- إنضم
- 24 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 5,056
- نقاط التفاعل
- 15,517
- النقاط
- 2,256
- العمر
- 39
- محل الإقامة
- فرنسا الجزائر وطني
الحلقة الخامسة
☆ كلش بالمكتوب☆
جميلة حكت لأحلام ما سمعته وهي داخل المطبخ تلك الليلة ،وما رواه لها السّعيد ، كعادتهما ترويان لبعضهما كل شيء ،بعد سماع القصة بدت لجميلة مستعجلة غسلت الأواني وصعدت الى غرفتها لترتبها .
في هذه الأثناء ركض مراد رفقة والدته ليحضرا الصغير صابر، التقت نعيمة بالعجوز "فاطمة" التي كانت هرمة ونحيلة وبالكاد تتحرك من مكانها غادرت العجوز هي وابنها وحيد في الاسعاف وابنها ينظر اليها بحرقة كبيرة وهي تذرف الدموع وتقبل يدي صابر حفيدها الوحيد إبن وحيدها قبل حملها الى المستشفى .
تألمت نعيمة من المنظر كثيرا وعادت الى البيت حزينة ،لانها ذكرتها بوالدتها في لحظاتها الأخيرة ،أشفقت على حال وحيد كثيرا،وطلبت أحلام على الفور لغرفة المعيشة .
نعيمة تنادي على أحلام :" أحلام ،أهبطي بنتي محتاجاتك ربي يعيشك "
أحلام تنزل مسرعة بعد أن أنهت ترتيب غرفتها وحديثها في الهاتف مع إيناس ،كان كل هم أحلام أن مراد قد إعتذر منها فراحت تحكي لصديقة عمرها عن فرحتها بعودة المياه الى مجاريها،وحكت لها قصة وحيد ووجدت أن له قصة غامضة وأبدت لها رغبتها في أن تعرف المستور وتكتبها كرواية لرسالة التخرج لو وجدت طريقة ليحكي لها قصته .
إيناس صديقة طفولة أحلام كانت تدرس معها في الابتدائي والمتوسط والدها دركي متنقل ،كل مرة يرسلوه الى مكان وأمها أستاذة جامعية، وفي المرحلة الثانوية انتقلت إيناس مع عائلتها الى ولاية أخرى ،لكن بقت العائلتان متصلتان بالهاتف والزيارات في المناسبات ،حتى أن والدها يتركها تقضي أياما في عطلة الصيف عند أحلام وأهلها ،فقد تعارفت العائلتان جيدا لسنوات عديدة ، وعندما تحصلتا على شهادة البكالوريا قررتا أن تدرسا في نفس الجامعة ، كانت إيناس متفتحة تحب الحياة والحرية ،كانت ضد أفكار إخوة أحلام بعدم السماح لها بالمبيت عندها ،وعدم السماح لها بالتجول وحدها في البستان و الى غير ذلك من الامور التي لا توافق عليها إطلاقا .... كانت أحلام تحكي لها كل شيء عن العائلة لأنها تعرفهم جيدا ،ودائما ما تختلف إيناس في الرأي مع مراد حول جبروته وغيرته الزائدة وأمور الحياة ، وتتجنبه قدر المستطاع ،لكنها لا تعرف أن مراد معجب بها ... ولو عرفت لما زارت عائلة صديقتها بالأسابيع.
أحلام :" خير نشالله ميمتي هاني هنا ...جبتيه يا عمري يهبل الله يبارك أرواح ليا ....يغيظ مسكين "
نعيمة تحمل صابر بين ذراعيها :" شوفي هاذا ولد جارنا جداه دخلت للسبيطار وبنها معاها ،هزيه بدليلو ووكليه وحطيه يلعب مع محمد .... ووجدي روحك جبت المفتاح نتاع دار المخلوق تروحي تسيقي الدار وتنظفيها ،المخلوقة كبيرة والجيران لبعضاهم ،بنها ما يجيش حتى للعشية ،تكوني خلصتي وجيتي نشالله ،روحي بنتي الفحلة "
أحلام :" هاذي مهُم ثاني ،نروح نسيق ديار الناس والله يا مّا نتي قا وحدك تحشْمي فالراجل مُن ڤالك راه حابك تدخليلو للدار ؟ ومراد كيفاه سكت ؟"
نعيمة :" هو صح ما جا يمدلي المفتاح بالسيف أنا نحلف وهو يحلف مسكين ،باين متعلق ببنو وميمتو ، مراد ثاني ما شتاش وحشم ، بصح نتوما ڤلوبكم كساحو على الناس ،كي ما نحنُّوشْ على بعضانا ربي ما يعطيناش ،روحي بنيتي ديري خدمتك لربي يعطيك ربي..... "
أحلام :" كي عدتي نتي بارك وما نحشمكش مع الجيران ،حنانتك هاذي ماعرف وين تديك؟ "
حملت أحلام صابر بين ذراعيها في حنان ظاهر ،كان الطفل يبكي في صمت ،ودموعه تملأ ملابسه فهو ليس متعود على فراق والده... يحممه ويطعمه وينام الى جانبه منذ وفاة والدته الى هذا اليوم، أرادت جدته والدة زوجته أن تأخذه لكنه رفض وفضل أن يعيش بلا زوجة على أن يفترق عن ابنه ...
أعطته كعكة ليهدأ ولاعبته بالقرب من محمد ،وغنت لهما أغانيها التي تخترعها لمحمد عادة، كان صابر ينظر الى أحلام في خوف باديء الأمر، وما إن رآها ترقص وتغني حتى ابتسم وراح يحمل الالعاب ويقترب من محمد ببطء ،استغرق الوقت ساعة كاملة من أحلام لتهدئه وتلهيه عن والده .
عندما تأكدت من إنسجامهما قامت وتركتهما ،خرجت من البيت متوجهة الى بيت وحيد، كانت مترددة وخائفة لأنها أول مرة تقع في هذا الموقف الغريب في حياتها ،ووقعت فيه بفضل أمها ،كانت أمها رقيقة القلب ولا تستطيع رؤية الناس يتعذبون دون مساعدتهم وسي الصالح يساندها على أساس ساعد الناس يساعدك الله .وفعلا دائما يحميهما الله من نكبات الدهر.
فتحت الباب ودخلت كان في المدخل أحذيته وجواربه و كانت اللعب في كل مكان في غرفة الضيوف في الردهة وعلى السلالم ،عندما دخلت الى المطبخ وجدت بعض الاطباق غير المغسولة ،وحللت الجو العام واستخلصت الى أن هذا الرجل ليس قذر ولا سكير لأنه قام بترتيب غرفة الضيوف قليلا ،والاواني مرتبة في المطبخ والثلاجة نظيفة ليس بها خمر ،وسارت في هدوء تجوب البيت وتكتشف ثناياه .....ثم ارتعبت .....وصعدت .....ونزلت .... لأن هاتفها قد رن وسط الهدوء....
أحلام :" بسم الله الرحمان الرحيم خلعني ،الو..... إيناس يخي ڤبيل برك عيطتلك واش تحوسي خلعتيني ..."
إيناس :" لا ه نخلعك كشما كنتي تديري ولا؟ "
أحلام :" راني في دار وحيد جارنا و..."
إيناس :" ها خاه واش تواسي في دارو مهبولة ما تڤوليليش رحتي تڤوليلو يحكيلك قصتو نعرفك كي تعولي على حاجة مهبوووولة "
أحلام :" أصبري بارك ،يخي حكيتلك بلي مّو دخلت للسبيطار وهو معاها ،وأنا بعثوني نسيق وننظف الدار لاخاطر وحداني يا عيني فهمتي ؟"
إيناس تنفجر ضاحكة :" ههههههه يا أحلام يا الاولى فالدفعة راهي تسيق فالديار ،معليكش تكبري وتنسايها .... "
أحلام :" لوجه ربي برك جيت ووجه ميمتي ،وميش حاجة أخرى وبركي من الضحك "
إيناس :" المهم ،وجدي روحك ....توحشتك هاني جاية نڤعد يامات ونروح ،ڤولي لمراد ما تدخل ما تخرج بات برا هههه"
أحلام :" بديتي بمراد دايما جيبيها عڤاب خويي تحوسي نتلفوه في جالك واقيلا ،بصح راني فرحانة بزاف كي راكي جاية نلڤاو حل كيفاه يحكيلنا وحيد قصتو باه نكتب الرواية ..."
إيناس :" هاي رايحة تديرلنا المشاكل ،وكيفاه يحكيلك الراجل قصتو هبلتي ولا رايحة في طريق الهبال يا صديقتي العزيزة "
أحلام :" كي تجي نحكيو ،وكتاه تجي نشالله؟"
إيناس " غدوا بابا جاي لثما يشري الخضرا ليه ولصحابو نجي معاه نشالله ،الصباح نكون عندك وجدي روحك يا حضرة "الفام دو ميناج" ههههه"
............
تحدثت أحلام مع إيناس مطولا ،ثم لبست جلابةً وعصبت رأسها و بدأت العمل ....مسحت الارضية وغسلت الحمام ورتبت العاب صابر في صندوق وذهبت الى غرفة العجوز فاطمة ورتبتها بدلت شراشف السرير والأغطية ورتبت لها خزانة الملابس ،ورتبت خزانة صابر التي في غرفته ،ولما دخلت الى غرفة وحيد قابلتها قبعة القش على السرير ذكرتها لوهلة بوجه وحيد وبالحادثة لكنها سرعان ما تناستها لكثرة العمل ...
كان سرير صابر بجانب سرير والده فبدلت لهما شراشف الاسرة، إقتربت ببطء وخوف من خزانة وحيد وفتحتها وضميرها يؤنبها ،وأول ما وقعت عليه عيناها كان إطار به صورة إمرأة تظهر أنها زوجته الميتة كانت جميلة جدا حتى أن أحلام نظرت الى نفسها في المرآة كمقارنة خفيفة ،ثم تنبهت الى أن من تقارن نفسها بها ميتة إقشعر بدنها وسارعت الى هاتفها ركبت السماعات في أذنيها وشغلت الأغاني ووضعته في جيب مئزر المطبخ.
وبين الحين والآخر يتصل بها السّعيد ليطمئن عليها فتخبره أنها مازالت منهمكة في الأعمال....
وبعد ساعات من العمل لم تنتبه فيها أحلام للوقت ،كانت الساعة تشير الى الثانية زوالا ،أكملت أحلام الأعمال المنزلية ،وأكلت قطعة خبز أحضرتها معها كتصبيرة في عجل وأشعلت أعواد البخور ،انتظرتها حتى خفتت نارها بينما تلبس حجابها وخمارها وتستعد للخروج ، وبينما هي تغلق الباب وأكياس الغسيل وراءها إذ وحيد يقف وراءها ينحني ليحمل أكياس الغسيل ويسعل في نفس الوقت لتنتبه الى وجوده ،أنتفظت في خوف لأنه فاجأها ..واستدارت لتجد وجهها في وجهه مباشرة وهو منحني على أكياس الغسيل وتوقفت للحظات في ذهول وهي تنظر الى وجهه وعينيه وندبته على جبينه وشيبته الظاهرة وكأنه لا يملك غيرها من كل شعره ،ابتلعت لعابها بصوت وصل الى أذني وحيد ، نظر اليها وهو يملأ عينيه منها وكأنه وليدٌ إشتاق الى أمه ،وراح يمسح بعينيه كل جزء في وجهها متناسيا تماما الموقف الذي هو فيه ،وفجأة يوقفه سؤالها عن التحديق فيها ...
أحلام في اضطراب " جيت خويا ،راني كملت ضرك نعيط لخويا يجي يدي القش معايا "
وحيد يتلعثم في الكلام ويمسك كيس الملابس ويستقيم في وقفته :" ...تعبتي روحك يعطيك الصحة ،والقش خليه يا عيبي نغسلو لروحي "
أحلام تبتسم :" هاذي أوامر خالتك نعيمة تحوسها تضربني كون ما نديهمش معايا واقيلا "
وحيد " خلاص ما نزعفوهاش ،ما تعيطي للسعيد ما والو خليني نديهملك على الأقل للدار، وصابر هرجكم ؟بكا بزاف؟ واش راه وعيْلي الصغير ؟"
أحلام :" بكى شويه ومن بعد خليتو يلعب مع محمد ولد خويا ،معليهش نسبڤك للدار وهاتهم للدار خويا هاو فالجنان "
مشت أحلام خطوتين في عجل وكأنها تهرب من شيء ما ثم تفطنت الى أنها فظة بعض الشيء فاستدارت وسألته
أحلام :" ربي يجيبلها الشفا نشالله"
أحلام تتذكر رسالة تخرجها وتستغل الفرصة وتتحدث في اطمئنان :" خويا تقدر تدير فيا مزية صغيرة ؟"
نظر اليها وحيد نظرة استغراب ،وهي تتحدث وتنظر اليه دون خوف وكأن الفتاة التي كانت قبل قليل ليست هي هذه.
وحيد يحدث نفسه :" أو هاذي تبدلت خلاص خير نشالله؟"
وحيد يرتبك ويتلعثم من نظرات أحلام اليه:" أطلبي خويتي ما كانش مشكل... ڤولي خيركم سابق .!!!! "
أحلام مترددة :" أنا طالبة أدب عربي ودرت تخصص ورايحة نتخرج ولازملي موضوع تخرج ،وأنا خيرت أنها تكون رواية صغيرة نتخرج بيها نشالله...."
وحيد يقاطعها مستغربا من حديثها عن دراستها معه " ما نيش قاري للأسف ختي كون عاونتك ،نعاونك فالتجارة في حاجة نعرفها ..."
أحلام تتحدث بتقطع و تغمض عينيها :" تقدر تعاوني وتعاوني بزاف ما ننسهاهاش طول عمري ،.....تعاوني .... تعاوني كي تحكيلي قصتك ونديرها رواية التخرج "
تفتح عينيها لتجد وحيد ينظر اليها في استغراب ويبتسم لأنها أغمضت عينيها وهي تتحدث ويجيبها :" كشما عندي قصة أنا نحكيهالك ،كاين بزاف رجال ماتو نساهم وخلاوهم مع ولادهم ما فيها حتى قصة ،ههههه أنا عندي قصة !"
قلبت أحلام شفتها السفلى ونصبت رجلها اليمين على أصابع قدمها ،وراحت تأخذ ركبته يمينا وشمالا ،ونظرت الى وحيد بعينين نصف مغمضتين ،فهم من خلالها وحيد أنها تترجاه وتتدلل عليه.
دق قلبه وكاد يخرج من صدره ،أحس إحساس كان يضن أنه نسيه منذ زمن طويل وأنه مات مع زوجته "صفية" ،وعاد سنوات الى الوراء،بقي مسمرا هناك واقفا يسترجي من أحد أن يوقضه من حلمه ويطبطب عليه مواسيا أو يعطيه شربة ماء.
وحيد يكلم قلبه " أهدا ...أهدا وحيد طفلة صغيرة وحاسباتك كي خوها علابيها راها مرتاحة فالهدرة معاك يا راجل ما فيها والو ،ما تفهم والو شهيق زفير "
قلب وحيد يتحدث بالنيابة عنه طمعا في لقاء آخر بهذا الملاك :" إيه نحكيلك واش حبيتي...
.... "
ثم استفاق من حالة الغيبوبة ووجد أحلام تتنطط من الفرح لأنه وافق وتشكره ،كانت طريقتها في نزع أي شيء تريده من أخيها السعيد وقررت تجربتها مع وحيد حتى هي لم تعرف لماذا ارتاحت له هكذا ،وفسرت تماديها على أنها تحب دراستها وتريد أن تصل الى هدفها بكل ما أوتيت من وسائل .
وحيد :" يا ختي حرت فيك واش هو المشوق في قصتي اللي عجباتك "
أحلام :" نت ما تقدرش تشوف اللي راني شايفاتو نكتبها نعدلها تولي رائعة ،كمل معايا برك واحكيلي"
وحيد " هيه يا الفالحة ،كيفاه نحكيهالك واقيلا نسيتي روحك ونسيتي مراد ؟"
أحلام :" ما نسيتش ،راني نخمم في طريقة تحكيلي بيها قصتك ،أعطيلي نيميروك نتاع التيليفون ونعيطلك ،يخي عادي ماكش خايف مانيش رايحة ندير حاجة غالطة وانتا راك كيما خويا السعيد ما نرضالكش تتهان "
وحيد يصدم من تشبيهها له بأخيها السعيد ويعطيها رقم الهاتف ويطلب منها أن تسبقه الى البيت وأنه سيلحق بها بعد أن يتفقد الباب ،كان كمن طار فوق السحاب مطولا ثم قُصت جناحاه فجأة وسقط على الارض وتكسر الى مليون قطعة ،فمن ناحية والدته التي ترقد في المستشفى ،ومن ناحية ابنه الذي ابتعد عنه ولا يعرف أهو بخير أو لا ،ومن ناحية تلك المشاعر الدخيلة عليه كالطوفان الذي هز كيانه اتجاه شخص قال له قبل قليل أنك مثل أخي الكبير .
