Machkoura oukhaiati yaaa allah kitab azaman al9adim jaani hadya min jam3aia isslamia sa3oudia kan 3andi 14 sana ana tani 3jabni bazaf ou kount na9rah ou nabki mazal lahkaiat ta3 hada alkoutaib fi rasi
إن تَبق تُفجــع بالأحبـة كلهــم *** وفنــاء نفسِـك لا أبـالك أفجــع
------
سقطت على الأرض مغشياً عليها..
ليست المرة الأولى.. فهي تعاني من إرهاق نفسي متواصل منذ أن تزوجت قبل سنتين..
لقد أخبروها أنه رجل طيب.. وفيه خير..
تستطيعين التأثير عليه لكي يتدارك أمور دينه.. ويحافظ على الصلاة مع الجماعة..
وأنت يا بنيتي.. قد تزوجت أختك الصغرى قبلك.. وأعتقد أن هذا هو الأصلح لك..
وأصرت أمي على هذا الخاطب.. فهو ميسور الحال.. ومن عائلة معروفة.. ومركزه الوظيفي جيد..
مظاهر براقة لا تهمني..
فقد سألت عن الدين.. هذا ما يهمني.. أريد رجلاً صالحاً يعينني على الخير وعلى الطاعة.. إن أحبني أكرمني وإن كرهني سرحني سراحاً جميلاً. فما أكثر ما نسمع من تلك القصص المبكية من ظلم الأزواج ومشاكلهم مع زوجاتهم لقلة الخلق والدين.
كنت أحلم بمن يوقظني للصلاة في جوف الليل..
كنت أدعو الله في ظلام الليل ودموعي تتساقط أن يرزقني الرجل الذي يعينني على الطاعة وأعيش معه على مرضاة الله.. نسير سوياً متجهين إلى الله.. نقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الطيبين..
كنت أحلم بالرجل الذي يربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة..
كأنني أقف بالباب أرمقه هو وابني وهما ذاهبان إلى المسجد.. دعوت الله أن يتردد على مسامعي.. قول زوجي..
كم حفظت اليوم من القرآن..
وكم جزءٍ قرأت.. أحلم أنني أقف بطفلي أمام الكعبة وأدعو له.. سأنجب أكبر عدد من الأبناء طالما أن في ذلك أجر ..
وأنني سأخرج للدنيا من يوحد الله.. طالما حلمت الأحلام الكثيرة ولطالما متعت نفسي بتلك الأحلام.. الحمد لله على كل حال.. احتسبتُ الأجر وصبرت على زوجي.. في البداية كان ينهض للصلاة.و مع مرور الأيام بدأ يتثاقل.. ماذا تريدين.. الله غفور رحيم..
سأصلي..
الوقت مبكر..
هذا هو الرد السريع عندما أحثه على صلاة الجماعة حتى لا تفوته.. أحس أنه يتغير مع إلحاحي إلى الأفضل.. على الأقل هذه ما أتفاءل به..
كنت أخشى رفقاء السوء فقد حدثني عن بعضهم.. أصبحت أخشى عليه من تأثيرهم.. فكرت في طريقة قد تكون مجدية أكثر من نصحي له.
لماذا لا أعرفه على الشباب الصالح فقد يتأثر بهم..
زوج صديقتي شاب طبيب وملتزم وصالح إن شاء الله. أسرعت للهاتف.. رحبت صديقتي بالفكرة وشجعت زوجها.. أخبرته أن صديقتي ستأتي ومعها زوجها.. زارتني صديقتي هي وزوجها..
قلبي يرجف من الفرح.. عسى الله أن يلقي في قلبه حبه. كلما طال وقت الزيارة كلما زادت دقات قلبي..
• ودعت زميلتي عند الباب..
رجعت إليه بسرعة..
جلست أضغط على أصابعي بقوة.. انتظره يقول شيئاً.. نظرت في عينيه.
