د.سيد آدم
:: عضو مثابر ::
التفاعل
472
الجوائز
73
- تاريخ التسجيل
- 28 مارس 2014
- المشاركات
- 787
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 6 أكتوبر

(1) :
أقوالٌ كثيرة تلك التي تناولت " مراحل " تطور فكر زكي نجيب محمود :
• فمرة نقرأ أن الرجل مرَّ بثلاث مراحل ... هي : مرحلة التدين الخالص ، ذلك التدين الذي عاشه الرجل بسن مبكرة ، ما جعله إلى التصوف أقرب ! . ثم مرحلة العقل الخالص ، تلك التي تبدو ، ولو من الاسم ، نقيضاً لسابقتها . ومرحلة قد سعى لإشاعة استخدام العقل على غير صعيد ، خاصة ما كان له تعلق بالجوانب الاجتماعية ، حيث عاصر الرجل واقعاً مجتمعياً سيئاً ، ما دعاه لأن ينادي بضرورة استخدام العقل أداةً ثورة على سوء . ثم مرحلة تدين المستنير ، ذلك التدين الذي أراد الرجل أن يؤسسه على دليل العقل .
ولعل هذه المرحلة الأخيرة تكون الأطول بعمر الرجل ؛ إذ بدأت ، على وجه التقريب ، العام 1986م ، واستمرت إلى أن رحل عن دنيانا في التاسع من سبتمبر العام 1993م ! وأثمرت منتوجاتٍ فكرية هي علامات فارقة في التاريخ الفكري العربي والإسلامي ! ... منها : " تجديد الفكر العربي " ، و " المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري " ، و " ثقافتنا في مواجهة العصر " ، و " مجتمع جديد أو الكارثة " .
• وأخرى نقرأ أن الرجل مرّ بخمس ، لا ثلاث ، مراحل ... هي : المرحلة الصوفية ... وقد دامت مع الرجل عشر سنوات في ثلاثينيات القرن العشرين . ثم المرحلة النقدية التحليلية ... وقد صاغها الرجل ، أدبياً وفلسفياً ، في الذي كتبه في مجلتيّ الرسالة والثقافة . ثم المرحلة الوضعية ... وقد بدأت معه وقت أن كان يدرس في إنجلترا . ثم مرحلة الدعوة إلى التحرر العقلي . ثم مرحلة الدعوة إلى تجديد الفكر العربي ... وهي تلك التي دامت من سبعينيات القرن العشرين حتى رحيل الرجل .
• وثالثة نقرأ أن الرجل مرّ بمرحلتين فقط لا غير !!! هما : مرحلة المنطق الوضعي ، ومرحلة تجديد الفكر العربي .
المطالع لتراث زكي نجيب محمود يخرج بملاحظتين مهمتين :
- الملاحظة الأولى ، أن الرجل فتح العقول لفهم أكثر وعياً لـ ، وبـ ، الفلسفة بعد أن كانت متلبسةً وغامضة ، فأزال هذا اللبس عنها ، وبنفس القدر أفسح لها مكاناً مقدراً بعد أن لحقتها ، وأصحابَها ، تُهمُ الزندقةِ والمروق من ، أو عن ، الدين .
أما الغموض ، فكم قرءنا لكُتّاب بصيغ بالغة الصعوبة ، وعلمَ الله أن هذه الصعوبة أخفتْ خلْفَها عدمَ فهم تعمّد أصحابه إخفاءه ليحسبهم الناس مثقفين !!! ، فجاء محمود ليكتب الفلسفة بقلم الأديب ، وليشرح الأدب بعقلية الفيلسوف ، حتى قال عباس محمود العقاد بحقه " هو فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة " .
وأما ما له تعلق بالدين وعلاقته بالفلسفة عامة ، والمنطق خاصةً ، فنعرف ، ويعرف قارئو التاريخ ، عبارات من قبيل " الفلسفة سفه ، والمنطق مدخل الفلسفة ، ومدخل السفه سفه " !!! و " من تمنطق فقد تزندق " !!! و " المنطق علم لا يفيد وجهل لا يضر " !!! و " المنطق لا يحتاجه الذكي ، ولا يستفيد منه الغبي " !!! إلى آخر هذه الأحكام المرسَلة .
بل قرءنا " ما حكم الاشتغال بالمنطق والفلسفة تعلماً وتعليماً : هل أباحه ، واستباحه ، الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون والسلف الصالحون ؟ وهل يجوز استخدام الاصطلاحات المنطقية أو لا في إثبات الأحكام الشرعية ؟ وهل الأحكام الشرعية مفتقرة إلى ذلك في إثباتها أو لا ؟ وما الواجب على من تلبّس بتعليمه وتعلمه متظاهراً به ؟ وما الذي يجب على سلطان الوقت في أمره ؟ وإذا وُجد في بعض البلاد شخص من أهل الفلسفة معروف بتعليمها وإقرائها والتصنيف يها ، فهل يجب على سلطان البلد عزله وكفاية الناس شر ه ؟ " ... وكان الحواب : " المنطق مدخل الفلسفة ، ومدخل الشر شر ، وليس تعليمه ، أو تعلمه ، مما أباحه الشارع ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين وسائر " ما " يقتدى به من أعلام الأمة وساداتها . وأما استخدام الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية فهو من المنكَرات المستبشعة ، وليس في الأحكام الشرعية افتقار إلى المنطق أصلاً ، وما يزعمه المنطق من أمر الحد والبرهان ففقاقيع أغنى الله عنها كل صحيح المذهب خاصة من خدم نظريات العلوم الشرعية . وقد تمت علوم الشريعة وعلومها ، وخاض في بحر الحقائق والدقائق علماؤها حيث لا منطق ولا فلسفة ولا فلاسفة . ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشيطان . وأما ما يجب على سلطان الوقت في هذا كله ، فهو أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم ويخرجهم ويبعدهم ، ويعاقب على الاشتغال بفنهم ، ويعرض من ظهر من اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف والإسلام لتخمد نارهم وتنمحي آثارهم ، ومِن أوجب هذا الواجب عزلُ من كان مدرس مدرسة من أهل الفلسفة والتصنيف فيها والإقرار لها ثم سجنه وإلزامه منزله ، ومن زعم أنه غير معتقد لعقائدهم ، فإن حاله يكذبه والطريق في قلع الشر قلع أصوله ، وانتصاب مثله مدرساً من العظائم " .
- الملاحظة الثانية ، أن الرجل أثار قضايا ذات تعلق بثلاثة انتماءات : مصر والعرب والمسلمين ! فجاء طرحه نجدةً في وقتها ، وإن لم تؤت ثمارها فلن يكون العيب بالرجل بقدر ما سيكون بالمتلقي وبالظرف المحيط ! ... " الأمر لا يتعلق ، فحسب ، بمن أسعدهم الحظ بالاستماع إلى محاضرات الرجل الجامعية ، وإنما بلغنا ذلك الصدى عن ذلك الأستاذ الذي أثار حواراً فلسفياً لم يكن من قبل ؛ فما من أستاذ ألّف كتاباً في الفلسفة العامة أو في المنطق إلا وكان غليه أن يشير إلى آراء زكي نجيب محمود في الوضعية المنطقية مشايعةً أو نقداً " .
عرض الرجلُ لكثير من القضايا التي كانت محل اهتمام سواء بين المثقفين أو بين حتى العامة ! لكن تبقى قضية " الأصالة والمعاصرة " واحدةً من أهم القضايا التي أثارها زكي نجيب محمود ، حيث لم تثر قبله بالكيف الذي أثاره هو ، ثم تبعه مثقفون آخرون ليثيروا نفس الإشكالية ، فمنهم من أشار إلى أنه مكمّل لما بدأه الرجل ، ومنهم من ادعى أنه " الأول " في هذا المضمار ... وهذا الأخير " كشفه " التاريخ ... إذ للتاريخ مكر ... لكن أكثر الناس لا يعلمون !!! .
يُتبع ...
أقوالٌ كثيرة تلك التي تناولت " مراحل " تطور فكر زكي نجيب محمود :
• فمرة نقرأ أن الرجل مرَّ بثلاث مراحل ... هي : مرحلة التدين الخالص ، ذلك التدين الذي عاشه الرجل بسن مبكرة ، ما جعله إلى التصوف أقرب ! . ثم مرحلة العقل الخالص ، تلك التي تبدو ، ولو من الاسم ، نقيضاً لسابقتها . ومرحلة قد سعى لإشاعة استخدام العقل على غير صعيد ، خاصة ما كان له تعلق بالجوانب الاجتماعية ، حيث عاصر الرجل واقعاً مجتمعياً سيئاً ، ما دعاه لأن ينادي بضرورة استخدام العقل أداةً ثورة على سوء . ثم مرحلة تدين المستنير ، ذلك التدين الذي أراد الرجل أن يؤسسه على دليل العقل .
ولعل هذه المرحلة الأخيرة تكون الأطول بعمر الرجل ؛ إذ بدأت ، على وجه التقريب ، العام 1986م ، واستمرت إلى أن رحل عن دنيانا في التاسع من سبتمبر العام 1993م ! وأثمرت منتوجاتٍ فكرية هي علامات فارقة في التاريخ الفكري العربي والإسلامي ! ... منها : " تجديد الفكر العربي " ، و " المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري " ، و " ثقافتنا في مواجهة العصر " ، و " مجتمع جديد أو الكارثة " .
• وأخرى نقرأ أن الرجل مرّ بخمس ، لا ثلاث ، مراحل ... هي : المرحلة الصوفية ... وقد دامت مع الرجل عشر سنوات في ثلاثينيات القرن العشرين . ثم المرحلة النقدية التحليلية ... وقد صاغها الرجل ، أدبياً وفلسفياً ، في الذي كتبه في مجلتيّ الرسالة والثقافة . ثم المرحلة الوضعية ... وقد بدأت معه وقت أن كان يدرس في إنجلترا . ثم مرحلة الدعوة إلى التحرر العقلي . ثم مرحلة الدعوة إلى تجديد الفكر العربي ... وهي تلك التي دامت من سبعينيات القرن العشرين حتى رحيل الرجل .
• وثالثة نقرأ أن الرجل مرّ بمرحلتين فقط لا غير !!! هما : مرحلة المنطق الوضعي ، ومرحلة تجديد الفكر العربي .
المطالع لتراث زكي نجيب محمود يخرج بملاحظتين مهمتين :
- الملاحظة الأولى ، أن الرجل فتح العقول لفهم أكثر وعياً لـ ، وبـ ، الفلسفة بعد أن كانت متلبسةً وغامضة ، فأزال هذا اللبس عنها ، وبنفس القدر أفسح لها مكاناً مقدراً بعد أن لحقتها ، وأصحابَها ، تُهمُ الزندقةِ والمروق من ، أو عن ، الدين .
أما الغموض ، فكم قرءنا لكُتّاب بصيغ بالغة الصعوبة ، وعلمَ الله أن هذه الصعوبة أخفتْ خلْفَها عدمَ فهم تعمّد أصحابه إخفاءه ليحسبهم الناس مثقفين !!! ، فجاء محمود ليكتب الفلسفة بقلم الأديب ، وليشرح الأدب بعقلية الفيلسوف ، حتى قال عباس محمود العقاد بحقه " هو فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة " .
وأما ما له تعلق بالدين وعلاقته بالفلسفة عامة ، والمنطق خاصةً ، فنعرف ، ويعرف قارئو التاريخ ، عبارات من قبيل " الفلسفة سفه ، والمنطق مدخل الفلسفة ، ومدخل السفه سفه " !!! و " من تمنطق فقد تزندق " !!! و " المنطق علم لا يفيد وجهل لا يضر " !!! و " المنطق لا يحتاجه الذكي ، ولا يستفيد منه الغبي " !!! إلى آخر هذه الأحكام المرسَلة .
