كثير من الرجال والنساء يبكون لكن يا ترى كيف يكون البكاء ولمن يكون؟! نبينا عليه الصلاة والسلام كان يبكي مع أن الدنيا في يده لو أرادها، والجنة أمامه وهو في أعلى منازلها، نعم كان يبكي عليه الصلاة والسلام ولكنه بكاء العباد، كان يبكي وهو يناجي ربه في الصلاة وعند سماع القرآن وما ذاك إلا من رقة القلب وصلاح السريرة، ومعرفة عظمة الله عز وجـل وخشيـة منـه سبحانه.
عن مطرف -وهو ابن عبد الله بن الشخير- عن أبيه قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء»([1]).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي» فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت سورة النساء حتى بلغت [FONT="]}وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا[FONT="]{[/FONT] قال: «فرأيت عيني رسول الله تهملان»([2]).[/FONT]
بل تأمل في شعرات بيض تعلو مفرق رسول الله وما يقارب من ثمانية عشر شيبة في لحيته الشريفة، وارع قلبك لتسمع من لسانه الشريف سبب تلك الشعيرات البيض: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت! قال صلى الله عليه وسلم: «شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت([3]). http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1934229#_ftnref1([FONT="][1]) رواه أبو داود.[/FONT]
كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقًا وأكملهم قدرًا فخلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن»([1]) ولقد قال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»([2]).
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام عدم محبته للمدح والثناء والإطراء.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله»([3]).
وعن أنس رضي الله عنه: أن ناسًا قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: «يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل»([4]).
وبعض الناس يطري النبي صلى الله عليه وسلم غاية الإطراء فيعتقد أنه يعلم الغيب أو أن بيده الضر والنفع ويجيب الحوائج ويشفي المرضى، والله عز وجل نفى ذلك كله فقال تعالى: [FONT="]}قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وهذا النبي المرسل خير من أقلته الغبراء وأظلته الخضراء، دائم الإخبات والإنابة إلى ربه، لا يحب الكبر، بل هو رأس المتواضعين وسيد المنكسرين لربه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك»([5]).
وألق بطرفك لنبي الأمة عليه الصلاة والسلام في تواضع عجيب وحسن خلق نادر يتواضع فيه للمرأة المسكينة ويمنحها من وقته المليء بالأعمال.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إن لي إليك حاجة، فقال: «اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك»([6]).
يروح بأرواح المحامد حسنها
فيرقى بها في ساميات المفاخر
وإن فض في الأكوان مسك ختامها
تعطر منها كل نجد وغائر
وكان عليه السلام رأس أهل التواضع وعلمهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت»([7]).
وللمتكبرين في كل عصر وحين يبقى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حاجزًا لهم ورادعًا لكبرهم واستعلائهم.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»([8]).
والكبر طريق إلى النار والعياذ بالله، حتى وإن كان مثقال ذرة، وتأمل في عقوبة متكبر يختال في مشيته، كيف سخط الله عز وجل عليه وأنزل به غضبه وأليم عقابه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه([9]) يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل([10]) في الأرض إلى يوم القيامة»([11]). ([FONT="][1]) رواه مسلم.[/FONT]
هذا الخادم المسكين الضعيف أنزله الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة تليق به، قياسًا على دينه وتقواه لا على عمله وضعفه قال عليه السلام والصلاة عن الخدم والأجراء: «هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم»([1]).
ثم تأمل في خادم يروي عن سيده كلامًا عجيبًا وشهادة مقبولة وثناء عطرًا وهل رأيت خادمًا يثني على سيده مثل ما قال خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خدمت رسول
الله صلى الله عليه وسلم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «خدمت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيء صنعته [لم صنعته؟] ولا لشيء تركته لم تركته؟»([2]).
عشر سنوات كاملة ليست أيامًا أو شهورًا إنه عمر طويل فيه الفرح والترح، والحزن والغضب وتقلبات النفس واضطرابها وفقرها وغناها، ومع هذا فلم ينهره ولم يأمره -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام- بل ويكافئه ويطيب خاطر خادمه ويلبي حاجته وحاجة أهله ويدعو لهم.
قال أنس رضي الله عنه: قالت أمي: يا رسول الله خادمك ادع الله له، قال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته»([3]).
ومع شجاعته عليه الصلاة والسلام فإنه لم يهن ولم يضرب إلا في حق، ولم يقس على الضعفاء الذين تحت يده من زوجة وخادم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا ضرب خادمًا ولا امرأة»([4]).
