رد: ترانيم الحب
أنشودة الألم
ذات شتاء وفي يوم غابر لا أزال أتذكر وحشيته
تلك اللحظة التي رحلت°فيه ورحلت أنا حينها كان كل شيء قد مات. ..
مشيت على أحد الأرصفة الباردة تحت أشجار الصفصاف التي تحاكي أطراف السحب وكنت أرى في الزاوية المهجورة الأخرى طيور تنشد حقول الربيع المتواري ولا تقوى على الحراك من شدة البرد ....
كنت قد تعبت من كل شيء. ..أطلقت البقايا التي تركتها مني بعد رحيلها على كرسي قديم الصنع...وأخذت أنظر في الأشياء من حولي. ..
ولم أدرك كيف فتحت نافذة وجهي وألقيت بنفسي في حقول الذاكرة التي رأيتها من تلك النافذة. ..
وإذ بي أسقط على طيف آت من بعيد وكلما دنى مني شعرت بروحي كأنها تسرق مني...
كتلك السمكة في جوف البحر عالقة بصنارة وهم يجذبونها ويريدون سلب حياتها. ..ووما عليها سوى الإستسلام أمام إرادة القدر. ..
وتهت من نافذة ذاكرتي إلى الأيام التي كانت تحملني إليها كل صباح. ...وكنا نسير ونحلم بتلك القلوب الصغيرة التي خبئناها في جيب الحب أن تزهر يوماً ....كنا نسير بخطوات متهدجة على أنغام العشق....وتسرب تلك الطيور جنونها فيلامسنا ونخضع له مبتهجين مع حلاوة الأيام. ...
إلى أن شاء القدر وأقر الزمن بكل قسوة أن نكون من الذين كتبوا أسماؤهم على الهامش. ...
في ظل الظروف السرمدية القاتلة وجعا...
حينها أدركت أن أحدنا هو الضحية وأن الآخر هو الجاني. ...
أدركت اني رقم وكفى. ....وبدأت رحلة المتاهة وترتيب القصاصات على رفوف وجع الليالي الشتوية. ...تلك التي من قلب ديسمبر تصرخ ...
التي تحمل معها أنغام التشرد والتسككع...لكي نرقص عليها. ...نعم سارقص ولو قليلا. ..
سارقص لاحرف شكلت انكساري. ..
ولكي أصير غبارا قبل موتي. ...أنزف على مضجعي كل آلامي...وأعد سنابل الشر حتى أجد الحرف التاسع والعشرون. ...لأكتب به رجائي و أخط به آخر محطاتي البكماء في العطاء. ...
وأخبر البشرية أني شخص استثنائي. ..
ففي جوفي سرب من الأسرار التي تحلق في سماء خاطري....أسرار تلك التي أرادت أن تكون منطقية. ..وتركتني في وسط طريق موحش وسط غابة نبتت أشجارها من رماد جثث محترقة. ..دون أن تسأل عني ....تناسب وعودها التي كانت تسبقها في كل لقاء لنا. ...
هذا أنا يا سيدتي. ..ذاك الذي يندس في خيبة الأمل طاعنا. ...وينذر لبداية يوم بشع جديد. ...ذاك الفتى الذي يتذكر رائحة الموت التي تملأ المكان وتخنقه. ...ليس له سوى الإعتراف بقذارة صحبتك المليئة بالطلاسم والنفاق. ..
ربما هو تمرد على الطبيعة. ..أم هو مؤلم بطريقة مرضية. ..لا أعلم. ...
كل ما أعرفه أن صُررت باستضافتك حقا .. فمن زمن مضى .. نسيت كم هو فاتن فنجان قهوة ....
ونسيت أنه من الممتع أن نقتل الحس بداخلنا. ..
وندفنه في عمق أعماقنا. ..
كل الآتي لا عنوان له. ..
ساشعل شمعة وأعد مراسيم النهاية. ..
وأنشد لحن مقتطفات لأمهر عقول أكثرها ضراوة في الحياة القديمة. ...
ولتدركي ما تعنينه بالنسبة لي. ...
سلام
همسات تائه