الخاتمة
فتبين مما تقدم : أن هذه الشجرة المباركة –شجرة الإيمان- أبرك الأشجار وأنفعها وأدومها .
وأن عروقها وأصولها وقواعدها : الإيمان وعلومه ومعارفه ، وساقها وأفنانها : شرائع الإسلام ، والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة، المؤيدة والمقرونة بالإخلاص لله . والمتابعة لرسول الله (صلى الله عليه و سلم) .
وأن ثمارها وجناها الدائم المستمر : السمت الحسن ، والهدي الصالح ، والخلق الحسن ، واللهج بذكر الله وشكره ، والثناء عليه ، والنفع لعباد الله بحسب القدرة -: نفع العلم والنصح ، ونفع الجاه والبدن ، ونفع المال ، وجميع طرق النفع ، وحقيقة ذلك كله : القيام بحقوق الله ، وحقوق خلقه .
وأن هذه الشجرة- في قلوب المؤمنين- متفاوتة تفاوتاً عظيماً ، بحسب ما قام بهم ، واتصفوا به : من هذه الصفات .
وأن منازلهم في الآخرة تابعة لهذا كله .
وأن الفضل في ذلك كله لله وحده ، والمنَّة كلها [له سبحانــه] . (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة الحجرات 49/17] .
وقال أهل الجنة بعدما دخلوها ، وتبوءوا منازلهم- معترفين بفضل ربهم العظيم- (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 7/43) .
فجمع في هذه الآية بين الإخبار باعترافهم وثنائهم على الله بنعمه وفضله : حيث وصلوا إلى المنازل العالية ، وبين ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك بمنة الله عليهم به ، وهو : العمل الصالح الذي هو الإيمان وأعماله .
فنسأل الله تعالى : أن يمنَّ علينا بالإيمان الصادق ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد هدانا ، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
قال ذلك وكتبه العبد الفقير إلى الله : عبدالرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر السعدي ، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين .
حرر : في 8 من شهر ذي الحجة سنة 1374هـ ، والحمد لله رب العالمين وتم نقله : في 14 جمادي الثانية سنة 1376هـ ، بقلم : عبدالله السليمان السلمان ، فلله الحمد من قبل ومن بعد .
وقد انتهى طبعه بعد أن قمنا بتصحيحه : على الوجه الذي التزمناه ، وللسبب الذي ذكرناه : في تصدير كتاب "الدرة البهية" للمؤلف رحمه الله : في يوم الأحد الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 1376هـ ، والثالث والعشرين من يونيو سنة 1957م .
ولله الشكر ، ومنه الفضل وصلواته وتسليماته ، وتحياته وبركاته، على سيد الأنبياء ، ورئيس الأصفياء ، وعلى آله وصحبه وأوليائه وحزبه...
ومن تأمل الواقع في الخلق ، رأى الأمر كما ذكر النبي (صلى الله عليه و سلم)