السؤال يقول لدي أخ أكبر مني يحافظ على صلاة الجماعة عدا صلاة العصر فإنه يتكاسل عنها ولا يصليها إلا بعد ساعة من دخول الوقت وقد نصحته، ولكنه يحتج بأنه متعب ويريد النوم فماذا أفعل معه؟
وكذلك أخ آخر أيضا يحافظ على الجماعة عدا صلاة الفجر ، وذلك لثقل نومه، ولكن إذا رجعنا من الصلاة أيقظناه بشتى الوسائل فيصلي ولله الحمد. فهل عليه إثم وما حكم من نام عن صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وكان هذا هو حاله في أكثر الأيام؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.
فصلاة الجماعة واجبة في المسجد، ولا ينبغي للمسلم أن يشغله عن الصلاة شاغل بل يجعلها أهم أشغاله وإذا أعطى نفسه مناها واسترخى بعد العمل وبعد تناول الطعام فغلب عليه النوم فإن هذا تفريط منه ينبغي أن يكون يقظا حذرا بعيدا عن وساوس الشيطان الذي يثقل عليه الطاعة ويعسرها عليه، ويمنيه ويرغبه في الكسل والخمول حتى تفوته، وهذا من الحرمان، نسأل الله العافية.
فعليك أخي أن تحافظ على صلاة العصر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى البردين دخل الجنة) والبردان هما العصر والفجر. وأما أخوك الثاني الذي ينام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس فهذا قد ارتكب خطأ عظيما فإن تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي هذا يرى قسم من العلماء أنه لا يقضيها ويعدونه قد وقع في ضلال عظيم، حيث يرونه أنه قد كفر بذلك والعياذ بالله. والنوم ليس عذرا على الدوام كحال من يتخذ النوم عادة يترك لأجلها الصلاة ويضيعها فهذا من الخطأ، ومن نام دائما عن صلاة الجماعة وبإمكانه القيام فلم يقم فهو آثم بلا شك ومخطئ. وأما أخوكم ثقيل النوم إذا أيقظتموه، ولم يستيقظ لثقل نومه والله يعلم منه ذلك وأنه يحتاج إلى وقت طويل ولا يؤثر معه المنبه، فأرجو من الله أن يعذره على ما يحصل من تقصير لكن عليه الاجتهاد وبذل الجهد لعل الله أن يعينه. وقد ذكروا أن صفوان بن معطل كان ثقيل النوم حتى إن النبي انتقل وأصحابه رضي الله عنهم من المكان الذي هم فيه وساروا ولم يشعر بذلك ولم يستيقظ إلا بحر الشمس دل على أن هذا ثقل نوم ملازم له والأمر الذي يخرج عن قدرة الإنسان يعذر به، فالله تعالى يقول: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) .
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال هل يلزم في قراءة الوتر أن يداوم الإمام على قراءة (سبح - الكافرون - الإخلاص)، أم له غير ذلك وما السنة الواردة؟
الجواب قال أبي بن كعب -رضي الله عنه- : كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وروى أبو داود والترمذي نحوه عن عائشة، وفيه: كل سورة في ركعة، وفي الأخيرة قل هو الله أحد، والمعوذتين. ولكن أنكر أحمد وبن معين زيادة المعوذتين. والظاهر أنه يكثر من قراءتهما، ولا يداوم عليها، فينبغي قراءة غيرها أحياناً، حتى لا يعتقد العامة وجوب القراءة بها، وقد ذهب مالك إلى أنه يقرأ في الوتر -أي الركعة الأخيرة- قل هو الله أحد، والمعوذتين، وقال في الشفع: لم يبلغني فيه شيء معلوم، نقل ذلك ابن قدامة في المغني، ولو كانت قراءة سورة الأعلى والكافرون متبعة لما خفيت على مالك، وهو إمام دار الهجرة، فدل على أنها تقرأ أحياناً لا دائماً، والله أعلم.
السؤال فضيلة الشيخ:
قضية الإمساك عن الأكل والشرب في ليالي رمضان غير واضحة في ذهني، هل يجوز أن آكل، أو أشرب مع بدء الآذان -، أو في أثناء الآذان - أم لا يجوز؟
وهل لا بد من الإمساك قبل الآذان بوقت معلوم؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فذكر الفقهاء والأصوليون أنه لا بد من إمساك جزء من الليل مع النهار؛ كغسل جزء من الرأس مع الوجه لكن الآية صريحة وهى قوله تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) وذلك يدل على إباحة الأكل والشرب حتى يتبين الفجر الصادق وهو البياض المعترض، كما ورد إباحة الأكل والشرب حالة الآذان، بأن سمع الآذان والإناء في يده، أو اللقمة في يده فله أكلها والشرب حتى يفرغ، مع أن المؤذنين في هذه الأزمنة عادة يحتالون ويتقدمون قبل الوقت بنحو خمس دقائق، فلا يلزم الإمساك ساعة سماع أول الآذان.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال ما حكم ابتلاع البلغم في نهار رمضان حال الصيام ؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد. فالبلغم أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم فإنها لا تفطر، قولاً واحداً في المذهب، فإن وصلت إلى الفم ثم ابتلعها ففيه قولان لأهل العلم: منهم من قال: إنها تفطر، إلحاقاً لها بالأكل والشرب. ومنهم من قال: لا تفطر، إلحاقاً لها بالريق، فإن الريق لا يبطل به الصوم، حتى لو جمع ريقه وبلعه، فإن صومه لا يفسد. وإذا اختلف العلماء فالمرجع الكتاب والسنة، وإذا شككنا في هذا الأمر هل يفسد العبادة أو لا يفسدها؟ فالأصل عدم الإفساد وبناء على ذلك يكون بلع النخامة لا يفطر. والمهم أن يدع الإنسان النخامة ولا يحاول أن يجذبها إلى فمه من أسفل حلقه، ولكن إذا خرجت إلى الفم فليخرجها، سواء كان صائماً أم غير صائم. أما التفطير فيحتاج إلى دليل يكون حجة للإنسان أمام الله _عز وجل_ في إفساد الصوم. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
اجاب عليها فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله السؤال س: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر. فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
الجواب نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة القدر فيها كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب _رضي الله عنه_ رقم (2778). ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق الأربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها؛ لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "التمسوها في العشر الأواخر – يعني ليلة القدر – فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي" أخرجه مسلم رقم (2765)، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين، وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين، ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها؛ فقد قال الله _تعالى_: "إِنَّآ أَنزَلْنَـهُ في لَيْلَةٍ مباركة إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ " [الدخان: 3].. وقال _عز وجل_: "إِنَّا أَنزَلْنَـهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الملائكة وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سلام هي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " [سورة القدر]
السؤال جرت عادة كثير من الناس أن يتصدقوا في شهر رمضان المبارك، ويخرجوا زكاتهم.. أرجو الإفادة هل الزكاة والصدقات مقتصرة على شهر رمضان فقط؟ وهل هناك درجات متفاوتة في هذا الشهر الفضيل؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. فجوابنا على هذا السؤال: أن الصدقات والزكوات ليست مقتصرة على شهر رمضان، بل هي مستحبة في أي وقت توزع، ويجب إخراج الزكاة إذا تم حول على ماله ولا ينتظر رمضان إلا إذا كان رمضان قريباً مثل أن يكون حوله في شعبان، فينتظر رمضان فهذا لا بأس به. أما لو كان حوله مثلاً في محرم فإنه لا يجوز له أن يؤخرها إلى رمضان، ولكن يجوز له أن يقدمها في رمضان ولا حرج، فأما تأخيرها عن وقتها فإن هذا لا يجوز؛ لأن الواجبات المقيدة بسبب يجب أن تؤدى عند وجوب سببها، ولا يجوز تأخيرها عنه، ثم إن المرء ليس عنده أمان إذا أخر الزكاة عن وقتها أن يبقى إلى الوقت الذي أخرها إليه، فقد يموت، وحينئذ تبقى الزكاة في ذمته، قد لا يخرجها الورثة، وقد لا يعلمون أنها عليه فبذلك يأثم. والصدقات ليس لها وقت محدد، بل إنها في أي وقت، وبعض الناس ينفقونها في رمضان، وفي عشر ذي الحجة، فمن أنفق في ذلك فله أجر أكبر؛ لأن الحسنات تضاعف في الزمان والمكان الفاضل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال السهر في ليالي رمضان عند بعض الناس بالأجر لإحياء ليالي شهر رمضان هل هذا يجوز أم لا يجوز؟ مع الدليل من الكتاب والسنة، حيث إنني أسهر عند بعض الناس كل عام، وأردت أن أمتنع هذا العام حتى أعرف الدليل أرجو إفتائي جزاكم الله خيراً.
الجواب أمر الله _تعالى_ بعبادته وحث على تلاوة كتابه ودراسته، وهذا في ليالي رمضان آكد، فقد ثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" وكان النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان أحيا ليلها وحث أهله وأمته على ذلك، فمن فعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ورجاء ثوابه فله أجر عظيم. أما ما اعتاده بعض المسلمين من السهر في ليالي رمضان في غير بيوتهم لتلاوة القرآن بأجرة فهو بدعة، سواء قصدوا بذلك حصول البركة لهذه البيوت ولأهلها أو قصدوا هبة ثواب ما قرؤوا لأهلها أحياء وأمواتاً، فإنه لم يثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه فعله؛ فكان بدعة محدثة، وقد ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وعلى هذا فلا أجر لمن فعله، ولا لمن ساعد عليه، بل عليه وزر لابتداعه وإحداثه في الدين ما ليس منه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
السؤال ما الفرق بين صلاة التراويح والقيام؟ وما الدليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟ وهل من دليل على تخصيص القيام بتطويل القراءة والركوع والسجود؟
الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
فصلاة التراويح هي قيام رمضان بما تقدّم، ولكن طول القيام في العشر الأواخر يسمى بالقيام، وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". قال ابن رجب في اللطائف: يُحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد روي من وجهٍ فيه ضعف بلفظ: "وأحيا الليل كله، وفي المسند عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم، يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر".
وخرج أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعاً وعشرين لم يذق غمضاً اهـ.
وقال -أيضاً- في معنى شدّ المئزر: والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء ... وقد ورد ذلك صريحاً من حديث عائشة وأنس، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس: وطوى فراشه، واعتزل النساء.
ومن هذه الأحاديث يُعلم سبب تخصيص ليالي العشر الأواخر بالقيام، فإن ظاهر هذه الأحاديث أنه يقوم الليل كله بالصلاة والقراءة، ولا شك أن ذلك يستدعي طول القيام والركوع والسجود، وقد ذُكر في المناهل الحسان عن الأعرج، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفّف. وعن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، قال: كنّا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور. وسبق في حديث السائب أن القارئ يقرأ بالمئين، حتى كانوا يعتمدون على العصي، فما كانوا ينصرفون إلا في فروع الفجر، وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت". أي طول القيام، وروى مسلم -أيضاً- عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: "سمع الله لمن حمده". ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد، فقال: "سبحان ربي الأعلى". فكان سجوده قريباً من قيامه".
وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود، قال: "صليت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأطال، حتى هممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأدعه".
فمن هذه الأحاديث يؤخذ أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، التي داوم عليها طول القيام، وطول الأركان، وأنه يخص العشر بمزيد من الاجتهاد، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السؤال فضيلة الشيخ :
ما الفرق بين صلاة التراويح والقيام؟ وما الدليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟
وهل من دليل على تخصيص القيام بتطويل القراءة والركوع والسجود؟
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فصلاة التراويح هي قيام رمضان بما تقدّم، ولكن طول القيام في العشر الأواخر يسمى بالقيام، وفي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله ".
قال ابن رجب _رحمه الله_ في اللطائف: يُحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد رُوِي من وجهٍ فيه ضعف بلفظ: "وأحيى الليل كله".
وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة _رضي الله عنها_ قالت:" كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشد المئزر".
وأخرج أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس _رضي الله عنه_ قال: "كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعاً وعشرين لم يذق غمضاً "، ا.هـ.
وقال ابن رجب في اللطائف – أيضاً – في معنى شدّ المئزر:" والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء.
وقد ورد ذلك صريحاً من حديث عائشة وأنس _رضي الله عنهما_ ، وورد تفسيره بأنه لم يأوِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان.
وفي حديث أنس:" وطوى فراشه واعتزل". ومن هذه الأحاديث يُعلم سبب تخصيص ليالي العشر الأواخر بالقيام، فإن ظاهر هذه الأحاديث أنه يقوم الليل كله بالصلاة والقراءة، ولا شك أن ذلك يستدعي طول القيام والركوع والسجود.
وقد ذُكر في (المناهل الحسان) عن الأعرج، قال:"ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفّف".
وعن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، قال:" كنّا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور ".
وعن السائب بن يزيد قال: " أَمَرَ عمرُ بن الخطاب أُبَيَ بن كعب وتميمًا الداري -رضي الله عنهم- أن يقوما بالناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر" .
وقال ابن محمود في كتاب الصيام:" وسميت تراويح من أجل أنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات؛ لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر".
وروى مسلم عن جابر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:" أفضل الصلاة طول القنوت"، أي: طول القيام.
وروى مسلم – أيضاً – عن حذيفة _رضي الله عنه_ قال:" صليت مع النبي _صلى الله عليه وسلم_ ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المئة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسِّلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوّذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: "سمع الله لمن حمده"، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد، فقال: "سبحان ربي الأعلى" فكان سجوده قريباً من قيامه).
وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود _رضي الله عنه_ قال: "صليت مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فأطال، حتى هممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأدعه".
فمن هذه الأحاديث يؤخذ أن سنَّة النبي _صلى الله عليه وسلم_ التي داوم عليها طول القيام، وطول الأركان، وأنه يخص العشر بمزيد من الاجتهاد، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال ما حكم التداوي بالحقن في نهار رمضان سواء كانت للتغذية أم التداوي؟
الجواب يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حكم تناول الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعد حيلة على الإفطار في رمضان وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلاً فهو أولى. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
السؤال نذرت والدتي صيام الست من شوال طيلة وجودها في الحياة، وهي الآن كبرت، ولا تستطيع صيام هذه الأيام، فما الحل؟
الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالوفاء بالنذر إن استطاعت لحديث: ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ))(البخاري: (6696).
وإن عجزت عن الصيام فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، فعليها كل سنة إطعام ستة مساكين إضافة إلى الإطعام عن صيام رمضان، وبالله التوفيق.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين _حفظه الله_
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هناك بعض الناس ممن أفاء الله عليهم بالمال يتساهلون في أداء زكاتهم، وربما أخرج بعضهم بعض الأموال بنية الزكاة أو الصدقة من غير حصر لأمواله الزكوية، بما لا يساوي إلا قليلاً من زكاته الواجبة، فما حكم هذا العمل؟ وما نصيحتكم _حفظكم الله_ لهؤلاء؟ كما نرجو من فضيلتكم بيان حكم تارك الزكاة والاۤثار المترتبة على تركها في الدنيا والآخرة، والله يحفظكم.
الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الواجب على المسلم أن يؤدي زكاة ماله كاملة؛ طاعة لله _تعالى_ ورسوله _صلى الله عليه وسلم_؛ وقياماً بأركان إسلامه، وحماية لنفسه من العقوبة، ولماله من النقص ونزع البركة، فالزكاة غنيمة وليست غرماً، قال الله _تعالى_: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"(التوبة:103). والواجب على من آتاه الله مالاً تجب فيه الزكاة أن يحصيه إحصاء دقيقاً، كأن معه شريكاً شحيحاً يحاسب على القليل والكثير والقطمير والنقير. والأموال ثلاثة أقسام: القسم الأول: قسم لا إشكال في وجوب الزكاة فيه، كالنقود من الذهب والفضة، وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية ففيه الزكاة، سواء أعده للتجارة، أو النفقة، أو لشراء بيت يسكنه،أو لصداق يتزوج به،أو غير ذلك. القسم الثاني: قسم لا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه، كبيته الذي يسكنه وسيارته التي يركبها، وفرش بيته ونحو ذلك، وهذان أمرهما واضح. القسم الثالث: قسم فيه إشكال، كالديون في الذمم، فالواجب سؤال أهل العلم عنه حتى يكون العبد فيه على بينة في دينه ليعبد الله _تعالى_ على بصيرة. ولا يحل للمسلم أن يتهاون في أمر الزكاة، أو يتكاسل في أدائها إلى أهلها، لما في ذلك من الوعيد الشديد في كتاب الله _تعالى_، وسنة رسوله _صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم_. أما في كتاب الله _تعالى_ ، فقد قال الله _سبحانه_: "وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"(آل عمران:180)، وقال _تعالى_: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ" (التوبة: من الآية34 - 35). وأما السنة، فقد قال النبي _صلى الله عليه وعلى آله وسلم_: " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثّل له شجاعاً أقرعاً ـ وهو الحية الخالي رأسها من الشعر لكثرة سمها ـ له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه ـ يعني شدقيه ـ يقول: أنا مالك، أنا كنزك". أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ . وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد". أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ . فهذا أيها المسلم كتاب ربك، وهذه سنة نبيك _صلى الله عليه وسلم_، وفيهما هذا الوعيد الشديد في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فاحرص على حصر أموالك التي تجب فيها الزكاة، وأدّ زكاتها إلى مستحقيها طيبة بها نفسك ، منشرحاً بها صدرك، تحتسب أجرها على الله، وترجو منه الخلف العاجل، قال الله _تعالى_:"وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ" (الروم:39) . وقال _تعالى_:" قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَه،ُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"(سـبأ:39). وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وجعله عملاً خالصاً لوجهه، موافقاً لشرعه، إنه جواد كريم. كتبه محمد الصالح العثيمين في 12/8/1418 هـ.
السؤال ما حكم من كان مريضا ودخل عليه رمضان ولم يصم ثم مات بعد رمضان، فهل يقضى عنه أم يطعم عنه؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
فإذا مات المسلم في مرضه بعد رمضان فلا قضاء عليه ولا إطعام، لأنه معذور شرعا، وهكذا المسافر إذا مات في السفر أو بعد القدوم مباشرة فلا يجب القضاء عنه ولا الإطعام، لأنه معذور شرعا.
أما من شفي من المرض وتساهل في القضاء حتى مات أو قدم من السفر وتساهل في القضاء حتى مات فإنه يشرع لأوليائهما وهم الأقرباء القضاء عنهما. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، متفق على صحته.
فإن لم يتيسر من يصوم عنهما أطعم عنهما من تركتهما عن كل يوم مسكين نصف صاع، ومقداره كيلو ونصف على سبيل التقدير: كالشيخ الكبير العاجز عن الصوم، والمريض الذي لا يرجى برؤه... وهكذا الحائض والنفساء إذا تساهلتا في القضاء حتى ماتتا، فإنه يطعم عنهما عن كل يوم مسكين إذا لم يتيسر من يصوم عنهما. ومن لم يكن له تركة يمكن الإطعام منها فلا شيء عليه، لقول الله - عز وجل -: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" وقوله سبحانه: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" والله ولي التوفيق.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يزكي المغترب عن أهله زكاة الفطر، علماً بأنهم يزكون عن أنفسه
الجواب أجاب فضيلته بقوله: زكاة الفطر وهي صاع من طعام، من الرز، أو البر، أو التمر، أو غيرها مما يطعمه الناس يخاطب بها كل إنسان بنفسه، كغيرها من الواجبات، لقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة»، فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده، والله الموفق.
السؤال سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؟
الجواب أجاب فضيلته بقوله: زكاة الفطر لا تصح من النقود؛ لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ فرضها صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، وقال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: «كنا نخرجها على عهد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير، والزبيب والأقط»، فلا يجوز إخراجها إلا مما فرضه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وفي حديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ فرض صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. والعبادات لا يجوز تعدي الشرع فيها بمجرد الاستحسان، فإذا كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ فرضها طعمة للمساكين، فإن الدراهم لا تطعم، فالنقود أي الدراهم تُقضى بها الحاجات؛ من مأكول ومشروب وملبوس وغيرها. ثم إن إخراجها من القيمة يؤدي إلى إخفائها وعدم ظهورها، لأن الإنسان تكون الدراهم في جيبه، فإذا وجد فقيراً أعطاها له فلم تتبين هذه الشعيرة ولم تتضح لأهل البيت، ولأن إخراجها من الدراهم قد يخطئ الإنسان في تقدير قيمتها فيخرجها أقل فلا تبرأ ذمته بذلك، ولأن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ فرضها من أصناف متعددة مختلفة القيمة، ولو كانت القيمة معتبرة لفرضها من جنس واحد، أو ما يعادله قيمة من الأجناس الأخرى. والله أعلم. * * *
السؤال سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: متى تخرج زكاة الفطر؟ وما مقدارها؟ وهل تجوز الزيادة عليها؟ وهل تجوز بالمال؟
الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فزكاة الفطر هي الطعام الذي يخرجه الإنسان في آخر رمضان، ومقداره صاع، قال ابن عمر ـ رضي الله عنهماـ: «فرض النبي _صلى الله عليه وسلم_ زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير». وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «فرض النبي _عليه الصلاة والسلام_ صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين». فهي من الطعام السائد بين الناس، وهو الان التمر والبر والأرز، وإذا كنا في مكان يطعم الناس فيه الذرة تخرجها ذرة، أو زبيباً، أو أقط.
قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: «كنا نخرجها على عهد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ صاعاً من طعام، وكان طعامنا التمر، والشعير، والزبيب والأقط».
وزمن إخراجها صباح العيد قبل الصلاة: لقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة»، وهذا حديث مرفوع. وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها فهي صدقة من الصدقات».
ويجوز أن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز أكثر من ذلك لأنها تسمى زكاة الفطر، فتضاف إلى الفطر، ولو قلنا بجواز إخراجها بدخول الشهر كان اسمها زكاة الصيام، فهي محددة بيوم العيد قبل الصلاة، ورخص في إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
وأما الزيادة على الصاع فإن كان على وجه التعبد واستقلالاً للصاع فهذا بدعة، وإن كان على وجه الصدقة لا الزكاة فهذا جائز ولا بأس به ولا حرج، والاقتصار على ما قدره الشرع أفضل، ومن أراد أن يتصدق فليكن على وجه مستقل.
ويقول كثير من الناس: يشق علي أن أكيل ولا مكيال عندي فأخرج مقداراً أتيقن أنه قدر الواجب أو أكثر وأحتاط بذلك فهو جائز ولا بأس به.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
السؤال ما رأي اللجنة في إنسان بعدما أخرج الزكاة، هل يجوز أن يدفع منها الضرائب، هل تصح أم لا؟
الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد:
فلا يجوز أن تحتسب الضرائب التي يدفعها أصحاب الأموال على أموالهم من زكاة ما تجب فيه الزكاة منها، بل يجب أن يخرج الزكاة المفروضة ويصرفها في مصارفها الشرعية، التي نص عليها سبحانه وتعالى بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الآية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
السؤال سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: اعتاد كثير من الناس عند شراء زكاة الفطر أنه في العادة يوجد عند التاجر الذي يبيع هذه الزكاةكثير من الفقراءفيدفعها إليهم ثم بعد ذلك يشتريها التاجر من الفقراء الموجودين بنصف الثمن وهكذا تدور هذه الزكاة بين التاجر والفقراء. ولكن هناك أيضاً ملحوظة أخرى وهي: أن كثيراً من هؤلاء الناس الذين يزكون لا يبحثون عن الفقراء ولكن يقتصرون على الذين يوجدون عند التاجر فما الحكم؟ جزاك الله خيراً.
الجواب أجاب فضيلته بقوله: الذي نرى أن الإنسان ينبغي عليه بل يجب أن يتحرى في إعطاء الصدقة، سواء كان صدقة الفطر، أو صدقة المال الواجبة، يجب عليه أن يتحرى بقدر الإمكان؛ لأنه مع الأسف الشديد في هذا الزمان صار كثير من الناس يدعي أنه مستحق لهذه الزكاة وليس مستحقًّا لها، ولو أن هذا الذي اشترى صدقة الفطر من الدكان ذهب بها إلى بيوت الفقراء الذين يعرفهم لكان خيراً له، وإذا فعل هذا فإن هذه الدائرة التي ذكرها السائل سوف لا تكون. أما إذا كان رجلاً غريباً بمكان ولا يعرف فقيراً فلا حرج عليه أن يعطي هؤلاء الذين عند الدكان، لأن ظاهر حالهم الحاجة، ولكن صاحب الدكان لا ينبغي له أن يستغل حاجة هؤلاء فيشتري منهم ما باعه بعشرة بخمسة في نفس المكان، بل إذا شاء نزل شيئاً معقولاً، أما أن ينزل نصف الثمن، أو ما أشبه ذلك فهذا أمر لا ينبغي. * * *