فقال.. لقد كان لطيفاً وذو خلق عالٍ.. ولكنه لم يبد حماساً للقائهم وللذهاب لهم كما وعدهم برد الزيارة.. حاولت بشتى الوسائل والسبل.. أن أعينه على المحافظة على الصلاة في المسجد.
الآن إلحاحي زاد بعد أن أنجبت منه ابناً.. أسهر الليالي الطويلة لوحدي..
هو يقهقه مع زملائه وأنا أبكي مع طفلي..
أكثرت من الدعاء له بالهداية..
قررت أن أصلي صلاة الليل في غرفتنا بجواره عسى أن يستيقظ قلبه.. أحياناً يستيقظ ويراني أصلي.. وفي النهار ألاحظ عليه أنه يتأثر من صلاتي وطولها..
مساء ذلك اليوم أخبرني أن أجهز له ثيابه.. سيسافر.. إلى المدينة الفلانية في رحلة عمل.. لا أعرف صدقه من غيره.. غالباً يسافر ولا يتصل بنا.. أحياناً أخرى يتصل ويترك رقم غرفته وهاتفه.. إذا اتصل عرفت أين هو.. لكن أحياناً كثيرة لا أعلم أين يذهب.. ولكني أحسن الظن بالمسلم إن شاء الله.
في مدة سفرته سأخصه بالدعاء.. في اليوم التالي لسفره.. اتصل بنا.. هذا رقم هاتفي.. الحمد لله.. اطمأننت أنه في المملكة..
انقطع صوته ثلاثة أيام. وفي اليوم الرابع..
أتى صوته.. لم أكد أعرفه،، صوت حزين.. ما بك.. سأعود الليلة إن شاء الله..
في تلك الليلة لم أنم من كثرة بكاءه.. ماذا جرى لك.. أخذ في البكاء كالطفل.. ثم تبعته في البكاء وأنا لا أعلم ماذا به.. وبعد فترة سادها الصمت الطويل.. أخذ ينظر إليّ.. والدموع تتساقط من عينيه..
مسح آخر دمعة ثم قال: سبحان الله زميلي في العمل..
• سافرنا سوياً لإنجاز بعض الأعمال.. ننام في غرفتين متجاورتين لا يفصلنا سوى جدار واحد.. تعشينا ذلك المساء.. وعلى المائدة.. تجاذبنا أطراف الحديث.. ضحكنا كثيراً.. لم يكن بنا حاجة للنوم.. تمشينا في أسواق المدينة.. لمدة ساعتين أرجلنا لم تقف عن المشي.. وأعيننا لم نغضها عن المحرمات.
ثم عدنا وافترقنا على أمل العودة في الصباح للعمل لإنهائه.
نمت نوماً جيداً.. صليت الفجر عند الساعة السابعة والنصف..
اتصلتُ عليه بالهاتف لأوقظه.. لا يرد.. كررت المحاولة.. لعله في دورة المياه.. شربت كوباً من الحليب كان قد وصل في الحال.. اتصلت مرة أخرى.. لا مجيب..
الساعة الآن الثامنة وقد تأخرنا عن موعد الدوام.. طرقت الباب.. لا مجيب.. اتصلت باستعلامات الفندق لعله خرج.. ولكنهم أجابوا أنه موجود في غرفته..
لابدّ أن نفتح لنرى..
أصبح الموقف يدعو للخوف.. احضروا مفتاحاً احتياطياً للغرفة.. دلفنا الغرفة..
أنه نائم..
يا صالح..
ناديته مرة أخرى..
رفعت صوتي أكثر وأنا اقترب منه..
نائم ولكنه عاض لسانه..
ومتغير اللون..
ناديته..
اقتربت أكثر..
لا حراك..
التقرير الطبي يقول: أنه مات منذ البارحة بسكتة قلبية مفاجئة.. أين الصحة.. والعافية.. والشباب.. البارحة كنا نسير سوياً.. لم يشتكِ من شيء.. ليس به مرض ولم يشتك من مرض أبداً.. أعدت حساباتي..
هذا موت الفجاءة لا نعرف متى سيأتي.. بل بدون مقدمات..
سألت نفسي لماذا لا أكون أنا صالح.. ماذا سأواجه الله به.. أين عملي.. ماذا قدمت.. لا شيء مطلقاً..
عرفت أنني مقصر في حق الله..
سكت زوجي.. بكى وأبكاني.. وبكينا سوياً.. حمدت الله على هذه الهداية.. عشنا بعدها كما كنت أحلم أو أكثر..
في الأسبوع التالي..
شكر لي جهدي معه وحرصي على هدايته.. وأخبرني أننا سوف نذهب لأداء العمرة والمكوث في مكة نهاية الأسبوع.. لنبدأ صفحة جديدة مع الاستقامة..
أكاد أطير من الفرح.. فأنا لم أذهب إلى مكة منذ أن تزوجت..
• ضُحى ذلك اليوم ذهبت إلى الحرم.. الإعداد قليلة.. فترة صيف وليس هناك زحام..
حقق الله ما كنت أحلم به.. وقفت بابني أمام الكعبة.. لكني لم أستطع الدعاء له لأنني بكيت وبكيت.. حتى تقطع قلبي..
في الغد.. إن شاء الله اليوم سنطوف طواف الوداع وسنغادر هذه الأرض الطاهرة..
بعد طواف الوداع.. عدنا من الحرم لنستعد للسفر ما هذا الذي معك.. هذا كتاب ابن رجب جامع العلوم والحكم.. هذا كتاب ابن القيم زاد المعاد في هدي خير العباد.. هذا كتاب الوابل الصيب لابن القيم.. هذا كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي.. وهذا القرآن الكريم بحجم صغير.. لن يفارق جيبي..
• أيتها الحبيبة..
هذه معالم في طريقنا إلى الدار الآخرة..
ثم أخذ يردد وهو يحمل الحقائب:
(ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء.. ربي اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب).
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته *** يبقى الإله ويودي المالُ والولد --------
تزوجت منذ ما يزيد على سبع سنين..
الحمد لله كل ما أنشده – من وجهة نظري – وجدته..
فأنا مستقر في عملي.. مستقر في زواجي..
لا أشكو إلا الملل.. فأنا وزوجتي لم نرزق أطفالا.. وبدأ الملل..
وكثرت زيارات الأطباء..
كل جهد أعتقد أنني بذلته..
سافرت للداخل والخارج..
عندما أسمع عن طبيب قادم متخصص في العقم.. أحجز لديه موعداً..
التحاليل كثيرة والأدوية أكثر.. •ولكن لا فائدة..
أصبح أكثر حديثنا أنا وزوجتي في الطبيب الفلاني
وماذا قال.. وماذا سنتوقع..
التوقعات تستمر لمدة سنة أو سنتين.. فمرحلة العلاج طويلة..
منهم من أخبرني أن العقم مني..
والبعض أفادنا أن العقم من زوجتي..
على كل حال..
سارت أيامنا مراجعة وبحث عن حل..
أصبح هاجس الطفل يسيطر على مشاعرنا وعلى الرغم من أنني أحاول أن لا أشعر زوجتي بذلك.. ولكن لا بد أن تشعر بما يدور..
فالأسئلة كثيرة ..
هناك من يسألها ماذا تنتظر .. وكأن الامر بيدها
منهم من ينصحهاباسم طبيب في المكان الفلاني..
لقد ذهبت له فلانة وأنجبت طفلا.. وفلانة..
وهكذا أصبح مجتمع زوجتي له نصيب كبير من الأسئلة..
لم يقل لنا أحد لماذا لا نتجه إلى الله وندعوه دعوة صادقة
سبع سنوات مضت ونحن نلهث وراء الأطباء وتركنا الدعاء.. وتركنا التوجه إلى الله
*ذات مساء
عبرت طريقا فإذا بشخص كفيف يريد أن يعبر الطريق ..
فأمسكت بيده..
وعبرت به الجزء الأول من الطريق.. ووقفنا في المنتصف.. ننتظر خلو الشارع في الجهة الأخرى من السيارات..
