قصة رائعة يوميات الفتاة المسلمة

ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ





دخلت من الباب الحديقة... فتناهت إلي أصوات صاخبة، ميزت من بينها صوت أخي ماهر. قطعت الممشى في خطى وئيدة ثم ارتقيت الدرج و قد أخذت الأصوات تتضح أكثر... يبدو أن طارق قد وصل!

اقتربت من غرفة الجلوس...
ـ السلام عليكم و رحمة الله...

ألقيت التحية فالتفت إلي الحضور. كان طارق يجلس مع كل من أمي و أخي الصغير ماهر الذي يبلغ من العمر 18 سنة... وقف طارق و نظر إلي مطولا :
ـ مرام؟! واااو... ما الذي فعلته بنفسك؟! لقد تغيرت فعلا...

كان ينظر إلى تنّورتي الواسعة و سترتي الفضفاضة و حجابي الذي يغطي كتفي في شيء كبير من العجب... تأملت بدوري قميصه المزركش و سرواله الجينز "المرقّع" و قصّة شعره العجيبة و قلت :
ـ أنت أيضا تغيرت كثيرا!

كان قد قطع منتصف المسافة التي تفصلنا عندما سمع صوتي أبادر بالتحية، لكنه توقف حائرا ثم قال :
ـ أتوقع أنك أصبحت لا تصافحين مثل أمك خالتي زينب...

ابتسمت و هززت رأسي موافقة و لوحت له من بعيد... الحمد لله أنه استوعب الدرس دون متاعب! كنا نتفق كثيرا في فترة الطفولة و بداية الشباب، و نفهم بعضنا جيدا... يبدو أنه حافظ على البعض من قدرته على فهم ما يدور برأسي!

عاد إلى أريكته و هو لايزال يهز رأسه و يمط شفتيه متعجبا :
ـ لم أتوقع أن تتحجبي بهاته السرعة! فأنت مازالت في بداية شبابك و أمامك الفرصة للانطلاق و التمتع بجمالك... شعرك جميل جدا و طويل على ما أذكر...

طأطأت رأسي في خجل... فقد كنت أتباهى كثيرا بجمال شعري و طوله خاصة في المناسبات العائلية... اللهم اغفر لي...

بادرته أمي قائلة :
ـ ألا تحدثنا عن أحوالكم هناك... كيف أمك و أخواتك؟
ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك يا خالتي... سناء خطبت الشهر الماضي. تقدم لها شاب من زملائها في الشركة، أمريكي من أصل سويدي... شاب وسيم و عائلته غنية، كما أنه مهندس ممتاز...

تبادلت نظرات طويلة مع أمي التي سارعت بسؤاله :
ـ و هل هو مسلم؟

تكدرت ملامحه لكنه تظاهر بعدم الاهتمام و هو يقول في حرج، متحاشيا نظراتنا :
ـ الحقيقة لا أعرف شيئا عن ديانته... تعرفين في أمريكا المجتمع لا يضع اعتبارا لمثل هاته الأمور! ما داما متفقين و منسجمين فذاك هو المهم... أما المعتقد فتلك حرية شخصية...
marsa150.gif

اتسعت عيوننا دهشة
marsa138.gif
... لم أملك أن أعلق، لكن أمي التي بدأ وجهها يحمر سألته ثانية :

ـ و ما رأي سهام و محمود في الأمر؟

ـ أمي و أبي؟ عارضا قليلا في البداية... لكن سناء تأثرت كثيرا برفضهما، فتدهورت حالتها الصحية و أضربت عن الطعام ثم حاولت الانتحار... حتى وافقا أخيرا...

لم أكن أصدق ما أسمع... سناء؟! إنها تكبر أخاها بسنة واحدة... لم تكن قد ختمت تعليمها الثانوي حين سافرت عائلتها إلى أمريكا بسبب حصول عمي محمود على عقد عمل مغري هناك... كانت فتاة غاية في الجمال... مشاكسة و منطلقة. و أذكر أن مراهقتها لم تمر بهدوء حين كانت في البلد... لكن يبدو أن حالتها ازدادت تعقيدا هناك! فقد انقطعت عن الدراسة بعد أن أتمت بصعوبة بالغة دراستها الثانوية، و التحقت بالعمل كسكرتيرة في شركة مهمة هناك...
سألته أنا هاته المرة :
ـ و كيف حال سارة؟

ـ سارة... إنها متعبة حقا! بعد كل هاته السنين ترفض التأقلم مع الجو في أمريكا، فهي انطوائية و منعزلة عن أقرانها... و قد لبست الحجاب مؤخرا! مثلك... العيش في أمريكا يستوجب الكثير من المرونة للاندماج في المجتمع و بدء حياة جديدة... و إلا فمشاكل كثيرة ستكون في الانتظار!

تنفست الصعداء... الحمد لله أن سارة لم تتغير و حافظت على دينها هناك! فهي أيضا كانت صديقة مقربة لي. يا حبيبتي يا سارة... لم تستطع أن تتعود على نمط العيش الذي لم يناسب طبعها الرقيق و الخجول...

التفت إلي ثانية و قال :
ـ كنت قد أحضرت لك بعض الهدايا... انظري...
جذب حقيبته و أخرج مغلفا خاصا و مدني به. فتحته و العيون تتابعني... كان يحتوي عددا من القمصان الضيقة بدون أكمام ذات الألوان الصاخبة، و سروالا ذا شكل عجيب لا يمت إلى ما أعتبره "الذوق السليم" بصلة! و عددا آخرا من الإكسسوارات... أقراط و أدوات لتزيين الشعر... نظرت إليه مبتسمة، فبادرني قائلا :
ـ أردت أن أفاجئك بآخر التقليعات الأمريكية في عالم الأزياء... لكن يبدو أنك لا تريدينها، أو بالأحرى لا أظنها مناسبة "للوكك" الجديد...

