات الشيطان بين الأزواج قد تكون شرارتها : كلمة لم يحسب لها بين الطرفين حساب، وفي مثل هذه المواطن إبليس أشد حرصاً، وأكثر حضوراً.

روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : قال : سمعتُ رسولَ الله صل الله عليه وسلم:

( إن عَرْشَ إِبليس على البحر ، فَيَبعثُ سراياه، فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ ، فأعظمهم عنده : أعظمهم فتنة، يجيء أحدُهم ،

فيقول : فعلت كذا وكذا ،

فيقول : ما صَنَعتَ شيئا ، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فَرَّقتُ بينه وبين امرأته، فَيُدنِيهِ منه ،
ويلتزمه ، ويقول : نِعمَ أنت) .

أما عنكِ؛ فإياك أن تكوني حلقة في سلسلة نقل فريةٍ تخرق الآفاق، أو نميمةٍ تسبب الافتراق، فما أقبح أن تنتشر مقالة السوء، فيبحث الناس عن إسنادها، فيقولون : قالته فلانة!.

فإياك ونقل الحديث، وقيل وقال، ومجالس تتبع العورات، وقد ثبت في السنة الصحيحة عن النبي صل الله عليه وسلم تحذيره من النميمة، وقيل وقال.

روى البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان صل الله عليه وسلم قال : سمعتُ النبيَّ صل الله عليه وسلم يقول:

( لا يدخل الجنة قَتَّات ) .

وعندهما أيضاً من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كتب إلى معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم :

( كان ينهى عن قيِلَ وقالَ ، وإضاعَةِ المال ، وكثرةِ السؤال ).
فربما – يا أختاه – دخلتِ في مجمتعٍ نسائيٍ من أخوات زوجك، وزوجات إخوانه، وأقاربه وجيرانه، فعليك بنفسك،

وإياكِ أن تشتعل نارُ مشكلةٍ عائليةٍ وسببها مقالةٌ قلتيها أو نقلتيها،

ولا يستخفنك مجالس ناقصات العقول، وسمرات ربّات هطل الكلام، فتتكلمي بكلمةٍ تفرح بها حمالةُ حطب السيئات، وتطير بها النافثة في عقد القلوب الصافيات،

فربّ كلمة قالت لصاحبها دعني، فالحذر الحذر قبل أن لا ينفع الندم.


(1) معنى ( مرحبا وأهلاً ) ، أي تلقى عندنا المكان الرحب، وتجدنا لك أهلا تأنس بهم.

(2) معنى ( سهلاً ) أي هيناً سمحاً تجد فيه راحتك.

(3) ( حياك ) أي احتفى بك، و( بياك ) أي بوأك مكاناً عنده ومكانة.
 
النصيحة الثامنة عشرة

كيف تتصرفين في حال غضبه ؟


لا غرابة أن يحدث منكِ أو في بيتكِ ما يُغضب الزوج، ولكن الجدير بكِ معرفة الطريق الأسلم للتخفيف من غضبه، فكم من مشكلة بدأت يسيرة، يشتعل بسببها غضبُ الزوج،

فتزيد الزوجة نار الغضب إضراماً حتى تنتهي المشكلة بما لا يُحْمد من فراقٍ وطلاق.

وقد شهدتُ عند شيخي الإمام العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله في مجالسه من الفصل في قضايا طلاقٍ سببها يضحك ويبكي في آنٍ واحد.

أما الضحك فمن تفاهة سبب المشكلة، وأما البكاء فمن ألم ما أرى من ندم الزوج وحسرته بل ربما بكائه
عندما يتحقق من بينونة زوجته منه، وتحقق طلاقها منه.

والسبب مشكلة يسيرة، لو وافقت من الاثنين عقلاً راجحاً، وتصرفاً حكيماً، لما آلت النتيجة إلى هذا الحد.

فعليك بأمورٍ لا ينبغي أن تفارق ذهنكِ عند غضبه :

الأول :
املكي نفسكِ عند ذلك ولا تقابلي الغضب بالغضب، ومهما تكلم أو فعل حال غضبه، فأنتِ الأقوى والأشد إن ملكتِ نفسك عن ثورة الغضب،

وذلك لما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبيُّ صل الله عليه وسلم :

( ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ ، إِنَّما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب ) .

والثاني :
الغضب قد يكون من الشيطان ومكره، فإن استطعتِ أن تلقنيه بلطفٍ التعوذ من الشيطان فحسنٌ.

وذلك لما روى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال :
اسْتَبَّ رجلان عند النبيِّ صل الله عليه وسلم ، ونحن عنده ، فبينما أحدهما يَسُب صاحبه مغضَبا قد احمرَّ وجهُه ،

قال رسولُ الله صل الله عليه وسلم :


( إِني لأعلمُ كلمة لو قَالها لذهبَ عنه الذي يجد، لو قال : أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم ) .
والثالث : إن تيسر لكِ أن تغيّري من حاله بجلوس بعد قيام، أو اضطجاع بعد جلوس، أو انتقالٍ من مكانٍ إلى مكان،

فهو تصرفٌ حسن،

طاردٌ للغضب كما قال النبي صل الله عليه وسلم :

( إِذا غضب أحدُكم وهو قائم فلْيجلسْ فإن ذهب عنه الغضب ، وإِلا فليضطجع ) أخرجه أبو داود.

وإن تمكنتِ بلطفٍ أن تطلبي منه أن يتوضأ أو يشرب بعض الماء فحسن لقول النبي صل الله عليه وسلم :

( إِن الغضبَ مِن الشيطان ، وإِن الشيطان خُلق من النار ، وإِنما تُطفأ النارُ بالماء، فإِذا غَضِبَ أحدُكم فليتوضأ )

أخرجه أبو داود.

والرابع : بادريه بالعذر عن نفسكِ إن كان الخطأ منك، ولا تتأخري في الاعتراف بالخطأ والاعتذار له، فإن هذا يعجّل بإطفاء نار الفتنة أول توقدها.

والخامس :
إذا طال غضبه، فأظهري له من نفسكِ ما تعلمين أنه يحبه من خدمةٍ ولباس، فإنّ بعض النساء وإن لم تقابل غضب الزوج بالكلام إلا إنها تقابله بسوء العشرة، وفساد الخدمة،

ولسان الحال أحياناً أشد ضرراً من لسان المقال، بل لسان المقال قد يكون واضح المراد، بينما لسان الحال قد يجعل الشيطان يلعب بأفكار زوجك،

فيحسِبُ لكل تصرفٍ منكِ حساباً سلبياً يحمله على قصد معارضته وعدم اعتباره، فكوني حذرة من هذه المداخل.

والسادس
: إنْ رأيتِ أنَّ وقوفك أمامه يزيد من إثارة غضبه، أو خشيتِ أن تتصرفي أو تتكلمي بما لا يليق،
فانصرفي من أمامه.
أما إن كان هذا يزيد من إثارة غضبه، ويرى أن انصرافكِ استخفافٌ به، فلا تغادريه حتى ينتهي من كلامه.

وإن احتاج الأمر إلى أن تتكلمي فتكلمي بأدبٍ ولطفٍ، وجمّلي كلامك بعبارات تخفّف من الغضب، وتطفئ

اللهب، كقولكِ : حفظك الله، الله يرعاك، حفظك الله لي، أبقاك الله لي، يا حبيبي ونحوه مما يليق بالعاقلة قوله.

فإن استخف الشيطان عقله، وتسلّط على لسانه، وتكلم بكلامٍ خارجٍ عن ميدان الأدب من سب وشتم ونحوه،

فلا تقابليه بالمثل، وإنما عليك مقابلته بكظيم الغيظ

كما قال تعالى :(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِي)

(آل عمران:134).

ومقابلتك له بذلك فيها من الفوائد العائدة لك الشيء الكثير، ومنها :
الفوز بتأييد جنود الرحمن :

كما ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه لما قال له رجلٌ: يا رسولَ الله، إِن لي قرابة، أصلِهُم ويقطعونني،

وأُحْسِن إِليهم ويُسيئُون إِليَّ، وأحلُم عنهم، ويجهلون عليَّ،

فقال له النبي صل الله عليه وسلم :

( لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهُم الملَّ، ولن يزال معك من الله ظهير عليهم ما دُمتَ على ذلك )أخرجه مسلم.

