- إنضم
- 24 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 5,056
- نقاط التفاعل
- 15,517
- النقاط
- 2,256
- العمر
- 39
- محل الإقامة
- فرنسا الجزائر وطني
الحلقة الثالثة من قصة
☆ كلش بالمكتوب☆
في الصباح التالي استيقظت احلام على صوت مريم تبكي وتأكدت ان ما عاشته البارحة ليس حلما .
عندما استفاقت كان البيت هادئا وكأن لا أحد في البيت ،لم تشأ أمها أن توقظها باكرا لأنها تعرف أنها متعبة من عام دراسي مرهق ومن الطريق الطويلة .
توجهت الى المطبخ لتناول الفطور وجدت هناك جميلة تهتم بأمور المطبخ وابنتها في سرير صغير في زاوية من المطبخ .
كان المطبخ ناحية الجهة الشرقية للبيت له باب يُخرج الى أشجار المشمش مباشرة وقد ملأت جميلة المكان نباتات زينة رائعة ،وله نافذة تعلقت بها شجرة عنب وقد تدلت منها عناقيد عنب لم تنضج بعد ، كان للمطبخ باب كبير يخرج على غرفة المعيشة حيث تتوسط هذه الاخيرة مائدة كبيرة بثماني كراسي ، وزاوية وضعت فيها كنبات بنيةُ اللون تتوسطهم مائدة صغيرة لاجتماعات العائلة ،لم تكن غرفة المعيشة مبهرجة بالصور المعلقة او المزهريات بل كانت بسيطة بحصيرة قش على الارض وزاوية وضع فيها تلفاز قديم الطراز على اثاث صغير وفوق التلفاز وضع مصحف قديم يعود الى جد سي الصالح....
تناولت احلام فطورها وسارعت الى امها وأبيها خارجا ، ألقت عليهما تحية الصباح وقبلتهما على جبينهما ، فهما يهتمان دائما بأمور المزرعة معا ،ويتفقدان كل شيء من الالف الى الياء.
احلام :" مّا وين راه السعيد ومحمد ؟"
نعيمة :" السعيد دا بنو للطبيب حكماتو شويه حمة لبارح فالليل "
أحلام :" خير إن شاء الله ،واقيلا غاير الطفل من مريم "
صالح :"هكذاك ڤلتلهم ما سمعوليش ،الطفل غاير رقيتلو في ميهة مع الفجر وعطيتلو شرب ،حتى أمّو عاد ما يتبعهاش يضال مع بيّو برا".
كانت البلدية الن تسكن فيها عائلة أحلام تملك مستوصف متوسط الحال وبه طبيب كل الناس ،وعيادة للتوليد ويملكون صيدليتان وسيارة إسعاف، لم تكن البلدية كبيرة لكنها تفي بالغرض لأمور الحياة اليومية . يبعد المستوصف نصف ساعة مشيا على مزرعة سي الصالح ،لذلك كان على السعيد أن يأخذ إبنه بصحبة أخيه في الصباح الباكر ....
كانت أحلام في قمة الراحة في مزرعة أبيها ،وخاصة أنها هي وزوجة أخيها كالأختين ،كانت جميلة بئر أسرار أحلام تحكي لها كل شيء وهما في المطبخ سويا تتسامران على حكاياتها في الجامعة ،كانت جميلة أول من عرف أن مصطفى هو من المعجبين بأحلام وأنها لا تعيره إهتماما لانه ليس نوعها المفضل ،وأيضا لأن صديقتها إيناس معجبة به كثيرا.
كانت جميلة تقنع السّعيد أن يأخذ أحلام الى المنبع القريب لانها تحبه كثيرا ،وتأخذها معها في رحلاتهما القصيرة والطويلة مع زوجها ،جميلة كانت صديقتها الثانية بعد ايناس ،فقد كانت يتيمة الأبوين وتزوجت السعيد وهي صغيرة كانت ولا تزال امرأة مفعمة بالحياة والحياء ،لم يسمع منها احد من العائلة كلمة ناقصة ،وكل العائلة تعتبرها بنت رابعة وليست زوجة أخ.
أحلام تقضي معظم وقتها مع جميلة في المطبخ ،تساعدها وتسامرها ،وأوقات الفراغ تكتب خواطر في غرفتها أو في البستان برفقة أخيها حيث كل الايحاءات الجميلة للكتابة.
توالت اسابيع الصيف الحارة ،وكل العائلة منغمسة في أعمالها ،الى أن جاء ذلك اليوم.
كانت أحلام كعادتها مع جميلة في المطبخ ،يتهيئان لوضع وجبة الغداء ،عندما دخل السعيد ليغسل يديه ويتناول وجبة الغداء كعادته ويعود الى البستان ،فقد بدأت الفاكهة بالنضوج وكذا الخضراوات وبدأت تهافت الاتصالات على المحصول من طرف التجار ،لان منتوجات السعيد كانت من أجود منتوجات المنطقة .
عندما نادت جميلة على ابنها "محمد أرواح نغسلك يديك وليدي وتتغدى مع باباك ! "
السعيد :" علاه محمد ماهوش عندك ؟ أنا اليوم ما ديتوش معايا ! "
جميلة :" يا ميمتي مكانشْ ،نحسبو عندك خرج وراك الصباح كيما العادة ؟؟؟!!!!"
السعيد :" شوفي يا مرا أنا هاذ الايامات راها الخدمة للرڤبة ،ما تلعبيش معايا اللعب اللي خاطي "
أحلام :" السعيد والله ما يسعى راني من الصباح هنا مع جميلة ،ومريم راڤدة في بلاصتها ،ماهيش تتمسخر " .
إنتفض السعيد من مكانه انتفاضة فهمت منها جميلة وأحلام ان محمد لم يكن مع ابيه فعلا ،وأن شيئا ما قد حصل ، ركضت أحلام الى والديها على أمل أنه عندهما في دار الضياف ،لكنها لم تجده .
ركضت جميلة الى غرفتها وغرفة مراد فتشت وصرخت لكن لم تجده ، ركض السعيد كالمجنون الى خارج البيت وهو يصرخ " محمد وليدي ،محمد وينك !! "
هرع جميع من في البيت الى غرفة المعيشة حيث اجتمعو ليسألو بعضهم عن محمد ،لكن ولا واحد وجده ،صرخت جميلة وبكت ،وسقطت ارضا من هلعها فأمسكتها نعيمة وضمتها اليها وواستها قائلة :" جميلة بنيتي ما تخافيش وين رايح يروح ضرك نلڤاوه غير هنا ياكل فالكرطوس كيما موالف ،ما تحيري ما والو اسكتي بنيتي "
سقطت دموع نعيمة مع كنتها ،وقاطع دموعها سي الصالح قائلا...
صالح :" بعيد الشر يا سيدي واش هذا اصبرو شويه... أحلام روحي حوسي الشنابر أكل لفوڤ ،السعيد روح وين كنت تخدم حوس وزيد حوس فالمخزن لاعود راك سكرت عليه ثم ،جميلة هزي بنتك راها تبكي وحوسي ڤدام الكوزينة موالف يلعب بألعابو ثمَ ،وانتي نعيمة أرواحي نحوسو ورا الدار وفالڤاراج "، وما إن أكمل سي الصالح كلامه حتى انتشر الجميع مفزوعين ولم ينظر أحد الى الآخر فكل همهم هو محمد .
بحثت أحلام في جميع الغرف ،تحت الاسرة ووراء الاثاث ،في الردهة وبين الغرف ،ولم تجد شيئا وهي تصرخ بأعلى صوتها لكن لا حياة لمن تنادي ،عندئذ نزلت الى جميلة ووجدتها تحضن ابنتها وتبكي بحرقة شديدة لم تملك نفسها فبكت ... بكت ولم تشعر إلا وهي تلبس خمار الصلاة الخاص بأمها وتخرج من البيت باحثة عنه بين الأشجار وعند حقول الذرة العالية والواسعة، كانت تغمرها دموعها حتى لم تعد ترى شيئا ثم تمسحها وتكمل البحث ،صرخت وصرخت لا مجيب .
ولم تفق إلا وقد ابتعدت عن البيت لكن لم تأبه لتأنيب إخوتها بقدر ما كانت خائفة على محمد من الكلاب الضالة والبئر القديمة التي كانت قد انهارت منذ أعوام ولم ترمم ، كان العصر قد مر والجميع يبحث في كل مكان .
وبينما أحلام تبحث بين أشجار الزيتون سمعت بكاء طفل ، صرخت في فرح :" محمد كعبولي صوتو وين راه ...محماااااااد وينك ؟" ،أنصتت قليلا في تركيز تام فإذا الصوت قادم من جهة البئر القديمة ،ركضت أحلام حتى وصلت الى حافة البئر وما رأته كان مفجعا لدرجة أنها انهارت ،رأت محمد وقد سقط على حافة صغيرة من البئر ليست بعميقة تكاد تنهار من تحت قدميه الى قاع البئر.
فكرت أن تعود الى البيت لتحضر أخاها لكن فات الأوان فمحمد كان قد رآها وأخذ يبكي ويحاول التحرك باتجاهها مما زاد الحافة هشاشة
قررت البقاء معه و حاولت أن تهدئه:" محمد حنوني أحبس ضرك نجي نديك ونمدلك حلاوة ونضربوا مريم نكتلوها ...أحبس برك ... نغنيلك محمد اغنية تحبها " أخذت أحلام تغني وتنزل الى محمد ببطء شديد على أمل إنقاذه لم تفكر في شيء حينها غير محمد ،وأخذت
تغني بحشرجة البكاء " حمودي حنوني ،حم...ودي كعبولي ،يحب الكرطوس ...ويلعب كي الفلو...س حمودي......"
التصق خمارها بشجرة توت نبتت بالبئر نشرت فروعها في كل مكان، فنزعت الخمار كي لا يعيقها عن النزول وما إن أمسكت يد محمد حتى انهارت الحافة بهما معا ،عندئذ تعلقت بأغصان التوت ملئَ بالأشواك وأخذت تصرخ والأغصان في يدها تتقطع وتمسك اغصان أخرى حتى تقرحت يداها من الأشواك، كانت تتألم لكنها لم تفلت الاغصان وصرخت " السعيد السعيييييد هاني هنا اجري ليا السعييييييد ،يا ناس الحڤوني.... " كانت تمسك محمد وتحضنه الى جنبها بيد والاخرى تتشبث بأغصان التوت ورجلاها يحاولان التشبث في جدار البئر وفجأة رأت حبلا يتدلى فأمسكته دون تردد وأحست أن أحدا يسحبها فساعدت نفسها برجليها حتى وصلت الى حافة البئر .
عانقت محمد وهي تبكي بكاء الأطفال :" السعيد جيت الحمدوالله ياربي الحمدوالله ياربي السعيد ؟ واالسعيد! " رفعت رأسها فإذا به رجل طويل القامة عريض الكتفين يرتدي مظلة من قش يقترب منها ويعطيها خمارها ، أمسكت خمارها في عجل ووضعته على رأسها وأخذت تهدئ محمد ثم حملته ونهضت لتشكر الرجل .
أحلام :" كائنا من كنت كثر خيرك خويا على المزية اللي درتها فيا "
التفت الرجل الى أحلام وكانت أشعة شفق الغروب قد مالت على وجهها الاسمر وعيناها السوداوتان الواسعتان وشفتاها الزهريتان وشعرها الذي أسدل تحت الخمار اسودا كسواد ليلة صيفية صافية ،اتسعت عيناه وخفق قلبه كأنه رأى أحدا يعرفه
" يا ربي هاذي هي الطفلة نتاع الكار اللي كانت راڤدة كي الملايكة ، وعطيتلها كراستها ..." قالها في قلبه وهو يعلم أنها لم تعرفه لأنها لم تنظر اليه عندما أعطاها دفتر خواطرها ، قاطعت أفكاره بصوت مثل الاغنية على أذنيه :" صحيت خويا وربي يكثر من أمثالك ولد خويا ضاعلنا اليوم الصباح "
ولم تكمل كلامها حتى رأت الرجل أرضا بضربة من أخيها مراد وهو يصرخ :
" ولد الحرام واش هدرك مع ختي واش درتلها ؟؟؟ "
رأى مراد حالة أحلام والدماء التي كانت تغطي يديها ،فأُغمِضت عيناه وراح يضرب الرجل بأقصى قوته وأحلام تمسكه
أحلام " أحبس مراد أحبس نحكيلك" ،لكن لم يلتفت اليها وواصل ضربه حتى أوقفه صوتُ أبيه
سي الصالح: "مراااااد حبس واش هبلت !؟"
مراد :"خليني نكتلو ونتهنى"
صالح :" السعيد ،أدي بنك واختك وروح للدار "
أحلام :" استناو نحكيلكم يا جماعة "
مراد يصفع أخته :" واش تحكي مزلتي تهدري ،طيري ڤدامي للدار ..."
أحلام تقف مسمرة في مكانها لأنها لأول مرة تُضرب من طرف أحد إخوتها ،فقد كانت المازوزية المدللة دائما ولم تعتقد أن باب الحوار سيغلق في وجهها يوما وخاصة أنها خرجت من موقف مخيف قبل قليل.
فصرخت في الجميع وهي تبكي :" أحبسو أكل نهدرلكم محمد طاح فالبير ،وأنا رحت نجيبو ڤريب طحنا لتحت خلاص ...كون ما جاش هذا الراجل ڤولو الله يرحمنا ،هو اللي خرجنا ،أفهموووو.."
صالح:" ڤتلك روحي ونهدر معاك من بعد "
السعيد يحمل إبنه ويمسك أخته من يدها ويعود بهما الى البيت ...
ترى ما الذي سيحصل مع الرجل الذي أنقذ أحلام ؟
وما الذي سيحصل لأحلام؟
تابعوني
☆ كلش بالمكتوب☆
في الصباح التالي استيقظت احلام على صوت مريم تبكي وتأكدت ان ما عاشته البارحة ليس حلما .
عندما استفاقت كان البيت هادئا وكأن لا أحد في البيت ،لم تشأ أمها أن توقظها باكرا لأنها تعرف أنها متعبة من عام دراسي مرهق ومن الطريق الطويلة .
توجهت الى المطبخ لتناول الفطور وجدت هناك جميلة تهتم بأمور المطبخ وابنتها في سرير صغير في زاوية من المطبخ .
كان المطبخ ناحية الجهة الشرقية للبيت له باب يُخرج الى أشجار المشمش مباشرة وقد ملأت جميلة المكان نباتات زينة رائعة ،وله نافذة تعلقت بها شجرة عنب وقد تدلت منها عناقيد عنب لم تنضج بعد ، كان للمطبخ باب كبير يخرج على غرفة المعيشة حيث تتوسط هذه الاخيرة مائدة كبيرة بثماني كراسي ، وزاوية وضعت فيها كنبات بنيةُ اللون تتوسطهم مائدة صغيرة لاجتماعات العائلة ،لم تكن غرفة المعيشة مبهرجة بالصور المعلقة او المزهريات بل كانت بسيطة بحصيرة قش على الارض وزاوية وضع فيها تلفاز قديم الطراز على اثاث صغير وفوق التلفاز وضع مصحف قديم يعود الى جد سي الصالح....
تناولت احلام فطورها وسارعت الى امها وأبيها خارجا ، ألقت عليهما تحية الصباح وقبلتهما على جبينهما ، فهما يهتمان دائما بأمور المزرعة معا ،ويتفقدان كل شيء من الالف الى الياء.
احلام :" مّا وين راه السعيد ومحمد ؟"
نعيمة :" السعيد دا بنو للطبيب حكماتو شويه حمة لبارح فالليل "
أحلام :" خير إن شاء الله ،واقيلا غاير الطفل من مريم "
صالح :"هكذاك ڤلتلهم ما سمعوليش ،الطفل غاير رقيتلو في ميهة مع الفجر وعطيتلو شرب ،حتى أمّو عاد ما يتبعهاش يضال مع بيّو برا".
كانت البلدية الن تسكن فيها عائلة أحلام تملك مستوصف متوسط الحال وبه طبيب كل الناس ،وعيادة للتوليد ويملكون صيدليتان وسيارة إسعاف، لم تكن البلدية كبيرة لكنها تفي بالغرض لأمور الحياة اليومية . يبعد المستوصف نصف ساعة مشيا على مزرعة سي الصالح ،لذلك كان على السعيد أن يأخذ إبنه بصحبة أخيه في الصباح الباكر ....
كانت أحلام في قمة الراحة في مزرعة أبيها ،وخاصة أنها هي وزوجة أخيها كالأختين ،كانت جميلة بئر أسرار أحلام تحكي لها كل شيء وهما في المطبخ سويا تتسامران على حكاياتها في الجامعة ،كانت جميلة أول من عرف أن مصطفى هو من المعجبين بأحلام وأنها لا تعيره إهتماما لانه ليس نوعها المفضل ،وأيضا لأن صديقتها إيناس معجبة به كثيرا.
كانت جميلة تقنع السّعيد أن يأخذ أحلام الى المنبع القريب لانها تحبه كثيرا ،وتأخذها معها في رحلاتهما القصيرة والطويلة مع زوجها ،جميلة كانت صديقتها الثانية بعد ايناس ،فقد كانت يتيمة الأبوين وتزوجت السعيد وهي صغيرة كانت ولا تزال امرأة مفعمة بالحياة والحياء ،لم يسمع منها احد من العائلة كلمة ناقصة ،وكل العائلة تعتبرها بنت رابعة وليست زوجة أخ.
أحلام تقضي معظم وقتها مع جميلة في المطبخ ،تساعدها وتسامرها ،وأوقات الفراغ تكتب خواطر في غرفتها أو في البستان برفقة أخيها حيث كل الايحاءات الجميلة للكتابة.
توالت اسابيع الصيف الحارة ،وكل العائلة منغمسة في أعمالها ،الى أن جاء ذلك اليوم.
كانت أحلام كعادتها مع جميلة في المطبخ ،يتهيئان لوضع وجبة الغداء ،عندما دخل السعيد ليغسل يديه ويتناول وجبة الغداء كعادته ويعود الى البستان ،فقد بدأت الفاكهة بالنضوج وكذا الخضراوات وبدأت تهافت الاتصالات على المحصول من طرف التجار ،لان منتوجات السعيد كانت من أجود منتوجات المنطقة .
عندما نادت جميلة على ابنها "محمد أرواح نغسلك يديك وليدي وتتغدى مع باباك ! "
السعيد :" علاه محمد ماهوش عندك ؟ أنا اليوم ما ديتوش معايا ! "
جميلة :" يا ميمتي مكانشْ ،نحسبو عندك خرج وراك الصباح كيما العادة ؟؟؟!!!!"
السعيد :" شوفي يا مرا أنا هاذ الايامات راها الخدمة للرڤبة ،ما تلعبيش معايا اللعب اللي خاطي "
أحلام :" السعيد والله ما يسعى راني من الصباح هنا مع جميلة ،ومريم راڤدة في بلاصتها ،ماهيش تتمسخر " .
إنتفض السعيد من مكانه انتفاضة فهمت منها جميلة وأحلام ان محمد لم يكن مع ابيه فعلا ،وأن شيئا ما قد حصل ، ركضت أحلام الى والديها على أمل أنه عندهما في دار الضياف ،لكنها لم تجده .
