لا يسألون الناس إلحافا.. الاغنياء الاخفياء
أسرة فقيرة متواضعة متكونة من أخ ومجموعة من الأخوات وأب وأم .. يسكنون مضيقا وشبه كهف
لا بيتا ..أسرة تغلب عليها الطيبة وبعدها عن المشاكل والاكتفاء بعلاقات محدودة ..يخفى حالها
عن الغالب .. متعففون.
إذا رأيتهم من بعيد ظننتهم من أحسن الناس حالا ومن الأغنياء ..لحسن مظهرهم .. ونظافتهم ..
وتعففهم .. وعدم شكواهم .. بل الجود بطعامهم القليل المتواضع..
المعيل الوحيد لهذه الأسرة الأب ولا شغل له إلا حرفة بيده يقتات بها ..لا تكاد تفي بنصف حاجيات البنات والولد خصوصا وقد بلغوا سن الرشد وازدادت ضرورياتهم..خلاصة الأمر هذه بعض أحوالهم :
- يشتري الأب الدقيق بالكليوات المعدودة ..فيعجز عن شراء كيس (25كغ).
- ويكون قوتهم في أحيان كثيرة خصوصا في فصل الصيف الحليب والخبز.
- وتمر عدة أيام من رمضان دون لحم .. وان توفر فهو أجنحة دجاج أو رقابها.
- وتعجز البنت أحيانا عن الذهاب للجامعة لعدم وجود 20 دينارا لركوب الحافلة .
- ويتبادل البنات الألبسة حين الخروج بما في ذلك الأحذية وهن متقاربات في السن ..
فليس هناك ما يكفيهن جميعا.
- وإذا مرض أحدهم يلزم الصبر ..إلى غاية الاضطرار فيلتجئون لاستقراض المال ..والاقتصاد
في شراء الدواء..
- ولا أظنني رأيت بنتا منهن تلبس شيئا من الذهب ولو كان شيئا يسيرا ..
احيانا يرسلون لنا شيئا من طعامهم .. كم أشعر بثقله ومؤونته .. فيوزن بالذهب في قيمته المعنوية
فلربما هو جهد يوم من العمل المضني .. والله ما أثقله على نفسي واعجز عن رد صنيعهم.
أيها الأفاضل //
هذه صورة من أعماق المجتمع الجزائري .. وأمثالها كثر واعلم يقينا أن هناك صورا أسوأ من هذه .. لكني ذكرت ما علمته عن قرب وشاهدته بعيني ..
فهذا الصنف الخفي المتعفف كثيرا ما لا يتفطن له .. فلا يجد من يحسن له ، فهم الأغنياء حقا بقناعتهم وصبرهم وتعففهم ، وعدم شكواهم ، ومد أيديهم.
هذا الصنف عبرة لنا .. عبرة لكل منعم عليه .. عبرة لكل رجل وامرأة تأكل ما تشاء وتلبس ما تشاء ..
وقد يتجاوز البعض الحد الشرعي فيدخل في باب الإسراف والتبذير .. والتهاون بنعم الله عليه ..
فيرمي الطعام ويغالي في اللباس ويشترط فيهما..ولا يذكر أو يتذكر مثل هذه الحالات..
فليكن الحمد لصيق ألسنتنا على ما أنعم الله به علينا .. من مسكن وملبس ومركب وطعم ..
وعافية وراحة ..
وما أكثر النعم التي ننساها .. لطول تعودنا عليها وغفلاتنا عنها .. ويفتقد البدر
في الليلة الظلماء .. فلنقيد النعم بالشكر والحمد .
تحياتي لكم بدوام النعمة .. ولله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
ويتجدد اللقاء بحول الله .