ومنها : أن التزامك الأدب، وصيانة اللسان من الوقوع في ساقط الكلام انتصارٌ لك بالسلامة من كلّ ما يخدش سمعك قبل سمعه، ويحدوك في ذلك قول الشاعر :

يخاطبني السفيه بكلّ قبحٍ

فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلماً
كعودٍ زاده الإحراق طيبا

قال أبو الوفاء بن عقيل :

( أمّا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَالْحَسَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْقَبِيحِ لِيَزُولَ الشَّرُّ فَلَيْسَ بِمُنَافِقٍ لَكِنَّهُ يَسْتَصْلِحُ أَلَا تَسْمَعُ إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
فَهَذَا اكْتِسَابُ اسْتِمَالَةٍ ، وَدَفْعُ عَدَاوَةٍ ، وَإِطْفَاءٌ لِنِيرَانِ الْحَقَائِدِ ، وَاسْتِنْمَاءُ الْوُدِّ وَإِصْلَاحُ الْعَقَائِدِ، فَهَذَا طِبُّ الْمَوَدَّاتِ وَاكْتِسَابُ الرِّجَالِ )(1) .
فعليك بالحلم في مثل هذه المواطن فإن عوائده عظيمة.
قال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" : ( قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه :
إنَّمَا يُعْرَفُ الْحِلْمُ سَاعَةَ الْغَضَب، وَكَانَ يَقُول : أَوَّلُ الْغَضَبِ جُنُون وَآخِره نَدَم.
وَلَا يُقَوَّمُ الْغَضَب بِذُلِّ الِاعْتِذَار وَرُبَّمَا كَانَ الْعَطَب فِي الْغَضَب.
وَقِيلَ لِلشَّعْبِيِّ لِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ السَّرِيعُ الْغَضَب سَرِيع الْفَيْئَة وَيَكُونُ بَطِيءُ الْغَضَب بَطِيءَ الْفَيْئَة؟،
قَالَ : لِأَنَّ الْغَضَب كَالنَّارِ فَأَسْرَعُهَا وُقُودًا أَسْرَعُهَا خُمُودًا)(1) .
ومن فوائد التزامك الأدب حال غضبه : اعترافه لك بالفضل وحسن الأدب بعد ذهاب إعصار غضبه.
وفي الجملة كلما قابلتِ نار الغضب بماء الحكمة كان أدوم لحياة أسرية سعيدة.

(1) نقله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" ( 1/75) .

(1) المصدر السابق (1/259) .
 
النصيحة التاسعة عشرة

المشكلة ليست عيبا، ولكن العيب في كيفية التعامل معها

لا يوجد بيتٌ زوجي يخلو من مشكلة، بل ليس يخلو المرء في حياتِهِ من ضدٍّ يخالفه في شيءٍ من الأشياء،

كما قال ابن الوردي في لاميته :

ليس يخلو المرء من ضدٍّ ولو

ابتغى العزلة في رأس الجبل

فلا غرابة أن تحصل في البيت الزوجي بعض المشاكل والخلافات الأسرية،

ولو سَلِمَ منها بيتٌ لسَلِم منها بيتُ النبي صل الله عليه وسلم وقد حدث فيه أكثر من مشكلة بين النبي صل

الله عليه وسلم وأزواجه،

تسببت في تخيير الله تعالى له في طلاق أزواجه، وهجرهن شهراً كاملاً، وغير ذلك.
فحصول المشكلة ليست مشكلة!،

ولكن الإشكال في طرق علاج الإشكال، وعليه فإني أوصيكِ بوصايا عند حلول أي مشكلة لعل فيها دلالة لكِ وله إلى أبواب حلّها، ومن ذلك :

الأولى :
المشكلة عاصفة، وعند العواصف لا يهتدي المرء إلى الطريق، فمن الخطأ البحث عن حلِّ

المشاكل وأنتم في داخلها!، ومن الخطأ أن ينَظِّفَ من وقع في الوحلِ ثيابه ورجله في الطين!.