بل قرءنا " ما حكم الاشتغال بالمنطق والفلسفة تعلماً وتعليماً : هل أباحه ، واستباحه ، الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون والسلف الصالحون ؟ وهل يجوز استخدام الاصطلاحات المنطقية أو لا في إثبات الأحكام الشرعية ؟ وهل الأحكام الشرعية مفتقرة إلى ذلك في إثباتها أو لا ؟ وما الواجب على من تلبّس بتعليمه وتعلمه متظاهراً به ؟ وما الذي يجب على سلطان الوقت في أمره ؟ وإذا وُجد في بعض البلاد شخص من أهل الفلسفة معروف بتعليمها وإقرائها والتصنيف يها ، فهل يجب على سلطان البلد عزله وكفاية الناس شر ه ؟ " ... وكان الحواب : " المنطق مدخل الفلسفة ، ومدخل الشر شر ، وليس تعليمه ، أو تعلمه ، مما أباحه الشارع ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين وسائر " ما " يقتدى به من أعلام الأمة وساداتها . وأما استخدام الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية فهو من المنكَرات المستبشعة ، وليس في الأحكام الشرعية افتقار إلى المنطق أصلاً ، وما يزعمه المنطق من أمر الحد والبرهان ففقاقيع أغنى الله عنها كل صحيح المذهب خاصة من خدم نظريات العلوم الشرعية . وقد تمت علوم الشريعة وعلومها ، وخاض في بحر الحقائق والدقائق علماؤها حيث لا منطق ولا فلسفة ولا فلاسفة . ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشيطان . وأما ما يجب على سلطان الوقت في هذا كله ، فهو أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم ويخرجهم ويبعدهم ، ويعاقب على الاشتغال بفنهم ، ويعرض من ظهر من اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف والإسلام لتخمد نارهم وتنمحي آثارهم ، ومِن أوجب هذا الواجب عزلُ من كان مدرس مدرسة من أهل الفلسفة والتصنيف فيها والإقرار لها ثم سجنه وإلزامه منزله ، ومن زعم أنه غير معتقد لعقائدهم ، فإن حاله يكذبه والطريق في قلع الشر قلع أصوله ، وانتصاب مثله مدرساً من العظائم " .
- الملاحظة الثانية ، أن الرجل أثار قضايا ذات تعلق بثلاثة انتماءات : مصر والعرب والمسلمين ! فجاء طرحه نجدةً في وقتها ، وإن لم تؤت ثمارها فلن يكون العيب بالرجل بقدر ما سيكون بالمتلقي وبالظرف المحيط ! ... " الأمر لا يتعلق ، فحسب ، بمن أسعدهم الحظ بالاستماع إلى محاضرات الرجل الجامعية ، وإنما بلغنا ذلك الصدى عن ذلك الأستاذ الذي أثار حواراً فلسفياً لم يكن من قبل ؛ فما من أستاذ ألّف كتاباً في الفلسفة العامة أو في المنطق إلا وكان غليه أن يشير إلى آراء زكي نجيب محمود في الوضعية المنطقية مشايعةً أو نقداً " .
عرض الرجلُ لكثير من القضايا التي كانت محل اهتمام سواء بين المثقفين أو بين حتى العامة ! لكن تبقى قضية " الأصالة والمعاصرة " واحدةً من أهم القضايا التي أثارها زكي نجيب محمود ، حيث لم تثر قبله بالكيف الذي أثاره هو ، ثم تبعه مثقفون آخرون ليثيروا نفس الإشكالية ، فمنهم من أشار إلى أنه مكمّل لما بدأه الرجل ، ومنهم من ادعى أنه " الأول " في هذا المضمار ... وهذا الأخير " كشفه " التاريخ ... إذ للتاريخ مكر ... لكن أكثر الناس لا يعلمون !!! .
يُتبع ...