في حين كانت تنسُج لهم ذات شتاء بارد
جوارب صوفٍ أنيقة ليرتدونها حُبًّا!
كانوا هُم يغتالون هذا القلب ويحكيون له وشاحا ليخنقوه به !
ردّ الجميل في مجتمعنا.
وحين تدُقُّ الساّعة الثّانية بعد الزّوال
يأتي صاحبُ النّظّارات الطويل ويحجز طاولة في تلك الزّاوية هناك
وكأنّ لكَ موعدٌ مرتّبا في هذا المقهى ياعزيزي !
أجلسُ بالطّرف المقابل لك أراقبُك
أتظاهرُ بالمطالعة،وكأن من يراني يعتقد أنّي عاشقة متيّمة ببطل ما في تلك الرّواية !
يطلُبُ قهوته ويبدأ بارتشافها بهدوء
ويتأمّل في شرفة مقابلة للمقهى !
أمّا أنا فأكتفي بحفظ ماتبقّى من كرامتي خلف تلك الصفحات أقلّبها
أو أعبث بأرقام هاتفي !
ربما يوما يغيّر وِجهة نظره !!
تراقصت شفاهي على حافة فنجاني هذا الصباح وأخذت تدور حوله كمجنونة فقدت الصواب لكني لم ارتشف ولاقطرة فأنا أبحث عن صورته داخل الفنجان وعن أنفاسه التي اراها في البخار فاسقن قهوتك ولاتتركني أمتص جفاف السنين! قهوتي ياقهوتي أنتي اليوم بنكهة الاشتياق الاشتياق ولاغير الاشتياق
في زاوية تطلّ على الجميع حجزتُ لي مقعدا
طلبتُ من النّادل تسليط ضوءٍ خافت على طاولتي
لأبقى وحدي ،وحدي فقط لاأشعر بأحد ولاأتعب أحدا بفوضى مشاعري !
دعوني وقهوتي في جلسة حديث مُغلقة.
حينها أتمنـــّى مالا يــتمنّاهُ غيـــري
أتــــمنّى ظلامًا دامـــسًا
يُغلّفُهُ نورُ مصباح خافـــت
أتمنى أن لا يلتفّ حوليـــــ أحد
أحبّ الوحدة
العُزلة
والتّقوقُع على ذاتي
في تِلكَ الوهلة أتمنّى لو أعودُ
لمشيـــمة أُمّي
حيثُ السّكينة والطُمَأْنينة
حيثُ أبي وأمّي كانا
وكنتُ نُطفةَ وبويضة لمْ تُشكّل بعد
ليتنـــي لم أكبر في أعْيُن اصدقاءٍ
عناوينهم مُبعثرة
بحثتُ عنهم فكلّفني هذا عُمرًا وانتهى -لم أجدكم أصدقائي بعد ! -
كيف لها أن تنسى وتتعايش
مع أناس ٍ يضحكون نهارًا ويغتالون كلّ جميلٍ صنعتْهُ ليلا !
أن تتظاهر هي بابتسامة باردة مثلا
وأن يتظاهروا بالطيبة مثلا !
مجتمع منافق.