كانت هي بداية مشوار لرجل في العقد الثالث من عمره... يخطو بتثاقل نحو وجهة قد تكون هي وجهته الأخيرة، تعلو محياه نظرة يائسة تكتنفها معركة داخلية حول القناعات التي شب عليها مع تلك الحقائق التي ترسخت في ذهنه منذ كان صغيرا... الأمر يفوق التوقع، يفوق التصور، أرواح لا تزال طليقة، ظواهر خارقة للطبيعة لم يشهدها من قبل؟؟ لا... الأمر يفوق كل هذا بكثير...
المشهد 01: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومضة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت هي بداية مشوار لرجل في العقد الثالث من عمره... يخطو بتثاقل نحو وجهة قد تكون هي وجهته الأخيرة، تعلو محياه نظرة يائسة تكتنفها معركة داخلية حول القناعات التي شب عليها مع تلك الحقائق التي ترسخت في ذهنه منذ كان صغيرا... الأمر يفوق التوقع، يفوق التصور، أرواح لا تزال طليقة، ظواهر خارقة للطبيعة لم يشهدها من قبل؟؟ لا... الأمر يفوق كل هذا بكثير...
ومضة زمنية تمر على بطلنا المسكين، المتشبث بآخر ما لديه من قطرات الحياة...، قاعة دراسية لأطفال صغار، اعمارهم لم تعرف اليأس بعد، يرن جرس الفسحة، وتنقلب القاعة رأسا على عقب، خروج متزاحم للتلاميذ الأبرياء من دون هوادة، أحدهم يقول بكل روح مرحة: هييييييه إنها الفسحة إنها الفسحة...
يخرج الجميع عدا المعلم وطفل صغير بقي جالسا على مقعده، انتبه له المعلم ونظر إله نظرة حيرة واستغراب، وسأل نفسه: لماذا لم يخرج هذا التلميذ مع اصدقاءه؟ هل هناك خطب ما؟...
اقترب منه المعلم خطوتين، وإذا بالتلميذ يقف من مقعده متجها بسرعة إلى معلمه، وقف امامه وسأله: معلمي! لماذا لا نستطيع التحكم في الساعة؟ ...
استغرب المعلم من سؤال تلميذه الذي طالما تعود على هدوئه في الفصل، أجابه المعلم: لا نستطيع بالطبع! (وفي وجهه نظرة ذهول)...
في هذه اللحظة ودونما ان ينتبه المعلم سالت دمعة على خد الطفل الصغير، وتسمر مكانه فجأة دونما اي حركة تذكر... ارتعب المعلم من هذا المشهد وصار ينادي على الطفل: كمال... كمال... مابك؟ اجبني كمال!!!
لبرهة من الزمن والمعلم يتسائل عما جرى مع هذا الطفل الصغير، وفجأة وفي اتجاه باب الفصل يسمع فرقعة قوية ونور ساطع يبرز من شق يظهر في الهواء، ليقفز من خلاله رجل يرتدي لباس غريب الشكل مرقط وذو انثناءات غريبة،
ركض مسرعا اتجاه المعلم والتلميذ المتسمر الجامد بقربه، نظر في عيني المعلم المصدوم والمذهول والمرتعب في نفس الوقت، وقال وهو يضع يده على الطفل: هذا الحاضر و أنا الماضي والمستقبل، اعتني بهذا الطفل عناية خاصة، وإلا رأيت مني عذابا لم تسمع عنه من قبل أيه المعلم! مفهووووم؟؟ ...
هز المعلم برأسه وقال: أجل أجل، انا طوع امرك أيه الغريب... اعتدل هذا الرجل الغريب في وقفته مثل عود الخيزران، ودمعت عينه اليمنى، وتلاشى جسده في غضون ثانية، وكأن شيئا لم يكن...
سعال وبكاء... لم يفهم المعلم ما جرى الآن، نظر يمينا وشمالا وكأن شيئا عزيزا منه قد فقده... سعال وبكاء... تذكر الطفل الذي امامه ونزل بنظره اتجاهه، وإذ بالطفل يبكي ويسعل بقوة، وكأنه تعرض لضرب مبرح،
صار المعلم يهدئ من روع الطفل كمال ولكن لا شيء معه ينفع، اخذه في حضنه وخرج به نحو البهو القريب من الفصل، ليهدأ الطفل فجأة من البكاء والسعال، دونما سابق انذار، وهو يقول: معلمي معلمي، لماذا اخرجتني إلى هنا؟ ألم نكن داخل الفصل؟ ولماذا انت خائف هكذا؟...
لم يفهم المعلم ماذا حصل لحد اللحظة، لكن ما بقي يدور في ذهنه هو كلمات ذلك الرجل الغريب: هـ..ذا الحاضـ.....ر ! وأنا الماضيـ... والمستقبل !؟
يتبعـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقراءة بقية المشاهد ولمتابعة أحداث الرواية يرجى الضغط على الوصلة التالية من هنا:
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 02: ـــــــــــــــــــــــــ الغريب! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هـ..ذا الحاضـ.....ر ! وأنا الماضيـ... والمستقبل !؟
من هذا الغريب؟ كيف أتى؟ وماذا يرتدي؟ أشعر بدوار رهيب! رأسييييي... آآآه... بقي المعلم بضع لحظات وهو يتخبط ويفكر فيما حدث داخل الفصل دونما توقف... تنزل قطرة ماء على رأسه لتعطيه ذلك التنبيه والأمر ان يتوقف تلقائيا، شيء بارد وقع على رأسي...
يرفع المعلم رأسه لأعلى ليرى فوقه غصن شجرة البرتقال والسماء مغيمة، وبعض زخات من المطر تهطل متفرقة وكأنها تعلن عن بداية حياة جديدة مع كل قطرة تقع على الأرض اليابسة...
يرن جرس انتهاء الفسحة ليعود التلاميذ لمقاعدهم وبداية درس جديد لحصة قواعد اللغة، ينتبه المعلم بان الولد ليس معه، الولد الذي كان يبكي ويتنفس بصعوبة ويسعل، يركض نحو الفصل ليراه في مقعده ويضحك مع صديقه "ياسين"...
يتنفس المعلم الصعداء ويدخل بتثاقل للفصل، يتوجه نحو مكتبه المليء بغبار الطبشور، وأوراقه الخاصة بالدروس، يأخذ المعلم ورقة بيضاء...لكن، انتبه لشكلها الغريب المتموج، يتساءل: كانت الورقة بحال جيدة لما وضعتها على مكتبي! ماذا حدث لها؟
يرمي ببصره نحو المكتب ليرى تموجات غريبة تشكلت بفعل غبار الطبشور المتناثر عليه منذ أول حصة، وكأنها صورة ملتقطة لتموجات الماء في إناء كبير... يسأل نفسه مجددا: كيف حدث هذا؟...
يتذكر فجأة الحادثة التي وقعت داخل الفصل قبل نهاية الفسحة، ومضات ذكريات تتقلب أمام نظره وفكره، الغريب... وذلك الشق الذي قفز منه... لم أسمع وقع أقدامه وخطواته وهو يتوجه نحوي! ...
يعيد المعلم تلك الحداث مرات ومرات دونما توقف، وهو في حالة ذهول وحيرة لما حدث، فجأة يركض نحوه التلميذ كمال بسرعة وهو ينادي: معلمي، معلمي؟؟ ألن نبدأ الدرس؟ ...
لم ينتبه المعلم لنداء كمال المتكرر، لكن كمال ما زال مصرا على بداية الدرس رغم اعتراضات زملائه في الفصل الذين يريدون تمضية هذه الساعة دونما دراسة...
يتقدم التلميذ النجيب كمال ويقف أمام المعلم، يضع يده على المكتب، ويده الأخرى على مئزر المعلم، وينادي: معلمي، معلميييي؟؟ ماذا حل بك؟...
ينظر المعلم لكمال بحيرة وتعجب!! ويخطف نظرة على مكتبه مرة أخرى، ينتقل ببصره فيه شبرا شبرا وكأنه أضاع شيئا ثمينا، ثم يلمح يد كمال على الطرف الآخر من المكتب، ليصرخ في وجهه بقوة: اذهب لمكانك أيها الغبي!! ويصفعه بقوة ليتدحرج كمال من المكتب نحو ركن الفصل الأمامي...
ينفجر كمال بالبكاء وهو يتألم بشدة من الصفحة وارتطامه بالجدار...
يلتفت المعلم نحو التلميذ كمال في ذهول، ويومض تفكيره في التحذير الذي قاله الغريب: اعتني بهذا الطفل عناية خاصة، وإلا رأيت مني عذابا لم تسمع عنه من قبل أيه المعلم! مفهووووم؟؟...
ترتعد فرائسه وكانه يشاهد الموت أمامه، يركض المعلم نحو كمال بسرعة، ليطمئن عليه، يتلمسه ويفحصه مثل المجانين، وكمال يبكي بكاء شديدا... يحمله بين ذراعيه، ويضعه على كرسي مكتبه، وهو يقول: اهدأ كمال بني، أنا آسف! سامحني أرجوك! ...
يهدأ الولد المسكين كمال روية، وينظر في عيني معلمه نضرة كره وغضب شديدين، تتخللها نظرات ألم ويأس... يسال كمال معلمه: لماذا صفعتني معلمي؟ لم أفعل شيء يزعجك! ...
يمسح المعلم على رأس كمال بكل خوف ولين، مرة، مرتين، عدة مرات، حتى هدأ كمال تماما وتوقف عن البكاء، والتلاميذ يشاهدون ما جرى في حيرة وخوف! ...
يلتفت المعلم مرة اخرى نحو مكتبه، ليعيد طرح أسألك كثيرة أخرى، ثم ينتبه لمكان توكأ كمال عليه، آثار رطوبة، وأيضا تموجات صغيرة من غبار الطبشور واضحة وصغيرة جدا...
يقف المعلم ويعتدل في وقفته ويلتفت بسرعة نحو مكتبه... يسأل نفسه السؤال الذي طالما بحث عنه: كيف حصل هذا؟ ولماذا هناك تموجات أخرى صغيرة الحجم في موضع توكأ تلميذي كمال؟ ... ينظر نحو مكتبه ونحو كمال في اضطراب...
يقفز المعلم فوق مكتبه ويقف في وسطه تماما، ينظر نحو تلك التموجات الكبيرة الحجم، يحدد بخياله مركزها، يتمم تلك الخطوط ... نعم هنا مركزها... لكن... هنا مكان وقوف الرجل الغريب!!
يتبعــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 03: ـــــــــــــــــــــــــــــ القفل! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكل فعل رد فعل مشابه له ويعاكسه في الاتجاه، ما حصل مع المعلم كان أكبر وأعظم من هذا بكثير، رأى أشياء لم يعلم عنها من قبل، وكأن عقله كان مغلقا، وقد فُتح على مصراعيه في مرة واحدة، ليجد نفسه طرفا في حكاية طويلة تستمر لسنوات عديدة مستقبلا... في الطرف الآخر من الشق، حيث انطلق الرجل الغريب من غرفة كبيرة وشاسعة، مصنوعة من الصخور الصماء ذات الملمس الناعم، والمزركشة بطريقة غاية في الروعة والاتقان، في وسط هذه الغرفة حفرة دائرية واسعة ذات عمق صغير مليئة بماء أزرق اللون، يتلألأ بروعة و رونق خلاب... على اطراف هذه الدائرة 12 قرصا معدنيا، كل قرص يحمل رمزا مختلفا عن البقية... يظهر فجأة رجلنا الغريب من وسط تلك الدائرة وهو ممدد على ظهره، تلي ظهوره فرقعة قوية ورنين حاد ليقف بعدها منتصبا وهو يتنهد ويتنفس بصعوبة من قوة انتقاله وعدم تحمله لهذه التقنية الغريبة من التنقل السريع... يخطوا بضع خطوات جهة اليمين نحو جدارية كبيرة منقوشة ومزخرفة بطريقة مهولة ومدهشة... يبتسم، ويقول في نفسه: هذه اللوحة تقصدني أنا! لكنني لا أتفق مع من رسمها... كم أنت غبي ومتسرع... صوت يصدر من تلك الدائرة العجيبة على الأرض، وفجأة تصدر من وسطها صاعقة مدوية نحو سقف هذه الغرفة المعدني "طططررققق"...
يجثو رجلنا الغريب على ركبتيه من هول الصاعقة ويديه على أذنيه وهو يصرخ من الألم، ينادي اتجاه الضوء الساطع: من هناك؟؟!! يلوح ببصره المرهق من قوة النور اتجاه الدائرة على الأرض، يلوح ذهابا وإيابا نحوها وهو يحاول معرفة من أتى من بعده للغرفة السرية... ضحكة صغيرة: هه هه هه ... أنا أحد أسياد هذا البناء القديم قدم الدهر والزمان... يظهر رجل مقنع ذو بدلة ذهبية ورداء أبيض ساطع، يمشي جهة اللوحة الجدارية، يضع يده عليها، فتتوهج الرسومات مع ألوانها ببهاء، ويقول للرجل الغريب: لم يخطئ أبدا، الذي رسمها كان مثلك تماما، لكنه كان متميزا جدا برسوماته، لهذا أوكلنا له مهمة وضع قصة لنهاية "الواثب" الذي يكون من بعده... لكنه طلب أن نمهله فترة من الزمن ليضع النهاية المأساوية بنفسه لمن يليه، وأتى بعد مدة وهو في حالة مزرية وجسد نحيل، ليبدأ عمله الأخير هنا، في هذه الغرفة وفي هذا الجدار بالتحديد، أعطيناه ما أراد من أدوات عجيبة كانت حكرا على أهل "بلاد السحرة" لأنه وببساطة نحن من سهلنا لهم الحصول عليها )قالها وهو يبتسم ابتسامة حادة مليئة بالتكبر ونظرة مستهترة( ...
الرجل الغريب: سيدي... لم أقصد الإهانة أو الاستعلاء على صرحكم ومقامكم العالي أبدا!؟ فأنتم الأوائل المختارين من طرف المبتكرين العظام... )يتحدث وهو في حالة رعب وخوف شديدين من الرجل ذو البدلة الذهبية(، اسمي هو "بارق"، هل تعرف معنى اسمى؟؟ ... يهز الرجل الغريب رأسه: لا... لا أعلم سيدي!! يضرب "بارق" بعصاه الأرض بقوة حتى تطاير الشرار من بلاط ارضية القاعة... ثم قال: ألم أنهاك عن التدخل في خط مسيرة البشرية؟ حتى التدخل في خط حياتك أنت؟!! الآن ستنال عقوبته لتدخلك المحرم بالزمن... يرمي "بارق" بعصاه نحو الدائرة ذات المياه الزرقاء العجيبة، وتثبت وسطها تماما وهي واقفة وتدور حول نفسها بسرعة رهيبة، ومصدرة معها رنين وتموجات صوتية حادة... وفجأة ... تضيء القاعة بنور ساطع مبهر، وتظهر أربعة من الأعمدة المعدنية وهي بارزة من الأرض مكان تلك الأقراص المثبتة على الأرض، وتبدأ بالتراشق بصواعق كهربائية مخيفة تهز الكيان وترعب أشد الرجال قسوة لهول هذا المشهد... أربعة أعمدة متقابلة تحدد الاتجاهات المعروفة عند الجميع...
أربعة أصوات تتكلم في انسجام تام، أحدها أنثوي... يستغرب رجلنا الغريب ويسأل نفسه في رعب وذهول وخوف شديد: من هؤلاء؟ من أين يتحدثون؟... بينما هو يحدث نفسه ويقلب ناظريه يمنة ويسرة إذ بطفل صغير يقف في وسط الدائرة العجيبة!! إنه ... إنـ.. إنه كمال؟؟ كـ...كـيف؟؟؟
يتبعـــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 04:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأثر! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه كمال!! كيف وصل إلى هنا؟؟ ولماذا؟ سأل رجلنا الغريب سيده "بارق"... نظر إليه بارق نظره رهيبة مليئة باللوم والعتاب والظلمة، وقال: ألا تعرف لماذا تم إحضاره إلى هنا؟ ألا تدري لماذا؟ سوف تعرف حالاااااا!!! تتفكك عصا "بارق" الواقفة في وسط تلك الدائرة العجيبة إلى شرائح ذهبية بقدر أصابع اليد، ذات أضواء صغيرة و خطوط بنائية غريبة الشكل، ثم تبدأ بالدوار حول بعضها البعض وهي تسبح في الهواء مثل الريش، لتأخذ شكل رأس أفعى الكوبرا من الأعلى ومن الأسفل تنقسم من المتصف حتى تلامس سطح ذلك الماء العجيب، أنها تشكيلة "قبر الفناء"... يتبسم بارق وهو يرى رجلنا الغريب وهو مليء باليأس والظلام يتسلل إلى روحه المحطمة، وفجأة ترن العصا مرة أخرى ليسحب الغريب نحوها وكأنه ورقة شجر تطير مع الريح، ليلتصق بها مصلوبا استعدادًا للمحاكمة التي أقيمة له دون أن يدري... يفيق الولد كمال من نومه فجأة، وينظر فوقه فيرى الغريب وهو مصلوب على تلك العصا الغريبة الشكل، ليتقاطع نظره مع نظر الرجل، وهنا كل شيء قد توقف... سكون رهيب... وكأن أرواحهما قد خرجت من جسديهما... لقد رأى أحدهما الآخر... أحس كلاهما بأنهما شخص واحد... ثم يختفي كمال ويتناثر مثل تراب مبلل ويندثر معها من غير أثر يذكر...
