mouici djamel ed
:: عضو مُشارك ::
التفاعل
0
الجوائز
6
- تاريخ التسجيل
- 21 فيفري 2008
- المشاركات
- 128
- آخر نشاط

الداعية لا بد له في دعوته من التحلي بأمرين اثنين؛ وهما أصلان مهمان في المجال الدعوي:
الأول: الحرص المنضبط على هداية الناس
والثاني: اتباع الخطوات المشروعة لتحقيق تلك الهداية
قال الله سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }(الكهف 6)
وقال عز وجل: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(يوسف 108).
والمتأمل في منهجية الأستاذ عمرو خالد في الدعوة، والناظر في بعض ما نقل عنه من اعتذار عما نصح فيه؛ المتأمل في ذلك يلاحظ خللا بيِّنا عنده في الأمرين المذكورين:
أما إخلاله بالأول: فتجلى في خلطه بين الحرص المنضبط على هداية الناس، وبين الحرص على إرضائهم؛ وبينهما فرق كبير.
فالأول مشروع؛ وقد كان من صفات النبي صلى الله عليه وسلم التي مدحه بها الله تعالى مع إرشاده إلى عدم الحزن المهلك للنفس:
قال العلامة السعدي في تفسير الآية السابقة من سورة الكهف: "ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى: {لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين} وقال: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} وهنا قال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} أي: مهلكها، غما وأسفا عليهم.
وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غمّاً وأسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك.
وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: {إنك لا تهدي من أحببت} وموسى عليه السلام يقول: {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي} الآية، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}". [تفسير السعدي (ج 1/ص 470)].
وعدم التزام هذا التوجيه القرآني يؤدي إلى مفاسد منها: حرص الداعية على إرضاء الناس، واتخاذه ذلك أصلا في دعوته؛ مما يضطره إلى الوقوع في التأويلات الفاسدة والتساهل المذموم؛ وهذان الأخيران يؤديان إلى تحريف الدين، وتغيير معالمه، فينقلب الواقع في هذا الانحراف هادما للدين، بدلا من أن يكون داعية إليه، نسأل الله السلامة.
ويخشى على من هذا حاله أن يدخل فيمن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
..إن صاحب هذا الانحراف لا يقوم بما يجب على الداعية من حث الناس على مخالفة الهوى واتباع الشرع، ليكونوا بذلك عبادا لله اختيارا وانقيادا، بل يبعدهم عن هذا الواجب، ويوقعهم في نقيضه بجعلهم يتمادون في اتباع أهوائهم، مع محاولة ليّ الأحكام الشرعية لتتماشى مع ضلالهم.
فيصيرون بهذا أشد ضلالا مما كانوا عليه؛ لأن بقاءهم على انحرافهم مع الإقرار بأنه انحراف، خير من البقاء عليه مع اعتقاد صحته وصوابه.
ولو تأملنا في المعجبين بالخطاب الدعوي لعمرو، الرافضين لخطاب العلماء الربانيين ومن هو على دربهم من الدعاة الصادقين؛ لوجدنا عندهم انحرافا خطيرا؛ وهو أنهم يحكمون أهواءهم على الدين، ويجعلون هذا الأخير تابعا لا متبوعا وطائعا لا مطاعا.
ولسان حال الواحد منهم يقول لربه: إعرض عليّ دينك أنظر فيه، ثم يقول: هذا يصلح وهذا لا يصلح، هذا أفعله وهذا لا أفعله..!!
وهذا نقيض ما خلقنا الله له، وأمرنا به، ودعتنا إليه جميع الرسل والأنبياء.
قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات 40).
وقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56)
وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}الأحزاب36
ولا خير في دعوة ناقضت هذه الأصول، ولو بلغ عدد أتباعها عدد حبات رمل العالم!
وتأملوا معي قول الله تعالى:
{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)} [الأنعام].