أعدت إليه المغلف فتسلمه متضاحكا و قال :
ـ لا بأس... يبدو أنه ليس من نصيبك!

كان يبدو عليه الحزن و الأسف لأن مفاجأته لم ترق لي فقلت مغيرة الموضوع :
ـ المهم، طمنا عنك... كيف تسير الأمور معك؟

انشرحت أساريره و هو يقول :
ـ لقد تخرجت منذ سنة تقريبا من كلية التجارة... و قد فتحت مؤخرا مكتبا مع بعض أصدقائي للاستيراد و التصدير... و الأمور تسير بشكل مرض و الحمد لله...


مرت السهرة في أحاديث عائلية ممتعة و قد استعدنا الكثير من الذكريات المشتركة التي تضحكنا و تسلينا... لكن قلبي كان منقبضا جراء ما وصلت إليه حال أبناء عمتي من أثر التغرب و محاولة الاندماج في مجتمع قيمه مختلفة و أسلوب حياته مختلف...

في الصباح استيقظت كالعادة، و استعددت للذهاب إلى الكلية... ظننت أنني كنت أولى المستيقظين، لكن حين دخلت إلى المطبخ وجدت طارق يتناول إفطاره و أمي تقوم بتحضير إفطاري... رفعت حاجبي دهشة و أنا أحييهما فقال :
ـ تعودت على الاستيقاظ باكرا مذ بدأت العمل... فعلي اغتنام كل لحظة فيما ينفع!

نظرت إليه في إعجاب، ثم تناولت إفطاري على عجل و قمت مغادرة فلحقني قائلا :
ـ انتظريني سآتي معك...

التفتت إليه مستغربة فقال :
ـ أعلم أنك ذاهبة إلى الكلية، سأوصلك ثم أتمشى قليلا في المدينة...

نظرت إلى أمي التي هزت رأسها مشجعة و قالت :
ـ يوما سعيدا لكما...

يا إلهي... كيف سأخرج معه وحدنا و هو ليس من محارمي؟!!


يتـــــــــــــــبع


 
ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ





لم تصدق راوية أذنيها حين رويت لها ما حصل بعد أن انصرف حسام مكسور الخاطر
marsa138.gif

ـ هل جننتي يا مرام؟؟ كيف تقابلينه بمثل هذه الطريقة؟ أليست هذه هي اللحظة التي انتظرتها طويلا و تمنيتها من كل قلبك؟؟ كيف تفرطين فيها بكل سهولة؟؟ و الشاب المسكين، صدمته بقسوة كأنك لا تبالين به!

ارتميت في حضن راوية و قد تدفقت دموعي غزيرة على خدي
frownn.gif

ـ لا تلوميني يا راوية فإنني أتعذب أكثر...

ربتت على رأسي في أخوة صادقة و همست :
ـ أنت مجنونة... تعذبينه و تعذبين نفسك و المسألة لا تستحق!

رفعت رأسي و نظرت إليها بعينين تملؤهما الدموع :
frownn.gif

ـ كيف تقولين أن المسألة لا تستحق؟! كل من يتقدم لخطبة فتاة يتوقعها الفتاة المثالية التي يتمناها... و ينتظر منها أن تكون صادقة معه في كل ما يخصهما معا، و خاصة إن كانت غير قادرة على الإنجاب...

تنهدت راوية ثانية و قالت :
ـ يا مرام، يا حبيبتي... من قال أنك ستكونين غير قادرة على الإنجاب؟؟ هذا من علم الغيب و الغيب لا يعلمه إلا الله...

ـ و لكن الاحتمال كبيرا نظرا للمرض الذي ألم بي...

ـ يا مرام اسمعيني... كم من الفتيات السليمات اللاتي لا يشكون شيئا وجدن أنفسهن عقيمات بعد الزواج بدون سابق إنذار... و كم من عقيم، شفيت بعد طول صبر و توكل على الله فأنجبت! كله بتقدير من الله عز و جل...

تنهدت في ألم و قلت في يأس :
ـ ما الذي كان بإمكاني فعله؟

ـ كان بإمكانك مصارحته بالحقيقة...

ـ كيف؟! لم أكن لأجد الكلمات المناسبة! الموضوع خاااااص جدا... لا يمكنني أن أتحدث فيه مع رجل، و أي رجل!! أين الحياء!؟

ـ كان بإمكانك تبليغه موافقتك، ثم تحدثين أخته بالتفاصيل...

ـ لكنني أخاف من ردة فعله... أخاف أن يشفق علي و يتغاضى عن الأمر بشهامة منه... كرامتي ستجرح، لا أحب أن يشفق علي يا راوية! أريد أن أكون أميرته التي يحلم بها كما أريده أن يكون فارسي... و أخاف أن يتغاضى الآن... ثم يفكر مليا، فيعدل و يختلق أسبابا أخرى للانفصال بعد أن أكون قد بنيت آمالا عريضة...

تناثرت دموعي من جديد و أنا أواصل :
ـ و أخاف إن رفض مباشرة... كم ستكون صدمتي عنيفة... في الرجل الذي أراه مثالا للشهامة و الأخلاق العالية... و أخاف أكثر، إن أوهم نفسه بأن مرضي لن يؤثر في قدرتي على الإنجاب... ثم يحصل ما لا نرجوه...

ارتفع نحيبي هذه المرة...
frownn.gif
frownn.gif


ـ إني خائفة يا راوية... قد أفقد الكثير في هذه التجربة... أفقد الأمل، أو احترامي حسام أو كرامتي... لذا آثرت الانسحاب...

