النجم الغامض
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 12 أوت 2006
- المشاركات
- 127
- نقاط التفاعل
- 27
- النقاط
- 7
رد: رواية: تمائم الهلاك؛ الكتاب الأول: تميمة الوقت
المشهد 11: ــــــــــــ عجائب الغابة المقدسة ــــــــــــــــ
نسميه في يومنا الحاضر بالروتين، وفي رحلة بطلنا أيهم ندعوه بالمغامرة، مع أنه في كل يوم من أيامه مغامرة مختلفة، حتى لو كانت معلومة صغيرة مكتسبة، هي بمثابة خطوة فكرية، ومثيلاتها كثيرة من الأفكار التي قد نتصادف معها أو تتقاطع نظم حياتنا معها...
لم يفهم "أيهم" ما قاله ذلك الصوت الداخلي في عقله، لكن الألم قد زال، وهذا لوحده كاف ليهدأ للحظات وجيزة... ثم يتذكر زوجتم المسكينة المغمي عليها: "لم تكتفي لحد الآن حياتها البائسة من الصدمات، قرار رحلة مجهولة ونحو المجهول، ثم هجوم مفاجئ من مخلوق مائي مهيب، ثم ذئب المسك الأزرق العملاق (أتت تسمية الذئب عفويا في تفكير أيهم... لكنه أصاب في التسمية بشكل كامل) ثم هذا الصوت الداخلي مع كلام غير مفهوم ومجهول المعاني." يلتفت إليها محاولا إيقاظها؛ وبمجرد أن لمس وجهها حتى استفاقت "نائلة" مع صرخة عالية مليئة بالرعب، ليمسكها "أيهم" ويحضنها بقوة ويشد مسكته عليها حتى هدأت وهو يقول له: (اهدئي يا نائلة، أنا هنا، أنا بخير، يكفي صراخا أرجوك...)؛ تلتفت نائلة يمينا وشمالا، وحتى أنها ألقى بناظريها نحو الأعلى!! تسأله على عجالة: (أين ذلك الذئب المخيف؟ أين ذهب، وهل أصابك مكروه عزيزي أيهم؟)، يجيبها فورا: (نعم، الذئب اختفى وكأنه لم يكن موجودا، وأنا بخير وبصحة جيدة بطريقة ما لا أفهمها، وعن نفسي لا أزال مشوشا والأفكار تتضارب في عقلي وكأنها حرب ضروس).
القدر ينادي من بعيد عن نهاية لا نعتبرها مأساوية كما عهدناها من تلك الأساطير القديمة، بل ربما قد نصل إلى مفهوم بسيط لها ونشبهها بالتضحية... أسرار هذه الغابة العجيبة سيكون لها وقع كبير في نفيسة أيهم ومعتقداته، ومع توغله فيها كل ساعة إلا ويظهر له مخلوق جديد، منها الذي يستطيع أن يجعله داجنا، ومنه المفترس الذي يبقى في منأى عن شراكه... قد يطول سرد هذا المخلوقات في هذه النقطة، لكن سأحكي لكم عن أهمها في مشوار أيهم ونائلة داخل هذه الغابة العظيمة المجهولة.
أول ما صادفهم بعد حادثة الذئب العجيبة بدأت تتوالى عليهم مخلوقات "الهيولى"، وهي نوع من الأحصنة النادرة والتي تتواجد إلا هنا، لماذا؟؟ لا أحد يدري سبب ندرة واحتكارية هذا المكان لهذه المخلوقات... لربما سيبقى سرها مجهولا حتى نهاية العالم، انجذبت هذه المخلوقات البديعة لرائحة التفاح الذي كان بحوزة نائلة كمؤونة أولية لبداية الرحلة، نظرا لقيمتها الغذائية العالية وخفة وزنها أيضا، مكان السلة كان بعيدا عن مكان جلوسها مع أيهم بجانب البحيرة العظيمة، انتبهت لها وبدأت في الصراخ عليها أن ابتعدي بعيدا، وتناولت في يدها عصى لتهشها بها لكنها لم تتحرك من مكانها، وكلما اقتربت منها "نائلة" ازداد لون وبرها دكونة، وأقدامها تقدح الأرض بحوافرها، وبمجرد ان اقتربت منها كثيرا، ابتعدت عنها بقفزة رشيقة جدا، وكأنه لا وزن لها، فكر "أيهم" لبرهة ثم نادى "نائلة" ليأمرها ان تتوقف عن تخويفها وإبعادها، تقدم ببطء وتناول في يده حبة تفاح صغيرة، ليغريها بأكل التفاح اللذيذ، تثاقل أحد الأحصنة وبدأ يقترب ببطء وحذر شديدين، وكلما اقترب ضرب بقدمه الأرض بقوة ليتطاير منها الشرار، تنبه "أيهم" بأنه كلما نظر في عيني هذا الحصان ازداد هيجانا، فكر بسرعة، وأغلق عينيه، وتقدم ببطء أكثر، حتى هدأ الحصان وبدأ في شم يده التي تحمل حبة التفاح، وبدأ يأكلها، قضمة تلوى القضمة، ومد يده الأخرى ليمسح بها وجه الحصان، وبدأ يفتح عينيه عينيه ببطء شديد، ووقع نظره على عيني الحصان وابتسم ابتسامة خالية من أي مشاعر سلبية، وكأنه يقول للحصان، أنا صديقك الوفي... هنا صار الحصان يصهل بقوة، وبدأ القطيع يقترب من أيهم شيئا فشيئا، حتى زال التوتر بينهم، عانق أيهم الحصان بكل هدوء، ثم ضمه وتمسك به جيدا، وصعد على ظهره، وأعطاه آخر قضمة من حبة التفاح، ليكون بداية صداقة بينهما، وبداية أحداث قد لا يفهمها أيهم فيما بعد، ليكون هذا الحصان سببا في خروجه سالما من هذه الغابة العجيبة، وبداية الإستيطان وتنفيذ أوامر ذلك الصوت الداخلي في عقل أيهم.
فكر أيهم في سرعة تقدمهم في الغابة، وأمر نائلة بأن يبطئا السير، والتمعن أكثر في أسرارها، وجرد وتدوين أنواع المخلوقات التي تعيش فيها، وكشف أسرارها وسبب تواجدها فقط هنا، ومع مرور الأيام والأسابيع والشهور، شعرت نائلة بألم في بطنها، وبغثيان شديد، فهم أيهم على الفور سبب هذه الحالة، وتبسم وقال لها: (وكأنك لم تدركي الأمر بعد؟ مبارك علينا عزيزتي، فقريبا سنرزق بأول أبنائنا)، لم تتمالك نائلة نفسها وارتمت في حضن زوجها أيهم والفرحة تعلو وجهيهما، مع دموع منهمرة على محياها، وبعد برهة، أدركت نائلة بأنها ستكون في موقف أكثر خطورة في حال أنها أصبحت في الشهور الأخيرة من الحمل، وعلى الفور أمرت أيهم ببناء بيت يحميهم من ضواري الغابة العظيمة، التفت أيهم يمينا وشمالا، وفكر كثيرا، هل يبني البيت على قمة صخرية أو فوق شجرة ضخمة منعزلة قليلا عن بقية الأشجار، وكان الخيار على وجهة كانت نائلة تنظر إليها، الشجرة الكبيرة التي هي على طرف البحيرة الكبيرة، والتي ظهر منها ذلك الذئب العملاق... قال أيهم وهو مسرور: (أحسنت الاختيار عزيزتي الغالية، موقع ممتاز، قريب من البحيرة لصيد السمك، وقريب من الغابة لجمع الفواكه والأكل الذي تزخر به، بسم الله، توكلنا على الله)...
يتبعـــ...
المشهد 11: ــــــــــــ عجائب الغابة المقدسة ــــــــــــــــ
نسميه في يومنا الحاضر بالروتين، وفي رحلة بطلنا أيهم ندعوه بالمغامرة، مع أنه في كل يوم من أيامه مغامرة مختلفة، حتى لو كانت معلومة صغيرة مكتسبة، هي بمثابة خطوة فكرية، ومثيلاتها كثيرة من الأفكار التي قد نتصادف معها أو تتقاطع نظم حياتنا معها...
لم يفهم "أيهم" ما قاله ذلك الصوت الداخلي في عقله، لكن الألم قد زال، وهذا لوحده كاف ليهدأ للحظات وجيزة... ثم يتذكر زوجتم المسكينة المغمي عليها: "لم تكتفي لحد الآن حياتها البائسة من الصدمات، قرار رحلة مجهولة ونحو المجهول، ثم هجوم مفاجئ من مخلوق مائي مهيب، ثم ذئب المسك الأزرق العملاق (أتت تسمية الذئب عفويا في تفكير أيهم... لكنه أصاب في التسمية بشكل كامل) ثم هذا الصوت الداخلي مع كلام غير مفهوم ومجهول المعاني." يلتفت إليها محاولا إيقاظها؛ وبمجرد أن لمس وجهها حتى استفاقت "نائلة" مع صرخة عالية مليئة بالرعب، ليمسكها "أيهم" ويحضنها بقوة ويشد مسكته عليها حتى هدأت وهو يقول له: (اهدئي يا نائلة، أنا هنا، أنا بخير، يكفي صراخا أرجوك...)؛ تلتفت نائلة يمينا وشمالا، وحتى أنها ألقى بناظريها نحو الأعلى!! تسأله على عجالة: (أين ذلك الذئب المخيف؟ أين ذهب، وهل أصابك مكروه عزيزي أيهم؟)، يجيبها فورا: (نعم، الذئب اختفى وكأنه لم يكن موجودا، وأنا بخير وبصحة جيدة بطريقة ما لا أفهمها، وعن نفسي لا أزال مشوشا والأفكار تتضارب في عقلي وكأنها حرب ضروس).
