~
شكرا على الطرح الممتع والموضوع المهم
لا أملك ما أزيد على ما قال الإخوة إلا الدلالة على شيء قد وقعتُ فيه قبلا، وهو التعصّب للحقّ.
ربما يكون اللّفظ خاطئا، فالتعصّب للحق شيء محمود بلا شكّ، لكنّه إن استخدم بغير موجّه أو مبدأ، أو - وهذا أخطر -
إن استُخدم عن طريق موجّه يبغي الشرّ، أو مبدأ خاطئ، فعواقبه وخيمة.
ومن ذاك التّنظيمات الجهادية الضالّة الّتي تغري أتباعها بالحور العين وجنان عدن، فيفجّرون أنفسهم في أبرياء المسلمين وغير المسلمين.
لكن على مستوى شخصي، فقد وقعتُ كما أسلفت في هذا التعصّب الأعمى، إذ في طريقي من العمل إلى البيت أمرّ يوميا على قبّة خضراء،
وهي ظاهرة منتشرة هنا في الغرب الجزائري، يُدفنُ وليّ صالح، أو عبد طالح، أو حتّى حمار أو جحش، ثمّ تقام عليه قبّة، فيزورها المشركون
القبوريون يتبرّكون بها ويطلبون من الدّفين - وهو دفين بلا حول ولا قوة - العون والمدد.
حزّ في نفسي هذا المظهر الشركي الّذي أراه كلّ يوم، فكانت فكرتي العبقرية وأحد أصدقائي، أن نحطّم القبّة تحت غطاء الليل، وهي على مسيرة
10 دقايق بالسيّارة من المنزل، لكنّنا لم نمضِ في خطّتنا العبقرية الغبية تلك بحمد الله. وذلك أنّني أوصلت وصديقي ذاك ذات مرّة زميلا لنا طالبا
للعلم الشرعي، وحدث أن مررنا بالقبّة ذاتها، فذكرنا تلك الفكرة العظيمة العبيطة، فقال طالب العلم: حطّماها وسيبنون أحسن منها وأكبر !
إنّما التّحطيم تحطيم الفكرة لا البنيان. ومعه حق، فإن أنتَ نوّرت عقل الجاهل، وأبدلت الخرافات لديه بالحقّ، رأيت منه في طريق الخير ما يسرّ.
أمّا القبّة فلا تزال قائمة إلى حين أطبع من أدلة تحريم إتيانها ما أطبع وألصقها عليها، علّ النّاس ترعوي إذ ذاك عن هذا الشرك.