ووجدها فرصة ليسألني..
بعد أن دعا لي بالتوفيق والصحة..
هل أنت متزوج؟
فأجبته بنعم..
فأردف قائلا..
ألك أبناء..
فقلت له لم يقدر الله ذلك..
منذ سبع سنين ونحن ننتظر الفرج..
عبرنا الطريق.
ولما أردت أن أودعه قال لي.
يا بني لقد جرى لي ما جرى لك وأخذت أدعو في كل صلاة.. (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين)
والحمد لله لي من الولد سبعة فضغط علي يدي وقال: لا تنس الدعاء..
ولم أكن أحتاج إلى توصية..
فقد وجدت مفقوداً لي..
أخبرت زوجتي بما حدث لي..
وتجاذبنا الحديث..
أين نحن عن الدعاء كل شيء بحثنا عنه وجربناه..
وكل طبيب نسمع به طرقنا بابه..
• فلماذا لا نطرق باب الله؟
وهو أوسع الأبواب وأقربها..
تذكرت زوجتي أن امرأة مسنة قد قالت لها منذ سنتين.. عليك بالدعاء..
ولكن كما قالت زوجتي..
كان في ذلك الوقت لدينا مواعيد لا حد لها مع الأطباء..
أصبحت مراجعاتنا للأطباء مراجعة عادية.
بدون تلهف وبدون قلق..
مراجعات عادية..
نبحث عن علاج محدد فقط..
يكون سبباً من الأسباب.. وتوجهنا إلى الله بقلوبنا..
في الصلوات المكتوبة وفي جوف الليل..
تحرينا أوقات الإجابة..
ولم يخب الظن..
ولم نُرد.
بل فتح الله باب الإجابة..
وحملت زوجتي..
ووضعت طفلة.. تبارك الله أحسن الخالقين..
لم نخف الفرح ولا السرور..
ولكننا الآن نردد.. (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً).
مازال يلهَجُ بالرحيل وذكـــره *** حتى أنــاخ ببـابـه الجَمـــال
فأصـابه متيقضـاً متشمـــراً *** ذا أُهبــهٍ لم تلهــــه الآمـال
------
لازلت أتذكر وأنا طفل صغير..
أنني أدخُلت المستشفى لمدة أسبوع من جراء برد أصابني.. وعند خروجي سمعت الطبيب يخبر والدي بأن صحتي الآن جيدة ولكن قد يكون لهذا المرض تأثير في المستقبل.
مضت سنين طويلة..
أصبحت شاباً ثم أباً..
أحياناً أشعر بالتعب والإرهاق من أقل مجهود أبذله..
ذهبت إلى المستشفى لإجراء فحوصات كاملة..
تبين أن لدي ضعف في صمامات القلب.. وأحتاج إلى عملية في القلب . وإن هذا الضعف من جراء برد أصابني في فترات سابقة أدى إلى روماتيزم في القلب..
حاولت أن أقنع الطبيب بعلاج أو راحة.. تغني عن العملية.. ولكن أخبرني..
• أن حاجتك إلى العملية ستكون بعد عدة شهور..
وستتأكد من ذلك بنفسك..
وفعلاً بعد عدة شهور.
بدأ الضعف ينتابني والإرهاق يبدو عليّ..
وقررت الرضى بقضاء الله وقدره وأن أسلم أمري إلى الله..
بعد إجراء فحص شامل وما يتبعه من إجراءات..
تم أخذ موعد لكي أحضر للمستشفى للإقامة وذلك قبل موعد إجراء العملية بيوم.. وكان ذلك..
بدأت زيارة الأقارب في اليوم الأول..
كنت مرتاح البال مطمئن الخاطر..
جلست مدة تزيد على ساعة مع الطبي الجراح الذي سيقوم بإجراء العلمية.
في الليلة التي سبقت موعد العملية.
نمت نوماً هادئاً.
لم أفكر في شيء مطلقاً..
ومع آذان الفجر استيقظت..