القدر ينادي من بعيد عن نهاية لا نعتبرها مأساوية كما عهدناها من تلك الأساطير القديمة، بل ربما قد نصل إلى مفهوم بسيط لها ونشبهها بالتضحية... أسرار هذه الغابة العجيبة سيكون لها وقع كبير في نفيسة أيهم ومعتقداته، ومع توغله فيها كل ساعة إلا ويظهر له مخلوق جديد، منها الذي يستطيع أن يجعله داجنا، ومنه المفترس الذي يبقى في منأى عن شراكه... قد يطول سرد هذا المخلوقات في هذه النقطة، لكن سأحكي لكم عن أهمها في مشوار أيهم ونائلة داخل هذه الغابة العظيمة المجهولة.
أول ما صادفهم بعد حادثة الذئب العجيبة بدأت تتوالى عليهم مخلوقات "الهيولى"، وهي نوع من الأحصنة النادرة والتي تتواجد إلا هنا، لماذا؟؟ لا أحد يدري سبب ندرة واحتكارية هذا المكان لهذه المخلوقات... لربما سيبقى سرها مجهولا حتى نهاية العالم، انجذبت هذه المخلوقات البديعة لرائحة التفاح الذي كان بحوزة نائلة كمؤونة أولية لبداية الرحلة، نظرا لقيمتها الغذائية العالية وخفة وزنها أيضا، مكان السلة كان بعيدا عن مكان جلوسها مع أيهم بجانب البحيرة العظيمة، انتبهت لها وبدأت في الصراخ عليها أن ابتعدي بعيدا، وتناولت في يدها عصى لتهشها بها لكنها لم تتحرك من مكانها، وكلما اقتربت منها "نائلة" ازداد لون وبرها دكونة، وأقدامها تقدح الأرض بحوافرها، وبمجرد ان اقتربت منها كثيرا، ابتعدت عنها بقفزة رشيقة جدا، وكأنه لا وزن لها، فكر "أيهم" لبرهة ثم نادى "نائلة" ليأمرها ان تتوقف عن تخويفها وإبعادها، تقدم ببطء وتناول في يده حبة تفاح صغيرة، ليغريها بأكل التفاح اللذيذ، تثاقل أحد الأحصنة وبدأ يقترب ببطء وحذر شديدين، وكلما اقترب ضرب بقدمه الأرض بقوة ليتطاير منها الشرار، تنبه "أيهم" بأنه كلما نظر في عيني هذا الحصان ازداد هيجانا، فكر بسرعة، وأغلق عينيه، وتقدم ببطء أكثر، حتى هدأ الحصان وبدأ في شم يده التي تحمل حبة التفاح، وبدأ يأكلها، قضمة تلوى القضمة، ومد يده الأخرى ليمسح بها وجه الحصان، وبدأ يفتح عينيه عينيه ببطء شديد، ووقع نظره على عيني الحصان وابتسم ابتسامة خالية من أي مشاعر سلبية، وكأنه يقول للحصان، أنا صديقك الوفي... هنا صار الحصان يصهل بقوة، وبدأ القطيع يقترب من أيهم شيئا فشيئا، حتى زال التوتر بينهم، عانق أيهم الحصان بكل هدوء، ثم ضمه وتمسك به جيدا، وصعد على ظهره، وأعطاه آخر قضمة من حبة التفاح، ليكون بداية صداقة بينهما، وبداية أحداث قد لا يفهمها أيهم فيما بعد، ليكون هذا الحصان سببا في خروجه سالما من هذه الغابة العجيبة، وبداية الإستيطان وتنفيذ أوامر ذلك الصوت الداخلي في عقل أيهم.
فكر أيهم في سرعة تقدمهم في الغابة، وأمر نائلة بأن يبطئا السير، والتمعن أكثر في أسرارها، وجرد وتدوين أنواع المخلوقات التي تعيش فيها، وكشف أسرارها وسبب تواجدها فقط هنا، ومع مرور الأيام والأسابيع والشهور، شعرت نائلة بألم في بطنها، وبغثيان شديد، فهم أيهم على الفور سبب هذه الحالة، وتبسم وقال لها: (وكأنك لم تدركي الأمر بعد؟ مبارك علينا عزيزتي، فقريبا سنرزق بأول أبنائنا)، لم تتمالك نائلة نفسها وارتمت في حضن زوجها أيهم والفرحة تعلو وجهيهما، مع دموع منهمرة على محياها، وبعد برهة، أدركت نائلة بأنها ستكون في موقف أكثر خطورة في حال أنها أصبحت في الشهور الأخيرة من الحمل، وعلى الفور أمرت أيهم ببناء بيت يحميهم من ضواري الغابة العظيمة، التفت أيهم يمينا وشمالا، وفكر كثيرا، هل يبني البيت على قمة صخرية أو فوق شجرة ضخمة منعزلة قليلا عن بقية الأشجار، وكان الخيار على وجهة كانت نائلة تنظر إليها، الشجرة الكبيرة التي هي على طرف البحيرة الكبيرة، والتي ظهر منها ذلك الذئب العملاق... قال أيهم وهو مسرور: (أحسنت الاختيار عزيزتي الغالية، موقع ممتاز، قريب من البحيرة لصيد السمك، وقريب من الغابة لجمع الفواكه والأكل الذي تزخر به، بسم الله، توكلنا على الله)...
يتبعـــ...