في هذه المادة؛ سأناقش قضية فارق السن بين الزوجين، كما سأسلط الضوء على أسباب رفض أغلب المجتمعات للزوجة الأكبر سناً من خلال استعراض وجهات النظر المؤدية والمعارضة، وسنرى إن كان هناك فارق مثالي في السن بين الزوجين.
عندما نتحدث عن فارق السن بين الزوجين سنجد أن أغلب المجتمعات تتصالح مع الزوج الأكبر في السن ما لم يكن الفارق خرافياً، بينما تقف موقفاً أكثر حدَّة من العلاقة برمتها إذا كانت الزوجة هي الأكبر سناً، حيث يقدم المجتمع سلسلة طويلة من المبررات التي تؤيد موقفه من الناحية الجنسية والاجتماعية، لكن هل هذه المبررات واقعية؟! وما هي الآثار الفعلية إذا كان الفارق بين الزوجين كبيراً؟!
1
لكل مجتمع من المجتمعات معاييره الخاصة فيما بتعلق بالزواج
إذا تتبعنا المعايير الاجتماعية المتعلقة بالزواج سنجد أن كل مجتمع رئيسي أو فرعي لديه معاييره الخاصة التي تتعلق بمدى تكافؤ الزوجين من حيث التعليم والسن والمستوى الاجتماعي...إلخ، كما أن كل مجتمع يرتب هذه المعايير بأولوية مختلفة، حيث يكون الزواج قراراً فردياً مشتركاً بين الزوجين في المجتمعات المتقدمة مثلاً.
بينما نجد الزواج في مجتمعات أخرى قراراً جماعياً خاصة لجهة الأنثى، بالتالي ستلعب هذه الفروق الثقافية دوراً أساسياً في نظرة الأشخاص والجماعات إلى فارق السن وفي المدى المقبول لهذا الفرق، لذلك لا يمكن اعتبار ما سنعرضه مطلقاً ومتوافقاً مع كل المجتمعات.
ما هو فارق السن المثالي بين الزوجين؟
في إحصائية أجراها موقع (Confused) عن فجوة السن المثالية بين الزوجين، ومن خلال سؤال 2000 شخص تبين أن أقل من النصف بقليل يعتقدون أنَّه لا وجود لفارق مثالي، أي أن فارق السن لا يلعب دوراً أساسياً في نجاح العلاقة أو فشلها، فيما كان متوسط الفارق المثالي (52شهراً) لصالح الرجل، أي أن يكون الرجل أكبر من المرأة بحوالي أربع سنوات وأربعة أشهر، كما أفادت 33% من الإناث المشاركات أنَّهن يفضلن رجلاً يكبرهنَّ بسبع سنوات.
ومن الملفت أن السبب الرئيسي لهذا التفضيل هو الاستقرار المالي، حيث تعتقد النساء أنَّهن لن يتمكنَّ من تحقيق الاستقرار المالي مع رجال في نفس المرحلة العمرية إضافة إلى فجوة الأجور بين الذكور والإناث.
3
المجتمعات العربية عموماً تتقبل فارق السن لصالح الزوج الأكبر
بعيداً عن الخوض في المقارنة بين المجتمعات العربية والمجتمعات الأخرى يمكن أن نلاحظ ببساطة أن المجتمع العربي يتقبل الفارق بالسن بين الزوجين لصالح الزوج الأكبر، بل يعتبره شرطاً لازما في بعض الثقافات الفرعية وهذه وجهة نظر سنأتي على ذكرها.
فيما يرفض المجتمع العربي أن تكون الزوجة أكبر من الزوج وأحياناً يرفض أن يكون الزوجين في نفس العمر، حيث يتصالح المجتمع مع الزوج الأكبر غالباً إلَّا إذا كان الفرق كبيراً جداً يتجاوز خمس عشرة سنة، نحن هنا لا نتحدث عن حالات زواج القاصرات من رجال بالغين، بل نتحدث عن زوجين راشدين، وسنستعرض معاً وجهة نظر المجتمع ومبرراته.
4
لماذا يجب أن يكون الزوج أكبر من الزوجة؟
يسوق المجتمع الذي يتقبل فارق السن لصالح الزوج الأكبر مجموعة من المبررات الاجتماعية التي قد تبدو مقنعة أحياناً، كما أن هذا المجتمع غالباً ما يرفض أن تكون الزوجة هي الأكبر سناً لنفس الأسباب، ويمكن أن نلخص هذه المبررات:
الرجل يحتاج لفترة أطول ليكون ناضجاً ومسؤولاً
من بين المبررات التي يقدمها المجتمع لوجود فارق السن لصالح الرجل الأكبر أنَّ الرجل يحتاج لفترة أطول ليصل إلى مرحلة تحمل المسؤولية، حيث يعتبر شاب في العشرين من عمره ما يزال في بداية حياته العملية وغير مستعد للزواج وتحمل مسؤوليته، بينما تعتبر الفتاة في نفس السن مؤهلة لتكون أمَّاً وزوجة.
