۩سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس (المقدمة)۩

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,287
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
۩سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس (المقدمة)۩

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نتوب إليه ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله و سلم عليه و على آله و صحبه أجمعين .

أما بعد :

أيّها الكرام هذه ساعة مباركة و لحظات طيبة نجتمع فيها من جديد للحديث عن موضوع نسأل الذي أصبغ علينا بنعمه أن ييسر فهمه وأن يبارك فيه و أن يجعله لوجهه خالصا و لنا جميعا نافعا و أن يُثَقل به موازيننا يوم نلقاه .

العلم أيّها الإخوة نور و ضياء لصاحبه ، قال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم ) فالعلم نُور يضئ لصاحبه الطريق ، و تَستبين لصاحبه به الجَادّة ، فيكون في سيره على نور من ربّه ، يكون في سيره سائرا في طريق مُضِيئ و جادّة منيرة فلا تلتبس عليه السّبيل و الله يقول : ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )و يقول : (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى )و يقول: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )و الآيات في هذا المعنى كثيرة ، و لهذا أيّها الإخوة الكرام كان التَوجه لطلب العلم من أمارات الخير و دلائل الفلاح ، و في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )، و في حديث أبي الدرداء في المسند و غيره أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال :( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنة و إنَّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القَمر ليلة البدر على سائر الكواكب و إنّ العلماء ليستغفر لهم كل شيء حتى الحيتان في الماء ، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، فإنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارا و لا درهما و إنَّما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) و الأحاديث في فضل العلم و بيان شرفه و علو مكانته و رفيع منزلة أهله كثيرة جدا ، معلومة لدى طلاب العلم و عموم الناس .

و كلَّما كان العبد قريبا من العلم جادا في تحصيله ، مُبتغيا في ذلك وجه ربّه سبحانه و تعالى ، كان ذلك أمْكنَ له في تزكيتِه لنفسه لأنَّ النَّفس إنَّما تزكو بالعلم و لا سبيل إلى تَزَكِّـيها إلا به ، و قد قال الله سبحانه و تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ )أي أنّ التزكية التي تكون لهم إنّما تكون بتلاوة الآيات ، و معرفة و دراسة وحي الله جل و علا و تنزيله .

فالوحي هو الذي به تتزكى النُّفوس ، قال الله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) و قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)و قال تعالى : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ) و قال تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )و قال تعالى : (قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ) و قال تعالى : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيد)و الآيات في هذا المعنى كثيرة .

و عندما يقف المسلم على موضوع التزكية و جوانبِ هذا الموضوع الفسيحَة المباركة في ضوء الآيات والأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنّه يقف فيهما على قواعد متينة و تأصيلات جامعة و معالم بينة تُضيء للمرء طريقه في عمله على تزكِية نفسه .

و هذه القواعد المتينة و التأصيلات الجامعة هي موضوع سلسلتنا المنيفة المنقول موضوعها و منتها من محاضرة ألقاها الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله في دار الثقافة بمدينة قسنطينة، و قد كان الحضور بالألاف و كنت بحمد الله و فضله ضمنهم وواحد منهم و قد إنبهر الشيخ للحضور و سعد و كان من كلماته في المقدمة بين يدي المحاضرة ما يأتي:

(و قبل الدخول في موضوع حديثنا، أُحب أيها الإخوة أن أذكر لكم ما بداخلي حقيقة من فرح و سرور بهذا اللقاء، لأنني بين إخوة كرام وأحبة أفاضل يسّر الله لنا بمنّه و كرمه هذا الجمع .

و لا أخفيكم كم كنت مشتاقا لمثل هذا اللقاء ، و لا أخفيكم أيضا أن شعب الجزائر شعب حبيب إلى القلب ، و يجمعني بكثير منهم حب في الله و تآخٍ فيه سبحانه و تعالى اجتمعنا بمنّ مولانا عزّ وجل على طاعته و ذكره سبحانه و هذا فضله و الفضل بيده عز و جل يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم .

و هو شعب عندي معروف بالنُـبل و الكرم و الشهامة و الحرص على الخير ، جازى الله الجميع خيرا و توفيقا و هداية و تسديدا و عونا على طاعته و ما يقرب إليه سبحانه و تعالى .
أيّها الجمع الكريم : يقول نبينا عليه الصلاة و السلام : ( لا يشكُر الله من لا يشكُر الناس ) و هذا الّلقاء الذي يسّره ربنا عزّ و جل ، قد جعل سبحانه و تعالى لتيسيره أسبابا ، و علمنا نبيه عليه الصلاة و السلام شُكر من أسدى إلينا معروفا ، و لهذا فإني أيضا أستهل لقائي هذا بشكري كل من كان له يد أو سببٌ في ترتيب هذا اللّقاء و أخصُ بالذكر والي ولاية– قسنطينة -بلد العلم و العلماء و جميع من كان لهم يد في الترتيب لهذا اللّقاء .

و أشكر الإخوة الأفاضل القائمين على جمعية – سبيل الرشاد الخيرية –على حرصهم و استضافتهم و متابعتهم، و أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يثيب الجميع خيرا.

و أيضا أيّها الإخوة أشكركم جميعا على حضوركم هذا المجلس ، و أعلم أن عددا من الإخوة جاؤوا من مسافات بعيدة و تجسموا تعبًا و عناءً حرصا منهم على المشاركة و الحضور في لقاءنا هذا ، فأسأل الله عزّ و جل أن يثيب الجميع ، و أن يجزي الجميع خيرا ، و أن يتقبل منا ذلك بقبول حسن) .
 
آخر تعديل:
حلقات السلسلة ستكون تحت العناوين الأتية:
الحلقة الأولى - الزكاة بيد الله فعلينا اللجو إليه وطلب تزكية النفس منه
الحلقة الثانية - أهمية الدعاء وعظيم مكانته في هذا الباب
الحلقة الثالثة - القرآن الكريم كلام رب العالمين هو كتاب التزكية
الحلقة الرابعة - أهمية اتخاذ الأسوة والقدوة في هذا الباب
الحلقة الخامسة - التزكية تخليه وتحلية
الحلقة السادسة - أهمية إغلاق المنافذ التي تخرج بالإنسان عن التزكية
الحلقة السابعة - تذكر الموت
الحلقة الثامنة - تخير الجلساء وانتقاء الرفقاء
الحلقة التاسعة- الحذر من العجب وأن يزكي نفسه
في حين تعرض الحلقة الأخيرة لأسئلة المحاضرة و أجوبتها و هي كالأتي:
1- ما هو أفضل كتاب لتزكية النفس ؟
2- كنتُ مستقيمًا ولكني فتحت المنافذ فوصلت إلى الضياع فأصبح قلبي ينكر المعروف ويقبل المنكر ولا ينفع معي محاضرة ولا نحوها أرجو توجيهي والدعاء لي.
3- عندي قوة علميِّة سلوكيِّة ولكنه ضعيفٌ في العمل ونفسه تستوحش من بعض الطاعات ولا يتلذذ بالعبادات فما نصيحتكم ؟
4- ما مدى أهمية تحقيق العقيدة الصحيحة في تزكية النفوس؟
5- ما مدى كون الالتزام بالأذكار كما وردت عددًا ولفظًا من حيث التزكية وهل يجوز ذكرها بالمعنى؟ مدى التقيد بالعدد الذي ورد ؟
6- هل يشترط لتزكية النفس الزهد في الدنيا ؟
7- كيف السبيل إلى تزكية النفس لمن يعمل في اليوم أكثر من تسع ساعات وهذا هو الحال في أفضل الوظائف؟
 
آخر تعديل:
1409002_max.jpg

أنا في انتظار السلسلة الجديدة أبو ليث لكي نستفيد منها
 
فالعلم نُور يضئ لصاحبه الطريق ، و تَستبين لصاحبه به الجَادّة ، فيكون في سيره على نور من ربّه ، يكون في سيره سائرا في طريق مُضِيئ و جادّة منيرة فلا تلتبس عليه السّبيل و الله يقول : ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )و يقول : (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى )و يقول: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )
 
فالعلم نُور يضئ لصاحبه الطريق ، و تَستبين لصاحبه به الجَادّة ، فيكون في سيره على نور من ربّه ، يكون في سيره سائرا في طريق مُضِيئ و جادّة منيرة فلا تلتبس عليه السّبيل و الله يقول : ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )و يقول : (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى )و يقول: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )


بارك الله فيك على هذه السلسلة الرائعة والراقية
جزاك الله خيرا كثيرا على المجهود المبذول
اخوك حلم كبير
 
نتمنى منك متابعة جميع الحلقات.
 
العودة
Top