المرأة النادرة ...
المرأة الفاتنة بلا رحمة !
أوه ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيا الفارس المغوار
وحيداً متثاقلَ الخطى
تتسكعُ في الدروب ,
يضنيكَ المرار ؟
فقد ذبُلَت أوراقُ البردي
وهجرت البحيرة البهجة
واختفى شدوُ الطيور .
أوه ! ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيها الفارس الشجاع
في ساحةِ الوغى ,
أضناك النوى ,
خائرَ القوى ,
وألَمْت بكَ الخطوبْ ؟
مخازنُ السناجب
مُمْتَلِئة بالحبوبْ
وانتهى موسمُ الحصاد
فلم يعتريكَ الأسى
ويبدو عليكً الشحوب ؟
****
أرى سوسنةً على جبينك .
مبللةً بقطراتِ الألم
وندى الحُمى الشديدة ,
وعلى خديكَ زهرة ذابلة
سرعان ما أدركها الشحوبْ
وأتى عليها الغروب .
****
صادفتُ سيدةً
تتهادي بين الرياضْ .
مكتملة الحسنِ
رائعةُ الجمالْ - طفولية البراءة
كالجنية تسبحُ في السحر ,
تملكُ الألباب .
شعرها طويلٌ , خطوها ضياء ,
عيناها بَرية , وحشية ,
تأسرُ القلوبْ ,
يشعُ منها السحرُ
ويطلُ منها البهاءْ
كأحلام ِ الكرى ,
كالخمرِ المُذاب .
صنعتُ لها تاجاً
وزينتهُ بالزهورْ .
وسواراً من البهجة ,
وأريجاً من الندى والنور
ومتكأً كبناتِ الحُور ,
نَظَرتْ إليّ ,
كأنها تبادلني الغرامْ ,
ومن بين شفتيها أنسابَ الوجد ُ
وفاحت أطايبُ السحرِ
و أناتُ الهُيام .
أجلستُها على جوادي
الرتيبِ الخطا .
ولم أنعم برؤية أي شيء ٍ
سواها , طوالَ النهار .
فكانت تتثنى ,
تتغنى بأنغامِ السِحرِ
بترانيم الوجد
وأياتِ الجمال ْ
كأنهُ الجنُ ,
ينشدْ , يترنمْ ,
يتغنى بألحانِ الصِبا
في سحرٍ ودلالْ .
أحضَرتْ لي جذوراً
مُحلاة بالعذوبة
والشهدِ المُذاب .
من الرحيقِ البري ,
من المَن المُعطر بالندى
وحلوَ الشراب ,
وبهمسٍ رائقٍ غريبْ ,
بحروفٍ يفوحُ منها السحرُ
ويسكنها العبيرْ , قالت :
" ملكتَ من فؤادي ,
حقيقةً أسرتني بسحرِ الوجدِ
وملكتني بتباريحِ الغرامْ " .
أخذتني إلى كهفها المسكون
بالفتنة والجمالْ .
وهناكَ كم بكت في حرقةٍ
وتنهدت , يقتلها الوجدُ
ويضنيها الغرامْ ,
وهناك احتويتُ عينيها
الجميلتين المتوحشتين البَريتين
بأربع قبلاتٍ
لعلها تطفاُ نارَ الوجدِ
من مكنونِ صدرها البض
وأهاتِ الهُيامْ .
هناكَ داعبتني , هدهدتني
حتى غرقتُ في النومِ
وسبحتُ في عالمِ الأحلامْ
- آهٍ ! وا أسفاه على ما جرى !-
آخر حلمٍ قد تراءى لي
على جانبِ هذا التلِ البارد .
خائرَ القوى مسلوبَ العقلِ
ضائعَ الجَنَانْ "
رأيتُ ملوكاً يعتريهم الشحوبُ
وفرساناً يقتلهم الضنى
ومحاربين بلا عزمٍ ,
خائري القوى ,
شحوبُ الموتِ يطلُ من العيونِ
يكادُ يقتلهم الحزن
ويفترسَهم الجنونْ
صاحوا جميعاً , صرخوا :
- (تلكَ السيدة الجميلة
الفاتنة .. الساحرة
بلا رحمة .. بلا شفقة ,
لقد وقعتَ في الشَركْ
والتفت حولَكَ القيودْ
وانضممتَ يا فارسَ الوغى
إلى طابورِ العبيد !"
رأيتُ شفاهِهم العطشى
المقتولة من الظمأ
تلمعُ في ساعةِ الشَفقْ .
مفتوحة من الرعبِ
ترسلُ تحذيرا ً
من اليأسِ وسوءِ المصير .
واستيقظتُ ووجدتني هنا وحيداً
على جانبِ هذا التل البارد
خائرَ القوى ومن الوجدِ أسيرْ.
لهذا أقيمُ مؤقتاً هنا
وحيداً شريداً طريداً ,
مثقلُ الخطى شاحبَ الوجهِ ,
أشكو النوى , أتسكعُ في الدروب .
فقد ذَبُلَت نباتاتُ البردي ,
فهَجرتْ البحيرة
التي كم تشكو النوى
وتعتريها الهمومْ
فقد رحلتْ البهجة
ولم تعد تشدو الطيور .