سمعت الأذان..
وتردد صداه في داخلي..
هز كياني..
طرقني هاجس..
تغير هدوئي..
لا أعرف ماذا جرى لي..
العملية صعبة.. ربما أن هذا آخر أيامك في هذه الحياة..
ربما هذا آخر أذان تسمعه في حياتك..
وأخذت تتجاذبني الهواجس من كل جانب.. أين كنت فيما مضى..
سؤال جعل الدمع ينهمر من عيني..
مرت حياتي الماضية كحلم..
أين أنا عن الآخرة..
ها هو الموت قد اقترب..
وحين رفعت بصري..
فإذا بالممرض يقف على رأسي..
ما بك..
لم أجبه..
ليس لدي جواب..
لكنه لاحظ اضطرابي وقلقي.. وربما أنه يتوقع ذلك فقد كان يحمل بيده إبرة منومة..
سلمت يدي..
وأنا أعلم أنني سأسلم قلبي للجراح..
وقبل ذلك كله.. سلمت أمري إلى الله
سيُفتح صدري..
وسيتوقف قلبي عن النبض طوال مدة العملية..
وعند الانتهاء من العملية..
سترسل شحنة كهربائية لتنشيط القلب وإعادته مرة أخرى للنبض..
وفي حالة عدم الاستجابة..
ستكرر الصدمة الكهربائية مرة ثانية..
بعدها سأحمل على الأعناق..
معرفتي بكل التفاصيل هي التي جعلتني أرى الحياة هينة ورخيصة..
كيف أنني فرطت في عمري..
غفوت بعد ذلك لحظات من أخذ الإبرة..
...
علمت فيما بعد.. أن الجراح عمل في قلبي لمدة ثمان ساعات متواصلة..
حمدت الله أن قلبي استجاب للصدمة الكهربائية الأولى..
• بعد خروجي من المستشفى..
كل يوم آخذ في مراجعة أيامي..
أتذكر تلك اللحظة التي انهمر الدمع فيها وأنا على سرير الموت.. كيف سأواجه الله..
وبماذا..
وكلما تذكرت تلك اللحظة.. ازددت طاعةً وقرباً من الله..
وكلما جذبتني نفسي للتقصير والكسل.. تذكرت ذلك الموقف.. حمدت الله أنني عدت للحياة من جديد..
مشاركة مع الأخت يلديز في التذكير بالقصص المؤثر اليكم
قصتي مع والدي رحمه الله و ماذا فعل الدعاء:
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على أله و صحبه. وبعد فإن من فضل الله على عباده أن وهب لهم في الدنيا ما يستدفعون به الشرور و يُكشف به البلاء، ليذكروه به و يعرفوا نعمته عليهم وو يعلنوا افتقارهم إليه، كيف لا و هو ربهم الذي يملكهم ويرزقهم و يدبر شأنهم، فكان حقا أن يعبدوه و بالألوهية يفردوه، ليزدادوا منه قربا وله ذكرا و شكرا، ليمتلئ القلبمن أثر طاعته فرحا و سرور، و طمأنينة و حبورا، اذ القلب كالشجرة يحتاج الرعاية و السقيَ، حتى لا تفنى حياته و لا تخر قوته، يقول الامام ابن القيم رحمه الله : إن في القلب خلة لا يصلحها إلا ذكر الله، و مما يؤثر عن شيخ الإسلام رحمه الله قوله ( قلب العبد مع الذكر كالسمكة وسط الماء)، فكما أن السمكة لا تحي الا في الماء، فكذلك قلب العبد لا يحي الا بالذكر، و ما أجمل قول ابن مسعود رضي الله عنه (و ان الذكر ينبت الايمان في القلب كما ينبت الماء الزرع). فكان هذا، أعني ذكر الله و طاعته، مما ينبغي الحرص عليه لمن ابتغى السعادة الحقيقية و لا تلك المزيفة التي لا يكسب أصحبها من ورائها إلا التبعات و الغصص و الآلام، لأنهم تركوها في موضعها الحقيق بها و طلبوها في الحرام.
ثم ان من بين أسباب السعادة يا إخوان، ومن سبل ذكر الكريم المنان قيام الليل بين يديه عزّ في علاه، في خشوع و خضوع و سجود و ركوع، في انكسار يورث غمر الدمع من خوفه و فيضان الشوق إليه سبحانه تحت ظل رجائه، مع حبه و شوق ذكره، مما يربي القلب على معاني التعبد الحق، و يقيم في أرجائه و على أرضه صرح التوحيد و عرش الصدق، ذلكم التوحيد الذي ينبني على أصوله الثلاث، مما لا استقرار له و لا نماء إلا بوجودها مجتمعة مؤتلفة، و هي أركان الحب و الخوف و الرجاء. و قد شبه أهل العلم قلب الموحد المتعبد بالطائر له رأس و جناحين، فلا يحي بلا حب و لا يَرقَ فيبلغ منازل خيرة الصلحين، و مراتب صفوة المؤمنين بلا خوف و رجاء.
ومما ورد و صح في هذه العبادة الجليلة ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. وما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. وقال صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً. متفق عليه.
ثم ان للعاقل أن لا يجعل قيام الليل مجرد سبب يتخذه حينما احتجه، عندما يضطر إليه، ثم بعده يتركه و ينئ بجانبه مدبرا عنه، بل كان دأب السلف الصالح، و مبعث فرحهم حينما يرخي الليل سدوله، لأنهم عهدوا صلتهم الوثيقة ببارئهم، حين يختلون في محاربهم حيث لا يعلم عن شأنهم أحد، و لا يدري خبرهم و منتهى تعبدهم إلا وليهم و مولاهم، الذي أحبوه وأحبهم، رجوه فأجابهم و خافوه فأمنَّهم، فأنعم بها من حال.
وبعد هذا، فإن المجرب الذي عرف السبيل الصحيح في السؤال،و أحضر الأدب و استحضر الوسائل الشرعية للإجابة، من تقديم القربة على اثر القربة، من استغفار و صدقة و قيام و صلاة و بر و إحسان، يدرك معنى قول عمر رضي الله عنه (إني لا أحمل هم الإجابة و إنما أحمل هم الدعاء)، و من عجيب ما كان معي في هذا الشأن و أنا العبد المقصر، ما حدث لي مع والدي رحمه الله تعالى.
و لعلي قد أطلت النفس في ذكر مقدمات قبل سرد قصتي هاته لأن المقام مقام وعظ،و القصة ان كانت مؤسسة على أصولها الصحيحة تبين المغزى منها، وان كانت أدلة الكتاب و السنة كافية فيما نحن بصدد الكلام عنه من استغفار و دعاء في قيام و رجاء، لكن لا بأس من ذكر القصص من باب الاستئناس ولأن الله تعالى أرشد نبيه إلى ذلك فقال ( فاقصص القصص) و قال أيضا ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).
فإلى القصة حفظكم ربي من كل سوء.
كانت هذه القصة معي أيام كنت طالبا في الجامعة قريبا من تخرجي، حينها كنت أعاني مع مؤطري الذي كان سببا في تفويت كثيرا من الوقت علي و كذلك في إجهادي الجهد البدني و الفكري، نهيك عن البروقراطية التي كان لها اليد الطولى في تعطيل حق والدي مما أتعبه هو أيضا، وفي زيارة له للطبيب يحيله على إجراء فحوص دقيقة، بما فيها الكشف الاشعاعي، و يظهر الخبر الذي لم يكن في الحسبان. قال الطبيب المتخصص في الكشف : سيدي نرجح اصابتك بسرطان الكبد. ماذا سرطان الكبد؟ يا له من خبر، و الحمد لله على كل حال.