فأفضل خطوات حلّ المشكلة الخروج من عاصفتها بتغيير الزمان أو المكان، وتأخير البحث عن حلها في حينها.
ولهذا كم من قرارٍ من أحد الزوجين اتخذه أثناء المشكلة ثم ندم بعد ذلك، وقد لا ينفع الندم حينئذ.

الثانية : يُحرم شرعاً خروجك من البيت، وإخراجه لك منه أشد جرماً،

والله تعالى يقول في كتابه : (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً)
(الطلاق: من الآية1).

فخروجكِ من البيت كما أنه من المحرمات شرعاً كذلك يزيد المشكلة تعقيداً، فلا تعمدي إلى ما يعمد إليه الكثير من النساء ما إن تحدث مشكلة بينها وبين زوجها إلا وقالت له :

اذهب بي إلى أهلي، أو اتصلت بهم وطلبت أخذها من البيت، وهذا كلّه شرعاً لا يجوز، فلم تحدث منك فاحشة أخلاقية تقتضي أن تُطردي أو تخرجي هاربة من بيتك!،

بل عليك البقاء، ومحاولة حلّ المشكلة بشتى الطرق المناسبة.
الثالثة : اتهام الذات، والتفتيش عن مواطن الخلل من أهم المهمات في حلّ المشاكل، وذلك كي لا تخاصمي بالباطل،

وتطلبي ما ليس لك بحق،

فجولي بفكرك في سبب المشكلة : هل حصل منك خطأ أم لا ؟ .

فإنّك بمقدار معرفتك بخطئك في المشكلة يكون قدر طلبك في إنهائها، وحرصك على السلم والتصالح.
أما إن ظننتِ أن الصواب كلّه معكِ، وهو كذلك ظنّ أن الصواب كلّه معه،

فليس بينكما من القاسم المشترك ما يدعو إلى السلم والمصالحة، ولكن عندما يعترف كلٌ منكما بما

أخطأ فيه، تتقلص المشكلة، ويقلّ حجمها، وتضيق دائرتها، فيسهل حلها عندئذٍ.

الرابعة :
( ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً ) قاله نبينا محمد صل الله عليه وسلم،

وحق العشرة الزوجية يدعوك إلى ذلك، فلا ينقصك أن يسبق عفوك عقابك واعتراضك، فإن هذا يحسم مادة المشكلة ابتداء، وقد سبق الإشارة إلى مثل ذلك.

الخامسة :
من شأن العقلاء : التنازل عن بعض الحقوق لمراعاة مصلحة عظمى، فلا يضرك أن

تتنازلي عن بعض حقك - ولو كان ثقيلاً عليك - من أجل حفظ الأسرة، وبقاء بيت الزوجية.


السادسة :
إياك والبحث عن ثالثٍ يدخل بينكما، وقد تقدم نحو هذا الكلام، فإذا حدثت المشكلة فلا تتسرعي بإخبار أحدٍ عنها حتى تقدمي سائر المحاولات لحلها،

وكم من مشكلة بين الزوجين زادت تعقيداً لتعدد الأطراف فيها، فقد كانت في الأصل بين اثنين والآراء فيها كذلك مقسومة على رائيين،

فكيف لو تعددت الآراء، وتقاطعت الخطوط، وتشعبت الطرق، فإنها تعظم عند ذلك وتتفاقم،

بل ربما يرغب كلٌّ منكما في إصلاح الأمر ولكن لا يستطيع، بل – وهو الأدهى والأمر – ربما يكون الزوجان هما ضحية تصفية حسابات، ونهاية نزاعات بين عائلةٍ وأخرى.

وقد وقفتُ على مثل هذا في قضايا أسرية عديدة، والزوجان يتمنيان الخروج من شراكها، والانفراد بحلها بعيداً عن تدخل كلّ أحد.

وتأملي قول الله تعالى :


(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً)
(النساء:35)،

وكيف أنّ تدخلَ الحكمِ بين الطرفين إنما جاء عند شدة الشقاق بين الزوجين.

فلا تخرج المشكلة من البيت إلى أحدٍ مهما كانت منزلته وعقله، سواء كان الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت،
ولا تعطلي عقلك عن معرفة التعامل مع المشاكل كيفما كان حجمها،

فمن الزوجات من هي ضعيفة الرأي، هزيلة الشكيمة، تعيش حياتها مع زوجها وكلّ اعتمادها في قراراتها وحلّ مشاكلها على الغير، وهذا من أقبح صفات المرأة.

السابعة :
تحفَّظي عند كلامك معه من ثورات الغضب من رفع الصوت، وطيش اليد، ونحو ذلك مما لا يليق بالعقلاء .

الثامنة :
إذا زاد تأجج المشكلة، ورأيتِ أن مداها قد يمتد، فابحثي عن أقرب الناس إلى جادة الدين والعقل،


وإياكِ وأقرب الناس إلى عاطفتك!،

فالأول سوف يشير عليك بمنظار الدين والعقل، ويقضى لك أو عليك بكل إنصاف، أما صاحب العاطفة فلن يخرج عن مشربك ومذهبك، وسيشاركك الحكم في القضية،

بل ربما حمل معك من الحنق والغيظ على الزوج، فتزيد المشكلة بذلك طرفاً ثالثاً، وتزداد تعقيداً، ولهذا كان أقرب الناس إلى عاطفة الزوجات هنّ الأمهات،

ومع ذلك لا يدخل غالب الأمهات بخير في قضايا بناتهن لأنهنّ يدخلنّ بداعي العاطفة لا بداعي الدين والعقل، فتكون الأم نسخة أخرى من بنتها.

فعليه: إن احتجتِ إلى رأيٍّ رشيدٍ يدلّكِ ويهديك في مشكلةٍ من المشاكل بعدَ بذل وسعك في حلِّها،
فابحثي عن صاحب الدين والعقل،

واصدقي معه في تصوير المشكلة لكي يوافق رأيه المحل، وينفع العلاج في المرض،

وذلك لأن بعض المسترشدات تصوّر مشكلتها مع زوجها بتصويرٍ يخالف الواقع، فيسدي لها العاقل

النصيحة والتصرف الأسلم، ثم تعمل به فلا ترى نفعاً لنصيحته بل ربما يتسبب ذلك في إحداث مشكلة أخرى!،
وما حالها إلا كحال مريض يصف للطبيب ألماً في موطن وهو يُحس به في موطن آخر، فيصرف له دواءً لا يخفف ألمه، بل ربما أحدث ألماً غيره.

فقولي الحق ولو كان عليك، ليتمكن المرشد لك والناصح من البحث عن الحل الأسلم للمشكلة.
التاسعة : المحكمة الزوجية!،

هكذا يروق لي تسميتها، وقد جرّبها غير واحدٍ من العقلاء والعاقلات فحصدت ثماراً طيبة في حل المشاكل، فإذا وقع إشكالٌ بينك وبين زوجك فاطلبي منه بلطفٍ أن يُعقد مجلسٌ أسري خاص في البيت أو في غيره،

وتناقش المشكلة بكلِّ أريحيةٍ وهدوء، مع سلوك طريقة النظام في إدلاء الحجة والسماع لاعتراض المعارض بكلِّ أدب.

وقد حصل من بعض الفضلاء أن تعددت المشاكل بينه وبين زوجته،

فقال لها : خذي ورقة وقلماً، وأنا كذلك، ثم يكتب كل واحدٍ ما ينتقده وما يريده، ثم نطرح ذلك كله، فما

توصلنا فيه إلى حلّ فالحمد لله، وما لم نتوصل فيه إلى حلٍّ فنؤخره إلى أن يشاء الله تسهيل حلّه،

قال : فحصل ذلك بعد مجلس عشاءٍ أسري ، فكانت النتيجة إيجابية لمدة طويلة والحمد لله.

فالمقصود : أن نضج العقل، وعظم ثقافة الزوجين، وسلامة أخلاقهما، كلّ ذلك يدعوهما إلى سلوك طريقةٍ حُكْمِيِّةٍ حَكِيْمَةٍ يجتمعان فيها،

ويتباحثان أطراف المشكلة من حيث الأسباب، وإيجاد الحلول.

