غزو النورمان لصقلية
قد نظن ان غزو صقلية كانت حملة صليبية قصيرة قبل ان تقع الحروب الصليبية نفسها و لم يقرها مجلس الكنيسة و لكن غزوها فكر فيه ونفذه النورمان الذين اتصفوا بالجرأة و كما استفادت الحروب الصليبية من الخلافات بين المسلمين ففى صقلية ايضا لم يتورع النورمان فى عقد محالفات مع بعض المسلمين ثم يتركوهم بعد ذلك لزراعة اراضيهم فى سلام مقابل تحالفهم مع النورمان .
و لقد بدأ الغزو فى صقلية بالاستيلاء على مسينا messina عام 1061م و استمرت فترة الغزو ثلاثين عام و قام بهذا العمل روجر الثانى بمساعدة روبرت جويسكارد فى السنين الاولى من حكمه و لذلك ادعى روبرت بأن له نصيب فى هذه الانتصارات و كانت النقطة الحاسمة هو مشروع مشترك بين روبرت وروجر الثانى الذى نتج عنه حصار و غزو بالرمو 1072م الذى مكن النورمان من الاستيلاء على العاصمة الاسلامية التى كانت تعتبر اكبر مدن صقلية و التى كان بها ميناء سمى باسم المدينة.
و تفاصيل سقوط صقلية فى ايدى النورمان يرجع للنزاع الذى قام بين ابن الثمنة الملقب بالقادر بالله صاحب طرابلس و بين صهره القائد أبن الحواس على بن نعمة صاحب قطانيا و سرقوسة فأستنجد أبن الثمنة بالنورماندين المقيمين بقلورية و سجل دخولهم على مسرح الحوادث فى صقلية ضياع هذه الجزية من أيدى المسلمين ..
و قد تمكن روجر النورماندى من بسط نفوذه على الجزيرة تدريجيا و استنجد اهل صقلية بالمعز بن باديس ضد روجر فجمع المعز عددا من سفنه و ابحر قاصدا صقلية و لكن عاصفة عاتية أغرقت سفنه و كانت الكارثة ضربة قاضية لآماله فقد استطاع النورمان السيطرة عندها على معظم الجزيرة .
و حاول الأمير أسترجاعها الا انه فشل فترك صقلية لمصيرها التعس و أستطاع روجر أن يمتلك الجزيرة بأستثناء مدينتى قصريانة و جرجنت اللتين حاصرهما النورمان حصارا شديد حتى ضاق الأمر على أهلها فأكلوا الميتة و لم يبق لديهم ما يأكلوا فأضطر أهل جرجنت للتسليم أما قصريانة فظلت بعدها بثلاث سنوات فلما اشتد الامر على اهلها اذعنوا للتسليم فتسلمها النورمان فى سنة 1091م .
و لقد تطلبت هذه الحروب من الكونت روجر مهارة عسكرية وحربية كبيرة و على اى حال انتهت فترة الغزو واستسلمت اخر قلعة عربية اسمها موتو 1091م ..
و بسيطرة الكونت وجد أن التسامح الدينى يسود بين المسلمين و البيزنطيين وغيرهم فى صقلية منذ كان المسلمين هم الحاكمين فهم من وضعوا اساس هذه السياسة فلقد كان المسلمين و النصارى يعيشون جنبا الى جنب و هكذا ابقى روجر على وجده و هذا ان دل يدل على عظمة الحكام العرب و مدى تأثيرهم القوى على مناطق لم تكن عربية ولكننا عربناها و تأثروا بنا اكثر مما تأثرنا بهم بل و جعلناهم يرغبون فى جعلنا حكام عليهم فيا ليت الزمن يعود للوراء .................