المقدمة
الحمد لله الذي بعث رسوله بالهدى ودين الحق، والصلاة والسلام على إمام المرسلين المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد:
فإن غالب الناس في هذا الزمن بين غالٍ وجافٍ، فمنهم من غلا في الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصل به الأمر إلى الشرك -والعياذ بالله- من دعا الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به، وفيهم من غفل عن اتباع هديه صلى الله عليه وسلم وسيرته فلم يتخذها نبراسًا لحياته ومعلمًا لطريقه.
ورغبة في تقريب سيرته ودقائق حياته إلى عامة الناس بأسلوب سهل ميسر كانت هذه الورقات القليلة التي لا تفي بكل ذلك. لكنها وقفات ومقتطفات من صفات النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله، ولم أستقصها، بل اقتصرت على ما أراه قد تفلت من حياة الناس، مكتفيًا عند كل خصلة ومنقبة بحديثين أو ثلاثة، فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم حياة أمة وقيام دعوة ومنهاج حياة.. وهو عليه الصلاة والسلام أمة في الطاعة والعبادة، وكرم الخلق وحسن المعاملة، وشرف المقام، ويكفي ثناء الله عز وجل عليه: [FONT="]}وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وأهل السنة والجماعة ينزلون الرسول صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله إياها، فهو عبد الله ورسوله وخليله وصفيه، يحبونه أكثر من أولادهم وآبائهم بل أكثر من أنفسهم لكنهم لا يغلون فيه ولا يطرونه وحسبه تلك المنزلة.
ونحن على هذا الأمر سائرون فلا نبتدع الموالد ولا نقيم الاحتفالات، بل نحبه كما أمر ونطيعه فيما أمر، ونجتنب ما نهى عنه وزجر.
وإن فاتنا في هذه الدنيا رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم وتباعدت بيننا الأيام.. فأدعو الله عز وجل أن نكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «وددت أنا قد رأينا إخواننا» قالوا: ألسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله»؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فإنهم يأتون غرًا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض...»([1]).
أدعو الله عز وجل أن يجعلنا ممن يتلمس أثره صلى الله عليه وسلم ويقتفي سيرته وينهل من سنته كما أدعو الله عز وجل أن يجمعنا معه في جنات عدن، وأن يجزيه الجزاء الأوفى جزاء ما قدم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
([FONT="][1]) رواه مسلم.[/FONT]