رد: يوميات متعلقَين ... يوميات مجنونة...قصة حقيقية
يوميات متعلقَين ... يوميات مجنونة...قصة حقيقية...
الحلقة السادسة عشرة والأخيرة
فاض قلب سلمى بالهم والحيرة، واكتوى بنار التعلق ، فلا جمال عبر عما ترنو إليه ولا هو أثبت أن لا شيء تجاهها لديه..
وما زاد الطين بلة هو رقم مجهول يزعجها تقريبا بشكل يومي منذ السنة الماضية، رسخ عندها وهما أن جمال من يؤكد لها حبه بطريقة غير مباشرة..
ورغم أنها مضطربة إلا أنها كانت تدعو الله تعالى أن يرفع عنها هذا الابتلاء الذي كانت سببا فيه، وندمت أشد الندم أنها فتحت قلبها لاستقبال أمر قبل أوانه..
سافرت بعد خبر رسوبها، وتركت أمها لا تفهم شيئا ومصدومة من الخبر، فسرته أنه كان بسبب صعوبة شعبة الصيدلة والجو العام للدراسة، الذي كانت تعرف عنه الكثير من خلال حوارها اليومي على طاولة العشاء مع ابنتها الحبيبة..
لم تكن تعلم أبدا أن ابنتها منشغلة القلب برجل لا يفكر في عواقب فعله، ولا يتقي الله في قلوب إماء الله.. فعل لا يكلفه شيئا، لكن كلف سلمى الكثير من التفكير والوقت والمال والمحاولات للنسيان..
لم يكن يدرك أن كل هذا سيحاسب عليه أمام ربه، يوم تبلى السرائر وتنكشف الحقائق.
قررت سلمى أخيرا التخلص من هذا الموضوع نهائيا، صلت استخارة ودعت الله تعالى بيقين أن يتوب عنها ويرفع عنها هذا البلاء الذي أدخلته بنفسها لحياتها.
ثم اتصلت بأسماء صديقتها الحميمة الثانية، والتي طالما نصحتها بأن كل هذه التفاصيل وهم، وأن الحب لا يكون قبل الزواج، وأن جمال لو كان حقا يريدها، ما كان توانى عن طلبها في حلال الله، بل وتجنب تعليقها بنظرات واهتمام واضحين لا يدلان على شيء سوى أنه إنسان غير أمين على حرمات الله..
لكن سلمى كانت تصم آذانها عن كلمات أسماء، وتطمئنها بأنها بخير وأنه سيتكلم يقينا، وتستسلم لكلمات فرح التي ترضي هواها.
ردت أسماء أخيرا، فأخبرتها سلمى أنها تود حلا حاسما لما وصلت إليه وأنها تحتاج مساعدتها.
فطلبت منها أسماء مهلة للتفكير والاستخارة.
ولأن أسماء كانت تعرف جمال وابنة حارته أيضا، وصديقة أخته..
فقد كانت تستشف جيدا أنه لا يصلح لسلمى وأنه فقط يتلاعب بمشاعرها ولو على حسن نية منه.
استخارت الله تعالى على أن تكلمه وأن ييسر الله لها معرفة الحقيقة لكي ترتاح صديقتها، وتنتبه لحياتها ومستقبلها.
لم تقل شيئا لسلمى، وانطلقت إلى دكان جمال بعد صلاة العصر. فوجدته هناك واستقبلها بابتسامة وترحاب. وسألها عن أخيها وأهلها.
اقتنت بعض الأغراض، وتردد هو في السؤال عن سلمى، التي غابت فجأة منذ أكثر من شهر.
لكنه سألها أخيرا.. وقال لها: لاحظت غياب صديقتك سلمى، لعله خير؟
فقالت مبتسمة: تجهز لعالمها الجديد بإذن الله.
فرد وقد فهم أنها ستتزوج، بينما هي قصدت التخلص من التعلق به: ألف مبارك، تستحق كل خير وهنيئا لمن يفوز بها..
فهمت أسماء من رده وملامحه أن لا شيء لديه تجاهها سوى إعجاب وانبهار بشخصيتها، وأنه كان يدرك حقا أنها لا تناسبه ولا يناسبها.
وهذا ما كان فعلا، فجمال لم يكن يفكر بتاتا بالزواج بها، كان فقط ينتصر لثقته بنفسه كرجل..
ألقت أسماء السلام وانسحبت راضية جدا بما توصلت إليه.
تحسر قليلا على خسران تواصل ممتع وزبونة جيدة. لكنه أفاق من سهوه بعد ظهور زبون جديد.
ذهبت إلى البيت فاتصلت بسلمى، وأخبرتها أن جمال لا يفكر بتاتا فيها وأنه فقط يقدرها ويحترمها.. وأكدت لها ذلك . وأوصتها بالاستغفار كلما تذكرته، ورفعت معنوياتها، وأن الله يخبئ لها كل خير ..
بكت سلمى طويلا، واشتعل قلبها نارا وحسرة وندم.
أحست في تلك الأيام بإهانة كبيرة وخيبة أمل عظيمة.. لازمت الاستغفار بإصرار، وشغلت وقتها بالمطالعة والأذكار، والرياضة والتأمل والابتكار...
بعد مرور اثني عشر سنة...
تم طلاق فرح ورزقها الله زوجا صالحا وذرية بفضله ومنه..
تعلمت سلمى الكثير... تعلمت ألا تفتح قلبها إلا لحلالها، وألا تضيع عمرها في انتظار مكتوب في الغيب... وركزت نقطة قوتها: التحليل والمنطق في دراستها وعملها الذي تميزت فيه بفضل الله تعالى...
وجهزت نفسها لتقيم أسرة سعيدة ومميزة مع رجل مميز... فمن يبحث عن السعادة، ومواصفات رائعة، يجب أن يكون هو أيضا رائع وسعيد ومميز
ملحوظة: إبراء للذمة، تم تعديل بعض النقط البسيطة، وتغيير الأسماء وبعض التفاصيل الصغيرة التي لا تضر بالقصة. حفاظا على سرية الموضوع وأصحابه.