احبّ تلك الطِّيبة الفطرية التي غرسها الإله في أرواحنا ..
مهما تظاهر العبد بالقسوة أو القوة ..مهما ابتعد أو جفى ..مهما ثمِل ..مهما تلبّسته نفسٌ لا يعرفها ..
إلا و كان طيّبا في لحظة ما ..
هذا ما يجب أن يكونه ! هذا ما خُلقنا عليه !
أنا مفرط بالضحك
لا أكف عن الضحك
وأظنها يا سادة حالة هستيرية غريبة ، حتى أنني غير قادر على منع نفسي ، أضحك على العالم ،
على عارضات الأزياء ، عليكم ، وعلى نشرات الأخبار
وأضحك بينما أكتب هذا النص الآن .
يكلمني أحدهم ... أضحك
تتركني حبيبة ... أضحك
ينظر لي عجوز باحتقار فأضحك أكثر .
وانفجر مقهقهاً أمام المرآة
يضحكني وجهه ، شعره المنفوش ، أذناه الغبيتان
طريقته بتقليدي تستفزني حد البكاء ضحكاً
لكن هذا الوقح لا يقلدني فيضحك معي ...
ولا أعرف لم !؟
لم أشرب الفودكا ، لم أتناول البيرة ،
لم أتعاطى أي نوع من الكحول ... لستُ سكراناً
على هذه الحال .
لا أتوهم ، لا أكلم نفسي ، لا أراجع مصحة عقلية ...
لستُ مجنوناً ...
على هذه الحال .
غير قادر على التمثيل ، لا أملك ذراع لاعب خفة ،
ولا قدم بهلوان ... لستُ مهرجاً
على هذه الحال .
كل ما في الأمر ، أن لي حبيبة ماتت ، ماتت منذ شهر تقريباً بحادث سيارة حسبما أخبروني أو حسبما أقنعت نفسي ... لكنني رأيتها اليوم تمشي على قدميها ،
آه والله على قدميها وكان قربها قدمين أخريتين
وترتديان حذاء رجالي ... لم أصدق الأمر فضحكت .
أنا مسرف بالسخافة ولا أعرف لم !!
عقلي في حفلة الوهم
روحي تلعب البوكر
بينما خرج قلبي في موعد مع فتاة
ولم يعد بعد .
في ميلادي الثاني بعد الألف قد حُمتُ حول فينيقيا ..
كلّ عنقاءَ في زمني قد كنّ تزركشن بِ ريشٍ فاخر جديد بألوانٍ ملكية زاهية ...
إلا عنقاءك يا عمري ! كلما نمت من رمادها لم تنفض شيئاً من غباره ..
عنقاءُك يا عمري ريشها شفاف كَ حامل روحها هذا ..هش بصلابته الشامخة ...
عنقاءك قد فقدت ألوانها في زمن غابر لم تعد تعرف عنه شيئا ..و لم يحكى عنه في كتب التاريخ قط !
كانت في كامل تعاستها تضحك ! في أشد ضيق على نفسها تغني ! و في أوج احتراقها تضيء !
عنقاءك يا عمري لم تعد تليق بها سوى أرض حرب بعيدة ..
لكن مهلا ! بامكانك الانتظار .. و ليكن انتظارك على نخلة ما ..فَ قد تسقط أمامك يوما هامدة بجانب رصاصة أو قذيفة ...
ها أنذا !
لا أدري أأتغنّى بنفسي كما يفعلون أم أنطبق على نفسي كصدفة المحيط و أنصاع للغرق ؟!
أعلم أني لست استثنائية أو شيئاً كهذا !
لم أعتد على أن يحبني أحد أو شيئاً كهذا !
لم أكن يوما شخصاً مهما في حياة أحدهم أو شيئاً كهذا !
هي الحقيقة بكل ما تحمله من كذب!!
...
قد تراني شخصاً كَ عاصفة ..
أجلِبُ معي ضجيجاً لذيذاً تعتاده عن حب ..ثم أهدأُ كأني لم أكن !
لنتخبط بعدها كلّنا على الخليج كَ أسماكٍ قذفتها آخر موجة من الأهوال بعد تبادل كمٍّ هآئل من الشتائم بينهما ..
ثم نتعفن كآخر مرحلة من عنادنا !!
...
لا أريد الحديث عن مزاجيتي فقد سئِم الجميع ذلك ..
الكل يعلم أني أنهار تماما في الدقيقة ال30 لأصبح أقوى في الدقيقة ال31 ..لا تثق بي أبداً!
و لا أريد الحديث عن مخاوفي ..فالكل يعلم أني أخافك !!
لا أريد الحديث أصلاً ...
تُرى هل هي تلك الفتاة هناك التي تقابلني في المرآة من تحثُّني على هذا ؟!
تبدو كمختلة ! و من تكون أصلا لتملي عليّ ما أفعل ؟...
لكنّي رغم هذا أستمر في كتابة ما تُريده ..
عيناها فقط تضحك لي ..أو عليّ !!
أعرفها جيدا ..دائما ما تهزأ بي بعد كل جدال صمت ..
هكذا هي ..تفوز دون المشاركة حتى !
لا تريد مني التوقف و ليس بإمكاني العصيان ...
تريدني أن أكتُبَني كلّي ثم تأمرني أن أُنكر ذلك كله ! فتجد نفسك كاذباً أمامها دون أن تدري!!
لابدّ أنها ساحرة ما أتت لتعبث بعقلك ..و عقلي !
بالأمس رأيتها قد انقسمت إلى متناقضين ..صمتٌ و صرخة !!
وقفت الأخيرة على إطار المرآة تاركة وراءها الصمت ينتحب دون صوت ...
أخذَت تنخر دماغي حتى سقطتُ ..و لم أذكر بعدها ما فعله الصمت بي أبداً !!