ركضت جميلة الى غرفتها وغرفة مراد فتشت وصرخت لكن لم تجده ، ركض السعيد كالمجنون الى خارج البيت وهو يصرخ " محمد وليدي ،محمد وينك !! "
هرع جميع من في البيت الى غرفة المعيشة حيث اجتمعو ليسألو بعضهم عن محمد ،لكن ولا واحد وجده ،صرخت جميلة وبكت ،وسقطت ارضا من هلعها فأمسكتها نعيمة وضمتها اليها وواستها قائلة :" جميلة بنيتي ما تخافيش وين رايح يروح ضرك نلڤاوه غير هنا ياكل فالكرطوس كيما موالف ،ما تحيري ما والو اسكتي بنيتي "
سقطت دموع نعيمة مع كنتها ،وقاطع دموعها سي الصالح قائلا...
صالح :" بعيد الشر يا سيدي واش هذا اصبرو شويه... أحلام روحي حوسي الشنابر أكل لفوڤ ،السعيد روح وين كنت تخدم حوس وزيد حوس فالمخزن لاعود راك سكرت عليه ثم ،جميلة هزي بنتك راها تبكي وحوسي ڤدام الكوزينة موالف يلعب بألعابو ثمَ ،وانتي نعيمة أرواحي نحوسو ورا الدار وفالڤاراج "، وما إن أكمل سي الصالح كلامه حتى انتشر الجميع مفزوعين ولم ينظر أحد الى الآخر فكل همهم هو محمد .
بحثت أحلام في جميع الغرف ،تحت الاسرة ووراء الاثاث ،في الردهة وبين الغرف ،ولم تجد شيئا وهي تصرخ بأعلى صوتها لكن لا حياة لمن تنادي ،عندئذ نزلت الى جميلة ووجدتها تحضن ابنتها وتبكي بحرقة شديدة لم تملك نفسها فبكت ... بكت ولم تشعر إلا وهي تلبس خمار الصلاة الخاص بأمها وتخرج من البيت باحثة عنه بين الأشجار وعند حقول الذرة العالية والواسعة، كانت تغمرها دموعها حتى لم تعد ترى شيئا ثم تمسحها وتكمل البحث ،صرخت وصرخت لا مجيب .
ولم تفق إلا وقد ابتعدت عن البيت لكن لم تأبه لتأنيب إخوتها بقدر ما كانت خائفة على محمد من الكلاب الضالة والبئر القديمة التي كانت قد انهارت منذ أعوام ولم ترمم ، كان العصر قد مر والجميع يبحث في كل مكان .
وبينما أحلام تبحث بين أشجار الزيتون سمعت بكاء طفل ، صرخت في فرح :" محمد كعبولي صوتو وين راه ...محماااااااد وينك ؟" ،أنصتت قليلا في تركيز تام فإذا الصوت قادم من جهة البئر القديمة ،ركضت أحلام حتى وصلت الى حافة البئر وما رأته كان مفجعا لدرجة أنها انهارت ،رأت محمد وقد سقط على حافة صغيرة من البئر ليست بعميقة تكاد تنهار من تحت قدميه الى قاع البئر.
فكرت أن تعود الى البيت لتحضر أخاها لكن فات الأوان فمحمد كان قد رآها وأخذ يبكي ويحاول التحرك باتجاهها مما زاد الحافة هشاشة
قررت البقاء معه و حاولت أن تهدئه:" محمد حنوني أحبس ضرك نجي نديك ونمدلك حلاوة ونضربوا مريم نكتلوها ...أحبس برك ... نغنيلك محمد اغنية تحبها " أخذت أحلام تغني وتنزل الى محمد ببطء شديد على أمل إنقاذه لم تفكر في شيء حينها غير محمد ،وأخذت
تغني بحشرجة البكاء " حمودي حنوني ،حم...ودي كعبولي ،يحب الكرطوس ...ويلعب كي الفلو...س حمودي......"
التصق خمارها بشجرة توت نبتت بالبئر نشرت فروعها في كل مكان، فنزعت الخمار كي لا يعيقها عن النزول وما إن أمسكت يد محمد حتى انهارت الحافة بهما معا ،عندئذ تعلقت بأغصان التوت ملئَ بالأشواك وأخذت تصرخ والأغصان في يدها تتقطع وتمسك اغصان أخرى حتى تقرحت يداها من الأشواك، كانت تتألم لكنها لم تفلت الاغصان وصرخت " السعيد السعيييييد هاني هنا اجري ليا السعييييييد ،يا ناس الحڤوني.... " كانت تمسك محمد وتحضنه الى جنبها بيد والاخرى تتشبث بأغصان التوت ورجلاها يحاولان التشبث في جدار البئر وفجأة رأت حبلا يتدلى فأمسكته دون تردد وأحست أن أحدا يسحبها فساعدت نفسها برجليها حتى وصلت الى حافة البئر .
عانقت محمد وهي تبكي بكاء الأطفال :" السعيد جيت الحمدوالله ياربي الحمدوالله ياربي السعيد ؟ واالسعيد! " رفعت رأسها فإذا به رجل طويل القامة عريض الكتفين يرتدي مظلة من قش يقترب منها ويعطيها خمارها ، أمسكت خمارها في عجل ووضعته على رأسها وأخذت تهدئ محمد ثم حملته ونهضت لتشكر الرجل .
أحلام :" كائنا من كنت كثر خيرك خويا على المزية اللي درتها فيا "
التفت الرجل الى أحلام وكانت أشعة شفق الغروب قد مالت على وجهها الاسمر وعيناها السوداوتان الواسعتان وشفتاها الزهريتان وشعرها الذي أسدل تحت الخمار اسودا كسواد ليلة صيفية صافية ،اتسعت عيناه وخفق قلبه كأنه رأى أحدا يعرفه
" يا ربي هاذي هي الطفلة نتاع الكار اللي كانت راڤدة كي الملايكة ، وعطيتلها كراستها ..." قالها في قلبه وهو يعلم أنها لم تعرفه لأنها لم تنظر اليه عندما أعطاها دفتر خواطرها ، قاطعت أفكاره بصوت مثل الاغنية على أذنيه :" صحيت خويا وربي يكثر من أمثالك ولد خويا ضاعلنا اليوم الصباح "
ولم تكمل كلامها حتى رأت الرجل أرضا بضربة من أخيها مراد وهو يصرخ :
" ولد الحرام واش هدرك مع ختي واش درتلها ؟؟؟ "
رأى مراد حالة أحلام والدماء التي كانت تغطي يديها ،فأُغمِضت عيناه وراح يضرب الرجل بأقصى قوته وأحلام تمسكه
أحلام " أحبس مراد أحبس نحكيلك" ،لكن لم يلتفت اليها وواصل ضربه حتى أوقفه صوتُ أبيه
سي الصالح: "مراااااد حبس واش هبلت !؟"
مراد :"خليني نكتلو ونتهنى"
صالح :" السعيد ،أدي بنك واختك وروح للدار "
أحلام :" استناو نحكيلكم يا جماعة "
مراد يصفع أخته :" واش تحكي مزلتي تهدري ،طيري ڤدامي للدار ..."
أحلام تقف مسمرة في مكانها لأنها لأول مرة تُضرب من طرف أحد إخوتها ،فقد كانت المازوزية المدللة دائما ولم تعتقد أن باب الحوار سيغلق في وجهها يوما وخاصة أنها خرجت من موقف مخيف قبل قليل.
فصرخت في الجميع وهي تبكي :" أحبسو أكل نهدرلكم محمد طاح فالبير ،وأنا رحت نجيبو ڤريب طحنا لتحت خلاص ...كون ما جاش هذا الراجل ڤولو الله يرحمنا ،هو اللي خرجنا ،أفهموووو.."
صالح:" ڤتلك روحي ونهدر معاك من بعد "
السعيد يحمل إبنه ويمسك أخته من يدها ويعود بهما الى البيت ...
ترى ما الذي سيحصل مع الرجل الذي أنقذ أحلام ؟
وما الذي سيحصل لأحلام؟
تابعوني
آخر تعديل بواسطة المشرف: