أحسن الله إليك أخي الطيب.
ما أحسن ما دعوت و أرقى ما كتبت، غفر الله لي و لك جميع الذنوب و الزلات و بلغني و إياك عظيم الدرجات.
أريد أن أسأل فقط هل طالعت بداية الرد جوابا عن سؤالك الأول و الذي كان كالأتي:
السلام عليكم و رحمه الله تعالى وبركاته
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
أخي الكريم ماذا أقول عن طيبتك وكرمك ،الحمد لله الذي جعل الاخوة أخوة الاسلام ،أخ كريم ومعين شريف ... كثر الله من امثالك ....
ماذا أقول لك يا أخي، غَرِقت في ثنائك الذي لا أجدني من أهله، و لعله من كرمك و فيض شعورك بالإخوة في الله و المودة في سبيله، و لم أجد السبيل إلى رد جميل كلامك مع أنه فوق ما أستحقه بكثير جدا، و ما عساني أقول إلا كما قال خليفة رسول الله: اللهم لا تواخذني بما يقولون و أغفر لي ما لا يعلمون و أجعلني خيرا مما يظنون.
إِلَهي لا تُعَذِّبني ... فَإِنّي مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلا رَجائي ... وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا ... وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَنِّ
إِذا فَكَّرتُ في نَدَمي عَلَيها ... عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي
يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي ... لَشَرُّ الناس إِن لَم تَعفُ عَنّي
جزاك الله خيرا على الاجابة والمجهود
أقول لك حقا حقا أستفدت منك كثيرا والله يشهد ...
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحت، و ما أنا إلا ناقل لهذه الدرر و التي أسأل الله أن يجزي أهلها خير الجزاء، و أن يبارك في جهدهم.
عندي سؤال آخر أتمنى أن تعطيني رابط لموضوع السؤال إذا كان قد سؤل من قبل،
من فضلك أخي الكريم
أريد الاجابة بأسلوبك لأنني أفهمه ويعجبني كثيرا... تبسط الامور وتسهل الامور ما شاء الله
والسؤال هو:
هل فتور الهمة في العبادات سببه مرض في القلب؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
فتور الهمة في العبادات، و قلة العطاء في الطاعات بعد نشاط و حماس و قوة و إجتهاد، هذا أمر جبلي في النفوس و قد جاء ببيانه الخبر الذي صح عند إبن حبان عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ )، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فَلا تَعُدُّوهُ ) رواه الترمذي (2453) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (57) .
قال المباركفوري رحمه الله :
" قوله (إن لكل شيء شِرَّةً) أي : حرصا على الشيء ونشاطا ورغبة في الخير أو الشر .
(ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةً) أي : وهْناً وضعفاً وسكوناً .
(فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ) أي : جعل صاحب الشرة عملَه متوسطاً ، وتجنب طرفي إفراط الشرة وتفريط الفترة .
(فَارْجُوهُ) أي : ارجو الفلاح منه ؛ فإنه يمكنه الدوام على الوسط , وأحب الأعمال إلى الله أدومها .
(وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ) أي : اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وسار مشهوراً مشارا إليه .
(فَلا تَعُدُّوهُ) أي : لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيا , ولم يقل فلا ترجوه إشارة إلى أنه قد سقط ولم يمكنه تدارك ما فرط " انتهى .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 126 ) .
و لا شك أن الفتور يكون في أوقات ضعف الايمان و يكون سببا إلى ضعفه، فإلايمان قول و عمل يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي، وكذلك يكون الفتور لما يشدد المرء على نفسه بما لا تطيق،
ولكي يتجنب المسلم الإفراط والتفريط فعليه بالقصد ، وهو التوسط ، فلا يبالغ في فعل العبادة والطاعة ؛ لئلا يملَّ فيترك ، ولا يتركها كسلاً وتهاوناً لئلا يستمرئ الترك فلا يرجع ، وكلا الأمرين ذميم ، ومن توسط في الأمر سلك ، ومن سلك وصل إلى ما يحبه الله ويرضاه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ . قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا ، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا ، وَرُوحُوا ، وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( سددوا ) معناه : اقصدوا السداد أي : الصواب .
قوله " وقاربوا " أي : لا تُفْرِطُوا (أي تشددوا) فتُجهدوا أنفسكم في العبادة ، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فَتُفَرِّطُوا (أي تقصروا) .
قوله " واغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة " : والمراد بالغدو السير من أول النهار , وبالرواح السير من أول النصف الثاني من النهار , والدلجة : سير الليل ، يقال : سار دلجة من الليل أي ساعة ، فلذلك قال : ( شيء من الدلجة ) لعسر سير جميع الليل .
وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة , وعبر بما يدل على السير لأن العابد كالسائر إلى محل إقامته وهو الجنة .
قوله " والقصدَ القصدَ " أي : الزموا الطريق الوسط المعتدل , واللفظ الثاني للتأكيد " انتهى باختصار .
"فتح الباري" (11/297،) .