حين جاء الخبر عن والدي، كنت في الجامعة و أتاني الاتصال من خالتي منبأ، أن أدرك والدك فقد تكون هذه أخر أيامه، فعلك تندم بعدها أن لم تكن على قرب منه، و لم أدرى ما الذي حل بوالدي، حينها مضيت موليا إلى البيت و أنا لا أدري شيئا عن حقيقة مرضه، فإذا بوالدي بين يدي يوصني بأمي و أخواتي البنات، حينها أفزعني الأمر و عرفت أن الخبر جد و ضاقت بي الدنيا بما رحبت، لأن الأمر هنا يتعلق بوالدي، والدي هذا الذي ربّني و نشأني حتى بلغت أشدي بفضل من الله ثم بفضله رحمه الله، أبي كان حريصا علي و على مستقبلي، ينفق و يشفق، يود و يرحم، يشقى لنسعد و يتعب لنرتاح، يصبر على كل مصيبة و لا يرضى لنا الا أن يرنا على أحسن حال، يخاطبني و لأول مرة بهذا الأسلوب و بهذه الجدية، حتى صار يقول ( يا إبني، إن لكل منا أيام يقضيها في هذه الدنيا لا يزيد عنها و لا ينقص، و هذه مشيئة الله، فأوصيك و قد صرت رجلا، أن تحسن في رعاية أمك و أخواتك)، حينها تغلبت على أسي و أسفي و أنا لا زلت بعد في حيراتي، قلت: لا بأس عليك يا ولدي، بإذن الله لن يكون إلا الخير، قلتها حينها وأنا موقن بأن رحمة الله قريب من عباده المؤمنين، و ما إن قدم الليل و الحقيقة أني لم أكن قواما، لكن عزمت أن لا تفوتني تلك الليلة لأدعو و أرجوا الله العظيم، بدأت الصلاة في غياهب الظلام، و لا أحد يدري عني الا الذي قمت بين يديه داعيا مناجيا، حينها تذكرت ضعفي و قوته فهو القوي، و فقري و غناه فهو الغني، جهلي و علمه فهو العليم ، حاجتي و رحمته فهو الرحيم، تذكرت والدي و ما ألم به، مر بين عيني شريط الأحداث الذي يحوي اللقاء الأنف الذكر، و خطاب والدي لي و الذي هز كياني، فإذا بدمع العين ينهمر، و إذا بالقلب يخفق بالرجاء وإذا باللسان ينطق و ينطلق بالدعاء، دعوت و أنا موقن بالإجابة، و أنا بحال المضطر الذي لا يملك إلا رجاء مولاه، ثم بعدها سكنت نفسي و أطمئن قلبي أن ربي لن يخيبني في والدي، كانت تلك الليلة ليلة الجمعة، لا زلت أذكرها، مضيت يوم السبت لأتم مشواري في الجامعة، على أمل أن يُجري أبي التحاليل الأخيرة و التي تنبئ عن حقيقة الأمر، بعد صلاة العصر، يرن الجوال و اذا بالرقم رقم البيت، أجبت فإذا به والدي، يخبرني أن المرض أظهرت التحاليل استحالته، و أن لا أثر له يذكر، وسبحان العلي الأعلى، حتى الطبيب الذي كشف عنه احتار و انبهر، و لم يصدق ما رأته عيناه من نتائج الكشف المخبري، إذ كان قبلها يخبره أن لا مناص من المرض العضال، رجعتا أجبت الوالد و قلبي مغمور بالفرح، أن الحمد لله على فضله و ذكَّرته بحمد الله، فحمد الله سبحانه، و أشرق نور الأمل و أمتد بين ناظري والدي شعاع الحياة من جديد، و عاش بعدها خمس سنين، ليعاوده المرض و سبحان الله ، نفس المرض و في نفس المحل، لكن شاء الله أن يتوفاه هذه المرة، فرحمة الله عليه و أسكنه فسيح الجنان.
لكل من قرأ قصتي، لا تنسوني و والداي بصالح دعائكم.
و صلي اللهم وسلم على نبينا محمد و على أله و صحبه أجمعين.
[FONT="] أخوكم أبو ليث أمين بن محمد الأثري الجزائري. [/FONT]