هنا تبدأ المحاكمة... يقولها أربعة أصوات مختلفة في تناسق تام... يتقدم بارق نحو الدائرة ليبدأ سرد ما فعله رجلنا الغريب في ذلك الفصل ثم ينتهي... يستغرب الغريب عن دقة الأحداث وما قاله بارق، ثم يتم بقوله: أنزع عنك الآن اللباس الذي منحتك إياه أيه الجندي العاصي... يمد بارق يده على صدر الغريب، يمسك بساعة غريبة الشكل ويعدل في عقاربها ليجعلها في اصطفاف واحد، تمام منتصف الليل، ليتجمع اللباس حو نفسه من اخمص قدميه حتى أطراف الساعة العجيبة المتحكمة فيه، في هذه الأثناء يتحدث الصوت الأنثوي ويقول: استشعر حدثا زمنيا تم إيقافه بسبب هذا اللباس، والآن قد تم!
تتغير نظرات الغريب وكأنه قد تم تقطيعه لأشلاء، يسود وجهه وتتساقط قطرات العرق المليئة بالندم والحسرة واليأس في تناغم لم يسبق له أن اختبره من قبل، يقول في نفسه: تباااا... لقد تم العبث بخطتي في تغيير مصير حياتي للأبد، تم إفشال وتخريب كل ما فعلته وخططت له بكل دقة! ماذا فعلت؟ ما هو الخطأ الذي اقترفته؟ كنت دقيقا للغاية! ... يرفع رأسه اتجاه سيده بارق ثم يقول: ما الذي أجرمته؟ ما هو خطئي؟... ينظر إليه بارق نظرة باردة خالية من الحياة، ثم يقول: الآن سوف تعرف في ما هو خطئك عزيزي!! "قبر الفناء" قم بتفعيل رأس الأفعى لنرى ماذا كان يخبئه علينا... ينظر الغريب في ذهول!! ويقول: مـ...مــاذا؟ رأس الأفعى؟ ... يرفع برأسه نحو الأعلى ليرى رأس الأفعى وهو يتمدد ويتوسع، ثم ينقض عليه، ليبتلعه بالكامل، ثم يدخله داخل وعاء مادي غريب الشكل ومتغير الهيئة... يصرخ بارق وهو يمد يده نحو رأس الأفعى: وقت الحقيقة! ...
يلمع فجأة كتف الغريب الأيمن ويرسم آثار لقبضة بشرية عليه... يتكلم الصوت الأنثوي مجددا: هذا ما توقعته من جندي ذكي كهذا، ههههههه... لقد أثار إعجابي حقا... فهمت لماذا أراد ان يخفي هذا الحدث الزمني، وما الغرض منه... إنه ذكي حقا... يستغرب بارق من كلامها ويقول: هل من توضيح جلالتك؟؟! تجيبه في استهتار وسخرية: أفضل أن يتم معاقبتك أنت لا هو! لأنه وبكل بساطة لم تفهم وتستوعب ما فعله لحد الآن! ... يرتجف بارق داخل بزته ويتراجع إلى الوراء لخطوة... يطأطئ رأسه ثم يفكر لبرهة من الزمن، دونما أية نتيجة تذكر... يعجز عن الفهم والتحليل...
يعود الغريب لوضعيته العادية وهو مصلوب على تلك العصى العجيبة وهو غائب عن الوعي، يتقدم بارق ويضع يده على رأس جنديه ثم تضيء قبضته ليستفيق بعدها رجلنا الغريب ورأسه تتمايل يمينا وشمال، ثم تجحظ عيناه ويصرخ بكل قوة... يصفعه بارق صفعة أعادته إلى رشده... ثم يمسك برأسه ويقول له: ما هدفك بكل ما فعلته؟ أريد شرحا مفصلا! يتدخل أحد تلك الأصوات المجهولة قائلا: انتهت المحاكمة!... يذهل بارق ويقول: ماذا؟؟؟
يتبعــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 04:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأثر! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه كمال!! كيف وصل إلى هنا؟؟ ولماذا؟ سأل رجلنا الغريب سيده "بارق"... نظر إليه بارق نظره رهيبة مليئة باللوم والعتاب والظلمة، وقال: ألا تعرف لماذا تم إحضاره إلى هنا؟ ألا تدري لماذا؟ سوف تعرف حالاااااا!!! تتفكك عصا "بارق" الواقفة في وسط تلك الدائرة العجيبة إلى شرائح ذهبية بقدر أصابع اليد، ذات أضواء صغيرة و خطوط بنائية غريبة الشكل، ثم تبدأ بالدوار حول بعضها البعض وهي تسبح في الهواء مثل الريش، لتأخذ شكل رأس أفعى الكوبرا من الأعلى ومن الأسفل تنقسم من المتصف حتى تلامس سطح ذلك الماء العجيب، أنها تشكيلة "قبر الفناء"... يتبسم بارق وهو يرى رجلنا الغريب وهو مليء باليأس والظلام يتسلل إلى روحه المحطمة، وفجأة ترن العصا مرة أخرى ليسحب الغريب نحوها وكأنه ورقة شجر تطير مع الريح، ليلتصق بها مصلوبا استعدادًا للمحاكمة التي أقيمة له دون أن يدري... يفيق الولد كمال من نومه فجأة، وينظر فوقه فيرى الغريب وهو مصلوب على تلك العصا الغريبة الشكل، ليتقاطع نظره مع نظر الرجل، وهنا كل شيء قد توقف... سكون رهيب... وكأن أرواحهما قد خرجت من جسديهما... لقد رأى أحدهما الآخر... أحس كلاهما بأنهما شخص واحد... ثم يختفي كمال ويتناثر مثل تراب مبلل ويندثر معها من غير أثر يذكر...
هنا تبدأ المحاكمة... يقولها أربعة أصوات مختلفة في تناسق تام... يتقدم بارق نحو الدائرة ليبدأ سرد ما فعله رجلنا الغريب في ذلك الفصل ثم ينتهي... يستغرب الغريب عن دقة الأحداث وما قاله بارق، ثم يتم بقوله: أنزع عنك الآن اللباس الذي منحتك إياه أيه الجندي العاصي... يمد بارق يده على صدر الغريب، يمسك بساعة غريبة الشكل ويعدل في عقاربها ليجعلها في اصطفاف واحد، تمام منتصف الليل، ليتجمع اللباس حو نفسه من اخمص قدميه حتى أطراف الساعة العجيبة المتحكمة فيه، في هذه الأثناء يتحدث الصوت الأنثوي ويقول: استشعر حدثا زمنيا تم إيقافه بسبب هذا اللباس، والآن قد تم!
تتغير نظرات الغريب وكأنه قد تم تقطيعه لأشلاء، يسود وجهه وتتساقط قطرات العرق المليئة بالندم والحسرة واليأس في تناغم لم يسبق له أن اختبره من قبل، يقول في نفسه: تباااا... لقد تم العبث بخطتي في تغيير مصير حياتي للأبد، تم إفشال وتخريب كل ما فعلته وخططت له بكل دقة! ماذا فعلت؟ ما هو الخطأ الذي اقترفته؟ كنت دقيقا للغاية! ... يرفع رأسه اتجاه سيده بارق ثم يقول: ما الذي أجرمته؟ ما هو خطئي؟... ينظر إليه بارق نظرة باردة خالية من الحياة، ثم يقول: الآن سوف تعرف في ما هو خطئك عزيزي!! "قبر الفناء" قم بتفعيل رأس الأفعى لنرى ماذا كان يخبئه علينا... ينظر الغريب في ذهول!! ويقول: مـ...مــاذا؟ رأس الأفعى؟ ... يرفع برأسه نحو الأعلى ليرى رأس الأفعى وهو يتمدد ويتوسع، ثم ينقض عليه، ليبتلعه بالكامل، ثم يدخله داخل وعاء مادي غريب الشكل ومتغير الهيئة... يصرخ بارق وهو يمد يده نحو رأس الأفعى: وقت الحقيقة! ...
يلمع فجأة كتف الغريب الأيمن ويرسم آثار لقبضة بشرية عليه... يتكلم الصوت الأنثوي مجددا: هذا ما توقعته من جندي ذكي كهذا، ههههههه... لقد أثار إعجابي حقا... فهمت لماذا أراد ان يخفي هذا الحدث الزمني، وما الغرض منه... إنه ذكي حقا... يستغرب بارق من كلامها ويقول: هل من توضيح جلالتك؟؟! تجيبه في استهتار وسخرية: أفضل أن يتم معاقبتك أنت لا هو! لأنه وبكل بساطة لم تفهم وتستوعب ما فعله لحد الآن! ... يرتجف بارق داخل بزته ويتراجع إلى الوراء لخطوة... يطأطئ رأسه ثم يفكر لبرهة من الزمن، دونما أية نتيجة تذكر... يعجز عن الفهم والتحليل...
