أبو مارية
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 28 ديسمبر 2020
- المشاركات
- 433
- نقاط التفاعل
- 1,009
- النقاط
- 26
- العمر
- 35
- محل الإقامة
- سيدي بلعباس
- الجنس
- ذكر
فصل حول أم إسمهان لالّة زهرة..
(مرّ عابر سبيل على القرية يحثّ خطى جواده، وما إن رآه الشيخ مقران حتى عاجله بشربة ماء و دعاه للقعود حتى يستجم بقوته و يريح جواده...
تحاورا و آنس الشيخ مقران الغريب و بدّد سحائب وِحشته حتى بلغ بهما الكلام عن لالّة زهرة و تفرّدها بالحسن و الإجلال.)
-سي مقران:لالّة زهرة يا أخي..لا أدري بما أصفها حقّا ففصاحتي تتلاشى حقّا أمام جلال هذه المرأة و جمالها... (هكذا قال حارس المقبرة الذي يعرف أهل الحومة فردا فردا).
- الغريب: طيّب أخبرني إذا، إذا كانت على ذلك القدر من الحسن و الوقار كيف آل بها المآل إلى بيت نحس تخيّم عليه الظلمات و الشرور ، لعل ذلك بذنب لها فعلته في الماضي فأخذها الله بذنبها و عاشت ذاك الشقاء...!
-سي مقران: هل أنت جاد؟! كل من ابتلاه الله فهو حقا قد قارف من قبلُ ما يغضب الله؟! أعيذك بالله أن تكون من جهّال القرية الذين قالوا أن كلما حدث لزهرة كان عقابا من الله..
(الحيرة و الشعور بالذنب يعقدان لسان الغريب)...
-سي مقران: زهرة كانت زبدة النساء و أبوها كان رجلا شريفا و أمها كانت آية عصرها، ولكن الله توفّاهما و زهرة زهرة يافعة فتكفّلها عمّها حينا من الدّهر ثم ضاق بتكاليفها ذرعا فباعها بثمن بخس لعائلة سي عْمَر...
لما بلغت أربعة عشر ربيعا، تغيّرت حياة لالّة زهراء نهائيّا... في ذلك اليوم الذي كانت تلعب مع دُماها حتى جاءتها زوج عمها و ألبستها أول لباس جميل رأته في حياتها كلها...!
ثم حُمِلت على بغلة عرجاء و سيق بها إلى بيت زوجها..
-الغريب: بيت زوجها؟!!!!
-سي مقران: أي و الله بيت زوجها و هي لا تعلم أين تقاد و الفرحة تغمرها بالملبس الجديد و المركب الظريف، الله لا يحط أي إنسان في موقفها..
(تحكي زهرة أنه لما وضعت في بيتها الجديد ، لم تصنع شيئا سوى أن قعدت عند باحة بيت و صنعت لنفسها من العيدان و القش المتناثر هنا و هناك دمية جديدة و سمتها إسمهان و ظلت تلعب معها و تحدثها...)
-الغريب: لكن ألم تتساءل الصبيّة عن المكان الجديد، كيف ارتحات له كل هذه الراحة ، كان ينبغي أن تجزع لأنها أبعدت عن ديارها، أقول هكذا المنطق فأين الخلل؟!
-سي مقران: لانّها أوّل ما وصلوا و استوحشت المكان سألت زوج عمها و أجابت زوج عمّها بأنهم راحلون كلهم و ليس عليها سوى الإنتظار...! كذبة رخيصة صدقتها صبيّة ساذجة هذا كل ما في الأمر يا صاح..
لما جاء زوجها و وجدها على تلك الحال لطمها على وجهها و سبّها بأبشع السبّ و أمرها بأن تنظف الإسطبل و تطعم الحمار...!
-الغريب: لا حول و لا قوّة إلا بالله، هذه زوجة أو أمة خادمة؟ لما لطمها و هل هكذا تفعل الكرام؟! لقد تغيّرت صورة سي عْمر تماما..كنت أحسبه من الأشراف و الله..
-سي مقران: سي عْمر يا ضيفي الكريم لا أكاد أفرّق بينه و بين الشيطان، و هو يزعم أنه من آل البيت و أن له على الجميع حقّ السمع و الطاعة ، و لست أدري أيّ بيت يقصد ، ففِعاله فعال آل بيت الشيطان و ليس آل بيت رسول الله، و المصيبة أن أهل القرية مخدوعون به كأنه ملاك مٌنزّل من السماء...
-الغريب: أمثاله كُثر فلا عجب و الله ، لكن الله يعلمهم و يعلم ما تخفي صدورهم، فهيهات هيهات أن يفرّوا من الله، هيهات هيات..
-سي مقران: حسنا لقد حان وقت الأكل و أنت ضيفي و إن لم تقصدني و لم تطرق بابي ، فهلمّ بنا إلى البيت...لن تمر بقرية مقران دون قوت ههه
-الغريب: أنا في عجلة من أمري و عليّ بلوغ المدينة قبل الفجر ، لكنني لن أفوت شرف الأكل معك على شرط أن تدلني على المقبرة لأحيّي ثرى لالّة زهرة بنت الأصل و الفصل...
-سي مقران: حسنا .. لقد اتفقنا إذا ، بيتي على بعد خطوات....
أخذ سي مقران عابر السبيل الغريب إلى بيته و أحسن مثواه، ثم تسامرا طرفا من الليل، و لما دنا الفجر رافقه إل المقبرة كما وعده من قبل و لما بلغا المقبرة هالهما ما لقياه... و سلبهما رشدهما ما لم يكن في الحسبان..!
-سي مقران: الله الله ، الله أكبر...!
(يتبع)
آخر تعديل بواسطة المشرف: