- إنضم
- 24 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 5,056
- نقاط التفاعل
- 15,515
- النقاط
- 2,256
- العمر
- 39
- محل الإقامة
- فرنسا الجزائر وطني
الحلقة الرابعة من سلسلة صيادو الحياة
محمد : جابر أضنها كومة من النفايات ملقاة في عرض البحر .
جابر : سنتأكد إذهب وأحضر لي منظاري .
غاب محمد قليلا وعاد الى السطح ومعه المنظار وسلمه الى القبطان ، أخذه جابر وراح يدقق النظر وصرخ " محمد إنها سفينة سفينة ويظهر أنها عبارة سياحية صغيرة وهي تقترب ببطء نحونا" ، فرح محمد وذهب ليبشر الجميع ووجد يوسف في مؤخرة السفينة تائها وحزينا ومغموما، وعندما سمع الخبر من محمد رقص وكأنه لم يكن حزينا ،ولم يصنع تلك البلبلة منذ نصف ساعة .
قبل محمد على خده وقال له " سننجو سننجو !!" .
محمد : " يا إلاهي يوسف كم أنك طفولي ومتسرع كعادتك دائما ههه ".....
يوسف كان الابن المدلل لعائلة غنية من المدينة ،وكان هو وأخته فقط عند ابويهما ،مدللان يدرسان لا شيء ينقصهما مثل الامراء ،الاب يعمل تجارة حرة ونجح معه الامر وازدهرت تجارته بحكم قربه من الميناء ،وأمه عميدة كلية صارمة جدا والكل يخاف منها ويعمل لها الف حساب ،لكن عندما تصل الى البيت فهي الام الحنون والزوجة المحبة المتفهمة لزوجها، الغائب معظم الاوقات .
يعني كان يعيش حياة الرغد العاطفي والمادي ،وأخته كانت ناجحة جدا في دراستها عكسه تماما ، كان كثير اللعب مع اصدقائه بكرة القدم . أبوه شديد الدفاع عنه أمام أمه رغم غلطاته وهفواته الدائمة ، وهي كانت تقول له أنه سيفسده بدلاله .لكن الوالد لم يستمع واستمر في دلاله وتلبية رغباته لأنه بهذا يعوضه عن غيابه ، واستمر الحال اعوام ورسب يوسف عدة مرات في سنته الاولى من المرحلة الثانوية ،بينما أخته تخطته وتحصلت على الشهاده التي تؤهلها دخول الجامعة .
وفي أحد الايام وهو يستعد للخروج كعادته ، وقفت أمه عند باب الغرفة تسأله :" يوسف الى أين ذاهب بهذه الثياب ألم أقل لك أن تراجع وأنه يجب عليك على الاقل تحصيل مستوى بكالوريا لنتمكن من مساعدتك ", وصرخت في وجهه " وثياب الرياضة وخرجاتك المتواصلة ؟ الن ننتهي؟" وهو وكأن أمه لا تتحدث ويكمل لبس ثيابه وجواربه ويهم بالخروج ، أمسكته أمه من ذراعه محاولة إفهامه أنه بهذه الطريقه سيضيع مستقبله، ولكنه نهرها وأوقعها أرضا حتى سقطت على جبهتها وتأذت ،وكانت الدماء تنهمر من جبهتها والدموع من عينيها دون توقف. بهر يوسف وركض نحوها ليساعدها ، وهو يخبرها أنه لم يكن يقصد وأنه حادث .