هزت راوية رأسها في عدم موافقة :
ـ و ما حصل هو أنك اخترت خسارة حسام نفسه! هل هذا ما تعتبرينه أخف الأضرار!؟

لم أعد أدري ما الصواب و ما الخطأ...
يا إلهي رحمتك...

ـ اسمعي... يجب أن يفهم حسام الموضوع، هل يرضيك أن يعتقد أنك رفضته لعيب فيه؟! كرامته أيضا جريحة! خاصة أن فتيات كثيرات ينتظرن الفرصة... و من سوء حظك أنك ضيعتها، فقد تقتنصه في لحظات ضعفه و انكساره فتاة أخرى لا تستحقه... و تكونين قد ضيعته من يدك و ضيعت مستقبل الشاب المسكين في نفس الوقت!!

ـ لا يا راوية... حسام ليس بهذا الضعف!

ابتسمت راوية و هي تحتضنني :
ـ إن لم يكن حسام بهذا الضعف، فهو لن يبني حياته الزوجية و مستقبله على الشفقة... و لن يترك المجال لأي عاطفية متطفلة لكي تتحكم في قراره... اتركي له الخيار... أعطه الفرصة...

أعطيه الفرصة؟
آه يا قلبي...
صراع بين قلبي و عقلي...
قلبي يرجو أن يعطيه الفرصة و يرى الأحلام الوردية أمامه...
و عقلي يرفض بشدة، لا يفسح المجال للآمال و الافتراضات...

و تكلمت أخيرا :
ـ و لكنني رفضته يا راوية... كيف أفتح الموضوع ثانية؟!

ابتسمت راوية مطمئنة :
ـ دعي المسألة علي...


نعم، لقد انتصر القلب على العقل...




يتــــــــــــبع
 
ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ




توقفت السيارة أمام الكلية. فتحت الباب و قبلت أمي بسرعة ثم نزلت و هي تتابعني بتوصياتها :
ـ لا تنسي موعد دوائك... انتبهي لنفسك جيدا...

هززت رأسي موافقة و قطعت الشارع. على الرصيف كانت راوية في انتظاري رفقة... دالية... و على شفتيهما ابتسامتان غامضتان.
اقتربت بخطوات مترددة، و قد فهمت أن وجود دالية مع راوية في انتظاري يعني بالتأكيد أنها تحدثت إليها بشأني!

سارعت دالية بمعانقتي و هي تهمس :
ـ حسام يبلغك سلامه... و يطلب موعدا مع والدك في أقرب وقت...

كان لكلماتها وقع حلو في أذني، رافقه خفقان قلبي بشدة... من الفرحة!

حسام...!!!
يا لعناده! لقد وافق إذن! ترى ما الذي ما أبلغته به راوية؟!
لكنه يريدني رغم ما سمع... و رغم كل ما يجهل عني...
يا إلهي... أنت الرحيم بعبادك...
و لكن... هل أستحق...

نظرت إلي راوية في تمعن و قالت :
ـ مرام... ما بك واجمة؟ ننتظر ردك... ألست موافقة؟

اغرورقت عيناي بدموعي الحبيسة و أجبت بصوت خفيض :
ـ بلى... و لكن...

استفسرت دالية في قلق و قد غاضت ابتسامتها :
ـ و لكن ماذا؟

ـ ألا ينتظر حتى أنتهي من العلاج، ثم نتأكد...
ضحكت راوية في رقة ثم قالت لدالية :
ـ إنها تحتاج إلى رأي دكتور في الموضوع... و ليس أي دكتور!
ابتسمت دالية بدورها و تأبطت ذراعي و هي تقول :
ـ أخبريني أولا هل الموضوع الذي حدثتني به راوية هو السبب الوحيد لرفضك؟

طأطأت رأسي حياء و همست في خفر :
ـ نعم!

فابتهجت دالية قائلة :
ـ الحمد لله! نتكلم في المفيد إذن! أخي... الدكتور حسام... يخبرك يا آنستي بأن الأدوية التي تتناولينها ليست سوى مقويات و معدلات هرمونية لتنظيم الدورة... و ما دام المبيضان ينتجان البويضات فأنت يا أختي سليمة معافاة! و أما عن الإنجاب فهو يقول لك... الذرية الصالحة نعمة من الله، يرزقها من يشاء و يحرمها من يشاء... و ما الأمراض إلا مسببات! كما أنه يقول أن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : (الدنيا متاع و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة) فإن كانت زوجته صالحة فذاك من رضا الله و كفى! و هو على كل حال قد استخار قبل أن يكلمك و كان مطمئنا لاستخارته. فما عليك إلا أن تستخيري أنت أيضا... و إن شاء الله كل شيء يتم على خير...

كانت كلماتها الرقيقة تمسح الهموم عن قلبي...
لو أن كلامه عن مرضي يكون صحيحا... يا رب!

يا الله! ما أحلى إيمانه بالاستخارة... و كم قلبه عامر بتقوى الله...
((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب))
أحسست بالصغار أمامه... أين إيماني من إيمانه!؟
كيف أني اهتززت أمام أول ابتلاء ابتلاني به الله تعالى و يئست من الدنيا
و الله تعالى يقول في كتابه الحكيم : (( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))
يا رب أعوذ بك أن أكون من القوم الكافرين... أعوذ بك من ينسيني ابتلاؤك رحمتك
يا رب إني وكلتك أمري كله... و من يتوكل على الله فهو حسبه
يا الله كم أنا في حاجة إلى مزيد من التقرب منك...
اللهم اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به...

انتبهت على صوت دالية تقول مداعبة :
ـ و طبعا إن كنت في حاجة إلى المزيد من التوضيحات، فالدكتور حسام ليس لديه مانع البتة في تقديم الشروح اللازمة في أي وقت شئت!

تضرج وجهي... فتابعت دالية في مرح :
ـ لو رأيت ما فعله بنا حسام في اليومين الماضيين! أمي كانت ستموت من القلق عليه... أغلق الغرفة على نفسه و رفض الطعام! و أخذ يتصرف كالأطفال، لا يرضيه شيء و لا أحد ينجح في رسم الابتسامة على شفتيه... لكن البارحة، انقلب وضعه كأنه كان يمثل علينا!! دخلت عليه بالدواء العجيب فقام كمن لا علة به، حملني بين ذراعيه و كاد يلقي بي من النافذة من شدة الفرح!! لم أر أخي بهذا الجنون من قبل!

أفلتت مني ضحكة صغيرة... يا لأسلوب دالية المميز!
فهتفت راوية في سعادة :
ـ نعم يا مرام... اضحكي! كفاك بكاء و دموعا...

ثم نظرت إلى دالية و هي تقول :
ـ لو كان حسام اكتفى بالوجوم فمرام أغرقتنا في بحر من الدموع!!

لكزت راوية بمرفقي لتصمت... و ضحكتا معا في مرح...
في تلك اللحظات كان هنالك شخص رابع يقترب من موقفنا، بخطوات بطيئة مترددة...
لم ألتفت... لكنني سمعت دالية تهتف و ابتسامتها تتألق :
ـ أهلا أهلا بالدكتور!

كأنه كان يراقبنا من مكان قريب، و حين اطمأن إلى استقرار الأوضاع قرر الالتحاق بنا!
تقدم منا أكثر حتى وقف بيني و بين أخته، و كل منا يتجنب نظرات الآخر. حيانا في هدوء و أدب... ثم بادرني و أن أحس بنظراته تستقر علي بوداعة :
ـ كيف حالك يا مرام؟

رفعت رأسي ببطء شديد، و ابتسامة خجلى ترتسم على شفتي :
ـ بخير... كيف حالك أنت؟
ـ يسرني أنك وافقت أخيرا...

كانت راوية تتأملنا كأننا لوحة زيتية أو المشهد الأخير من فلم رومانسي... تنتظر أن تكتب ((النهاية)) بخط عريض و على شفتيها ابتسامة حالمة!
قاطعتنا دالية بضحكتها الطفولية و هي تهتف :
ـ نسيت أن أقول لك يا مرام، أنني سأزوركم الليلة مع ماما... للتعارف و...

ثم غمزتنا في مرح... فاحمر وجهانا دفعة واحدة...





يتــــــــــــــــبع
 
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ



تراجع طارق إلى الخلف و على وجهه علامات الذهول، و تسمّر في مكانه لا يبدي حراكا... غطيت وجهي بكفي و أجهشت بالبكاء من جديد و أنا أتمتم في أسف :
ـ آسفة يا طارق... لم أقصد إهانتك... لكنني في ورطة، و أنت تضعني في مواقف محرجة!

نظر إلي غير مصدق :
ـ أنا أضعك في مواقف محرجة؟! كيف؟! صدقيني لم أقصدك إيذاءك أبدا!

ربتت أمي على كتفي مهدئة ثم قالت وهي تهم بمغادرة المطبخ :
ـ أترككما لتحلا سوء التفاهم الذي بينكما في هدوء...

ثم ابتعدت في خطوات رشيقة...

قلت دون أن أرفع رأسي إليه :
ـ طارق... أنت أحرجتني... الآن حين أمسكت يدي... و في الصباح حين خرجت معي من المنزل... و أمام الكلية حين انحنيت لتوشوش في أذني... طارق نحن لم نعد أطفالا... و لم يعد بإمكاننا أن نتعامل مثل الإخوة لأننا كبرنا... و التزامي يمنعني من الخروج مع شاب أو الحديث معه على انفراد... حتى و لو كان ابن عمتي و صديق طفولتي... فالحدود الشرعية هي الحدود الشرعية و لا تقبل الاستثناءات...

كانت علامات الدهشة قد اختفت و راح ينصت إلي في انتباه و تفهّم، ثم اقترب مني مجددا و همس مواسيا :
ـ أفهمك يا مرام... أفهمك... و آسف حقا لأنني لم أراع مبادئك... صدقيني أنا أقدر تماما ردة فعلك... لكن لماذا لم تصارحيني بانزعاجك في الإبان؟! ظننت أننا اتفقنا على الصراحة بيننا...

ابتسمت و أنا أتذكر عهودنا الطفولية...
لكننا تغيرنا يا طارق و الدنيا من حولنا تغيرت...
الذكريات عفا عنها الزمن و لم تعد تعني شيئا كثيرا في الوقت الحاضر... عدا كونها ذكريات! نبتسم حين نتذكرها ثم نعود إلى الحاضر...
لكنك يا صديقي تتوقع أن يتجمد العالم في غيابك، فتجده كما تركته رغم مرور السنين...
ربما كانت تلك أحلى سنوات حياتك فتألمت لفقدها لذلك تحاول استعادتها بأية وسيلة حتى و أنت تعلم أن ذلك من ضرب المستحيل!

جلس طارق على الكرسي المجاور و هو يردف دون أن يدرك فحوى ابتسامتي التي صاحبت حواري الداخلي :
ـ أنت تعلمين أنني لا يمكن أن أسبب لك أدنى أذى عن قصد... لأنك...

ثم مستجمعا شجاعته :
ـ لأنك... غالية على قلبي... حتى أنني كنت أنتظر اللحظة المناسبة... لأحدثك في أمر ما...

أحسست بمصيبة قادمة، تحث الخطو نحوي!!!
و لم أكن مستعدة لمواجهتها فقررت الدفاع فورا... و بما أن الهجوم خير وسيلة للدفاع فقد ألقيت عليه قنبلتي... دون رحمة...

