سلسلة شرح الأصول الستة 2 (شرح الأصل الأول: إخلاص الدين لله , وبيان ضده الذي هو الشرك ).

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر



الأصـل الأول

إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له, وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة, ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين، والتقصير في حقوقهم, وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم.




الشرح:


قوله: "إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له ….".


C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image002.jpg
الإخلاص لله معناه: "أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله تعالى، والتوصل إلى دار كرامته". بأن يكون العبد مخلصًا لله تعالى في قصده, مخلصًا لله تعالى في محبته, مخلصًا لله تعالى في تعظيمه, مخلصًا لله تعالى في ظاهره وباطنه, لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى, والوصول إلى دار كرامته, كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163]. وقوله تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) [الزمر:54] . و قوله عز و على: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة:163]. وقوله: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا) [الحج:34]. وقد أرسل الله تعالى جميع الرسل بذلك، كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25].


وكما وضح الله ذلك في كتابه، كما قال المؤلف: "من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة". فقد وضحه رسول الله ( صلى الله عليه و سلم)، فقد جاء -عليه الصلاة السلام- بتحقيق التوحيد وإخلاصه وتخليصه من كل شائبة, وسد كل طريق يمكن أن يوصل إلى ثلم هذا التوحيد أو إضعافه, حتى إن رجلاً قال للنبي ( صلى الله عليه و سلم): ((ما شاء الله وشئت. فقال النبي ( صلى الله عليه و سلم): أجعلتني لله ندًّا, بل ما شاء الله وحده))([1]). فأنكر النبي ( صلى الله عليه و سلم) على هذا الرجل أن يقرن مشيئته بمشيئة الله تعالى بحرف يقتضي التسوية بينهما, وجعل ذلك من اتخاذ الند لله ( عز و جل).


ومن ذلك أيضًا أن النبي ( صلى الله عليه و سلم) حرَّم الحلف بغير الله, وجعل ذلك من الشرك بالله, فقال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))([2]). وذلك لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به بما لا يستحقه إلا الله ( عز و جل), وحينما قدم عليه وفد، فقالوا: ((يا رسول الله, يا خيرنا وابن خيرنا, وسيدنا وابن سيدنا. قال: يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان, أنا محمد عبد الله ورسوله, ما أحب أن ترفعوني فوق منْزلتي التي أنزلني الله ( عز و جل)))([3]). وقد عقد المصنف -رحمه الله- لذلك بابًا في "كتاب التوحيد" فقال: "باب ما جاء في حماية المصطفى ( صلى الله عليه و سلم) حمى التوحيد, وسده طرق الشرك".


وكما بيَّن الله تعالى الإخلاص وأظهره بيَّن ضده وهو الشرك, فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء:116]. وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) [النساء:36]. وقال: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَن اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل:36]. والآيات في ذلك كثيرة, ويقول النبي ( صلى الله عليه و سلم): ((من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة, ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار))([4]). رواه مسلم من حديث جابر.


والشرك على نوعين:


النوع الأول شرك أكبر مخرج عن الملة وهو: "كل شرك أطلقه الشارع، وهو مناف للتوحيد منافاة مطلقة". مثل أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله: بأن يصلي لغير الله, أو يذبح لغير الله, أو ينذر لغير الله, أو أن يدعو غير الله تعالى مثل: أن يدعو صاحب قبر, أو يدعو غائبًا لإنقاذه من أمر لا يقدر عليه إلا الحاضر, وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم.


النوع الثاني الشرك الأصغر وهو: "كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشارع وصف الشرك, لكنه لا ينافي التوحيد منافاة مطلقة". مثل الحلف بغير الله, فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله مشرك شركًا أصغر.


ومثل الرياء وهو خطير, قال فيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه؟ فقال: الرياء))([5]). وقد يصل الرياء إلى الشرك الأكبر. وقد مثَّل ابن القيم -رحمه الله- للشرك الأصغر بيسير الرياء, وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر.


وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء:116]. يشمل كل شرك ولو كان أصغر, فالواجب الحذر من الشرك مطلقًا؛ فإن عاقبته وخيمة, قال تعالى: (إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )[المائدة:72]. فإذا حرمت الجنة على المشرك لزم أن يكون خالدًا في النار أبدًا, فالمشرك بالله تعالى قد خسر الآخرة لا ريب؛ لأنه في النار خالدًا, وخسر الدنيا؛ لأنه قامت عليه الحجة، وجاءه النذير, ولكنه خسر, لم يستفد من الدنيا شيئًا, قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الزمر:15]. فخسر نفسه؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وأوردها النار وبئس الورد المورود، وخسر أهله؛ لأنَّهم إن كانوا مؤمنين فهم في الجنة، فلا يتمتع بِهم، وإن كانوا في النار فكذلك؛ لأنه كلما دخلت أُمَّة لعنت أختها.


واعلم أن الشرك خفي جدًّا، وقد خافه خليل الرحمن وإمام الحنفاء, كما حكى الله عنه: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم:35]. وتأمل قوله: (وَاجْنُبْنِي). ولم يقل: "وامنعني". لأن معنى "اجنبني": أي: اجعلني في جانب عبادة, والأصنام في جانب, وهذا أبلغ من "امنعني"؛ لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب كان أبعد.


وقال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) كلهم يخاف النفاق على نفسه"([6]).


وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لحذيفة بن اليمان: ((أنشدك بالله هل سماني لك رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) مع من سمى من المنافقين)). مع أن الرسول ( صلى الله عليه و سلم) بشره بالجنة, ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله ( صلى الله عليه و سلم) من أفعاله في حياته, فلا يأمن النفاق إلا منافق, ولا يخاف النفاق إلا مؤمن, فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص, وأن يجاهد نفسه عليه.


قال بعض السلف: "ما جاهدت نفسي على شيء ما جاهدتُها على الإخلاص".


فالشرك أمره صعب جدًّا, ليس بالهين, ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد, وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه , فيقصد بعمله وجه الله.



 

فوائد من شرح الشيخ عبد الرزاق البدر


1- الأصل الأول الذي بدأ به شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هو أصل الأصول وأعظمها وأنفعها على الإطلاق و هو : إخلاص العمل لله والحذر من الشرك.


2- الخالص : هو الصافي النقي الذي لا شائبة فيه ، ليس فيه شائبة شرك وليس فيه شائبة رياء وليس فيه شائبة سمعة وإنما يبغي به صاحبه وجه الله تبارك وتعالى.


3- إخلاص العمل لله : أن تكون عبادة الإنسان وطاعته من صلاةٍ وزكاةٍ وذبح ورجاء وخوف ونذر وتوكل واستغاثة وغير ذلك أن يكون ذلك كله خالصاً لله تبارك وتعالى .


4- الوصية بالتوحيد والتواصي بالتوحيد من أهمِّ المطالب ومن أعظم المقاصد التي ينبغي أن تنتشر بين أهل العلم وطلابه، بين أهل العقيدة والسنة، في كل مناسبة يتواصون بتحقيق العبادة وإخلاصها لله تبارك وتعالى.


5- العقيدة الصحيحة الصافية الخالصة التي يحبها الله ويرضاها لابد من الإتيان بها على أكمل وجه وأحسن حال ولابد مع ذلك من معرفة الشرك ؛ لأي شيء ؟ من باب كما يقولون :


تعلَّم الشر لا للشر ولكن لتوقيه فإن من لم يعرف الشر من الناس يقع فيه.


6- كثير ممن وقع في الشرك وفي عبادة غير الله تبارك وتعالى إنما وقعوا في ذلك ظناً منهم أن هذا هو التوحيد وأن هذا هو الذي يقرب إلى الله وأن هذا هو تعظيم الأولياء والصالحين كما أشار إلى ذلك المصنف رحمه الله الرحمة الواسعة .
 

فوائد من شرح الشيخ عبد السلام البرجس رحمه الله تعالى


1- قال الشيخ عبد السلام رحمه الله شارحا لقول الإمام محمد إبن عبد الوهاب رحمه الله: (وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى)


قال:


هذه الجملة تشمل على مسألتين هامتين :


أ‌) أن أكثر القران جاء لبيان التوحيد والنهى عن الشرك وهذه الحقيقة يعرفها كل من قرأ القران واستمع له ولذا قال ابن القيم : إن كل آية في القران متضمنة للتوحيد وداعية إليه و فسر هذا بأن القران لا يخلو أن يأتي في خمس مواضيع :


1- خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وهذا هو التوحيد العلمي الخبري أي الذي يستفاد عن طريق الخبر وعن طريق العلم.


2- الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له وخلع كل ما يعبد من دونه وهو التوحيد الطلبي وهو توحيد الألوهيه.


3- أمر ونهى وهو إلزام بطاعة الله وفعل أمره واجتناب نهيه وهذا من حقوق التوحيد.


4- إنعام الله على أهل التوحيد وذكر ما أعد لهم من الجزاء في الدارين وهذا جزاء التوحيد.


5- خبر عن الكفار وما أعده الله لهم من عذاب عقوبة على ترك التوحيد.


ومن ثم فالقران كله جاء في بيان التوحيد.


و سورة الفاتحة كل أية فيها توحيد " الحمد لله رب العالمين " توحيد و كذلك باقي الآيات.




ب‌) من حكمة الله تعالى حتى تقوم الحجة على الناس أن جعل كل آيات التوحيد في القران سهلة بسيطة ومختلفة الأساليب حتى أن لم يفهم بهذا الأسلوب فهم بأسلوب أخر ولهذا فمن بلغه القران فقد بلغته حجة الله الرسالية فإن لم يدخل في دين الله عز وجل فهو من أهل النار.


2- قال الشيخ عبد السلام (رحمه الله) شارحا لقول الإمام محمد إبن عبد الوهاب رحمه الله: (ثم لمّا صار على كثير من الأمة ما صار)


- فيه بيان أن الأمة مرت بمرحلتين مرحلة سليمة وهى زمن النبى صلى الله عليه وسلم وزمن القرون المفضلة التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية وهذه القرون سلمت من الشرك حتى يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب ولما بعدت هذه القرون صارت الأمة إلى ما صارت إليه من انتشار الجهل وقلة العلم مما كان سبباً في انتشار الشرك بالله وانتشار البدع والمحدثات .


ثم ذكر بعدها الشيخ عبد السلام البرجس (رحمه الله) كيف كانت خطوات الشيطان في إضلال الناس عن التوحيد و ذلك كالأتي:


- مراحل إضلال الشيطان


المرحلة الأولى: وكما جاء إلى قوم نوح إبليس فقال لهم ألا تضعون لهم نصباً لتذكروا عبادتهم فمات الجيل الأول ولم تعبد الأصنام.


المرحلة الثانية : جاء الشيطان للجيل الثاني وقال لهم إن أولكم ما وضعوا نصب ليغوث ويعوق ونسرا إلا لأنهم كانوا يستشفعون بهم إلى الله تعالى فبدأ يستشفعون بهم.


المرحلة الثالثة: كذلك وسوس لهم الشيطان بأن دعاء الله عند القبور الصالحين أولى وأنفع وأبرك من الدعاء في المساجد فأصبحوا يدعون عند القبور.


المرحلة الرابعة : وسوس لهم الشيطان بدعاء أصحاب القبور أنفسهم ليكشفوا مرضهم ويقضوا حاجاتهم.


المرحلة الخامسة: أوقعهم الشيطان في الشرك وذلك لأن الدعاء هو العبادة ولقوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن: 18)


المرحلة السادسة : بدأ العاكفون على القبور بدعوة الناس لما وقعوا فيه من الشرك مدَّعين – كذباً – أن هذا هو التوحيد وأن هذه هي محبة الصالحين فبدأ هؤلاء القبوريون بالدعوة لهذا الباطل وألفوا الكثير من المؤلفات التي تدعوا لدعاء القبور.


المرحلة السابعة : العداوة الشديدة لكل من دعا إلى العودة إلى ما كانت عليه الأمة في الأجيال الفاضلة من التوحيد وإفراد العبادة لله والنهى عن الشرك والتحذير منه تحت شبهه أن هؤلاء يتنقصون من الصالحين ويزدرونهم، وهذا غير صحيح فلم يقلل أحداً من الصالحين ولا من مكانتهم ولكن يجب ألا تكون مكانتهم في قلوب العباد كمكانة الله سبحانه وتعالى وعليه فإن أفضل الصالحين وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جاءت السنة الصحيحة عنه أنه قال-صلى الله عليه وسلم-(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله) متفق عليه.


وكما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن اليهود والنصارى لما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد كما جاء في الحديث لما ذكرت له إحدى زوجاته لكنيسة رأتها بالحبشة.
 

فوائد من شرح الشيخ زيد بن هادي المدخلي رحمه الله.

1- أسباب فهم التوحيد هي: الإِقبال على الفقه في الدين، والجلوس في حلقات العلم الَّتِي يُعتنَى فيها بشرح أصول الدين وأسسه المتينة، وهكذا فقه الشعائر التعبدية، والمعاملات، وسائر أمور الحلال والحرام، والآداب، والسلوك، والأخلاق، إِلى غير ذلك مما هو مُستوفى في كتاب ربنا -عز شأنه- وصحيح سنة نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-.


2- ضابط الشرك الأكبر:
أن يصرف العبد شيئًا من العبادات لغير الله (عز و جل)، أو يتوجه بِها لله ولغيره معه، سواء كانت دعاءً، أو استعانةً، أو استغاثةً، أو ذبحًا، أو نذرًا، أو رجاءً، أو توكلاً، أو خوفًا، إِلى غير ذلك من أنواع العبادات الَّتِي من صرف منها شيئًا لغير الله فهو مشرك كافر بعد أن تقوم عليه الحجة الرسالية.


3- الشرك الأصغر:
هو الذي دون الشرك الأكبر وهو خطير على الأمة، وهو في المرتبة الثانية بعد الشرك الأكبر، وبعده البدع المضلة، وبعدها الكبائر، ثُمَّ الصغائر، وهكذا ترتيب المعاصي([1]).


وله صور متعددة: منها: يسير الرياء.


أ‌- والرياء:
هو أن يقوم العبد المسلم في عمل لله (عز و جل) ثُمَّ يزيِّن ذلك العمل من أجل نظر الناس إِليه ليثنوا عليه به ويمدحوه، والواجب محاربة هذا النوع، وذلك بالتوجه بجميع العبادة لله (عز و جل)، والابتعاد عن المقاصد الدنيئة من قصد ثناء الناس ومدحهم وما شاكل ذلك مما لا يجوز أن يدخل في العبادة، وهذا النوع الغالب على الكثير من الناس الوقوع فيه، ولهذا جاء في الأثر أن النَّبِي (صلى الله عليه و سلم) أرشد إِلى ذكرٍ يتحصن به العبد من هجوم هذا النوع من الرياء عليه وهـو قوله -عليه الصلاة والسلام: (اللهم إِني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لِمَا لا أعلم)([2]).


وفي لفظ: (اللهم إِني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لِمَا تعلم).


ب‌- ومن صوره أيضًا:
ما يجري على ألسنة بعض عوام الناس من قولهم:
"لولا الله وفلان لحصل كذا وكذا". بعطف فلانٍ على لفظ الجلالة
"لولا الله وفلانًا". وكأنه أشرك فلانًا مع الله في النعمة أو الفضل الذي ساقه الله (عز و جل) إليه، أو النقمة أو الْمِحنة الَّتِي صرفت عنه، كأن يقول: "لولا الله وفلان ما تحصلت على وظيفة". أو "لولا الله وفلان ما قُضِيت حاجتي". ونحو ذلك من الألفاظ الَّتِي لا يجوز للعبد أن يشرك مع الله -تبارك وتعالى- فيها أحدًا، وتصحيح هذا اللفظ أن يقول العبد: "لولا الله ثُمَّ
فلان". فيكون فلان هو السبب، والله (عز و جل) قاضي الحاجة، وفارج الكربة، وصارف النقم والْمِحن.


ت‌-ومن صوره أيضًا:
قول بعض عوام الناس: "ما شاء الله وشاء فلان". أو "ما شاء الله وشئت يا فلان" كالصورة الأولى، ولَمَّا قيل للنَّبِي (صلى الله عليه و سلم) ذلك قال: (أجعلتني لله ندًّا؟! بل ما شاء الله وحده)([3]).


فالمشيئة مشيئة الله -تبارك وتعالى-، وأما مشيئة العبد فهي تابعة لمشيئة الله، فما شاء الله كان وما لَم يشأ لَم يكن.


- الغلو في الصالحين وهو سبب هلاك الناس وإبعادهم عن شرع الله وإبعادهم عن عقيدة التوحيد الصحيحة وهو الذي قال فيه رسول (صلى الله عليه و سلم): (إِياكم والغلو -أي: احذروه- فإِنَّما أهلك من كان قبلكم الغلو في الصالحين)([4]). وهو تجاوز الحد في محبتهم ورفعهم عن منْزلتهم الَّتِي أنزلهم الله فيها بحيث يطلب منهم ما لا يقدر عليه إِلا الله، كمن يطلب من الأولياء قضاء الحاجة، وفك الكربة، وإِنجاب الولد، ومنح الرزق، ودفع البلاء، يناديهم ويستغيث بِهم ويرجو منهم ذلك ويعتقده بدعوى المحبة والتقدير لهم ومعرفة حقهم، وكل هذا باطل، فالصالحون من الناس -أحياءً وأمواتًا- هم أولياء الله، وأولياء الله تجب محبتهم ولكن لا يجوز الغلو فيهم، فمن غلا فيهم فقد ظلم نفسه وأساء الأدب مع الله (عز و جل) ومع شرعه المطهر، ومع عباد الله الصالحين.


إِذن: فالغلو في الصالحين ليس طريقًا شرعيًّا، وإِنما هو إِما طريق أهل الشرك الأكبر وإِما طريق أهل البدع والضلال الذين حُرموا من نور عقيدة الإيْمان بمعناها الصحيح.






([1]) بحسب التتبع والاستقراء من نصوص الوحيين.


([2]) أخرجه ابن أبي شيبة (7/88)، ومجمع الزوائد (10/224)، ومسند أبي يعلى (1/60،62)، والأدب المفرد (1/250)، وصححه الألباني -رحمه الله- في صحيح الأدب المفرد (265) (551/716) وقال: "ليس في شيء من الكتب الستة"..


([3]) من حديث ابن عباس, رواه أحمد في المسند (1/214، 283، 347)، وابن ماجه (2/684)، والأدب المفرد (1/274)، والمعجم الكبير (12/244)، وأبو نعيم فِي الحلية (4/99)، والطحاوي في مشكل الآثار (1/218) (235)، وصححه الألباني -رحمه الله- فِي السلسلة الصحيحة (1/266)(139)، وصحيح الأدب المفرد (292) (601/783).


([4]) من حديث ابن عباس رواه أحمد في المسند (1/215،347)، وابن ماجه (2/1008) وابن أبي عاصم في السنة برقم (98)، والحاكم (1/637)، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة (3/278)
(1283): "وليس كذلك فإن زياد بن الحصين لَم يخرج له البخاري في صحيحه فهو على شرط مسلم فقط". والبيهقي في السنن الكبرى (2/435)، وصحيح ابن حبان (9/183)، ومسند أبي يعلى (4/316)، والمعجم الكبير (12/156)، وصححه الألباني -رحمه الله- أيضًا في صحيح سنن ابن ماجه (2/177) (2455) .
 

قال شيخنا أحمد بن يحيى النجمي -حفظه الله-: "الملاحظة الخامسة والعشرون -على جماعة الإخوان المسلمون-: أنَّهم يزهدون في علماء السنة وينبزونَهم بالألقاب فيصفون بعضهم بأنه عميل، والبعض الآخر بأنه مداهن، وتارة يقولون عنهم: إنَّهم علماء الورق وعلماء الحيض والنفاس، وإنَّهم يجهلون الواقع و…و…و… إلى آخر القاموس الذي نفثه قادتُهم في صدورهم، فينفرون الشباب عنهم ويزهدون فيهم وفي حلقاتِهم فلا ينظرون إليهم إلا بعين الاحتقار، وينشأ عن ذلك حاجز وحجاب يفصل بين هؤلاء وهؤلاء
-أي: بين العلماء والطلاب- وتكون النتيجة مُرَّة، والعاقبة سيئة لأنَّهم إذا زهدوا في علمائهم واتَّهموهم على الدين سيقيسون الأمور بأهوائهم وما يسيرهم به قادتُهم، وبحكم جهلهم بكثير من الأحكام الشرعية سيقعون في أخطاء كثيرة يظنونَها صوابًا فيستمرون عليها فتموت بذلك سنن وتروج بدع وتفشو ويحملها بعضهم عن بعض حتَّى يأتي زمان يظن فيه بأنَّها سُنَّةٌ، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسًا علينا فَنَضِل". المورد العذب الزلال (ص204) .
نقلا عن شرح الأصول الستة للشيخ زيد بن هادي المدخلي رحمه الله، تعليقا على كلامه حول فشو الجهل حينما شرح عبارة الشيخ (ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار).
 
أخي أباليث عندي مشكلة في التفريق بين أخذ الأسباب و التوكل
فمثلا إذا وضعت ملف لطلب عمل أنا شخصيا لم أتصل بأي أحد لكي يساعدني على الفوز بالمنصب
و أقول دائما أقدم الملف و أتنوكل على الله و مهما جاءت الفرص للوساطة لا أستعملها
و عندي أهل يقولون أنك عندما توصي أحدا لكي يجعلك تفوز بالمنصب داخلة في حيز الأخذ بالأسباب
لو تكرمت ببعض الشرح حول هته المسألة بارك الله فيك
 
ج


الأصـل الأول

إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له, وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة, ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين، والتقصير في حقوقهم, وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم.




الشرح:


قوله: "إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له ….".


C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image002.jpg
الإخلاص لله معناه: "أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله تعالى، والتوصل إلى دار كرامته". بأن يكون العبد مخلصًا لله تعالى في قصده, مخلصًا لله تعالى في محبته, مخلصًا لله تعالى في تعظيمه, مخلصًا لله تعالى في ظاهره وباطنه, لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى, والوصول إلى دار كرامته, كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163]. وقوله تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) [الزمر:54] . و قوله عز و على: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة:163]. وقوله: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا) [الحج:34]. وقد أرسل الله تعالى جميع الرسل بذلك، كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25].


وكما وضح الله ذلك في كتابه، كما قال المؤلف: "من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة". فقد وضحه رسول الله ( صلى الله عليه و سلم)، فقد جاء -عليه الصلاة السلام- بتحقيق التوحيد وإخلاصه وتخليصه من كل شائبة, وسد كل طريق يمكن أن يوصل إلى ثلم هذا التوحيد أو إضعافه, حتى إن رجلاً قال للنبي ( صلى الله عليه و سلم): ((ما شاء الله وشئت. فقال النبي ( صلى الله عليه و سلم): أجعلتني لله ندًّا, بل ما شاء الله وحده))([1]). فأنكر النبي ( صلى الله عليه و سلم) على هذا الرجل أن يقرن مشيئته بمشيئة الله تعالى بحرف يقتضي التسوية بينهما, وجعل ذلك من اتخاذ الند لله ( عز و جل).


ومن ذلك أيضًا أن النبي ( صلى الله عليه و سلم) حرَّم الحلف بغير الله, وجعل ذلك من الشرك بالله, فقال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))([2]). وذلك لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به بما لا يستحقه إلا الله ( عز و جل), وحينما قدم عليه وفد، فقالوا: ((يا رسول الله, يا خيرنا وابن خيرنا, وسيدنا وابن سيدنا. قال: يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان, أنا محمد عبد الله ورسوله, ما أحب أن ترفعوني فوق منْزلتي التي أنزلني الله ( عز و جل)))([3]). وقد عقد المصنف -رحمه الله- لذلك بابًا في "كتاب التوحيد" فقال: "باب ما جاء في حماية المصطفى ( صلى الله عليه و سلم) حمى التوحيد, وسده طرق الشرك".


وكما بيَّن الله تعالى الإخلاص وأظهره بيَّن ضده وهو الشرك, فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء:116]. وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) [النساء:36]. وقال: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَن اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل:36]. والآيات في ذلك كثيرة, ويقول النبي ( صلى الله عليه و سلم): ((من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة, ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار))([4]). رواه مسلم من حديث جابر.


والشرك على نوعين:


النوع الأول شرك أكبر مخرج عن الملة وهو: "كل شرك أطلقه الشارع، وهو مناف للتوحيد منافاة مطلقة". مثل أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله: بأن يصلي لغير الله, أو يذبح لغير الله, أو ينذر لغير الله, أو أن يدعو غير الله تعالى مثل: أن يدعو صاحب قبر, أو يدعو غائبًا لإنقاذه من أمر لا يقدر عليه إلا الحاضر, وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم.


النوع الثاني الشرك الأصغر وهو: "كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشارع وصف الشرك, لكنه لا ينافي التوحيد منافاة مطلقة". مثل الحلف بغير الله, فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله مشرك شركًا أصغر.


ومثل الرياء وهو خطير, قال فيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه؟ فقال: الرياء))([5]). وقد يصل الرياء إلى الشرك الأكبر. وقد مثَّل ابن القيم -رحمه الله- للشرك الأصغر بيسير الرياء, وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر.


وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء:116]. يشمل كل شرك ولو كان أصغر, فالواجب الحذر من الشرك مطلقًا؛ فإن عاقبته وخيمة, قال تعالى: (إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )[المائدة:72]. فإذا حرمت الجنة على المشرك لزم أن يكون خالدًا في النار أبدًا, فالمشرك بالله تعالى قد خسر الآخرة لا ريب؛ لأنه في النار خالدًا, وخسر الدنيا؛ لأنه قامت عليه الحجة، وجاءه النذير, ولكنه خسر, لم يستفد من الدنيا شيئًا, قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الزمر:15]. فخسر نفسه؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وأوردها النار وبئس الورد المورود، وخسر أهله؛ لأنَّهم إن كانوا مؤمنين فهم في الجنة، فلا يتمتع بِهم، وإن كانوا في النار فكذلك؛ لأنه كلما دخلت أُمَّة لعنت أختها.


واعلم أن الشرك خفي جدًّا، وقد خافه خليل الرحمن وإمام الحنفاء, كما حكى الله عنه: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم:35]. وتأمل قوله: (وَاجْنُبْنِي). ولم يقل: "وامنعني". لأن معنى "اجنبني": أي: اجعلني في جانب عبادة, والأصنام في جانب, وهذا أبلغ من "امنعني"؛ لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب كان أبعد.


وقال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) كلهم يخاف النفاق على نفسه"([6]).


وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لحذيفة بن اليمان: ((أنشدك بالله هل سماني لك رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) مع من سمى من المنافقين)). مع أن الرسول ( صلى الله عليه و سلم) بشره بالجنة, ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله ( صلى الله عليه و سلم) من أفعاله في حياته, فلا يأمن النفاق إلا منافق, ولا يخاف النفاق إلا مؤمن, فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص, وأن يجاهد نفسه عليه.


قال بعض السلف: "ما جاهدت نفسي على شيء ما جاهدتُها على الإخلاص".


فالشرك أمره صعب جدًّا, ليس بالهين, ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد, وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه , فيقصد بعمله وجه الله.



جزاك الله خيرا
ما المقصود بالرياء في هذا الجزء و ما علاقته بالشرك
كيف نعرف أننا لسنا منافقين
 
أخي أباليث عندي مشكلة في التفريق بين أخذ الأسباب و التوكل
فمثلا إذا وضعت ملف لطلب عمل أنا شخصيا لم أتصل بأي أحد لكي يساعدني على الفوز بالمنصب
و أقول دائما أقدم الملف و أتنوكل على الله و مهما جاءت الفرص للوساطة لا أستعملها
و عندي أهل يقولون أنك عندما توصي أحدا لكي يجعلك تفوز بالمنصب داخلة في حيز الأخذ بالأسباب
لو تكرمت ببعض الشرح حول هته المسألة بارك الله فيك
حكم الحصول على وظيفة حكومية بالواسطة
السؤال


وظفت في شركة حكومية مصرية بوساطة، وكان هناك آلاف غيري قد تقدموا لتلك الوظيفة، فما حكم الراتب الذي أحصل عليه؟ مع العلم أنني أعمل في هذا العمل منذ ثلاث سنوات، وهل يحرم بقائي في هذا العمل، لأنني عينت بوساطة؟ وإذا كان يجب علي تركه، فهل يجوز لي البقاء فيه حتى أجد عملًا آخر؛ لأنني متزوج، وعليّ مسؤوليات مادية؟

الإجابــة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:


فإن الحصول على الوظيفة الحكومية بالواسطة جائز لمن كان أهلًا للقيام بالوظيفة، ولم يأخذ مكان من هو أحق بالوظيفة منه، وإلا حرمت الواسطة، سئلت اللجنة الدائمة: ما حكم الواسطة، وهل هي حرام؟


فأجابت: إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى، وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها، والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك، فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء، وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشؤونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع، أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد، أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعًا، ويؤجر عليها الشفيع ـ إن شاء الله ـ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء. اهـ.


وأما راتب الوظيفة المتحصل عليها بالواسطة: فهو مباح إن كنت تقوم بالوظيفة على الوجه المطلوب، فارتكاب وسيلة محرمة للحصول على الوظيفة لا يوجب تحريم الراتب؛ لمن كان يؤدي الوظيفة على الوجه المطلوب، سئل الشيخ ابن باز: رجل يعمل بشهادة علمية، وقد غش في امتحانات هذه الشهادة، وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه، فما حكم راتبه هل هو حلال أم حرام؟


فأجاب: لا حرج ـ إن شاء الله ـ عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائمًا بالعمل كما ينبغي فلا حرج عليه من جهة كسبه، لكنه أخطأ في الغش السابق، وعليه التوبة إلى الله من ذلك .اهـ.


فالوظيفة التي نلتها بالواسطة لا يلزمك تركها، ولا يحرم عليك راتبها، إلا إن كنت غير مؤهل لها، ولا تؤديها على الوجه المطلوب، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 149327.


والله أعلم.

 
حكم الحصول على وظيفة حكومية بالواسطة
السؤال


وظفت في شركة حكومية مصرية بوساطة، وكان هناك آلاف غيري قد تقدموا لتلك الوظيفة، فما حكم الراتب الذي أحصل عليه؟ مع العلم أنني أعمل في هذا العمل منذ ثلاث سنوات، وهل يحرم بقائي في هذا العمل، لأنني عينت بوساطة؟ وإذا كان يجب علي تركه، فهل يجوز لي البقاء فيه حتى أجد عملًا آخر؛ لأنني متزوج، وعليّ مسؤوليات مادية؟

الإجابــة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:


فإن الحصول على الوظيفة الحكومية بالواسطة جائز لمن كان أهلًا للقيام بالوظيفة، ولم يأخذ مكان من هو أحق بالوظيفة منه، وإلا حرمت الواسطة، سئلت اللجنة الدائمة: ما حكم الواسطة، وهل هي حرام؟


فأجابت: إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى، وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها، والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك، فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء، وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشؤونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع، أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد، أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعًا، ويؤجر عليها الشفيع ـ إن شاء الله ـ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء. اهـ.


وأما راتب الوظيفة المتحصل عليها بالواسطة: فهو مباح إن كنت تقوم بالوظيفة على الوجه المطلوب، فارتكاب وسيلة محرمة للحصول على الوظيفة لا يوجب تحريم الراتب؛ لمن كان يؤدي الوظيفة على الوجه المطلوب، سئل الشيخ ابن باز: رجل يعمل بشهادة علمية، وقد غش في امتحانات هذه الشهادة، وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه، فما حكم راتبه هل هو حلال أم حرام؟


فأجاب: لا حرج ـ إن شاء الله ـ عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائمًا بالعمل كما ينبغي فلا حرج عليه من جهة كسبه، لكنه أخطأ في الغش السابق، وعليه التوبة إلى الله من ذلك .اهـ.


فالوظيفة التي نلتها بالواسطة لا يلزمك تركها، ولا يحرم عليك راتبها، إلا إن كنت غير مؤهل لها، ولا تؤديها على الوجه المطلوب، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 149327.


والله أعلم.
بارك الله فيك أخي أباليث جوابك ساقني إلى سؤال آخر بارك الله فيك
إذا كانت الوظيفة هي حقي و أنا أولى بها و الوسيط طلب رشوة هل يجوز لي مد رشوة لجلب حقي
 
هذه فتوى تابعة للأولى، ثم يأتيك جواب سؤلك الثاني.
سؤالي عن قضية يقع فيها كثير من الناس، ولكني لم أسمع هذه القضية تثار فقهيا من قبل.


القضية هي أن كثيرا من الناس يحصلون على وظائفهم من خلال الواسطة، ومن يفعل ذلك يكون ربما قد استحوذ على فرصة غيره وهو أكفأ وأجدر منه بهذه الوظيفة.

الآن الواسطة ربما تكون في شركات حكومية أو شركات خاصة، ولكن لا ننسى أن كثيرا من هذه الشركات الخاصة هي شركات مساهمة مملوكة من قبل عدد كبير من المساهمين، ويستحيل أن يُعرف إن كانوا جميعا موافقين على توظيف شخص ما من خلال واسطته.

بلا شك أن الاستحواذ على فرصة الغير في العمل وهو أكفأ فإن هذا فعل حرام من قبل كل من يشارك فيه، لكن السؤال المهم بعد ذلك هو ما يترتب على وظيفة العمل المحصلة بهذا الشكل؟ أود أن أوضح بأن هناك فائدتين اثنتين رئيسيتين يحصلهما الجميع من العمل أو الوظيفة؛ أولهما: هي الراتب ( المال ) المحصل لقاء هذه الوظيفة.

أما الفائدة الثانية: فهي الخبرة والمعرفة العملية والعلمية من خلال هذا العمل، وهي أمر مهم بالذات بالنسبة للجديدين على سوق العمل الذين ليس لديهم خبرة أو الطلاب حديثي التخرج من الجامعات؛ لأن هذه الخبرة هي أهم ما تبحث عنه الشركات عند البحث عن موظفين.

خلاصة السؤال هو: هل هاتان الفائدتان أو المكسبان ( المال والخبرة ) حرام؟ الفائدة الأولى لنقل مادية والأخرى معنوية ولكنها بنظري ونظر الكثيرين أثمن وأهم من الفائدة الأولى. لا ننسى بأنه عادة تكون هناك فوائد أخرى: كصقل شخصية العامل من خلال عمله، والأصدقاء الذين يتم التعرف عليهم من خلال العمل، وهؤلاء ممكن أن تُحصّل عن طريقهم فائدة ما في المستقبل. فما حكم كل ذلك؟

هناك ظلم واضح في مثل هذه القضايا وتعدي على حقوق الغير، فهل هذا يعني حرمة ما اكتسب بعد ذلك مثل المال مثلا، حيث أصبح مالا حراما وما بني على باطل فهو باطل مثله.

أم أنه يتم النظر لهذه المكتسبات على أنها نتيجة للعمل فإن كان هذا العمل مباحا فهذه المكتسبات ومنها المال حلال بغض النظر عما سبق؟ أفيدونا؟


الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:


فالوساطة شفاعة وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الشفاعة للناس ورغب في مساعدتهم فقال: اشفعوا تؤجروا... الحديث رواه البخاري ومسلم.


وقال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم.


وقال: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم.


وضابط الشفاعة هو بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، فهذا النوع منها مشروع وهو ما ليس فيه اعتداء على حق الغير ويستحقه المشفوع له.


وأما الشفاعة في أمر محرم كتزوير أو خداع أو ظلم الغير والاعتداء على حقوقهم ونحو ذلك من إحقاق باطل أو إبطال حق فلا تجوز، وقد قال تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا {النساء:85}


وبالتالي فالوساطة التي ذكرت قد يكون منها ما هو مشروع وهو أن يكون الشخص المشفوع له ذا أهلية ويستطيع أداء العمل على أتم وجه وأكمله، وهذا لا حرج فيه على الشافع ولا المشفوع له بخلاف ما ليس كذلك فالشفاعة له إثم، لكن إن أتم العمل وأداه كما ينبغي فلا يحرم عليه الأجر الذي أعطيه عليه، ولا يأثم باكتساب الخبرة من عمله هذا لأنه حقق المقصود وأتى بالعمل على أتم وجه وإن كان سبيله في الحصول عليه غير مشروع. وأما من نال العمل بوساطة ونحوها وهو مع هذا لا يحسن العمل ولا يؤديه على الوجه المطلوب فلا يستحق الأجرة عليه، وما اكتسبه من المال لا يحل له، ويأثم هو ومن شفع فيه لشفاعته السيئة. كما قال تعالى: وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا. {النساء:85}.


وأما لو اكتسب خبرة عملية وصار يتقن العمل فلا حرج فيما يكتسبه من أجر عليه ولا يحرم عليه العمل بمقتضى خبرته وعلمه، لأن ذلك حصله بجهده وكسبه.


وأما كون الشركات مملوكة لكثير من المساهمين ولا يعلم رضاهم وقبولهم لتوظيف موظف ونحوه فذلك لا عبرة به، لأنهم وكلوا الإدارة في تلك المهمة وأناطوا بها مسؤولية اختيار العاملين. فإن أحسنت فذاك وإن أساءت فعليها وزر إساءتها وخيانتها للأمانة، وهي ضامنة أيضا إن حصل إتلاف بسبب تفريطها وتوظيفها لمن لا يحسن العمل ولا يؤديه.


وعلى كل فليس كل من يشفع له لا يتقن العمل ولا يحسنه بل ربما يكون أكثر كفاءة وأغزر علما من غيره ممن نال الوظيفة بغير شفاعة.


وأما شرط حصول العلم بعدم وجود من هو أكفأ وأعلم فلا يمكن اشتراطه لتعذره لأنه لا يتم إلا بالاستقراء التام، ولا يمكن أن نكلف كل متقدم لعمل عن طريق الوساطة أن يستقرأ ويستفرغ جهده في البحث عن مستحق أولى منه بهذا العمل.


وللفائدة انظر الفتوى رقم: 65361.


والله أعلم.

 
بارك الله فيك أخي أباليث جوابك ساقني إلى سؤال آخر بارك الله فيك
إذا كانت الوظيفة هي حقي و أنا أولى بها و الوسيط طلب رشوة هل يجوز لي مد رشوة لجلب حقي
هل يجوز دفع مبلغ من المال مقابل الحصول على وظيفة حكومية ؟ وخاصة إذا ما كانت الوظائف غير متاحة في الغالب إلا بهذه الطريقة .

تم النشر بتاريخ: 2006-04-10
الحمد لله

أولاً :

الوظائف الحكومية تعتبر حقا مشتركا يستوي فيه أصحاب الأهلية بناء على شهاداتهم وقدراتهم ، فلا فضل لأحد فيها على أحد إلا باعتبار الكفاءة ، وعلى القائمين عليها أن يختاروا الأكفأ والأصلح ، دون محاباة أو رشوة .

ثانياً :

للإنسان أن يوسط من يشفع له في وظيفة من هذه الوظائف ، بشرط أن يكون أهلاً لها ، ولا يترتب على ذلك التعدي على حقوق الآخرين .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (25/389) :

" إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى وأحق بالتعيين فيها ، من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها ، والقدرة على تحمل أعبائها ، والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك ، فالشفاعة محرمة ؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها ، وظلم لأولي الأمر ، وذلك بحرمانهم من عمل الأكفأ وخدمته لهم ومعونته إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة ، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها ويقوم بشئونها في هذا الجانب على خير حال ، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء ، ومفسدة للمجتمع ، وإذا لم يترتب على الوساطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة بل مرغب فيها شرعاً ويُؤجر عليها الشفيع إن شاء الله ، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اشفعوا تؤجروا ، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء ) البخاري (1342) " انتهى .

ثالثاً :

أما دفع المال لهذا الوسيط ، ففيه تفصيل :

1- إن كان هذا الوسيط هو المسئول عن اختيار الموظفين ، أو يستغل نفوذه وسلطته في ذلك ، فدفع المال له رشوة محرمة ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش . أي : دافع الرشوة ، وآخذها ، والواسطة بينهما .

وروى البخاري (6636) ومسلم (1832) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي . فَقَالَ لَهُ : ( أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا ؟!) . ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ : هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لا ...) .

2- وإذا كنت أهلاً لهذه الوظيفة ، ولا يترتب على دفعك الرشوة التعدي على حقوق أحد ، أو حرمان من هو مثلك أو أولى ، ومُنِعْتَ حقَّك إلا بهذه الرشوة ، جاز لك دفعها في هذه الحال ، تحصيلا ًلحقك ، وإن كانت محرمة على الآخذ .

سواء كان هذا المال مدفوعاً إلى المسئول عن ذلك أو إلى شخص آخر أخذ هذا المال ليتوسط لك عن ذلك المسئول .

قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" ( 8/118) : " ولا تحل الرشوة : وهي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل , أو ليولي ولاية , أو ليظلم له إنسان ، فهذا يأثم المعطي والآخذ .

فأما من منع من حقه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم فذلك مباح للمعطي , وأما الآخذ فآثم " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي يقول : ( إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا . قيل : يا رسول الله , فلم تعطيهم ؟ قال : يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل ) . ومثل ذلك : إعطاء من أعتق وكتم عتقه , أو أسر خبرا , أو كان ظالما للناس فإعطاء هؤلاء جائز للمعطي , حرام عليهم أخذه .

وأما الهدية في الشفاعة , مثل : أن يشفع لرجل عند ولي أمر ليرفع عنه مظلمة , أو يوصل إليه حقه , أو يوليه ولاية يستحقها أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو مستحق لذلك , أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النساك أو غيرهم , وهو من أهل الاستحقاق , ونحو هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب , أو ترك محرم , فهذه أيضا لا يجوز فيها قبول الهدية , ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه , هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر " انتهى من الفتاوى الكبرى (4/174).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما الرشوة التي يتوصل بها الإنسان إلى حقه ، كأن لا يمكنه الحصول على حقه إلا بشيء من المال ، فإن هذا حرام على الآخذ ، وليس حراماً على المعطي ، لأن المعطي إنما أعطى من أجل الوصول إلى حقه ، لكن الآخذ الذي أخذ تلك الرشوة هو الآثم لأنه أخذ ما لا يستحق " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/302) .

والله أعلم .
 
سبحان الله و الله أول مرة أسمع و أقرأ هذا التفصيل
بارك الله فيكم و جزاكم الله عنا كل خير أخي اباليث
 
في حكم دفعِ مالٍ للحصول على عملٍ

السؤال:


تضارَبَتْ لديَّ الأقوالُ في مسألةِ دفعِ الأموال للحصول على عملٍ في المؤسَّسات الخاصَّة أو العامَّة (الحكومية) على ثلاثة أقوالٍ:


ـ القول الأوَّل: الجواز.


ـ القول الثاني: جائزٌ بضوابطَ وهي: (الأهلية، عدَمُ أخذِ مكان الغير، وأَنْ يكون العملُ في ذاته مُباحًا، وأَنْ تكون حاجةً مُلِحَّةً أو ضرورةً ملموسةً).


ـ القول الثالث: جائزٌ لكِنْ في المؤسَّسات الخاصَّة بضوابطِ القول الثاني، وغيرُ جائزٍ في المؤسَّسات الحكومية.


أرجو منكم الترجيحَ في هذه المسألة، وجزاكم اللهُ خيرًا.


الجواب:


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:


فلا شكَّ أنَّ تقديم المؤهَّلِ للمَنْصِبِ مالًا مُصانَعةً لتحصيلِ مَنْصِبِ عملٍ ـ إذا نَفِدَتْ جميعُ الطُّرُق ـ جائزٌ لأحقِّيَّته به؛ فكان القولُ الثاني أَصَحَّ قولًا وأَصْوَبَ نظرًا، سواءٌ في المؤسَّسات العامَّة أو الخاصَّة؛ لأنَّه بهذه الشروط تتجلَّى أحقِّيتُه بالمَنْصِبِ وأولويَّتُه به؛ فالمالُ المعطى ـ في هذا ـ محرَّمٌ على الآخِذِ دون المعطي؛ لأنَّه مدفوعٌ لإحقاقِ حقٍّ متمثِّلٍ في تقريرِ أولويته بالمَنْصِبِ رتبةً؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ، فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطَهَا وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلَّا نَارٌ»، قَالَ عُمَرُ: «يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ؟» قَالَ: «إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي، وَيَأْبَى اللهُ لِي الْبُخْلَ»(١)، ولأنه رُوِيَ عن عبد الله بنِ مسعودٍ أنه كان بالحبشة فرَشَا دينارين وقال: «إنما الإثمُ على القابض دون الدافع»(٢)، علمًا بأنَّ المُصانَعةَ بالمال ـ في هذه الحالة ـ لا تكون على حِساب أَخْذِ حقوقِ الآخَرين ظلمًا؛ لأنَّ مُصانَعةَ الحُكَّامِ ومَن على شاكِلتهم بالأموال ليقطعوا حَقَّ غيرِهم لمصلحةِ المُصانِع حرامٌ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ١٨٨﴾ [البقرة]، وهذا الوجهُ هو الذي ورَدَتْ فيه الأحاديثُ الناهيةُ عن هدايَا العُمَّالِ لاقتضائها الظلمَ والعدوان، والتعاونُ عليه محرَّمٌ شرعًا لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾ [المائدة: ٢].


والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.


الجزائر في: ٠٧ رمضان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ أكتوبر ٢٠٠٥م


(١) أخرجه أحمد (١١١٢٣)، وابنُ حبَّان (٣٤١٤)، والحاكم (١٤٤)، مِن حديث عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «التعليقات الحسان» (٣٤٠٥).


(٢) «تفسير القرطبي» (٦/ ١٨٤).
نقلا عن موقع الشيخ فركوس حفظه الله.
 
جزاك الله خيرا
ما المقصود بالرياء في هذا الجزء و ما علاقته بالشرك
كيف نعرف أننا لسنا منافقين
و إياك، أحسن الله إليك.
و هذا جواب معنى الرياء من كلام الشيخ زيد بن هادي المدخلي رحمه الله.
والرياء: هو أن يقوم العبد المسلم في عمل لله (عز و جل) ثُمَّ يزيِّن ذلك العمل من أجل نظر الناس إِليه ليثنوا عليه به ويمدحوه، والواجب محاربة هذا النوع، وذلك بالتوجه بجميع العبادة لله (عز و جل)، والابتعاد عن المقاصد الدنيئة من قصد ثناء الناس ومدحهم وما شاكل ذلك مما لا يجوز أن يدخل في العبادة، وهذا النوع الغالب على الكثير من الناس الوقوع فيه، ولهذا جاء في الأثر أن النَّبِي (صلى الله عليه و سلم) أرشد إِلى ذكرٍ يتحصن به العبد من هجوم هذا النوع من الرياء عليه وهـو قوله -عليه الصلاة والسلام: (اللهم إِني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لِمَا لا أعلم)([2]).
وفي لفظ: (اللهم إِني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لِمَا تعلم).
أما علاقة الرياء بالشرك فهنا تجدين كلام العلامة إبن عثيمين يبين أن الرياء هو من صنف الشرك الأصغر و قد يصل إن كثر و إستدامه العبد إلى الشرك الأكبر عياذا بالله من ذلك.
النوع الثاني الشرك الأصغر وهو: "كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشارع وصف الشرك, لكنه لا ينافي التوحيد منافاة مطلقة". مثل الحلف بغير الله, فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله مشرك شركًا أصغر.


ومثل الرياء وهو خطير, قال فيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه؟ فقال: الرياء))([5]). وقد يصل الرياء إلى الشرك الأكبر. وقد مثَّل ابن القيم -رحمه الله- للشرك الأصغر بيسير الرياء, وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top