السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على خير خلق الله*محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه*
وبعد
يقول تعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }(29)
فهذه الآية تتحدث عن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم صحابته دون استثناء كما تشير إلى أن الصحابة رضوان الله عليهم هم غيظاً للكفار المعاديين للنبي عليه السلام وصحابته الكرام و تختم الاية بذكر الثواب الجزيل والمغفرة الأكيدة لهم وهي امتنان من الله تعالى تفضل به عليهم رضوان الله عليهم أجمعين .
فمن يعادي الصحابة ويكرههم ويكفرهم و يغتاض منهم هو ضمن الفئة المعادية الكافرة ،، بل هناك من يطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم وشرف أحب نسائه إليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويتطاول عليها بوقاحة وجرأة ويدعي بعد ذلك حب آل البيت !
أليست رضي الله أمنا عائشة أحد نسائه وآل بيته ، مال هولاء القوم كيف يحكمون ؟؟
كلنا يعرف أن هناك أنبياء زوجاتهم خائنات كافرات فهل مرَّ فعلهن مرور الكرام أم فضحهن القرآن
بل وأهلكهن الله مع من هلك وافترق عنهن الانبياء لوط ونوح عليهما السلام فقال تعالى في فضحهن (﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * ﴾ سورة التحريم (10)
بينما يقول تعالى في براءة أم المؤمنين الطاهرة رضي الله عنها (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) سورة النور (11-12)
لن أتحدث عن تفسير الآية لأننا سندخل في جدل عقيم مع المعاقين عقلياً عن التفكير وسيتهم علماء أفاضل بالسفه والكفر وهذا ليس بغريب فقد كفر الصحابة فماذا بعد ذلك ؟
ولكن نطرح سؤالاً
ما معنى كلمة الافك في اللغة العربية ؟؟
الإفك هي كلمة تعني الكذب تعني الافتراء والتلفيق وكل ما يتصل بذلك من تزوير وبهتان*
فأين عقول من يقذفون أم المؤمنين عائشة رضي الله وقد برأها الله تعالى ،*
فكيف يبرأ الله تعالى عائشة رضي الله عنها ويفضح زوجتا نوح ولوط عليهما السلام وهما أيضاً أنبياء ؟؟
كيف تكون أم المؤمنين كما تصف ألسنتهم الكذب ولم يذكر تعالى في حقها سوى البراءة ؟؟فالله الحكم العدل ولا يرضى لعبادة الظلم ..
فكيف يحلون مثل هذا التناقض في أفكارهم وعقولهم أفلا يتدبرون القرآن ؟!
ومكانة عائشة رضي الله عنها لا يجهلها إلا مكابر معاند ،، كيف تكون كما يقولون قاتلهم الله ولآخر لحظة يختار الحبيب صلوات الله وسلامه عليه أن يمرض في بيتها دون عن نسائه ودون أن يختار مثلاً بيت ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ،،..ففي صحيح البخاري*
4174 حدثنا محمد حدثنا عفان عن صخر بن جويرية عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فأخذت السواك فقصمته ونفضته وطيبته ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي وذاقنتي )*
هذه عائشة رضي الله عنها وأرضاها ، التي يتهمها الجهلة بأبشع تهمة يمكن أن توجه للطاهرة العفيفة ،،*
بل كيف يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بتهمة الساكت عن فعل شنيع كهذاوينتقصونه و أجهل العرب و أدناهم منزلة يرفض الدنية ويموت دون عرضه ؟؟
وكيف يفهم هولاء ويفسرون آية الإفك ؟!
وأما بالنسبة لبغضهم الصحابة فهو جانب آخر من الاساءة والانتقاص لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام ومن هولاء الصحابة الأجلاء الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهو كاتب الوحي وفيه وردت الأحاديث
"*1 - عن عبد الرحمن بن أبي عُمَيرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال لمعاوية :
" اللهم اجعله هادياً مهديًّا، واهدِ به "
رواه الترمذي ( 3842 )، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1969 )
2 - عن العِرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :
"اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب ، وقِهِ العذاب "
رواه أحمد ( 17202 )، وصححه بشواهده الألباني في السلسلة الصحيحة ( 3227 )
وغيرها الكثير والكثير ،،*
فمعاوية رضي الله عنه لم ينتزع الخلافة عنوة من الحسن رضي الله عنه بل الحسن رضي الله عنه هو من تنازل لحقن الدماء وحماية الأمة من الشقاق والخلاف
وأما مقتل الخليفة علي كرم الله وجهه وولده رضي الله عنهما لم يكن إلا بسببهم والقتلة من شيعته ،، فلم يحملون معاوية رضي الله وزر أجدادهم الخونة المعتدين ؟؟
بل كيف تتحمل أجيال متعاقبة أثم فعله القتلة الخوارج من الشيعة ويلطمون أنفسهم ويعذبونها لجرم لم يقترفوه ؟؟
أين العدل والانصاف في فعلهم هذا والله تعالى يقول في محكم آياته
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: 7]
فابالله عليك أيها الجاهل المغفل ما ذنبك في مقتل الحسين رضي الله عنه ؟
وهل تعتقد حقاً أنه بحاجة لدماء قذرة يقدح أصحابها في أبيه ويلصقون به ما يوافق أهوائهم ويلعنون أصحاب جده عليه صلوات الله تعالى وسلامه و يسبونهم ليل نهار ؟؟
فمعاوية هو آخر الصحابة الخلفاء فلم يربطونه بابنه يزيد ؟؟! بالرغم من أن يزيد لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه ، واسمحوا لي أن أقتبس هذه الفقرة. ..