بل ها هي أم المؤمنين رضي الله عنها تكرر الشهادة لخير الخلق وصفوة الناس أجمعين وقد سارت الركبان بالحديث عن حسن سيرته ونبل معشره حتى شهد له كفار قريش.
تقول رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرًا من مظلمة ظلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله تعالى شيء، فإذا انتهك من محارم الله تعالى شيء، كان من أشدهم في ذلك غضبًا، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثمًا»([5]).
وكان صلى الله عليه وسلم ينادي بالرفق والأناة قال عليه الصلاة والسلام: « إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»([6]). ([FONT="][1]) رواه مسلم.[/FONT]
في حياة البشر حاجات عاطفية ودخائل نفسية تظهر الحاجة إليها دومًا في المجتمع والأسرة والبيت، ومن الأمور التي تقرب القلوب وتذيب إحن النفوس الهدية، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها»([1]) وهذا الإهداء والشكر من كرم النفوس وصفاء الصدور.
وخلق الكرم من أخلاق الأنبياء وسنن المرسلين، ولرسولنا صلى الله عليه وسلم قصب السبق والقدح المعلى في ذلك أليس هو القائل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه؟»([2]).
ووالله لم تشهد الغبراء ولا وهادها ولم ير الحجاز ولا الجزيرة، بل ولا الخافقين أنبل أخلاقًا وأكرم صفاتٍ منه صلى الله عليه وسلم كحل عينيك -أيها القارئ- لترى موقفاً من مواقفه العظيمة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام!!
عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها فقال: «نعم» فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه فقال له القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلاً، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني قال سهل: فكانت كفنه»([3]).
ولا تعجب من خلق من اصطفاه الله عز وجل ورباه على عينه وجعله القدوة، رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب أروع الأمثلة في السخاء والجود، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى»([4]). وصدق الشاعر:
وله كمال الدين أعلى همة
يعلو ويسمو أن يقاس بثاني
لما أضاء على البرية زانها
وعلا بها فإذا هو الثقلان
فوجدت كل الصيد في جوف الفرا
ولقيت كل الناس في إنسان
عن جابر رضي الله عنه قال:ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال، لا([5]).
ومع هذا العطاء والسخاء في اليد إلا أن سخاءه منقطع النظير في الجود والبذل وطيب النفس وحسن المعاشرة وصدق المحبة. كان من عادته أن يبش (يبتسم) إلى كل من يجلس إليه، حتى يظن أنه أحب أصحابه إلى قلبه.
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآني منذ أسلمت إلا تبسم»([6]). ولك في وصف شاهد كفاية وعبر.
وعن عبد الله بن الحارث قال: «مارأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم»([7]).
ولماذا تعجب أيها الحبيب وهو القائل عليه الصلاة والسلام: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»([8]).
أما خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس رضي الله عنه فقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفات عظيمة قل أن تجد بعضها في رجل أو أن تجتمع في أناس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس لطفًا فما سأله سائل قط إلا أصغى إليه فلا ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون السائل هو الذي ينصرف وما تناول أحد يده قط إلا ناوله إياها فلا ينزع صلى الله عليه وسلم يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منها»([9]).
مع إكرامه صلى الله عليه وسلم لضيفه والتطلف معه إلا أنه كان رءوفًا بأمته، ولذا فهو ينكر المنكر ولا يقبله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده»([10]). ([FONT="][1]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][2]) رواه البخاري. [/FONT]
([FONT="][3]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][4]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][5]) رواه البخاري 6034.[/FONT]
([FONT="][6]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][7]) رواه الترمذي.[/FONT]
([FONT="][8]) رواه الترمذي.[/FONT]
([FONT="][9]) رواه أبو نعيم في الدلائل.[/FONT]
أهل القلوب القاسية لا يعرف الرحمة وليس للعاطفة في صدورهم مكان إنهم كالحجارة الصماء، جفاف في العطاء والأخذ، وبخل بأرق المشاعر والعوطف الإنسانية أما من منحه الله عز وجل قلبًا رقيقًا وحنانًا دافقًا فهو صاحب القلب المثالي الحنون، تكسوه الرحمة وتحركه العاطفة.
عن أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه»([1]).
وهذه الرحمة ليست خاصة لأقاربه فحسب بل عامة لأبناء المسلمين، قالت أسماء بنت عميس زوجة جعفر رضي الله عنها: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بني جعفر فرأيته شمهم، وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله، أبلغك عن جعفر شيء؟ قال: «نعم، قتل اليوم» فقمنا نبكي ورجع فقال: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فإنه قد جاء ما يشغلهم»([2]).
