السلام عليكم
عدتُ و أحببتُ أن أضع أول مشاركة لي هنا بمقتطف طويل نوعا ما ^^
أعذروني فكلما أقرأه تسبقني دموعي , أثرَّ فيَّ كثيرا هذا المقتطف :
...
فأجابني : لقد نِمتَ ساعة يا بني.لقد أحضروا إليك إبنتك , وهي هناك في الحجرة المجاورة , إنها تنتظرك. لم أشأ أن يوقظوك من نومك.
فصرخت: - آه إبنتي؟ فليجلبوا بي إبنتي!
إنها نضرة , إنها وردية , لها عينان كبيرتان , إنها جميلة !
لقد ألبسوها فستاناً قصيراً يلائمها تماما.
أخذتها و حملتها بين ذراعي , ثم أجلستها على ركبتي , و طبعت قبلةً على شعرها.
لماذا أمها ليست معها ؟ - أمها مريضة , و كذلك جدتها. هذا جيد.
كانت تنظر إليَّ ;والدهشة تبدو على وجهها. وبينما أخذت أداعبها , و أضمّها , و ألتهمها بالقبلات , كانت تتركني أفعل كل ذلك , و لكنها كانت بين الفينة والأخرى تلقي نظرة قلقة على خادمتها , التي كانت تبكي في الزاوية.
و أخيراً استطعت أن أتكلم.
قلت لها : "ماري "! يا صغيرتي "ماري" !
وكنت أضمها بعنف إلى صدري المليء بالدموع , فأرسلَت صيحة صغيرة .
قالت لي : -آه ! إنك تؤلمني , يا سيدي .
"يا سيدي ! " إنها لم ترني منذ عام , هذه الطفلة المسكينة . لقد نسيتني , نسيت الوجه و الكلام و اللهجة. ثم , من سيتعرف إليَّ وأنا بهذه اللحية و هذه الثياب , و هذا الشحوب ؟ ماذا ! أهكذا اندثرت سريعا من هذه الذاكرة , الذاكرة الوحيدة التي كنت أحبّ أن أعيش فيها ! ماذا! أنا لم أعد أبًا بمثل هذه السرعة ؟
أحكِم عليَّ بأن لا أسمع بعد الآن هذه الكلمة , من لغة الأطفال , والتي تبلغ من العذوبة حدّا لا يمكن أن تبقى معه في لغة الرجال : بابا !
ومع ذلك , فإن سماع هذه الكلمة من هذا الفم , لمرة واحدة , لمرة واحدة فقط , هو كل ما أتمنى أن أطلبه مقابل السنوات الأربعين التي ينتزعونها من عمري.
قلت لها وأنا أضمّ يديها الصغيرتين في يديَّ : - أصغي يا " ماري " . ألا تعرفين من أكون ؟
نظرت إليَّ بعينيها الجميلتين ثم أجابت قائلة :
- آه ! حقا لا !
فعدت أكرر القول : - أنظري إليَّ جيدًا. كيف هذا , ألا تعرفين من أكون ؟
فقالت لي: - بلى , أعرف . إنك سيّد.
يا للأسف! أن لا يحب امرؤ بقوة إلاّ كائناً واحداً في هذا العالم , أن يحبه بكل ما في قلبه من حب , وأن يراه أمامه , و هو يراك و ينظر إليك , و يكلمك و يجيبك , ولا يعرفك ! أنت لا تطلب التعزية إلاّ منه , و هو الشخص الوحيد الذي لا يعرف انك بحاجة لهذا العزاء منه لأنك ستموت !
واستأنفت حديثي معها قائلا: - ماري , هل لديك أب ؟
... يتبع
من كتاب اليوم الأخير في حياة محكوم عليه بالإعدام
لـ : فيكتور هوغو
الصفحة 228 - 230 - 232