أخي سمير عذرا على هذا الإنقطاع مني
و عودة للموضوع
و عودة للموضوع
تحية أخي ديدين و بارك الله فيك على هذا المجهود المثمر
تحية متبادلة أخي الدكتور سمير
. . . و بعد وأد الفتنة سريعا و الحمد لله بالشعار التاريخي (سبع سنين بركات) و توحد سلاح كل المجاهدين مهما كانت ولاياتهم تشكل الجيش الوطني الشعبي قبيل الذخول إلى الجزائر العاصمة أوائل سبتمبر 1962
هنا أيضا لا بد أن نذكر أن توحيد السلاح لم يكن بالسلاسة التي ذكرت بل زهقت فيه أرواح قيادات ميدانية للثورة ببشاعة منقطعة النظير حيث أن القتل كان عمدي من أجل القتل و بأوامر فوقية و هذا ما ذكره يوسف الخطيب عن قتل قائد منطقة لخضرية (باليسترو آنذاك) أو ما ذكره عبد العزيز خلف الله قائد منطقة قسنطينة عن قتل قائد ميداني فيها بالقول:
il a été blessé et achevé
و أظنك تفهم جيدا ماذا تعني كلمة achevé
إذ كان بإمكانهم أسره و سجنه
هذا الذي لا أستطيع فهمه لحد الآن
أن يأتي من كان جالسا في أمن و أمان في غار ديماو و يقتل من كان يحارب جيش الإحتلال الفرنسي و يعرض نفسه للخطر
فمهما ما بدر منهم فهم من أخرجوا فرنسا و أذاقوها الذل و الهوان في الجبال
كان علينا أن نجعلهم تاج على رؤوسنا لا أن نقتلهم بهذه الطريقة
ثانيا أن الحكومة المؤقتة بقيادة بن يوسف بن خدة إنتهت عمليا بعد إفتراق الجماعة من مؤتمر طرابلس ، الصراع الحقيقي الذي كان بين الأركان العامة و الحكومة المؤقتة بدأ في عهد فرحات عباس بقضية الطيار الفرنسي الذي أسره المجاهدون و طلبت الحكومة المؤقتة (بضغط من بورقيبة المضغوط هو الآخر من فرنسا) بتسليم الطيار دون شروط إلى السلطات التونسية و بالطبع رفض بومدين ..... ثم سلمه في الأخير
أما إذا كنت تريد معرفة أسباب الصراع هذا بالضبط ما أريد فهي حسب رأيي و قراءتي لتاريخنا لها جذور عميقة جدا في الماضي تتمثل أساسا في تيار رافض للوجود الفرنسي نهائيا باذلا كل الوسائل للقضاء عليه و بين تيار مهادن يعتقد إمكانية الإستفادة من الوجود الفرنسي ( و للعلم فإن هذا الصراع مازال موجودا بأشكال مختلفة حتى الآن)
لا أخفيك سرا أخي سمير أنني سمعت كثير من القراءات و التحليلات في هذا الموضوع بالذات
فهناك من عزى هذا الصراع لوجود تيار عروبي متمثل في قيادة الأركان العامة يرفض التعايش مع التيار الفرنكوفوني و الفرنكوفيلي في آن واحد يتمثل في الحكومة المؤقتة و على رأسهم الباءات الثلاثة و بن يوسف بن خدة و فرحات عباس لكن هناك شواهد كثيرة تفند هذه الأطروحة
و هناك من يرى السبب في الصراع على السلطة و الحكم و هذه الأطروحة لها ما يؤكدها خصوصا تصريحات قيادات نافذة جدا في قيادة الأركان العامة
لكنك اليوم، أخي سمير، قد أضفت لي طريق ثالث و هو الصراع بين تيار مداهن و تيار رافض لفرنسا
و هنا يتبادر إلى ذهني مجموعة من التساؤلات و هي:
إذا كان الأمر كذلك، لماذا لم يدخل قطعة سلاح واحدة للداخل الجزائري ليدعم الجهاد ضد الوجود الفرنسي، علما أن هذه هي المهمة التي كلف بها عند إنشاء جيش الحدود ؟
و هل يقتضي رفض الوجود الفرنسي البقاء على الحدود أم الإنتشار داخل الولايات لتدعيم المجاهدين معنويا و ماديا ؟
لقد نصت وثيقة مؤتمر الصومام أولوية السياسي على العسكري، فماذا لم يترك بومدين بدلته العسكرية و ينضم للحكومة المؤقتة ثم يحاول فرض رأيه سياسيا داخل الأطر السياسية و يجنب البلاد الإنزلاق الذي مازلنا نعاني منه إلى اليوم ؟
أكتفي بهذا القدر و أتمنى أن أسمع منك الأجوبة
بالنسبة لتلك الفترة ليس سرا أن بن يوسف بن خدة كان معروفا في أوساط الحركة الوطنية منذ الأربعينات أنه كان رافضا لقيام ثورة أو حتى التحضير لقيامها أساسا
على العموم هذا ليس موضوعنا لكن ربما قد يكون رأيك صحيحا لكنه يدفعني أيضا للتساؤل:
لماذا اختار السيد بن خدة إذن الإنضمام لحزب الشعب الجزائري و حركة إنتصار الحريات الديمقراطية التي كانت تنادي بالإستقلال منذ الوهلة الأولى (من نجم شمال إفريقيا) و كانت تحتوي على المنظمة الخاصة (منظمة شبه عسكرية) و كان في ذلك الحين عضوا بارزا فيها (رئيس اللجنة المركزية)
في حين كان بإمكانه أن ينخرط في حزب فرحات عباس الذي لم يكن يطالب بالإستقلال بل بالإدماج فقط و لم يكن أبدا يفكر في الكفاح المسلح.
