أريد الهروب لكن إلى أين ؟
أريد الهروب لكن ممن ؟
أريد الهروب من نفسي...من ناسي...من محيطي ومجتمعي...
من أرضي ومكاني...
من الجدران المصمته ..
والأبواب المغلقة ...
من الأضغان في القلوب...وكذب العيون..وزيف الكلام وقساوة إنسان...
أريد الهروب..
من الحاضر الآني...الذي شهدتُه بأعياني...بدون اختياري..
لم أكن أعلم...
كنتُ جاهلة في الصغر...
لم أكن أدري...أن تلك كانت أجمل أيام عمري...
لم أكن أعي...أن ذاك الزمان يمضي.. ينقضي..
وسنعيش زماناً آخر....غير الزمان...
تموت فيه العصافير والأشجار...
يتساوى فيه الليل مع النهار...
وربما تنقلب فيهما الأدوار...
زماناً...لايعلم فيه الجار عن الجار...
وتموت فيه صلة الأرحام...
وتصبح هواتفنا...نوافذنا...
وأجهزة نحاورها بأناملنا....
فلا كلام...ولا لقاء....ولا ضحكة تشرق بها وجوهنا...
وبيوتنا السجن الذي ارتضيناه لأنفسنا...
من قال إني أريد هذا الزمان!
ما به صباحٌ تشرق فيه شمسنا تمر على وجوهنا ف توقيظنا...!
والديك علا صوته قبلنا....
وجارتنا والعجين...والخبز في تنورها ...ورائحة تعبق بالدفء والحنين....
وزقزقة العصافير ...وأشجار الرمان...والتين..
والجوري في حديقة أعمامي...
وتلك الطريق...في منتصف البيوت....
كم شهدت من لعبي وركضي...وسير أقدامي..
من قال إني تركتُ ذاك الزمان...كيف وهو معشعش في ذهني وخيالي...ولا يكتفي فيزورني حتى في أحلامي....