قاطعته قبل أن يسترسل في كلامه :
ـ هنالك شيء آخر يجب أن تعلمه يا طارق...

تطلع إلي مستفسرا فواصلت و أنا أتجنب نظراته :
ـ هناك شاب تقدم لخطبتي... و قد وافقت عليه مبدئيا... و من المقرر أن يقابل أبي في نهاية الأسبوع...

تجلت الصدمة في ملامحه و ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي محاولا التماسك. لكنني واصلت متجاهلة صدمته...

نعم لقد أدركت ما كان ينوي قوله... أدركت أن راوية كانت على حق حين شككت في نواياه تجاهي... و يؤلمني حقا أن أصده بهاته الطريقة... لكنني لم أضع حدا في اللحظة المناسبة، فصارت الردود الرقيقة غير مجدية لأنها تبقى غير حاسمة و قابلة للتأويل... فلأكن واضحة و صريحة... ألم نكن قد اتفقنا على الصراحة؟
فليكن!
كما أنها أسهل الطرق و أسلمها لي و له... حتى يتجنب كلانا الحرج الناتج عن المصارحة... و الرفض...
لذا كان يجب أن أوقفه قبل أن ينطق و أن أتفادى قدر الإمكان لحظة المواجهة...

و استرسلت في الكلام دون أن أواجهه لأعطيه مهلة استيعاب الأمر و تجاوز مفعول الصدمة :
ـ ... لكن رؤيته لك معي هذا الصباح أثارت تحفظه... و أخشى أن يغير رأيه... أنت تفهمني يا طارق... و لأنني أعتبرك أخي الأكبر و أعلم أنك تخاف على مصلحتي فقد صارحتك بقلقي... حتى لا يتكرر الموقف و سوء الفهم...


فجأة ارتفع رنين الهاتف، فوقفت بسرعة و اتجهت إلى البهو لأرد على المتصل...
إنها دالية...

ـ مرحبا دالية... كيف حالك؟

أجابت دالية بجدية و اهتمام :
ـ اسمعي مرام... لقد تكلمت مع حسام، و هو متضايق جدا من وجود ابن عمتك معكم في البيت! إنه يقول أن أباك مخطئ بالسماح لشاب أعزب أجنبي عنكم بالإقامة عندكم!

ـ لكنه ابن عمتي يا دالية... و هو ضيف عندنا و قد جاء من أمريكا لزيارتنا، فلا نملك أن نطرده!

ـ نعم... أعلم، لكن الوضع غير مقبول!!!

تنهدت في ضيق و هممت بأن أرد على دالية حين سمعت ضوضاء و وقع أقدام في الممر... تطلعت إلى المدخل الذي يمكنني أن أراه من حيث أقف...
سمعت صوت أمي أولا :
ـ و لكن يا طارق يا بني، كيف تغادرنا هكذا؟! انتظر حتى يعود خالك... ثم ألا تتناول العشاء معنا؟!

ـ شكرا يا خالتي... و لكنني قد اتصلت بأيمن ابن خالتي هيام و هو ينتظرني في محطة الحافلات... يجب أن ألحق به... شكرا على ضيافتكم، قضيت معكم وقتا ممتعا...

ـ أنت لست غاضبا من مرام؟!

ـ لا لا أبدا يا خالتي... كان مجرد اختلاف و قد حلت المشكلة و الحمد لله... لست متضايقا منها أبدا... و آمل أن لا أكون قد ضايقتكم بزيارتي المفاجئة...

ـ على الرحب و السعة... عد لزيارتنا قبل سفرك...

ـ إن شاء الله يا خالتي...
ثم حانت منه التفاتة إلى البهو... رآني فابتسم ابتسامة تجلت مرارتها... و حياني بيده قبل أن ينصرف و يغلق الباب خلفه...

كانت علامات الحزن بادية في صوتي و أنا أقول مخاطبة دالية :
ـ ها قد انصرف طارق من بيتنا... لم يعد هنالك داع للقلق...



تمت الحلقة السادسة بحمد الله
 
الحلــــــــــقة الســـــــــــــابعة

ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ


استيقظت مبكرة اليوم على غير العادة... جهزت نفسي بسرعة ثم جلست إلى المكتب أقوم بمراجعة أخيرة للدروس التي استغرقت أياما و ليالي طويلة لفهمها و حفظها. ليس بإمكاني أن أراجع كل شيء فوقتي الضيق لا يسمح إطلاقا بالعودة إلى المراجع الكثيرة المكومة على مكتبي... لكنني رحت أقرأ في بضع وريقات دونت عليها ما تعسر علي استيعابه...

لكنني لم أستطع التركيز، فقد راح بصري ينتقل بصفة دورية بين الورقة و ساعة الحائط التي تعلن مرور الدقائق سريعا، مما يزيد من توتري...
رفعت رأسي و تنهدت
اللهم إني أسألك فهم النبيين و حفظ الملائكة المقربين

و عدت ألتهم الأسطر التهاما...
لم يبق الكثير من الوقت...
يجب أن أذهب الآن...
طويت وريقاتي و وضعتها في محفظتي. ربما تمكنت من المراجعة لاحقا إذا توفرت لدي بضع دقائق قبل دخول قاعة الامتحان.


وصلت إلى الكلية فوجدت راوية صحبة بعض الزميلات يراجعن معا نظام عمل الخلية. استمعت إليهن قليلا... جيد، يمكنني الإجابة بسهولة على هذا الجزء من الدرس. فلأعد إلى أوراقي...

أخرجت دفتري و أبحرت فيه قبل أن يوقظني صوت راوية و هي تنظر في الورقة التي بين يدي :
ـ اممم... يبدو أنك قد راجعت جيدا... فأنا لم أملك الوقت حتى لأتم الأجزاء الأكثر أهمية من الدرس... فما بالك بالحالات الاستثنائية و التفاصيل الثانوية!!!