ولما كانت عيناه صلى الله عليه وسلم تفيض لموتهم سأله سعد بن عبادة رضي الله عنه: يا رسول الله ما هذا؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»([3]).
وعندما ذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم لوفاة ابنه إبراهيم قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: «وأنت يا رسول الله »؟ فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى» وقال: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون»([4]).
وخلق الرسول العظيم مدعاة إلى الأخذ به والسير على خطاه فنحن في زمن فقدنا فيه الإحساس بمحبة الصغار وإنزالهم منزلتهم فهم الآباء غدا وهم رجال الأمة وفجرها المنتظر بلغ بنا الجهل والكبر وقلة الرأي وقصر النظر إلى أن تركنا مفتاح القلوب مغلقًا ومضيعًا مع الأطفال والناشئة، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإن المفتاح بيده وعلى لسانه، هاهو يجعل الصبي يحبه ويجعله ويقدره وهو صلى الله عليه وسلم ينزل الناشئ منزلة رفيعة.
كان أنس رضي الله عنه إذا مر على صبيان سلم عليهم وقال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله»([5]).
وكما أن للأطفال مشقتهم وتعبهم وكثرة حركتهم إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب ولا ينهر الصغير ولا يعاتبه، كان يأخذ صلى الله عليه وسلم بمجامع الرفق وبخطام وزمام السكينة.
عن عائشة رضي الله عنها: قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم فأتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله»([6]).
أما خطر في بالك أيها القارئ وأنت تتشرف بالجلوس في بيت النبوة أن تداعب صغارك وتمازح أبناءك وتسمع ضحكاتهم وجميل عباراتهم؟ كان نبي الأمة يفعل ذلك كله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيهش له»([7]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة، وهو يقول: يا زوينب، يا زوينب، مرارًا»([8]).
ورحمته تطال الصغار حتى وهو في عبادة عظيمة «فقد كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها»([9]).
وعن محمود بن الربيع رضي الله عنه قال: «عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو، من بئر كانت في دارنا، وأنا ابن خمس سنين»([10]).
وهو عليه الصلاة والسلام يعلم الكبير والصغير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: « يا غلام، إني أعلمك كلمات:احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله»([11]).
بعد أن عشنا مع بعض شمائله الكريمة وسيرته العطرة لعلنا نحيي بها القلوب ونقتفي خلفها الأثر في مسيرة الحياة، فبيوتنا تزهر بالصغار، والأطفال الذين يحتاجون إلى حنان الأبوة وعاطفة الأمومة وإدخال السرور على قلوبهم الصغيرة، فينشأ سوي العاطفة سوي الخلق يقود الأمة رجلاً صنعه الرجال والأمهات بعد توفيق الله عز وجل. ([FONT="][1]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][2]) أخرجه ابن سعد، والترمذي وابن ماجه.[/FONT]
([FONT="][3]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][4]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][5]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][6]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][7]) السلسة الصحيحة رقم 70.[/FONT]
([FONT="][8]) الأحاديث الصحيحة 2141، صحيح الجامع 5025.[/FONT]
البطش وأخذ الحقوق قهرًا وجبرًا من سمات الظلمة وأهل الجور ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام أرسى قواعد العدل والنصرة لكل صاحب حق حتى ينال حقه ويأخذه، وقد سير صلى الله عليه وسلم ما منحه الله عز وجل من أمر ونهي للخير وفي سبيل الخير، فنحن لا نخشى في بيته صلى الله عليه وسلم مظلمة ولا بطشًا، ولا تعديًا ولا نهبًا.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى»([1]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: «يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء»([2]).
ولما قفل رسول صلى الله عليه وسلم من غزوة حنين تبعه الأعراب يسألونه فالجئوه إلى شجرة فخطفت رداءه، وهو على راحلته، فقال: «ردوا علي ردائي، أتخشون علي البخل؟ فقال: فوالله لو كان لي عدد هذه العضاة([3]) نعمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا»([4]).
ومن أنصع صور التربية وجميل التعليم، الرفق في جميع الأمور ومعرفة المصالح ودرء المفاسد.
أخذت الغيرة الصحابة وهم يرون من يخطئ وتزل قدمه وسارعوا إلى الإنكار وحق لهم ذلك، ولكن الحليم الرفيق صلى الله عليه وسلم منعهم من ذلك لجهل الفاعل وللضرر المترتب فكان الأولى ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين»([5]).
وصبر الرسول على أمر الدعوة مدعاة إلى التأسي به والسير على نهجه، وعدم الانتصار للنفس، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك وقد بعثت إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين»([6]). فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا»([7]).
وبعض النفوس اليوم تتعجل أمر الدعوة وتأمل في حصد النتائج سريعًا، والانتصار للنفس قدحًا في الدعوة وإخلاصها ولهذا فشلت بعض الدعوات لفشو هذا الأمر بين أفرادها فأين الصبر والتحمل؟! وبعد سنوات طويلة وقع ما أمله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معاناة وصبر وطول جهاد.
وكيف يسامى خير من وطيء الثرى ***وفي كل باع عن علاه قصور وكل شريف عنده متواضع***وكل عظيم القريتين حقير
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»([8]).
وذات يوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في جنازة مع أصحابه يهودي اسمه زيد بن سعنة، يتقاضاه دينًا، فأخذ بمجامع قميصه وردائه، ونظر إليه بوجه غليظ، وقال: يا محمد ألا تقضني حقي؟ وأغلظ في القوم، فغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونظر إلى زيد وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم قال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق لو لا ما أحاذر من لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: «يا عمر، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فأعطه حقه، وزده عشرين صاعًا من تمر».
يقول زيد اليهودي لما زاده عمر عشرين صاعًا من تمر قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال عمر: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان نقمتك قال زيد: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا من أنت؟ قال: زيد بن سعنة.
قال: الحبر؟" قلت: الحبر، قال: فما دعاك أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت، وقلت له ما قلت؟ قال زيد: يا عمر لم يكن له من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنين لم أخبرهما منه: هل يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا فقد اختبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه أو على بعضهم فإنك لا تسعهم، قال زيد: أو على بعضهم فرجع زيد اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وآمن به وصدقه([9]).
ونحن نتأمل الموقف ونهايته والحوار الطويل فيه لعل لنا نصيبًا من التأسي بقدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام، والصبر على الناس ودعوتهم برفق وحلم.
وتشجيعهم إذا أحسنوا وبث روح التفاؤل في نفوسهم عن عائشة رضي لله عنها قالت: «اعتمرت مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة حتى إذا قدمت مكة، قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله قصرت وأتممت، وأفطرت وصمت، قال: «أحسنت يا عائشة» وما عاب علي»([10]) ([FONT="][1]) رواه أحمد. [/FONT]
([FONT="][2]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][3]) العض: الشجر الغليظ يبقى في الأرض.[/FONT]
([FONT="][4]) رواه البغوي في شرح السنة وصححه الألباني.[/FONT]
([FONT="][5]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][6]) الأخشبان: الجبلان المحيطان بمكة والأخشب: الجبل الغليظ.[/FONT]
([FONT="][7]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][8]) متفق عليه. [/FONT]
([FONT="][9]) أخرجه النسائي في مستدركه وصححه.[/FONT]
الموائد والجفان تروح وتغدو في بيوت علية القوم وأهل الأمر والنهي فيها.. ونبي هذه الأمة تحت يده، البلاد والعباد وترد إليه الإبل محملة بالأرزاق ويفيض بين يديه الذهب والفضة، يا ترىكيف مطمعه ومشربه، أعيشة الملوك أم أرفع وأعظم؟ أطعام الأغنياء والموسرين أم أكمل وأتم؟ لا تعجب وأنت تتأمل طعام الرسول صلى الله عليه وسلم وقلته وتقشفه يحدثنا أنس رضي الله عنه حيث قال: « إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف»([1]).
والضفف: قلة المأكول وكثرة الأكلة، والمعنى أنه لم يشبع إلا بضيق وشدة، أو ما شبع في زمن من الأزمان إلا إذا نزل به الضيوف، فيشبع حينئذ لضرورة الإيناس والمجابرة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم»([2]).
وفي رواية: «ما شبع آل محمد منذ قام المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض»([3]).
بل كان عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يأكل وينام طاويًا لا يدخل جوفه اللقمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا هو وأهله،لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير»([4]).
وليس الأمر من قلة وندرة، بل كانت تفيض الأموال من تحت يده وتفد إليه النجائب محملة، ولكنه الله عز وجل اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم الحال الأكمل والأقوم.
قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر فأسرع ثم دخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت أو قيل له فقال: «كنت خلفت في البيت تبرًا -أي ذهبًا- من الصدقة فكرهت أن أبيته فقسمته»([5]).
والسخاء العجيب والعطاء المنقطع النظير هو ما يخرج من يد نبي هذه الأمة، عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل، فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: «يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر»([6]).
ومع هذا العطاء والسخاء، تأمل حال نبي هذه الأمة عن أنس رضي الله عنه قال: « لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات»([7]).
وذكرت عائشة رضي الله عنها أنه كان يأتيها فيقول: «أعندك غداء»؟ فتقول: لا، فيقول: «إني صائم»([8]).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقيم الشهر والشهرين، لا يعيشه هو وآل بيته إلا الأسودان: التمر والماء([9]).
ومع هذه القلة في الطعام والندرة في المأكولات فإن خلقه الرفيع وأدبه الإسلامي يدعوه إلى شكر نعمة الله ثم شكر من أعدها وعدم تعنيفه إن أخطأ، فقد اجتهد ولم يصب، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يعيب طعامًا ولا يلوم طابخًا ولا يرد موجودًا ولا يطلب مفقودًا، إنه نبي الأمة لم يكن همه بطنه ومأكله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه»([10]).
وللأحبة الكرام من تأخذهم المآكل والمشارب أسوق قول شيخ الإسلام ابن تيمية مختصرًا:
وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدى محمد صلى الله عليه وسلم وكن خلقه في الأكل أن يأكل ما تيسر إذا اشتهاه، ولا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، فكان إذا حضر خبز ولحم أكله، وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله، وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله، ولم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين، ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة، وفي الحديث صلى الله عليه وسلم: «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وأمر الله عز وجل بأكل الطيبات والشكر لله فمن حرم الطيبات كان معتديًا، ومن لم يشكر كان مفرطًا مضيعًا لحق الله، وطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أعدل الطرق وأقومها والانحراف عنها إلى وجهين: قوم يسرفون فيتناولون الشهوات مع إعراضهم عن القيام بالواجبات، وقوم يحرمون الطيبات ويبتدعون رهبانية لم يشرعها الله تعالى، ولا رهبانية في الإسلام.
ثم قال رحمه الله: وكل حلال طيب، وكل طيب حلال فإن الله عز وجل أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، لكن جهة طيبه كونه نافعًا لذيذًا، والله حرم علينا كل ما يضرنا، وأباح لنا كل ما ينفعنا.
ثم قال رحمه الله: والناس تتنوع أحوالهم في الطعام واللباس والجوع والشبع، والشخص الواحد يتنوع حاله، ولكن خير الأعمال ما كان لله أطوع، ولصاحبه أنفع([11]). ([FONT="][1]) رواه الترمذي.[/FONT]
([FONT="][2]) رواه مسلم.[/FONT]
([FONT="][3]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][4]) رواه الترمذي.[/FONT]
([FONT="][5]) رواه مسلم.[/FONT]
([FONT="][6]) رواه مسلم.[/FONT]
([FONT="][7]) رواه البخاري.[/FONT]
([FONT="][8]) رواه مسلم[/FONT]
([FONT="][9]) رواه البخاري، ومسلم.[/FONT]
([FONT="][10]) متفق عليه.[/FONT]
([FONT="][11]) مجموع الفتاوى 22/310 باختصار.[/FONT]
أكرم المجالس مجالس العلم والذكر، فما بالك إذا توسط صفوة ولد آدم ومعلم الأمة بحديثه وتعليمه وتوجيهه؟ كان من صفاء مجلسه ونقاء سريرته عليه الصلاة والسلام أن يرد المخطئ ويعلم الجاهل وينبه الغافل ولا يقبل في مجلسه إلا كل خير، وإن كان صلى الله عليه وسلم مستمعًا منصتًا لمحدثه إلا أنه لا يقبل غيبة ولا يرضى بنميمة ولا بهتان ولذا فهو يرد عن أعراض الآخرين.
عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال: «أين مالك بن الدخشم»؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تفعل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله، وإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»([1]).
وكان صلى الله عليه وسلم يحذر من شهادة الزور واقتطاع الحقوق، عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر»؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئًا فجلس فقال: «ألا وقول الزور» فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت»([2]).
ومع محبته لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلا أنه أنكر عليها الغيبة، وأوضح لها عظم خطرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا، قال بعض الرواة: تعني قصرها، فقالت: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته»([3]).
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يذب عن أعراض إخوانه فقال صلى الله عليه وسلم: «من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقًا على الله أن يعتقه من النار»([4]). ([FONT="][1]) متفق عليه.[/FONT]