- إنضم
- 24 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 5,056
- نقاط التفاعل
- 15,517
- النقاط
- 2,256
- العمر
- 39
- محل الإقامة
- فرنسا الجزائر وطني
الحلقة التاسعة قبل الاخيرة من قصة
☆ كلش بالمكتوب ☆
إعذروني إخوتي أخواتي على التأخير في الحلقات لأسباب قاهرة جدا
أرأيتى أن أقسم الحلقة الاخيرة الى قسمين لاجتناب طولها .....
نزلت الامطار خريفية هذا المساء وبللت كل الأحياء والهدوء خيم عليها ،ولم يعد يُسمع سوى صراخ الاطفال وهم يلعبون في برك الماء وتحت زخات الامطار يركضون مستقبلين سنة دراسية بتفاؤل مع هذا الخير الذي استبشر به الجميع .
كان وحيد يقف في باب البيت يراقب ابنه الذي راح يركض تحت المطر ويلعب بالطين ،وأخذه تفكيره الى الامس القريب ،بالامس كانت هنا كانت تملأ حياته بهجة رغم ما حملته من حقد كانت نصفه الثاني الى حد قريب وكان يعيش من أجلها ومن أجل إبنه.... علمته منذ ولد وطوال حياته أنه قد خلق من أجلها لم يكن ذنبها فقد كان ذنب المجتمع ففي مجتمعنا عندما لا تنجب المرأة أولادا يسمونها عاقرا وحقيرة وبعدها تحس أنها لا شيء للاسف! ،تركته وحيدا وسط عالم لا يرحم وابنه الذي بقي مثله ،كان يفكر في كل هذا وهو يراقب آخر معزٍ يغادر البيت وسحب سيڤارة من جيبه كانت السيڤارة الوحيدة التي يملك لم يدخن في حياته لكنه أحس أنه بحاجتها في لحظة ما فطلب من صديقه الذي غادر قبل قليل واحدة ....سحبها وأشعلها وسحب منها نفسا كانت هذه أول مرة يدخن فيها في حياته وأخذ يسعل ويسحب دون توقف وكأنه ينتقم من كل الحياة في سيڤارة صغيرة .
لقد كان عزاءا مضاعفا لوحيد في أمه وفي وحدته التي رآها الجميع من خلال ضيافتهم البسيطة من طرفه حتى الاقارب أتو لمساء واحد وغادرو ،كانت عائلة سي الصالح من وقفت الى جانبه وأحضرو له كل مستلزمات العزاء برفقة الجيران الاخرين ،كانت قرية صغيرة لكن ككل القرى الجزائرية تجدهم يدا واحدة عند الفرح والقرح كانت روح الجماعة في كل بيت منها، توفيت الحاجة فاطمة وقد قاربت الثمانين عاما ،توفيت بين ذراعي ابنها في الخامس من سبتمبر بعد أن كانت آخر كلماتها "وحيد نحبك عوينتي..." ،توفيت وبكى وحيد على سنين العمر التي ضاعت وبكى على وحدته التي شعر بها أول ليلة بات فيها وحده في البيت دون أمه بعد أن غادر الجميع ....
السعيد يتصل بأخته :" الو.... أحلام خلصتي التسجيلات ؟ "
أحلام :" أنا خلصت مزالت إيناس ما جات بكري راك عارفها رڤادة ههه ومزالي النقل والمطعم وأنا نستناو فالاعلانات نتاع الاقسام والحجرات .."
السعيد :" والإقامة كيفاه درتي؟ تروْحي اليوم ولا تباتي ثم اليوم ؟"
أحلام :" لالا ما نروحش نبات اليوم لهنا ما نضالش نروح ونجي غدوة عندي التسجيلات نتاع المطعم والنقل نهار طويل لازم نكون هنا ...."
السعيد :" كشما تحتاجي عيطيلي واتلاي في روحك ...ايا تبقاي على خير "
يقفل الهاتف ويضعه على الطاولة ويدخل الى المطبخ حيث جميلة واقفة على عتبة باب المطبخ الشرقي المؤدي الى خارج البيت وهي تنظر الى الامطار كيف غسلت عناقيد العنب التي بدأت في النضوج و اختلط لونها بين الاسود الغامق والاحمر والابيض والأخضر ،وأوراق أشجار المشمش المصفرة وقد أخذتها الرياح لتلقي بها في كل مكان كانت دجاجات الحاجة نعيمة تختبيء من المطر تحت شجرة الكُرُم وقد خبأت كل واحدة منهن صيصانها تحت جناحيها ،وضع يده على كتفها وهو يبتسم .
جميلة تتنهد وتواصل التأمل :" إيييييه يا السعيد ڤعدنا وحدنا... أه.... ضاڤت روحي مع أنو ولادي معايا بصح أحلام عندها حس خاص ،المزية السنة آخر عام راحت اليوم الصباح حسيتها راحت عندها سمانة "
السعيد يقترب أكثر ويقف بجانبها على عتبة باب المطبخ ويتأمل معها منظر المطر :" إيه والله الصيفة هاذي عڤبت ميش كي عوايدها حسيتها فاتت بعام من كثرة الشلاوش ( الاحداث) ، ونتي والفتي أحلام ماهيش رايحة تتزوج وتبعد ؟"
جميلة تنظر إلى السعيد وكأنها غفلت عن هذه الحقيقة المرة :" لاه تفكر فيا ... معليهش غير يجي المكتوب ومن بعد رانا نوالفو ههه"
توقف المطر وخرجت شمس الاصيل في خجل خلف السحب الرمادية مكونة ذلك الذي يعشقه كل من يراه بألوانه الزاهية ،قوس قزح ،كان وحيد ينظر اليه ويشير اليه بإصبعه لإبنه وهو يحمله لكي يراه وفجأة تراءت أمامه صورة أحلام وسط كل الألوان ودغدغ شعوره ذلك الثغر المبتسم وسط اللون الاحمر منه ،...نعم لقد رفض عرض السعيد بتزويجه من جارة أخته رفضه متحججا بوالدته المريضة في ذلك الوقت وفي الواقع هو لم يفقد الامل في ارتباطه بأحلام رغم الظروف ،لم يكن ذلك النوع من الرجال الذي يتزوج بامرأة والسلام لأن زواجه الاول كان بعد قصة حب كبيرة وعقبه مأساة كبيرة ،لذلك أحلام أيقضت فيه تلك المشاعر النائمة بداخله ،وقرر في لحظة جنون أن يجرب حظه عله يأخذه الى أحضان تلك الفتاة الهادئة التي ما إن تكون في مكان حتى تملؤه بهجة وحنانا . قرر بعد وفاة أمه أن يحارب ليحصل عليها على الاقل لن يؤنبه ضميره لانه لم يحاول ....
وكان الغد وكأي يوم خريفي تتقلب فيه الطبيعة بين برد ودفء وحرارة قاتلة وسحب تعبر.. تمطر ثم تعود الشمس الى الظهور خلفها في خجل ،كانت أحلام تجلس في المكتبة مع إيناس بعد موعد مسبق مع زميلهما مصطفى لكي يسلمها كل ما كتبه عن وحيد وقد حضره بصورة جيدة في أوراق مطبوعة بعد أن كتبها على تطبيق الوورد، فقد سمع كل القصة باهتمام في ذلك اليوم وباح له بكل أسراره وكأنه يبوح لأحلام وليس له، كان وحيد يحكي بكل شجاعة ولم يكن خائفا أن يعرف كل العالم قصته طالما أن حبيبته تقرأها وتبدي رأيها فيها ومهتمة لها ،كان كل ما يهمه في الأمر.
أحلام تتمحمح:" أحم أحم ،ما بوركتش لإيناس مصطفى هههه؟"
مصطفى :" خير انشالله على واه ؟ "
أحلام تنظر الى إيناس التي احمر وجهها خجلا :" خطبناها لمراد ووافقت ،يسما هدرة برك مزال ما درنا والو بعد التخرج نشالله نديرو فيها عرس هههه حشمت صحوبتي يا ربي على وجه الحشمة ههههه"
مصطفى يوجه كلامه الى إيناس :" مبروك عليك إيناس فرحتلك من ڤلبي وما تنساينيش فالحلاوة ...! "
ثم ينظر الى أحلام في استعطاف :" وانتي ما ڤريبش تحني على هذا المسكين اللي ڤدامك وتحدديلي نهار وتولي الفرحة فرحتين؟ "
أحلام في امتعاض تنهض من الكرسي :" هههه يخي علابالك مصطفى في رأيي فيك ،و زيد يخي كلش بالمكتوب ...كلش بالمكتوب ..هيا إيناس ضرك راهم حلّو التسجيلات نروح نطبع الشهادة المدرسية ومن بعد نولي هاذاك هو تشيديلي الدالة ما نضيعوش الوقت ،........أسمحلي مصطفى بزاف راك عارف ،ويعطيك الصحة على القصة واسمحلي تعبتك معايا بصح المرة الجاية نشالله نديرلك انواع نتاوع ڤاطو اللي تحبهم ونجيبهملك ميش رشوة لا سمح الله بصح امتنان بلا بيك ما كنتش رايحة نجيب القصة .... آه لو كان ما جيتش كاين؟ هههههه " ، أرضته بضحكاتها التي لا يراها إلا قليلا وأنسته في كلمة "كلش بالمكتوب" التي ما إن يسمعها منها حتى يزداد تأكده أنها لا تحبه ،لكن يغطي ذلك الشك ضحكاتها الهائمة وهي تنظر في عينيه كطفلة شقية ارتكبت حماقة وراحت تغطيها بضحكة لتستعطف الجميع.
