• [ مسابقة الماهر بالقرآن ]: هنيئا لأختنا فاطمة عليليش "Tama Aliche" الفوز بالمركز الأول في مسابقة الماهر بالقرآن التي نظمت من قبل إذاعة جيجل الجهوية وتحت إشراف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية جيجل. ونيابة عن كافة أعضاء وطاقم عمل منتدى اللمة الجزائرية نهنئك بهذا الفوز فألف ألف ألف مليوون مبروك هذا النجاح كما نتمنى لك المزيد من النجاحات والتوفيق وأن يكون هذا الإنجاز إلا بداية لإنجازات أكبر في المستقبل القريب بإذن الله. موضوع التهنئة

ضحايا قناتي طيور الجنة و mbc 3 ....هااااام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياجماعة الخير ، الموسيقى حرام حرام حرام باجماع اقوال العلماء المسلمين،

حتى لو كان الكلام المتحدث به اسلامي وتروبوي فالمعازف لاتجوز ، والاطفال هم النواه للمجتمع فعند تعود آذانهم على سماع الموسيقى
وهم صغار يصعب انفصالهم عنها وهم كبار والذنب على اولياء الامور حينها فهم المسؤولين عن ذلك ،

فالرجاء كل الرجاء الانتباه لهذه النقاط وعدم التحجج بأي شيء
فمن حام حول الحمى اوشك أن يقع فيه
اهلا الاخت الفاضلة من جديد
يجب ان لا يدفعنا الخوف من الموسيقى الى تحريمها
التشدد في هذا الباب قد يؤدي الى نتائج عكسية
لكن ان يرفض شخص تحية العلم بدعوة ان بها موسيقى
وان يثير اخر المعارك من اجل صوت منبه لانه موسيقى
ويرفض اخر سماع نشرة الاخبار لان مقدمتها موسيقية
هذه المسألة وقع التشدد فيهاغ بصورة كبيرة
هناك قنوات تدعوا الى العنف في افلامها لماذا نسكت عنها
هناك قنوات تدعوا الى التسامح مع بني صهيون لماذا نسكت عنها
هناك قنوات تدعوا الى الفتنة بصورة ظاهرة لماذا السكوت عنها
فقط طيور الجنة لان بعض الاناشيد بها موسيقى يجب الوقوف ضدها
هذا منطق غريب لم يراعى فيه فقه الاولويات
طيب الله اوقاتكم
 
سلام ... طيور الجنة الآن في غزة ...لو تشفوا الفرحة على وجوه هل الأطفال المحرمين من كل شيئ ....ومن رسم إبتسامة على وجه طفل يتيم أجره كبير عند الله .... طيور الجنة حفرت في أذهان أطفالنا أن هناك قضية يقال لها القضية الفلسطينية ...

حتى أئمتنا لم يبادروا ويزوروا هل الشعب المظلوم ...
 
سلام ... طيور الجنة الآن في غزة ...لو تشفوا الفرحة على وجوه هل الأطفال المحرمين من كل شيئ ....ومن رسم إبتسامة على وجه طفل يتيم أجره كبير عند الله .... طيور الجنة حفرت في أذهان أطفالنا أن هناك قضية يقال لها القضية الفلسطينية ...

حتى أئمتنا لم يبادروا ويزوروا هل الشعب المظلوم ...
بارك الله فيك ، و جازاك الله كل خيرا
ربما وقوف هذه القناة بقوة الى جانب اهل غزة
هو الذي جعلها تدفع الثمن
وينادي الناس بغلقها
هناك اطراف لا تريد ازعاج اسرائيل
تريد فقط ان يبقى اطفالنا ضحية
رسوم اليبان او امريكا او حتى الصين
لكن ان يذكرهم شخص بارض الرباط فهذا غير مسموح
القضية سياسية
والذين يريدون اسكات طيور الجنة
يهدفون الى اسكات الجيل القادم امام الهم الصهيوني
طيب الله اوقاتكم

 
السلام عليكم ان تتفرج على قناة طيور الجنة خير من ان تتفرج على melody او rotana وايضا هذه القناة ساندت فلسطين باناشيدها اكثر من اي قناة اخرى و لها رسائل تربيوية في اناشيدها
مع كل احترامي لوجهة نظركم
نوافق الراي خويا :heh:
 
جزاك الله كل خير و أؤيد ما تقولين فيما يخص أم بي سي 3 هي خطرلأنها تبرمج كل يوم فلم في المساء بحجة أفلام الصيف للأطفال و خاصة رسوم متحركة مطولة على شكل قصص خيالية و كذا بعض الرسوم المتحركة نرى فيها بوضوح ارتداء فتاة للصليب دون أن ننسى الرسوم المتعلقة بالإحتفال برأس السنة الميلادية فكثير من الأطفال ينبهرون بها و بالهديا التي يقدمها أبوهم نواال لأطفالهم مع إظافة بسيطة فيما يخص اشهاراتهم فيما يخص مجموعة أم بي سي عن الخمر و العياذ بالله
تقبلي مروري أختاه
بارك الله فيك و جزاك كل خير
 
آخر تعديل:
اهلا بكم جميعا
لا نريد ان نثير معركة من اجل قضية المعازف
لكن لا نريد التشدد في هذا الباب ولا نريد التساهل فيه ايضا
نريد ان نكون اهل وسطية وانصاف فقط
أهلا بك أخي أسامة وجزاك الله كل خير
وكلامك هذا كلام جميل وجيد . نسأل الله عز وجل أن نكون وإخواننا من أهل الوسطية
ونعوذ بالله من التشدد في الدين والغلو فيه

فالله تعالى يقول :
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)./ .المائدة.
نعوذ بالله من الغلو ومن اتباع الأهواء

وقال تعالى :
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)./ .المائدة.
نسأل الله أن لا يجعلنا منهم

وقال تعالى:(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) ./ .المائدة.
***************
***************
وعلينا أن نفهم هذه الوسطية التي ندعو إليها
فما هي الوسطية؟
وهل هناك وسطية أفضل من وسطية صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وتابعي التابعين؟
وعلينا الفصل بين اتباع الكتاب والسنة الذي هو الوسطية وبين اتباع ما تستأنس به النفس وتميل إليه من اتباع الهوى.
فالوسطية كل الوسطية في اتباع الكتاب والسنة والوسطية كل الوسطية في عدم مخالفة الكتاب والسنة . كل ذلك على فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الوسطية وهذا الدين

إذا تبين ذلك فإنه لا يمكن إطلاق وصف التشدد والغلو على من استمسك بالكتاب والسنة على فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل الوسطية في تحري الحق بدليله والبحث عنه . والرجوع عن الباطل متى ما تبين الحق في خلافه
نقول تلك هي الوسطية وعين الوسطية.

وجزاك الله خيرا أخي أسامة على هذا التذكير
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
 
انقل لكم فتوى للشيخ يوسف القرضاوي في هذا الباب :

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًا لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لون من ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح الله لعباده.

ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كان المغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.

ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئك طورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلت الإذاعة –المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.

والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.

اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذ الغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيام الأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد.

واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجة الكبيرة.

ولأهمية الموضوع نري لزامًا علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقي عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، حتي يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام، متبعًا للدليل الناصع، لا مقلدًا قول قائل، وبذلك يكون علي بينة من أمره، وبصيرة من دينه.

الأصل في الأشياء الإباحة: ـ
قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالي: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا) (البقرة: 29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالي، أو سنة رسوله –صلي الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة، قال تعالي: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). (الأنعام: 119).

وقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم-: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسي شيئا"، وتلا: (وما كان ربك نسيا) (مريم: 64). رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الداراقطني عن أبي ثعلبة الخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووي في الأربعين.
وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها.

أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروا لهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.

ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابن حزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.

واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهي شبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.

روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225، والمائدة: 89).
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147 ط دار الشعب بمصر).
علي أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". (رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم).

وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في "المحلي" ردًا علي الذين يمنعون الغناء قال: (احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إلي قسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب، وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصية الله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلك علي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلي بستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).

جـ- واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.
وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فإن قوله: "فهو باطل" لا يدل علي التحريم بل يدل علي عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوي لها علي الحق. علي أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلي الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولا شك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، ولا يحرم عليه شيء منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.

واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزان وتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.
ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" –كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.

ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه.

هـ- واستدلوا بحديث: "إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الحديث ضعيف.
ثانيا: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالي عنها. (الإحياء ص 1148) وسيأتي.

ثالثا: كان هؤلاء القيان المغنيات يكون عنصرًا هامًا من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجيًا، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي علي امتلاك "القينة" وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.

ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباح النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًا ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.

واستدلوا أيضًا لما روي: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثًا عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال -وبخاصة الصوفية- إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم علي المعصية، ويهيج الشوق إلي الله تعالي، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذاق عرف، وليس الخبر كالعيان.

علي أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه علي غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلي الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريمًا، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهلجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيرًا (الإحياء ص 1151) .

واستدلوا علي تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله علي أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلي أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.
فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روي الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.

والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسول الله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.

أدلة المجيزين للغناء:
تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحدًا بعد الآخر، ولم يقف دليل منها علي قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية ؟
وهاك بيانها:

أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.

والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي الله عنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني ؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!

وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.

واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما -بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-، وتركه قائمًا.
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
واستدلوا لما نقله غير واحد من الإجماع علي إباحة السماع، كما سنذكره بعد.

وثانيا: من حيث روح الإسلام وقواعده:
لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم ... إلخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال ؟
من المعروف أن الله تعالي كان قد حرم علي بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم علي سوء ما صنعوا، كما قال تعالي: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهو عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160، 161). فلما بعث الله محمدًا –صلي الله عليه وسلم- جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). (الأعراف: 157).

فلم يبق في الإسلام شيء طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالي: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات). (المائدة: 4).
ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم علي نفسه أو علي غيره شيئًا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) (يونس: 59). وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعي علي من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء علي الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (الأنعام: 140).

ولو تأملنا لوجدنا حب الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتي إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلي الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتي قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوة نشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) .

وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها ؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.
ومصداق ذلك أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحي ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلي الحبشة يلعبون في المسجد، حتي أكون أنا التي أسأمه -أي اللعب- فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو".
وإذا كان الغناء لهوا ولعبًا فليس اللهو واللعب حرامًا، فالإنسان لا صبر له علي الجد المطلق والصرامة الدائمة.

قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.
وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.

وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. علي أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها علي الجد، فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظب علي نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل، اللهو معين علي الجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فإذًا اللهو علي هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصل به إلي المقصود الذي ذكرناه. نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال، فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب، ووجوه التلطف بها، وسياقتها إلي الحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه) انتهي كلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)، وهو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحقة.
القائلون بإجازة الغناء:
تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلي ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء ؟
وحسبنا أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- علي حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص- روي عنهم إباحة الغناء.
قال الإمام لشوكاني في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يري بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .

وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلي جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .

وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تري بذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا، وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر، وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره.
وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.
وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلي الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.

وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكي الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.

وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابن طاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.

هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة -أي آلات الموسيقي- وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق علي حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضًا إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر -كما رواه ابن عبد البر وغيره- وعثمان- كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي -وعبد الرحمن بن عوف- كما رواه ابن أبي شيبة- وأبو عبيدة بن الجراح- كما أخرجه البيهقي- وسعد بن أبي وقاص- كما أخرجه بن قتيبة- وأبو مسعود الأنصاري- كما أخرجه البيهقي- وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد- كما أخرجه البيهقي أيضا- وحمزة كما في الصحيح- وابن عمر- كما أخرجه ابن طاهر- والبراء بن مالك- كما أخرجه أبو نعيم- وعبد الله بن جعفر- كما رواه ابن عبد البر- وعبد الله بن الزبير- كما نقل أبو طالب المكي- وحسان- كما رواه أبو الفرج الأصبهاني- وعبد الله بن عمرو- كما رواه الزبير بن بكار- وقرظة بن كعب- كما رواه ابن قتيبة- وخوات بن جبير ورباح المعترف- كما أخرجه صاحب الأغاني- والمغيرة بن شعبة- كما حكاه أبو طالب المكي- وعمرو بن العاص- كما حكاه الماوردي- وعائشة والربيع- كما في صحيح البخاري وغيره.

وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية) . انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .

قيود وشروط لابد من مراعاتها:
ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا، فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.

والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم ؟!
والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحب العيون جريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (النور: 30، 31). ويقول –صلي الله عليه وسلم- يا علي : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".

ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة- ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح علي جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وإشعالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.

إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) . فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة المائلة في الأذهان عند ما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.

وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
وأود أن أنبه هنا علي قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلي الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.
أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلي الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلي جانب الإذن والتيسير.

هذا إلي أن الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حبًا فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسدًا وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا وفي الدنيا بين حق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيره وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة ... إلخ فلكل عاطفة حقها.

أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك علي حساب العواطف الأخري، وعلي حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلي حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلي حساب الدين ومثله وتوجيهاته.

إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتي في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا ؟!
إن هذا دليل علي فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل علي إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاعنًا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه ؟
وبعد هذا الإيضاح تبقي هناك أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغي فيه الجانب الحيواني علي الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة علي قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.

تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:
ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلي السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعني عقوبة الله علي الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.

قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا علي ما يصيرون إليه غدًا لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليًا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل -وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي -صلي الله عليه وسلم- فكانوا يجمعون أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا قد هذا صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأري كذا، وأما "حلال" و "حرام" فهذا الافتراء علي الله. أما سمعت قول الله تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) يونس: 59؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.
ونقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال:
(أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير.

وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم -وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه ! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته.
وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).
والله أعلم
منقول عن اسلام اون لاين
بارك الله في الأخ أسامة على نقله هذا
وهو جواب ونقل علمي
فجزاه الله خيرا
*************************
*************************
وكانت هذه مشاركة الأخت om leith
بعد حذف الرابط المخالف ونقل الأدلة بتمامها :






*نقض البناء على من أباح الغناء*

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
إن مما يحزن المسلمَ الغيورَ على دينه أن يبحث بعض المسلمين عن السعادة في غيره، ويبحثون عن البهجة فيما عداه، يضعون السموم مواضع الدواء، طالبين العافية والشفاء في الشهوات والأهواء.ومن ذلك.. عكوف كثير من الناس اليوم على استماع آلات الملاهي والغناء، حتى صار ذلك سلواهم وديدنهم، متعللين بعلل واهية وأقوال زائفة، تبيح الغناء وليس لها مستند صحيح، يقوم على ترويجها قوم فُتنوا باتباع الشهوات واستماع المغنيات. وكما نرى بعضهم يروج للموسيقى بأنها ترقق القلوب والشعور، وتُنمي العاطفة، وهذا ليس صحيحاً، فهي مثيرةللشهوات والأهواء..ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم،وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم.
الغاية من هذا البحث :
أريد أن أبين في هذا البحث ردود العلماء على ابن حزم في إجازته للغناء والموسيقى ،وذلك بعد وقوع الاجماع على تحريمه، خاصة في رده للحديث الصحيح الذي في البخاري وفي أدلته الأخرى عامة ، وكذا الرد على من تبعه في هذا وهو الدكتور يوسف القرضاوي وبعض مؤيديه من المعاصرين .

وفي هذا البحث سنعرج بإذن الله على :

1- تعريف الغناء .
2- ذكر اجماع الأمة على تحريمه .
3- ذكر أدلة المحرمين .
4- ذكر أدلة المبيحين الشاذة عن إجماع المسلمين .
5- مناقشة أدلة المبيحين وبيان بطلانها .
6- بيان عدم الاعتبار بمن خالف بعد وقوع الاجماع .
7- ذكر بعض أقوال الفقهاء من المذاهب الأربعة المطبقة على تحريم الموسيقى المصاحبة للغناء .


أولا :
تعريف الغنـاء:
جاء في لسان العرب أن الغناء هو "كل من رفع صوته ووالاه، فصوته عند العرب غناء."( لسـان العرب: ٦/٣٣٠٩ )والغناء من الصوت ماطرّب به .

ويطلق الغناء (بالمد والكسر): على الترنم الذي تسميه العرب(النصب) بفتح النون وسكون المهملة، وعلى الحداء (بالمد والكسر) المعروف عند العرب وعلى مجرد الانشاد: قال ابن الأثير في النهاية في حديث عائشـة (وعندي جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث) أى تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث.(الفتـح: ٢/٤٤٢_٣/٣٩٢ - البخاري في التوحيد: رقم ٦٩٧٣/ أبو داود: الصلاة: رقم ١٢٥٧، وأحمد: ١٣٩٦).
وعلى هذا فإن الغناء المعروف عند العرب، ورفع الصوت وموالاته مع شيء من التطريب والتلحين ولم يكن معروفاً بضرب الكف أو القضيب أو غيرها من الآلات.
يقول شـيخ الإسـلام: "وإذا عرف هذا: فاعلم أنه لم يكن في القرونالثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا بمصر والمغرب والعراق وخراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة، من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية إنما حدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية، فلما رآه الأئمة أنكروه."(مسألة السماع والرقص،( ٣٠).
قلت : وبهذا يعرف أن الغناء عام يشمل ما كان بآلات الملاهي وما كان بدونها من الانشاد والحداء ، وعلى هذا ينزل ما أباحه بعض أهل العلم من الغناء.
ثانيا :
ذكر من نقل الاجماع من العلماء :
الاجماع حكاه جملة من العلماء كابن رجب فيما حكاه عن أبي بكر الآجري(نزهة الاسماعفي مسألة السماع 25)
وابي الطيب الطبري حيث قال : فأما سماع آلاتاللهو فلم يحك في تحريمه خلافا(نزهة الاسماع62)وكذا الامام البغوي حيث قال (واتفقوا على تحريم المزامير والملاهي والمعازف)(شرح السنة 12/383)
وكذاالموفق ابن قدامة حيث قال(آلة اللهو كالطنبوروالمزمار آلة للمعصية بالاجماع) (المغني 9/115) والامام أبي عمرو بنالصلاح( فليعلم أن الدف والشبابة والغناء اذا اجتمعت فاستماع ذلكحرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله فيالاجماع والاختلاف أنه اباح السماع) (فتاوى ابن الصلاح 300)
وكذاابو العباسالقرطبي( أما المزامير والاوتار والكوبة.. فلا يختلف في تحريمسماعه، ولم اسمع أحدا ممن يعتبر قوله من السلف وائمة الخلف من يبيح ذلك)(كشفالقناع عن حكم الوجد والسماع 72)
والنووي (المزمار العراقي ومايضرب به الاوتار حرام بلا خلاف) ( روضة الطالبين 8/205)
وغيرهمكشيخ الاسلام ابن تيمية( مجموع الفتاوى 28/118)وابن القيم(مدارج السالكين 1/491)والامامالبزازي من علماء الحنفية(البحر الرائق 7/89)وابن حجر الهيتمي(كف الرعاع 124) وأيضاالخليفةعمر بن عبد العزيز وقد أقره على ذلك الامام الاوزاعي،
ثالثا :
أدلة المحرمين:
وهي معروفة غنية عن الذكر ، ولكن نشير فقط لحديث البخاري وهذا نصه (وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثناعطية بن قيس الكلابي حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر - أو أبومالك - الأشعري والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول(ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلنأقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولواارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ( صحيح البخاري (5 / 2123(.

يتبع............
 