سارع بالاتصال بوالده الذي جاء على جناح السرعة ،كانت زوجته بالنسبة له السند وهي من ساعدته ليصل الى ما هو فيه ليس ماديا فحسب وإنما معنويا أيضا ، ركض اليها وأخذها الى المستشفى ،قطب الطبيب جرحها ،وعادا معا ووجدت يوسف وأخته ينتظران بقلق بعد أن زرعت فيه أخته جميع انواع المخاوف ، ومباشرة صفعه والده كانت المرة الاولى في حياته التي يصفعه فيها ،ذعر يوسف وراح يصرخ وينتحب ويعلل أنها حادثة ،لكن والده أخرصه وقال له :" لم أضربك فقط من أجل هذا بل من أجل طريقة حديثك مع أمك وضربتك لاهمالك مستقبلك "
صرخ يوسف : " لما لم تهتم سابقا لما الان وقد كبرت تريد لعب دور الاب سئمت منكما ومن معاملتكما لي كولد صغير ،سأثبت لكما أنني ناضج" . وخرج مسرعا تاركا صرخات أمه النحيلة المنهكة ،وصرخات أبيه المفجوع من الحديث .
ركض يوسف في شوارع المدينة وكانت ليالي شتاء باردة ،ركض والمدينة قد خيم عليها ليل قاتم الضلمة ،ودموعه تحجب عنه رؤية الطريق حتى أوصلته رجلاه الى حانة خمر وكان يجلس بالقرب منها شيخ سكير لم يعرف أهو النهار أو الليل ،ولم يفرق بين البرد والحر ويتلوى وهو جالس كأنه عود خيزران ،نظر الى يوسف وقال له: " تعالي يا حب... هأ ح ح حبيبتي بجانبي هههه ك ك كنت أبحث عنك منذ خمسييييييين سنة خخخخخ" ، رمقه يوسف بنظرة اشمئزاز ،وعبر فوقه ودخل الى الحانة ،ووضع كومة من النقود على الطاوله وقال:" أريد شرابا إسقوني شرابا !" ، حضر النادل وهو يسأل عن عمره ،لكن يوسف أظهر له النقود فصمت وراح مليا وعاد له بزجاجتين وكأس ،وأحتسى الشراب لاول مرة في حياته شرب وشرب حتى احمرت عيناه وشعر أنه ريشة تهزها الرياح ، وأخذ يضحك ويبكي في نفس الوقت ويصر أنه رجل وأنه لم يعد صغيرا ليضرب! وهو على تلك الحال حتى خارت قواه ولم يعد يستطيع التحرك ، حاول النهوض لكن وكأن أحدا دفعه ليعاود الجلوس من ثقل ما شرب. " هههه لما تدفعني للجلوس يا هذا أريد النهو هأ الن النهووووض" قالها وهو بصن فعلا أن شخصا قد دفعه ، ثم أسنده النادل وأخرجه لانه أكثر الصراخ في الحانة فتعثر بالشيخ في الباب ووقع قربه فقال له الشيخ : " آآه أخييييييرا حبيبتي بين أحضاني مرت خمسون سنة لم تتغيري خخخخ" دفعه يوسف بعيدا عنه وجلس أمامه يضحك ويبكي في نفس الوقت .
في هذه الاثناء والداه يبحثان عنه عند أصدقائه ،بالهاتف وبالسيارة ،ولكن دون جدوى ... قاربت الساعة الثالثة ليلا ولم يعد كانا قلقين جدا ومتوترين وأخته تبحث في اجنداته لعلها تجد رقم هاتف أو عنوان ،... بدون فائدة!!
أمام الحانة وقفت سيارة ونزل منها رجل ووجد يوسف ينام في حضن الشيخ والشيخ يغط في نوم عميق ويمسك يد يوسف بإحكام . فصاح " يا إلاهي أبي عملتها ثانية وهربت من المنزل الى هنا ،كل مرة أغادر فيها الى العمل وأعود أجدك سكرانا لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم".
في صباح اليوم التالي نهض يوسف ورأسه يكاد ينفجر، ووجد نفسه في بيت غريب عنه، ووجد الشيخ السكران يغط في نوم عميق وقد سال لعابه على مخدته وتعالت شخراته ؛
تساءل :" ماذا حدث ...آي رأسي ... وأين أنا وماذا أفعل مع هذا الخرف في غرفة واحدة ؟" ،فأجابه صوت من المطبخ إن هذا الخرف أبي ونحن نعيش معا وحدنا منذ أن ماتت أمي وتزوجت أختي ورحل أخي ،تشجع يوسف بالنهوض على رجليه ووصل الى المطبخ وهو يستند الى الجدار ،فقال له الرجل : " إجلس تحتسي القهوة سيزول عنك الصداع هذا من كثرة الشرب ، وولد مثلك يافع ولا تبدو متسكعا وعضلات مفتولة ماذا دفعك للشرب ؟"
يوسف :"تشاجرت مع والدي وأمي فخرجت غاضبا من البيت ، آه حقا أبي وأمي لابد أنهما قلقين جدا علي "
الرجل : " لا يعلمان مكانك هذا أكيد أعطني الرقم وسأتصل بهما "
يوسف : " لا أريد فهما يريدان أن يفرضا رأيهما على حياتي وأنا لا أريد ،وما همهما حتى إن أصبحت صياد سمك اليست حياتي؟"
طأطأ الرجل رأسه وسأل يوسف : " ما به صياد السمك يا أخي هل هي مهنة غير شريفة؟ وهل تعرف عنها على الاقل لتصغرها بهذه الطريقة؟"
خجل يوسف وهو في حظرة الرجل وبيته ويحتسي قهوته ،ويبدو من هيأة البيت أنه بسيط.
وقال :" لا يا عمي إنها مهنة رائعة ،ولو أتيحت لي الآن لعملتها", كان دائما متسرعا في قراراته ،ومتسرعا في أحكامه.
الرجل :" حقا ! أنا صياد هل تريد الانضمام الى طاقمنا؟ "
بهت يوسف ولم يجد بدا من القبول لأنه تسرع قبل قليل وكان يجب أن يظهر رجلا أمامه.
يوسف :" حسن هاهو رقم هاتف أبي يا ... ما اسمك على فكرة أنا اسمي يوسف وأنت ؟"
الرجل " أنا محمد نادني محمد سأتصل بأبيك وأخبره أنك هنا " ، اتصل محمد بوالد يوسف فجاء الى البيت لأخذ ابنه واستقبله محمد مرحبا ،لكن الوالد كان غاضبا وذهب الى يوسف يؤنبه ويطلب منه الاعتذار والرجوع الى البيت ،لكن يوسف مرة ثانية كبرت في رأسه كرامته وصرخ في أبيه "سأصبح صياد سمك" .
.......
ومنذ ذلك الحين وبعد أخذ ورد ،وبحبة تسرع من يوسف غيرت حياته لم يكن يعرف أنه بجرعة تهور سيعشق البحر وهوله ، وركب سفينة الحياة مع الاخرين ،مع أنه في كل مرة يعود سالما يقول هذه آخر مرة ولن أعود ،لكن العاشق لا يحلف على معشوقه أبدا بل يعود اليه.
بدأت العبارة السياحية بالاقتراب من قارب الصيد ،والطاقم يترقب ويترقب ،وما إن تقترب أكثر حتى يزيد صوت الموسيقى والقهقهات وضوحا .
زيد :" ماذا كتب على العبارة يا ترى وبأي لغة؟"
يوسف :" مكتوب م...ا...ر..ي...ن...ا "
عبد الرحمان:" قرأتها وكأنك تقرأ مجلد مارينا"
يوسف :" وما أزعجك في الامر ؟"
محمد :" أب أب أب خلصونا يا جماعه قهرتونا بشجاراتكم التي بلا طعم سمعنا مارينا يف"
وبينما الحوار مشتد حتى ظهر على ظهر السفينة رجال ونساء يتحدثون لغة غريبة لم يسمعوا بها من قبل ، وراحو يلوحون الى الطاقم ضنا منهم أنهم مرتاحون وليسو بحاجة لشيء.
عمر: " هل يتحدثون المكسيكية؟"
جابر :" أراحنا الله منك وبعث لك حرباءك وسط البحر هل نحن نعبر المحيط؟"
الجميع :" ههههه اووووووو"
......
ترى هل سيتمكن الطاقم من إفهام السياح أنهم ضائعين ؟ وهل سيجدو طريقة للتواصل معهم ؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة من سلسلة صيادو الحياة
محمد : جابر أضنها كومة من النفايات ملقاة في عرض البحر .
جابر : سنتأكد إذهب وأحضر لي منظاري .
غاب محمد قليلا وعاد الى السطح ومعه المنظار وسلمه الى القبطان ، أخذه جابر وراح يدقق النظر وصرخ " محمد إنها سفينة سفينة ويظهر أنها عبارة سياحية صغيرة وهي تقترب ببطء نحونا" ، فرح محمد وذهب ليبشر الجميع ووجد يوسف في مؤخرة السفينة تائها وحزينا ومغموما، وعندما سمع الخبر من محمد رقص وكأنه لم يكن حزينا ،ولم يصنع تلك البلبلة منذ نصف ساعة .
قبل محمد على خده وقال له " سننجو سننجو !!" .
محمد : " يا إلاهي يوسف كم أنك طفولي ومتسرع كعادتك دائما ههه ".....
يوسف كان الابن المدلل لعائلة غنية من المدينة ،وكان هو وأخته فقط عند ابويهما ،مدللان يدرسان لا شيء ينقصهما مثل الامراء ،الاب يعمل تجارة حرة ونجح معه الامر وازدهرت تجارته بحكم قربه من الميناء ،وأمه عميدة كلية صارمة جدا والكل يخاف منها ويعمل لها الف حساب ،لكن عندما تصل الى البيت فهي الام الحنون والزوجة المحبة المتفهمة لزوجها، الغائب معظم الاوقات .
يعني كان يعيش حياة الرغد العاطفي والمادي ،وأخته كانت ناجحة جدا في دراستها عكسه تماما ، كان كثير اللعب مع اصدقائه بكرة القدم . أبوه شديد الدفاع عنه أمام أمه رغم غلطاته وهفواته الدائمة ، وهي كانت تقول له أنه سيفسده بدلاله .لكن الوالد لم يستمع واستمر في دلاله وتلبية رغباته لأنه بهذا يعوضه عن غيابه ، واستمر الحال اعوام ورسب يوسف عدة مرات في سنته الاولى من المرحلة الثانوية ،بينما أخته تخطته وتحصلت على الشهاده التي تؤهلها دخول الجامعة .
وفي أحد الايام وهو يستعد للخروج كعادته ، وقفت أمه عند باب الغرفة تسأله :" يوسف الى أين ذاهب بهذه الثياب ألم أقل لك أن تراجع وأنه يجب عليك على الاقل تحصيل مستوى بكالوريا لنتمكن من مساعدتك ", وصرخت في وجهه " وثياب الرياضة وخرجاتك المتواصلة ؟ الن ننتهي؟" وهو وكأن أمه لا تتحدث ويكمل لبس ثيابه وجواربه ويهم بالخروج ، أمسكته أمه من ذراعه محاولة إفهامه أنه بهذه الطريقه سيضيع مستقبله، ولكنه نهرها وأوقعها أرضا حتى سقطت على جبهتها وتأذت ،وكانت الدماء تنهمر من جبهتها والدموع من عينيها دون توقف. بهر يوسف وركض نحوها ليساعدها ، وهو يخبرها أنه لم يكن يقصد وأنه حادث .
سارع بالاتصال بوالده الذي جاء على جناح السرعة ،كانت زوجته بالنسبة له السند وهي من ساعدته ليصل الى ما هو فيه ليس ماديا فحسب وإنما معنويا أيضا ، ركض اليها وأخذها الى المستشفى ،قطب الطبيب جرحها ،وعادا معا ووجدت يوسف وأخته ينتظران بقلق بعد أن زرعت فيه أخته جميع انواع المخاوف ، ومباشرة صفعه والده كانت المرة الاولى في حياته التي يصفعه فيها ،ذعر يوسف وراح يصرخ وينتحب ويعلل أنها حادثة ،لكن والده أخرصه وقال له :" لم أضربك فقط من أجل هذا بل من أجل طريقة حديثك مع أمك وضربتك لاهمالك مستقبلك "
صرخ يوسف : " لما لم تهتم سابقا لما الان وقد كبرت تريد لعب دور الاب سئمت منكما ومن معاملتكما لي كولد صغير ،سأثبت لكما أنني ناضج" . وخرج مسرعا تاركا صرخات أمه النحيلة المنهكة ،وصرخات أبيه المفجوع من الحديث .