أما عن رسالة 1976 الشهيرة ( رفقة فرحات عباس و الشيخ خير الدين و حسين لحول الذي خلفه بن خدة في أمانة حركة انتصار الحريات الديمقراطية قبل الثورة) فقد كانت أثناء مناقشة الميثاق الوطني و رغم جدية مطلبهم بإنشاء مجلس نيابي منتخب (و هو ما تحقق عام 1977)
أي مجلس نيابي يا أخي سمير ؟
و أي إنتخابات في زمن بومدين ؟
في ظل هيمنة نظام قائم
إسمع ماذا يقول المرحوم بلقاسم شريف، أحد القادة من النواة القوية الصلبة لنظام الحكم آنذاك:
"طبعاً اجتمعنا بعد عودة بومدين (من سفر إلى القاهرة) ثم وسّعنا الاجتماعات لكل خصوم بن بلة، وما أكثرهم وقتها. كل شيء كان متحكما فيه. رجال بن بلة كانوا تحت أعيننا. بن بلة نفسه ليس مشكلة إطلاقا. كان بإمكاننا أخذه من سرير نومه وبالبيجاما لأن رجالنا هم من كانوا يحرسونه. المشكل الحقيقي كان عدم قدرتنا على معرفة رد فعل الشعب. هذا هو السؤال الذي لم نجد له إجابة إلا بعد ليلة التاسع عشر من حزيران (يونيو)"
و قوله أيضا:
"لقد أردنا تأسيس دولة، ولتأسيس الدولة التي كنا نريد وبالطريقة التي نريد، كان لا بد من خلق نظام بواسطته نستطيع إنجاز ما نريد. أي نظام في خدمة الدولة، لكن الذي حدث أننا أسسنا دولة في خدمة نظام"
و بإمكانك ملاحظة كلمات: أردنا و نريد
ثم قوله:
"ما هو هذا النظام؟ الصحافيون والكتاب والأكاديميون يضحكوننا عندما نقرأ تحليلاتهم وحديثهم عن آليات النظام وبنية النظام ومش عارف واشن.. نحن عائلة كبيرة.. وداخل هذه العائلة لكل فرد أو مجموعة طموحاتها الخاصة.. وكأي عائلة كبيرة هناك بالتأكيد خلافات وصراعات موجودة، لكن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها.. ومهما كانت خلافاتنا فإننا نحضر أفراح وجنائز بعضنا، وكثير من المشاكل نحلها حول طاولة عشاء"
و لاحظ معي ماذا يقول أيضا:
"لا بد لها من موظفين وخدم، وهؤلاء الموظفون والخدم هم معظم هؤلاء الذين يشاهدهم الشعب على شاشة التلفزيون وعلى صفحات الجرائد. والفرق بين العضو في عائلة النظام وبين الموظف والخادم لا يكمن بالضرورة في المنصب، بل في قوة التأثير. لذلك يقول سي جمال لا داعي أن تندهش إذا رأيت أو سمعت سفيرا يشتم وزير الخارجية. بل ورئيس الحكومة شخصيا. في داخل هذا النظام وهذه العائلة مهما كبرت وارتقيت، هناك دائما من يستطيع أن يهاتفك قائلا: واش راك تخلط؟ أو أغلق فمك!"
قل لي بربك ماذا تحس عندما تسمع كلام كهذا ؟
و أختم كلامي حول هذا الموضوع أن إستقلالنا و إسترجاع سيادتنا الوطنية رغم كل شيء ساهم في تجسيده الجميع كل حسب إمكانياته و طبعا حسب نواياه و ليس أكبر مثال أن يكرم فرحات عباس بتسمية جامعة سطيف و يكرم بن يوسف بن خدة بأكبر جامعة و هي جامعة الجزائر.