ابتسمت و أن أهز رأسي :
ـ الحمد لله، لقد بدأت المراجعة باكرا... لكن حجم المادة الدراسية ضخم للغاية و لا يمكن الإلمام به مهما حاولت!! فكما ترين، أجد صعوبة مع الكثير من النظريات...

وقلبت الأوراق أمامها ثم هززت كتفي في لامبالاة و استطردت :
ـ على أية حال، كل منا سيدخل الامتحان بما استقر في رأسه... كثر أم قلّ... و لا سبيل إلى التحسر الآن!

نظرت إلي راوية في تمعن ثم ابتسمت قائلة :
ـ مرام... هل تجلسين إلى جانبي؟

قلت في غير اكتراث :
ـ طيب...

فقالت مستفسرة :
ـ ماذا راجعت أيضا؟ كي أعلم في أي الأجزاء يمكنني أن أعتمد عليك...

نظرت إليها مستغربة ثم ابتسمت و قد أدركت أنها تمزح :
ـ قولي أنت أولا! فيم يمكنك مساعدتي... فأنا لا أقدم الخدمات دون مقابل!!

قالت في حركة مسرحية :
ـ كل معلوماتي تحت أمرك و ملك يدك... يكفي أن ترضي عنا يا آنستي!

ثم أردفت ضاحكة :
ـ و تعاونوا على البر و التقوى!

شاركتها الضحك، ثم دخلنا القاعة سوية.

جلسنا في مقعدين متقاربين و أخذنا نستعد... أخرجت الورق و القلم و حفظت الدفتر في الحقيبة.
بعد لحظات دخل المشرفون على الامتحان و شرعوا في توزيع أسئلة الامتحان. أغمضت عيني و رحت أستذكر أدعية الامتحان
اللهم أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري
بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله...

تنفست بعمق ثم نظرت إلي راوية التي بادلتني ابتسامة واثقة و همست كل منا للأخرى :
ـ وفقك الله...

ثم تناولت الورقة و بدأت العمل...

مرت الدقائق تلو الدقائق و أنا لا أكاد أرفع رأسي عن الورقة. الاختبار طويل و الوقت ضيق و كل دقيقة ضائعة تحسب عليّ!
توقفت عند سؤال استعصى علي... اللهم علمني ما جهلت و ذكرني ما نسيت...

كنت أحاول التركيز قدر الإمكان و استرجاع الدرس في ذاكرتي رويدا رويدا علني أعثر على النقطة التي تدلني على الحل...

فجأة تناهى إلي همس خافت... رفعت رأسي فوجدت راوية تناديني! التفتت إليها مستغربة. كانت تمد إلي ورقتها مشيرة إلى السؤال الذي أعياني البحث فيه. لم أفهم قصدها في البداية... لكنها كانت تعرض علي المساعدة!

أشرت إليها بأن ترجع ورقتها قبل أن يتفطن المراقب و يمسكها متلبسة!
هزت كتفيها و كأنها تقول : كما تشائين...

عدت إلى ورقتي من جديد و قد بدأت الرؤية تتضح أمامي و لم ألبث أن وجدت الحل فكتبته في سرعة و على شفتي ابسامة جذلى و انتقلت إلى السؤال الموالي.

لم ألبث أن سمعت همسا من جديد... إنها راوية ثانية!
كانت تشير إلى سؤال تعسر عليها الإجابة عنها... و لكن... هل تتوقع مني أن أمرر إليها ورقتي لتنقل منها الأجابة؟!
إنها بالفعل تطلب الورقة!

ـ لا تقلقي سألقي نظرة و أعيدها قريبا...

تلفتت فإذا المراقب في ركن بعيد لا يمكنه رؤيتنا منه...
يا إلهي ماذا أفعل؟!!!

يتــــــــــــبع

 
رد: قصة رائعة يوميات الفتاة المسلمة

اسفة على التاخر

ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ


كانت راوية تنتظر ردي أو أن أمد إليها ورقتي...
لا يمكن أن أفعل هذا مهما حصل! حتى لو كان المراقب بعيدا عنا فعين الله ترقبنا!
صحيح أنني لست من يحاول الغش، لكنني أكون قد ساعدت على الغش!
يجب أن أفهم راوية الأمر بعض الفرض حتى لا تتكرر الحادثة...
لكن الآن... ما العمل؟!
ستغضب مني إن تجاهلتها أو رفضته... كما أنه ليس الوقت و لا المكان المناسب لتقديم المواعظ...

عقدت حاجبي و نظرت إلى راوية مستفسرة و قد بدا على وجهي علامات عدم فهم قصدها... استمرت تحاول التفسير مشيرة إلى الورقة و محاولة توضيح رقم السؤال بأصابعها... هززت رأسي و كأنني أقول : لا أفهم شيئا من إشاراتك!!!
ثم أشحت بوجهي و عدت إلى ورقتي حين لمحت المراقب يقترب...

بعد بضع دقائق عادت همسات راوية...
لكنني كنت قد قررت تجاهلها تماما، كأنني لم أسمع شيئا... لكنني في نفس الوقت لم أستطع التركيز على الأسئلة التي أمامي، فقد كنت أشفق على راوية التي لم تستطع مراجعة كل الدروس بسبب زفاف أختها...
لكن ما حيلتي!

اقترب وقت الاختبار على الانتهاء و كانت راوية قد يئست مني و توقفت عن مناداتي منذ زمن...
أعلن المراقب انتهاء الاختبار فوقت لتسليم و رقتي. كانت راوية لا تزال تعصر أفكارها محاولة الإجابة على الأسئلة المتبقية. سلمت ورقتي و خرجت من القاعة و كان عدد من قليل من الطلبة لم يغادر القاعة بعد في محاولات أخيرة يائسة لإيجاد الحل الدي عجز عنه في ساعات في ثواني!! مع تصاعد التوتر من نداء المراقب و تهديده بمغادرة القاعة و حركة الجيئة و الذهاب من طرف الطلبة الذين يسلمون أوراقهم و يجمعون أدواتهم و يتحدثون بصوت عال...

وقفت خارج القاعة في انتظار راوية...
و أخيرا رأيتها مقبلة و هي تزفر في قلق. توجهت نحوها مبتسمة :
ـ و أخيرا خرجت... ألم...

بترت عبارتي حين وجدتها تشيح بوجهها تبتعد عني في خطوات سريعة!!
تسمرت في مكاني من الدهشة... ما الذي حل بها؟!
لحقت بها و أنا أناديها :
ـ راوية... راوية... انتظري!

لكنها تجاهلتني و بات من الواضح أنها غاضبة مني فعلا!
أسرعت و أنا على وشك الركض في الساحة و أمسكت بذراعها لأوقفها :
ـ ماذا دهاك؟! توقفي و كلميني!

التفتت إلي و قد بدت عيناها محمرتان و هي على وشك البكاء :
ـ اتركيني الآن... لست مستعدة للكلام مع أحد!

أفلتت ذراعها و قلت بعد تردد قصير :
ـ راوية... أنا آسفة بالنسبة للامتحان... لم يكن بإمكاني أن...

قاطعتني في شبه صراخ :
ـ قلت لا أريد أن أسمع شيئا!

كانت تتنفس بسرعة و عصبية... استطردت بعد لحظات :
ـ أنت تجاهلتني... و رفضت مساعدتي، مع أنك تعلمين أنني في أمس الحاجة إلى تقدير هده المادة... هل هده هي الصداقة في نظرك؟!

أمسكت يدها في توسل و شفقة :
ـ و لكن يا راوية هدا اسمه غش...

هتفت غاضبة :
ـ الضرورات تبيح المحظورات!!!

ثم ركضت مبتعدة... لم أملك أن ألحق بها ثانية... فلأتركها لتهدأ، ثم سنتحدث باتزان...
لمحت دالية أمام الكلية، حييتها بيدي من بعيد فاقتربت مني مبتسمة و هتفت :
ـ كنت أبحث عنك... كيف سار الامتحان اليوم؟

ـ الحمد لله... بخير إن شاء الله

ـ الحمد لله... أنا أيضا متفائلة بما قدمت... المهم... أنا هنا في مهمة!

ثم غمزتني ضاحكة... فتسارعت دقات قلبي...
ـ احم احم... الدكتور حسام سيزوركم مساء الغد على الساعة السادسة... و قد كلفني بالقيام ببعض التحريات...

ـ تحريات؟!

ـ نعم... فهو يريد أن يعرف إن كان والدك على علم بكل التفاصيل، و إن كان يعتبر هاته الزيارة لمجرد التعارف أم أنه ينتظر منه الحديث في موضوع الخطبة مباشرة؟

سكتت قليلا مفكرة :
ـ المفروض أن أمي أعلمت أبي بكل التفاصيل... تقريبا... لكن لا أدري إن كان يريد الدخول في لب الموضوع مباشرة قبل أن يتعرف على حسام و يسأل عنه...

ضحكت دالية و هي تقول :
ـ المشكلة أنه يجهل تماما ما يجب فعله و قوله في مثل هاته المناسبات!!

ـ فليسأل والدك!

ـ أنت تعلمين أن العادات تتغير من جيل إلى آخر... كما أن والدي مسافر هاته الأيام

ـ أليس له صديق خطب مؤخرا؟ قولي له أن يحضر معه أحد أصدقائه أو أقاربه حتى لا يحس بالحرج بمفرده

ـ لا أظن... هو لا يريد أن يعرف أحد بالقصة قبل أن تتم الخطبة رسميا... فقد قرر أن يذهب بمفرده! لكن عنده سؤال آخر... هل قاعة الجلوس عندكم مفتوحة أم منفصلة عن بقية الغرف؟

نظرت إليها في دهشة ثم انفجرت ضاحكة :
ـ هل يخشى أن ينصت إلى حديثه أحد ما؟!

ـ بل قولي يتمنى أن يأتي لنجدته أحد ما إن لم يستطع السيطرة على الموقف!!

ضحكنا في مرح و قلت :
ـ قولي له أن قاعة الجلوس منفصلة... لكن من يرغب في استراق السمع يمكنه الوقوف في الحديقة أمام إحدى النوافذ أو في الممر...

ـ سؤال أخير... هل سيكون هنالك أحد آخر غير والدك في استقباله؟

ـ امم... لست أدري إن كان أخي ماهر سيقحم نفسه في الموضوع... لكن ربما حضر عمي... لست متأكدة...

ـ إذن لا يمكنك المساعدة في شيء!! جميع الإجابات لا أدري!! سيقول عني أنني متحرية فاشلة!!

ضحكنا من جديد ثم افترقنا قريبا من بيتنا...

كنت أفكر في راوية... كيف سأسترضيها؟
دخلت غرفتي و استلقيت على ظهري و غفوت قليلا...
اسيقظت بعد فترة وجيزة منتفضة بعد أن رأيت كابوسا مزعجا!! كيف أنام مرتاحة البال و صديقة المقربة غاضبة مني؟!

وقفت بسرعة و طلبت رقمها على الهاتف الجوال... انتظرت لحظات قبل أن يفاجئني صوت أمها!!
ـ مرحبا مرام... كيف حالك و كيف حال والدتك؟ راوية متعبة قليلا و قد طلبت مني أن أجيب على الهاتف...

ـ سلامتها... هل هي بخير؟

ـ لا تقلقي... مجرد تعب سيزول قريبا...

وضعت السماعة في أسف...
راوية لا تريد أن تكلمني!!


يتــــــــــــــبع

 
رد: قصة رائعة يوميات الفتاة المسلمة

ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ





لم تصدق راوية أذنيها حين رويت لها ما حصل بعد أن انصرف حسام مكسور الخاطر
marsa138.gif

ـ هل جننتي يا مرام؟؟ كيف تقابلينه بمثل هذه الطريقة؟ أليست هذه هي اللحظة التي انتظرتها طويلا و تمنيتها من كل قلبك؟؟ كيف تفرطين فيها بكل سهولة؟؟ و الشاب المسكين، صدمته بقسوة كأنك لا تبالين به!

ارتميت في حضن راوية و قد تدفقت دموعي غزيرة على خدي
frownn.gif

ـ لا تلوميني يا راوية فإنني أتعذب أكثر...

ربتت على رأسي في أخوة صادقة و همست :
ـ أنت مجنونة... تعذبينه و تعذبين نفسك و المسألة لا تستحق!

رفعت رأسي و نظرت إليها بعينين تملؤهما الدموع :
frownn.gif

ـ كيف تقولين أن المسألة لا تستحق؟! كل من يتقدم لخطبة فتاة يتوقعها الفتاة المثالية التي يتمناها... و ينتظر منها أن تكون صادقة معه في كل ما يخصهما معا، و خاصة إن كانت غير قادرة على الإنجاب...

تنهدت راوية ثانية و قالت :
ـ يا مرام، يا حبيبتي... من قال أنك ستكونين غير قادرة على الإنجاب؟؟ هذا من علم الغيب و الغيب لا يعلمه إلا الله...

ـ و لكن الاحتمال كبيرا نظرا للمرض الذي ألم بي...

ـ يا مرام اسمعيني... كم من الفتيات السليمات اللاتي لا يشكون شيئا وجدن أنفسهن عقيمات بعد الزواج بدون سابق إنذار... و كم من عقيم، شفيت بعد طول صبر و توكل على الله فأنجبت! كله بتقدير من الله عز و جل...

تنهدت في ألم و قلت في يأس :
ـ ما الذي كان بإمكاني فعله؟

ـ كان بإمكانك مصارحته بالحقيقة...

ـ كيف؟! لم أكن لأجد الكلمات المناسبة! الموضوع خاااااص جدا... لا يمكنني أن أتحدث فيه مع رجل، و أي رجل!! أين الحياء!؟

ـ كان بإمكانك تبليغه موافقتك، ثم تحدثين أخته بالتفاصيل...

ـ لكنني أخاف من ردة فعله... أخاف أن يشفق علي و يتغاضى عن الأمر بشهامة منه... كرامتي ستجرح، لا أحب أن يشفق علي يا راوية! أريد أن أكون أميرته التي يحلم بها كما أريده أن يكون فارسي... و أخاف أن يتغاضى الآن... ثم يفكر مليا، فيعدل و يختلق أسبابا أخرى للانفصال بعد أن أكون قد بنيت آمالا عريضة...

تناثرت دموعي من جديد و أنا أواصل :
ـ و أخاف إن رفض مباشرة... كم ستكون صدمتي عنيفة... في الرجل الذي أراه مثالا للشهامة و الأخلاق العالية... و أخاف أكثر، إن أوهم نفسه بأن مرضي لن يؤثر في قدرتي على الإنجاب... ثم يحصل ما لا نرجوه...

ارتفع نحيبي هذه المرة...
frownn.gif
frownn.gif


ـ إني خائفة يا راوية... قد أفقد الكثير في هذه التجربة... أفقد الأمل، أو احترامي حسام أو كرامتي... لذا آثرت الانسحاب...

هزت راوية رأسها في عدم موافقة :
ـ و ما حصل هو أنك اخترت خسارة حسام نفسه! هل هذا ما تعتبرينه أخف الأضرار!؟

لم أعد أدري ما الصواب و ما الخطأ...
يا إلهي رحمتك...

ـ اسمعي... يجب أن يفهم حسام الموضوع، هل يرضيك أن يعتقد أنك رفضته لعيب فيه؟! كرامته أيضا جريحة! خاصة أن فتيات كثيرات ينتظرن الفرصة... و من سوء حظك أنك ضيعتها، فقد تقتنصه في لحظات ضعفه و انكساره فتاة أخرى لا تستحقه... و تكونين قد ضيعته من يدك و ضيعت مستقبل الشاب المسكين في نفس الوقت!!

ـ لا يا راوية... حسام ليس بهذا الضعف!

ابتسمت راوية و هي تحتضنني :
ـ إن لم يكن حسام بهذا الضعف، فهو لن يبني حياته الزوجية و مستقبله على الشفقة... و لن يترك المجال لأي عاطفية متطفلة لكي تتحكم في قراره... اتركي له الخيار... أعطه الفرصة...

أعطيه الفرصة؟
آه يا قلبي...
صراع بين قلبي و عقلي...
قلبي يرجو أن يعطيه الفرصة و يرى الأحلام الوردية أمامه...
و عقلي يرفض بشدة، لا يفسح المجال للآمال و الافتراضات...

و تكلمت أخيرا :
ـ و لكنني رفضته يا راوية... كيف أفتح الموضوع ثانية؟!

ابتسمت راوية مطمئنة :
ـ دعي المسألة علي...


نعم، لقد انتصر القلب على العقل...




يتــــــــــــبع
 
رد: قصة رائعة يوميات الفتاة المسلمة

اين هي بقية القصة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top