يعود الغريب لوضعيته العادية وهو مصلوب على تلك العصى العجيبة وهو غائب عن الوعي، يتقدم بارق ويضع يده على رأس جنديه ثم تضيء قبضته ليستفيق بعدها رجلنا الغريب ورأسه تتمايل يمينا وشمال، ثم تجحظ عيناه ويصرخ بكل قوة... يصفعه بارق صفعة أعادته إلى رشده... ثم يمسك برأسه ويقول له: ما هدفك بكل ما فعلته؟ أريد شرحا مفصلا! يتدخل أحد تلك الأصوات المجهولة قائلا: انتهت المحاكمة!... يذهل بارق ويقول: ماذا؟؟؟
يتبعــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 05: ــــــــــــــــــــــــــــــــــ الوعد! ج1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت المحاكمة! يقولها أحد تلك الأصوات الغريبة... يذهل بارق ويقول: ماذا؟؟؟ سادتي! أصحاب الجلالة والمقام العالي! ماذا تقولون؟... يتكلمون دفعة واحد وفي تناسق: انتهت المحاكمة؛ وليتم ترقية هذا الجندي، وليزود بكل ما يلزم من أدوات... بارق ومع هذه الكلمات صعق وذهل، يلتفت يمينا وشمالا مثل مجنون زاد جنونا لجنونه... بالتأكيد لم يفهم شيء لحد الآن... يتكلم الصوت الأنثوي من جديد: بارق! لا تترك للحيرة طريقا لتفكيرك، من المفترض أن تكون بديهتك سريعة مثل اسمك اللامع، لكننا لن نفصح عما فعله جنديك المخلص، وبمرور الزمن ستعرف ما خطط له، وسيزداد عندك منزلة وتحبه أكثر، المهم الآن هو ما سنتفق عليه سوية... مع هذه الكلمات يستفيق رجلنا الغريب ويستعيد وعيه بشكل كامل، ويستوعب بأنه تم كشف أمر خطته... يعيد "بارق" الرجل إلى خارج الدائرة العجيبة، ويعيد تشكيل عصاه لما كانت عليه أول مرة بطقطقة أصابع ذات رنين متميز...
يقول الرجل الغريب: شكرا لكم أيها السادة الأوائل على تفهم قصدي لما فعلت، وبإذن الله ستنجح خطتي لدحر "الهامس" وإيقافه عند حده... هنا يفهم "بارق" مقصد جنديه مما فعله، يهز رأسه ويبتسم ابتسامة عريضة مليئة بالفخر، يضع يده على كتف رجلنا الغريب، ويقبضها قليلا، يلتفت إليه مبتسما، ويقول: شكرا لك سيدي بارق، إذا لم تفعل ما فعلته قبل قليل لما تفهمت الأمر وما استوعبت خطتي؛ هي وسيلتي لنقل الرسائل، لكن يجب التأكد من أمر مهم أولا، وهو ما جرى بعد قفزتي الزمنية الأخيرة... يرفع يديه ويطبقهما بشكل متوازي، ويفركهما بسرعة كبيرة لينتبه بأنه تم جرده من ردائه الخاص بالجنود الملكيين، فجأة تصدر دندنة أنثوية بكلمات غير مفهومة وبصوت خافت، لتخرج من الدائرة العجيبة كرة سوداء بحجم كرة السلة، مليئة بالخطوط الصفراء الذهبية الغريبة الشكل والكثيفة، تنفتح هذه الكرة مثل بيضة لتتخذ الشكل الآدمي، ثم يقول الصوت الأنثوي: ارتدي هذا الزي الخاص جدا، هي نتاج مئات السنوات من التطوير عالي المستوى، فقط لك أنت أيها الجندي المخلص، ارتديها بفخر، أنت الآن صرت قائد كتيبة جنود الزمن عندنا... يتقدم الرجل الغريب نحو هذا الزي في خوف شديد، تمر أمام عينيه ومضات ذكرى قديمة، حينما ارتدى زيه الأول... صراخ... وعرق شديد... يقترب ويضع يده في موضع القلب، ويقول: "بسم الله خالق الزمان والمكان"... تتفتح البدلة مثل وردة لوتس بنفسجية، يدخل الغريب فيها، ثم تلتئم، وهو يرتعش داخلها وينضر إلى يديه وقدميه، حتى التأم آخر مكان فيها وهو أعلى الصدر، يبرق ذلك المكان وتتشكل ساعة زمنية ذات ثلاث عقارب غريبة الشكل، يتبسم ابتسامة كبيرة، لأنه شعر بانه قد ولد من جديد...
يعيد فرك يديه ببعضهما، ليومض كفه بطريقة غريبة، تنتقل هذه الومضة نحو رأسه، ثم يغمض عينيه، يقول: آآآه، هكذا إذا... هذه البدلة ذات وعي خاص بها، فيها تكنولوجيا متطورة للغاية، لدرجة أنني شعرت بأن لها روحا خاصة بها، هه هه هه، إذا... لنبدأ من جديد... يضع يده اليمنى أما الساعة الملتصقة أعلى الصدر، يومض عقرب الثواني ثم يتمدد نحو يده، ويعطيها شحنة كهربائية قوية وسريعة مثل ومضة برق زرقاء يافعة، ليصدر بهذه الطريقة رنين صوتي متصاعد، يضم يده ثم يفتحها ويضعها على تلك الدائرة العجيبة ذات السائل الغريب، يتفتح صدع زمني عليها... يشعر هنا بشيء غريب ورهيب يصدر منها... يدخل رأسه فيها وينظر في الجهة الأخرى منها، حيث الأحداث لا تزال ساخنة في الفصل مع المعلم وكمال، الأحداث تتصاعد هناك بشكل خطير جدا...
يتم سحب رجلنا الغريب بقوة خفية، ليعود إلى تلك القاعة الملكية الغريبة والقديم، إنها قوة ذلك الصوت الأنثوي، تقول مخاطبة لبارق والرجل الغريب: انتظر عزيزي، لما العجلة؟! عليك أن تقطع لي وعدا، وعد ستكون ملزما على إنهائه، حتى لو اضطررت للتضحية بحياتك... تجحظ عينا رجلنا الغريب في ذهول... يتساءل في نفسه: أضحي بحياتي؟! ترى ما الذي تعرفه الملكة وتبقيه مخفيا عني؟؟... تقول وبلهجة قوية: عداني أن تتعاونا مهما بلغت بكما الظروف قسوة وخطورة، المهم هو نجاح الخطة!!...
يتبعــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 06: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الوعد! ج2 ــــــــــــــــــــــــــــــــ
عِداني أن تتعاونا مهما بلغت بكما الظروف قسوة وخطورة، المهم هو نجاح الخطة!! ما ينتظرك في مهمتك يتطلب أن تضحي بكل ما لديك في سبيلها، عليك بترك تلك المشاعر والأحاسيس ورائك، قد تكون البطولة خزي وندامة في مواجهة كيان مثل "الهامس"؛ ولا أخفيك أمرا يتضمن هذا الصرح جدارية سرية تنبأت بقدومه، بسبب خطأ في مهمة زمنية خارجة عن القانون... هنا صدم الجندي وبارق وجحظت عيناهما والتفتا لبعضهما البعض، وتبادلا تلك النظرات المرتعبة والمليئة باللوم... يتدخل الصوت الأنثوي: لا تخافا، أرجوكما أنتما الاثنين... سأتصرف هذه المرة بنفسي وأمحي من ذاكرة المعلم ما فعلته أيها الشاب المتسرع... تومض الغرفة بأكملها وتتوهج ثلاث مرات... يطل الجندي من جديد عبر ذلك الشق الزمني من جديد، وإذا كل من بالفصل مغمى عليه، تقول له الملكة: أكمل مهمتك، واحذر من أن يتم حدوث هذا الخطأ بأكمله؛ لأن الجدارية تنذر بذلك: "ينشق الزمان على غير المكان؛ وما يفترض أن يكون، فقد كان" أي أن ما كنا نخافه سيظهر لا محالة، لكن علينا أن نطيل في موعد ظهوره قدر الإمكان...
يقفز الجندي عبر الشق من جديد مشحونا بكل المعارف والأدوات الغريبة من اللباس الجديد الذي منح له... يسمع نفس الصوت الأنثوي لكنه داخل عقله: قد لا أستطيع التواصل معك كل مرة بنفس الشكل، ما يهم الآن هو أن تكون متيقظا لكل التفاصيل التي تحدث من حولك، كن سريع البديهة وتعلم من كل ما يحدث معك من تجارب، فقد تحتاجها في أمر مصيري... تقدم أيها الجندي "كمال"، تقدم وخلص الزمان من أعباء ومكائد الإنسان...
يتقدم "كمال" نحول المعلم المغمي عليه، ويحرك رأسه ويعدلها حتى لا يختنق بسبب التواء عنقه ووضعيته غير السليمة، يلتفت نحو التلاميذ؛ فجأة يستيقظ المعلم وتقع عينه مباشرة على كمال وهو يقوم بتصحيح وضعية التلاميذ الصغار المغمي عنهم، يجن جنونه ويقفز عليه بقطعة حديد حادة كانت في درج مكتبه، ينسل من وراءه دونما تحذير، لتلمع بدلة كمال وتعطيه التحذير بأن خطرا آتي من وراءه، يلتفت وإذ بالمعلم يلوح بقطعة الحديد ليتفاداها كمال برشاقة ويقفز بعيدا عنه في مؤخرة الفصل، يحاول جاهدا تغطية وجهه بيده، وأن يدافع عن نفسه بالأخرى، هنا تشتعل نيران غضب المعلم ويهجم عليه بكل قوته، يقفز عليه ويضربه على كتفه، لتتمزق البدلة ويسقط منها قطعة مربعة على الأرض، ينتبه لها كمال، ينحني لالتقاطها، لكن الهجمات المتتالية للمعلم تمنعه من ذلك، يفكر ويفكر وهو يتفادى الضربات، لكن لا وقت للتفكير في مثل هذه الظروف، ينسحب كمال عبر الباب ومن ثم يتسلق شجرة البرتقال في خفة وسرعة، ثم يختفي وكأنه تفتت في الهواء...
يخرج المعلم من الفصل مسرعا وعيناه تستشيطان غضبا وهو يلتفت يمينا وشمالا، فلا يرى ذلك الرجل الغريب ذو اللباس العجيب، يبقى على هذه الحالة لبرهة، ثم يتذكر أمر تلاميذه المغمي عنهم في الفصل، يصرخ عاليا: انجدوني أيها المعلمين، أيها المديييير... يركض الجميع في عجالة نحو الفصل "2-ب"، تسأل إحدى المعلمات في ذهول وهي ترى التلاميذ مغمي عنهم وكأنهم موتى: ماذا حصل لهم؟ كيف ولماذا أغمي عنهم جميعا هكذا؟ أجبني أيها المعلم "فريد"!!!... يجلس المعلم "فريد" على الأرض من هول الصدمة والأحداث المتتالية التي حصلت له، يمسك برأسه ويطأطئ ويشد على جسده وكأنه مجنون تم تخديره بلتر من المخدر ولم يزده إلا جنونا، تتقلب الومضات والذكريات في عينيه في تشويش رهيب وجنوني، تتعالى الأصوات في رأسه مع دوي ودوار، يغمض عينيه ويتنفس مطولا، شهيييييق، زفييييير، يكررها عدة مرات حتى هدأ... يلتفت إلى يمينه ويرى تلك القطعة من لباس الرجل الغريب وهي تتخذ الشكل الكروي وتلتف حول نفسها وكأنها كائن حي، يدخل يده في جيبه ويخرج منديلا، يغطي بها تلك الكرة الصغيرة العجيبة ثم يلفها بها ويضعها في جيبه دونما أن ينتبه له أي أحد من المعلمين المرعوبين حوله، ينظر إليهم، ثم ينظر إلى مقدمة الفصل، يتساءل في نفسه في حيرة: وكأن شيء حصل معي اليوم... ربما عاقبت أحد تلامذتي! لا... لم يحصل شيء، هو مجرد حلم بسبب غاز تسبب في فقدان وعي الجميع هنا... يتبعـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية المغامرة المحتومة والمقدرة بأن يلتقي "فريد" مع "كمال" مرتين وفي وقت واحد، وفي زمنين متقاربين جدا... هو ما تحدثت عنه تلك الجدارية السرية: "ينشق الزمان على غير المكان؛ وما يفترض أن يكون، فقد كان"...
ترقبوا المشهد السابع قريبا... بداية الأحداث مع "كمال" صغيرا وكبيرا... ومراقبته لـ "فريد" وما قد يفعله مع قطعة اللباس الجديد الذي منح له... العديد من الأسئلة والأجوبة ستعرفونها في الأحداث المقبلة... تحياتي... كريم.نت
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
هو نوع من جديد م الروآيـآتـ اذا
رواية خيالية مـٌقتبصة من فلم الواثب ع مااعتقد ( ذآكـ الفلم الامريكي الذي يقفز ف فجواتـ الزمن - ع ما اعتقد -)
اختيار موفق للشخصيـآتـ فقط اعيب عليكـ ف جـٌزئية صغيرة وهي الخط الصغير و انصحكـ بتلوينه احيـآنـآ ليجدب القـآرئ ويسهل عليه تصفحه بعفوية وبسـآطة
ولكي يستمتع به اكثر ف اكثر وخاصة عندما تنتقل بالحوار من شخصية لاخرى
اعتذر ع التدخل ولكني اهوى فن الرواية كثيرا لذا وجدتني الان اتلذذ بكلماتك وارتشفها ببطء لولا انكـ تركتنا ف منتصف الطريق مـُتسـآئلين ع فعل فريد بالرُقعة تلك وكيفية انتساب كمال للواثبين ف الزمن
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
أدخلتي السرور إلى قلبي أختي الفاضلة نينا
فعلا، نفس التنبيهات وجهت لي على الفيسبوك
لهذا توقفت عن نشر المشاهد منفصلة، وانا الآن اعمل على وضع الرواية في أجزاء مرفقة بصور مرسومة من طرفي
مع تعديلات بسيطة على كيفية كتابة الحوارات...
سيكون مستقبلا نوع جديد من الروايات
فقط لو أنني أكثر استقلالية مما انا عليه الآن
ضغط عمل و مسؤوليات
تحياتي
كريم.نت
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
نعم أختي المشرفة
هي من قلمي وتأليفي الخاص... وهو أول عملي لي في الرواية... أفكر في عمل اجزاء لها، كل جزء يحمل قصة مختلفة، وتدور كلها في نفس البوتقة ومركز الأحداث...
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
حسنا هذا المكان مخصص لقسم القصص و الروايات المنقولات راجع الأقسام جيدا سينقل الموضوع لمكانه الصحيح و موفق فيما تفعله
و سنراقب أعمالك إن كانت حصرية في المنتدى ستنال الرواية تقييما منا و من الإدارة تشرف لهذا الموضوع سيفيدك
و نحن هنا للمساعدة أيضا فيما تفعله
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
عذرا على تأخري في نشر بقية المشاهد المثيرة من رواية تمائم الهلاك... سأضع بين ايديكم المشاهد من 7 حتى 13... وبعدها ستكون رباعيات او خماسيات لأحداث متسلسلة وخاصة مع بعضها البعض مرة واحدة...
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 07: ـــــــــــــــــــ الواثب الأول ـــــــــــــــــــــــ
" يوم أمطرت السماء نورا " حكاية تناقلتها الأجيال في قرية نائية وسط أدغال كثيفة ومترامية الأطراف، لدرجة أنها عزلت من الزمان والمكان، فأضحت طي النسيان من الشعوب الأخرى المجاورة لها... عرفت هذه القرية بنبات عجيب له تأثير خاص على البشر، ليس نباتا كبير الحجم بطبيعة الحال، إنما هو نوع من الطحالب التي لا تنمو إلا على أطراف نهر عجيب ومقدس لدى هذه القرية المنعزلة عن العالم، يستعمل كعلاج سريع في حال وقوع أي إصابة تخطر على بالكم، حتى الخطير منها إن لم يتم معالجة المصاب في الوقت المناسب، إنه علاج سريع وعجيب، توضع كمية من هذا الطحلب على موضع الإصابة ليتوهج بشكل يتماشى مع دقات قلب المصاب، وكأنه متحد بالروح عند اتصاله بالجسم، يشعر ويتحسس شكل وحجم الألم، ليبدأ تأثيره العجيب، لم يعرف من أين جاء هذا الطحلب، لكنه موجود منذ القدم، قدم أول مستوطن على هذه الأرض التي نسيها الزمن.