صح في سبب نزول هذه الآيات؛ عن خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه قال:
"جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي صلى الله عليه وسلم حقروهم، فأتوه فخلَوا به وقالوا: إنّا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا؛ فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: "نعم". قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا. قال: فدعا بصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية، فنزل جبرائيل عليه السلام فقال: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين)، ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين)، ثم قال: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة)...
قال خباب: فكنا نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم". [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
فهذا توجيه عظيم من الخالق جل وعلا إلى الدعاة إلى الله؛ ويتلخص في نهيهم عن جعل إرضاء المخالف منهجا في دعوتهم؛ ولا فرق بين كون المخالف كافرا أو مسلما عاصيا.
ومن مفاسد الإخلال بهذا التوجيه أيضا؛ أنه يسوق الداعية إلى مخالفة الأصل الثاني:
ألا وهو اتباع الخطوات المشروعة في دعوة الناس إلى الحق.
ومن ملامح الإخلال به في دعوة الأستاذ عمرو خالد:
الخلط بين التيسير والتمييع
السطحية في تناول المسألة الفقهية وعدم تحريرها
اتباع منهجية تتبع الرخص في الترجيح
الاستدلال بالنص في ما لا يدل عليه
ابتداع أحكام لم يقل بها عالم معتبر
والأمثلة على مخالفة الداعية عمرو للأصلين المذكورين كثيرة للأسف؛ وسنذكر نماذج لذلك من خلال بيان أخطائه في المسائل المتعلقة بالنساء
نواصل في هذا المقال ما بدأناه ؛ وننتقل فيه بعد التأصيل إلى التمثيل، وبعد الادعاء إلى الإثبات؛ وذلك عبر وقفات خمس لا يسمح حجم المقال بأكثر منها:
الوقفة الأولى: كلامه في ختان المرأة:
قال: (ما فيش أدلة قوية حقيقية على ختان المرأة - الختان ظلم شديد شديد شديد للمرأة)!! [مرئي].
قلت: هذا كلام عامي سوقي لا يمت للعلم بصلة، ولا للغة برابطة؛ وهل يعرف عند العلماء وصف الأدلة بالحقيقية؟!
وأما وصفها بأنها غير قوية، فتعالم فاضح، وجهل مركب؛ وهاك البيان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قعد بين شعبها الأربع، وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل".
قال الإمام أحمد: "وفي هذا أن النساء كُنّ يختتن". فهذه سنة تقريرية، وأصرح منه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم عطية: "إذا خفضت فأَشِمّي ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج".
والخفض هو ختان النساء.
فهذا الحديث أيضا يدل على أن ختن النساء كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأقره.
قال العلامة ابن القيم: "لا خلاف في استحبابه للأنثى، واختُلف في وجوبه".
وذهب بعض أهل العلم إلى التفريق بين النساء في البلاد الحارة؛ فيخفضن, وغيرهن؛ فلا يخفضن؛ لعدم الفضلة المشروع قطعها منهن.
فختان المرأة مستحب أو واجب، وليس ثمة قول بأنه حرام أو مكروه، فكيف يوصف بأنه ظلم للمرأة؟!!
وما دام هذا الحكم ثابتا شرعا؛ فلا ضرر على المرأة منه أبدا إذا كان بالكيفية المشروعة:
قال الماوردي: "وأما خفض المرأة؛ فهو قطع جلدة في الفرج، فوق مدخل الذكر ومخرج البول كالنواة, ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها".
وإنما قال بأنه يؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أشمي ولا تنهكي"، فالمشروع إزالة الأشم؛ أي المرتفع من الجلدة المستعلية على نواة البظر.
وهذه الجلدة؛ تتجمع فيها مفرزات باطن القلفة إذا كانت مفرطة النمو (وهو حال كثير من النساء في البلاد الحارّة)، لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها.
يقول (د. الغوابي): "تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ، ويكون لها رائحة كريهة، وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيتُ حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان للمصابة".
قلت: ومن فوائد الختان للمرأة؛ حمايتها من الغلمة والشبق، وما يترتب ذلك من المحافظة على عفتها.
ومنها: أن الختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر، الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من (3) سنتمترات عند انتصابه، فكيف للرجل أن يعاشر زوجته؟
وأما ما يفعله البعض من أخذ البظر بكامله، أو البظر مع الشفرين الصغيرين، فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى أضرار كثيرة؛ وهذا هو المعروف بالختان الفرعوني.
فالضجة "المفتعلة ضد ختان البنات لا مُسوغ لها، لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما: مخالفة السنة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة، ومن قِبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات".
الوقفة الثانية: إباحته سفر المرأة بغير محرم
قال: (مِن ظلم المرأة تقييد سفرها وتحركها وسياقتها للسيارة...، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "لتخرجن الظعينة من المدينة حتى تدخل الحيرة لا تخاف أحدا"؟). [مرئي].
قلت: إن هذا الحديث إخبار، وليس فيه ما يدل على مشروعية المخبر به، والأحاديث الناهية للمرأة عن السفر بغير محرم مستفيضة، وقد أجمع العلماء على عدم جواز سفرها بغير زوج أو محرم، إلا سفر الحج والعمرة، فذهب البعض إلى جوازه مع رفقة مأمونة.
الوقفة الثالثة: إباحته تولي المرأة الولايات العامة:
وقد خبط في هذه المسألة خبطا عجيبا، لي معه وقفة في مقال: [المرأة وتولي الولايات العامة؛ حُكم وحِكم].
ومن أعجب ذلك؛ الاستدلال على مشروعية تولي المرأة الملك ورئاسة الدولة بقصة بلقيس! قال: (دا القرآن بيثني على ذكائها وسياستها). [مرئي].
قلت: هذه منهجية في الاستدلال، ما عرفها الشافعي في رسالته، ولا مالك في موطئه، ولا أحمد في مسائله، ولا أبو حنيفة في اجتهاداته؟! وليت شعري، متى كانت أفعال المشرك حجة؟!
لقد أجمع العلماء أكتعون أبتعون أبصعون على عدم جواز تولي المرأة للخلافة.
والحكم نفسه في توليها الولايات العامة، ونُقل عن ابن جرير مشروعية توليها للقضاء، ونفى بعض المحققين ثبوت ذلك عنه.
الوقفة الرابعة: صده عن الحجاب الشرعي:
يقول: (إن المرأة غير المحجبة إن كان في نيتها الحجاب ولم تتحجب فإنها تثاب)!![مرئي].
سبحانك هذا بهتان عظيم؛ كيف تثاب من هي متلبسة مجاهرة بمخالفة قوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحزاب 33).
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم» ( ). فهل يثاب من هذا حاله؟!
ويقول في جواب اتصال هاتفي في قناة اقرأ في برنامج مجلة المرأة المسلمة: (مش عايزة تتحجبي مفيش مشكلة، ولكن احذري الملابس الضيقة)!!
وقد أشاع الرجل بين النساء لباسا؛ لا يخرج المرأة عن وصف التبرج، ولا يرفع عنها إثمه، ويخشى على من عدّته حجابا أن ينطبق عليها قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}(الكهف104).
والله تعالى إنما يُعبد بما شرع، وليس بما تهوى الأنفس، والحجاب لا يخرج عن هذه القاعدة.
الوقفة الخامسة: مجاهرته بالمعصية واستباحتها عمليا
وذلك من خلال الدروس واللقاءات المرئية المختلطة؛حيث يجالس النساء متزينات متبرجات، وينظر إليهن ويضاحكهن، ويضم إليهن ذكورا أكثرهم من الشباب، ويفسح المجال للنساء فيتكلمن بخضوع وغنج..
