السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله أوقاتكم
صح فطوركم
[FONT="]وسورة التوبة [/FONT]
[FONT="]مدنية وآياتها تسع وعشرون ومائة [/FONT]
[FONT="]بين يدي السورة :هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعنى بجانب التشريع ، وهي من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري عن البـراء بن عازب أن آخر سورة نزلت سورة براءة وروى الحافظ ابن كثير: أن أول هذه السورة نزلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرجعه من غزوة تبوك ، وبعث أبا بكر الصديق أميرا على الحج تلك السنة ، ليقيم للناس مناسكهم ، فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيها من الأحكام ، نزلت في السنة التاسعة من الهجرة ، وهي السنة التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم ، واشتهرت بين الغزوات النبوية بـ ((غزو تبوك)) وكانت في حر شديد ، وسفر بعيد ، حين طابت الثمار، وأخلد الناس إلى نعيم الحياة ، فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين ، وامتحانا لصدقهم وإخلاصهم لدين الله ، وتمييزا بينهم وبين المنافقين ، ولهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان- إلى جانب الأحكام الأخرى-هما:[/FONT]
[FONT="]أولا : بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين ، وأهل الكتاب [/FONT]
[FONT="]ثانيا : إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول لغزو الروم [/FONT]
[FONT="]أما بالنسبة للهدف الأول فقد عرضت السورة إلى عهود المشركين فوضعت لها حدا ، ومنعت حج المشركين لبيت الله الحرام ، وقطعت الولاية بينهم وبين المسلمين ، ووضعت الأساس في قبول بقاء أهل الكتاب في الجزيرة العربية، وإباحة التعامل معهم ، وقد كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين عهود ومواثيق ، كما كان بينه وبين أهل الكتاب عهود أيضا ، ولكن المشركين نقضوا العهود وتآمروا مع اليهود عدة مرات على حرب المسلمين ، وخانت طوائف اليهود((بنو النضير)) و ((بنو قريظة)) و ((بنو قينقاع)) ما عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهودهم مرات ومرات ، فلم يعد من الحكمة أن يبقى المسلمون متمسكين بالعهود وقد نقضها أعداؤهم فنزلت السورة الكريمة بإلغاء تلك العهود ونبذها إليهم على وضوح وبصيرة ، لأن الناكثين لا يتورعون عن الخيانة كلما سنحت لهم الفرصة ، وبذلك قطع الله تعالى ما بين المسلمين والمشركين من صلات، فلا عهد ، ولا تعاهد ، ولا سلم ، ولا أمان ، بعد أن منحهم الله فرصة كافية هي السياحة في الأرض أربعة أشهر ينطلقون فيها آمنين ، ليتمكنوا من النظر والتدبر في أمرهم ، ويختارون ما فيه المصلحة لهم . وفي ذلك نزل صدر السورة الكريمة <<براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين....>>[/FONT]
[FONT="]ثم تلتها الآيات في قتال الناقضين للعهود من أهل الكتاب <<قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر....>> ، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من عشرين آية ، كشف الله سبحانه فيها القناع عن خفايا أهل الكتاب ، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكر، وحقد على الإسلام والمسلمين . [/FONT]
[FONT="]*وعرضت السورة للهدف الثاني ، وهو شرح نفسيات المسلمين حين استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم ، وقد تحدثت الآيات عن المتثاقلين منهم والمتخلفين ، والمثبطين ، وكشفت الغطاء عن فتن المنافقين ، باعتبار خطرهم الداهم على الإسلام والمسلمين ، وفضحت أساليب نفاقهم ، وألوان فتنهم وتخذيلهم للمؤمنين ، حتى لم تدع لهم سترا إلا هتكته ، ولا دخيلة إلا كشفتها ، وتركتهم بعد هذا الكشف والإيضاح تكاد تلمسهم أيدي المؤمنين ، وقد استغرق الحديث عنهم معظم السورة بدءا من قوله تعالى: <<لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك...>> إلى قوله تعالى :<<لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم >> ولهذا سماها الصحابة ((الفاضحة)) لأنها فضحت المنافقين وكشفت أسرارهم ، قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس عن سورة براءة فقال :تلك الفاضحة،ما زال ينزل: ومنهم ، ومنهم، حتى خفنا ألا تدع منهم أحدا ، وروي عن حذيفة بن اليمان انه قال : إنكم تسمونها سورة التوبة ، وإنما هي سورة العذاب ، والله ما تركت أحدا من المنافقين إلا نالت منه ، وهـــــــــــــــــذا هـــــــــو الســـــــــــــــر في عــــــــــــدم وجود البسملة فيها ، قال ابن عباس: سألت علي بن أبي طالب لم لم يكتب في براءة <بسم الله الرحمن الرحيم> ؟ قال:لأن <بسم الله الرحمن الرحيم>أمان، وبراءة نزلت بالسيف ،ليس فيها أمان ، وقال سفيان بن عيينة : إنما لم تكتب في صدر هده السورة البسملة لان التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت بالمنافقين وبالسيف ، ولا أمان للمنافقين .[/FONT]
[FONT="]من كتاب صفوة التفاسير للصابوني
[/FONT]
[/FONT]
[FONT="]والله أعلم
[/FONT]
[/FONT]