ذهبت إيناس الى مكان التسجيلات فوجدت طابورا كأن لا نهاية له ،وقررت أن تنتظر في نهايته... أو قد كانت نهاية الطابور ففي لحظات أصبحت وسط زحمة خانقة ولم تعرف أين ينتهي ذلك الصف الطويل ،بقيت هناك تجذب أطراف الحديث مع البنات وضحكاتها تسمع من نهاية الطابور وقد تلبدت السماء في دقائق ليصبح لونها رمادي وبدأ صوت الرعود في الاقتراب شيئا فشيئا احتم الطلاب تحت الاشجار ومنهم من كان له الحظ في الدخول الى حيث مكاتب التسجيل ومنهم من لم يكن له الحظ لا في شجرة ولا في شيء آخر مثل إيناس ....
في هذه الاثناء خرجت أحلام لتطبع شهادتها وكانت المكاتب محيطة بالجامعة من كل جهة وكأنه نمل يحيط بحبة حلوى ،لم تته كثيرا فهي متعودة على المكان ومتعودة أن تطبع عند مكتبة بعينها ،بدأت قطرات المطر تتساقط وصوت الرعد يصحبها بقوة وكأن رساما في أوج غضبه رسم تلك الطبيعة الغاضبة ،ركضت أحلام لتعبر الطريق وهي تضع حقيبتها على رأسها لتحميها من قطرات المطر وقد بدأت شدتها في الازدياد شيئا فشيئا ، وما إن وضعت رجليها على الرصيف المقابل حتى وجدت نفسها تحت مظلة فتحركت وهي تنظر الى الارض وحقيبتها على رأسها ضانة منها أنها أخطأت الطريق لانها لم تنظر أمامها ،ولتترك الطريق لصاحب أو صاحبة المظلة لكنها ما إن سارت في عجل حتى وجدت تلك المظلة تتبعها مع إيقاع خطواتها عندئذ توقفت وهي شبه متأكدة أنها من أعمال زميلها مصطفى الذي دائما ما تبعها في كل مكان ، استدارت لتجد ذلك الوجه، تلك الندبة، تلك الشيبة وتلك العيون الحالمة ولكنه هذه المرة بدا شخصا آخر شيء ما قد تغير في نظراته .
أحلام في استغراب مبتسمة ابتسامة ترحيب صغيرة وفي أدب :" جارنا ،واش جابك لهنا !!!؟؟؟؟"
وحيد في نبرة حنان لم تسمعها أحلام من قبل وفي كل جرأة :" جيت في جالك ،ما تستغربيش جيت في جالك.... "
تبتعد أحلام من تحت المظلة في ذهول وتنزل حقيبتها وهي تنظر اليه نظرة تحاول من خلالها أن تفهم شيئا ،لكنها صمتت وواصلت سيرها ببطء تحت المطر تاركة إياه وراءها ،ركض وحيد خلفها وحماها تحت المظلة ،" تتبلي تمرضي هاكي أديها على الاقل !... "
أحلام في ذهول ومشوشة من صوت الرعد والمطر لم تنطق بكلمة وقفت تحت سقفٍ مصنوع خصيصا امام المكتبة وهي تنظر اليه يحمل المظلة وينظر اليها مبتسما ،ثم أغلقها ووقف بجانبها وأخذا يراقبا معا منظر الطريق الذي ملأته المياه في بضع دقائق ، ومنظر المطر الذي هيج مشاعر وحيد ولم يعد يستطيع كتمها أكثر.
وحيد :" أحلام ....،علابالي استغربتي كي ڤتلك جيت في جالك ،جيت نعرف صح حاسة بيا كيما حاس بيك ولا لالا "
أحلام تسمع اسمها لاول مرة من فمه أحست أن كل الشارع قد خلى من الناس ولم يبقى فيه سواهما تنفست بصعوبة وقلبها خفق بشدة وكأنها لاول مرة تسمع اسمها ... بصوت متقطع :" أه ؟ أ ه؟ واش هذا الهدرة كون يشوفوك خاوتي يكتلوك أكيد ..... يا ربي ما شبعتش من مراد واقيلا ؟"
وحيد ينتفض ويمسكها من كتفيها محاولا تثبيت نظرها اليه :" أسمحيلي كي ڤبضتك بنت الناس ، شوفي ليا أنا خاوتك ڤلتهالهم ما غلطتش كي طلبتك فالحلال وهما اللي حبوني نوصل لهنا ، " صمت قليلا وهي تتفلت من يديه القويتين ولا تستطيع وتشير الى الناس في خجل ثم نظر اليها في اصرار :"أحلام أحبسي نڤولك حاجة ونروح.... أحلام ......أنا .........نحبك .....إيه نحبك ونموت عليك !!!!!"
أحلام تمسك كتفيها وقد أفلتها واستدار الى الطريق من خجله ، لقد استجمع قواه أخيرا وصارحها بمشاعره ، اعترف لها قبل لحظات بحبه ! هل هو حقيقة أم حلم؟ ،هل هو مجنون ؟ ،ولما أخواها لم يخبراها أنه طلب يدها للزواج كل هذه الاسئلة سألتها وهي تدخل الى المكتبة ووقفت في بابها في ذهول من وقع الكلمات التي لم تسمع مثلهم في حياتها فحتى أنها كانتا عذراوتين عن هذه الكلمات وقفت مدة حتى أخرجها من تفكيرها صوت طالب يستأذن الطريق للدخول ،هناك تذكرت أنها يجب أن تطبع الشهادة المدرسية .
خرجت بعد عشر دقائق ووجدته منتظرا عند باب المكتبة والأمطار قد خف هطولها وهبت رياح باردة بعدها لتجعل الجميع يتشبث بمعاطفهم الخفيفة ،مرت أمامه متجاهلة إياه وهي تمسك حقيبتها وكيس الاوراق على صدرها، فناداها وحيد :" أحلام ما سمعتش ردك هنيني وڤوليه ما نيش مراهق يجري وراك كل يوم ماهيش مليحة لا ليا ولا ليك ! "
أحلام تستدير جهته وتعود خطوات وتقف مواجهة له وترد بكل ثقة :" شوف جارنا ...نهنيك باه ما تعّبش روحك المرة الجاية وتجي ... واش ڤالولك خاوتي هذاك هو ما نخرجش على طوعهم ،وإذا حبيتني نروح نڤولهم راني موافقة وهما رافضينك هاذي نحيها من راسك ،راك كبير وتعرف ومتربي تربية بلْدية وفاهم ... "
وحيد في استغراب :" أنتي جامعية ؟ والأولى على الدفعة ؟ هه ما شكيتش ! أنت روبو خدموه خاوتك وحطوه يدير واش يڤولولو ..وعلاه رايك كإنسانة وين راه ؟ ما يشرفنيش تكتبي قصتي لانو الكاتب اللي يكتب قصتي لازم يكون رايو في راسو ،أنا مانيش نڤولك ديري ثورة على خاوتك ولا نحرش فيك ،وديري في راسك ...ما قريتش كيما قريتي بصح قراتني الدنيا وباين ما تعرفينيش مليح نعذرك ،خيبتي ضني فيك ! ...."
أحلام تقاطعه بنبرة غضب وتخرج أوراق مصطفى " شوف هاهي قصتك مزال ما سمحليش الوقت نقراها ، بصح إذا كان ما يشرفكش يمكن تديها معاك ونفضو الموضوع ،و قراري ما يخرجش على قرار خاوتي للاسف أنا روبو "
في نبرة غضب أكبر من نبرتها :" دبري راسك حبيتي تيبسي راسك خلاص... كلش بالمكتوب واللي شافها ربي هاذيك هي ،وأكتبي القصة عادي باه ما تڤوليش راجل رجع في كلمتو ،ونهار التخرج رايح نجي لأنها قصتي في النهاية ومن حقي نشوف كيفاه كتبتيها ..."
أحلام تشعر بغضب و تخفض نبرتها فجأة ..للحظات أحست أنها في حظرة أستاذ :" إيه كلش بالمكتوب هاذي كلمتي دايما نڤولها وربي اللي يكتب هذا لهذا ويڤد الطريڤ ونتا اي مرا تتمناك ،وأنا كيما ڤلت راني روبو معليهش الروبو رايح يريح تبقى على خير ،ونهار التخرج نبعثلك مع خويا السعيد ." .... توسع عيناها :" خوياااااا السسسسسعيد "
يعض على شفته السفلى في غضب وهو يعرف أنها تغيضه و تخفي شيئا ما ولم يستطع جعلها تتكلم رغم استفزازه لها بكل الوسائل ،لم يكرهها بل زاد تعلقه بها لم تكن كبقية الفتيات كانت تعرف أنها آلة جيدا لكنها كانت تبدو مطمئنة ورائعة انها كذلك فعلا أو هكذا كانت تُظهر للجميع، كانت مشاعرها مخبأة في بئر عميقة وموضوع عليها آلاف الأطنان من العادات والتقاليد لم يكن للدين دخل في كل هذا فالدين واضح لأن وحيد طلبها في الحلال ،ولم يمنعها دينها من الاعتراف بقدر ما منعها خوفها على اسم العائلة على وقفة أخويها وسط الناس على اسم والدها في القرية هذا ما كان يمنعها حقا ،وكابنة تربت على هذه العادات لم تعطي لنفسها الفرصة لكي تخرج هذه المشاعر للنور ،هل حقا هو كلش بالمكتوب أم أن الله جعل لنا خيارات في الحياة نمشي عليها ونحن من نضع حواجز لأنفسنا دون أن تكون لها علاقة بالدين ،نضع أنفسنا في بوتقة ونغلق عليها ونقول كلش بالمكتوب ،متى يصح لنا أن نقول هذه الكلمة عندما نستوفي كل الشروط من السعي وراء ما نصبو اليه وعندما نصل اليه ولا يبقى لنا سوى أن نفرح بفوزنا ثم عندما لا نطوله في النهاية لعائق ما هناك كلش بالمكتوب !!! و يجب علينا أن نرضى بالقدر ...
عادت أحلام الى الغرفة مبللة الثياب وغارقة في تفكير عميق ونسيت تماما صديقتها ونسيت التسجيلات ،حضرت فنجان قهوة والتحفت لحافا رقيقا فوق السرير وحملت الاوراق التي سلمها إياها زميلها وأخذت تقرأ في صوت خافت ودموع حبست في مقلتيها تطالب بالتحرر وهي رافضة تماما أن تطلق سراحها
( ولدت في قرية قريبة من هنا، بعد أن عان والديّ في الحصول عليّ، ولدت وأمي عمرها أربعين سنة ووالدي خمسين هههههه يمكنكم تخيل فرحة والدي عندما حملني وأذن في أذني وحنكني، قالت لي جدتي أنه لم يعرف أين يضع فرحته لدرجة انه ذبح عشرين خروفا ووزعه على كل الفقراء والمحتاجين كان والدي على قدر كبير من الغنى ويملك أراضي في كل مكان يرحل اليه بقطيعه الكبير بحثا عن الكلأ ،كبرت ودرست في مدرسة القرية التي ولدت فيها ثم رحلنا لأول مرة بعد ولادتي الى قرية كبيرة لكننا عشنا في بيت خارج القرية ليتمكن أبي من الاعتناء بقطيع الماشية الخاصة به ، كان يعهد الي صغار القطيع لأرعاهم خارجا في أوقات فراغي من الدراسة كنت سعيدا جدا بين مدرستي وحياتي البسيطة ،حتى جاء ذلك اليوم الذي مرض فيه والدي وأنا في سن الثامنة ،توقفت عن الذهاب للمدرسة أولا لأستطيع مساعدته وثانيا لأنني رأيت بعقلي الصغير أن المدرسة تعلم الكتابة والقراءة ولا تعلمنا كيف نفكر للاسف مثلما يفعل والدي ،كان أبي قدوتي ومدرستي ،كبرت ومع مرور السنوات اكتسبت خبرته ودهاءه حتى صار عمري ثمانية عشر سنة ،كنت أنا كل شيء في المزرعة والكل يعود الي في كل القرارات حتى أمي التي دائما كانت تناديني وحيدي لشدة حبها لي ،رأيت في رحلة حياتي أمهات تحب أولادها لكن أمي أستغفر الله كانت تعبدني إن لم تراني في اليوم خمس مرات وتتحدث الي لا تحس بالراحة ،ووالدي كذلك لكن أمي اكتشفت مؤخرا أنها كانت مريضة نفسيا ،ونحن لجهلنا اعتبرناه حبا قويا حتى قلب حياتي ،تطور حب أمي لي حتى لم يعد يشبه حب الامهات في شيء صار تملكا لشيء لها ،لم تكن تزعجني لأنها كانت مصدر الحنان الوحيد ،الى أن أتى ذلك اليوم الذي التقيت فيه بصفية في القرية تبتاع أشياء من محلات الخياطة ،وكان واحدا منها ملكا لصديقي عندما دخلت المحل ورأيتها كان قد رحل قلبي من صدري وصار عندها في ثواني ،لم أعرف ما هو هذا الشعور لكنني عرفت أنني أريد رؤيتها ثانيا وثالثا ورابعا وعاشرا وصرت أجلس عند صديقي كل يوم على أمل أن تأتي ،وفي أحد الايام جاءت لتشتري أدوات للخياطة وأنا هناك فبادرتها بالحديث والسؤال عن أحوالها ،فأجابتني بأدب كبير وحصل ما كنت أريده بعد عدة لقاءات وصارت تتحجج للقائي الى أن قررت أن أتقدم لها رسميا ،فأخبرت أمي وكانت الكارثة وكأنني ارتكبت جريمة ،لم توافق وقالت أنني مازلت صغيرا ولا يجب أن أتزوج ،وبعد محاولات من أبي والعائلة وافقت وهي في كامل حزنها .
أحضرت من احببتها بصدق الى البيت وصرت أحس أن الدنيا لا تسعني من السعادة عشت معها أروع أيام حياتي ولم أكن أعلم أن أمي تخطط من ورائي ،مرت ثلاث سنوات زواج وهي تعيرها فيها بكل ما أوتيت من قوة لأنها لم تنجب بعد وكأنها تعير نفسها في السابق وكأنها تنتقم لنفسها من خلال تعذيبها بكلمات تذبح القلب ،كانت صفية تخفي آلامها داخلها ولا تلقي بالا لوالدتي وتحتمل منها كل سوء ولا تتذمر إلا قليلا عندما تزود أمي الجرعة وفي يوم قررت أن تأخذها الى ..........)
دخلت إيناس وأغلقت الباب بشدة لدرجة أفزعتها وقطعت عنها القراءة ،ونظرت الى صديقتها المبللة وعرفت أن وابلا من الغضب سيهبط عليها وكانت إيناس ترمقها بنظرات حادة وهي متكورة في بطانية صغيرة وتحمل فنجال قهوة صغير ،فصبت عليها غضبها وأخذت ترجها وتعاتبها فأنفلت فنجال القهوة على ورقات القصة وتشوهت صفحاتها سارعت احلام لتنفض اثار القهوة وهي تتاسف على الذي جرى وأخبرها أنها قد نسيتها.
إيناس :" والله يا انتي كيفاه تنسايني بكل بساطة مهبولة !! واش صرالك ؟."
أحلام تنظر الى صديقتها وتتكلم وهي تخفي وجهها بالبطانية:" تلاڤيت ب وحيد وبسبتو نسيتك أسمحيلي والله ما درتها بالعاني !"
إيناس تصرخ وتضع يدها على فمها :" أه تلاڤيتي بيه ؟ ...أحكيلي ياله اعترفتيلو اعترفلك واش ڤالك ؟"
أحلام تنزع عن نفسها الغطاء وتضع الاوراق على ساقيها :" يحلم مسكين يحسب كي ڤالي نحبك رايحة نڤولو انا ثاني ونرتمي في أحضانو وتنتهي القصة السعيدة ههه "
إيناس في ذهول من موقف صديقتها لانها كانت تتوقع منها وهي بعيدة عن رقابة الجميع ستجد راحتها وتتحدث اليه مطولا ،تجلس بقربها وهي تنزع خمارها :" واش ڤولتيلو نتي الرحمة على والديك ؟،خلا بنو وڤطع هاذيك المسافة كامل باه يشوفك وخليتيه يروح هكذاك!!"
أحلام ترفع حاجبها وتتحدث في رفعة :" يروح على روحو ،ڤتلو غير شتا جا ليا ،ههه وزعما ينطڤ فيا ڤالي نتي كي شغل عبدة لخاوتك وعائلتك حتى في مشاعرك وروح زعفان ،ويزيد يزعف هايلة هاذي ههه"
تحمل إيناس قصة وحيد وتنظر اليها وتنظر الى صديقتها نظرة إشمئزاز وحيرة وتتحدث بجدية :" وهاذي واش راكي تديري بيها وتحت الزورة وحدك وخفتي عليها كي ساحت عليها القهوة ،ونسيتي صحبتك تحت المطر ونسيتي تسجيلاتك ! يعني حابة تفهميني انك بديت تخممي في المذكرة من ضرك ،ما تلعبيش عليا صحيبتي ،مهما لعبتي على ڤلبك رايحة نكون أنا صوت ضميرك ..."
تقاطعها أحلام وتنزع من يديها الاوراق وفي نبرة غضب كبيرة :" تحبي نڤطعهم باه نثبتلك ،وماكيش موكلة تحكي على ڤلبي ديتي مراد وحبيتيه مبروك عليك خليني ما تسالينيش آو.... "
لبست معطفها ووضعت خمارها على رأسها وخرجت مغلقة الباب بقوة افزعت بها صديقتها ، كانت تتمشى في الحي السكني وهي تستشيط غضبا ولم تعرف لما غضبها أمن صديقتها ؟ أم من نفسها ؟ أم من وحيد ؟ أم من إخوتها ؟،مشت حتى وصلت الى كرسي فوضعت الاوراق أمامها فوق الكرسي بعد ان نظفته من قطرات المطر وأخذت تنظر الى الطالبات وهن يدخلن الى الحي الجامعي وكأنهن نحل يعود الى خلاياه بعد يوم عمل شاق بين مبتلة تركض لغرفتها ،وبين صديقتين تتسامران في الطريق وضحكاتهما تتعالا ،ندمت بعدها لأنها صرخت في وجه صديقتها وتمنت لو أنها بمثل شجاعة ايناس وخلصت من كل شيء ،لكنها عادت وتذكرت أخويها فتأكدت أن ما فعلته هو الصواب وحملت الورقات وأكملت القراءة دون شعور وفي فضول قاتل ......
." أخذتها والدتي الى مشعوذ قريب كانت تضن أنه هو من شفيت على يديه وأنجبتني لم تعلم أن الله قال كن فيكون ،وهنا أقول بكل تأكيد أن كل شيء بمكتوب الله ،لانها لم تحمل بعدها ،مرت الايام وأمي تحاول أن تجد كل خطأ لتلصقه بها ،حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت فيه في المزرعة أعتني بالمال والحلال وأبي ينام في غرفة الضيوف وهو ينازع الموت ،وأمي زارها شيطان في رأسها فأرسلت صفية الى خم دجاج لتجمع البيض كانت قد صنعته هي لكي تبيض فيه الدجاجات ووضعت فيه الكثير من التبن ويجب على الداخل اليه أن يأخذ معه مصباحا يشتعل بالبنزين لانه مضلم ،ذهبت صفية واخذت المصباح معها ولكن امي لحقت بها وأشعلت النار و راءها في بوابة الخم لتقتلها اختناقا من غيرتها منها وعندما رأت امي أن النيران بدأت تلتهم كل الخم ودجاجاتها ركضت الى البيت تصرخ صراخا سمعه ابي وفهم ان شيئا خطيرا قد حصل لصفية ،ركضت وأنا أعرف ان كل شيء من عمل أمي وعندما وصلت كانت النيران قد وصلت ألسنتها الى السماء وصفية تصرخ وتبكي داخل الخم ،ففاض الدم في رأسي وقررت ان أدخل لانقاذها سكبت على نفسي برميل ماء وهممت بالدخول واذا بأمي تمسك رجلي وتوقفني وتقول لي أتركها تموت هي ولا يموت إبني ،فزدت يقينا أنها هي صاحبة الفكرة فاليسامحني الله أبعدت أمي بكل قوة وقلت لها إن ماتت صفية فأفضل أن أموت الى جانبها ودخلت والنيران تلفح وجهي والدجاجات زادت الوضع سوءا بطيرانها في كل جهة دخلت وأنا أنادي حبيبتي وأبحث في كل مكان وفجأة رأيت سقف الخم وأعمدته تنهار فرميت نفسي على صفيه بعد أن حددت مكانها وحميتها ورطمت رأسي في حجر وهذا هو سبب ندبتي الجميلة التي تزين جبهتي هههه ،ثم ركض الجيران وأخمدوا النيران وأخرجونا من تحت سقف الخم وأخذونا الى المستشفى وقد تأثرنا بحروق طفيفة ولله الحمد ،ثم بعد ساعة سمعت من جارنا خبرا مفجعا عن والدي وأن أمي قد وجدته ميتا وحيدا من ارتفاع الضغط ،فقدت أمي وأبي في ليلة واحدة وتمنيت لو أنني مت أنا وصفية ذاك اليوم أبي كان يمسك أمي قليلا على صفية وهي تهابه كثيرا ،أما الآن فقد فقدنا السند وبقينا تحت رحمتها ،فلا استطعت هجرانها وأنا وحيدها والله أوصانا بالوالدين ،ولا وجدت حلا لغيرتها القاتلة ،لملمت الامر بأن زوجتي أسقطت المصباح الزيتي وعزيت نفسي وزوجتي في أبي لأن أمي كانت قد نست والدي بسرعة وأكملت ما بدأته ، مرت الأيام ومرت السنين وزوجتي تهرب أحيانا الى أهلها وتجلس عندهم مطولا وأمي عندها تشعر بالتحسن ،وفي يوم من الايام ذهبت زوجتي كعادتها الى بيت أهلها واستغلت والدتي الله يسامحها الموقف وذهبت عند المدعو جلمود ووضع لها عقاقير لتبعدها عني ولأطلقها وفي نفس السنة كنت قد ذهبت أنا وصفية إلى طبيب معروف في ولاية أخرى وتمكن من معرفة أن علتي وراثية وأنني ببعض الأدوية وممارسة الرياضة يمكنني الانجاب، أمسكت في حبل الله وهذا الطبيب وشربت الادوية كاملة وعندما عادت من بيت أهلها ذلك اليوم عادت الي بأروع خبر في حياتي وأخبرتنا أنها حامل ،ازداد حقد أمي اتقادا وقررت ان تطعمها العقاقير مع وصفة جيدة للحامل قد زعمتها ،وعملت العقاقير فعلها في جسم صفية وصارت طوال الوقت مريضة ولا تنهض من الفراش وأصبح حملها بصابر كابوس كبيرا وبدأت تنحل وتنهار شيئا فشيئا وأمي لا ترحمها بالكلام الجارح ، لم يكن جلمود سوى قاتل سفاح مع سبق الاصرار والترصد ،حتى جاء موعد الولادة وأحست حبيبتي أنها راحلة عنا فكانت طوال الوقت توصيني بصابر ،وأنا ابكي خفية عنها حتى رحلت في غفلة مني ،ولما رحلت وتركتني انا وابني وحيدين أحسست اني دفنت قلبي معها في القبر ،ظللت عاما لا أحدث الناس ثم قررت ان أرحل عن تلك القرية التي دفنت بها أعز مخلوق على قلبي وأكثر شخص فهمني دون ان أتكلم ،فكان سي العمري هو عم زوجتي لذلك طلبت منه كراء مزرعته والاستقرار بها مؤقتا وها أنا اليوم اعيش نفس الضروف ونفس الاحاسيس وكأنني أعيد كل لحظة مع والدتي ،أهو اختبار ؟ لست ادري ؟ الحمد لله على كل حال ،كلما أحببت شخصا جاءت الضروف وحالت بيني وبينه ،ولكنني لن أستسلم سأحاول الى آخر رمق ،..)
ثم قرأت ملاحظة من مصطفى أسفل الورقة " يبدو أن وحيد يمر بحالة حب جديدة على حسب كلماته لكنه لم يرد الإفصاح ولقد قال لي أن أقول لكي أنه يطلب منك تكملة القصة وهو راض بنهايتها على يديك ،وعلى حسب فهمي أنه يمكنك التصرف في القصة كما تريدين ...."
ولكن أحلام قد فهمت ما كان يقصده وحيد ،كان يقصد أن تكمل حكايته منذ أن التقيا أول مرة في الباص ثم في البستان وإنقاذه اياها من الوقوع في البئر ووو .. كانت تعرف جيدا ما يريده هذا الرجل أن ينتهي بين ذراعيها أو ينتهي وحيدا مع ولده ،نظرت حولها وهي ترى أن الشمس مالت الى المغيب نهضت عائدة الى غرفتها وهي لا تعرف ما الذي ستفعله .
تدخل الغرفة وتسلم على إيناس :" إيناس أسمحيلي ما عرفتش كيفاه عييطت عليك ،راني في دوامة ربي وحدو يعلم بيها ،وزيد جاني وحيد اليوم وتبدل خلاص تڤول موت مُو خلاه انسان ثاني كان يبان عاقل وهادي ..."
تقاطعها إيناس وهي تقوم بكي ملامبسها المبللة :" معليهش علابالي بيك ونعرف ڤلبك بيض وتحبيه وراكي تعسفي على ڤلبك أكيد يتغير ميمتو مسكينة كانت مالية عليه حياتو وڤعد وحدو ڤعديتلو غير نتي ووليدو هاو يدور بيكم "
أحلام تبتسم نصف ابتسامة في استهزاء :" لالا أنا قريت القصة وعلابالي لاه تبدل ،مُو مريضة نفسيا وتحبو حب مرضي ،وهي اللي قتلت صفية مرتو بطريقة غير مباشرة عن طريق الشعوذة والمشوعذين والعياذ بالله وراني شكيت أنو خويا السعيد رفض وحيد كشما سمع والله اعلم "
إيناس في ذهول واستغراب :" خطبك ورفضوه لااااه ؟ مسكين واش خصو وانا ڤلت جا ليك يجرب يستعطفك برك وزيد ما سقساوكش على رايك على الاقل وين عايشين حنا في عصر الجاهلية واقيلا ،إن شاء الله شرحتيلو الامر وڤلتيلوا ما كانش علابالك برك ! "
أحلام تتلعثم وهي تبدل ثيابها :" ڤتلو أنا واش ڤالو خاوتي معاهم واذا حاسبني رايحة نوڤف في وجه خاوتي راه غالط هههه عايرني ڤالي روبو بتاع خاوتك ههه "
إيناس :" علامن تكذبي يا بنتي ؟ تحبيه وكون تصيبي تتزوجي معاه اليوم قبل غدوا وعلاه تكابري؟ على جال السعيد اللي تزوج بجميلة بعد قصة حب مع أنها من العايلة وكان يبعثلها المراسيل صح ولا نكذب ،ومراد اللي خطب اللي حبها من صغرو وكان طوال الوقت ڤلتيلي يڤولك ڤوليلها تقبل صح ولا لالا ،وخواتاتك كل واحدة تزوجت عن قناعة وراحت متهنية ،وانت وعلاه تكابري وواش من عادات وتقاليد تحكي عنها ،احكيلي على الدين تحبسيني ، بصح الراجل جا من الباب ما جاش من الطاڤة والله عيب عليك تحرڤيلو ڤلبو وتحرڤي ڤلبك على والو ،وحتى تتزوجي مع مصطفى رايحة تعيشي معاه السعادة اللي متخيلتها؟ ،ما شكيتش...."
أحلام تدخل في صمت طويل وفي تفكير عميق ،فلم تعد تعرف أ هي حقا مكلفة أن تحمي كلمة أخويها أمام من تحب ،هل تدافع على حبها بكل ما أوتيت من قوة ؟
مرت الليلة والصديقتان لم تتحدثان مع بعضهما مطولا ونامتا متعبتين من يوم شاق ،وفي الصباح التالي رنّ هاتف أحلام ليوقضهما معا ،كانت جميلة
أحلام في صوت خافت :" ألو.... جميلة لاباس ؟"
جميلة تتحدث في صوت نشيط يدل على انها نهضت باكرا :" أحلام ما تڤوليليش راڤدة ،أسمحيلي عيطتلك نڤولك ،جاوك خطابة لبارح فالليل خوك السعيد مدك وخلاص مبروك عليك ...خلاص رايحة نصكر وكي تفطني عاوديلي نفهمك يخي ؟ "
تغلق جميلة الهاتف وتبقى أحلام تتمحمح في فراشها ،عند ها سألتها إيناس :" واش ڤاتلك جميلة لا عيطت بكري ؟"
أحلام بلا تفكير تعيد كلام جميلة وكأنها سمعته وهي نائمة :" ڤاتلي لبارح فالليل جاوني خطابة والسعيد قبل وخلاص.... خليني نرڤد "
وبعد أن أكملت آخر كلمة صرخت مع صديقتها وجلستا بعد ان كانتا نائمتين
إيناس :" أه ؟ مصطفى دارها يا بنت الفحلة... الشّه ڤتلك صارحي وحيد ونتي وصلتي روحك ... "
أحلام ترتجف وتغلبها دموعها :" وعلاه يقبلو ولا يرفضو بلا ما يڤولولي لاه ،أنا روبو كيما ڤالي وحيد ،آه ياربي لازم نروح ضرك ضرك للدار !"
تنهض على عجل وتلبس حجابها وتسلم أوراقها الى إيناس وتقول لها وهي خارجة " لا اله الا الله محمد رسول الله "
ما الذي سيحصل في النهاية يا ترى ؟
غدا بإذن الله سنعرف ؟
☆ كلش بالمكتوب ☆
إعذروني إخوتي أخواتي على التأخير في الحلقات لأسباب قاهرة جدا
أرأيتى أن أقسم الحلقة الاخيرة الى قسمين لاجتناب طولها .....
نزلت الامطار خريفية هذا المساء وبللت كل الأحياء والهدوء خيم عليها ،ولم يعد يُسمع سوى صراخ الاطفال وهم يلعبون في برك الماء وتحت زخات الامطار يركضون مستقبلين سنة دراسية بتفاؤل مع هذا الخير الذي استبشر به الجميع .
كان وحيد يقف في باب البيت يراقب ابنه الذي راح يركض تحت المطر ويلعب بالطين ،وأخذه تفكيره الى الامس القريب ،بالامس كانت هنا كانت تملأ حياته بهجة رغم ما حملته من حقد كانت نصفه الثاني الى حد قريب وكان يعيش من أجلها ومن أجل إبنه.... علمته منذ ولد وطوال حياته أنه قد خلق من أجلها لم يكن ذنبها فقد كان ذنب المجتمع ففي مجتمعنا عندما لا تنجب المرأة أولادا يسمونها عاقرا وحقيرة وبعدها تحس أنها لا شيء للاسف! ،تركته وحيدا وسط عالم لا يرحم وابنه الذي بقي مثله ،كان يفكر في كل هذا وهو يراقب آخر معزٍ يغادر البيت وسحب سيڤارة من جيبه كانت السيڤارة الوحيدة التي يملك لم يدخن في حياته لكنه أحس أنه بحاجتها في لحظة ما فطلب من صديقه الذي غادر قبل قليل واحدة ....سحبها وأشعلها وسحب منها نفسا كانت هذه أول مرة يدخن فيها في حياته وأخذ يسعل ويسحب دون توقف وكأنه ينتقم من كل الحياة في سيڤارة صغيرة .
لقد كان عزاءا مضاعفا لوحيد في أمه وفي وحدته التي رآها الجميع من خلال ضيافتهم البسيطة من طرفه حتى الاقارب أتو لمساء واحد وغادرو ،كانت عائلة سي الصالح من وقفت الى جانبه وأحضرو له كل مستلزمات العزاء برفقة الجيران الاخرين ،كانت قرية صغيرة لكن ككل القرى الجزائرية تجدهم يدا واحدة عند الفرح والقرح كانت روح الجماعة في كل بيت منها، توفيت الحاجة فاطمة وقد قاربت الثمانين عاما ،توفيت بين ذراعي ابنها في الخامس من سبتمبر بعد أن كانت آخر كلماتها "وحيد نحبك عوينتي..." ،توفيت وبكى وحيد على سنين العمر التي ضاعت وبكى على وحدته التي شعر بها أول ليلة بات فيها وحده في البيت دون أمه بعد أن غادر الجميع ....
السعيد يتصل بأخته :" الو.... أحلام خلصتي التسجيلات ؟ "
أحلام :" أنا خلصت مزالت إيناس ما جات بكري راك عارفها رڤادة ههه ومزالي النقل والمطعم وأنا نستناو فالاعلانات نتاع الاقسام والحجرات .."
السعيد :" والإقامة كيفاه درتي؟ تروْحي اليوم ولا تباتي ثم اليوم ؟"
أحلام :" لالا ما نروحش نبات اليوم لهنا ما نضالش نروح ونجي غدوة عندي التسجيلات نتاع المطعم والنقل نهار طويل لازم نكون هنا ...."
السعيد :" كشما تحتاجي عيطيلي واتلاي في روحك ...ايا تبقاي على خير "
يقفل الهاتف ويضعه على الطاولة ويدخل الى المطبخ حيث جميلة واقفة على عتبة باب المطبخ الشرقي المؤدي الى خارج البيت وهي تنظر الى الامطار كيف غسلت عناقيد العنب التي بدأت في النضوج و اختلط لونها بين الاسود الغامق والاحمر والابيض والأخضر ،وأوراق أشجار المشمش المصفرة وقد أخذتها الرياح لتلقي بها في كل مكان كانت دجاجات الحاجة نعيمة تختبيء من المطر تحت شجرة الكُرُم وقد خبأت كل واحدة منهن صيصانها تحت جناحيها ،وضع يده على كتفها وهو يبتسم .
جميلة تتنهد وتواصل التأمل :" إيييييه يا السعيد ڤعدنا وحدنا... أه.... ضاڤت روحي مع أنو ولادي معايا بصح أحلام عندها حس خاص ،المزية السنة آخر عام راحت اليوم الصباح حسيتها راحت عندها سمانة "
السعيد يقترب أكثر ويقف بجانبها على عتبة باب المطبخ ويتأمل معها منظر المطر :" إيه والله الصيفة هاذي عڤبت ميش كي عوايدها حسيتها فاتت بعام من كثرة الشلاوش ( الاحداث) ، ونتي والفتي أحلام ماهيش رايحة تتزوج وتبعد ؟"
جميلة تنظر إلى السعيد وكأنها غفلت عن هذه الحقيقة المرة :" لاه تفكر فيا ... معليهش غير يجي المكتوب ومن بعد رانا نوالفو ههه"
توقف المطر وخرجت شمس الاصيل في خجل خلف السحب الرمادية مكونة ذلك الذي يعشقه كل من يراه بألوانه الزاهية ،قوس قزح ،كان وحيد ينظر اليه ويشير اليه بإصبعه لإبنه وهو يحمله لكي يراه وفجأة تراءت أمامه صورة أحلام وسط كل الألوان ودغدغ شعوره ذلك الثغر المبتسم وسط اللون الاحمر منه ،...نعم لقد رفض عرض السعيد بتزويجه من جارة أخته رفضه متحججا بوالدته المريضة في ذلك الوقت وفي الواقع هو لم يفقد الامل في ارتباطه بأحلام رغم الظروف ،لم يكن ذلك النوع من الرجال الذي يتزوج بامرأة والسلام لأن زواجه الاول كان بعد قصة حب كبيرة وعقبه مأساة كبيرة ،لذلك أحلام أيقضت فيه تلك المشاعر النائمة بداخله ،وقرر في لحظة جنون أن يجرب حظه عله يأخذه الى أحضان تلك الفتاة الهادئة التي ما إن تكون في مكان حتى تملؤه بهجة وحنانا . قرر بعد وفاة أمه أن يحارب ليحصل عليها على الاقل لن يؤنبه ضميره لانه لم يحاول ....
وكان الغد وكأي يوم خريفي تتقلب فيه الطبيعة بين برد ودفء وحرارة قاتلة وسحب تعبر.. تمطر ثم تعود الشمس الى الظهور خلفها في خجل ،كانت أحلام تجلس في المكتبة مع إيناس بعد موعد مسبق مع زميلهما مصطفى لكي يسلمها كل ما كتبه عن وحيد وقد حضره بصورة جيدة في أوراق مطبوعة بعد أن كتبها على تطبيق الوورد، فقد سمع كل القصة باهتمام في ذلك اليوم وباح له بكل أسراره وكأنه يبوح لأحلام وليس له، كان وحيد يحكي بكل شجاعة ولم يكن خائفا أن يعرف كل العالم قصته طالما أن حبيبته تقرأها وتبدي رأيها فيها ومهتمة لها ،كان كل ما يهمه في الأمر.
أحلام تتمحمح:" أحم أحم ،ما بوركتش لإيناس مصطفى هههه؟"
مصطفى :" خير انشالله على واه ؟ "
أحلام تنظر الى إيناس التي احمر وجهها خجلا :" خطبناها لمراد ووافقت ،يسما هدرة برك مزال ما درنا والو بعد التخرج نشالله نديرو فيها عرس هههه حشمت صحوبتي يا ربي على وجه الحشمة ههههه"
مصطفى يوجه كلامه الى إيناس :" مبروك عليك إيناس فرحتلك من ڤلبي وما تنساينيش فالحلاوة ...! "
ثم ينظر الى أحلام في استعطاف :" وانتي ما ڤريبش تحني على هذا المسكين اللي ڤدامك وتحدديلي نهار وتولي الفرحة فرحتين؟ "
أحلام في امتعاض تنهض من الكرسي :" هههه يخي علابالك مصطفى في رأيي فيك ،و زيد يخي كلش بالمكتوب ...كلش بالمكتوب ..هيا إيناس ضرك راهم حلّو التسجيلات نروح نطبع الشهادة المدرسية ومن بعد نولي هاذاك هو تشيديلي الدالة ما نضيعوش الوقت ،........أسمحلي مصطفى بزاف راك عارف ،ويعطيك الصحة على القصة واسمحلي تعبتك معايا بصح المرة الجاية نشالله نديرلك انواع نتاوع ڤاطو اللي تحبهم ونجيبهملك ميش رشوة لا سمح الله بصح امتنان بلا بيك ما كنتش رايحة نجيب القصة .... آه لو كان ما جيتش كاين؟ هههههه " ، أرضته بضحكاتها التي لا يراها إلا قليلا وأنسته في كلمة "كلش بالمكتوب" التي ما إن يسمعها منها حتى يزداد تأكده أنها لا تحبه ،لكن يغطي ذلك الشك ضحكاتها الهائمة وهي تنظر في عينيه كطفلة شقية ارتكبت حماقة وراحت تغطيها بضحكة لتستعطف الجميع.
ذهبت إيناس الى مكان التسجيلات فوجدت طابورا كأن لا نهاية له ،وقررت أن تنتظر في نهايته... أو قد كانت نهاية الطابور ففي لحظات أصبحت وسط زحمة خانقة ولم تعرف أين ينتهي ذلك الصف الطويل ،بقيت هناك تجذب أطراف الحديث مع البنات وضحكاتها تسمع من نهاية الطابور وقد تلبدت السماء في دقائق ليصبح لونها رمادي وبدأ صوت الرعود في الاقتراب شيئا فشيئا احتم الطلاب تحت الاشجار ومنهم من كان له الحظ في الدخول الى حيث مكاتب التسجيل ومنهم من لم يكن له الحظ لا في شجرة ولا في شيء آخر مثل إيناس ....
في هذه الاثناء خرجت أحلام لتطبع شهادتها وكانت المكاتب محيطة بالجامعة من كل جهة وكأنه نمل يحيط بحبة حلوى ،لم تته كثيرا فهي متعودة على المكان ومتعودة أن تطبع عند مكتبة بعينها ،بدأت قطرات المطر تتساقط وصوت الرعد يصحبها بقوة وكأن رساما في أوج غضبه رسم تلك الطبيعة الغاضبة ،ركضت أحلام لتعبر الطريق وهي تضع حقيبتها على رأسها لتحميها من قطرات المطر وقد بدأت شدتها في الازدياد شيئا فشيئا ، وما إن وضعت رجليها على الرصيف المقابل حتى وجدت نفسها تحت مظلة فتحركت وهي تنظر الى الارض وحقيبتها على رأسها ضانة منها أنها أخطأت الطريق لانها لم تنظر أمامها ،ولتترك الطريق لصاحب أو صاحبة المظلة لكنها ما إن سارت في عجل حتى وجدت تلك المظلة تتبعها مع إيقاع خطواتها عندئذ توقفت وهي شبه متأكدة أنها من أعمال زميلها مصطفى الذي دائما ما تبعها في كل مكان ، استدارت لتجد ذلك الوجه، تلك الندبة، تلك الشيبة وتلك العيون الحالمة ولكنه هذه المرة بدا شخصا آخر شيء ما قد تغير في نظراته .
أحلام في استغراب مبتسمة ابتسامة ترحيب صغيرة وفي أدب :" جارنا ،واش جابك لهنا !!!؟؟؟؟"
وحيد في نبرة حنان لم تسمعها أحلام من قبل وفي كل جرأة :" جيت في جالك ،ما تستغربيش جيت في جالك.... "
تبتعد أحلام من تحت المظلة في ذهول وتنزل حقيبتها وهي تنظر اليه نظرة تحاول من خلالها أن تفهم شيئا ،لكنها صمتت وواصلت سيرها ببطء تحت المطر تاركة إياه وراءها ،ركض وحيد خلفها وحماها تحت المظلة ،" تتبلي تمرضي هاكي أديها على الاقل !... "
أحلام في ذهول ومشوشة من صوت الرعد والمطر لم تنطق بكلمة وقفت تحت سقفٍ مصنوع خصيصا امام المكتبة وهي تنظر اليه يحمل المظلة وينظر اليها مبتسما ،ثم أغلقها ووقف بجانبها وأخذا يراقبا معا منظر الطريق الذي ملأته المياه في بضع دقائق ، ومنظر المطر الذي هيج مشاعر وحيد ولم يعد يستطيع كتمها أكثر.
وحيد :" أحلام ....،علابالي استغربتي كي ڤتلك جيت في جالك ،جيت نعرف صح حاسة بيا كيما حاس بيك ولا لالا "
أحلام تسمع اسمها لاول مرة من فمه أحست أن كل الشارع قد خلى من الناس ولم يبقى فيه سواهما تنفست بصعوبة وقلبها خفق بشدة وكأنها لاول مرة تسمع اسمها ... بصوت متقطع :" أه ؟ أ ه؟ واش هذا الهدرة كون يشوفوك خاوتي يكتلوك أكيد ..... يا ربي ما شبعتش من مراد واقيلا ؟"
وحيد ينتفض ويمسكها من كتفيها محاولا تثبيت نظرها اليه :" أسمحيلي كي ڤبضتك بنت الناس ، شوفي ليا أنا خاوتك ڤلتهالهم ما غلطتش كي طلبتك فالحلال وهما اللي حبوني نوصل لهنا ، " صمت قليلا وهي تتفلت من يديه القويتين ولا تستطيع وتشير الى الناس في خجل ثم نظر اليها في اصرار :"أحلام أحبسي نڤولك حاجة ونروح.... أحلام ......أنا .........نحبك .....إيه نحبك ونموت عليك !!!!!"
أحلام تمسك كتفيها وقد أفلتها واستدار الى الطريق من خجله ، لقد استجمع قواه أخيرا وصارحها بمشاعره ، اعترف لها قبل لحظات بحبه ! هل هو حقيقة أم حلم؟ ،هل هو مجنون ؟ ،ولما أخواها لم يخبراها أنه طلب يدها للزواج كل هذه الاسئلة سألتها وهي تدخل الى المكتبة ووقفت في بابها في ذهول من وقع الكلمات التي لم تسمع مثلهم في حياتها فحتى أنها كانتا عذراوتين عن هذه الكلمات وقفت مدة حتى أخرجها من تفكيرها صوت طالب يستأذن الطريق للدخول ،هناك تذكرت أنها يجب أن تطبع الشهادة المدرسية .
خرجت بعد عشر دقائق ووجدته منتظرا عند باب المكتبة والأمطار قد خف هطولها وهبت رياح باردة بعدها لتجعل الجميع يتشبث بمعاطفهم الخفيفة ،مرت أمامه متجاهلة إياه وهي تمسك حقيبتها وكيس الاوراق على صدرها، فناداها وحيد :" أحلام ما سمعتش ردك هنيني وڤوليه ما نيش مراهق يجري وراك كل يوم ماهيش مليحة لا ليا ولا ليك ! "
أحلام تستدير جهته وتعود خطوات وتقف مواجهة له وترد بكل ثقة :" شوف جارنا ...نهنيك باه ما تعّبش روحك المرة الجاية وتجي ... واش ڤالولك خاوتي هذاك هو ما نخرجش على طوعهم ،وإذا حبيتني نروح نڤولهم راني موافقة وهما رافضينك هاذي نحيها من راسك ،راك كبير وتعرف ومتربي تربية بلْدية وفاهم ... "
وحيد في استغراب :" أنتي جامعية ؟ والأولى على الدفعة ؟ هه ما شكيتش ! أنت روبو خدموه خاوتك وحطوه يدير واش يڤولولو ..وعلاه رايك كإنسانة وين راه ؟ ما يشرفنيش تكتبي قصتي لانو الكاتب اللي يكتب قصتي لازم يكون رايو في راسو ،أنا مانيش نڤولك ديري ثورة على خاوتك ولا نحرش فيك ،وديري في راسك ...ما قريتش كيما قريتي بصح قراتني الدنيا وباين ما تعرفينيش مليح نعذرك ،خيبتي ضني فيك ! ...."
أحلام تقاطعه بنبرة غضب وتخرج أوراق مصطفى " شوف هاهي قصتك مزال ما سمحليش الوقت نقراها ، بصح إذا كان ما يشرفكش يمكن تديها معاك ونفضو الموضوع ،و قراري ما يخرجش على قرار خاوتي للاسف أنا روبو "
في نبرة غضب أكبر من نبرتها :" دبري راسك حبيتي تيبسي راسك خلاص... كلش بالمكتوب واللي شافها ربي هاذيك هي ،وأكتبي القصة عادي باه ما تڤوليش راجل رجع في كلمتو ،ونهار التخرج رايح نجي لأنها قصتي في النهاية ومن حقي نشوف كيفاه كتبتيها ..."
أحلام تشعر بغضب و تخفض نبرتها فجأة ..للحظات أحست أنها في حظرة أستاذ :" إيه كلش بالمكتوب هاذي كلمتي دايما نڤولها وربي اللي يكتب هذا لهذا ويڤد الطريڤ ونتا اي مرا تتمناك ،وأنا كيما ڤلت راني روبو معليهش الروبو رايح يريح تبقى على خير ،ونهار التخرج نبعثلك مع خويا السعيد ." .... توسع عيناها :" خوياااااا السسسسسعيد "
يعض على شفته السفلى في غضب وهو يعرف أنها تغيضه و تخفي شيئا ما ولم يستطع جعلها تتكلم رغم استفزازه لها بكل الوسائل ،لم يكرهها بل زاد تعلقه بها لم تكن كبقية الفتيات كانت تعرف أنها آلة جيدا لكنها كانت تبدو مطمئنة ورائعة انها كذلك فعلا أو هكذا كانت تُظهر للجميع، كانت مشاعرها مخبأة في بئر عميقة وموضوع عليها آلاف الأطنان من العادات والتقاليد لم يكن للدين دخل في كل هذا فالدين واضح لأن وحيد طلبها في الحلال ،ولم يمنعها دينها من الاعتراف بقدر ما منعها خوفها على اسم العائلة على وقفة أخويها وسط الناس على اسم والدها في القرية هذا ما كان يمنعها حقا ،وكابنة تربت على هذه العادات لم تعطي لنفسها الفرصة لكي تخرج هذه المشاعر للنور ،هل حقا هو كلش بالمكتوب أم أن الله جعل لنا خيارات في الحياة نمشي عليها ونحن من نضع حواجز لأنفسنا دون أن تكون لها علاقة بالدين ،نضع أنفسنا في بوتقة ونغلق عليها ونقول كلش بالمكتوب ،متى يصح لنا أن نقول هذه الكلمة عندما نستوفي كل الشروط من السعي وراء ما نصبو اليه وعندما نصل اليه ولا يبقى لنا سوى أن نفرح بفوزنا ثم عندما لا نطوله في النهاية لعائق ما هناك كلش بالمكتوب !!! و يجب علينا أن نرضى بالقدر ...
عادت أحلام الى الغرفة مبللة الثياب وغارقة في تفكير عميق ونسيت تماما صديقتها ونسيت التسجيلات ،حضرت فنجان قهوة والتحفت لحافا رقيقا فوق السرير وحملت الاوراق التي سلمها إياها زميلها وأخذت تقرأ في صوت خافت ودموع حبست في مقلتيها تطالب بالتحرر وهي رافضة تماما أن تطلق سراحها
( ولدت في قرية قريبة من هنا، بعد أن عان والديّ في الحصول عليّ، ولدت وأمي عمرها أربعين سنة ووالدي خمسين هههههه يمكنكم تخيل فرحة والدي عندما حملني وأذن في أذني وحنكني، قالت لي جدتي أنه لم يعرف أين يضع فرحته لدرجة انه ذبح عشرين خروفا ووزعه على كل الفقراء والمحتاجين كان والدي على قدر كبير من الغنى ويملك أراضي في كل مكان يرحل اليه بقطيعه الكبير بحثا عن الكلأ ،كبرت ودرست في مدرسة القرية التي ولدت فيها ثم رحلنا لأول مرة بعد ولادتي الى قرية كبيرة لكننا عشنا في بيت خارج القرية ليتمكن أبي من الاعتناء بقطيع الماشية الخاصة به ، كان يعهد الي صغار القطيع لأرعاهم خارجا في أوقات فراغي من الدراسة كنت سعيدا جدا بين مدرستي وحياتي البسيطة ،حتى جاء ذلك اليوم الذي مرض فيه والدي وأنا في سن الثامنة ،توقفت عن الذهاب للمدرسة أولا لأستطيع مساعدته وثانيا لأنني رأيت بعقلي الصغير أن المدرسة تعلم الكتابة والقراءة ولا تعلمنا كيف نفكر للاسف مثلما يفعل والدي ،كان أبي قدوتي ومدرستي ،كبرت ومع مرور السنوات اكتسبت خبرته ودهاءه حتى صار عمري ثمانية عشر سنة ،كنت أنا كل شيء في المزرعة والكل يعود الي في كل القرارات حتى أمي التي دائما كانت تناديني وحيدي لشدة حبها لي ،رأيت في رحلة حياتي أمهات تحب أولادها لكن أمي أستغفر الله كانت تعبدني إن لم تراني في اليوم خمس مرات وتتحدث الي لا تحس بالراحة ،ووالدي كذلك لكن أمي اكتشفت مؤخرا أنها كانت مريضة نفسيا ،ونحن لجهلنا اعتبرناه حبا قويا حتى قلب حياتي ،تطور حب أمي لي حتى لم يعد يشبه حب الامهات في شيء صار تملكا لشيء لها ،لم تكن تزعجني لأنها كانت مصدر الحنان الوحيد ،الى أن أتى ذلك اليوم الذي التقيت فيه بصفية في القرية تبتاع أشياء من محلات الخياطة ،وكان واحدا منها ملكا لصديقي عندما دخلت المحل ورأيتها كان قد رحل قلبي من صدري وصار عندها في ثواني ،لم أعرف ما هو هذا الشعور لكنني عرفت أنني أريد رؤيتها ثانيا وثالثا ورابعا وعاشرا وصرت أجلس عند صديقي كل يوم على أمل أن تأتي ،وفي أحد الايام جاءت لتشتري أدوات للخياطة وأنا هناك فبادرتها بالحديث والسؤال عن أحوالها ،فأجابتني بأدب كبير وحصل ما كنت أريده بعد عدة لقاءات وصارت تتحجج للقائي الى أن قررت أن أتقدم لها رسميا ،فأخبرت أمي وكانت الكارثة وكأنني ارتكبت جريمة ،لم توافق وقالت أنني مازلت صغيرا ولا يجب أن أتزوج ،وبعد محاولات من أبي والعائلة وافقت وهي في كامل حزنها .
أحضرت من احببتها بصدق الى البيت وصرت أحس أن الدنيا لا تسعني من السعادة عشت معها أروع أيام حياتي ولم أكن أعلم أن أمي تخطط من ورائي ،مرت ثلاث سنوات زواج وهي تعيرها فيها بكل ما أوتيت من قوة لأنها لم تنجب بعد وكأنها تعير نفسها في السابق وكأنها تنتقم لنفسها من خلال تعذيبها بكلمات تذبح القلب ،كانت صفية تخفي آلامها داخلها ولا تلقي بالا لوالدتي وتحتمل منها كل سوء ولا تتذمر إلا قليلا عندما تزود أمي الجرعة وفي يوم قررت أن تأخذها الى ..........)
دخلت إيناس وأغلقت الباب بشدة لدرجة أفزعتها وقطعت عنها القراءة ،ونظرت الى صديقتها المبللة وعرفت أن وابلا من الغضب سيهبط عليها وكانت إيناس ترمقها بنظرات حادة وهي متكورة في بطانية صغيرة وتحمل فنجال قهوة صغير ،فصبت عليها غضبها وأخذت ترجها وتعاتبها فأنفلت فنجال القهوة على ورقات القصة وتشوهت صفحاتها سارعت احلام لتنفض اثار القهوة وهي تتاسف على الذي جرى وأخبرها أنها قد نسيتها.
إيناس :" والله يا انتي كيفاه تنسايني بكل بساطة مهبولة !! واش صرالك ؟."
أحلام تنظر الى صديقتها وتتكلم وهي تخفي وجهها بالبطانية:" تلاڤيت ب وحيد وبسبتو نسيتك أسمحيلي والله ما درتها بالعاني !"
إيناس تصرخ وتضع يدها على فمها :" أه تلاڤيتي بيه ؟ ...أحكيلي ياله اعترفتيلو اعترفلك واش ڤالك ؟"
أحلام تنزع عن نفسها الغطاء وتضع الاوراق على ساقيها :" يحلم مسكين يحسب كي ڤالي نحبك رايحة نڤولو انا ثاني ونرتمي في أحضانو وتنتهي القصة السعيدة ههه "
إيناس في ذهول من موقف صديقتها لانها كانت تتوقع منها وهي بعيدة عن رقابة الجميع ستجد راحتها وتتحدث اليه مطولا ،تجلس بقربها وهي تنزع خمارها :" واش ڤولتيلو نتي الرحمة على والديك ؟،خلا بنو وڤطع هاذيك المسافة كامل باه يشوفك وخليتيه يروح هكذاك!!"
أحلام ترفع حاجبها وتتحدث في رفعة :" يروح على روحو ،ڤتلو غير شتا جا ليا ،ههه وزعما ينطڤ فيا ڤالي نتي كي شغل عبدة لخاوتك وعائلتك حتى في مشاعرك وروح زعفان ،ويزيد يزعف هايلة هاذي ههه"
تحمل إيناس قصة وحيد وتنظر اليها وتنظر الى صديقتها نظرة إشمئزاز وحيرة وتتحدث بجدية :" وهاذي واش راكي تديري بيها وتحت الزورة وحدك وخفتي عليها كي ساحت عليها القهوة ،ونسيتي صحبتك تحت المطر ونسيتي تسجيلاتك ! يعني حابة تفهميني انك بديت تخممي في المذكرة من ضرك ،ما تلعبيش عليا صحيبتي ،مهما لعبتي على ڤلبك رايحة نكون أنا صوت ضميرك ..."
تقاطعها أحلام وتنزع من يديها الاوراق وفي نبرة غضب كبيرة :" تحبي نڤطعهم باه نثبتلك ،وماكيش موكلة تحكي على ڤلبي ديتي مراد وحبيتيه مبروك عليك خليني ما تسالينيش آو.... "
لبست معطفها ووضعت خمارها على رأسها وخرجت مغلقة الباب بقوة افزعت بها صديقتها ، كانت تتمشى في الحي السكني وهي تستشيط غضبا ولم تعرف لما غضبها أمن صديقتها ؟ أم من نفسها ؟ أم من وحيد ؟ أم من إخوتها ؟،مشت حتى وصلت الى كرسي فوضعت الاوراق أمامها فوق الكرسي بعد ان نظفته من قطرات المطر وأخذت تنظر الى الطالبات وهن يدخلن الى الحي الجامعي وكأنهن نحل يعود الى خلاياه بعد يوم عمل شاق بين مبتلة تركض لغرفتها ،وبين صديقتين تتسامران في الطريق وضحكاتهما تتعالا ،ندمت بعدها لأنها صرخت في وجه صديقتها وتمنت لو أنها بمثل شجاعة ايناس وخلصت من كل شيء ،لكنها عادت وتذكرت أخويها فتأكدت أن ما فعلته هو الصواب وحملت الورقات وأكملت القراءة دون شعور وفي فضول قاتل ......
." أخذتها والدتي الى مشعوذ قريب كانت تضن أنه هو من شفيت على يديه وأنجبتني لم تعلم أن الله قال كن فيكون ،وهنا أقول بكل تأكيد أن كل شيء بمكتوب الله ،لانها لم تحمل بعدها ،مرت الايام وأمي تحاول أن تجد كل خطأ لتلصقه بها ،حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت فيه في المزرعة أعتني بالمال والحلال وأبي ينام في غرفة الضيوف وهو ينازع الموت ،وأمي زارها شيطان في رأسها فأرسلت صفية الى خم دجاج لتجمع البيض كانت قد صنعته هي لكي تبيض فيه الدجاجات ووضعت فيه الكثير من التبن ويجب على الداخل اليه أن يأخذ معه مصباحا يشتعل بالبنزين لانه مضلم ،ذهبت صفية واخذت المصباح معها ولكن امي لحقت بها وأشعلت النار و راءها في بوابة الخم لتقتلها اختناقا من غيرتها منها وعندما رأت امي أن النيران بدأت تلتهم كل الخم ودجاجاتها ركضت الى البيت تصرخ صراخا سمعه ابي وفهم ان شيئا خطيرا قد حصل لصفية ،ركضت وأنا أعرف ان كل شيء من عمل أمي وعندما وصلت كانت النيران قد وصلت ألسنتها الى السماء وصفية تصرخ وتبكي داخل الخم ،ففاض الدم في رأسي وقررت ان أدخل لانقاذها سكبت على نفسي برميل ماء وهممت بالدخول واذا بأمي تمسك رجلي وتوقفني وتقول لي أتركها تموت هي ولا يموت إبني ،فزدت يقينا أنها هي صاحبة الفكرة فاليسامحني الله أبعدت أمي بكل قوة وقلت لها إن ماتت صفية فأفضل أن أموت الى جانبها ودخلت والنيران تلفح وجهي والدجاجات زادت الوضع سوءا بطيرانها في كل جهة دخلت وأنا أنادي حبيبتي وأبحث في كل مكان وفجأة رأيت سقف الخم وأعمدته تنهار فرميت نفسي على صفيه بعد أن حددت مكانها وحميتها ورطمت رأسي في حجر وهذا هو سبب ندبتي الجميلة التي تزين جبهتي هههه ،ثم ركض الجيران وأخمدوا النيران وأخرجونا من تحت سقف الخم وأخذونا الى المستشفى وقد تأثرنا بحروق طفيفة ولله الحمد ،ثم بعد ساعة سمعت من جارنا خبرا مفجعا عن والدي وأن أمي قد وجدته ميتا وحيدا من ارتفاع الضغط ،فقدت أمي وأبي في ليلة واحدة وتمنيت لو أنني مت أنا وصفية ذاك اليوم أبي كان يمسك أمي قليلا على صفية وهي تهابه كثيرا ،أما الآن فقد فقدنا السند وبقينا تحت رحمتها ،فلا استطعت هجرانها وأنا وحيدها والله أوصانا بالوالدين ،ولا وجدت حلا لغيرتها القاتلة ،لملمت الامر بأن زوجتي أسقطت المصباح الزيتي وعزيت نفسي وزوجتي في أبي لأن أمي كانت قد نست والدي بسرعة وأكملت ما بدأته ، مرت الأيام ومرت السنين وزوجتي تهرب أحيانا الى أهلها وتجلس عندهم مطولا وأمي عندها تشعر بالتحسن ،وفي يوم من الايام ذهبت زوجتي كعادتها الى بيت أهلها واستغلت والدتي الله يسامحها الموقف وذهبت عند المدعو جلمود ووضع لها عقاقير لتبعدها عني ولأطلقها وفي نفس السنة كنت قد ذهبت أنا وصفية إلى طبيب معروف في ولاية أخرى وتمكن من معرفة أن علتي وراثية وأنني ببعض الأدوية وممارسة الرياضة يمكنني الانجاب، أمسكت في حبل الله وهذا الطبيب وشربت الادوية كاملة وعندما عادت من بيت أهلها ذلك اليوم عادت الي بأروع خبر في حياتي وأخبرتنا أنها حامل ،ازداد حقد أمي اتقادا وقررت ان تطعمها العقاقير مع وصفة جيدة للحامل قد زعمتها ،وعملت العقاقير فعلها في جسم صفية وصارت طوال الوقت مريضة ولا تنهض من الفراش وأصبح حملها بصابر كابوس كبيرا وبدأت تنحل وتنهار شيئا فشيئا وأمي لا ترحمها بالكلام الجارح ، لم يكن جلمود سوى قاتل سفاح مع سبق الاصرار والترصد ،حتى جاء موعد الولادة وأحست حبيبتي أنها راحلة عنا فكانت طوال الوقت توصيني بصابر ،وأنا ابكي خفية عنها حتى رحلت في غفلة مني ،ولما رحلت وتركتني انا وابني وحيدين أحسست اني دفنت قلبي معها في القبر ،ظللت عاما لا أحدث الناس ثم قررت ان أرحل عن تلك القرية التي دفنت بها أعز مخلوق على قلبي وأكثر شخص فهمني دون ان أتكلم ،فكان سي العمري هو عم زوجتي لذلك طلبت منه كراء مزرعته والاستقرار بها مؤقتا وها أنا اليوم اعيش نفس الضروف ونفس الاحاسيس وكأنني أعيد كل لحظة مع والدتي ،أهو اختبار ؟ لست ادري ؟ الحمد لله على كل حال ،كلما أحببت شخصا جاءت الضروف وحالت بيني وبينه ،ولكنني لن أستسلم سأحاول الى آخر رمق ،..)
ثم قرأت ملاحظة من مصطفى أسفل الورقة " يبدو أن وحيد يمر بحالة حب جديدة على حسب كلماته لكنه لم يرد الإفصاح ولقد قال لي أن أقول لكي أنه يطلب منك تكملة القصة وهو راض بنهايتها على يديك ،وعلى حسب فهمي أنه يمكنك التصرف في القصة كما تريدين ...."
ولكن أحلام قد فهمت ما كان يقصده وحيد ،كان يقصد أن تكمل حكايته منذ أن التقيا أول مرة في الباص ثم في البستان وإنقاذه اياها من الوقوع في البئر ووو .. كانت تعرف جيدا ما يريده هذا الرجل أن ينتهي بين ذراعيها أو ينتهي وحيدا مع ولده ،نظرت حولها وهي ترى أن الشمس مالت الى المغيب نهضت عائدة الى غرفتها وهي لا تعرف ما الذي ستفعله .
تدخل الغرفة وتسلم على إيناس :" إيناس أسمحيلي ما عرفتش كيفاه عييطت عليك ،راني في دوامة ربي وحدو يعلم بيها ،وزيد جاني وحيد اليوم وتبدل خلاص تڤول موت مُو خلاه انسان ثاني كان يبان عاقل وهادي ..."
تقاطعها إيناس وهي تقوم بكي ملامبسها المبللة :" معليهش علابالي بيك ونعرف ڤلبك بيض وتحبيه وراكي تعسفي على ڤلبك أكيد يتغير ميمتو مسكينة كانت مالية عليه حياتو وڤعد وحدو ڤعديتلو غير نتي ووليدو هاو يدور بيكم "
أحلام تبتسم نصف ابتسامة في استهزاء :" لالا أنا قريت القصة وعلابالي لاه تبدل ،مُو مريضة نفسيا وتحبو حب مرضي ،وهي اللي قتلت صفية مرتو بطريقة غير مباشرة عن طريق الشعوذة والمشوعذين والعياذ بالله وراني شكيت أنو خويا السعيد رفض وحيد كشما سمع والله اعلم "
إيناس في ذهول واستغراب :" خطبك ورفضوه لااااه ؟ مسكين واش خصو وانا ڤلت جا ليك يجرب يستعطفك برك وزيد ما سقساوكش على رايك على الاقل وين عايشين حنا في عصر الجاهلية واقيلا ،إن شاء الله شرحتيلو الامر وڤلتيلوا ما كانش علابالك برك ! "
أحلام تتلعثم وهي تبدل ثيابها :" ڤتلو أنا واش ڤالو خاوتي معاهم واذا حاسبني رايحة نوڤف في وجه خاوتي راه غالط هههه عايرني ڤالي روبو بتاع خاوتك ههه "
إيناس :" علامن تكذبي يا بنتي ؟ تحبيه وكون تصيبي تتزوجي معاه اليوم قبل غدوا وعلاه تكابري؟ على جال السعيد اللي تزوج بجميلة بعد قصة حب مع أنها من العايلة وكان يبعثلها المراسيل صح ولا نكذب ،ومراد اللي خطب اللي حبها من صغرو وكان طوال الوقت ڤلتيلي يڤولك ڤوليلها تقبل صح ولا لالا ،وخواتاتك كل واحدة تزوجت عن قناعة وراحت متهنية ،وانت وعلاه تكابري وواش من عادات وتقاليد تحكي عنها ،احكيلي على الدين تحبسيني ، بصح الراجل جا من الباب ما جاش من الطاڤة والله عيب عليك تحرڤيلو ڤلبو وتحرڤي ڤلبك على والو ،وحتى تتزوجي مع مصطفى رايحة تعيشي معاه السعادة اللي متخيلتها؟ ،ما شكيتش...."
أحلام تدخل في صمت طويل وفي تفكير عميق ،فلم تعد تعرف أ هي حقا مكلفة أن تحمي كلمة أخويها أمام من تحب ،هل تدافع على حبها بكل ما أوتيت من قوة ؟
مرت الليلة والصديقتان لم تتحدثان مع بعضهما مطولا ونامتا متعبتين من يوم شاق ،وفي الصباح التالي رنّ هاتف أحلام ليوقضهما معا ،كانت جميلة
أحلام في صوت خافت :" ألو.... جميلة لاباس ؟"
جميلة تتحدث في صوت نشيط يدل على انها نهضت باكرا :" أحلام ما تڤوليليش راڤدة ،أسمحيلي عيطتلك نڤولك ،جاوك خطابة لبارح فالليل خوك السعيد مدك وخلاص مبروك عليك ...خلاص رايحة نصكر وكي تفطني عاوديلي نفهمك يخي ؟ "
تغلق جميلة الهاتف وتبقى أحلام تتمحمح في فراشها ،عند ها سألتها إيناس :" واش ڤاتلك جميلة لا عيطت بكري ؟"
أحلام بلا تفكير تعيد كلام جميلة وكأنها سمعته وهي نائمة :" ڤاتلي لبارح فالليل جاوني خطابة والسعيد قبل وخلاص.... خليني نرڤد "
وبعد أن أكملت آخر كلمة صرخت مع صديقتها وجلستا بعد ان كانتا نائمتين
إيناس :" أه ؟ مصطفى دارها يا بنت الفحلة... الشّه ڤتلك صارحي وحيد ونتي وصلتي روحك ... "
أحلام ترتجف وتغلبها دموعها :" وعلاه يقبلو ولا يرفضو بلا ما يڤولولي لاه ،أنا روبو كيما ڤالي وحيد ،آه ياربي لازم نروح ضرك ضرك للدار !"
تنهض على عجل وتلبس حجابها وتسلم أوراقها الى إيناس وتقول لها وهي خارجة " لا اله الا الله محمد رسول الله "
ما الذي سيحصل في النهاية يا ترى ؟
غدا بإذن الله سنعرف ؟