((، قال شيخ الإسلام رحمه الله :*
" وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ : - أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّامِ .*
لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ؛ فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ؛ وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ ؛ أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا ؛ أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ؟ فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ ... فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا وطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ،*
وَكَانَ قَتْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ، وَقَتْلَ عُثْمَانَ قَبْلَهُ : كَانَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْفِتَنِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَقَاتلُهُمَا مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ .*
وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ : أَكْرَمَهُمْ ، وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ !!*
لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ : كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى .*
وَأَمَّا خُصُومُهُ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ " .
انتهى ، بتصرف واختصار يسير من "مجموع الفتاوى" (3/ 410-411) .))
لم أود أن أسرد أحاديث ووقائع وقصص ،، فنحن نعلم مكانة أمنا عائشة رضي الله عنها ونعلم مكانة الصحابة جميعهم وفضلهم رضي الله عنهم ولكن ركزت أكثر على جانب التفكير وتشغيل الدماغ الذي جمده أولئك المغفلين واكتفوا بأن يكونوا أذناب للفرس يجرونهم خلفهم وهم مغمضون وقد توقف التفكير واتجهوا نحو التكفير للصحابة خير الناس بعد الحبيب صلوات الله وسلامه عليه ،،
وأختم مقالي بسؤال يشغّل العقل الراكد الجامد*
لنفترض وقوع خلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم ،، فهم من البشر وليسوا معصومين ،، وخلافاتهم لا تمس العقيدة قيد شعرة عكس ما يفعل الجهلة اليوم ،..
ما شأنكم أنتم بهكذا أمور
..*
فهم اجتهدوا فإن أخطأ أحدهم فله أجر وإن أصاب فله أجران ،، فأمرهم إلى الله هو من يحكم بين العباد ،، فما شأنكم أنتم لتحكموا بينهم فتلوموا هذا وتسبوا هذا وتلعنوا هذا*
على أي أساس ؟؟
،، أم كنتم شهوداً عليهم ورأيتم ما تفترونه عياناً بأم أعينكم ؟؟!
كيف بكم يوم القيامة وخصمكم النبي صلى الله عليه وسلم ،، وابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً ؟؟ وأم المؤمنين وقد قذفت واتهمت من سفائكم في عرضها ؟؟
ما شأنك أيها الوضيع ومن منحك الحق لتحكم بين العباد !!!*
ثم لم تسألوا أنفسكم كيف يحب النبي صلى الله عليه وسلم أناساً كفرة ومنافقين ويصاحبهم وهل يعقل أن تقوم الدعوة والجهاد ونشر الدين على آل البيت وحدهم دون غيرهم من الصحابة وهل كان مجتمع المسلمين قصراً على آل بيته الابرار صلى الله على محمداً وآله ؟؟
فقد وردت عن النبي صلى الله عليه عدة أحاديث عن أصحابه صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: لا تؤذوني في صاحبي، فإن الله بعثني بالهدى ودين الحق، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، ولولا أن الله سماه صاحبا لاتخذته خليلا، ولكن أخوة الله. ألا فسدّوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
وروى الإمام أحمد في المسند عن أنس أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبا أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم. (صححه الأناؤوط.)
ومن الذي أحل لكم اللعن والسبّ وهي من الصفات التي تنفر الآخرين ونصف بها في يومنا هذا من ليس لديهم أدب ولا أخلاق ولا دين ناهيك عن أيام السلف الصالح وقد بلغ الالتزام منهم ما بلغ ؟؟
ثم كيف تكون حلالاً و وصفاً لحسن الايمان و طيب الخلق ؟؟؟؟
وفي الحديث ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ "*
أو يسمون أنفسهم مؤمنين بعد كل هذا ؟؟!
والصلاة والسلام على خير خلق الله*محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه*
وبعد
يقول تعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }(29)
فهذه الآية تتحدث عن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم صحابته دون استثناء كما تشير إلى أن الصحابة رضوان الله عليهم هم غيظاً للكفار المعاديين للنبي عليه السلام وصحابته الكرام و تختم الاية بذكر الثواب الجزيل والمغفرة الأكيدة لهم وهي امتنان من الله تعالى تفضل به عليهم رضوان الله عليهم أجمعين .
فمن يعادي الصحابة ويكرههم ويكفرهم و يغتاض منهم هو ضمن الفئة المعادية الكافرة ،، بل هناك من يطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم وشرف أحب نسائه إليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويتطاول عليها بوقاحة وجرأة ويدعي بعد ذلك حب آل البيت !
أليست رضي الله أمنا عائشة أحد نسائه وآل بيته ، مال هولاء القوم كيف يحكمون ؟؟
كلنا يعرف أن هناك أنبياء زوجاتهم خائنات كافرات فهل مرَّ فعلهن مرور الكرام أم فضحهن القرآن
بل وأهلكهن الله مع من هلك وافترق عنهن الانبياء لوط ونوح عليهما السلام فقال تعالى في فضحهن (﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * ﴾ سورة التحريم (10)
بينما يقول تعالى في براءة أم المؤمنين الطاهرة رضي الله عنها (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) سورة النور (11-12)
لن أتحدث عن تفسير الآية لأننا سندخل في جدل عقيم مع المعاقين عقلياً عن التفكير وسيتهم علماء أفاضل بالسفه والكفر وهذا ليس بغريب فقد كفر الصحابة فماذا بعد ذلك ؟
ولكن نطرح سؤالاً
ما معنى كلمة الافك في اللغة العربية ؟؟
الإفك هي كلمة تعني الكذب تعني الافتراء والتلفيق وكل ما يتصل بذلك من تزوير وبهتان*
فأين عقول من يقذفون أم المؤمنين عائشة رضي الله وقد برأها الله تعالى ،*
فكيف يبرأ الله تعالى عائشة رضي الله عنها ويفضح زوجتا نوح ولوط عليهما السلام وهما أيضاً أنبياء ؟؟
كيف تكون أم المؤمنين كما تصف ألسنتهم الكذب ولم يذكر تعالى في حقها سوى البراءة ؟؟فالله الحكم العدل ولا يرضى لعبادة الظلم ..
فكيف يحلون مثل هذا التناقض في أفكارهم وعقولهم أفلا يتدبرون القرآن ؟!
ومكانة عائشة رضي الله عنها لا يجهلها إلا مكابر معاند ،، كيف تكون كما يقولون قاتلهم الله ولآخر لحظة يختار الحبيب صلوات الله وسلامه عليه أن يمرض في بيتها دون عن نسائه ودون أن يختار مثلاً بيت ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ،،..ففي صحيح البخاري*
4174 حدثنا محمد حدثنا عفان عن صخر بن جويرية عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فأخذت السواك فقصمته ونفضته وطيبته ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي وذاقنتي )*
هذه عائشة رضي الله عنها وأرضاها ، التي يتهمها الجهلة بأبشع تهمة يمكن أن توجه للطاهرة العفيفة ،،*
بل كيف يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بتهمة الساكت عن فعل شنيع كهذاوينتقصونه و أجهل العرب و أدناهم منزلة يرفض الدنية ويموت دون عرضه ؟؟
وكيف يفهم هولاء ويفسرون آية الإفك ؟!
وأما بالنسبة لبغضهم الصحابة فهو جانب آخر من الاساءة والانتقاص لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام ومن هولاء الصحابة الأجلاء الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهو كاتب الوحي وفيه وردت الأحاديث
"*1 - عن عبد الرحمن بن أبي عُمَيرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال لمعاوية :
" اللهم اجعله هادياً مهديًّا، واهدِ به "
رواه الترمذي ( 3842 )، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1969 )
2 - عن العِرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :
"اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب ، وقِهِ العذاب "
رواه أحمد ( 17202 )، وصححه بشواهده الألباني في السلسلة الصحيحة ( 3227 )
وغيرها الكثير والكثير ،،*
فمعاوية رضي الله عنه لم ينتزع الخلافة عنوة من الحسن رضي الله عنه بل الحسن رضي الله عنه هو من تنازل لحقن الدماء وحماية الأمة من الشقاق والخلاف
وأما مقتل الخليفة علي كرم الله وجهه وولده رضي الله عنهما لم يكن إلا بسببهم والقتلة من شيعته ،، فلم يحملون معاوية رضي الله وزر أجدادهم الخونة المعتدين ؟؟
بل كيف تتحمل أجيال متعاقبة أثم فعله القتلة الخوارج من الشيعة ويلطمون أنفسهم ويعذبونها لجرم لم يقترفوه ؟؟
أين العدل والانصاف في فعلهم هذا والله تعالى يقول في محكم آياته
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: 7]
فابالله عليك أيها الجاهل المغفل ما ذنبك في مقتل الحسين رضي الله عنه ؟
وهل تعتقد حقاً أنه بحاجة لدماء قذرة يقدح أصحابها في أبيه ويلصقون به ما يوافق أهوائهم ويلعنون أصحاب جده عليه صلوات الله تعالى وسلامه و يسبونهم ليل نهار ؟؟
فمعاوية هو آخر الصحابة الخلفاء فلم يربطونه بابنه يزيد ؟؟! بالرغم من أن يزيد لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه ، واسمحوا لي أن أقتبس هذه الفقرة. ..
((، قال شيخ الإسلام رحمه الله :*
" وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ : - أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّامِ .*
لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ؛ فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ؛ وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ ؛ أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا ؛ أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ؟ فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ ... فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا وطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ،*
وَكَانَ قَتْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ، وَقَتْلَ عُثْمَانَ قَبْلَهُ : كَانَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْفِتَنِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَقَاتلُهُمَا مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ .*
وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ : أَكْرَمَهُمْ ، وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ !!*
لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ : كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى .*
وَأَمَّا خُصُومُهُ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ " .
انتهى ، بتصرف واختصار يسير من "مجموع الفتاوى" (3/ 410-411) .))
لم أود أن أسرد أحاديث ووقائع وقصص ،، فنحن نعلم مكانة أمنا عائشة رضي الله عنها ونعلم مكانة الصحابة جميعهم وفضلهم رضي الله عنهم ولكن ركزت أكثر على جانب التفكير وتشغيل الدماغ الذي جمده أولئك المغفلين واكتفوا بأن يكونوا أذناب للفرس يجرونهم خلفهم وهم مغمضون وقد توقف التفكير واتجهوا نحو التكفير للصحابة خير الناس بعد الحبيب صلوات الله وسلامه عليه ،،
وأختم مقالي بسؤال يشغّل العقل الراكد الجامد*
لنفترض وقوع خلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم ،، فهم من البشر وليسوا معصومين ،، وخلافاتهم لا تمس العقيدة قيد شعرة عكس ما يفعل الجهلة اليوم ،..
ما شأنكم أنتم بهكذا أمور
..*
فهم اجتهدوا فإن أخطأ أحدهم فله أجر وإن أصاب فله أجران ،، فأمرهم إلى الله هو من يحكم بين العباد ،، فما شأنكم أنتم لتحكموا بينهم فتلوموا هذا وتسبوا هذا وتلعنوا هذا*
على أي أساس ؟؟
،، أم كنتم شهوداً عليهم ورأيتم ما تفترونه عياناً بأم أعينكم ؟؟!
كيف بكم يوم القيامة وخصمكم النبي صلى الله عليه وسلم ،، وابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً ؟؟ وأم المؤمنين وقد قذفت واتهمت من سفائكم في عرضها ؟؟
ما شأنك أيها الوضيع ومن منحك الحق لتحكم بين العباد !!!*
ثم لم تسألوا أنفسكم كيف يحب النبي صلى الله عليه وسلم أناساً كفرة ومنافقين ويصاحبهم وهل يعقل أن تقوم الدعوة والجهاد ونشر الدين على آل البيت وحدهم دون غيرهم من الصحابة وهل كان مجتمع المسلمين قصراً على آل بيته الابرار صلى الله على محمداً وآله ؟؟
فقد وردت عن النبي صلى الله عليه عدة أحاديث عن أصحابه صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: لا تؤذوني في صاحبي، فإن الله بعثني بالهدى ودين الحق، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، ولولا أن الله سماه صاحبا لاتخذته خليلا، ولكن أخوة الله. ألا فسدّوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
وروى الإمام أحمد في المسند عن أنس أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبا أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم. (صححه الأناؤوط.)
ومن الذي أحل لكم اللعن والسبّ وهي من الصفات التي تنفر الآخرين ونصف بها في يومنا هذا من ليس لديهم أدب ولا أخلاق ولا دين ناهيك عن أيام السلف الصالح وقد بلغ الالتزام منهم ما بلغ ؟؟
ثم كيف تكون حلالاً و وصفاً لحسن الايمان و طيب الخلق ؟؟؟؟
وفي الحديث ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ "*
أو يسمون أنفسهم مؤمنين بعد كل هذا ؟؟!
آخر تعديل: