الهجرة إيمان بالمستقبل وثقة في الغيب. .. نحن في عالم يسوده المنطق المادي. .وبعد المحسوسات وما يتصل بها هي الوجود الذي لا وجود وراءه. . وجمهرة أخدت تستكيني لهذا التفكير. وتبني عليه سلوكها في الحياة وفرحها أو حزنها لما سصيبها من نعماء وبأساء ..
نعم. .إنها تحت تأثير الدين تؤمن بما وراء المادة وتاوي إلى هذا الإيمان في الساعات العصبية. .. بيد أن لغوب الناس على ظهر الأرض. .وكدحهم لتحصيل مايريدون إنما يثور غباره وراء ضرورات العيش ومرفهاته. .أما الدار الآخرة وما يمهد لها فأمر قلما يخطر على البال. .وإذا خطر فقلما يقترن بالشعور الجياش. .والفكر المستغرق. .والعزم الحديد. .. وحقيقة الدين تنافي المسلك الخامل فإن الإيمان بالغيب قسيم للإيمان بالحاضر ولا يصح تدين ما إلا إذا كان المرء مشدود الاواصر إلى ما عند الله. .مثلما يتعلق بما يرى ويسمع في هذه الدنيا. ... والغيب الذي أقصده هنا أوسع داىرة من عالم الملائكة مثلا. .أو مشاهدة الجزاء الاخروي. .أو المرويات التي أنبٱنا الوحي بها ولا نستطيع الوصول إليها بمداركنا. .. الغيب الذي أقصده هنا ما يتصل بالسلوك الإنساني المٱنوس لنا. أي ما ننبعث عنه في كفاحنا القريب لبلوغ مانحب وإقصاء ما نكره. . إن النصر على الاعداء غيب خصوصا إذا وهنت الوسيلة. .وقل العون وفدحت العوائق. .ولكن الإيمان بهذا النصر المأمول ينبع من الإيمان بالله جل شأنه. .ومن ثم فالمجاهد الموقن يمضي في طريق الكفاح المر. وهو واثق من النتيجة الأخيرة. . إن غيره يستبعدها. .أو يرتاب فيها. .أما هو فمعتقد أن اختلاف الليل والنهار يقربه منها وإن طال المدى. ...
فإذا قال الله تعالى. . (وكان حقا علينا نصر المؤمنين )...فان الجماعة المؤمنة لا تلهوها وعثاء الطريق وضراوة الخصوم وكآبة الحاضر. .