" الأول " هو زعيم هذه القرية، بالطبع لديه قصته الملحمية ليستلم الزعامة هنا، إذ أنه لا شيوخ ولا عجائز هنا، كلهم إما شباب أو قريبين من سن الكهولة، ما هو السر يا ترى؟ لكي نعرف السر، يجب أن نعود لـ 430 سنة للوراء؛ بالضبط لأول رجل وطئت قدمه هذه الأرض، اسمه سوف يحفر على أغلى أنواع المعادن والحجارة الكريمة فيما بعد، لأنه سيغدو أسطورة هذه القرية الخالدة، " أيهم " رجل في ريعان شبابه، في الثلاثين من عمره، كان يقطن احدى القرى على أطراف غابة عظيمة، كانت تعرف هذه الغابة بالعالم المجهول، إذ لا أحد قام باكتشافها ومعرفة خباياها من مخلوقات ونباتات، كان " أيهم " شغوفا ومغامرا منذ صغره، لا يكتفي عن طرح الأسئلة لأي كان، طبيعته هذه التي شب عليها منذ نعومة أظافره، ستكون سببا في أن يكون ذا سيط واسعا ومنقطع النظير مستقبلا.
تزوج " أيهم " قبل أن يبدأ مغامرته الشيقة لاكتشاف أغوار الغابة العظيمة، إنها " نائلة " لا أقول عليها سعيدة الحظ أو كئيبة الحظ، لماذا؟ لو كانت تدري ما سينتظرها مع " أيهم " لربما تراجعت عن قرارها في الزواج به... لا علينا من هذا كله، بكل تأكيد سيعرض أيهم أن تذهب نائلة معه في رحلته الطويلة لاكتشاف الغابة المجهولة، لكن والدها رفض ذلك، وبعد عدة محاولات رضخ الوالد المسكين لطلب أيهم في اصطحاب نائلة معه، الوالد كان لديه احساس غريب في ان هذه الرحلة محفوفة بالمخاطر الكثيرة والمهولة في نفس الوقت، لا لشيء، فقط لأن المجهول دائما يكون أخطر من معرفتك بأن أسدا واقفا أمامك مستعد لقتلك في طرفة عين، وفرصتك بالنجاة قريبة من الصفر، ليس الصفر تماما، لكنه الموت المحتم أولا وآخرا.
أيهم كان يستعد لهذه الرحلة لسنوات، تدرب جسديا ونفسيا لخوض هذه المغامرة المصيرية، أكتاف عريضة، سواعد كبيرة وصلبة، أقدام عريضة وقوية جدا، نعم، كان يعرف ما ينتظره بالداخل، كان يتخيل أيهم دائما بأنه يتصارع مع أعتى الوحوش الأسطورية التي تخيلتها البشرية قاطبة، بالطبع هي أسطورية وخيالية ولم تكون أبدا موجودة، أبدا... لهذا اكتسب هذه الصلابة والقوة والرزانة، تعلم أيهم عندما كان بسن الخامسة درسا لم ينساه أبدا، إنه درس أعطاه إياه أبوه، أجلسه أمام موقد للنار عليه قدر كبيرة فيها طعام يطهى، كان دائما ومنذ أن بدأ أيهم يحبي، كان أبوه يحرسه ويبعده عن أي خطر، وبكل تأكيد، لا أحد يدخل للمطبخ عدى الأم أو الأب، فقط، إلا أن شغف أيهم غير العادي بمعرفة واكتشاف كل شيء أرق الوالد المتعب دائما بسبب اللحاق به لأي مكان (كم كنت مشاغبا يا أيهم)، قرر الوالد تعليم درسا خاصا لأيهم العنيد، وفي الوقت المناسب، وصل بطلنا الصغير سن الخامسة، يعني في أوج مراحل استيعابه للخطأ والصواب، أجلسه أمام الموقد، وأمره بوضع يده على القدر التي كان الطعام يغلي بداخلها، لم يجرب أيهم هذا مسبقا، لكنه كان يعرف بأنه أمر خاطئ.
عينا أيهم تبرق وتتألق كأنها تقول أريد ان أجرب وأن أعرف ماذا سيحصل، بلا مسؤولية، بلا احساس بالندم لما سيحصل بعد التجربة، شعور مسبق بالنتائج، شعور دفع بالوالد بأن يصرخ على أيهم: "ضع يدك على القدر أيها الشقي..."، مع هذه الصرخة، باشرت يد أيهم اتجاهها صوب القدر، تتلامس أطراف الأصابع، يبدأ أيهم بالتألم والابتسام في نفس الوقت، يبعد يده عن القدر المغلية... يصرخ بأعلى صوته: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه، إنه شعور رااااائع جدا... ثم يطأطئ من الألم وتبدأ الدموع تنهمر من عينيه... مع كل هذه المشاهد غير المنطقية للعقل، ينهار الوالد ويجثو على ركبتيه، تركض الأم مسرعة نحو صوت الصراخ في المطبخ، تدخل ثم تلتفت بسرعة وهي تنادي: ابني أيهم؟ ابني أيهم؟ ماذا جرى لك؟ تبصره من بعيد وهو مطأطئ على الأرض، ويبكي من الألم، تقفز نحوه وتمسكه وتجذبه إلى حضنها الحنون، إنها غريزة الأم، لم ترى شيئا من حولها سوى ان ابنها أيهم كان يصرخ من الألم، لم تلحظ حتى زوجها الذي كان جاثيا على ركبتيه بجوار أيهم وهو في حالة ذهول. .... يتبعـــ
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 08: ـــــــــــــــــ الصدع العظيم 01 ـــــــــــــــــــ
تحمل الأم المفجوعة ابنها أيهم الذي كان يتألم بشدة بسبب الحروق البليغة التي تعرضت لها يديه، تحمله بكل عطف وحنان: (ابني أيهم... ماذا حصل حتى احترقت هكذا؟) ينظر إليها أيهم وابتسامة عريضة تعلو محياه ووجهه أحمر اللون والدموع على خديه، يجيبها: (لا يا أمي، لقد أردت تجربة الإحساس بحرارة القدر)... تتوقف الأم عن المشي في رواق المنزل، تنظر إليه بتعجب شديد، وتطرح في ذهنها العشرات بل المئات من التساؤلات في نفس الوقت: (كيف؟ لماذا؟ ولأي شيء فعل هذا؟ هل ابني مريض أو قد ولد بعقل قليل الإدراك؟ ..؟؟؟)، لم تفهم وقتها بأن ابنها قد ولد بمقدرة تفوق الحد الطبيعي للإدراك والشعور، وبحواس تفوق أقرانه في القوة والحساسية، ينظر ويسمع ويشم ويحس ويستوعب بشكل يفوق حتى عمره الذي لم يتجاوز حتى سن الشباب، لا يزال فتى يافعا، مليء بالفضول وحب الاستكشاف.
تمضي السنين على صديقنا أيهم، هو الآن في ريعان شبابه، وقد تزوج، وهو يستعد لمغامرة العمر، أو لنسميها مغامرة العصر لبشرية لم تكتشف عالما ولم تحاول حتى، لم يتجاوز حدودها الحضارية بمقدار ميل حتى، انه الخوف، أو الخوف من المعتقدات والخرافات التي تناقلتها الأجيال السابقة، الجهل، أكبر كارثة يمكن أن تصيب الشعوب، لكن حدثت طفرة انسانية متميزة، ستقلب موازين الدول فيما بينها، وتجعلها تتصادم وتتناحر فيما بينها مستقبلا، ليس بالبعيد، لكنه أمر حتمي لما سيحدث في مغامرة أيهم الاستكشافية للغابة العظيمة المجهولة.
يشد بطلنا أيهم الرحال مع زوجته نائلة، خط السير المتفق عليه هو النهر الكبير الذي يشق موطنه لنصفين، شرقي وغربي، الاتجاه هو شمالي النهر، النهاية الأولى المتفق عليها في هذه الرحلة هو حدود منبع النهر العظيم، ورسم خريطة له ومساره وكيفية نشأته وبنيته، حتى يكون مرجعا استكشافيا للجميع فيما بعد، ينظر أيهم في عيني زوجته نائلة ويقول: يجب أن يكون في ذهنك بأننا سنتعرض للأهوال والشدائد ومختلف المخاطر، نحن مقبلون على المجهول، ربما نلتقي بأحد أبطال قصص جدتي الخرافية، أو أحد مخلوقات حكايات أمي الأسطورية... كل شيء ممكن الحدوث في مكان كل شيء فيه مجهول وغامض.
تتنفس نائلة بصعوبة وتبلع ريقها... يتبسم إليها أيهم ويقول: اطمئني يا عزيزتي، ما دمت أنا معك فلا تخافي، فقط كوني دائما بمحاذاتي ولا تبتعدي عني أكثر من مجال خطوتين، فلا نعرف ماذا سيصيبنا لو افترقنا... الحذر ثم الحذر، لو شعرتي بالتعب أعلميني بذلك، أو لمحتي أي شيء مريب أعلميني به على الفور، أي صوت أي حركة غريبة... أريدك أن تكوني عيني الثالثة التي ستعلمني بما لم تستشعره أعيني و حواسي الأخرى... تضحك نائلة وتشد على يديه وتقول: لا تخف عزيزي أيهم، سأكون نعم العون والمعين لك في هذه الرحلة... ولا تشعرني بأنني قليلة الشأن، انت تعلم بأنني قوية مثلك(مع شرارة مرعبة من عينيها)... يضحك أيهم والخوف يتملكه(كم هي مخيفة عندما تغضب، "ههه ههه ههه")... حسنا حسنا يا نائلة، هكذا صرت أكثر اطمئنانا... سنتحرك غدا عند أول إشراقة للشمس.
