رد: جزار وعينيه رادار...سلسلة ساخرة
سلسلة مواقف طريفة مع جزار في حي شعبي..
وقع الجزار أرضا بما جنت عيناه ولسانه، وقبل ذلك جحظت عيناه من المفاجأة، إنهم إخوة الفتاة التي سأل عنها ذلك الشاب في النهار..
وقف الشبان الثلاثة وقد أمسكوا العصي بحرفية وكسروا الدكان فوق رأسه، بعد أن بلغهم الخبر من حيث لا يعلم ولا يجد مفر...
التف حوله كل الحي وقد شغلوا راداراتهم وأطلقوا سراح آذانهم، لتدقق وتتحرى، وتأتي لهم ولو برأس الخيط وسبب الحدث..
هاجت الأصوات، بين كركبة المنتقمين وذبذبة أعين الفضوليين ومشاعرهم..
وصابر الرادار كسير العين محتار، دمه مشرشر في الأرض أنهار..
وبعد أن تم الانتقام لأجل الفارس الهمام الذي ضيعه صابر النمام، انسحب الشباب اللئام وتركوا صابرا وأهل الحارة يضربون أخماسا في أسداس وكثرت الأفهام والتحليلات للحدث من الصغير والكبير والعاقل والسفيه وحتى خوفو في الأهرام، تيقظ ليفهم سر الشجار الذي أيقظه بعد أن نام..
دقت الثانية عشرة ليلا، فانسحب الجميع إلى بيته وكأن سندريلا والأمير قادمين من بلد الأوهام..
أما صابر فقد لحقت به زوجته وصرخت بأعلى صوتها وندبت حظ زوجها الطيب الذي لا يملك سوى لسانه وهو يصارع الموت الزؤام..
وصل أخيرا شرطي من دائرة الحي بعد أن علم بالخبر من قط ضال فاز بهبرة لحم محشوة بالزجاج المكسر..ويغني ما أحلى اللحم وقد لهى عنك البشر..
فرد الشرطي عضلاته وقال في زهو لزوجة الجزار: ماذا هناك يا امرأة، ما الذي جرى وطرى ومن فعل هذا يا ترى؟
أجابته الزوجة في خمول ناتج عن تأخر النجدة لساعات، وقد أصابها الملل والتبلد ونسيت أن زوجها في خطر : لا أعلم، ثم تساءلت مستنكرة في بطء محاكٍ لبطء الإسعاف: ترى أين الإسعاف؟
فقال بتعجب غريب وكأنه من المريخ: ألم تصل بعد؟
تمالكت الزوجة أعصابها وزوجها راقد بين الحياة والموت والدكان قد تحول إلى كومة قطع مشوهة لا يعلم منها إلا نوعها من حديد وزجاج، أما اللحم فقد صار كفتة بصلصة عجيبة مجهولة المصدر..
فجأة وعلى حين غرة، انكمش الشرطي ورحل عن زهوه، وكأنه رأى من هو أعلى منه رتبة..
دس أحدهم في جيبه ورقة خضراء لم تستطع الزوجة تمييز قيمتها...
ثم تسلل في هدوء ولسان حاله يقول: لم أسمع ولم أر ومن خاف نجا ولعظامه حفظ وماء وجهه خسر..
لقد وصل شقيق الفتاة الأكبر وفتوة الحارة الأشقر الذي يهابه القاصي والداني والكل يسميه الرجل الخطر..
نظر إليهم في عجب وقال للزوجة في غضب: لو أن زوجك أمسك لسانه وعينيه وما خاض في عرض أختنا ما ضرب ولا تضرر..
أخبريه أن ينسى ما فعلنا به وألا ينبس ببنت شفة عند الشرطة وإلا حرمناه من راداره الذي أهلك به غيره..
ثم هم بالانصراف وقال بحزم تأكيدا وتأكدا: بم ستخبريه؟
وماهي إلا لحظات حتى سمع صوتا بعيدا كأنه في بئر مهجورة يردد: