سلسلة شرح الأصول الستة 2 (شرح الأصل الأول: إخلاص الدين لله , وبيان ضده الذي هو الشرك ).

كيف نعرف أننا لسنا منافقين
إذا حققنا الإيمان و إتصفنا بصفات أهله و إبتعدنا عن صفات المنافقين، و إليك صفات المؤمنين و صفات المنافقين.
أولا نبدأ مع صفات المؤمنين:
صفات المؤمنين التي وردت في سورة المؤمنون من خلال خطبة ماتعة تشرح هذه الصفات:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الرحمن الرحيم، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].


عباد الله، هذه آيات جامعة لخصال نافعة من خصال الخير التي يحصل بها الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة. فقد جمعت هذه الآيات الكريمة بين حق الخالق وحق المخلوق، وبين أعمال القلوب وأعمال الجوارح، وبين الأعمال اللازمة والأعمال المتعدية. وتضمنت هذه الآيات المنيرات أسبابَ الفوز باجتماعها في أعمال صالحة عظيمة وهي: المحافظة على الصلاة الخاشعة، والإعراض عما لا ينفع من القول والعمل، وحفظ الفروج عن الحرام، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهود. ثم ختمت الآيات بذكر الجزاء الحسن لأهل هذه الأعمال الحسنة، وجزاء الإحسان الإحسان: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10، 11].

والمتأمل في هذه الآيات الكريمات يرى علاماتِ الاهتمام بالفحوى جليّةً في ألفاظها وجملها، مثل الإتيان بالجملة الاسمية التي تفيد ثباتهم على تلك الأعمال، وتقديمِ ما حقه التأخير الذي يفيد شدة اعتنائهم بها، والإتيانِ بضمير الفصل الذي يفيد ذلك مع التأكيد.


أيها المسلمون، لقد افتتح الله تعالى هذه الصفات بحرف(قد) الداخلِ على الفعل الماضي، وفائدة هذا الحرف التحقيق والتأكيد بأن الفلاح قد حصل وتمّ لمن تمسك من المؤمنين بهذه الأعمال الصالحة؛ ابتغاء وجه الله تعالى ومات على ذلك.

ومن حُسن الافتتاح لهذه الصفات والترغيب في التحلي بها: أنه ذكر الفلاح بها أولاً قبل أن يذكرها؛ لكي يرغبك أيها الإنسان في التمسك بها حتى تنال ذلك الجزاء المقدَّم ألا وهو الفلاح.

إن هذه الصفات التي توصل إلى الفلاح والجنة لا يصح أن تكون إلا لمن اتصف بالإيمان الذي هو التصديق الجازم الذي لا يخالطه شك بكل ما يجب اعتقاده من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ثم تجيء الأعمال الصالحة بعد ذلك؛ ليكتمل سببا الفلاح؛ إذ لابد من إيمان وعمل صالح، صفاء في الباطن، وصفاء في الظاهر. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف:107].

أيها الأحبة الكرام، أولى هذه الصفات لأهل الإيمان الذين نالوا بها الفلاح والفوز بالفردوس: الصلاة الخاشعة، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون:2]. الصلاة تلك العبادة العظيمة التي هي صلة بين العبد وربه لبُّها الخشوع وهو الخوف الموجب لتعظيم الله تعالى. والخشوع بهذا المعنى مطلوب داخل الصلاة وخارجها، لكنه في الصلاة يكون أولى من غيرها؛ لأنها وقوف بين يدي الله تعالى. إن الخشوع عبادة قلبية تظهر آثارها على أعمال الجوارح، ففي الصلاة يحرص المؤمن الخاشع على إقامة الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها. ويحرص على أن يكون حاضرَ القلب والذهن بين يدي ربه، واعيًا متدبراً ما يقرأ أو يسمع، ويكون بذلك مستفيداً من الصلاة بعد ذلك. قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت:45]. ومما يعين المصليَ على الخشوع في الصلاة: أن يستحضر أنه بين يدي ملك الملوك، وأن يستشعر أنها قد تكون آخر صلاة يصليها فليتقنها، وأن يبعد عن نفسه كل ما يشغله عنها من الشواغل الحسية والشواغل المعنوية؛ ولهذا جاء نهي الشرع المصليَ عن الإتيان إلى الصلاة مسرعًا أو تاركًا لطعام يشتهيه، أو حاقنًا أو حاقبًا-يعني حابسًا للبول أو الغائط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)[2].

