- إنضم
- 13 أفريل 2013
- المشاركات
- 14,618
- نقاط التفاعل
- 54,537
- النقاط
- 1,756
- العمر
- 31
- محل الإقامة
- قسنطينة
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم وملأها بركـــــة
وكالعادة كلّما تبادرت إلى ذهني فكرة ما ورغبت في كتابتها على شكل قصّة قصيرة
إلّا وشاركتها معكم، أتمنى أن تروقكم وتلقى إعجابا منكم
وكالعادة انتقاداتكم تهمّني ^^
{أُريد الطّلاق}
كانت ليلةً ماطرة وباردة كغيرها من ليالي الشتاء؛ الرعد يدوّي من السماء وصوتُ والديَّ يدوّي من الغرفة المجاورة، إنه شجار عنيف كالعادة دائما ما تكون فيه الأواني ضحية مظلومة، ولكن هذه المرّة يبدو الشجار أعنف من سابقه فوالدتي لم تنتبه لوقوفي خلف الباب ولم تأمرني بالذهاب لغرفتي كما تفعل دائما وإنّما نفّذتُ الأوامر من تلقاء نفسي، هدأ الشجار قليلا وهدأتِ العاصفة خارجًا إلا من صوتِ قطرات المطر وهي تقرع الأسقف، غادر والدِي فجأة البيت مفرغا غضبه على الباب الذي صفعه بقوّة وهو يردّد كلمة واحدة "الطلاق"، من عادةِ والدتي أن تجلس باكية في نهاية كلّ معركة تحدث بينها وبين والدي لكنها اليوم كانت مبتهجة؛ سعيدة، يبدو أنّه حتّى المعارك قد تخالف قوانين البشرية ورغم عنفها تجعل النّاس سعداء، أو ربّما السبب الرئيسي للسعادة يعود إلى تلك الكلمة "الطلاق"، ترى ما معناها؟ سألت والدتي ذلك اليوم عن معنى هذه الكلمة فأخبرتني أنني لا أزال صغيرًا على هكذا مصطلح وأنّ الأيام ستكشِفُ لي معناه، ولكنّني بتُّ أعرفُ معنى هذه الكلمة، إنها حفلة يذهب إليها الآباء؛ فمنذ دخلت هذه الكلمة بيتنا وأمّي تتزيّنُ كلّ صباح ولا تعود إلى البيت إلا والشمس توشكُ على الغروب، ليلِيها والدي ويتأنّق كلّ مساء ويغادر البيت ولا يعود إلَا وبصحبته القمر في السمّاء، أحببتُ هذه الكلمة حقًّا وليتها زارت بيتنا منذ زمن؛ فأنا أنصتُ يوميًّا لضحكات أمّي وهي تتحدّث عبر الهاتف أظنّها تحدّثُ والدِي، أما أبي فلم يعدُ يوبّخني كما يفعل عادةً وإنّما صار لطيفًا معي وكأنّ شيئًا جميلًا طرأ في حياته تماما كما يحدثُ معي عندما أنال علامة كاملة في مادة الرياضيات، أصبح بيتنا هادئًا وجميلا رغم أنّنا لم نعد نتناول الغداء معًا على طاولة واحدة ورغم أنّنا لم نعد نخرج في النزهات سويًّا كما كنّا نفعل ورغم أنّني أبقى وحيدًا يومًا بأكمله لا يلاعبني أحد ولا يهتمّ لأمري أحد ولكن لا بأس أنا أضع ثقتي وأملي في "الطلاق" أكيد سيغيّر حال والديّ للأحسن.
ها قد مرّت ثلاثة أشهر كاملة ولم يحدث شيء، أقف أمام النافذة في ترقّب كما أفعل كلّ يوم وكلّما مرّت سيارة تماثل سيارة أبي أقفز فرحًا وألوّح بيدي ليخيب أملي ككل مرّة عندما أصدم بسائق لا يشبه والدي، ترى ألن يعودا لأخذي؟ تقول جدّتي أنّ والديّ ذهبا في رحلة قصيرة فقط وسيعودان لأخذي ولكن لم يظهر أيٌّ منهما، كانت كلّ الأمور تسير على ما يرام هل أخلف الطلاق وعده؟، تسللت لغرفة جدّتي وحملتُ هاتفها النقال خلسة ودوّنت رقم والدتي الذي أحفظه عن ظهر قلب، وبعد رنين طويل جاءني صوت رجل من خلف سماعة الهاتف، سألته في فضول "أين أمّي؟" فأجابني بغضب "كفاك لعبا يا فتى بالهواتف" فجأة حمل غيره سماعة الهاتف ليصلني صوت والدتي الذي اشتقته منذ زمن.