رابعا :
شبه القائلين بالاباحة (وهي أدلتهم) :
اشتهرالإمام أبو محمد علي بن أحمد المعروف بإبن حزم الظاهري الأندلسي برأيه في مسألة الغناء بجوازه مطلقاً، وتابعه في قوله الإمام أبو الفضل محمد بن طاهر الشيباني المقدسي (معروف باين القيسراني) في كتابـه (كتاب السماع)ونحى نحوهما الإمام الجليل أبي بكر محمد بن عبدالله المعروف بإبن العربي في تفسير قوله تعالى: (ومَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ..الآية). واتبع هذه الأقوال من المعاصرين الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وعف عنه والشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله وغيرهم.
قال ابن حزم في مسألة بيع آلات اللهو: "لم يأت نص بتحريم شيء في ذلك واجتح المانعون بآثار لاتصح أو يصح بعضها، ولا حجة لهم فيها... وقال "وقال "ولا يصح في هذا الباب شيئ أبداً، وكل مافيه موضوع..." (المحلى (9/55- 59).
وقال ابن العربي: "هذه الأحاديث التي أوردناها لايصح منها شيء بحال، لعدم ثقة ناقليها إلى مَنْ ذكر من الأعيان منها.."
وقال الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه الحلال والحرام: ‏"ومن اللهو الذي تستريح إليه النفوس وتطرب له القلوب وتنعم به الآذان الغناء وقد أباحه الإسلام ما لم يشتمل على فحش أو خنا أو تحريض على إثم‏.‏ ولا بأس أن تصحبه الموسيقى غير المثيرة واستحبه في المناسبات السارة إشاعة للسرور وترويحا للنفوس وذلك كأيام العيد والعرس وقدوم الغائب وفي وقت الوليمة والعقيقة وعند ولادة المولود.‏" ثم نقل المؤلف‏:‏ عن الغزالي أنه ذكر في كتاب الإحياء أحاديث غناء الجاريتين ولعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم وتشجيع النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي موضع آخر تحدث عن صحة أحاديث تحريم المعازف قائلاً: "‏وأما ما ورد فيه من أحاديث نبوية فكلها مثخنة بالجراح لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه."(٢١٨-٢٢١) .

وبذلك هم يرون أن الغناء على الأصل الذي هو الإباحة، مالم يأت دليل صحيح ينص على التحريم. لاسيما أن هناك أدلةتثبت هذا الأصل وتبقيه عليه وهى صحيحة.. ولعل أكثر حديث تمسكوا به - أى القائلون بالإباحة - هو حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت:
"دخل علي رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏وعندي‏ ‏جاريتانتغنيانبغناء‏‏بعاث‏ ‏فاضطجع على الفراش وحولوجهه فدخل‏ ‏أبو بكر‏ ‏فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند رسول الله ‏صلى اللهعليه وسلم ‏ ‏فأقبل عليه رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏فقال ‏دعهما فلماغفل غمزتهما فخرجتا قالتوكانيومعيد يلعب‏ ‏السودان ‏‏بالدرق ‏والحراب فإما سألت رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏وإماقالتشتهينتنظرين فقالت نعم فأقامني وراءه خدي على خده ويقول دونكم ‏ ‏بني أرفدة ‏ ‏حتى إذامللت قال حسبك قلت نعم قال فاذهبي" (أخرجه البخاري برقم(950) ومسلم برقم(892) .


فال ابن حزم: "إنهما كانتا تغنيان، فالغناء منها قد صح، وقولها ليستا بمغنيتين، أى ليستا بمحسنتين، وهذا كله لاحجة فيه، إنما الحجة في إنكاره صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قوله أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصح أنه مباح مطلق لا كراهة فيه." (المحلى 9/62).

واحتج ابن حزم بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن نافع أنه قال: "سمع ابن عمر مزماراً، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأىعن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال: فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه منأذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا"قال ابن حزم تعليقاً على الحديث: "لو كان المزمار حراماً سماعه لما أباح صلى الله عليه وسلم لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حراماً سماعه لما أباح لنافع سماعه ولأمر رضي الله عنه بكسره ولا بالسكوت عنه، فما فعل رضي الله عنه شيئا من ذلك، وإنما تجنب رضي الله عنه سماعه كتجنبه أكثر المباح من أكثر أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئاً..."( المحلى 9/62) .

واستدلوا ببعض أحاديث منها مارواه البخاري عن عائشة قالت: زفت إمرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله صلى الله عليهم وسلم: "ياعائشة ماكان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو"(صحيح البخاري، بشرح عمدة القاري: ٢٠/١٤٩).

ومنها حديث جابر قال: "أنكَحَت عائشة ذات يوم قرابة لها رجلً من الأنصار، فجاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم، قال: أرسلتم معها؟ فقال أبو محمد: كلمة ذهبت عني. فقالت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم"(صحيح، رواه البخاري، انظر الجامع الصحيح للألباني رقم ٥٠٢٤ )

ومنها حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أنيتغنىبالقرآن)( أخرجه البخاري برقم 4736).
كما استدلوا ببعض الآثار عن الصحابة منها: أن عمر مرَّ برجل يتغنى، فقال: إن الغناء زاد المسافر.( المحلى(9/63)
وعن ابراهيم النخعي أن أصحاب ابن مسعود كانوا يستقبلون الجواري في المدينة معهن الدفوف فيشققونها(المحلى (9/63)
وحكى الماوردي أن معاوية وعمرو بن العاص قد سمعا العود عند ابن جعفر. وعن سعيد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف أنه كان يغني بالعود( المحلى (9/60).
وغير ذلك من الآثار الموقوفة.
وقد ردَّ ابن حزم في كتابه المحلى على الأثار الموقوفة على بعض الصحابة الذين ينكرون الغناء، وهى كثيرة جداً. قال رحمه الله: "أنه لاحجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الآثار قد خالفت غيرهم من الصحابة والتابعين، إن نص الآية يبطل احتجاجهم بها، لأن فيها: (ومِنَ النَاسِ مَنْ يَشْتَرِىَ لَهْوَ الحَدِيثَ...الآية)..وهذه الصفـة من فعلها كان كافراً بلا خلاف إذا اتخذا سبيل الله تعالى هزوا، ولو أن إمرءاً اشترى مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزواً لكان كافرا ، فهذا هو الذي ذم الله تعالى ، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليسلي به ويروِّح نفسه لا ليضل عن سبيل الله فبطل تعلقهم."(9/60)
وقد إستدل ابنطاهر على إجماع أهل المدينة بإباحة الغناء، ثم أرجع ابن حزم في كتاب المحلى المسألة إلى النية، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات...) فمن نوى باستماع الغناء عونا على معصية الله فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء ومننوع به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجاً أو غير ذلك..."
هذا مجمل ما استند إليه من يرون إباحة الغناء مطلقاً والله تعالى أعلم.
خامسا :

رد ابن حزم ومن معه على ما استدل به عامة العلماء وهي الشبه التي بنوا عليها تضعيف أدلة المحرمين:

الشبهة الأولى لابن حزم ومن وافقه :

زعم ابن حزم أن الحديث منقطع، لم يتصل مابين البخاري وصدقة بن خالد، قال في مجموع رسائله: "وأما حديث البخاري: فلم يُوردْهُ البخاريُّ مسنداً، وإنما قال فيه: قال هشام بن عمَّار"(مجموع رسائله ١/٤٣٤)
وفي المحلىَ قال: "هذا منقطع، لم يتصل مابين البخاري وصدقة بن خالد."(المحلى: ٩/٥٩).

الرد على هذه الشبة :

قال الامام ابن الصلاح في مقدمته (1 / 89) : ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو: أبي مالك إلاشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف.." الحديث. من جهة أن البخاري أورده قائلا فيه: قال هشام بن عمار.. وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري و هشام وجعله جوابا عن إلاحتجاج به على تحريم المعازف.وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف إلاتصال بشرط الصحيح.و البخاري رحمه الله قد يفعل ذلك لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علقه عنه. وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك ليغير ذلك من إلاسباب التي لا يصحبها خلل إلانقطاع والله أعلم.وما ذكرناه من الحكم في التعليق المذكور فذلك فيما أورده منه أصلا ومقصودا لا فيما أورده في معرض إلاستشهاد فإن الشواهد يحتمل فيها ما ليس من شرط الصحيح معلقا كان أو موصولا)
قلت : ومن القائل هنا ؟ انه ابن الصلاح ومن هو في علوم الحديث ؟ انه غني عن التعريف عند انصاف طلاب العلم فكيف بطلاب العلم، بل كيف بأصحاب الدراسات العليا وأهل الدال قبل اسماءهم !!!!!!!!!!!!!
وقال الامام ابن حجر في تغليق التعليق (5 / 22) :وهذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له وقد أعله أبو محمد بن حزم بالإنقطاع بين البخاري وصدقة بن خالد وبالإختلاف في اسم أبي مالك وهذا كما تراه قد سقته من رواية تسعة عن هشام متصلا فيهم مثل الحسن بن سفيان وعبدان وجعفر الفريابي وهؤلاء حفاظ أثبات .
وأما الإختلاف في كنية الصحابي فالصحابة كلهم عدول لا سيما وقد روينا من طريق ابن حبان المتقدمة من صحيحه فقال فيه إنه سمع أبا عامر وأبا مالك الأشعريين يقولون فذكره عنهما معا ثم إن الحديث لم ينفرد به هشام بن عمار ولا صدقة كما ترى قد أخرجناه من رواية بشر بن بكر عن شيخ صدقة ومن رواية مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم شيخ عطية بن قيس ، وله عندي شواهد أخر كرهت الإطالة بذكرها وفيما أوردته كفاية لمن عقل وتدبر والله الموفق).
قلت : وليت الدكتور القرضاوي قرأ هذا وتدبر ، ولا حول ولا قوة الا بالله.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الإستقامة(١/٢٩٤): "والآلات الملهية قد صح فيها مارواه البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوما به، داخلاً في شرطه."

وقال الامام ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (1 / 82) :ولم يصب أبو محمد ابن حزم الظاهري حيث جعل مثل ذلك انقطاعا قادحا في الصحة مستروحا إلى ذلك في تقرير مذهبه الفاسد في إباحة الملاهي وزعمه أنه لم يصح في تحريمها حديث مجيبا به عن حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف إلى آخر الحديث فزعم أنه وإن أخرجه البخاري فهو غير صحيحلأن البخاري قال فيه قال هشام بن عمار وساقه بإسناده فهو منقطع فيما بين البخاري وهشام ، وهذا خطأ من وجوه والله أعلم. )
قلت : وهذا ابن الصلاح يصف مذهبه بالفساد ولو كان خلافه سائغ لما قال هذا ابن الصلاح.
ويكمل الامام ابن الصلاح فيقول ( أحدها: انه لا انقطاع في هذا أصلا من جهة أن البخاري لقى هشاما وسمع منه وقد قررنا في كتاب معرفة علوم الحديث أنه إذا تحقق اللقاء والسماع مع السلامة من التدليس حمل ما يرويه عنه على السماع بأي لفظ كان كما يحمل قول الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم على سماعه منه إذا لم يظهر خلافه وكذا غير قال من الألفاظ .
الثاني : إن هذا الحديث بعينه معروف الإتصال بصريح لفظه من غير جهة البخاري. ).
قلت : ولا أعلم كيف لم يعلم الدكتور القرضاوي عن هذه النصوص أم أنه يجهل مصطلح الحديث، واصطلاح العلماء في معلقات البخاري ومتى يعمل بها ومتى لا يعمل بها!!!!
وهنا تصريح من ابي عمرو بن الصلاح أن الحديث متصل عند غير البخاري.
وقال الامام ابن القيم في إغاثة اللهفان (1 / 259) : ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به وجواب هذا الوهم من وجوه :
أحدها : أن البخاري قد لقى هشام بن عمار وسمع منه فإذا قال : قال هشام فهو بمنزلة قوله عن هشام .
الثاني : أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد صح عنه أنه حدث به وهذا كثيرا ما يكون لكثرة من رواه عنه عن ذلك الشيخ وشهرته فالبخاري أبعد خلق الله من التدليس .
الثالث : أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجا به فلولا صحته عنده لما فعل ذلك .
الرابع : أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض فإنه إذا توقف في الحديث أو لم يكن على شرطه يقول : ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر عنه ونحو ذلك : فإذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جزم وقطع بإضافته إليه .
الخامس : أنا لو أضربنا عن هذا كله صفحا فالحديث صحيح متصل عند غيره .).
وأين الدكتور عن صحة الحديث من غير طريق هشام بن عمار !!!!!
قلت : قول ابن القيم (نصرة لمذهبه الباطل) هذا دليل على أن قول ابن حزم مخالف للاجماع، والا فلا يسوغ لابن القيم أيصف مذهب ابن حزم بالباطل في مسألة خلافية ، والا للزم ابن القيم أن يقول مثل هذا في كل من يخالف رأيه، وهذا لم يفعله ابن القيم البتة .
قال الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/50) : قول البخاري عمن لقيه من شيوخه "وقال فلان" ليس حكمه حكم التعليق، بل هو من قبيل المتصل) .
قلت : وهذا عالم آخر يؤكد قول ابن الصلاح في الحكم على معلقات البخاري.
كما أن هذا الحديث موصول عند غير البخاري فقد أوصله أبو نعيم في المستخرج على الصحيح والبيهقي: ١٠/٢٢١ وابن عساكر في التاريخ: ١٩/٧٩ من طرق كثيرة عن هشام بن عمار، وأخرجه الحسن بن سفيان في "مسنده" وأبو بكر الإسماعيلي في المستخرج وأبو ذر الهروي راوي "الصحيح" وغيرهم كثير.

الشبهة الثانية لابن حزم ومن وافقه:
أن الحديث مضطرب في سنده قال ابن حزم رحمه الله في رسالته "ثم هو إلى أبي عامر أو أبي مالك، ولا يُدرى أبو عامر هذا."
لأن من مذهبه أنه لايقبل حديث من ذُكر بالصحبة حتى يسمى ويعرف فضله. وأبو عامر عنده ليس كذلك، فالعلة عنده في هذا الحديث هو لكونه متردداً فيه بين معروف ومجهول وليس بالتردد في اسم الصحابي لذاته.
الرد على هذه الشبهة:
أن الجهالة باسم الصحابي لا تضر إذ المتقرر عند علماء الحديث أن الصحابة كلهم عدول.
قال ابن حجر رحمه الله : (وأما الإختلاف في كنية الصحابي فالصحابة كلهم عدول لا سيما وقد روينا من طريق ابن حبان المتقدمة من صحيحه فقال فيه إنه سمع أبا عامر وأبا مالك الأشعريين يقولون فذكره عنهما معا) .
وعلى كل حال فقد تقرر عند أهل العلم ثبوت العدالة لجميع الصحابة رحمه الله تعالى عنه فالصحابي ثقة، سواء أعُرِفَ اسمه أم لم يُعرف، أو عرفت كنيتهُ أم لم تعرف كان عدلاُ مقبول الرواية، وهذا مذهب جماهير أهل العلم.
قال الذهبي في الموقظة: "ومن أمثلة اختلاف الحافظين: أن يُسمي أحدُهما فيالإسناد ثقةً، ويُبدِله الآخر بثقة آخر أو يقول أحدهما: عن رجل، ويقولالآخر: عن فلان، فيُسميَّ ذلك المبهَمَ، فهذا لا يضر في الصحة."
الشبهة الثالثة : أن هشام بن عمار متكلم فيه فيضعف الحديث بهذا
الرد على هذه الشبهة :
قلت :وهذا الإعلال ضعيف جداً..وإنما يدل على ضعف صاحبه في الحديث، إذ أن الحديث قد جاء من طريقآخر غيرهشام، وحيث أن البخاري لا يروي إلا عن الثقات.
وأما هشام ابن عمار فهو ثقة، وقد أشار الامام الذهبي الى أن العمل على توثيق هشام ابن عمار، حيث كتب (صح) عند أول اسمه عند ترجمته في كتابه ميزان الاعتدال (4/302)
والخافظ ابن حجر في مقدمة كتابه (لسان الميزان) نقل عن الامام الذهبي أنه قال :اذا كتبت (صح) اول الاسم فهي اشارة الى أن العمل على توثيقي ذلك الرجل.
وقد أغمض الدكتور القرضاوي عينيه عن توثيق الذهبي لهشام في عدة مواضع .
وأما قول الدكتور القرضاوي نقلا عن النسائي أنه قال في هشام( لا بأس به) "وهذا ليس بتوثيق مطلق، بل العبارة تشعر بشئ من الضعف ".
قلت : فهذا غير صحيح، فلعل الدكتور سها عن معنى مثل هذا الكلام عند المتقدمين ، وبالنقل يتضح المعنى.
قال ابن حجر في لسان الميزان (1 / 13)
(قال بن أبي خيثمة قلت لابن معين انك تقول فلان ليس به بأس وفلان ضعيف قال إذا قلت لك ليس به بأس فهو ثقة وإذا قلت هو ضعيف فليس هو بثقة ولا يكتب حديثه. )
وقد قال الامام النسائي في رجال لابأس بهم وقد وثقهم ابن حجر وممن ذكر أنه وثقهم النسائي هشام مما يدل على ان ابن حجر يعرف معنى هذه الكلمة عند المتقدمين.
وقد وثق هشام بن عمار جمهرة من العلماء احيلك على (الثقات للعجلي – تهذيب الكمال – تهذيب التهذيب – البداية والنهاية).
وعلى فرض أن هشام بن عمار ضعيف فقد قال الترمذي في العللالكبير:"وسألت محمدا عن داود بن أبي عبد الله الذي روى عن ابن جدعان فقال هو مقارب الحديث،قال محمد: عبد الكريم أبو أمية مقارب الحديث، وأبو معشر المديني نجيح مولى بنيهاشم ضعيف لا أروي عنه شيئا ولا أكتب حديثه...وكل رجل لاأعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه..ولا أكتب حديثقيس بن الربيع"(٢/٩٧٨) .
ومن هنا تعلم حرص البخاري واجتهاده في اخراج أحاديث كتابه وأنه وفى بشرطه رحمه الله تعالى.
الشبهة الرابعة : أن صدقة بن خالد متكلم فيه وهذا يضعف الحديث به.
الرد على هذه الشبهة :
أما صدقة بن خالد فهو ثقة قال في تهذيب الكمال (13 / 131)
(وقال أبو عبيد الآجري سألت أبا داود عن صدقة بن خالد قال من الثقات هو أثبت من الوليد بن مسلم) (وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين صدقة بن خالد ثقة توفي سنة سبعين أو إحدى وسبعين ومئة) .
وقال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (2 / 216)
(وَصَدَقَةَ هَذَا ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ، ثِقَةٌ ابْنُ ثِقَةٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، أَثْبَتُ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَذَهَلَ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فَقَالَ: لَيْتَهُ - يَعْنِي ابْنَ حَزْمٍ - أَعَلَّ الْحَدِيثَ بِصَدَقَةَ فَإِنَّ ابْنَ الْجُنَيْدِ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَرَوَى الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: ذَلِكَ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ وَلَمْ يَرْضَهُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا قَالَ يَحْيَى وَأَحْمَدُ ذَلِكَ فِي صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينِ وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَقَدْ شَارَكَهُ فِي كَوْنِهِ دِمَشْقِيًّا، وَفِي الرِّوَايَةِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ كَزَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، وَأَمَّا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ فَقَدْ قَدَّمْتُ قَوْلَ أَحْمَدَ فِيهِ، وَأَمَّا ابْنُ مَعِينٍ فَالْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ أَحَبَّ إِلَى أَبِي مُسْهِرٍ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ. وَنَقَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّ صَدَقَةَ بْنَ خَالِدٍ ثِقَةٌ، ثُمَّ إِنَّ صَدَقَةَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ بَلْ تَابَعَهُ عَلَى أَصْلِهِ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ.) .
ابن حزم ضعيف البضاعة في التصحيح والتضعيف والجرح والتعديل، ويظهر ذلك جليا فيما يأتي:
قال الامام الذهبي في تاريخ الإسلام (9 / 173) وذلك في ترجمة شريك بن عبد الله :
(وذكره أبو محمد بن حزم فوهاه واتهمه بالوضع. وهذا جهل من ابن حزم، فإن هذا الشيخ ممن اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج به)
قلت : هاهو يضعف من اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج به، فهل يعتمد بعد هذا على مثل ابن حزم!!!!
وقال الحافظ بن حجر في التهذيب (9 / 344) وذلك في ترجمة الترمذي ما نصه :
(وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع فقال في كتاب الفرائض من الاتصال "محمد بن عيسى بن سورة مجهول" ولا يقولن قائل لعله ما عرف الترمذي ولا اطلع على حفظه ولا على تصانيفه فإن هذا الرجل قد أطلق هذه العبارة في خلق من المشهورين من الثقات الحفاظ كأبي القاسم البغوي وإسماعيل بن محمد بن الصفار وأبي العباس الأصم وغيرهم والعجب أن الحافظ بن الفرضي ذكره في كتابه المؤتلف والمختلف ونبه على قدره فكيف فات بن حزم الوقوف عليه فيه).
قلت : وهل يجهل أحد كتابا من الكتب الستة !!!!!!
وقال الامام بن كثير في البداية والنهاية (14 / 647) في ترجمة ابي عيسى الترمذي :
(وجهالة ابن حزم لأبي عيسىحيث قال في " محلاه ": ومن محمد بن عيسى بن سورة ؟ - لا تضره في دينه ودنياه، ولا تضع من قدره عند أهل العلم، بل تحط من منزلة ابن حزم عند الحفاظ .وكيف يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل) .
وقال الامام ابن القيم في الفروسية (0 / 246) في بيان تصحيح ابن حزم وتضعيفه للأحاديث:
(قالوا وأما تصحيح أبي محمد بن حزم له فما أجدره بظاهريته وعدم التفاته إلى العلل والقرائن التي تمنع ثبوت الحديث بتصحيح مثل هذا الحديث وما هو دونه في الشذوذ والنكارة فتصحيحه للأحاديث المعلولة وإنكاره لنقلتها نظير إنكاره للمعاني والمناسبات والأقيسة التي يستوي فيها الأصل والفرع من كل وجه والرجل يصحح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه وهذا بين في كتبه لمن تأمله).
قلت : فالرجل متساهل في ذلك فكيف يعتمد عليه في رد حديث في البخاري !!!!!
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (2 / 2)
و من عرف حال أبي الفتح الأزدي و ما فيه من الضعف المذكور في ترجمته في " الميزان " و غيره و عرف شذوذ ابن حزم في علم الجرح عن الجماعة كمثل خروجه عنهم في الفقه لم يعتد بخلافهما لمن هم الأئمة الموثوق بهم في هذا العلم ،و لذلك قال الذهبي في ترجمة الحارث هذا من ( الميزان ) :" و كان حافظا عارفا بالحديث عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة " فقد أشار بهذا إلى رد تضعيف أبي الفتح و ابن حزم إياه) .
الشبهة الخامسة :استدلال ابن حزم بحديث الجاريتين التين غنتا عند عائشة.
الرد على هذه الشبهة :

أولاً: لم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان.(رسـالة في أحكام الغناء لابن القيم : ص ٣٦)

ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم (إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا) دليل على أن الأصل المنع، فلو كان في غير العيد لوافق نهى أبي بكر محله.
ثالثاً: ما كان لأبي بكر أن يتجرأ ويتقدم بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام وفي بيته بمثل هذا الإنكار الشديد إلا لعلم مسبق لديه بتحريم الغناء. ولكن في هذا الموضع ماكان يعلم أبو بكر أن يوم العيد يجوز فيه الغناء والضرب بالدف..مما يدل على أن التحريم عام، ويستثنى منه يوم العيد بالضوابط التي سأذكرها في موضعها من هذا المبحث إن شاء الله.

رابعاً: فالحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا استعجب أبو بكر الصديقرضي الله عنهوسماه مزمور الشيطان.(رسـالة في السماع والرقص للشيخ محمد بن محمد المنبجي : ص ٢٧) :

خامساً: قول عائشة رضي الله عنها (جاريتان) وقولها (ليستا بمغنيتين) يدل على أن هذه الرخصة كانت في غناء جاريتين صغيرتين، والصغار يرخص لهم مالا يرخص للكبار في باب اللهو واللعب.(حكم الإسلام في الموسيقى بالغناء: ص ٥٤) .
سادساً: أما أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الجاريتين فذلك لأنه يوم عيد ولا يشمل غيره.

وقال الحافظ في الفتح، تعليقا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم(دعهما يا أبابكر):"فيه تعليل وإيضاح خلاف ماظنه الصديق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه عليه الصلاة والسلام لكونه دخل فوجده مغطىً بثوبه فظنه نائماً فتوجه له الانكار علىابنته من هذه الأوجه، مستصحبا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو، فبادر إلى إنكار ذلك قياماً عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، مستنداً إلى ماظهر له، فأوضح له النبي صلى الله عليه وسلم الحال، وعرَّفه الحكم مقروناً ببيان الحكمة بأنه يوم عيد ، أى سرور شرعي ، فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لاينكر في الأعراس."(فتح الباري: ٢/٤٤٢).

وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم (‏٦-١٨٢)‏: قال القاضي‏:‏ "إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة وهذا لا يهيج الجواري على شر ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه إنما هو رفع الصوت بالإنشاد ولهذا قالت وليستا بمغنيتين أي ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل كما قيل الغناء فيه الزنا وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا والعرب تسمي الإنشاد غناء."
قلت : يتضح لنا من هذه النقول عن هؤلاء الأئمة في معنى هذا الحديث أنه لا يدل بوجه من الوجوه على ما ادعاه الغزالي أو غيره من المعاصرين من إباحة الغناء مطلقا والله أعلم‏.‏
الشبهة السادسة: الاستدلال بحديث ابن عمر على إباحة الغناء مطلقاً
الرد على هذه الشبهة :
رد على هذا الزعم شيخ الإسلام ابن تيمية(السماع والرقص لشيخ الإسلام : ص ٢٧) : "...فإن من الناس من يقول بتقدير صحة الحديث لم يأمر ابن عمر بسد أذنه، فيجاب بأن ابن عمر لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهذا الإثم فيه، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم عدل طلباً للأكمل والأفضل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماًيتكلمون بكلام محرم فسد أذنه كيلا يسمعه، فهذا حسن، ولو لم يسد أذنه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرب ديني لايندفع إلا بالسد."
جاء في رسالة في السماع والرقص لابن محمد المنجي الحنبلي رحمه الله: "...والأمر والنهى إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه يتعلق بقصد الرؤية لأنها يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيبإنما يُنهى المُحْرِم عن قصد الشم...وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع والبصر والشم والذوق واللمس إنما يتعلق الأمر والنهي في ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل..."(عون المعبود: ٤/٤٣٥).
قلت : ان تحريم الغناء وآلات الطرب ليس بأشد تحريماً من الخمر، وهو يعلم ان النبي – صلى الله عليه وسلم – عاش ما شاء الله بين ظهراني اصحابه وهم يعاقرونها قبل التحريم، فهل يصح ان يقال : انه – صلى الله عليه وسلم – اقرهم ولم ينههم؟ كذلك نحن نقول: على افتراض دلالة الحديث على الاباحه، انه يحتمل انه كان قبل التحريم، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.
الشبهة السابعة :قولهم : إباحة الغناء والمعازف ثبت عن الصحابة:
حيث قال الدكتور القرضاوي في فتواه: "وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم استمعوا الغناء ولم يروا بسماعه بأسا‏."
الرد على هذه الشبهة :
إن إباحة المعازف لم يثبت نقله عن أحد من الصحابة أو أحد من الأئمة المجتهدين 0
قال الشيخ محمد بن محمود الصالحي المنبجي الحنبلي : " وإذا عرف هذا فاعلم أنه لم يكن في القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا بمصر والمغرب والعراق وخراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتعدية لا بدف ، ولا بكف ، ولا بقضيب ، وإنما حدث هذا بعد هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية ، فلما رآه الأئمة أنكروه 0
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ذكر من صنف في السماع ، ومن روى فيه من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة ، ثم قال : وكثير من المتأخرين أهل الحديث وأهل الزهد وأهل الفقه والتصوف وغيرهم إذا صنفوا في باب ذكروا ماروى فيه من غيث وثمين ، ولم يميزوا ذلك 0 كما يوجد في كثير ممن يصنف في الأبواب مثل المصنفين في فضائل الشهور والأوقات وفضائل الأعمال والعبادات وفضائل الأشخاص ، وغير ذلك من الأبواب 000" (كف الرعاع 127- 132 ).
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى : كتب عمر بن عبدالعزيز إلى ( عمر بن الوليد ) كتاباً فيه : "000 واظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام ، ولقد صممتُ أن أبعث إليك من يجزُ جُمَّتك جمَّة سوء "( أخرجه النسائي في سننه ( 2/178) وأبو نعيم في ( الحلية ) 5/270 بسند صحيح) 0
وهذا دليل على أن الغناء بالمعازف كانت مستنكرة عند السلف ، بل ذهب شيخ الإسلام إلى أشد من ذلك عندما قال : وقد عُرِفَ بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي r لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على إستماع الأبيات الملحنة ، مع ضرب بالكف ، أو ضرب بالقضيب ، أو الدف ، كما لم يبح لأأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ماجاء من الكتاب والحكمة ، لا في باطن الأمر ، ولا في ظاهره ، ولا لعامي ولا لخاص " (المجمـوع : 11/565)
إن من يرون إباحة الغناء مطلقاً من السابقين أمثال ابن حزمٍ أو من المعاصرين مثل الدكتور يوسف القرضاوي قد استدلوا بآثار موقوفة عن جمع من الصحابة (في زعمهم) أباحوا الغناء. وهذا تناقض غريب أن يبحث وينقب المحللون للغناء خلف البخاري ثم يطعنوا في حديثه ويروا اضطرابه سنداً ومتناً ولا نجد مثل هذا الجهد في تخريج الأثار التي استدلوا بها عن جمع من الصحابة أنهم أباحوا الغناء. والأحرى أن يفعلوا هذا مع من هو دون البخاري في العلم! وأناشد الدكتور يوسف القرضاوي أن يخرج إسناد تلك المرويات المذكورة في فتواه مع بيان صحتها. واذكر بما أخرجه مسلم‏ عن عبد الله بن المبارك أنه قال:إنالإسنادمن الدين، ولولاالإسنادلقال منشاء ما شاء.

وحسبي ما قاله الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام: "هذا دعوى منه (أى الدكتور القرضاوي) ونحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم."
الشبهة الثامنة: ردهم لفسير ابن مسعود للآية بأن لهو الحديث هو الغناء
قال ابن حزم في كتابه المحلي معلقاً على من احتج بقوله سبحانه وتعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" الآية وقول ابن مسعود رضي الله عنه بأن لهو الحديث هو الغناء: "لا حجة في هذا لوجوه: أحدهما أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين. والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم، لأن الآية بها وصف "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوًا" وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، ولو أن امرءاً اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمه الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى."
الرد على هذه الشبهة :
إن تقديم تفسير الصحابة (كعبد الله بن مسعود رضي الله عنهوابن عباس رضي الله عنهما) لمدلول الآية لاشك أنه الأحرى والأصوب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى(2/72) : "وكل قول ينفرد به المتأخر عنالمتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ."
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين (4/123): "وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي."
والمراد بقول الصحابي: هو ما ثبت عن أحد من الصحابة - ولم تكن فيه مخالفة صريحة لدليل شرعي- من رأي أو فتوى أو فعل أو عمل اجتهادي في أمر من أمور الدين. وتسمى هذه المسألة عند الأصوليين بأسماء منها: قول الصحابي أو فتواه أو تقليد الصحابي أو مذهب الصحابي. بل ذهب الشاطبي رحمه الله إلى أن السنة تطلق على ما عمل عليه الصحابة، وجد ذلك في الكتاب أو السنة أو لم يوجد، لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم.
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله( في فضل علم السلف على الخلف): "فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لايُعمل به، قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم فإنهم كانوا أعلم منكم..." .
الشبهة التاسعة : أن مسألة الغناء راجعة لنية العبد :
وقال ابن حزم في المحلى(9/60):"أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) فمن نوى استماعالغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء،ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسهبذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعةولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها..وقعوده على باب داره متفرجا."
الرد على هذه الشبهة :
إن سماع الغناء لا يتعلق بالنية لما تؤول إليه من مفاسد عدة، فإن تحريم الغناء بالمعازف من تمام حكمة الشارع.. فالشرع يحرم ما يشتمل على المفاسد وما هو وسيلة وذريعة إليها. فاحتجاج ابن حزم بهذا بمنزلة من يرى النظر إلى الأجنبية واستماع صوتها بحسن النية جائز، أو الخلوة بالمرأة جائز وغيرها. والمحرمات في الشريعة قسمان: قسم حرم لما فيه من المفسدة، وقسم حرم لأنه ذريعة إلى ما اشتمل على المفسدة.. وقد صدق ابن القيم عندما قال في كتابه(إغاثة اللهفان 363): "أنك لاتجد أحداً اعتنى بالغناء وسماع آلاته، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى، علماً وعملاً، وفيه رغبةً عن إستماع القرآن إلى إستماع الغناء، بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك، وثقل عليه سماع القرأن ..."
قال الإمام المنبجي في رسالته ( السماع والرقص 40): "القاعدة الثالثة: إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء، هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع، الأمر به أو إباحته، بل يقطع أن الشرع يحرمه لا سيما إذا كان طريقه مفضياً إلى مايبغضه الله ورسوله..."
قلت : وعلى هذا لو كان كلام ابن حزم رحمه الله صحيحا لأبحنا كثيرا من المحرمات بحجة أن نيتنا صالحة وصافية وشريفة!!!!!!! وفي الواقع إنه كلام فاسد معلوم الفساد، إذ إنه يستند على قاعدة غير صحيحة .
وفي بيان عدم الاعتبار بمن خالف بعد وقوع الاجماع قول الامام ابي المظفر السمعاني في كتابه قواطع الأدلة فى الأصول (1 / 496) ما نصه: :
(إذا تعرفنا حال الأمة وجدناهم متفقين على تضليل من يخالف الإجماع وتخطئته ولم تزل الأمة ينسبون المخالفين للإجماع إلى المروق وشق العصا ومحادة المسلمين ومشاقتهم ولا يعدون ذلك من الأمور الهينة بل يعدون ذلك من عظام الأمور وقبيح الارتكابات فدل أنهم عدوا إجماع المسلمين حجة يحرم مخالفتها وفي المسألة دلائل كثيرة ذكرها الأصحاب وأوردها المتكلمون والقدر الذي قلناه كاف وهو المعتمد).
قلت : وهذا نص ما فعله الامامان ابن الصلاح وابن القيم في تخطئة ابن حزم ووصف مذهبه في المسألة بالبطلان والفساد .
وقد قال السرخسي في أصوله (1 / 308):
"لا يجوز مخالفة الإجماع برأي يعترض له بعدما انعقد الإجماع بدليله" .
وقال في أنوار البروق في أنواع الفروق (3 / 329):
"ومن اعتقدنا فيه مخالفة الإجماع لا نقلده" .
وقال في الكوكب المنير شرح مختصر التحرير (2 / 198):
"وأما مثال مخالفة الآجماع , فكقول حنفي : " لا يجوز للرجل أن يغسل امرأته إذا ماتت ; لأنه يحرم النظر إليها كالأجنبية " . فيقال : هذا فاسد الأعتبار لمخالفة الآجماع السكوتي , وهو أن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها , واشتهر ذلك ولم ينكر ."
قلت : وما قاله الحنفية فاسد لأنه خالف اجماعا سكوتيا لعدم انكار الصحابة ، فكيف بمن يخالف نصا صريحا صحيحا مجمعا عليه!!! ، إذ لم يثبت قبل ابن حزم من أباح المعازف من العلماء .
الشبهة العاشرة : اجماع أهل المدينة على اباحة العود .
قال الامام الشوكاني نيل الأوطار (8 / 179):
(وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود قال ابن النحوي في العمدة قال ابن طاهر هو إجماع أهل المدينة)
الرد على هذه الشبهة :
أولا: هذا الكلام يوهم أن ابن طاهر قاله جزما بعد اطلاعه على أقوال اهل المدينة ، وهذا ليس بصحيح ، فقد صرح هو بنفسه أنه قد استنتج هذا الاجماع من رواية ضعيفة حكيت له، ويدل لذلك قوله في كتابه السماع (64) : وأما الدليل على أنه مذهب أهل المدينة ما حدثناه أبو جعفر ... حدثنا أبو عبدالله من بج حوران قال سمعت الأوزاعي يقول :" نجتنب أو نترك من قول أهل العراق خمسا،... ومن قول أهل الحجاز: استماع الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر ... " فدل هذا على ان استماع الملاهي مذهب اهل المدينة).
ثانيا :ابن طاهر القيسراني ليس حجة فيما يرويه وينفرد به وقد ضعفه جمع من كبار أئمة الحديث.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال(3/587) في ترجمة ابن طاهر : ليس بالقوي فإن له أوهام كثيرة في تواليفه وله انحراف عن السنة الى تصوف غير مرضي)
ومثله قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5/207).
وق سئل الامام مالك رحمه الله عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال :" إنما يفعله عندنا الفساق " ( تلبيس ابليس 244).
وقال الإمام الطبري ( كتاب تحريم النرد للآجري 121) : أما مالك بن أنس ، فإنه نهى عن الغنى وعن إستماعه ، وقال : وهو مذهب سائر أهل المدينة 0
ونقل عن الإمام الأوزاعي أنه كان يرى قول من يرخص في الغناء من أهل المدينة من زلات العلماء التي تأمر باجتنابها وينهي الاقتداء بها .
وقال ابن رجب الحنبلي في نزهة للإسماع في مسألة السماع(60 – 61) : " ومن حكى شيئا من ذلك عن مالك فقد أبطل " .
ثم قال بعد نقل كلام الإمام مالك في الغناء : " فتبين بهذا موافقة علماء أهل المدينة المعتبرين لعلماء سائر الأمصار في النهي عن الغناء وذمه ، ومنهم القاسم بن محمد وغيره0
قال شيخ الإسلام في ( مجموع الفتاوى 11/577): " لم يكن إباحة الغناء من قول فقهاء المدينة وعلمائها ، وإنما كان يضع ذلك فساقهم "
قلت : أبعد هذا كله يقال انه اجماع أهل المدينة ، وامامهم مالك بن انس يخالف في هذا وهو الذي من أصوله اجماع أهل المدينة !!!! .
الشبهة الحادية عشرة : أن لفظ اللهو في الآية المراد به الغناء والطرب خاصة ، وهو ما قاله الدكتور القرضاوي حيث ذكر " أنه عطف اللهو على التجارة ولو كان محرما لما جاز أن يعطف المحرم على المباح .
الرد على هذه الشبهة :
وقد رد على هذا بعض أهل العلم أن لفظ " لهو " عام يشمل كل باطل وأن الغناء من جملة اللهو فلا تعارض كما قال ابن القيم بين تفسيره بالغناء وبأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم .
قال ابن القيم( إغاثة اللهفان 363 ): " والغناء أشد لهواً ، وأعظم ضرراً من أحاديث الملوك وأخبارهم ، فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان ، وخمرة العقل 0 إذا عرف هذا بأهل الغناء ، ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب إشتغالهم بالغناء عن القرآن ، وإن لم ينالوا جميعه 0 فإن الآيات تضمنت ذمَّ من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليُضِل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً000 ( إلى أن قال ) فمجموع هذا لايقع إلا من أعظم الناس كفراً ."


يتبع............
 
الشبهة الثانية عشرة : استدلالاهم بحديث حينما قال لها النبي عليه الصلاة والسلام "ماكان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
الرد على هذه الشبهة:
أنه قد وردت رواية أخرى للحديث تبين المعنى من هذا اللهو الذي تحبه الانصار وهي رواية شريك عند ابن ماجه حيث قال رحمه الله " وفي رواية شريك فقال: فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغنى؟ قلت: تقول ماذا؟ قال تقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم.(فتح الباري، جـ9 /176- ، نيل الأوطار5-6/694 ، ورواه ابن ماجه برقم 1900، باب الغناء والترف) .
قلت : فهذا الحديث غاية ما فيه اباحة استخدام الدف في النكاح وهذا جائز بالاتفاق بالنسبة للنساء ، وعليه فهو حجة للمحرمين وليس بحجة للمبيحين على تحليل الآلات الموسيقية .
الشبهة الثالثة عشرة : أن الغناء من مسلذات الدنيا وتطرب له النفس ولا ضرر فيه:
حيث يقول الدكتور القرضاوي في كتابه (فقه الغناء والموسيقى 126) : "هل الطيبات –أي المستلذات – حرام ام حلال وبالتالي فإن الغناء [حيث إن د. يوسف القرضاوي أباح دخول الآلات الموسيقية في الغناء] من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطرة، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الآذان كما أن الطعام الهنيء لذة المعدة "
الرد على هذه الشبهة :
قلت : والله إن هذا لمن أفسد القياس، وعجبي أن نجعل العقل هو المحلل والمحرم، إن في هذا لتشبها بالمعتزلة ومن وافقهم القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين ، ثم هل هذا دليل يادكتور تحلل فيه ما أجمع على تحريمه ، إني والله لفي حيرة من أمري كيف مثل هذا الكلام يخرج من رئيس هيئة علماء المسلمين !!!!!!! .
ذكر بعض أقوال العلماء من المذاهب الأربعة المطبقة جميعا على تحريم الموسيقى المصاحبة للغناء :
من النقول عن فقهاء الحنفية:
حاشية تبيين الحقائق للزيلعي 5/ 126 (وهو قول ابي حنيفة ومحمد بن الحسن وأبي يوسف)
قلت : أي تحريم الموسيقى وآلات الملاهي.
وقال الامام السرخسي في المبسوط (6 / 353)
(ولا تجوز الإجارة على تعليم الغناء والنوح لأن ذلك معصية).
وقال الكاساني في بدائع الصنائع (5 / 125)
(فأما إذا كان الدخول لتغيير المنكر بأن سمع في دار صوت المزامير والمعازف فليدخل عليهم بغير إذنهم لأن تغيير المنكر فرض فلو شرط الإذن لتعذر التغير ( ( ( التغيير ) ) ) والله سبحانه وتعالى أعلم) .
قلت: ولا يستباح المحرم الا لواجب وهو تغيير المنكر، فعلم بذلك أن المزامير والمعازف من المنكر.
وقال في موضع آخر (7 / 114)
(وكذا المزامير والعيدان والطبول في الغناء واللعب بالحمام ،ونظيرها يمنعون من ذلك كله في الأمصار والقرى لأنهم يعتقدون حرمة هذه الأفعال كما نعتقدها نحن فلم تكن مستثناة عن عقد الذمة ليقروا عليها ) .
قلت : وهنا نص على تحريم المزامير وهي من الآلات الملاهي.
وقال الامام الزيلعي في تبيين الحقائق (5 / 125)
( قال رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَجُوزُ على الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْمَلَاهِي ) لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ عليه الْأَجْرُ من غَيْرِ أَنْ يَسْتَحِقُّ هو على الْأَجِيرِ شيئا إذْ الْمُبَادَلَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْتِحْقَاقِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على الْآخَرِ , وَلَوْ اسْتَحَقَّ عليه لِلْمَعْصِيَةِ لَكَانَ ذلك مُضَافًا إلَى الشَّارِعِ من حَيْثُ إنَّهُ شَرَعَ عَقْدًا مُوجِبًا لِلْمَعْصِيَةِ تَعَالَى اللَّهُ عن ذلك عُلُوًّا كَبِيرًا وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ مُشْتَرَكَانِ في مَنْفَعَةِ ذلك في الدُّنْيَا فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً على عَمَلٍ هو فيه شَرِيكٌ ذَكَرَهُ في النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ , وَإِنْ أَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَقَبَضَهُ لَا يَحِلُّ له وَيَجِبُ عليه رَدُّهُ )
قلت : أي لا تجوز الاجارة على الغناء ...
من النقول عن فقهاء المالكية:
قال سحنون في المدونة (10 / 352)
(قُلْتُ : هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الدِّفَافَ فِي الْعُرْسِ أَوْ يُجِيزُهُ وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ الْإِجَارَةَ فِيهِ ؟ قَالَ : كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ كُلَّهَا فِي الْعُرْسِ وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ وَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ) .
قلت : والكراهة عند الأئمة المتقدمين هي التحريم، و ليست ما اصطلح عليه المتأخرون( مايثاب تاركه ولا يعاقب فاعله).
قال في البيان والتحصيل (7 / 472)
(وسئل ابن القاسم : عن بيع العود والبوق والكبر ، فقال : أرى أن يفسخ البيع فيه ، وأرى أن يؤدب أهله .قال محمد بن رشد : أما العود والبوق فلا اختلاف في أنه لا يجوز استعمالهما في عرس ولا غيره ، فيفسخ البيع فيهما باتفاق) .
قلت : وهنا حكاية للاجماع من ابن رشد.
وقال في حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (8 / 44)
( وَلَا يَحِلُّ لَك ) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ ( أَنْ تَتَعَمَّدَ سَمَاعَ الْبَاطِلِ كُلِّهِ ) قَوْلًا كَالْغِيبَةِ أَوْ فِعْلًا كَآلَاتِ الْمَلَاهِي.)
وقال في الذخيرة (10 / 222)
(قال سحنون يرد بائع النرد والعيدان والمزامر والطنبور وعاصر الخمر وبائعها وإن لم يشربها) أي ترد شهادته.لأنه منكر.
وقال في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (4 / 386)
(قَالَ فِي الرِّسَالَةِ ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَعَمَّدَ سَمَاعَ الْبَاطِلِ كُلِّهِ ، وَلَا أَنْ تَتَلَذَّذَ بِسَمَاعِ كَلَامِ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَكَ ، وَلَا بِسَمَاعِ شَيْءٍ مِنْ الْمَلَاهِي وَالْغِنَاءِ ، وَلَا قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِاللُّحُونِ الْمُرَجِّعَةِ كَتَرْجِيعِ الْغِنَاءِ انْتَهَى .)
وهذا واضح.
وقال في موضع آخر (17 / 206)
(و َأَمَّا الْغِنَاءُ بِآلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَوْتَارٍ كَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ فَمَمْنُوعٌ وَكَذَلِكَ الْمِزْمَارُ وَالظَّاهِرُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ يَلْحَقُ بِالْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَطْلَقَ فِي سَمَاعِ الْعُودِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّحْرِيمَ)
من النقول عن فقهاء الشافعية :
قال في أسنى المطالب في شرح روض الطالب (2 / 10)
(آلَاتِ الْمَلَاهِي كَالْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ وَالصُّوَرِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَوْ كانت ذَهَبًا أو فِضَّةً إذْ لَا نَفْعَ بها شَرْعًا وَلِأَنَّهَا على هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ منها غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ)
وقال في موضع آخر (2 / 344)
(فَصْلٌ يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ كَسْرُ الْأَصْنَامِ قال في الْأَصْلِ وَالصَّلِيبِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي كَالْبَرْبَطِ وَالطُّنْبُورِ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ إذْ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بها وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا).
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر (1 / 280)
(القاعدة السادسة و العشرون ما حرم استعماله حرم اتخاذه ،و من ثم حرم اتخاذ آلات الملاهي و أواني النقدين و الكلب لمن لا يصيد و الخنزير و الفواسق و الخمر و الحرير و الحلى للرجل).
وقال الامام الشافعي في الأم (4 / 225)
(ولو كسر له طنبورا أو مزمارا أو كبرا فإن كان في هذا شئ يصلح لغير الملاهي فعليه ما نقص الكسر وإن لم يكن يصلح إلا للملاهي فلا شئ عليه)
قلت :فلو كانت آلات اللهو مباحة للزم الضمان.
وقال الماوردي في الحاوى الكبير (5 / 851)
(فَأَمَّا الْمَلَاهِي كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَالدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ ، فَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إِذَا فُصِلَتْ جَازَ بَيْعُهَا ، وَكَذَلِكَ اللَّعِبُ . لَكِنْ يُكْرَهُ بَيْعُ ذَلِكَ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لِبَقَاءِ الْمَعْصِيَةِ فِيهِ . فَإِنْ بِيعَ عَلَى حَالِهِ جَازَ .
وَأَمَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ إِذَا فُصِلَ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ بِحَالٍ ، وَهَذَا نَادِرٌ : لِأَنَّهُ قَدْ يَصْلُحُ لِلْحَطَبِ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ لَهُ وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ، فَبِيعَهُ بَاطِلٌ : لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ .) .
قلت : وفي هذا الكلام بيان أن آلات اللهو من الباطل، والباطل محرم.
وقال في السراج الوهاج (1 / 603)
(ويكره الغناء ، وهو رفع الصوت بالشعر وغيره بلا آلة من الملاهي ولو من وأنثى وأمرد ما لم تخف فتنة و يكره سماعه أي استماعه وأما مع الآلة فحرام).
وقال النووي في المجموع (9 / 243)
(آلات الملاهي كالمزمار والطنبور وغيرهما إن كانت بحيث لا تعد بعد الرض والحل ما لا لم يصح بيعها ، لأنه ليس فيها منفعة شرعا ، هكذا قطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا المتولي والروياني فحكيا فيه وجها أنه يصح البيع ، وهو شاذ باطل)
ومن النقول عن فقهاء الحنابلة :
قال في الإقناع (1 / 304)
(فلا يعار ما ينتفع به انتفاعا محرما كآلات الملاهي)
قلت : والتحريم هنا ليس للاعارة وانما للشيء المعار لأن الانتفاع بها محرم فحرمت الاعارة.
قال ابن قدامة في الشرح الكبير (12 / 48) ،المغني (12 / 40)
(فصل في الملاهي) وهي على ثلاثة أضرب: محرم وهو ضرب الاوتار والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها فمن أدام استماعها ردت شهادته لانه بروى عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا ظهر في أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء) ذكر منها إظهار المعارف والملاهي)
قال ابن مفلح في المبدع (10 / 228)
(وحاصله أنه يحرم استماع صوت كل ملهاة مع غناء وغيره في سرور وغيره وكره أحمد الطبل قاله في الرعاية لغير حرب)
وجاء في حاشية الروض المربع لابن قاسم (11 / 420)
( قال الشيخ؛ الأئمة متفقون على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ويحرم اتخاذها، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك، أي فلا يصح الخلع عليها.)
قلت : المراد بالشيخ هو شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال شيخ الاسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (11 / 576)
(فَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ : أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يُمْسَخُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ } . و " الْمَعَازِفُ " هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ . جَمْعُ مِعْزَفَةٍ وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُعْزَفُ بِهَا : أَيْ يُصَوَّتُ بِهَا . وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنأَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا . إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ فِي الْيَرَاعِ وَجْهَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوْتَارِ وَنَحْوِهَا ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا نِزَاعًا . وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ وَأَتْبَعُ لَهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا نِزَاعًا لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا بَلْ صَنَّفَ أَفْضَلُهُمْ فِي وَقْتِهِ أَبُو الطَّيِّبِ الطبري شَيْخُ أَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا مَعْرُوفًا . وَلَكِنْ تَكَلَّمُوا فِي الْغَنَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ آلَاتِ اللَّهْوِ : هَلْ هُوَ حَرَامٌ ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ ؟ أَوْ مُبَاحٌ ؟ وَذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرُوا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا .) .
فمن أباح الغناء بالموسيقى، لم يأت بدليل واحد ثابت صريح في المسألة بل كل أدلتهم إما تضعيف لأدلة العلماء في غير محله، وإما شبهات تورد على أدلة ثابتة لكن لا تدل على اباحة الموسيقى.
فائدة :
أن الفهم الصحيح لمعنى الاستحلال الوارد في حديث أبي مالك الأشعري - _ - أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول : (.. إنما ذاك إذا استحلوا هذه المحرمات بالتأويلات الفاسدة ؛ فإنهم لو استحلوها مع اعتقاد أن الرسول حرمها كانوا كفاراً ولم يكونوا من أمته .
ولو كانوا معترفين بأنها حرام لأوشك ألاّ يعاقبوا بالمسخ كسائر الذين لم يزالوا يفعلون هذه المعاصي ولما قيل فيهم : يستحلون فإن الْمُسْتَحِلَّ للشيء هو الذي يأخذه معتقداً حِلَّهُ .
فيشبه أن يكون استحلالهم الخمر يعني به أنهم يسمونها بغير اسمها كما جاء الحديث فيشربون الأنبذة المحرمة ولا يسمونها خمراً .
واستحلالهم المعازف باعتقادهم أن آلات اللهو مجرد سمع صوت فيه لذة وهذا لا يحرم كألحان الطيور .
واستحلال الحرير وسائر أنواعه باعتقادهم أنه حلال للمقاتلة وقد سمعوا أنه يباح لبسه عند القتال عند كثير من العلماء .
فقاسوا سائر أحوالهم على تلك الحال .
وهذه التأويلات الثلاثة واقعة في الطوائف الثلاثة التي قال فيها ابن المبارك رحمه الله -تعالى- :
وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها
ومعلوم أنها لا تغني عن أصحابها من الله شيئاً بعد أن بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم وبين تحريم هذه الأشياء بياناً قاطعاً للعذر كما هو معروف في موضعه .
ثم رأيت هذا المعنى قد جاء في هذا الحديث الذي رواه أبو داود أيضًا وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن غَنْم عن أبي مالك الأشعري - _ - قال : قال رسول الله - ‘- : " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"
هذا لفظ ابن ماجه وإسنادهما واحد) أ.هـ (" بيان الدليل على بطلان التحليل " ص 79 – 80 و ص 47 – 48 ، و : " الفتاوى الكبرى " ( 6 / 29 – 30 ) ، وهو في " شفاء العليل
في اختصار إبطال التحليل " للبعلي ص 36 – 37 .) .
فائدة :
وقال الشيخ عبدالفتاح أبو غدة ـ رحمه الله ـ في تحقيقه لرسالة المسترشدين ص 121 : " وفي هذا الحديث بَيَّنَ النبي r أنَّ بين هذه الفواحش ترابطاً قوياً 0 إذ1 كلّ واحد منها تستدعي الأخرى ، فالزنى يستدعي استحلال التزين بالحرير ، وهو حرام على الرجال 0 كما يستدعي استحلال شرب الخمر ، واستحلال عزف آلت اللهو ، ليُزادَ بذلك عرُام الفساد في ذلك في نفوس أهله ، وليؤجِّجَ ليَهيبه إذا فتر فيها انسأل الله السلامة والعافية "0
ملحوظة هامة : عن القيود التي وضعها القرضاوي :
إن كل هذه القيود والضوابط التي وضعها الدكتور القرضاوي لا يُعمل بها عند أي إنسان يسمع للغناء المصاحب للموسيقى لقوة تأثيرها على النفس ، فتجعل الإنسان يخالف هذه القيود والضوابط ويسمع الغناء الماجن المرافق للموسيقى بحجة أن الموسيقى حلال ، ويظهر بعد ذلك تهافت هذه الضوابط وسذاجتها ، ومن الاستحالة تطبيقها في أرض الواقع .
كلام نفيس للشيخ الألباني في رسالته (تحريم آلات الطرب) :
"-إن القيد الذي شرعه من عنده( يقصد الشيخ محمد ابو زهرة ): أن لا يثير الغريزة الجنسية ، وقد قلَّده فيه بعض تلامذته كالشيخ القرضاوي والغزالي وغيرهما ، فقال الأول كما سيأتي نقله عنه في هذه المقدمة ، مفصحاً: " ولا بأس بأن تصحبه الموسيقى غير المثيرة " يعني الغناء!
فأقول: هذا القيد نظري غير عملي ، ولا يمكن ضبطه ، لأن ما يثير الغريزة يختلف باختلاف الأمزجة ذكورة وأنوثة ، شيخوخة وفتوة ، وحرارة وبرودة ، كما لا يخفى على اللبيب .
وإني والله لأتعجب أشد العجب من تتابع هؤلاء الشيوخ الأزهريين على هذا القيد النظري ، فإنهم مع مخالفتهم للأحاديث الصحيحة ، ومعارضتهم لمذاهب الأئمة الأربعة وأقوال السلف يختلقون عللاً من عند أنفسهم لم يقل بها أحد من الأئمة المتبوعين ، ومن آثارها استباحة ما يحرم من الغناء والموسيقى عندهم أيضاً ، ولنضرب على ذلك مثلاً ، قد يكون لأحدهم زوجة وبنون وبنات ، كالشيخ الغزالي مثلاً الذي يصرح وقد يتباهى ! بأنه يستمع لأم كلثوم ومحمد بن عبد الوهاب الموسيقار ( ! ) وأضرابهما ، فيراه أولاده بل وربما تلامذته ، كما حكى ذلك هو في بعض كتاباته ، فهل هؤلاء يستطيعون أن يميزوا بعلمهم ومراهقتهم بين الموسيقى المثيرة فيصمّون آذانهم عنها ، وإلا استمروا في الاستماع إليها ! تالله إنه لفقه لا يصدر إلا من ظاهري جامد بغيض ، أو صاحب هوى غير رشيد" .
في الختام :
اعلم أخي في الله: كون ابن حزم أو غيره يبيح أمراً جاء النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه لا ينفعك عند الله. فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التعصب للآراء واتباع الأهواء، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الرجال إلى الله الألّد الخِصّم." والألّد الخِصّم هو الذي كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر. وقال سليمان التيمي رحمه الله: لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله. وقال الأوزاعي: من أخذ بنوادر العلماء خرج عن الإسلام. ويقول الإمام الشافعي رحمه الله فيما أخرجه عنه البيهقى في المعرفة بإسناد صحيح: "أجمع المسلمين على أن مَن استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز له أن يدَّعها لقول أحدٍ كائناً مَن كان." ومثل ما قاله اشتهر عند المتأخرين من علماء الأصول إذ قالوا: "إذا ورد الأثر بطل النظر"، "لا اجتهاد في مورد النص" ومستندهم في ذلك الكتاب الكريم، والسنة المطهرة. وقد قال الله جل وعلا: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا."سورة الحشر وقال أيضاً: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ."سورة النور ،ولله در القائل:
العلم قال الله قال رسوله ... .... إن صح والإجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة ... ... بين الرسول وبين رأي فقيه
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يهدينا ويهدي ضال المسلمين ، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق المبين ، وأن يرحمنا برحمته ويتجاوز عن سيئاتنا وآثامنا، وأن لا يحرمنا فضله ، برحمته إنه أرحم الراحمين .
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه
خالد بن حمد بن ابراهيم الراضي
10/8/1431هـ

منقول عن موقع أهل الحديث والأثر.
 
بارك الله فيكي ...ربي يهدينا...
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم


8c6c7bfdchega0.gif
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
موضوع مفيد يستحق التقييم
 
[
وعليكم السلام ورحمة الله وبرماته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
 
أطفالكم أو إخوانكم الصغار أمانة في أيديكم ، وإن الإعلام العربي المتغرب! والإعلام الغربي يشنان هجوماً كاسحاً على أطفالنا ، يريدوا أن يغيـّروا عقائدهم ، وطباعهم وعاداتهم الإسلامية، إنها حرب تـغـريـبية ! ليجعلوا أطفال المسلمين مثل أطفال النصارى واليهود.
مثال سأذكر فيه قناتين فقط
=====================
الأولى :
قناة mbc3 = العـُري والصداقات المحرمة والعلاقات المشبوهة وكلمات لاتخلوا من السب والشتم.... هذه قطرة من بحر فسادها
=====================
مازالت الفرصة قائمة لتدارك الوضع ، وإصلاح مافسد
فالبدار البدار أيها الأباء والامهات
ربما تأتي النهاية قبل أن تنبهوا أبناءكم على هذا الخطأ ..فلاندري إلى متى سنحيا .
من الآن تخلصوا من هذه القنوات المسمومة
ولتربـّوا أولادكم على حب كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأن يطبقوها بقدر مايستطيعون
ولتخرجوا للأمة جيلاً يرفع راية الإسلام ويعز الله به المسلمين

بارك الله فيك أختي وجعله في ميزان حسناتك
اللهم احفظ أطفالنا وشبابنا
 
وعليكم والسلام ورحمة الله
صحيح ماقلتيه اختي
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

 
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك اخيتي على الموضوع الرائع
اللهم انا نسالك العفو و العافية و اللهم ارنا الحق حقا و ارزقنا اتبعاه و ارنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه
+ تقييم
 
موضوع قيم يستحق التعميم في كل الاقسام
بارك الله فيك

 
العودة
Top