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان)[3].
فالخشوعَ الخشوعَ - يا عباد الله - تفلحوا وتلتذوا بصلاتكم.


عباد الله، ثانية هذه الصفات: الإعراض عن الباطل من قول أو فعل، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون:3]. ومثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص:55]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾[الفرقان:72].

إن أهل الإيمان حريصون على عدم مواقعة ما يضر آخرتهم، فهم مشغولون بالله عن غيره، مهتمون بما يعنيهم، وتاركون لما لا يعنيهم، مقبلون على شأنهم، فأكثر الناس في شؤون وهم في شأن آخر.


فألسنتهم محفوظة عن السوء والفحشاء، وجوارحهم مصونة عن الشر والعدوان. فعبادة الله تعالى، والإحسان إلى الناس، وتفريج كرباتهم مما يعنيهم. ومعصية الله تعالى، والاعتداء على الناس، والانصراف إلى ما يضيع الأعمال والجهود والأوقات مما لا يعنيهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)[4].

وإن مما يعينك -أيها المسلم- على ترك اللغو: أن تعرف الغايةَ التي خُلقت لأجلها، والنهاية التي تنتظرك، فاعمل لها وانشغل بها ولا تنشغل عنها. وأن تعلم أن ما تعمله مسجل لك أو عليك، وأنت عليه مثاب أو معاقب، فانظر لنفسك أيَّ الأمرين تختار.

والصفة الثالثة: تزكية النفس وتزكية المال، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون:4]. إن الزكاة في أصل وضعها اللغوي تعني التطهير، والنفس الإنسانية مليئة بالنقائص والعيوب، وقد كُلِّف الإنسان بإصلاحها وتقويم عوجها. وضُمِن الفلاح لمن نجح في ذلك، قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [ الشمس:9، 10]. فالمؤمن يطهر نفسه من الاعتقادات الفاسدة، والأفكار المنحرفة، والأخلاق السيئة، ويجعلها صافية خالصة من شوائب الرذائل. فإذا فعل ذلك فقد أفلح في الدنيا والآخرة. إن من الأخلاق النفسية الرذيلة: خلقَ الشح والبخل، الذي يجعل الإنسان مقصراً في أداء الحقوق التي عليه لغيره؛ ولذلك شرع الإسلام زكاة المال؛ لتطهير النفس وتطهير المال. فإخراج الزكاة مطهرة وأجر، وزيادة ونقاء، فلا يظن صاحب المال أن إخراج الزكاة نقص وخسارة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال عبد من صدقة)[5].


فإذا أردت الفلاح -أيها المسلم- فزكِ نفسك وزكِ مالك، وإياك أن تطيع النفس في السير وراءها إلى أهوائها المحظورة، فمن أصلح نفسه صلحت دنياه وآخرته.

أيها الأحبة الأفاضل، الصفة الرابعة: حفظ الفروج عن الحرام، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون:5] ﴿ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون:6] ﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون:7]. إن الرغبة الجنسية فطرة وطبيعة في الإنسان البالغ تطلب من صاحبها التصريف والخروج، وقد جعل الله تعالى لها سبيلاً صالحاً نظيفًا نافعًا هو الزواج، الذي هو سبب العفة والسعادة، والذرية وكثرة الأمة، وتعارف الناس وتقاربهم، وصلاح هذه الحياة. قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم:21]. هذا هو الطريق الصالح النقي لتصريف هذه الرغبة الجِبلية، وهو الذي يحفظ للإنسان شرفه وسمعته الحسنة بين الناس، ويعينه على طاعة الله تعالى وعلى إصلاح عيشه.

غير أن بعض الناس غلب عليهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وجلساء الخطيئة على تصريف الشهوة في الزنا أو اللواط أو العادة السرية. وهذه المجالات العفنة تهدم الدين، وتهد البدن، وتفسد المجتمع، وتجلب الكوارث والمصائب على الناس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) [6].

إن الحياة المعاصرة بوسائل اتصالها وإعلامها الحديثة، وغياب إقامة حدود الله تعالى، وكثرة الجهل هذه الأمور وغيرها دعت بعض الذكور والإناث إلى الغرق في مستنقع الرذيلة، ولم ينتبه بعضهم إلا وهو غارق في وحلها يطلب قوارب النجاة، بعد أن باع دينه ودنياه بشهوة عاجلة، ولذة عابرة، وقد يخسر بها الدنيا والآخرة.


فالحذرَ الحذرَ، والنجاةَ النجاة قبل الفضيحة في الدنيا والآخرة.

وأقول: على الأزواج أن يتقوا الله في إعفاف زوجاتهم، وعلى النساء أن يتقين الله في إعفاف أزواجهن، وعلى من لا يجد أن يصبر ويدعو الله حتى يجعل الله له فرجًا ومخرجاً. قال تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور:33].

عباد الله، الصفة الخامسة: أداء الأمانة، والوفاء بالعهود، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون:8]. الأمانة هي كل حق وجب على الإنسان حفظه وأداؤه لأهله، فعبادة الله تعالى أمانة، والحكم أمانة، والوظيفة أمانة، والحقوق الزوجية أمانة، وتربية الأولاد أمانة، وردُّ الوديعة أمانة، والبيع والشراء أمانة، والأسرار التي يطلب كتمانها أمانة، والعلم أمانة، وإيصال الرسائل إلى أهلها كما هي عليه أمانة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء:58].

والعهود حقوق يجب الوفاء بها، وأعظمها العهد مع الله تعالى، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة:1]. وخلف العهود علامة من علامات النفاق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) [7].

ويقرب من العهود الوعودُ التي قطعها الإنسان على نفسه، فمن الإيمان ومن الكرم الوفاءُ بها لأهلها، قال تعالى في صفة نبيه إسماعيل عليه السلام: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم:54]. وكثرة إخلاف الوعود من صفات المنافقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان)[8].

أيها الأخوة الفضلاء، والصفة السادسة: المحافظة على الصلاة، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون:9]. والمحافظة على الصلاة تعني الاستمرار عليها، والمداومة على إقامتها في وقتها بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها. وشأن الصلاة في الإسلام في المنزلة المرموقة، وفي فضلها تنزلت الآيات، ووردت الأحاديث الصحيحات، وجاءت الآثار عن الأخيار الأبرار، ويكفي في مكانتها أنها الركن الثاني من أركان الإسلام، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

♦ ♦ ♦

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الكريم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن هذه الصفات الصالحة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآيات الكريمات كانت للمؤمنين من أسباب فلاحهم ودخولهم الجنة؛ فلذلك ذكر الله تعالى الجزاء الطيب لأهلها عقبها فقال: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴾ [المؤمنون:10] ﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون:11].

فذكر الله تعالى استحقاقهم للفردوس بلفظ الوراثة التي هي من أعظم أسباب استحقاق المال. والفردوس أوسط الجنة وأعلاها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن)[9].

فنعمت الكرامة، ونعمت الجائزة الطيبة على هذه الأعمال الصالحة.
فيا من كان بعيداً عن الصلاة الخاشعة اقرب وادنُ منها وحافظ عليها وعلى خشوعها، تَنَلِ الفردوس.
ويا من شغل نفسه بما لا يعنيه، وسلط لسانه فيما لا ينفعه ولا يرضيه عند لقاء حسابه، احفظ لسانك، واحفظ قولك وفعلك تنل الفردوس.
ويا من لم يزكِ نفسه، وقصّر في زكاة ماله زكِ نفسك ومالك تنل الفردوس.
ويا من صرف شهوته الجنسية فيما حرم الله عليه تُب إلى الله وارجع إليه، واكتفِ بالحلال ففيه غُنية للمؤمنين تنل الفردوس.
ويا من قصر في أداء الأمانات، وخان العهود والوعود والمواثيق، فِ بالعهود والوعود، وأدِّ الأمانة للعابد والمعبود تنل الفردوس.
فإذا فعلت ذلك نلت الفلاح والنجاح، وحزت السعادة في دنياك وأخراك.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل هذه الصفات وأن يتوفانا على ذلك.
هذا وصلوا على البشير النذير...

[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني، صنعاء، في 13/ 2/ 1436ه، 5/ 12/ 2014م.
[2] متفق عليه.
[3] متفق عليه.
[4] رواه الترمذي وابن ماجه، وهو حسن.
[5] رواه أحمد والترمذي، وهو صحيح.
[6] رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي م، وهو صحيح.
[7] متفق عليه.
[8] متفق عليه.
[9] رواه البخاري.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/95457/#ixzz51k9DnZDU
 
آخر تعديل:
صفات المنافقين:

1- الكذب؛ "إذا حدث كذب".


فالمنافق إنسان يحترف الكذب، ويُكثِرُ من الكذب، ولا يعرف إلى الصّدْق سبيلا. شهد الله تعالى بذلك فقال سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1].





وقال عز وجل: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [الحشر: 11، 12].





فمن أراد أن يُبَرّئَ نفسَه من النفاق وينأى بنفسه عن صفاتِ المنافقين، فليلزم الصّدْق، وليبتعِدْ عن الكذب؛ فإن الصدق طريق إلى كل خير، كما أن الكذب طريق إلى كل شر. ففي الصحيحين - واللفظ لمسلم - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدّيقا. وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يَهدي إلى الفُجور، وإن الفجور يَهدي إلى النار، وما يزال الرجل يَكذِب ويتحَرّى الكذِب حتى يُكتبَ عند الله كذّابا".





2- إخلاف الوعد:


"إذا وعدَ أخلف".


فإخلاف الوعْدِ وعدمُ الوفاء به من صفات المنافقين، قال الله تعالى في وصفهم: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 75 - 77]. فالمنافق يَعِدُ الناس فيُخلِف وعدَه عمدا من دون عُذر، لا وفاء لديه.





بينما الوفاء بالعهود والوعود من صفات المؤمنين المتقين، قال تعالى في وصفهم: ﴿ وَالْمُوفونَ بعَهْدِهِمْ إِذا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].





فواجب على المسلم أن يفي بما التزم به مع الآخرين من عهود ووعود وعقود في بيع أو إجارة أو عمل، أوغير ذلك من العهود المعروفة، وسواء كانت هذه العقود والعهود والوعود مبرمة بين المسلم وأخيه المسلم، أو بين المسلم وغير المسلم... فالوفاء واجب مع الجميع. وليعلم العبد أنه سيسأل عن وُعُودِه وعُهودِه يوم القيامة، فقد قال عز وجل: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾.





3- خيانة الأمانة:


"وَإِذا اؤْتُمِنَ خَانَ".


فالخيانة في الأمانة من خصال النفاق. وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بأداء الأمانة، وينهانا عن خيانتها، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأَمَانَاتِ إلى أهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]





ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" أخرجه الترمذي وأبو داود وابن حبان والدارمي وغيرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.





4- الغدر:


"وإذا عاهَدَ غدر". أي نقضَ العَهْد.


فالغدْرُ ونقضُ العهد من صفات المنافقين، والذي يغدر بمن أخذ عليه العهد والميثاق فيه خصلة من خصال النفاق. والغدرُ حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهَدُ كافرا، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل نفسا مُعاهدا لم يَرِحْ رائحَة الجنة، وإنّ ريحَها ليُوجَدُ مِن مسيرة أربعين عاما".





وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل غادِر لواءٌ يوم القيامة يُعرَف به".





والوفاء بالعهد واجب مع الناس أجمعين. قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91].





وفي صحيح مسلم عن حُذَيْفَة بْن الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي - حُسَيْلٌ - قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا؟ فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ. فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ الله وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: " انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ".





5- الفجور عند الخصومة:


"وإذا خاصم فجر". أي مالَ في الخصومة عن الحق، واقتحَمَ الباطل.





فالمنافق يخاصم بالباطل، ويجادل بالباطل، ويختلق التهم والأكاذيب، ويُفشي الأسرار، ويسبّ ويشتم، ويدّعي ما ليس له، أو يجحَد ما كان عليه.





ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم". (الألد الخصم) المعوجّ عن الحق، المولع بالخصومة والماهر بها.





وقال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾. أي شديد العداوة والخصومة.





6- التهاون في أداء الصلوات:


قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 142، 143]. يستثقلون الصلاة ويقومون إليها وهم كسالى؛ لأنهم لا يرجون ثواب المحافظة عليها، ولا يخافون العقاب على تركها وتضييعها.





وفي صحيح مسلم عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، ودارُه بجنْب المسجد، فلما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفنا الساعةَ من الظهر. قال: فصلوا العصر. فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافق؛ يجلس يَرْقبُ الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرَها أربعا، لا يذكرُ الله فيها إلا قليلا".





وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "ليس صلاة أثقلَ على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا...".





وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث ينادى بهنّ، فإنّ الله شرع لنبيّكم صلى الله عليه وسلّم سنن الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته لتركتم سنّة نبيّكم، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم، وما من رجل يتطهّر فيحسن الطّهور ثمّ يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلّا كتب الله له بكلّ خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحطّ عنه بها سيّئة، ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلّا منافق معلومُ النّفاق، ولقد كان الرّجل يؤتى به يُهادى بين الرّجلين حتّى يقام في الصّفّ).





وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من ترك ثلاث جمعات مِنْ غير عُذر كتِبَ من المنافقين". أخرجه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع.