ينطلق الزوجين في هذه الغامرة التي ستغير كل شيء مستقبلا... حتى شخصيتهما وفكرهما واعتقاداتهما التي شبو عليها، كل بضع دقائق من المشي داخل الغابة لاحظ أيهم بأن كل شيء يكبر ويصبح أكثر قدما وعمرا، إنها أشجار بعمر القرون، أماكن لم تطأها أية قدم بشرية... مع مرور الوقت في أول يوم من الرحلة صادف البطلان المستكشفان أكثر المشاهد غرابة، لم يرو لها مثيلا من قبل، وكل مرة يخرج أيهم دفترا متوسط الحجك ويدون كل الملاحظات التي يراها، ثم يعطيه لنائلة لتقوم بدورها برسم المشهد بكل دقة وعناية، فريق شبه متكامل، في انتظار الركن الثالث من مغامرتهم المثيرة...
يصلان إلى شبه بحيرة على طرق النهر العظيم المليئة بالغرائب كلما توغلوا في الغابة العظيمة، يقرران التخييم والراحة في أول أيام المغامرة، يقرر أيهم السباحة قليلا في هذه البحيرة الهادئة، هادئة؟ لما قلت هادئة؟ احساس غريب تخبرني بأنني مخطئ بخصوصها... تلمع عينين من الأعماق وكأنهما مصباح قوي الإنارة، لتكشف عن المخلوق الكامن ورائها، إنه سيد هذه البحيرة والمسيطر عنها والحامي لها، وفي لمح البصر يقفز هذا المخلوق العملاق بقوة هائلة ليمسك بصديقنا أيهم، ساحبا إياه نحو أعماق هذه المنزل البحري المهيب... ومن بعيد تتسمر نائلة بعيون جاحظة وسكون رهيب يسبق فورة الصراخ رعبا بعدما عاد إليها وعيها بما حدث قبل ثواني قليلة جدا...
يتبعـــ....
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 09: ـــــــــــــــ الصدع العظيم 02 ـــــــــــــــــــــ
تمر اللحظات والثواني على نائلة المصدومة بشدة من المشهد الذي رأته للتو... رهييييب بكل معنى الكلمة، بينما أيهم يستمر نزولا نحو أعماق البحيرة المهيب والمظلم، يحاول جاهدا التملص من قبضة هذا المخلوق البحري العجيب، الذي لم يرى مثيلا له من قبل، بين الأنقليس البحري وبين أفعى الأناكوندا العملاقة، ربما هي طفرة حصلت لتاتي بهكذا مخلوق كبير وعملاق وقوي في نفس الوقت... يبدأ أيهم في فقد الهواء الذي كان في رئتيه بسرعة... ومع رعب اللحظة والمشهد والصراع الذي يحدث بينهما يستل أيهم سكينا حادا كان قد ربطه بقدمه احتياطا لهكذا أزمات ولحظات صعبة، يغرسه في جسم المخلوق، ليرميه بعيدا بسبب ألم الطعنة، لكن الظرف والمكان غير مناسبين في كل الأحوال، لأن المخلوق قد هوى به لأعماق البحيرة المهيب... مع بعض الجروح في جسد بطلنا "أيهم"، يبدأ بفقدان وعيه شيئا فشيئا، ونظره يشيح رويدا رويدا، يحاول النظر يمينا وشمالا عله يظفر بشيء ينجيه من الموت المحتم... يستمر في النزول لأن مياه البحيرة ضحلة، لو كانت نهرا جاريا لما طفى أيهم نحو الأعلى... ياله من حظ عاثر... بل هو شيء استثنائي يحصل هنا.
نائلة تصرخ و تولول بكل صوتها وتستنجد دونما أي رد، بطبيعة الحال هي في مكان خالي تماما من أي بشر، لكن، عيون متربصة تنظر من بعيد، بين ظلال الغابة العظيمة، ينتظر اللحظة المناسبة ليقوم بعمله المحتوم والمقدر له ان يقوم به في مثل هذا اليوم العسير... والآن، حانت اللحظة المناسبة لهذا الظل الغريب المتربص، ليقفز من شجرة لأخرى وكأنه عديم الوزن، مثل الريشة وزنا و مرونة وقوة النمور بطشا، ثم يقفز هذا الشخص الغريب داخل البحيرة، تلمحه نائلة من بعيد في الطرف الآخر للبحيرة، تمسح عينيها ثم تنظر من جديد، تقول في فكرها: "ما هذا؟ هل انا أتوهم؟؟ لا... انا أتوهم"... ثم تفقد وعيها وترتمي على الأرض وكأنها جثة هامدة.
يغوص الغريب لأعماق البحيرة باحثا عن أيهم، يسبح هنا وهناك وكأنه دولفين رشيق الحركة، من أين أتى بكل هذه القوة والمرونة؟ (الراوي)، يجده في منتصف الطريق نحو قاع البحيرة، يلتقطه، لكنه لا يسحبه للأعلى!! ... إلى أين يسحبه يا ترى؟ ... يتنبه صديقنا أيهم لهذا الشيء الغريب الذي يسحبه نحو العمق أكثر فأكثر، يحاول النظر جيدا، لكن ظلمة البحيرة يطغى على المكان بسرعة كبيرة... بعد برهة يضيء جسم الغريب بأنوار ساطعة و ملونة، يضيء ما حوله لمسافة بعيدة نسبيا، يواصل الغوص نحو القاع، ليكشف عن صدع كبيرة فيه، يستمر في الغوص داخل الصدع، وأنفاس أيهم تلقي بآخرها هنا ليغيب عن الوعي تماما... يلاحظ الغريب انتهاء الهواء عند أيهم، ويسرع في الغوص أكثر، حتى يكشف عن نهر آخر داخل الصدع، مياه زرقاء اللون، كلون طفئة النار الزرقاء... غريب المظهر ويتموج بشكل عجيب وغريب.
يرمي الغريب ببطلنا أيهم الجريح داخل هذا النهر العجيب... بحيرة داخلها نهر مياهه أكثر ثقلا وكثافة ولزوجة... بدأت الأمور تأخذ مجرى مختلف هنا... يلمع المكان الذي فيه أيهم داخل هذه المياه الغريبة... يلمع كل ما حوله، ثم تبدا برمي شرار كهربائي طفيف، ثم يصبح أقوى فأقوى كلما مرت الثواني... يبتعد الغريب قليلا ويبقى مترصدا لأيهم الجريح... ثم سكون، سكون، سكون... لحظات ترقب كاملة، ليقذف بأيهم سريعا وكأنه سهم منطلق من نبل قوي... نحو الأعلى، يلحق به الغريب أيضا بسرعة رهيبة... يحاذيه أثناء الانطلاق نحو أعلى البحيرة، ثم يمسكه برفق، ويشده إليه بقوة، ثم يسحبه إلى طرف البحيرة، حتى وصلا السطح ليقفزا منه وكأنهما سمكة تم اصطيادها بسنارة محترف... يسحب الغريب أيهم ويضعه بقرب نائلة المغمي عنها، يفحصه جيدا وكأنه يبحث عن شيء ما، لكنه لم يجد ما يبحث عنه، لأنه لم يتوقع مكانه كما كان متعودا عليه... شيء خاص جدا يصدر من تلك المياه العميقة الغريبة، له دور هام في الأيام القليلة القادمة لأيهم البطل، أحد الأطراف المهمة لتعويذة الحياة المستقبلية القادمة لجيل كامل من أحفاده القادمين...
يلتفت الغريب يمينا ويسارا عله يظفر بما كان يبحث عنه في جسم أيهم النائم، لكنه بحث بلا جدوى، تستفيق نائلة بشق الأنفس، لا تزال حواسها في فوضى عارمة جراء الصدمة الكبيرة، تفتح عينيها بصعوبة بالغة، تنظر لأعلى نحو السماء الزرقاء، ثم تنزل نحو الأرض بنظرها الشحيح، تلمح أيهم نائم بجانبها، تغمض ثم تفتح عينيها من جديد... تمعن النظر، ثم تبرز التفاصيل أكثر فأكثر: "نعم... هو أيهم!! أيهم عزيزي" تنهض ثم تمسكه بقوة وتسحبه نحوها ثم تحتضنه بكل قوة، تنظر يمينا وشمالا علها تفهم ما حدث، لكن دون جدوى... تسأل العشرات من الأسئلة في وقت واحد: "كيف وصلت إلى هنا؟ ألم تكن..؟ كيف نجوت من الموت؟؟ كيف..؟ ..كيف؟؟؟" يستفيق أيهم وهو يسعل بحرقة بالغة، يسعل ثم يسعل حتى تلفظ بلؤلؤة زرقاء متلألئة براقة جدا... يتعجبان لهذه اللؤلؤة الجميلة والرائعة، يتساءل أيهم: "كيف نجوت؟؟ وما الذي أتى بي إلى هنا؟ لقد كنت في أعماق البحيرة المظلم...؟ ثم كيف ابتلعت هذا الحجر الغريب المصقول؟" تأخذ نائلة اللؤلؤة من يد أيهم، ترفعها عاليا نحو نور الشمس، وتمعن النظر فيها جيدا... تلاحظ بعض التلألأ داخلها، يتزايد شيئا فشيئا... تستغرب، ثم تطلب من أيهم أن ينظر لها كما فعلت، يرفعها نحو نور الشمس، ويلاحظ أيضا ذلك التلألأ القوي داخلها، الشمس عمودية تماما فوقهما، يتمدد على ظهره المتعب، ثم يمعن النظر فيها من جديد... وهنا...
يتبعـــ ...
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 10: ـــــــــــــــ الوريث الأول ـــــــــــــــــــ
يتثاقل جسد أيهم المرهق بعد صراع سريع وخطير مع ذلك المخلوق المائي الضخم... يرفع تلك اللؤلؤة وهو ممدود على ظهره، يعامدها مع الشمس وبين ناظريه، يلاحظ ذلك التلألأ العجيب المتزايد، يغلق عينه اليسرى، ويركز بعينه اليمنى عله يلقى تفسيرا لهذه الظاهرة الغريبة... وهنا... تشع اللؤلؤة بقوة شديدة ويتسمر كل شيء في مكانه، حتى ذرات الغبار العالقة في الهواء لا تتحرك، يخرج نور ساطع من اللؤلؤة بشكل عمودي، وكأنه عدسة تكبر أشعة الشمس من الجهتين، في هذه اللحظات السريعة جدا تبدأ اللؤلؤة بالتفتت إلى غبار دقيق جدا ويتسرب إلى داخل عين أيهم اليمنى بسرعة خاطفة، ليمزق عينه وكأنها طعنة خنجر، ثم تلتئم بسرعة هائلة بشكل ساحر وكأنها بناءات سماوية تتشكل بحجمها الدقيق داخل العين... عجيب وغريب ورهيب في نفس الوقت...
من بعيد، ذلك الظل المترصد المليء بالكراهية، ينقض ويقفز من شجرة بعيدة، كيف امكنه ذلك وكل ما حول أيهم عالق في الزمان والمكان، لا حركة ولا أي دليل على الحياة، في أي شيء يحيط به!! ... هناك سر وراء هذا المجهول، وهو في الهواء، يتحرك كل شيء ويعود لطبيعته السابقة، تدب الحياة في كل شيء حول بطلنا وزوجته...، هنا يدرك المجهول أنه في ورطة حقيقية، يغير من وجهة قفزته نحو داخل البحيرة، لكنه أتخذ قرارا خاطئا، (حظه في هذه اللحظة شيء جدا) فيتلقفه المخلوق البحري العملاق، ويشد عليه الخناق بقوة، لأنه ظن بأنه أيهم الذي تصارع معه قبل قليل، يسحبه نحو اعماق البحيرة ويختفيان... بكل سرعة وبكل بساطة قد تخطر ببالكم...
غير مدرك بما حصل معه، يدخل أيهم في هستيريا ألم رهيبة في عينه اليمنى، لم تعرف نائلة ماذا حصل، تعيد التذكر، فلا تجد شيئا في ذاكرتها عدى أنها كانت تنظر لأيهم وهو بين براثن المخلوق المائي، لكن لا شيء آخر بعده... ذهول ومتاهات ذاكرة شبه محطمة، تمسك بأيهم وهي تناديه: "أيهم؟ ماذا بك؟ ما بال عينك اليمنى؟؟"... بينما هو يتألم يدخل أيهم في صراع داخلي وهواجس وذكريات غير مرتبة... يسمع أصواتا رهيبة لبرهة، ثم ضحكات بريئة لبرهة أخرى... يحتار ويحتار ويدخل في دوامة التفسير غير المنطقية، "ماذا يحصل لي؟" أشعر بلهيب حارق داخل عيني...؟؟؟
في هذه اللحظات يسمع عواء ذئب من بعيد، عواء بصوت عال جدا، لدرجة ان كل مخلوقات الغابة المجهولة صارت تصيح في فوضى عارمة... يخرج لهب أزرق من بين الأشجار، لكنه لا يحرقها، يتفاجأ أيهم ونائلة من هذا المشهد السريع... يقفز ذئب ضخم من شجرة عملاقة في الطرف المقابل من البحيرة، ويستقر بجانب أيهم الذي نسي أمر ألم عينه اليمنى، ينقض عليه الذئب الضخم ذو الشكل العجيب ويثبت أيهم بأحد قائمتيه الأماميتين على الأرض، ثم يعوي بصوت أشد حدة من قبل، لدرجة أن الفضاء المحيط بالمكان لنطوي ويتموج، أدرك أيهم بأنه أحد المخلوقات الأسطورية المعمرة في هذه الغابة العظيمة مجهولة المعالم، نائلة قد أغمي عنها في الحال(للمرة الثانية)، طأطأ الذئب وبدأ في النظر اتجاه أيهم الممدد تحت مخالبه، بدأ يشم هنا وهناك في جسده المبلل، ثم فتح فمه، بدأت بعض السحب الدخانية الزرقاء في الظهور عند حلقه، هنا أدرك أيهم بأنه سيكون وجبته المشوية التالية لهذا الذئب العجيب، لكن سرعان ما سيغير رأيه فيم بعد...
يبرز مخلوق صغير جدا من بين فراء الذئب، وكأنه جنية سحرية غاية في الجمال، تمسك بعينه اليمنى وتفتح جفونها بكل يسر وبطئ، ثم تندمج تلك الجنية مع وجه أيهم وتثبت على جنبات عينه وكأنها رسمة ملونة مذهلة وأسطورية، وهنا، تنطلق ألسنة اللهب الأزرق نحو عين أيهم المفتوحة، وكأنها تصب في قمع حلزوني داخل مقلته المشقوقة... يصرخ أيهم بشكل جنوني وبكل صوته... للحظات، لبرهة، ينطوي كل ما حول الذئب وأيهم، فوضى وصور غريبة تظهر في الهواء، ضياء هنا وهناك، ومضات غريبة متداخلة، كلها في نفس الوقت، تظهر وتختفي... وفجأة ودون سابق انذار يختفي الذئب وكأنه تلاشى في الهواء...
يبقى أيهم على ظهره مستلقيا، عينيه جاحظتين، فمه مفتوح على مصراعيه لكن دونما أي صوت يذكر، متسمر في مكانه، نائلة بجانبه ممددة بلا حراك وكأنها دون روح، لا رياح ولا أي حركة لما حولهما، وكأن المطقة كلها تم تفجيرها في لحظة دونما تدمير!! فقط هدوء رهيب... أيهم لا يزال كما هو، لكنه في صراع داخلي مع ما حصل اليوم معه، داخل عينه اليمنى يرى كل شيء أمامه، وكأنه عرض مسرحي ضخم، لا يستوعب ما يحصل له، وما حصل منذ لحظات ومنذ دقائق، يحاول ان يستجمع كل شيء في وقت واحد، يقاربهم جميعا داخل عقله لم لوهلة تنقصل كل الأجزاء، وكأنها لعبة ألغاز لتركيب الصورة الكاملة بشكل صحيح... في هذه الأثناء يبرز صوت داخلي، عميق وثخين وله هول ومهابة في نفس الوقت، يرتعب أيهم، ويلتفت يمينا وشمالا، ولا يجد أي أحد، ثم يعيد الصوت تكرار نفس الكلمات من جديد: مرحبا بك أيها الواثب الأول، يا وريث الوقت والزمان، لديك مهمة عظيمة تنتظرك، وعليك ببناء مملكتك الأولى داخل هذه الغابة العظيمة المقدسة، لا يمكنك التخلي أو التراجع الآن، قدرك صار محتوما، وقد اخترناك على ملايين البشر من أهل هذه الأرض... وسيأتي من بعدك آخر العابثين في الزمن، لينهي قصة دامت آلاف السنين، ويزيل لعنة الخلود على الكثيرين...
يتبعـــ