إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه". كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح،، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله.
وقال ابن القيم في (الفوائد): إذا كان كل خير أصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد, فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه..
وقال في (عدة الصابرين): من أعطى منشور الدعاء أعطى الإجابة، فإنه لو لم يرد إجابته لما ألهمه الدعاء، كما قيل:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفك ما عودتني الطلبا. .
وقال في (الجواب الكافي): من ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة؛ فإن الله سبحانه يقول: (ادعوني أستجب لكم). وقال: (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذدعان).