رواية الأشياء تتداعى لتشينوا أتشيبي
رواية الأشياء تتداعى لتشينوا أتشيبي هي رواية من الأدب الإفريقي تعالج مسألة الاستعمار في نيجيريا من خلال الصدام الثقافي بين الإرساليات التبشيرية وبين شعب الإيبو، عندما يحضر الأوروبيون دينهم المسيحي .تدور الرّواية حول حياة الشخصية الرئيسية التي تسمّى أوكونكوو في قرية أوموفيا، امتاز أوكونكوو بكونه أعد زعماء تلك القرية وأحد محاربيها العظماء، يمتلك أرضا واسعة ومخزنا واسعا للبطاطا الحلوة وثلاث زوجات، كان أوكونكوو أحد أبرز مصارعي قريته، عكس والده الذي مات لا يملك شيئا إلاّ مئات الصّدفات ( نوع من العملات ) من الدين.
كان كره أوكونكوو لوالده الفاشل هل دافعه الأول إلى اتخاذ طريق مخالف، فبدأ صغيرا في التخطيط لمستقبله، وقد كان ناجحا في ذلك، حصل على ثلاث ألقاب، وثلاث زوجات أنجبت له البنين والبنات، ومنحت كلمته الاحترام بين كبار القرية.
ذات يوم جرت جريمة قتل راح ضحيتها أحد أبناء أوموفيا من قبل فرد من أفراد قرية مجاورة، وقد كانت عقوبة القرية المقررة إرسال فتاة وشاب، رحلت الفتاة مع زوجها الجديد، أما الفتى ايكيميفونا فقد ذهب مع أوكونكوو إلى بيته وتربّى بين أولاده، كان صعبا على الفتى أن يعتاد على منزله الجديد خاصة وأن أكونكوو كان ذا مراس حاد مع زوجاته وأبنائه الذكور خاصّة، إلّا أنّه ومع مرور الأيام صار قادرا على إثبات نفسه وأكنّ له أوكونكوو إعجابا كبيرا لم يكن يظهره. لكنّ الأمر لم يطل أكثر حتّى قرر شيوخ القرية قتل الفتى وعندها كان أوكونكوو مجبرا على مرافقة الفتى إلى حتفه رغم توصيات صديق له أخبره أن الفتى يدعوه بأبي وطلب منه أن لا يشترك في هذه الجريمة، إلا أن خوف أوكونكوو من وصف الشيوخ له بالضعيف أجبره على ذلك، يشعر أوكونكوو بالذنب والألم العميق ويبتعد عن المأكل والمشرب.
تمرّ الأيام بعد ذلك تظهر فيها عادات وتقاليد القرية، وفي أحد الأيام حين كانت تجرى احتفالات نعي أحد شخصيات القرية بصيب أوكونكوو أحد الفتيان من القرية، فتكون عقوبته حسب أصول القرية المغادرة لمدة سبع سنوات، فيتوجه سريعا بعائلته إلى قرية والدته فيما يتعرض بيوته جميعا للحرق والتحطيم بعد مغادرته.
يقضي أوكونكوو جميع تلك السّنوات السّبع في قرية والدته يعض أصابع النّدم على كلّ لحظة مرت وضيعت معها فرصة الحصول على انجاز جديد في قريته أوموفيا إلا أنه فكّر في العمل مدّة هذه السّنوات حتى تنقضي لكي يعود ويستقبل أحسن إستقبال ويعود إلى سابق عهده، وفي أثناء تواجده بقرية والدته يعلم بقدوم الارساليات التبشيرية وتحول العديد من السكان إلى الديانة المسيحيّة. يكتشف بعد عودته أن ابنه أيضا كان من المتحولين إلى الديانة المسيحية.
يحاول المبشرون في البداية التحدّث بهدوء مع أهل القرية الذين يمنحونهم جزءا من الغابة الملعونة لبنوا فيها بيت عبادتهم، إلا أن هؤلاء المبشرين يجلون أيضا نظاما سياسيا وقضائيا حيث يفصلون بين القضايا التي تحدث بين المتحولين وبين أهل القرية. حين ضاق أهلها ذرعا بتصرفات المبشرين وأتباعهم قاموا بحرق الكنيسة، مما دفع بأحد المفوضين إلى اعتقال عدد من أهلها وكان من بينهم أوكونكوو وقد تلقوا شتى أنواع التعذيب والسخرية من المبشرين، وقد أطلق سراحهم لقاء تعويض بمئتي حقيبة من الصدفات.
تعقد القرية اجتماعا تطلب الثأر من هذا التعذيب الذي تعرضت إليه الجماعة، ويكون أوكونكوو بين الحضور، وترسل الكنيسة رسولا، يقوم أوكونكوو بقتله فيما يهرب الآخرون، ينهار أوكونكوو نفسيا لأنه يدرك أن قريته لن تحارب الرجال البيض فيغادر الإجتماع.
يعود الرجال البيض مسلّحين إلى القرية بحثا عن أوكونكوو، فيتوجّهون نحر بيته ويهددون معارفه، فيدّله صديقهم على مكان وجوده، على الشّجرة معلّقا، كان أوكونكوو قد قتل نفسه حتّى يتخلّص من الشعور بالخيانة من قبل قبيلته. يطلب صديقه من الرجال البيض في النهاية إنزاله ودفنه بأنفسهم حسب التقاليد لأنه يعتبر مدّنسا ويجب تطهير الأرض من الجريمة التّي ارتكبها في حق نفسه.
وأصدقكم القول أن هذه النهاية كانت صدمة بالنسبة إلي لأني وددت لو يعيش أوكونكوو طويلا، وددت لو ينتصر على الرجال البيض، إلّا أن الخيانة التي تعرض إليها من طرف قبيلته التي قبلت بالوضع والتفاوض مع الرجال البيض كان نتيجة لذلك
أما رأيي العام حول الرواية فقد وجدت أن الترجمة رائعة جدا، الأحداث تعرفك على ثقافة جديدة، الحكايات التي تقصها الأمهات على أولادهن، الاحتفالات التي يقوم بها أهل القرية وكذلك الأكلات التي يتناولونها، تجعلك الرواية تغوص في عالم آخر وتودّ مشاهدة كل شيء تقرأه ممثّلا أمام عينيك.
أنصحكم بقراءة هذا العمل الممتاز، متوفر في المكتبات أو يمكنكم شراؤه عن طريق الانترنت من خلال موقع "الجزائر تقرأ"