فإذا كانت كبريات الدول بما عندها من أسلحة الدمار وموجبات العدوان تعقد مثل هذه المحاكم،
وتجني الثمار الطيبة على شعوبها،

فكيف بأسرة صغيرة ترعى تحت كنفها أطفالاً هم بأشد الحاجة لقطبي الأسرة : الأب والأم ؟! .

العاشرة : وتقدم جنسها، عليك بالدعاء في صلاح ما بينك وبين زوجك، وعقد القلب على إرادة الإصلاح، والنصح له،

فإن هذه المقدمات إذا كانت حاضرة عند أي مشكلة فإن التصرف فيها يكون أكثر سلامة واستقامة.
فهذه عشر وصايا لتكن منك على البال في جميع الأحوال، وأسأل الله أن يبعد عنك كلّ إشكال، وأن يصلح لك زوجك، ويصلحه لك.
 
النصيحة العشرون
سماكِ الله : سكنًا ولباسًا




سماكِ الله : سكنًا ولباسًا




قال الله تعالى :(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) .

وقال تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ )الآية (البقرة:187) .

وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأعراف:189).

وتأملي هذه المعاني السامية من كون الرجل لباس لزوجته، وهي كذلك، فكل منكما للآخر يقوم مقام اللباس :

من حيث الستر، فكلٌ منكما ستر على الآخر فلا يرى الناس ما تحته إلى عورته.

ومن حيث النظافة، فالمرأة لباس للرجل يحبها دوماً نظيفة جميلة، وكذلك الرجل لباس لامرأته تحبه دائماً نظيفاً جميلاً .

ومن حيث القرب، فما لصق بجسم الإنسان مثل لباسه، فكذلك كوني قريبة من زوجك دائماً.

ومن حيث الاختصاص، فلباس المرء خاص به، وأنتِ كذلك خاصة به.

قال الرازي في "تفسيره" لهذه الآية : ( قد ذكرنا في تشبيه الزوجين باللباس وجوها :

أحدها
: أنه لما كان الرجل والمرأة يعتنقان ، فيضم كل واحد منهما جسمه إلى جسم صاحبه حتى يصير
كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه ، سمي كل واحد منهما لباساً ،

قال الربيع: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن ،

وقال ابن زيد : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ، يريد أن كل واحد منهما يستر صاحبه عند الجماع عن أبصار الناس.

وثانيها :
إنما سمي الزوجان لباساً ليستر كل واحد منهما صاحبه عما لا يحل ،
كما جاء في الخبر : ( من تزوج فقد أحرز ثلثي دينه )(1) .

وثالثها :
أنه تعالى جعلها لباساً للرجل ، من حيث إنه يخصها بنفسه ، كما يخص لباسه بنفسه ، ويراها أهلاً لأن يلاقي كل بدنه كل بدنها كما يعمله في اللباس.

ورابعها :
يحتمل أن يكون المراد ستره بها عن جميع المفاسد التي تقع في البيت ، لو لم تكن المرأة

حاضرة ، كما يستتر الإنسان بلباسه عن الحر والبرد وكثير من المضار .. ) إلى آخر كلام الرازي.

وكذلك أنتِ سكن زوجك، يأوي إليك، ويعيش تحت كنفك، ويطلب الراحة عندك، ويبث أسراره فيك،
ويلقي حمل تعبه عند عتبات بابك،

فلا تخالفي معنى السكون معه، ولا يكون هذا البيت سبب نكده وملله.

فكم من زوجٍ ملّ بيته بسبب فساد أخلاق زوجته؟!.

وكم من زوجٍ حُبِّبَ إليه السهر خارج بيته لمّا حُرِمَ من سكن الزوجة وقوة داعيها ؟!.

فكوني له السكن، وحقق معنى المودة والرحمة المطلوبة منك تجاهه، كما هي مطلوبة منه تجاهك.

(1) أخرجه أبو يعلى (4/37 ، رقم 2041) .
 
انتهت النقاط

واترك باب المناقشة للأخوات لتعم الفائدة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top