صحيح رغم أنني كنت أود أن يكرم الرجال في حياتهم قبل موتهم
لكن الحمد لله أنهم كرموا
في موضوع الضباط السابقين في الجيش الفرنسي فقد ذكرت الأمر في سياقه المباشر بعد الإستقلال مباشرة و أرى أن بومدين غير من رؤيته لهذا الموضوع بعد حركة الزبيري عام 1967 بعد الفراغ الكبير و إنعدام الثقة الذي ساد في أوساط الجيش بدليل شغور منصب قائد الأركان حتى عام 1984 لما تولاه اللواء مصطفى بلوصيف (ليس من الضباط السابقين في الجيش الفرنسي) و عموما هذا موضوع منفصل و الخوض فيه يبعدنا عن صلب الموضوع.
لقد أبديت رأيي في هذا الموضوع و قلت أنه إذا كان من الضروري الإستعانة بهم في بناء جيش قوي، فلا بد أن يبقوا في مناصب التكوين فقط بدون آفاق للترقية في المراتبأما عن رأيك أن مالك بن نبي و مولود قاسم هم فقاعات و بدون تأثير فقد جانبت الصواب أخي الكريم و إذا كنت تقصد محساس و بومعزة الذين كانوا في مجلس الثورة قبل إعلانهم المعارضة في باريس فالكلام يطول حول أسباب ذلك ( يمكن ملاحظة تبني فرنسا إنشاء الأكاديمية البربرية عام 1967 إحياء لخطة قديمة حاولت زعزعة الحركة الوطنية عام 1949 و للأسف مازال المشروع قائما حتى الآن)
خصوصا بعد ظهور معارضين لهؤلاء الفارين
لكن بومدين أصر على بقائهم
حتى أن منهم من أصبح وزيرا
في الحقيقة لم أقصد بكلامي لا مالك بن نبي و لا مولود قاسم نايت بلقاسم الذين أحترمهما كثيرا و إنما قصدت بعض المجاهدين المعروفين من الولاية الرابعة لا داعي لذكرهما و لكونهما متقاعدين و كبار في السن فكان بومدين يسمع منهم كلاما قاسيا نوعا ما لكن كونهم لا يستطيعون القيام بعمل ضد نظام بومدين فكان يسكت عنهم و "يضرب النح" كما يقال
أما إذا كنت تقصد من ألقى عليه القبض رجال الدرك عام 1976و هو يقطع الإنارة العمومية و يحمل منشورات و يتحجج بأنه (......) فالرجل مات منذ سنوات و ليس المجال هنا لمناقشة أفكاره علما أن بومدين قصم ظهر المتأسلمين لما قال في خطاب لاهور في ما معناه..... كيف يمكن أن نعد المسلمين بالجنة و بطونهم خاوية.... لدرجة أن الملك فيصل آل سعود الذي كان يصف بومدين بالشيوعي غير رأيه فيه فجأة ( و ليس بسبب موقف بومدين أثناء حرب أكتوبر 1973 كما يظن البعض) رغم أن السعودية معروفة بكونها تعتمد نشر الفكر الوهابي (المسمى سلفي) كإستراتيجية مدعومة بنفط الدولار ... و للحديث بقية إن شاء الله
لكن أذكر أن هذه الكلمات فتحت علينا أبواب جهنم حيث أن أغلب العرب المشارقة كانوا يسموننا بالشيوعيين
و عودة لبومدين رحمه الله أقول أنه كان بإمكانه، لو كان يرفض الوجود الفرنسي كاحتلال و كثقافة، أن يعيد للجزائر ثقافتها المفقودة بعد 132 سنة من الإحتلال الغاشم
لكن للأسف الشديد رحنا نرجو التقدم عند الشرق و هذا ما جعلنا إلى اليوم نتخبط في تعريف هويتنا
فالفرنسية مازالت هي لغة المتعامل بها في الأوساط الرسمية
أما الإسلام فحدث و لا حرج
على العموم الحديث معك أخي سمير شيق للغاية لغزارة معلوماتك في الموضوع
في انتظار المزيد
تقبل تحياتي
و عودة لبومدين رحمه الله أقول أنه كان بإمكانه، لو كان يرفض الوجود الفرنسي كاحتلال و كثقافة، أن يعيد للجزائر ثقافتها المفقودة بعد 132 سنة من الإحتلال الغاشم
لكن للأسف الشديد رحنا نرجو التقدم عند الشرق و هذا ما جعلنا إلى اليوم نتخبط في تعريف هويتنا
فالفرنسية مازالت هي لغة المتعامل بها في الأوساط الرسمية
أما الإسلام فحدث و لا حرج
على العموم الحديث معك أخي سمير شيق للغاية لغزارة معلوماتك في الموضوع
في انتظار المزيد
تقبل تحياتي