فيا مَنْ تخاف النفاق على نفسك؛ حافِظْ على الصلوات، واحرصْ على أدائها في أوقاتها مع الجماعة ما استطعت، فبالمحافظة على الصلوات تكون البراءة والنجاة من النفاق، قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46]. فكيف لمن يظنّ ويعتقد أنه ملاقٍ ربه وراجع إليه وواقف بين يديه، أن يترك الصلاة؟. وكيف له أن يضيع الصلاة؟.





7- قلة ذِكر الله تعالى: ﴿ ولا يذكرون الله إلا قليلا ﴾.


فالمنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا، غالبُ أحوالهم غفلة وإعراض، فهم لا يذكرون الله إلا ذِكرَ رياء وسمعة، لتحقيق مصالحِهم وخَدِيعة غيرهم، لا ذِكرَ مُوقِن ومُصدّق بوعد الله طامع في حسن جزائه وثوابه. لو صاحبتَهم الأيام والليالي الطوال ما سمعت منهم تهليلة، ولا تسبيحة، ولا تحميدة، ولا تكبيرة، كل كلامهم عن الدنيا وزينتها، وجل كلامهم كذب وافتراء، وغيبة ونميمة، وزور وفحش، وسب وشتم، وسخرية واستهزاء...





فيا مَن تريد أن تبرّئ نفسك من النفاق أكثرْ من ذكر الله، لا تكن غافلا عن ذكر الله، عارٌ عليك أن يمرّ بك يومٌ أو ليلة مِن غير ذِكر لله. إذا أصبحتَ فابدأ يومك بذكر الله، وإذا أمسيت فاختم يومك بذكر الله، كنْ ذاكرا لله عند خروجك ودخولك، وعند نومك ويقظتك، وعند مأكلك ومشربك... وفي جميع أحوالك.





فالمؤمنُ هو الذي يُكثِرُ مِن ذِكر الله، لأنه محِبّ لله ومُعظم لله، ومستجيب لأمر الله. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43]. المؤمن يكثر من ذكر الله لأنه يعلم أن الذكر من أفضل الأعمال الصالحات، وبه تحيى القلوب وتطمئن، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].





8- الأمرُ بالمنكر والنهيُ عن المعروف:


قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]. وما أكثر اليوم من يأمر بالمنكر؛ بالمعاصي والمنكرات، ويعتبر ذلك تقدما وتحرّرا... وكم من الناس اليوم من ينهى عن المعروف؛ عن البِرّ والخير، ويعتبر ذلك تخلفا وتشددا...





9- البخل والشح:


قال تعالى في وصفهم: ﴿ ويَقبضون أيْدِيَهم ﴾. أي يُمسكونها عن الإنفاق والإحسان. فإذا أنفقوا أنفقوا رئاء الناس وهم كارهون للإنفاق، ولا ينفقون عن طيب نفس، لذلك قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54].







عاقبة المنافقين:


ما أقبح النفاق وما أسوأ نتائجه وعواقبه، إنه سبيل إلى الندامة والخُسْرَان، والهلاك والعذاب، ولا خلاص ولا نجاة إلا لمن تاب وأناب..





قال تعالى مُحَذرا من عاقبة المنافقين: ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 13 - 15].





وقال سبحانه: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ ﴾ [التوبة: 68].





وقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 145، 146].





فاحَذروا النفاقَ، وجنّبوا أنفسكم خصالَ المنافقين.. اصدُقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتُمِنتُم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم. واعلموا أن الله مطلع على ظواهركم وبواطنكم، عليم بسرائركم وهواجسكم، ما من غائبة في السماء ولا في الأرض إلا يعلمها، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. فأصلحوا - عباد الله - بواطنَكم كما تعتنون بصلاح ظواهر كم، فإن الله تعالى لا ينظر إلى الصور والأجسام، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال.





نسأل الله تعالى أن يُطهّرَ قلوبَنا وأعمالنا من النفاق، وأن يثبت قلوبنا على طاعته وتقواه، وأن يسلك بنا سبيل المؤمنين ويجنبنا طريق المنافقين.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/99791/#ixzz51k8m5SWr
 
jjjjjjjjj.jpg
 
وفق الله الجميع إلى ما فيه رضاه.
ننتقل إلى الأصل الثاني حفظا و شرحا و الله نسأل التوفيق و السداد و الهدى و الرشاد إنه ولي ذلك بين أصبعيه قلوب العباد يقلبها كيف يشاء.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top