تفسير سورة الفاتحة

MOHAMED LAMINE7

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
4 فيفري 2016
المشاركات
4,569
نقاط التفاعل
5,182
النقاط
191
تفسير سورة الفاتحة
اعداد الموضوع: محمد بن لمين

قوله: " الحمد لله " كأنه يخبر أن المستحق للحمد هو الله عز وجل وفيه تعليم الخلق تقديره قولوا الحمد لله والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة. والشكر لا يكون إلا على النعمة، فالحمد أعم من الشكر . فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامداً. وقيل: الحمد باللسان قولاً: والشكر بالأركان فعلاً قال الله تعالى " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً " (11 - الإسراء) وقال " اعملوا آل داود شكراً " (123 - سبأ).
قوله " رب العالمين " فالرب يكون بمعنى المالك ، ويكون بمعنى التربية والإصلاح، فالله تعالى مالك العالمين ومربيهم. واختلفوا في العالمين قال ابن عباس: هم الجن والإنس لأنهم المكلفون بالخطاب قال الله تعالى: " ليكون للعالمين نذيراً " (1 - الفرقان) وقال قتادة و مجاهد و الحسن : هم جميع المخلوقات. قال الله تعالى: " قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السماوات والأرض وما بينهما " (23 - 24 الشعراء) واشتقاقه من العلم والعلامة سموا به لظهور أثر الصنعة فيهم قال أبو عبيد: هم أربعة أمم: الملائكة، والإنس، والجن، والشياطين، مشتق من العلم، واختلفوا في مبلغهم قال سعيد بن المسيب لله ألف عالم ستمائة في البحر وأربعمائة في البر وقال مقاتل بن حيان : لله ثمانون ألف عالم أربعون ألفاً في البحر وأربعون ألفاً في البر. وقال وهب : لله ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم منها، وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين أحد إلا الله قال الله تعالى: " وما يعلم جنود ربك إلا هو " (31 - المدثر).
" الرحمن الرحيم " قوله " مالك يوم الدين ". قال أبو عبيدة: مالك أجمع وأوسع لأنه يقال مالك العبد والطير والدواب ولا يقال ملك هذه الأشياء. ,لأنه لا يكون مالكاً لشيء إلا وهو يملكه، وقد يكون ملك الشيء ولا يملكه. قال مجاهد : الدين الحساب، قال الله تعالى: " ذلك الدين القيم " (36 - التوبة) أي الحساب المستقيم و " ملك الناس " ( سورة الناس ) قال ابن عباس و مقاتل و السدي : ملك يوم الدين قاضي يوم الحساب وقال قتادة : الدين الجزاء. ويقع على الجزاء في الخير والشر جميعاً يقال: كما تدين تدان. قال محمد بن كعب القرظي : ملك يوم لا ينفع فيه إلا الدين، وقال يمان بن (رباب) : الدين القهر. وقيل: الدين الطاعة أي يوم الطاعة. وإنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكاً للأيام كلها لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك ولا أمر إلا له، قال الله تعالى: " الملك يومئذ الحق للرحمن " (26 - الفرقان) وقال: " لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار " (16 - غافر) وقال: " والأمر يومئذ لله " (19 - الانفطار) .
قوله: " إياك نعبد " قوله: " نعبد " أي نوحدك ونطيعك خاضعين، والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع وسمي العبد عبداً لذلته وانقياده ." وإياك نستعين " نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا فإن قيل: لم قدم ذكر العبادة على الاستعانة والاستعانة تكون قبل العبادة؟ فلهذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل. ونحن بحمد الله نجعل التوفيق (والاستعانة) مع الفعل، فلا فرق بين التقديم والتأخير ويقال: الاستعانة نوع تعبد فكأنه ذكر جملة العبادة أولاً ثم ذكر ما هو من تفاصيلها.
قوله " اهدنا الصراط المستقيم " اهدنا أرشدنا وقال علي وأبي بن كعب: ثبتنا. وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية بمعنى التثبيت وبمعنى طلب مزيد الهداية لأن الألطاف والهدايات من الله تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة (( الصراط )) والصراط المستقيم قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهما: هو الإسلام وهو قول مقاتل . وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو القرآن/ وروي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً (( الصراط المستقيم كتاب الله )) وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: طريق الجنة. وقال سهل بن عبد الله : طريق السنة والجماعة. وقال بكر بن عبد الله المزني : طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ وقال أبو العالية و الحسن : رسول الله وآله وصاحباه ].
قوله " صراط الذين أنعمت عليهم " أي مننت عليهم بالهداية والتوفيق قال عكرمة: مننت عليهم بالثبات على الإيمان والاستقامة وهم الأنبياء عليهم السلام، وقيل: هم كل من ثبته الله على الإيمان من النبيين والمؤمنين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين " (69 - النساء) وقال ابن عباس: هم قوم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن غيروا دينهم. وقال عبد الرحمن ابن زيد : هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه. وقال أبو العالية : هم آل الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأهل بيته وقال شهر بن حوشب : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته. " غير المغضوب عليهم " يعني غير صراط الذين غضبت عليهم، والغضب هو إرادة الانتقام من العصاة، وغضب الله تعالى لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين. " ولا الضالين " أي وغير الضالين عن الهدى. وأصل الضلال الهلاك والغيبوبة،.وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين. وقيل: المغضوب عليهم هم اليهود والضالون: هم النصارى لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب فقال: " من لعنه الله وغضب عليه " (60 - المائدة) وحكم على النصارى بالضلال فقال: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل " (77 - المائدة) وقال سهل بن عبد الله : غير المغضوب (عليهم) بالبدعة، ولا الضالين عن السنة. والسنة للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة (( آمين )) بسكتة مفصولة عن الفاتحة . ومعناه: اللهم اسمع واستجب. وقال ابن عباس و قتادة : معناه كذلك يكون. وقال مجاهد هو اسم من أسماء الله تعالى. وقيل: هو طابع الدعاء. وقيل هو خاتم الله على عباده يدفع به الآفات عنهم كخاتم الكتاب يمنعه من الفساد وظهور ما فيه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الامام -غير المغضوب عليهم ولا الضالين - فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ".
..........................
اعداد الموضوع: محمد بن لمين
المرجع: كتاب التفسير : معالم التنزيل
المؤلف : محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top