-أمّي أين أنتِ؟ ألن تأتي لأخذي؟ اشتقت لكِ.
-هذا أنت؟ أنا لن أعود فلست المسؤولة الوحيدة عنك، أم أن والدك يتزوّج وينعم بالرفاهية بينما أكون مقيّدة بك؟ اتصل بأبيك هو من عليه التكفّل بك أمّا أنا لديّ حياتي الخاصة.
أغلقت سماعة الهاتف فجأة ولم تعطنِ فرصة لأخبرها أنّ علاماتي تحسّنت كثيرا في الإملاء، ولا حتى بإخبارها عن الهدية الذي صنعتها في المدرسة خصيصا لها بمناسبة عيد الأم، كنت أودّ إخبارها أنّ جدّتي طيّبة وتعاملني بلطف ولكّنني تمنيت لو كانت هي بجانبي يوم ارتفعت حرارتي ومرضت، أردت فقط أن أعلمها باشتياقي إليها وبرغبتي الشديدة في ضمّها وفي العبث بأصابع يديها كما اعتدت دائما ولكنها لم تسمح لي بكلّ ذلك، لماذا فعلت ذلك بي؟ لقد اتصلت من أجلها؛ من أجلها وفقط، اغرورقت عيناي بالدّمع ثم انفجرت باكيا وشهقاتي ترتفع؛ أرفع رأسي للسماء بعينين مغمضتين تذرفان أنهارا من الدّموع وأصرخ بكلّ ما أوتيت من ألم وحزن وفقد، أقبلت جدّتي فزعة وأخذت ترتل بعض القرآن وعليّ كفّها المجعّد على جبيني وتتمتم بين الحين والآخر ببعض الأدعية، تمسّكت بثيابها بضعف ثم قلت بصوت مبحوح.
-أريد الطلاق يا جدّتي، تماما كما فعل والداي، اختارا الطلاق نيابة عنّي إذن سأختاره كذلك، سأتركهما وأختار الطلاق.
~بقلمي: لؤلؤة قسنطينة~
أسعد الله أوقاتكم وملأها بركـــــة
وكالعادة كلّما تبادرت إلى ذهني فكرة ما ورغبت في كتابتها على شكل قصّة قصيرة
إلّا وشاركتها معكم، أتمنى أن تروقكم وتلقى إعجابا منكم
وكالعادة انتقاداتكم تهمّني ^^
{أُريد الطّلاق}
كانت ليلةً ماطرة وباردة كغيرها من ليالي الشتاء؛ الرعد يدوّي من السماء وصوتُ والديَّ يدوّي من الغرفة المجاورة، إنه شجار عنيف كالعادة دائما ما تكون فيه الأواني ضحية مظلومة، ولكن هذه المرّة يبدو الشجار أعنف من سابقه فوالدتي لم تنتبه لوقوفي خلف الباب ولم تأمرني بالذهاب لغرفتي كما تفعل دائما وإنّما نفّذتُ الأوامر من تلقاء نفسي، هدأ الشجار قليلا وهدأتِ العاصفة خارجًا إلا من صوتِ قطرات المطر وهي تقرع الأسقف، غادر والدِي فجأة البيت مفرغا غضبه على الباب الذي صفعه بقوّة وهو يردّد كلمة واحدة "الطلاق"، من عادةِ والدتي أن تجلس باكية في نهاية كلّ معركة تحدث بينها وبين والدي لكنها اليوم كانت مبتهجة؛ سعيدة، يبدو أنّه حتّى المعارك قد تخالف قوانين البشرية ورغم عنفها تجعل النّاس سعداء، أو ربّما السبب الرئيسي للسعادة يعود إلى تلك الكلمة "الطلاق"، ترى ما معناها؟ سألت والدتي ذلك اليوم عن معنى هذه الكلمة فأخبرتني أنني لا أزال صغيرًا على هكذا مصطلح وأنّ الأيام ستكشِفُ لي معناه، ولكنّني بتُّ أعرفُ معنى هذه الكلمة، إنها حفلة يذهب إليها الآباء؛ فمنذ دخلت هذه الكلمة بيتنا وأمّي تتزيّنُ كلّ صباح ولا تعود إلى البيت إلا والشمس توشكُ على الغروب، ليلِيها والدي ويتأنّق كلّ مساء ويغادر البيت ولا يعود إلَا وبصحبته القمر في السمّاء، أحببتُ هذه الكلمة حقًّا وليتها زارت بيتنا منذ زمن؛ فأنا أنصتُ يوميًّا لضحكات أمّي وهي تتحدّث عبر الهاتف أظنّها تحدّثُ والدِي، أما أبي فلم يعدُ يوبّخني كما يفعل عادةً وإنّما صار لطيفًا معي وكأنّ شيئًا جميلًا طرأ في حياته تماما كما يحدثُ معي عندما أنال علامة كاملة في مادة الرياضيات، أصبح بيتنا هادئًا وجميلا رغم أنّنا لم نعد نتناول الغداء معًا على طاولة واحدة ورغم أنّنا لم نعد نخرج في النزهات سويًّا كما كنّا نفعل ورغم أنّني أبقى وحيدًا يومًا بأكمله لا يلاعبني أحد ولا يهتمّ لأمري أحد ولكن لا بأس أنا أضع ثقتي وأملي في "الطلاق" أكيد سيغيّر حال والديّ للأحسن.
ها قد مرّت ثلاثة أشهر كاملة ولم يحدث شيء، أقف أمام النافذة في ترقّب كما أفعل كلّ يوم وكلّما مرّت سيارة تماثل سيارة أبي أقفز فرحًا وألوّح بيدي ليخيب أملي ككل مرّة عندما أصدم بسائق لا يشبه والدي، ترى ألن يعودا لأخذي؟ تقول جدّتي أنّ والديّ ذهبا في رحلة قصيرة فقط وسيعودان لأخذي ولكن لم يظهر أيٌّ منهما، كانت كلّ الأمور تسير على ما يرام هل أخلف الطلاق وعده؟، تسللت لغرفة جدّتي وحملتُ هاتفها النقال خلسة ودوّنت رقم والدتي الذي أحفظه عن ظهر قلب، وبعد رنين طويل جاءني صوت رجل من خلف سماعة الهاتف، سألته في فضول "أين أمّي؟" فأجابني بغضب "كفاك لعبا يا فتى بالهواتف" فجأة حمل غيره سماعة الهاتف ليصلني صوت والدتي الذي اشتقته منذ زمن.
-أمّي أين أنتِ؟ ألن تأتي لأخذي؟ اشتقت لكِ.
-هذا أنت؟ أنا لن أعود فلست المسؤولة الوحيدة عنك، أم أن والدك يتزوّج وينعم بالرفاهية بينما أكون مقيّدة بك؟ اتصل بأبيك هو من عليه التكفّل بك أمّا أنا لديّ حياتي الخاصة.
أغلقت سماعة الهاتف فجأة ولم تعطنِ فرصة لأخبرها أنّ علاماتي تحسّنت كثيرا في الإملاء، ولا حتى بإخبارها عن الهدية الذي صنعتها في المدرسة خصيصا لها بمناسبة عيد الأم، كنت أودّ إخبارها أنّ جدّتي طيّبة وتعاملني بلطف ولكّنني تمنيت لو كانت هي بجانبي يوم ارتفعت حرارتي ومرضت، أردت فقط أن أعلمها باشتياقي إليها وبرغبتي الشديدة في ضمّها وفي العبث بأصابع يديها كما اعتدت دائما ولكنها لم تسمح لي بكلّ ذلك، لماذا فعلت ذلك بي؟ لقد اتصلت من أجلها؛ من أجلها وفقط، اغرورقت عيناي بالدّمع ثم انفجرت باكيا وشهقاتي ترتفع؛ أرفع رأسي للسماء بعينين مغمضتين تذرفان أنهارا من الدّموع وأصرخ بكلّ ما أوتيت من ألم وحزن وفقد، أقبلت جدّتي فزعة وأخذت ترتل بعض القرآن وعليّ كفّها المجعّد على جبيني وتتمتم بين الحين والآخر ببعض الأدعية، تمسّكت بثيابها بضعف ثم قلت بصوت مبحوح.
-أريد الطلاق يا جدّتي، تماما كما فعل والداي، اختارا الطلاق نيابة عنّي إذن سأختاره كذلك، سأتركهما وأختار الطلاق.
~بقلمي: لؤلؤة قسنطينة~