وهذا مستفيض عنه مرئيا. فهل ثبت عند الأستاذ عمرو نَسخ هذه النصوص:
قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}النور 30
وقال سبحانه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}الأحزاب 32
وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}الأحزاب 53
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة". (رواه أحمد وصححه الألباني)
وقال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله و ليتب إلى الله". (صحيح الجامع).
وقال عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" (صحيح الجامع)...
والمصيبة الأكبر؛ أنه يسوغ منكره وينسبه إلى الدين:
قال: (إن الصحابة كانوا يجتمعون رجالا ونساءً في دار الأرقم). ويؤكد ذلك بقوله: (خلي بالك ... رجالة وستات مفيش حاجز بينهم)!
ولا أدري من صَوّر له هذه الصورة: (مفيش حاجز بينهم)، وأين وجد هذه الرواية؟!
وعلى تسليم ثبوتها؛ فقد كان ذلك في أول الأمر، ثم نسخ بالنصوص التي ثبتت في تحريم الاختلاط:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء» ( ).
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال" ( ).
قال ابن حجر: "وفيه كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت" ( ).
.. أما بعد؛ فقد ظهر من خلال هذه الأمثلة لأخطاء الأستاذ عمرو خالد –هداه الله- في مسائل نسائية؛ أن الأمر يتعلق بمنهج متبع عند الرجل في دعوته، وليس مجرد أوهام أو سقطات، وأنه منهج هدام يحرف الدين، ويطمس معالمه عند من استجاب لتلك الدعوة.
وأخشى إن استمر انتشار هذا المنهج؛ أن يظهر مَن يُرخص لطبقة من البرجوازيين أن يقتصروا على ثلاث صلوات كما فعل قديما مسيلمة الكذاب!
وإنني إذ أرفض قول من قال: إن عَمراً عميل، يتعمد هدم الدين وتحريفه، وأنه زرعته أمريكا لهذا الغرض؛ فإنني ألحّ عليه أن يتراجع عن الأصول الفاسدة التي بنى عليها دعوته، وأنصح محبيه أن ينصروه بمساعدته على ذلك..
والله الهادي، لا رب سواه ولا إلاه غيره.</U>الشيخ حماد أبو عبد الله
الأول: الحرص المنضبط على هداية الناس
والثاني: اتباع الخطوات المشروعة لتحقيق تلك الهداية
قال الله سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }(الكهف 6)
وقال عز وجل: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(يوسف 108).
والمتأمل في منهجية الأستاذ عمرو خالد في الدعوة، والناظر في بعض ما نقل عنه من اعتذار عما نصح فيه؛ المتأمل في ذلك يلاحظ خللا بيِّنا عنده في الأمرين المذكورين:
أما إخلاله بالأول: فتجلى في خلطه بين الحرص المنضبط على هداية الناس، وبين الحرص على إرضائهم؛ وبينهما فرق كبير.
فالأول مشروع؛ وقد كان من صفات النبي صلى الله عليه وسلم التي مدحه بها الله تعالى مع إرشاده إلى عدم الحزن المهلك للنفس:
قال العلامة السعدي في تفسير الآية السابقة من سورة الكهف: "ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى: {لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين} وقال: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} وهنا قال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} أي: مهلكها، غما وأسفا عليهم.
وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غمّاً وأسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك.
وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: {إنك لا تهدي من أحببت} وموسى عليه السلام يقول: {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي} الآية، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}". [تفسير السعدي (ج 1/ص 470)].
وعدم التزام هذا التوجيه القرآني يؤدي إلى مفاسد منها: حرص الداعية على إرضاء الناس، واتخاذه ذلك أصلا في دعوته؛ مما يضطره إلى الوقوع في التأويلات الفاسدة والتساهل المذموم؛ وهذان الأخيران يؤديان إلى تحريف الدين، وتغيير معالمه، فينقلب الواقع في هذا الانحراف هادما للدين، بدلا من أن يكون داعية إليه، نسأل الله السلامة.
ويخشى على من هذا حاله أن يدخل فيمن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
..إن صاحب هذا الانحراف لا يقوم بما يجب على الداعية من حث الناس على مخالفة الهوى واتباع الشرع، ليكونوا بذلك عبادا لله اختيارا وانقيادا، بل يبعدهم عن هذا الواجب، ويوقعهم في نقيضه بجعلهم يتمادون في اتباع أهوائهم، مع محاولة ليّ الأحكام الشرعية لتتماشى مع ضلالهم.
فيصيرون بهذا أشد ضلالا مما كانوا عليه؛ لأن بقاءهم على انحرافهم مع الإقرار بأنه انحراف، خير من البقاء عليه مع اعتقاد صحته وصوابه.
ولو تأملنا في المعجبين بالخطاب الدعوي لعمرو، الرافضين لخطاب العلماء الربانيين ومن هو على دربهم من الدعاة الصادقين؛ لوجدنا عندهم انحرافا خطيرا؛ وهو أنهم يحكمون أهواءهم على الدين، ويجعلون هذا الأخير تابعا لا متبوعا وطائعا لا مطاعا.
ولسان حال الواحد منهم يقول لربه: إعرض عليّ دينك أنظر فيه، ثم يقول: هذا يصلح وهذا لا يصلح، هذا أفعله وهذا لا أفعله..!!
وهذا نقيض ما خلقنا الله له، وأمرنا به، ودعتنا إليه جميع الرسل والأنبياء.
قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات 40).
وقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56)
وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}الأحزاب36
ولا خير في دعوة ناقضت هذه الأصول، ولو بلغ عدد أتباعها عدد حبات رمل العالم!
وتأملوا معي قول الله تعالى:
{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)} [الأنعام].
صح في سبب نزول هذه الآيات؛ عن خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه قال:
"جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي صلى الله عليه وسلم حقروهم، فأتوه فخلَوا به وقالوا: إنّا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا؛ فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: "نعم". قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا. قال: فدعا بصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية، فنزل جبرائيل عليه السلام فقال: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين)، ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين)، ثم قال: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة)...
قال خباب: فكنا نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم". [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
فهذا توجيه عظيم من الخالق جل وعلا إلى الدعاة إلى الله؛ ويتلخص في نهيهم عن جعل إرضاء المخالف منهجا في دعوتهم؛ ولا فرق بين كون المخالف كافرا أو مسلما عاصيا.
ومن مفاسد الإخلال بهذا التوجيه أيضا؛ أنه يسوق الداعية إلى مخالفة الأصل الثاني:
ألا وهو اتباع الخطوات المشروعة في دعوة الناس إلى الحق.
ومن ملامح الإخلال به في دعوة الأستاذ عمرو خالد:
الخلط بين التيسير والتمييع
السطحية في تناول المسألة الفقهية وعدم تحريرها
اتباع منهجية تتبع الرخص في الترجيح
الاستدلال بالنص في ما لا يدل عليه
ابتداع أحكام لم يقل بها عالم معتبر
والأمثلة على مخالفة الداعية عمرو للأصلين المذكورين كثيرة للأسف؛ وسنذكر نماذج لذلك من خلال بيان أخطائه في المسائل المتعلقة بالنساء
نواصل في هذا المقال ما بدأناه ؛ وننتقل فيه بعد التأصيل إلى التمثيل، وبعد الادعاء إلى الإثبات؛ وذلك عبر وقفات خمس لا يسمح حجم المقال بأكثر منها:
الوقفة الأولى: كلامه في ختان المرأة:
قال: (ما فيش أدلة قوية حقيقية على ختان المرأة - الختان ظلم شديد شديد شديد للمرأة)!! [مرئي].
قلت: هذا كلام عامي سوقي لا يمت للعلم بصلة، ولا للغة برابطة؛ وهل يعرف عند العلماء وصف الأدلة بالحقيقية؟!
وأما وصفها بأنها غير قوية، فتعالم فاضح، وجهل مركب؛ وهاك البيان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قعد بين شعبها الأربع، وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل".
قال الإمام أحمد: "وفي هذا أن النساء كُنّ يختتن". فهذه سنة تقريرية، وأصرح منه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم عطية: "إذا خفضت فأَشِمّي ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج".
والخفض هو ختان النساء.
فهذا الحديث أيضا يدل على أن ختن النساء كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأقره.
قال العلامة ابن القيم: "لا خلاف في استحبابه للأنثى، واختُلف في وجوبه".
وذهب بعض أهل العلم إلى التفريق بين النساء في البلاد الحارة؛ فيخفضن, وغيرهن؛ فلا يخفضن؛ لعدم الفضلة المشروع قطعها منهن.
فختان المرأة مستحب أو واجب، وليس ثمة قول بأنه حرام أو مكروه، فكيف يوصف بأنه ظلم للمرأة؟!!
وما دام هذا الحكم ثابتا شرعا؛ فلا ضرر على المرأة منه أبدا إذا كان بالكيفية المشروعة:
قال الماوردي: "وأما خفض المرأة؛ فهو قطع جلدة في الفرج، فوق مدخل الذكر ومخرج البول كالنواة, ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها".
وإنما قال بأنه يؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أشمي ولا تنهكي"، فالمشروع إزالة الأشم؛ أي المرتفع من الجلدة المستعلية على نواة البظر.
وهذه الجلدة؛ تتجمع فيها مفرزات باطن القلفة إذا كانت مفرطة النمو (وهو حال كثير من النساء في البلاد الحارّة)، لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها.
يقول (د. الغوابي): "تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ، ويكون لها رائحة كريهة، وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيتُ حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان للمصابة".
قلت: ومن فوائد الختان للمرأة؛ حمايتها من الغلمة والشبق، وما يترتب ذلك من المحافظة على عفتها.
ومنها: أن الختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر، الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من (3) سنتمترات عند انتصابه، فكيف للرجل أن يعاشر زوجته؟
وأما ما يفعله البعض من أخذ البظر بكامله، أو البظر مع الشفرين الصغيرين، فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى أضرار كثيرة؛ وهذا هو المعروف بالختان الفرعوني.
فالضجة "المفتعلة ضد ختان البنات لا مُسوغ لها، لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما: مخالفة السنة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة، ومن قِبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات".
الوقفة الثانية: إباحته سفر المرأة بغير محرم
قال: (مِن ظلم المرأة تقييد سفرها وتحركها وسياقتها للسيارة...، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "لتخرجن الظعينة من المدينة حتى تدخل الحيرة لا تخاف أحدا"؟). [مرئي].
قلت: إن هذا الحديث إخبار، وليس فيه ما يدل على مشروعية المخبر به، والأحاديث الناهية للمرأة عن السفر بغير محرم مستفيضة، وقد أجمع العلماء على عدم جواز سفرها بغير زوج أو محرم، إلا سفر الحج والعمرة، فذهب البعض إلى جوازه مع رفقة مأمونة.
الوقفة الثالثة: إباحته تولي المرأة الولايات العامة:
وقد خبط في هذه المسألة خبطا عجيبا، لي معه وقفة في مقال: [المرأة وتولي الولايات العامة؛ حُكم وحِكم].
ومن أعجب ذلك؛ الاستدلال على مشروعية تولي المرأة الملك ورئاسة الدولة بقصة بلقيس! قال: (دا القرآن بيثني على ذكائها وسياستها). [مرئي].
قلت: هذه منهجية في الاستدلال، ما عرفها الشافعي في رسالته، ولا مالك في موطئه، ولا أحمد في مسائله، ولا أبو حنيفة في اجتهاداته؟! وليت شعري، متى كانت أفعال المشرك حجة؟!