ركض يوسف في شوارع المدينة وكانت ليالي شتاء باردة ،ركض والمدينة قد خيم عليها ليل قاتم الضلمة ،ودموعه تحجب عنه رؤية الطريق حتى أوصلته رجلاه الى حانة خمر وكان يجلس بالقرب منها شيخ سكير لم يعرف أهو النهار أو الليل ،ولم يفرق بين البرد والحر ويتلوى وهو جالس كأنه عود خيزران ،نظر الى يوسف وقال له: " تعالي يا حب... هأ ح ح حبيبتي بجانبي هههه ك ك كنت أبحث عنك منذ خمسييييييين سنة خخخخخ" ، رمقه يوسف بنظرة اشمئزاز ،وعبر فوقه ودخل الى الحانة ،ووضع كومة من النقود على الطاوله وقال:" أريد شرابا إسقوني شرابا !" ، حضر النادل وهو يسأل عن عمره ،لكن يوسف أظهر له النقود فصمت وراح مليا وعاد له بزجاجتين وكأس ،وأحتسى الشراب لاول مرة في حياته شرب وشرب حتى احمرت عيناه وشعر أنه ريشة تهزها الرياح ، وأخذ يضحك ويبكي في نفس الوقت ويصر أنه رجل وأنه لم يعد صغيرا ليضرب! وهو على تلك الحال حتى خارت قواه ولم يعد يستطيع التحرك ، حاول النهوض لكن وكأن أحدا دفعه ليعاود الجلوس من ثقل ما شرب. " هههه لما تدفعني للجلوس يا هذا أريد النهو هأ الن النهووووض" قالها وهو بصن فعلا أن شخصا قد دفعه ، ثم أسنده النادل وأخرجه لانه أكثر الصراخ في الحانة فتعثر بالشيخ في الباب ووقع قربه فقال له الشيخ : " آآه أخييييييرا حبيبتي بين أحضاني مرت خمسون سنة لم تتغيري خخخخ" دفعه يوسف بعيدا عنه وجلس أمامه يضحك ويبكي في نفس الوقت .
في هذه الاثناء والداه يبحثان عنه عند أصدقائه ،بالهاتف وبالسيارة ،ولكن دون جدوى ... قاربت الساعة الثالثة ليلا ولم يعد كانا قلقين جدا ومتوترين وأخته تبحث في اجنداته لعلها تجد رقم هاتف أو عنوان ،... بدون فائدة!!
أمام الحانة وقفت سيارة ونزل منها رجل ووجد يوسف ينام في حضن الشيخ والشيخ يغط في نوم عميق ويمسك يد يوسف بإحكام . فصاح " يا إلاهي أبي عملتها ثانية وهربت من المنزل الى هنا ،كل مرة أغادر فيها الى العمل وأعود أجدك سكرانا لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم".
في صباح اليوم التالي نهض يوسف ورأسه يكاد ينفجر، ووجد نفسه في بيت غريب عنه، ووجد الشيخ السكران يغط في نوم عميق وقد سال لعابه على مخدته وتعالت شخراته ؛
تساءل :" ماذا حدث ...آي رأسي ... وأين أنا وماذا أفعل مع هذا الخرف في غرفة واحدة ؟" ،فأجابه صوت من المطبخ إن هذا الخرف أبي ونحن نعيش معا وحدنا منذ أن ماتت أمي وتزوجت أختي ورحل أخي ،تشجع يوسف بالنهوض على رجليه ووصل الى المطبخ وهو يستند الى الجدار ،فقال له الرجل : " إجلس تحتسي القهوة سيزول عنك الصداع هذا من كثرة الشرب ، وولد مثلك يافع ولا تبدو متسكعا وعضلات مفتولة ماذا دفعك للشرب ؟"
يوسف :"تشاجرت مع والدي وأمي فخرجت غاضبا من البيت ، آه حقا أبي وأمي لابد أنهما قلقين جدا علي "
الرجل : " لا يعلمان مكانك هذا أكيد أعطني الرقم وسأتصل بهما "
يوسف : " لا أريد فهما يريدان أن يفرضا رأيهما على حياتي وأنا لا أريد ،وما همهما حتى إن أصبحت صياد سمك اليست حياتي؟"
طأطأ الرجل رأسه وسأل يوسف : " ما به صياد السمك يا أخي هل هي مهنة غير شريفة؟ وهل تعرف عنها على الاقل لتصغرها بهذه الطريقة؟"
خجل يوسف وهو في حظرة الرجل وبيته ويحتسي قهوته ،ويبدو من هيأة البيت أنه بسيط.
وقال :" لا يا عمي إنها مهنة رائعة ،ولو أتيحت لي الآن لعملتها", كان دائما متسرعا في قراراته ،ومتسرعا في أحكامه.
الرجل :" حقا ! أنا صياد هل تريد الانضمام الى طاقمنا؟ "
بهت يوسف ولم يجد بدا من القبول لأنه تسرع قبل قليل وكان يجب أن يظهر رجلا أمامه.
يوسف :" حسن هاهو رقم هاتف أبي يا ... ما اسمك على فكرة أنا اسمي يوسف وأنت ؟"
الرجل " أنا محمد نادني محمد سأتصل بأبيك وأخبره أنك هنا " ، اتصل محمد بوالد يوسف فجاء الى البيت لأخذ ابنه واستقبله محمد مرحبا ،لكن الوالد كان غاضبا وذهب الى يوسف يؤنبه ويطلب منه الاعتذار والرجوع الى البيت ،لكن يوسف مرة ثانية كبرت في رأسه كرامته وصرخ في أبيه "سأصبح صياد سمك" .
.......
ومنذ ذلك الحين وبعد أخذ ورد ،وبحبة تسرع من يوسف غيرت حياته لم يكن يعرف أنه بجرعة تهور سيعشق البحر وهوله ، وركب سفينة الحياة مع الاخرين ،مع أنه في كل مرة يعود سالما يقول هذه آخر مرة ولن أعود ،لكن العاشق لا يحلف على معشوقه أبدا بل يعود اليه.
بدأت العبارة السياحية بالاقتراب من قارب الصيد ،والطاقم يترقب ويترقب ،وما إن تقترب أكثر حتى يزيد صوت الموسيقى والقهقهات وضوحا .
زيد :" ماذا كتب على العبارة يا ترى وبأي لغة؟"
يوسف :" مكتوب م...ا...ر..ي...ن...ا "
عبد الرحمان:" قرأتها وكأنك تقرأ مجلد مارينا"
يوسف :" وما أزعجك في الامر ؟"
محمد :" أب أب أب خلصونا يا جماعه قهرتونا بشجاراتكم التي بلا طعم سمعنا مارينا يف"
وبينما الحوار مشتد حتى ظهر على ظهر السفينة رجال ونساء يتحدثون لغة غريبة لم يسمعوا بها من قبل ، وراحو يلوحون الى الطاقم ضنا منهم أنهم مرتاحون وليسو بحاجة لشيء.
عمر: " هل يتحدثون المكسيكية؟"
جابر :" أراحنا الله منك وبعث لك حرباءك وسط البحر هل نحن نعبر المحيط؟"
الجميع :" ههههه اووووووو"
......
ترى هل سيتمكن الطاقم من إفهام السياح أنهم ضائعين ؟ وهل سيجدو طريقة للتواصل معهم ؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة من سلسلة صيادو الحياة