آلام و آلام (الفصل الرابع)

أبو مارية

:: عضو مُشارك ::
إنضم
28 ديسمبر 2020
المشاركات
433
نقاط التفاعل
1,009
النقاط
26
العمر
35
محل الإقامة
سيدي بلعباس
الجنس
ذكر
فصل حول نفس عظيمة في جسم صغير..!

لقد كانت زمجرة زمرة من ذئاب جائعة جامعة ، يقودها ذئب أسود حنكته الأيّام و ضرّسته التجارب، إن إسمهان بالنسبة لهم مجرد قضمات لإسكات جوع يتردّد صدى عوائه طول الليل في بطونهم، صدى يشبه حشرجات الموتى
في مذبحة سافرة...!
أدركت الصغيرة الخطر المحدق بها و بدون تردّد ، ولا ذهول قلّما يفلت منه أعتى الرّجال، أدركت أن عليها الفرار إلى شجرة توسطت بكبرياء ساحة المقبرة، قرّرت ذلك و بخفّة وسرعة بديهة و رشاقة استطاعت تسلق الشجرة قبل أن يدركها الذئاب...
لكن المصيبة أن غصنا أبى إلّا أن يشدّ ثوبها و يجعلها أقرب إلى الذئاب بقدر وثبة من أذكى و أجرأ ذئب في ذاك القطيع المشؤوم... يا لها من ليلة تعيسة لصبية خرجت من بطن أمها باكية و ظلت طول حياتها باكية و ها هي الآن تبكي آخر أنفاسها، غير بعيد عن مثوى أمها الحبيبة...

يا الله أ هي نهايتي؟.... هل سأفارق الحياة الآن و أفرق أشلاء في في بطون هذه الذئاب...أخيرا يا أمي سألتحق بك راضية فلا خير في الحياة بعدك و ليس بعدك إلا الأسى و الأحزان.

دخلت المغبونة في عاصفة فكرية أنستها تماما أهوال الخطر الذي تقاسيه، وأما جسمها الهزيل فقد صار فجأة آلة حربيّة فتّاكة متينة ، إنك لن تصدّق ما أقول حتّى تراها كيف طفقت ترفس الذئاب على وجوهها بعنف
و لكن شرّهم زاد عنادا و إصرارا ، و الغصن حسم أمره و انكسر ، و الصغيرة المجاهدة هوت بثقلها كله، و تلّقاها الذئب الأسود بنهشة في ساقها الرقيق، بلغت أنيابه على إثرها العظم..!

-لم تصرخ إسمهان ، و لم تنتحب ، بل نظرت إلى السماء لأنها فيها من هو أقوى من هذه الذئاب و لو ملأت الأرض، و قالت على براءة أمّها زهرة (يا الله ، إنك تعلم أنني ما كذبت، وما سرقت، وما آذيت أحدا، فإن أنجيتني من غمي هذا فإنّك أن الرحمن الرحيم، و إن تمكّنت الذئاب مني فإنّك أنت العزيز الحكيم و لن أعترض على قدرك فأنت أرحم بي)
خرجت تلك الكلمات بعذوبة لتشهد على عظمة هذي الصغيرة ، وعظمة أمها التي أحسنت تربيتها ، و لتترجم قوة إرادتها و استخفافها بالحياة التي جعلت كثيرا من الخلق شياطين في سرابيل إنس.
و أمّا الزمان و المكان معنيان تلاشيا في ذهن إسمهان أخيرا، و كل جوارحها خاشعة تنتظر حكم الله فيها، و أما الذئب الأسود فصار يسحبها أكثر فأكثر و هي تحاول قدر ما بقي من نفسها أن تتشبث بلحاء الشجرة العتيقة.
دوّى الرعد بقوّة و أزّ دويّه قلوب الذئاب المسعورة ، و بعدها و على لمح من بصر صوت آخر أشد عزيمة و قوة ينطلق من أقصى المقبرة صارخا (الله الله...الله أكبر)...!!!

(يتبع إن شاء الله)
 
دمت مبدعا في سماء المنتدى آخي بورك فيك على الموضوع القيم جعله الله في ميزان حسناتك يا رب العالمين اجمعين
 
دمت مبدعا في سماء المنتدى آخي بورك فيك على الموضوع القيم جعله الله في ميزان حسناتك يا رب العالمين اجمعين
شكر الله لك يا طيب
 
هنا جعلتني أرتبك من مشهد مطاردة الذئب لاسمهان خوفا من نهشها هههه حمدا لله أن الله أنقذها بلطفه
أعجبني انك جعلت من صوت الرعد سببا لهروب الذئاب!
لكن ماسر الصوت البشري في الأخير!
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top