جر رجليه في الطريق الى مزرعة سي صالح حين التقى بالسعيد في البستان ،فدعاه الى دار الضياف شفقة بحاله ولأنه يعرف أنه اشتاق الى ولده أحضر له صابر وتركه معه وطلب منهم أن يحضّرو له وجبة ليأكل ويذهب الى والدته .
مر ذلك المساء ثقيلا جدا على وحيد كل شيء انهار امام عينه كقصر رملي أخذته الامواج بعيدا .
دخل الى غرفة أمه في المستشفى فوجدها نائمة ،جلس بقربها على كرسي حديدي ووضع رجليه على حافة السرير وأرخى رأسه الى الجدار وأخذ يتنهد ويرجع شريط يومه أمامه ،تذكر أحلام وابتسامتها وشفتيها اللذان يشبهان شفتا طفل نزعو له لعبته ،وتذكر وقفتها معه وكيف اعتنت بالبيت جيدا ،عندما دخل ليحضر ملابس أمه وجد كل شيء مرتب ورائحة البخور تملأ المكان ،كان ظاهرا جدا أن امرأة مرت من هناك ،وفي نفس الوقت كانت أمام البيت طفلة صغيرة حالمة ترجوه ليوافق على شيء لم يفهمه مع أنه وافق عليه .لم يعد يفهم شيئا ،أهي إمرأة أم طفلة ؟ الشيء الوحيد الذي تأكد منه أنها تشغل جل تفكيره من أول يوم رآها فيه ، ولم يستطع مسك نفسه عن التفكير فيها .
أحلام كانت سعيدة جدا كفراشة من فرحها وهي تستعد لقدوم صديقتها الحميمة وبموافقة جارها أن يحكي لها قصته ،كانت متشوقة لتحكي لإيناس كيف استطاعت أن تنزع موافقته.ومن فرط سعادتها اهتمت بصابر ومحمد ومريم معا ذاك المساء ولم تحس بالتعب ،
نام صابر تلك الليلة بين أحضان أحلام كانت تحن عليه وتطعمه مع محمد وتلاعبه كطفلة صغيرة فتعلق بها دون الجميع ،لأنها تجعله يضحك وتنسيه دموعه واشتياقه لأبيه.
في الصباح التالي استفاقت أحلام على غير عادتها باكرا جدا ، وحضرت الفطور للجميع نزل مراد يفطر ويذهب الى العمل فوجدها في المطبخ .
مراد :" آو واش هذا صباح الخير مسَلْمين مكتفين لا عدت انسْ راك ختي أحلام ولا عدت جني أعطيني معاك رشفة قهوة ونروح نخدم وافطر على روحك الدار دارك هههه"
أحلام :" إنسْ إنسْ... وصلت وصلت خويي بلي ميش من عوايدي ننوض بكري ،وصلت مليح أڤعد تفطر ،حڤا نڤولك راها جاية إيناس اليوم ماكان لاه تكثر من الدخول والخروج كي تشوفها راني فايقة بيك"
مراد يبتسم في استهزاء :" يصحلها واحد كيما أنا ومن بعد تهدر ،تعيا نادمة عليا أنا فرصة لكل فتاة متعلمة أو ليست متعلمة "
أحلام :" هانا بدينا يا ناس ،ڤتلو هكذا راح هكذا ،الطفلة تحشم ومقادراتك متربيين مع بعضاكم كي الخاوة مكان لاه تحشمها تولي تروح كون يسمع بويها بيك ما يزيدش يجيبهالي ،مراد الرحمة على والديك أخطيها ماهيش محسباتك خلاص"
مراد متهكما:" هيه هيه روحي برك ما نروحش للدار نبات فالكاميو !!!"
تسمع أحلام صوت صابر يبكي فتتذكره وقد نسيته تماما في وسط حديثها الى أخيها فتذهب اليه مسرعة .
وحيد أيقضته أشعة الشمس الداخلة من نافذة غرفة أمه ،كانت ليلة طويلة بالنسبة له مع أنين أمه وصرخاتها من الألم ،كانت تعاني من الحمى وآلام المفاصل زيادة على كبر سنها ،لم ينم جيدا فغفى حتى انتصف الضحى ،فقام مفزوعا وتذكر قطيع الغنم والرجل الذي سيأتي ليعتني بها اليوم ،فحمل الهاتف وأجرى مكالمة يطمئنه أنه سيكون هناك خلال ساعة ،ودع أمه وغادر .
كل شيء كان في غير مكانه بالنسبة لوحيد ،كان كمن يعمل أربعين عملا في آن واحد ،يركض هنا ليحضر العلف للاغنام ،ويسقي خضراواته ويعتني بوالدته ويذهب ليلقي نظرة على ابنه .إختلاف عليه كل الأمور بين عشية وضحاها ......
ترى كيف سيخرج وحيد من كل هذا ؟
وكيف سيحكي قصته لأحلام ؟
تابعوني
☆ كلش بالمكتوب☆
جميلة حكت لأحلام ما سمعته وهي داخل المطبخ تلك الليلة ،وما رواه لها السّعيد ، كعادتهما ترويان لبعضهما كل شيء ،بعد سماع القصة بدت لجميلة مستعجلة غسلت الأواني وصعدت الى غرفتها لترتبها .
في هذه الأثناء ركض مراد رفقة والدته ليحضرا الصغير صابر، التقت نعيمة بالعجوز "فاطمة" التي كانت هرمة ونحيلة وبالكاد تتحرك من مكانها غادرت العجوز هي وابنها وحيد في الاسعاف وابنها ينظر اليها بحرقة كبيرة وهي تذرف الدموع وتقبل يدي صابر حفيدها الوحيد إبن وحيدها قبل حملها الى المستشفى .
تألمت نعيمة من المنظر كثيرا وعادت الى البيت حزينة ،لانها ذكرتها بوالدتها في لحظاتها الأخيرة ،أشفقت على حال وحيد كثيرا،وطلبت أحلام على الفور لغرفة المعيشة .
نعيمة تنادي على أحلام :" أحلام ،أهبطي بنتي محتاجاتك ربي يعيشك "
أحلام تنزل مسرعة بعد أن أنهت ترتيب غرفتها وحديثها في الهاتف مع إيناس ،كان كل هم أحلام أن مراد قد إعتذر منها فراحت تحكي لصديقة عمرها عن فرحتها بعودة المياه الى مجاريها،وحكت لها قصة وحيد ووجدت أن له قصة غامضة وأبدت لها رغبتها في أن تعرف المستور وتكتبها كرواية لرسالة التخرج لو وجدت طريقة ليحكي لها قصته .
إيناس صديقة طفولة أحلام كانت تدرس معها في الابتدائي والمتوسط والدها دركي متنقل ،كل مرة يرسلوه الى مكان وأمها أستاذة جامعية، وفي المرحلة الثانوية انتقلت إيناس مع عائلتها الى ولاية أخرى ،لكن بقت العائلتان متصلتان بالهاتف والزيارات في المناسبات ،حتى أن والدها يتركها تقضي أياما في عطلة الصيف عند أحلام وأهلها ،فقد تعارفت العائلتان جيدا لسنوات عديدة ، وعندما تحصلتا على شهادة البكالوريا قررتا أن تدرسا في نفس الجامعة ، كانت إيناس متفتحة تحب الحياة والحرية ،كانت ضد أفكار إخوة أحلام بعدم السماح لها بالمبيت عندها ،وعدم السماح لها بالتجول وحدها في البستان و الى غير ذلك من الامور التي لا توافق عليها إطلاقا .... كانت أحلام تحكي لها كل شيء عن العائلة لأنها تعرفهم جيدا ،ودائما ما تختلف إيناس في الرأي مع مراد حول جبروته وغيرته الزائدة وأمور الحياة ، وتتجنبه قدر المستطاع ،لكنها لا تعرف أن مراد معجب بها ... ولو عرفت لما زارت عائلة صديقتها بالأسابيع.
أحلام :" خير نشالله ميمتي هاني هنا ...جبتيه يا عمري يهبل الله يبارك أرواح ليا ....يغيظ مسكين "
نعيمة تحمل صابر بين ذراعيها :" شوفي هاذا ولد جارنا جداه دخلت للسبيطار وبنها معاها ،هزيه بدليلو ووكليه وحطيه يلعب مع محمد .... ووجدي روحك جبت المفتاح نتاع دار المخلوق تروحي تسيقي الدار وتنظفيها ،المخلوقة كبيرة والجيران لبعضاهم ،بنها ما يجيش حتى للعشية ،تكوني خلصتي وجيتي نشالله ،روحي بنتي الفحلة "
أحلام :" هاذي مهُم ثاني ،نروح نسيق ديار الناس والله يا مّا نتي قا وحدك تحشْمي فالراجل مُن ڤالك راه حابك تدخليلو للدار ؟ ومراد كيفاه سكت ؟"
نعيمة :" هو صح ما جا يمدلي المفتاح بالسيف أنا نحلف وهو يحلف مسكين ،باين متعلق ببنو وميمتو ، مراد ثاني ما شتاش وحشم ، بصح نتوما ڤلوبكم كساحو على الناس ،كي ما نحنُّوشْ على بعضانا ربي ما يعطيناش ،روحي بنيتي ديري خدمتك لربي يعطيك ربي..... "
أحلام :" كي عدتي نتي بارك وما نحشمكش مع الجيران ،حنانتك هاذي ماعرف وين تديك؟ "
حملت أحلام صابر بين ذراعيها في حنان ظاهر ،كان الطفل يبكي في صمت ،ودموعه تملأ ملابسه فهو ليس متعود على فراق والده... يحممه ويطعمه وينام الى جانبه منذ وفاة والدته الى هذا اليوم، أرادت جدته والدة زوجته أن تأخذه لكنه رفض وفضل أن يعيش بلا زوجة على أن يفترق عن ابنه ...
أعطته كعكة ليهدأ ولاعبته بالقرب من محمد ،وغنت لهما أغانيها التي تخترعها لمحمد عادة، كان صابر ينظر الى أحلام في خوف باديء الأمر، وما إن رآها ترقص وتغني حتى ابتسم وراح يحمل الالعاب ويقترب من محمد ببطء ،استغرق الوقت ساعة كاملة من أحلام لتهدئه وتلهيه عن والده .
عندما تأكدت من إنسجامهما قامت وتركتهما ،خرجت من البيت متوجهة الى بيت وحيد، كانت مترددة وخائفة لأنها أول مرة تقع في هذا الموقف الغريب في حياتها ،ووقعت فيه بفضل أمها ،كانت أمها رقيقة القلب ولا تستطيع رؤية الناس يتعذبون دون مساعدتهم وسي الصالح يساندها على أساس ساعد الناس يساعدك الله .وفعلا دائما يحميهما الله من نكبات الدهر.
فتحت الباب ودخلت كان في المدخل أحذيته وجواربه و كانت اللعب في كل مكان في غرفة الضيوف في الردهة وعلى السلالم ،عندما دخلت الى المطبخ وجدت بعض الاطباق غير المغسولة ،وحللت الجو العام واستخلصت الى أن هذا الرجل ليس قذر ولا سكير لأنه قام بترتيب غرفة الضيوف قليلا ،والاواني مرتبة في المطبخ والثلاجة نظيفة ليس بها خمر ،وسارت في هدوء تجوب البيت وتكتشف ثناياه .....ثم ارتعبت .....وصعدت .....ونزلت .... لأن هاتفها قد رن وسط الهدوء....
أحلام :" بسم الله الرحمان الرحيم خلعني ،الو..... إيناس يخي ڤبيل برك عيطتلك واش تحوسي خلعتيني ..."
إيناس :" لا ه نخلعك كشما كنتي تديري ولا؟ "
أحلام :" راني في دار وحيد جارنا و..."
إيناس :" ها خاه واش تواسي في دارو مهبولة ما تڤوليليش رحتي تڤوليلو يحكيلك قصتو نعرفك كي تعولي على حاجة مهبوووولة "
أحلام :" أصبري بارك ،يخي حكيتلك بلي مّو دخلت للسبيطار وهو معاها ،وأنا بعثوني نسيق وننظف الدار لاخاطر وحداني يا عيني فهمتي ؟"
إيناس تنفجر ضاحكة :" ههههههه يا أحلام يا الاولى فالدفعة راهي تسيق فالديار ،معليكش تكبري وتنسايها .... "
أحلام :" لوجه ربي برك جيت ووجه ميمتي ،وميش حاجة أخرى وبركي من الضحك "
إيناس :" المهم ،وجدي روحك ....توحشتك هاني جاية نڤعد يامات ونروح ،ڤولي لمراد ما تدخل ما تخرج بات برا هههه"
أحلام :" بديتي بمراد دايما جيبيها عڤاب خويي تحوسي نتلفوه في جالك واقيلا ،بصح راني فرحانة بزاف كي راكي جاية نلڤاو حل كيفاه يحكيلنا وحيد قصتو باه نكتب الرواية ..."
إيناس :" هاي رايحة تديرلنا المشاكل ،وكيفاه يحكيلك الراجل قصتو هبلتي ولا رايحة في طريق الهبال يا صديقتي العزيزة "
أحلام :" كي تجي نحكيو ،وكتاه تجي نشالله؟"
إيناس " غدوا بابا جاي لثما يشري الخضرا ليه ولصحابو نجي معاه نشالله ،الصباح نكون عندك وجدي روحك يا حضرة "الفام دو ميناج" ههههه"
............
تحدثت أحلام مع إيناس مطولا ،ثم لبست جلابةً وعصبت رأسها و بدأت العمل ....مسحت الارضية وغسلت الحمام ورتبت العاب صابر في صندوق وذهبت الى غرفة العجوز فاطمة ورتبتها بدلت شراشف السرير والأغطية ورتبت لها خزانة الملابس ،ورتبت خزانة صابر التي في غرفته ،ولما دخلت الى غرفة وحيد قابلتها قبعة القش على السرير ذكرتها لوهلة بوجه وحيد وبالحادثة لكنها سرعان ما تناستها لكثرة العمل ...
كان سرير صابر بجانب سرير والده فبدلت لهما شراشف الاسرة، إقتربت ببطء وخوف من خزانة وحيد وفتحتها وضميرها يؤنبها ،وأول ما وقعت عليه عيناها كان إطار به صورة إمرأة تظهر أنها زوجته الميتة كانت جميلة جدا حتى أن أحلام نظرت الى نفسها في المرآة كمقارنة خفيفة ،ثم تنبهت الى أن من تقارن نفسها بها ميتة إقشعر بدنها وسارعت الى هاتفها ركبت السماعات في أذنيها وشغلت الأغاني ووضعته في جيب مئزر المطبخ.
وبين الحين والآخر يتصل بها السّعيد ليطمئن عليها فتخبره أنها مازالت منهمكة في الأعمال....
وبعد ساعات من العمل لم تنتبه فيها أحلام للوقت ،كانت الساعة تشير الى الثانية زوالا ،أكملت أحلام الأعمال المنزلية ،وأكلت قطعة خبز أحضرتها معها كتصبيرة في عجل وأشعلت أعواد البخور ،انتظرتها حتى خفتت نارها بينما تلبس حجابها وخمارها وتستعد للخروج ، وبينما هي تغلق الباب وأكياس الغسيل وراءها إذ وحيد يقف وراءها ينحني ليحمل أكياس الغسيل ويسعل في نفس الوقت لتنتبه الى وجوده ،أنتفظت في خوف لأنه فاجأها ..واستدارت لتجد وجهها في وجهه مباشرة وهو منحني على أكياس الغسيل وتوقفت للحظات في ذهول وهي تنظر الى وجهه وعينيه وندبته على جبينه وشيبته الظاهرة وكأنه لا يملك غيرها من كل شعره ،ابتلعت لعابها بصوت وصل الى أذني وحيد ، نظر اليها وهو يملأ عينيه منها وكأنه وليدٌ إشتاق الى أمه ،وراح يمسح بعينيه كل جزء في وجهها متناسيا تماما الموقف الذي هو فيه ،وفجأة يوقفه سؤالها عن التحديق فيها ...
أحلام في اضطراب " جيت خويا ،راني كملت ضرك نعيط لخويا يجي يدي القش معايا "
وحيد يتلعثم في الكلام ويمسك كيس الملابس ويستقيم في وقفته :" ...تعبتي روحك يعطيك الصحة ،والقش خليه يا عيبي نغسلو لروحي "
أحلام تبتسم :" هاذي أوامر خالتك نعيمة تحوسها تضربني كون ما نديهمش معايا واقيلا "
وحيد " خلاص ما نزعفوهاش ،ما تعيطي للسعيد ما والو خليني نديهملك على الأقل للدار، وصابر هرجكم ؟بكا بزاف؟ واش راه وعيْلي الصغير ؟"
أحلام :" بكى شويه ومن بعد خليتو يلعب مع محمد ولد خويا ،معليهش نسبڤك للدار وهاتهم للدار خويا هاو فالجنان "
مشت أحلام خطوتين في عجل وكأنها تهرب من شيء ما ثم تفطنت الى أنها فظة بعض الشيء فاستدارت وسألته
أحلام :" واش راها مّك كشما ريحت واش ڤالولها الطبة ؟"
وحيد :" خليتهم يديرولها فالتحاليل كي العادة ،وجيت نديلها في قشها تبدل رايحين يحكموها على حساب الشوفة"أحلام :" ربي يجيبلها الشفا نشالله"
أحلام تتذكر رسالة تخرجها وتستغل الفرصة وتتحدث في اطمئنان :" خويا تقدر تدير فيا مزية صغيرة ؟"
نظر اليها وحيد نظرة استغراب ،وهي تتحدث وتنظر اليه دون خوف وكأن الفتاة التي كانت قبل قليل ليست هي هذه.
وحيد يحدث نفسه :" أو هاذي تبدلت خلاص خير نشالله؟"
وحيد يرتبك ويتلعثم من نظرات أحلام اليه:" أطلبي خويتي ما كانش مشكل... ڤولي خيركم سابق .!!!! "
أحلام مترددة :" أنا طالبة أدب عربي ودرت تخصص ورايحة نتخرج ولازملي موضوع تخرج ،وأنا خيرت أنها تكون رواية صغيرة نتخرج بيها نشالله...."
وحيد يقاطعها مستغربا من حديثها عن دراستها معه " ما نيش قاري للأسف ختي كون عاونتك ،نعاونك فالتجارة في حاجة نعرفها ..."
أحلام تتحدث بتقطع و تغمض عينيها :" تقدر تعاوني وتعاوني بزاف ما ننسهاهاش طول عمري ،.....تعاوني .... تعاوني كي تحكيلي قصتك ونديرها رواية التخرج "
تفتح عينيها لتجد وحيد ينظر اليها في استغراب ويبتسم لأنها أغمضت عينيها وهي تتحدث ويجيبها :" كشما عندي قصة أنا نحكيهالك ،كاين بزاف رجال ماتو نساهم وخلاوهم مع ولادهم ما فيها حتى قصة ،ههههه أنا عندي قصة !"
قلبت أحلام شفتها السفلى ونصبت رجلها اليمين على أصابع قدمها ،وراحت تأخذ ركبته يمينا وشمالا ،ونظرت الى وحيد بعينين نصف مغمضتين ،فهم من خلالها وحيد أنها تترجاه وتتدلل عليه.
دق قلبه وكاد يخرج من صدره ،أحس إحساس كان يضن أنه نسيه منذ زمن طويل وأنه مات مع زوجته "صفية" ،وعاد سنوات الى الوراء،بقي مسمرا هناك واقفا يسترجي من أحد أن يوقضه من حلمه ويطبطب عليه مواسيا أو يعطيه شربة ماء.
وحيد يكلم قلبه " أهدا ...أهدا وحيد طفلة صغيرة وحاسباتك كي خوها علابيها راها مرتاحة فالهدرة معاك يا راجل ما فيها والو ،ما تفهم والو شهيق زفير "
قلب وحيد يتحدث بالنيابة عنه طمعا في لقاء آخر بهذا الملاك :" إيه نحكيلك واش حبيتي...
.... "
ثم استفاق من حالة الغيبوبة ووجد أحلام تتنطط من الفرح لأنه وافق وتشكره ،كانت طريقتها في نزع أي شيء تريده من أخيها السعيد وقررت تجربتها مع وحيد حتى هي لم تعرف لماذا ارتاحت له هكذا ،وفسرت تماديها على أنها تحب دراستها وتريد أن تصل الى هدفها بكل ما أوتيت من وسائل .
وحيد :" يا ختي حرت فيك واش هو المشوق في قصتي اللي عجباتك "
أحلام :" نت ما تقدرش تشوف اللي راني شايفاتو نكتبها نعدلها تولي رائعة ،كمل معايا برك واحكيلي"
وحيد " هيه يا الفالحة ،كيفاه نحكيهالك واقيلا نسيتي روحك ونسيتي مراد ؟"
أحلام :" ما نسيتش ،راني نخمم في طريقة تحكيلي بيها قصتك ،أعطيلي نيميروك نتاع التيليفون ونعيطلك ،يخي عادي ماكش خايف مانيش رايحة ندير حاجة غالطة وانتا راك كيما خويا السعيد ما نرضالكش تتهان "
وحيد يصدم من تشبيهها له بأخيها السعيد ويعطيها رقم الهاتف ويطلب منها أن تسبقه الى البيت وأنه سيلحق بها بعد أن يتفقد الباب ،كان كمن طار فوق السحاب مطولا ثم قُصت جناحاه فجأة وسقط على الارض وتكسر الى مليون قطعة ،فمن ناحية والدته التي ترقد في المستشفى ،ومن ناحية ابنه الذي ابتعد عنه ولا يعرف أهو بخير أو لا ،ومن ناحية تلك المشاعر الدخيلة عليه كالطوفان الذي هز كيانه اتجاه شخص قال له قبل قليل أنك مثل أخي الكبير .
جر رجليه في الطريق الى مزرعة سي صالح حين التقى بالسعيد في البستان ،فدعاه الى دار الضياف شفقة بحاله ولأنه يعرف أنه اشتاق الى ولده أحضر له صابر وتركه معه وطلب منهم أن يحضّرو له وجبة ليأكل ويذهب الى والدته .
مر ذلك المساء ثقيلا جدا على وحيد كل شيء انهار امام عينه كقصر رملي أخذته الامواج بعيدا .
دخل الى غرفة أمه في المستشفى فوجدها نائمة ،جلس بقربها على كرسي حديدي ووضع رجليه على حافة السرير وأرخى رأسه الى الجدار وأخذ يتنهد ويرجع شريط يومه أمامه ،تذكر أحلام وابتسامتها وشفتيها اللذان يشبهان شفتا طفل نزعو له لعبته ،وتذكر وقفتها معه وكيف اعتنت بالبيت جيدا ،عندما دخل ليحضر ملابس أمه وجد كل شيء مرتب ورائحة البخور تملأ المكان ،كان ظاهرا جدا أن امرأة مرت من هناك ،وفي نفس الوقت كانت أمام البيت طفلة صغيرة حالمة ترجوه ليوافق على شيء لم يفهمه مع أنه وافق عليه .لم يعد يفهم شيئا ،أهي إمرأة أم طفلة ؟ الشيء الوحيد الذي تأكد منه أنها تشغل جل تفكيره من أول يوم رآها فيه ، ولم يستطع مسك نفسه عن التفكير فيها .
أحلام كانت سعيدة جدا كفراشة من فرحها وهي تستعد لقدوم صديقتها الحميمة وبموافقة جارها أن يحكي لها قصته ،كانت متشوقة لتحكي لإيناس كيف استطاعت أن تنزع موافقته.ومن فرط سعادتها اهتمت بصابر ومحمد ومريم معا ذاك المساء ولم تحس بالتعب ،
نام صابر تلك الليلة بين أحضان أحلام كانت تحن عليه وتطعمه مع محمد وتلاعبه كطفلة صغيرة فتعلق بها دون الجميع ،لأنها تجعله يضحك وتنسيه دموعه واشتياقه لأبيه.
في الصباح التالي استفاقت أحلام على غير عادتها باكرا جدا ، وحضرت الفطور للجميع نزل مراد يفطر ويذهب الى العمل فوجدها في المطبخ .
مراد :" آو واش هذا صباح الخير مسَلْمين مكتفين لا عدت انسْ راك ختي أحلام ولا عدت جني أعطيني معاك رشفة قهوة ونروح نخدم وافطر على روحك الدار دارك هههه"
أحلام :" إنسْ إنسْ... وصلت وصلت خويي بلي ميش من عوايدي ننوض بكري ،وصلت مليح أڤعد تفطر ،حڤا نڤولك راها جاية إيناس اليوم ماكان لاه تكثر من الدخول والخروج كي تشوفها راني فايقة بيك"
مراد يبتسم في استهزاء :" يصحلها واحد كيما أنا ومن بعد تهدر ،تعيا نادمة عليا أنا فرصة لكل فتاة متعلمة أو ليست متعلمة "
أحلام :" هانا بدينا يا ناس ،ڤتلو هكذا راح هكذا ،الطفلة تحشم ومقادراتك متربيين مع بعضاكم كي الخاوة مكان لاه تحشمها تولي تروح كون يسمع بويها بيك ما يزيدش يجيبهالي ،مراد الرحمة على والديك أخطيها ماهيش محسباتك خلاص"
مراد متهكما:" هيه هيه روحي برك ما نروحش للدار نبات فالكاميو !!!"
تسمع أحلام صوت صابر يبكي فتتذكره وقد نسيته تماما في وسط حديثها الى أخيها فتذهب اليه مسرعة .
وحيد أيقضته أشعة الشمس الداخلة من نافذة غرفة أمه ،كانت ليلة طويلة بالنسبة له مع أنين أمه وصرخاتها من الألم ،كانت تعاني من الحمى وآلام المفاصل زيادة على كبر سنها ،لم ينم جيدا فغفى حتى انتصف الضحى ،فقام مفزوعا وتذكر قطيع الغنم والرجل الذي سيأتي ليعتني بها اليوم ،فحمل الهاتف وأجرى مكالمة يطمئنه أنه سيكون هناك خلال ساعة ،ودع أمه وغادر .
كل شيء كان في غير مكانه بالنسبة لوحيد ،كان كمن يعمل أربعين عملا في آن واحد ،يركض هنا ليحضر العلف للاغنام ،ويسقي خضراواته ويعتني بوالدته ويذهب ليلقي نظرة على ابنه .إختلاف عليه كل الأمور بين عشية وضحاها ......
ترى كيف سيخرج وحيد من كل هذا ؟
وكيف سيحكي قصته لأحلام ؟
تابعوني