لقد أجمع العلماء أكتعون أبتعون أبصعون على عدم جواز تولي المرأة للخلافة.
والحكم نفسه في توليها الولايات العامة، ونُقل عن ابن جرير مشروعية توليها للقضاء، ونفى بعض المحققين ثبوت ذلك عنه.
الوقفة الرابعة: صده عن الحجاب الشرعي:
يقول: (إن المرأة غير المحجبة إن كان في نيتها الحجاب ولم تتحجب فإنها تثاب)!![مرئي].
سبحانك هذا بهتان عظيم؛ كيف تثاب من هي متلبسة مجاهرة بمخالفة قوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحزاب 33).
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم» ( ). فهل يثاب من هذا حاله؟!
ويقول في جواب اتصال هاتفي في قناة اقرأ في برنامج مجلة المرأة المسلمة: (مش عايزة تتحجبي مفيش مشكلة، ولكن احذري الملابس الضيقة)!!
وقد أشاع الرجل بين النساء لباسا؛ لا يخرج المرأة عن وصف التبرج، ولا يرفع عنها إثمه، ويخشى على من عدّته حجابا أن ينطبق عليها قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}(الكهف104).
والله تعالى إنما يُعبد بما شرع، وليس بما تهوى الأنفس، والحجاب لا يخرج عن هذه القاعدة.
الوقفة الخامسة: مجاهرته بالمعصية واستباحتها عمليا
وذلك من خلال الدروس واللقاءات المرئية المختلطة؛حيث يجالس النساء متزينات متبرجات، وينظر إليهن ويضاحكهن، ويضم إليهن ذكورا أكثرهم من الشباب، ويفسح المجال للنساء فيتكلمن بخضوع وغنج..
وهذا مستفيض عنه مرئيا. فهل ثبت عند الأستاذ عمرو نَسخ هذه النصوص:
قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}النور 30
وقال سبحانه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}الأحزاب 32
وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}الأحزاب 53
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة". (رواه أحمد وصححه الألباني)
وقال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله و ليتب إلى الله". (صحيح الجامع).
وقال عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" (صحيح الجامع)...
والمصيبة الأكبر؛ أنه يسوغ منكره وينسبه إلى الدين:
قال: (إن الصحابة كانوا يجتمعون رجالا ونساءً في دار الأرقم). ويؤكد ذلك بقوله: (خلي بالك ... رجالة وستات مفيش حاجز بينهم)!
ولا أدري من صَوّر له هذه الصورة: (مفيش حاجز بينهم)، وأين وجد هذه الرواية؟!
وعلى تسليم ثبوتها؛ فقد كان ذلك في أول الأمر، ثم نسخ بالنصوص التي ثبتت في تحريم الاختلاط:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء» ( ).
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال" ( ).
قال ابن حجر: "وفيه كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت" ( ).
.. أما بعد؛ فقد ظهر من خلال هذه الأمثلة لأخطاء الأستاذ عمرو خالد –هداه الله- في مسائل نسائية؛ أن الأمر يتعلق بمنهج متبع عند الرجل في دعوته، وليس مجرد أوهام أو سقطات، وأنه منهج هدام يحرف الدين، ويطمس معالمه عند من استجاب لتلك الدعوة.
وأخشى إن استمر انتشار هذا المنهج؛ أن يظهر مَن يُرخص لطبقة من البرجوازيين أن يقتصروا على ثلاث صلوات كما فعل قديما مسيلمة الكذاب!
وإنني إذ أرفض قول من قال: إن عَمراً عميل، يتعمد هدم الدين وتحريفه، وأنه زرعته أمريكا لهذا الغرض؛ فإنني ألحّ عليه أن يتراجع عن الأصول الفاسدة التي بنى عليها دعوته، وأنصح محبيه أن ينصروه بمساعدته على ذلك..
والله الهادي، لا رب سواه ولا إلاه غيره.</U>الشيخ حماد أبو عبد الله