كما أن الرجل في الثلاثين يعتبر في سن الزواج بينما ينظر إلى المرأة في نفس العمر أنَّها وصلت إلى سنِّ العنوسة! ولا بد من الاعتراف أنَ العنوسة قيمة اجتماعية مكتسبة يحدد معايرها المجتمع نفسه، كما أن النضج والمسؤولية هما أمران فرديان غالباً ويكون المجتمع نفسه أيضاً مسؤولاً عن تحديد معاييرهما.
التكاثر واحد من أهم مبررات رفض الزوجة الأكبر
تستمر قدرة المرأة على الإنجاب حتى العقد الرابع دون خطورة تذكر على صحتها وصحة الجنين، ثم يصبح الحمل أصعب في العقد الخامس من العمر إلى أن تتوقف مرحلة الإباضة، بينما يمكن للرجل أن ينجب حتى سن متأخرة كما أنَّه لا يحمل الطفل في أحشائه، أي أنَّ صحته العامة لن تؤثر على الإنجاب ولن يسبب له الحمل آلاماً في الظهر أو اختلالات هرمونية.
بالتالي يفضل أن تكون الزوجة صغيرة في السن لتتمكن من الإنجاب، هذه النظرية ترتبط برغبة الإنجاب الكثيف التي تميزت بها مجتمعاتنا عموماً، والتي تشهد تراجعاً كبيراً أمام ظروف الحياة المعقدة لكن النظرية ما تزال قائمة.
الجنس والتقدم في السن
نعلم جميعاً أن الرجال عندما يتخطون العقد الرابع يعيشون مراهقة ثانية، ويعتبرون أنَّهم في قمة رغبتهم بالحياة في هذه المرحلة التي يطلق عليها جهلة الأربعين أو أزمة منتصف العمر، حيث يريد مناصرو الزوج الأكبر أن تكون الزوجة في الثلاثين من عمرها تقريباً عندما يعيش الزوج جهلته تلك، لتكون في مرحلة العطاء الجنسي وما تزال تحافظ على جمالها لتتمكن من استيعاب الزوج المراهق.
كما تنظر بعض الفئات الاجتماعية إلى الموضوع بطريقة براغماتية بحتة عندما تفكر بوصول الزوج إلى مرحلة الشيخوخة، فإذا كانت الزوجة أكبر منه أو من سنه ستكون عجوزاً هي الأخرى، فمن سيقوم على علاجه وطبابته في هذه الحالة؟.
الأبوية الذكورية في الزواج التقليدي
في الزواج التقليدي يتعامل الذكر معاملة المربي والمسؤول عن الحماية، لذلك يجب أن يكون هو صاحب التجربة الأطول والأغنى، كما يخاف الذكور من تسلط النساء الأكبر سناً.
هذه المبررات وغيرها لا يمكن أن تجعل من الحياة مثالية
يصل عدد سكان العالم اليوم إلى أكثر من سبعة مليارات نسمة، ما يجعل من أي موضوع اجتماعي أمراً قابلاً للتفاوض والنقاش، ويجعل وضع قواعد اجتماعية عامة للبشرية كلِّها ضرباً من الجنون واللاواقعية، فما تزال بعض المجتمعات تتعامل مع زواج القاصرات بطريقة طبيعية جداً فيما تنظر إليه مجتمعات أخرى كجريمة يعاقب عليها القانون، لذلك لا يمكن النظر إلى المبررات التي ذكرناها أو غيرها كقواعد عامة، كما يجب أن نؤكد على أنَّ الزواج تجربة فريدة إلى حد بعيد، يتحكم الزوجان بأسباب نجاحها وفشلها.
ختاماً... التفاهم والمحبَّة بين الزوجين هما الأساس القوي الذي تقوم عليه العلاقة الزوجية، وقد يتوافق تفكير الأفراد أحياناً مع نبذ الفروقات في السن أو الدين والملَّة أو حتى الفروقات الطبقية والثقافية، لكن النظرة العامة لا يمكن أن تتوافق مع هذه المعادلة ببساطة، لأنَّها غالباً ما تكون أكثر عملية وبراغماتية كما تكون مجردةً من العواطف والمشاعر، حيث ينظر المجتمع إلى الزواج نظرة أكثر تجرداً من المقبلين على الزواج كأفراد، لكن في النهاية لا بد من التأكيد دائماً على أنَّ هذه التجربة هي تجربة فردية لا يمكن تعميمها.
عندما نتحدث عن فارق السن بين الزوجين سنجد أن أغلب المجتمعات تتصالح مع الزوج الأكبر في السن ما لم يكن الفارق خرافياً، بينما تقف موقفاً أكثر حدَّة من العلاقة برمتها إذا كانت الزوجة هي الأكبر سناً، حيث يقدم المجتمع سلسلة طويلة من المبررات التي تؤيد موقفه من الناحية الجنسية والاجتماعية، لكن هل هذه المبررات واقعية؟! وما هي الآثار الفعلية إذا كان الفارق بين الزوجين كبيراً؟!
1
لكل مجتمع من المجتمعات معاييره الخاصة فيما بتعلق بالزواج
إذا تتبعنا المعايير الاجتماعية المتعلقة بالزواج سنجد أن كل مجتمع رئيسي أو فرعي لديه معاييره الخاصة التي تتعلق بمدى تكافؤ الزوجين من حيث التعليم والسن والمستوى الاجتماعي...إلخ، كما أن كل مجتمع يرتب هذه المعايير بأولوية مختلفة، حيث يكون الزواج قراراً فردياً مشتركاً بين الزوجين في المجتمعات المتقدمة مثلاً.
بينما نجد الزواج في مجتمعات أخرى قراراً جماعياً خاصة لجهة الأنثى، بالتالي ستلعب هذه الفروق الثقافية دوراً أساسياً في نظرة الأشخاص والجماعات إلى فارق السن وفي المدى المقبول لهذا الفرق، لذلك لا يمكن اعتبار ما سنعرضه مطلقاً ومتوافقاً مع كل المجتمعات.
ما هو فارق السن المثالي بين الزوجين؟
في إحصائية أجراها موقع (Confused) عن فجوة السن المثالية بين الزوجين، ومن خلال سؤال 2000 شخص تبين أن أقل من النصف بقليل يعتقدون أنَّه لا وجود لفارق مثالي، أي أن فارق السن لا يلعب دوراً أساسياً في نجاح العلاقة أو فشلها، فيما كان متوسط الفارق المثالي (52شهراً) لصالح الرجل، أي أن يكون الرجل أكبر من المرأة بحوالي أربع سنوات وأربعة أشهر، كما أفادت 33% من الإناث المشاركات أنَّهن يفضلن رجلاً يكبرهنَّ بسبع سنوات.
ومن الملفت أن السبب الرئيسي لهذا التفضيل هو الاستقرار المالي، حيث تعتقد النساء أنَّهن لن يتمكنَّ من تحقيق الاستقرار المالي مع رجال في نفس المرحلة العمرية إضافة إلى فجوة الأجور بين الذكور والإناث.
3
المجتمعات العربية عموماً تتقبل فارق السن لصالح الزوج الأكبر
بعيداً عن الخوض في المقارنة بين المجتمعات العربية والمجتمعات الأخرى يمكن أن نلاحظ ببساطة أن المجتمع العربي يتقبل الفارق بالسن بين الزوجين لصالح الزوج الأكبر، بل يعتبره شرطاً لازما في بعض الثقافات الفرعية وهذه وجهة نظر سنأتي على ذكرها.
فيما يرفض المجتمع العربي أن تكون الزوجة أكبر من الزوج وأحياناً يرفض أن يكون الزوجين في نفس العمر، حيث يتصالح المجتمع مع الزوج الأكبر غالباً إلَّا إذا كان الفرق كبيراً جداً يتجاوز خمس عشرة سنة، نحن هنا لا نتحدث عن حالات زواج القاصرات من رجال بالغين، بل نتحدث عن زوجين راشدين، وسنستعرض معاً وجهة نظر المجتمع ومبرراته.
4
لماذا يجب أن يكون الزوج أكبر من الزوجة؟
يسوق المجتمع الذي يتقبل فارق السن لصالح الزوج الأكبر مجموعة من المبررات الاجتماعية التي قد تبدو مقنعة أحياناً، كما أن هذا المجتمع غالباً ما يرفض أن تكون الزوجة هي الأكبر سناً لنفس الأسباب، ويمكن أن نلخص هذه المبررات:
الرجل يحتاج لفترة أطول ليكون ناضجاً ومسؤولاً
من بين المبررات التي يقدمها المجتمع لوجود فارق السن لصالح الرجل الأكبر أنَّ الرجل يحتاج لفترة أطول ليصل إلى مرحلة تحمل المسؤولية، حيث يعتبر شاب في العشرين من عمره ما يزال في بداية حياته العملية وغير مستعد للزواج وتحمل مسؤوليته، بينما تعتبر الفتاة في نفس السن مؤهلة لتكون أمَّاً وزوجة.
كما أن الرجل في الثلاثين يعتبر في سن الزواج بينما ينظر إلى المرأة في نفس العمر أنَّها وصلت إلى سنِّ العنوسة! ولا بد من الاعتراف أنَ العنوسة قيمة اجتماعية مكتسبة يحدد معايرها المجتمع نفسه، كما أن النضج والمسؤولية هما أمران فرديان غالباً ويكون المجتمع نفسه أيضاً مسؤولاً عن تحديد معاييرهما.
التكاثر واحد من أهم مبررات رفض الزوجة الأكبر
تستمر قدرة المرأة على الإنجاب حتى العقد الرابع دون خطورة تذكر على صحتها وصحة الجنين، ثم يصبح الحمل أصعب في العقد الخامس من العمر إلى أن تتوقف مرحلة الإباضة، بينما يمكن للرجل أن ينجب حتى سن متأخرة كما أنَّه لا يحمل الطفل في أحشائه، أي أنَّ صحته العامة لن تؤثر على الإنجاب ولن يسبب له الحمل آلاماً في الظهر أو اختلالات هرمونية.
بالتالي يفضل أن تكون الزوجة صغيرة في السن لتتمكن من الإنجاب، هذه النظرية ترتبط برغبة الإنجاب الكثيف التي تميزت بها مجتمعاتنا عموماً، والتي تشهد تراجعاً كبيراً أمام ظروف الحياة المعقدة لكن النظرية ما تزال قائمة.
الجنس والتقدم في السن
نعلم جميعاً أن الرجال عندما يتخطون العقد الرابع يعيشون مراهقة ثانية، ويعتبرون أنَّهم في قمة رغبتهم بالحياة في هذه المرحلة التي يطلق عليها جهلة الأربعين أو أزمة منتصف العمر، حيث يريد مناصرو الزوج الأكبر أن تكون الزوجة في الثلاثين من عمرها تقريباً عندما يعيش الزوج جهلته تلك، لتكون في مرحلة العطاء الجنسي وما تزال تحافظ على جمالها لتتمكن من استيعاب الزوج المراهق.
كما تنظر بعض الفئات الاجتماعية إلى الموضوع بطريقة براغماتية بحتة عندما تفكر بوصول الزوج إلى مرحلة الشيخوخة، فإذا كانت الزوجة أكبر منه أو من سنه ستكون عجوزاً هي الأخرى، فمن سيقوم على علاجه وطبابته في هذه الحالة؟.
الأبوية الذكورية في الزواج التقليدي
في الزواج التقليدي يتعامل الذكر معاملة المربي والمسؤول عن الحماية، لذلك يجب أن يكون هو صاحب التجربة الأطول والأغنى، كما يخاف الذكور من تسلط النساء الأكبر سناً.
هذه المبررات وغيرها لا يمكن أن تجعل من الحياة مثالية
يصل عدد سكان العالم اليوم إلى أكثر من سبعة مليارات نسمة، ما يجعل من أي موضوع اجتماعي أمراً قابلاً للتفاوض والنقاش، ويجعل وضع قواعد اجتماعية عامة للبشرية كلِّها ضرباً من الجنون واللاواقعية، فما تزال بعض المجتمعات تتعامل مع زواج القاصرات بطريقة طبيعية جداً فيما تنظر إليه مجتمعات أخرى كجريمة يعاقب عليها القانون، لذلك لا يمكن النظر إلى المبررات التي ذكرناها أو غيرها كقواعد عامة، كما يجب أن نؤكد على أنَّ الزواج تجربة فريدة إلى حد بعيد، يتحكم الزوجان بأسباب نجاحها وفشلها.
ختاماً... التفاهم والمحبَّة بين الزوجين هما الأساس القوي الذي تقوم عليه العلاقة الزوجية، وقد يتوافق تفكير الأفراد أحياناً مع نبذ الفروقات في السن أو الدين والملَّة أو حتى الفروقات الطبقية والثقافية، لكن النظرة العامة لا يمكن أن تتوافق مع هذه المعادلة ببساطة، لأنَّها غالباً ما تكون أكثر عملية وبراغماتية كما تكون مجردةً من العواطف والمشاعر، حيث ينظر المجتمع إلى الزواج نظرة أكثر تجرداً من المقبلين على الزواج كأفراد، لكن في النهاية لا بد من التأكيد دائماً على أنَّ هذه التجربة هي تجربة فردية لا يمكن تعميمها.